تقديم

بقلم  عبده فراج

هذه ألحانٌ عذبة من الشعر الوطني أجادت توقيعَها قيثارةُ الشاعر العاطفي والعالم الجليل المرحوم أبي الإقبال اليعقوبي شاعر فلسطين ومُفتي يافا سابقًا.

ولقد سَرَت في نفسي وأنا أترنم بما ترنم به هذا الفاضل المبدع حرارةُ حبه لوطنه ودينه وقومه؛ فكأنما كان الشاعر يتنبأ بما سوف تُلاقيه بلاده من محنةٍ ويلاقيه أهلوها من عذابٍ وتشريد. وحيثما قرأتَ شِعره تلمس لهفة الابن الرحيم يحاول أن يَدرأ عن وطنه وقومه عاديات الزمن الغادر.

فهل درت رُوحه الشاعرة الملهمة في عالَمها الآخر أن ما كان يخافه على بني وطنه قد حلَّ منه على أولاده وفلذات أكباده أوفى نصيب؟

إن بؤس مُهاجري فلسطين عامةً أجلُّ وأشهر من أن يُحكى، ولكن ما انحدر إليه سَراتهم وكُرماؤهم، وفيهم أبناء هذا الرجل الوطني النبيل، إنما هو درك يجلب الدوار لمن يُصوِّره للناس أو يَتصوَّره. وبحسبك أن توقن أن هذا الكُتيب بات وحده عائلًا لأسرةٍ سُلبت منها في فلسطين ضِياعها والقصور! فيا لَسخرية القدر إذ يَستنسِر في فلسطين البغاث، وإذ تُمكِّن الخيانةُ والمؤامرة لبني إسرائيل أن يصنعوا بسادات العرب ما صنعوا!

بَيدَ أن الرواية لم تتم فصولًا! وليس العرب ممن يُغمِضون على القذى أعيُنهم، ولا هم ممن يُضام بينهم طالب المروءة والمرحمة، بل إن لهم أسوةً فيما أَكرم به أنصارُ المدينة مُهاجري مكة، وكان إكرامًا له ما بعده.

فإلى معشر العرب والمسلمين والمصريين أُقدم هذا الكُتيب، وأروي قصته. وإن في انتشاره بين الناس لمتعةً وعبرةً ومكرمةً وقرضًا حسنًا. وقليل من الكتب ما هو حامل إلى مشتريه وبائعه كل هذه المعاني والثمرات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤