هل هي عصابة؟

تجوَّل المغامرون مع المفتش في الفيلا … كانت شيئًا رائعًا لا مثيل له، ثم خرجوا إلى الحديقة، مرة أخرى توقَّف «تختخ» عند حمام السباحة وأخذ يتأمله …

وقال له المفتش: لماذا لا تحاول العوم؟

تختخ: إنني أتمنى ذلك.

المفتش: ولكنَّ الجوَّ باردٌ.

تختخ: الشمس ساطعة رغم ذلك.

المفتش: هل أنت جادٌّ؟

تختخ: طبعًا إذا أذنتَ لي، ثم إن مثل هذا الحمَّام الفاخر لا بد أن له أجهزةَ تدفئة.

المفتش: إنك تفكِّر كثيرًا فيه.

تختخ: نعم، إنه حمَّام من طرازٍ نادر.

المفتش: سأعطيك إذْنًا باستخدامه أنت والمغامرون على مسئوليتي الشخصية.

تختخ: شكرًا لك.

اتجهوا إلى الباب، وتحدَّث المفتش إلى بواب الفيلا، وقال: إن هؤلاء الأصدقاء يعملون معي، وستسمح لهم بدخول الفيلا واستخدام حمام السباحة في أي وقت … ثم أعطى تعليماتِه لحرس الفيلا من رجال الشرطة بالسماح للمغامرين بالدخول إلى الفيلا في أي وقت … وانصرف المفتش «سامي»، واتجه الأصدقاء على دراجاتهم إلى المعادي … وكلٌّ منهم غارقٌ في خواطره، وكانت ساعة الغداء قد حانت، فتفرَّق المغامرون على أن يعودوا للاجتماع في المساء …

كان اجتماع المساء عاصفًا؛ فقد كان كلُّ واحد من المغامرين الخمسة عنده وجهة نظر … قالت «لوزة»: إن هذا السكرتير مريب، أنا أعتقد أنه صاحبُ مصلحة في اختفاء المليونير، فهو رجل غامض قليلُ الكلام، ثم إنه لم يَقُل شيئًا واحدًا يساعد في العثور على المليونير «محسن صديق».

قالت نوسة: ولكن ما هي مصلحة السكرتير في اختفاء المليونير، إنه سيفقد عملَه باختفائه، فلماذا يساعد في هذا الاختفاء؟!

قال عاطف: إن المسألة مسألة وقت … لقد خطفَته عصابة في انتظار فدية ضخمة، والمختطِفون عادة لا يتحدثون إلا بعد فترة، انتظروا وسوف ترَون.

قال محب: المسألة التي لفتَت نظري في كل هذا هي موضوع صور المليونير، ليس هناك صورة واحدة للمليونير، وجواز السفر اختفى، والصور التي في مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية قديمة وتعود إلى ثلاثين عامًا … ما السرُّ في اختفاء الصور؟

تختخ: إن كل الاحتمالات التي تحدثتم عنها ممكنة … نعم. كما قالت «لوزة» … السكرتير مريب جدًّا، ومصلحتُه في اختفاء المليونير لا نعرفها، وقد تكون مصلحة خفية سوف تُظهرها الأيام، ووجهة نظر «عاطف» معقولة أيضًا … إن اختفاء مليونير يعني شيئًا واحدًا: الفلوس، وفي العالم كله عندما يختفي مليونير يعرف رجال الشرطة جيدًا أن وراء اختفائه بضعة ملايين من الجنيهات تطلبها عصابة ما … وقد يكون ذلك بالاتفاق مع شخص ما، ولكن النقطة المدهشة في هذا كلِّه هي نقطة عدم وجود صِوَر للمليونير … واضح جدًّا أن هناك يدًا عبثَتْ بهذه الصور أخفَتْها، ولكن لماذا؟

عاطف: إنها نقطة لن نَصِلَ إلى حلٍّ لها الآن والمهم ماذا نفعل؟ إن المفتش أعطانا فرصةً رائعة بزيارة الفيلَّا في أي وقت، وأعتقد أننا لا بد أن نعثر على شيء هناك، ثم التفَت «عاطف» إلى «تختخ» قائلًا: ثم هناك حمام السباحة، من الواضح أن شيئًا ما يشدُّك إلى هذا الحمام.

تنهَّد «تختخ» وهو يقول: الحقيقة أن هذا الحمام تحفة معمارية، ولكن ليس هذا فقط ما لفت نظري، إن ما لفت نظري أكثر هو امتلاء الحمام بالماء في هذا البرد.

نوسة: لقد قلت إنَّه ربما هناك أجهزة لتدفئة الحمام.

تختخ: ولكني اختبرت الماء، فوجدته باردًا!

لوزة: هل تتصور أن المليونير المختفي قد يكون غريقًا في الحمام؟

تختخ: لقد فحصت الجزء الخارجي، ولو كانت هناك جثة لظهرت على قاع الحمام.

لوزة: هل يمكن أن تكون بالداخل؟

تختخ: لا … فلا بد أن السكرتير فحص الحمام، ولا بد أن المفتش «سامي» ورجاله فكَّروا فيما نفكِّر فيه.

لوزة: إذن لماذا أنت مهتمٌّ بالحمام؟

تختخ: لا أدري … كثيرٌ من الأشياء يجذبنا دون أن نستطيع تفسيرَ سرِّ هذه الجاذبية.

نوسة: وما هي خطَّتُنا؟

تختخ: الخطة واضحة جدًّا، سنذهب غدًا إلى الفيلا، وسنفحص كلَّ ركن فيها، وسنحاول البحث عن أدلة.

نوسة: وحتى الغد!

تختخ: حتى الغد على كلِّ واحد منَّا أن يفكِّر في هذا اللغز العجيب، إنه من الألغاز النادرة التي يمكن أن نجد لها أكثر من حلٍّ؛ وفي نفس الوقت لا نجد لها حلًّا على الإطلاق.

وانصرف المغامرون، وكانت الساعة قد بلغت التاسعة ليلًا عندما دقَّ جرس التليفون في منزل «تختخ»، وكان المفتش «سامي» هو المتحدث.

المفتش: «توفيق» لقد اتصل الخاطفون بالسكرتير.

تختخ: إذن فهو مخطوف.

المفتش: نعم، وقد طلبوا فدية قدرها ثلاثة ملايين جنيه.

تختخ: ثلاثة ملايين.

المفتش: هذا رقم متواضع جدًّا بالنسبة لثروة المليونير المخطوف … ولكن المشكلة كيف يمكن تدبير المبلغ في غياب المليونير؟

تختخ: أعتقد أنكم تستطيعون تدبير المبلغ!

المفتش: لا أدري، إنها أول فدية في تاريخ الجريمة في مصر بهذا الحجم.

تختخ: وما هي شروط التسليم؟

المفتش: عن طريق السكرتير، وقد طلبوا منه عدم إبلاغ الشرطة كما هي عادة المختطِفين.

تختخ: لقد تحوَّل اللغز فجأة إلى مسألة بسيطة، اختطاف ثم فدية وينتهي الموضوع.

المفتش: مَن يدري؟

تختخ: ماذا تقصد؟

المفتش: سننتظر ونرى.

تختخ: هل نقوم بأبحاثنا المعتادة، أم أنكم ستتولَّون الأمر دون تدخُّل منَّا.

المفتش: لا … استمروا في أبحاثكم، وبالمناسبة هل توصلتم إلى شيء؟

تختخ: لا شيء محدد، هناك أفكار واقتراحات واستنتاجات كلها يمكن أن تؤديَ لنتيجة، ويمكن ألَّا تؤديَ إلى أيِّ شيء على الإطلاق.

المفتش: يهمني أن تستمروا؛ فقد تعثرون على شيء يضعنا في أثر العصابة، أو المختطِف.

تختخ: هل تتصور أنه شخص واحد؟

المفتش: لماذا لا؟ على كل حال اذهب للنوم الآن، ودَعْنا نرى ما سيأتي به الغد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤