الفصل العشرون

مَكِيدَةٌ لِإِخَافَةِ الْقَيُّوطِ الْعَجُوزِ

إِنَّ الْمَكَائِدَ تُوَلِّدُ الْمَكَائِدَ، هَكَذَا الْحَالُ دَائِمًا؛
فَلَنْ تَكُفَّ عَنْ تَدْبِيرِ الْمَزِيدِ وَالْمَزِيدِ أَبَدًا.

رُبَّمَا تَظُنُّونَ الْآنَ بَعْدَ إِفْلَاتِ الْأَرْنَبِ بيتر بِأُعْجُوبَةٍ شَدِيدَةٍ مِنْ بَيْنِ مَخَالِبِ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ، أَنْ يَكْتَفِيَ الظَّرِبَانُ جيمي وَالْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ وَالْأَرْنَبُ بيتر وَالشَّيْهَمُ بريكلي بوركي بِمَا دَبَّرُوهُ مِنْ مَكَائِدَ حَتَّى الْآنَ. كَلَّا، لَمْ يَكْتَفُوا! فَكَمَا تَرَوْنَ، عِنْدَمَا زَالَ الْخَطَرُ نَسُوا الْأَمْرَ سَرِيعًا؛ فَلَمْ يَلْبَثْ بيتر أَنِ اسْتَرَاحَ فِي الْمَنْزِلِ الْقَدِيمِ خَلْفَ الْجِذْعِ الْكَبِيرِ فَوْقَ التَّلِّ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ بريكلي بوركي، حَتَّى بَدَأَ الْأَوْغَادُ الْأَرْبَعَةُ التَّفْكِيرَ فِي مَنْ يُمْكِنُهُمْ إِخَافَتُهُ أَيْضًا بِذَلِكَ الْكَائِنِ الرَّهِيبِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ رَأْسٌ أَوْ أَرْجُلٌ أَوْ ذَيْلٌ، وَالَّذِي أَخَافَ ريدي وَالْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ عَلَى هَذَا النَّحْوِ.

قَالَ الْأَرْنَبُ بيتر: «يُوجَدُ الْقَيُّوطُ الْعَجُوزُ، فَهُوَ دَائِمًا يُخِيفُ الْأَصْغَرَ وَالْأَضْعَفَ مِنْهُ. فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ وَهُوَ يَرْكُضُ مِنَ الْخَوْفِ.»

صَاحَ الظَّرِبَانُ جيمي: «هَذَا هُوَ! تُرَى هَلْ سَيُصِيبُهُ الذُّعْرُ؟ فَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَكْثَرُ ذَكَاءً حَتَّى مِنَ الْجَدَّةِ ثعلبة، فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّهَا خَافَتْ فِي الْبِدَايَةِ، فَمَا لَبِثَتْ أَنِ اسْتَجْمَعَتْ شَجَاعَتَهَا وَعَادَتْ. فِي رَأْيِكَ كَيْفَ نَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَى هُنَا؟»

قَالَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ: «سَنُطْلِعُ طَائِرَ السِّنْدِيَانِ سامي عَلَى سِرِّنَا، وَسَيُخْبِرُ سامي الْقَيُّوطَ أَنَّ الْأَرْنَبَ هُنَا عِنْدَ أَعْلَى تَلِّ بريكلي بوركي، مُصَابٌ بِشِدَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ الذَّهَابَ إِلَى الْمَنْزِلِ. هَذَا كُلُّ مَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَهُ سامي. سَيَأْتِي الْقَيُّوطُ بِأَقْصَى سُرْعَةٍ مُمْكِنَةٍ إِلَى هُنَا وَلِسَانُهُ يَتَدَلَّى إِلَى الْخَارِجِ؛ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ الْعَشَاءَ يَنْتَظِرُهُ هُنَا.»

قَالَتْ زَوْجَةُ بيتر الشَّابَّةُ، الَّتِي كَمَا تَعْلَمُونَ تَرَكَتْ بِشَجَاعَةٍ الدَّغَلَ الْعَزِيزَ وَصَعِدَتْ إِلَى هُنَا فِي الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ لِلِاعْتِنَاءِ بِبيتر، بِصَوْتٍ عَالٍ: «لَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ! لَقَدْ وَاجَهَ بيتر بِالْفِعْلِ مُشْكِلَاتٍ بِمَا يَكْفِي، وَلَنْ أَدَعَهُ يَقَعُ فِي مَزِيدٍ مِنْهَا، انْتَهَى الْأَمْرُ!»

قَالَ الظَّرِبَانُ جيمي بِصَوْتٍ عَالٍ: «لَنْ يَقَعَ بيتر فِي أَيَّةِ مُشْكِلَاتٍ؛ فَأَنْتِ وَبيتر سَتَكُونَانِ بِأَمَانٍ تَمَامًا كَمَا لَوْ كُنْتُمَا فِي الدَّغَلِ الْعَزِيزِ؛ حَيْثُ سَتَظَلَّانِ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ الْقَدِيمِ وَلَنْ يَسْتَطِيعَ شَيْءٌ أَذِيَّتَكُمَا. الْآنَ رَجَاءً أَيَّتُهَا السَّيِّدَةُ بيتر لَا تَكُونِي حَمْقَاءَ؛ فَأَنْتِ لَا تُحِبِّينَ الْقَيُّوطَ الْعَجُوزَ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ فَأَنْتِ تُرِيدِينَ رُؤْيَتَهُ وَهُوَ يُصَابُ بِذُعْرٍ رَهِيبٍ يُعَوِّضُكِ أَنْتِ وَبيتر عَنْ حَالَاتِ الذُّعْرِ الَّتِي سَبَّبَهَا لَكُمَا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»

اضْطُرَّتِ الزَّوْجَةُ الشَّابَّةُ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِأَنَّهَا تَوَدُّ ذَلِكَ، وَبَعْدَ قَلِيلٍ مِنَ الْمُضَايَقَاتِ وَافَقَتْ أَخِيرًا عَلَى أَنْ تَدَعَهُمْ يُجَرِّبُون خُطَّتَهُمْ لِإِصَابَةِ الْقَيُّوطِ الْعَجُوزِ بِالذُّعْرِ. تَصَادَفَ مُرُورُ طَائِرِ السِّنْدِيَانِ سامي فِي الْوَقْتِ الَّذِي بَدَأَ فِيهِ الظَّرِبَانُ جيمي فِي الْبَحْثِ عَنْهُ، وَعِنْدَمَا أَخْبَرُوهُ بِمَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، وَافَقَ أَنْ يُؤَدِّيَ دَوْرَهُ. فَكَمَا تَعْلَمُونَ، إِنَّ سامي مُسْتَعِدٌّ دَائِمًا لِلْمُشَارَكَةِ فِي أَيَّةِ مَكِيدَةٍ. وَبِمُجَرَّدِ أَنْ بَدَأَ سامي يَبْحَثُ عَنِ الْقَيُّوطِ الْعَجُوزِ، طَرَحَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ اقْتِرَاحًا آخَرَ.

فَقَالَ: «لَقَدْ وَجَدْنَا مُتْعَةً كَبِيرَةً فِي الْإِيقَاعِ بِريدي وَالْجَدَّةِ ثعلبة. وَالْآنَ أَنَا أَرَى أَنَّهُ مِنَ الْمُنْصِفِ أَنْ نَدْعُوَهُمَا لِرُؤْيَةِ الْقَيُّوطِ الْعَجُوزِ وَمَاذَا سَيَفْعَلُ عِنْدَمَا يَرَيَانِ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ الْكَائِنَ الْمُفْزِعَ الَّذِي أَخَافَهُمَا عَلَى هَذَا النَّحْوِ. فَالْجَدَّةُ تَعْلَمُ الْآنَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ شَيْءٌ يَسْتَدْعِي الْخَوْفَ، وَرُبَّمَا تَنْسَى غَضَبَهَا إِذَا سَنَحَتْ لَهَا فُرْصَةُ رُؤْيَةِ الْقَيُّوطِ الْعَجُوزِ وَهُوَ يَهْرُبُ. فَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهَا لَا تُكِنُّ لَهُ أَيَّ حُبٍّ. مَا رَأْيُكُمْ جَمِيعًا؟»

قَالَ بيتر وَزَوْجَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ: «كَلَّا!» لَكِنَّ الظَّرِبَانَ جيمي وَالشَّيْهَمَ بريكلي بوركي رَأَيَا أَنَّهَا فِكْرَةٌ جَيِّدَةٌ، وَبِالطَّبْعِ أَبْدَى طَائِرُ السِّنْدِيَانِ سامي مُوَافَقَتَهُ. بَعْدَ بُرْهَةٍ، وَبَعْدَ أَنْ أَوْضَحُوا مَرَّةً أُخْرَى لِبيتر وَزَوْجَتِهِ كَيْفَ سَيَكُونَانِ آمِنَيْنِ تَمَامًا دَاخِلَ الْمَنْزِلِ الْقَدِيمِ خَلْفَ الْجِذْعِ الْكَبِيرِ، وَافَقَا وَانْطَلَقَ سامي لِأَدَاءِ مُهِمَّتِهِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤