كيف حرَّرت شامة سعدون وشحاتة وجنَّبتهم الشماتة!

رئيس الجوقة :
آه م الخيانة وآه م البايع الخاين
وآه … من الطمع والجشع
وآه من حمَّار صار خمَّار قليل الأصل والذمة
خان اللي دَلُّه يكون إنسان صاحب همَّة
عمَاه رضا الوالي … والسلطان وحب المال
حبس صديقنا وصاحبه ف أربعة جدران.
شاعر الربابة :
نزلنا بحر الكلام والشِّعر مِقدافنا
موجة تشيلنا وموجة تانية تحدفنا
نعشق تراب الوطن والفن قدرنا
نعوم في بحر البشر مكشوفة أسرارنا
نحلم ببكره يحرَّرنا رجال فرسان
راجعين نكمِّل لكم حدوتة الموعود
فارسنا هذا الذي كان صادق النية
فظن أن الخيال يمحي الليالي السود
ضاع حلمه مابين جحود ظالم وقلب حسود
لأنه جهلَ السبب في قهرة الشقيان.

(في قبو الخمَّارة شحاتة وسعدون مقيدان.)

سعدون : سيف اليزل!
شحاتة : ليه بتصحيني يا سعدون للمرة الألف؟
سعدون : قادر تنام هنا يا ابن الأكابر … وانا اللِّي الأرض كلت من جلدي راقات مش قادر؟!
شحاتة : ده لأن قلبي مليان ايمان.
سعدون : ربنا يزيدك … بس قول لي …
شحاتة : نعم …
سعدون : هو مافيش قدام الفوارس إلا السجون والضرب وقلة القيمة ونكران الجميل؟
شحاتة : لا بد من إبر النحل يا سعدون ما دمت عايز تغرق في العسل.
سعدون : كلامك حِكَم … لكن من يوم مادخلنا كار الفرسان ده مادقناش لحسة عسل … كل ماكلناه كان رفس وعزق.
شحاتة : الفروسية طريقها صعب وطويل … ومشوارها فيه النصر وفيه الهزيمة … كر وفر هكذا دواليك.
سعدون : دواليك! يبقى احنا بقى اللي منحوسين. دواليك دي مش بتتحقق طول الوقت ننضرب ونفر … فين الدواليك بقى؟!
شحاتة : العالم الغرقان في الجهل من الصعب يفهمنا بسرعة، والناس زيَّك يا سعدون مايحسوش إلا بالمحسوس … إنت مثلًا … مش حتصدق إنك حتبقى حاكم طابية إلا لما تجيلك الطابية على طبق من فضة.
سعدون : طبق! … ليه ح احكم زلطة؟!
شحاتة : شفت؟ مش قادر حتى تفهم لا الرمز الجمالي ولا التشبيه البلاغي.
سعدون : لا جمالي ولا معيزي … أنا كل اللي شفته الضرب الحميري … كان القصر طول عمره خمَّارة.
والعرش اللي قعدوك عليه امبارح بكل احترام طلع سجن وسلاسل.

حتى «شامة» اللي قلنا إنها أميرة … تطلع بنت من الموعودين!
شحاتة : لأن عدونا شرِّير وخطير … متسحَّب تحت جلد الناس وتحت سقفهم بيعيش … ولا يمكن تقدر عليه وتهزمه لو شكيت لحظة أو ضاع إيمانك … لكن المعجزة لازم حتحصل … فاكر إزاي عاقصة أنقذت أخوها «سيف بن ذي يزن» … من قرار البير؟

(سعدون ينتبه إنه صار يتحدَّث عن سيف بن ذي يزن كشخص آخر.)

سعدون : يعني هو؟ … أنت؟ سبحان الله!
شحاتة : أيوه يا سعدون أنقذته … زي ماهي ممكن تنقذنا دلوقتي … هس أهه! سامع؟
(تُسمع من بعيد آهات غناء البنت) ها … لازم يحصل! وإلَّا ماكناش فرسان … سامع؟ … المعجزة يا سعدون!

(صوت البنت يقترب ثم تبدو كخيالٍ يتجسَّد في ثوبها الجديد وكأنها في الخمَّارة … ثم تنفصل عنها إليهم حيث هما مقيَّدان.)

الفتاة :
لو كان عند أمي فدان
كان لازم يخطبني غفير
ولو أبويا تاجر مليان
كان حيجوزني لوزير
ولو كان خالي قبطان
يمكن كان يخطبني أمير
لكن أبويا عاش غلبان
وحبيبي زي أمي فقير
ارجع لي يا حلم الفرسان
افتح باب السجن وأطير.
شحاتة : «شامة»! … المعجزة يا سعدون، حقيقة مش وهم! في الوقت اللي تضلم فيه الدنيا تظهر «شامة» زي الشمس ف ليل الزنزانة وتنقذنا.
سعدون : تاني!
شحاتة : مش مصدق؟!
سعدون : الواجب ننقذها احنا.
الفتاة : حطيت لهم داتورة في البوظة ناموا زي الحمير.
شحاتة : وماذا تمَّ في أمر حراس الطوابي والأبراج؟
الفتاة : أنا ماشفتش غير الحمَّارة … إنما صاحب الخان ومراته راحوا للوالي عشان يبعت حرس يقبض عليكم.
شحاتة : الجبان … ذهب ليطلب النجدة، ولكننا سوف نصمد لهم حتى ولو أحضر جيش السلطان نفسه.
سعدون : أنا رأيي إنها تفكِّنا بسرعة عشان نفلت بسرعة.
شحاتة : نهرب كالأرانب يا سعدون؟! … فما قيمة معجزة «شامة» إذن! إذا لم نتحدَّهم … سيكون ذلك خطأً بالغًا.
سعدون : الخطأ الأفظع لو بقينا لحظة واحدة.
(شحاتة يغضب) أنا قصدي نبعد، ناكل لقمة … وتهدا الأمور ونفكَّر في خطة لمفاجئتهم … خطة ماتخرش الميه.
شحاتة : ده رأيك؟ … لا بأس … هيَّا «يا شامة» واستعدي للرحيل معنا.
سعدون : كده تبوظ الخطة … الدنيا مقلوبة علينا، وإن جت معانا يعرفوا مكاننا، إنت نسيت رأيك في النسوان؟
شحاتة : خجلان نهرب ونسيبها وهي اللي فكَّتنا.
الفتاة : خدوني معاكم … دانا خلصت توبي الجديد … ماتسيبونيش للوحوش دول.
سعدون : اهدي يا ست «شامة» … حنرجع (هامسًا) ناخدك فين يا بنت الدايخة؟ … ما ربنا موجود … (يرفع صوته) يا «شامة» ستبقين هنا لتعطيلهم … عشان الخطة تنجح.
الفتاة : أمركم.
شحاتة : قلبي لا يطاوعني … ولكن لن أغيب عنك … قليل من الحزن يشد أزر الحب حتى أعود.
الفتاة : كفاية … شفت توبي الجديد … ح استناك وعارفة إنك حترجع.

(يتأثَّر فيحتضنها.)

سعدون : يا سي اليزل مش وقته الغزل … أنا لسه مربوط … مطاردة ألف دينار دهب أشد من مطاردة جيش مفتري خصوصًا في بلد فقير … رمَّانة في بلد جعانة … يالَّلا.
شحاتة : هش … وصلوا … استعدوا للمعركة … سنخرج لكم أيها الأوغاد … إنني أسمع أصوات أقدامكم فوق الصخور.
سعدون : وطِّي صوتك.
الفتاة : لا … ده صوت حوافر البغل الداير في الطاحونة.
شحاتة : كده … طب فُكِّيه.
سعدون : قطِّعي الحبل … أنقذينا عشان نرجع ننقذك … دواليك!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤