ماذا يحدث في الحمام!

تلبدت ‏ السماء ‏ بسحب دكناء، وانطلقت الريح من عقالها، ثم قصف الرعد وسقط المطر غزيرًا، ووقف المغامرون الخمسة ينظرون إلى الخارج خلال زجاج إحدى النوافذ.

قالت «لوزة»: يا لَه من مطر لم يَسبق له مثيل!

نوسة: المشكلة أننا لا نستطيع الخروج، الآن ولا نعرف إلى متى يستمر المطر.

محب: من اللازم أن نتصل بالبيت.

تختخ: نعم، كلٌّ يتصل ببيته ليطمئنوا … كم الساعة الآن؟

عاطف: الساعة الثانية.

نوسة: خلال ساعات قليلة يهبط الظلام.

محب: لا داعي للتشاؤم يا «نوسة» ينقشع المطر بعد قليل، أو يُرسل لنا المفتش‏ سيارة تعود بنا إلى منازلنا.

تختخ: لماذا أنتم مستعجلون هكذا … في إمكاننا أن نقضيَ الليل هنا كأننا في إجازة.

سكت المغامرون لحظات، وخيَّم نوعٌ من الصمت والرهبة عليهم …

وقالت «لوزة»: أين الشرطي المعيَّن للحراسة؟

تختخ: إنه عند البوابة الخارجية.

لوزة: إنه بعيد جدًّا.

محب: هل أنتِ خائفة؟

لوزة: لا … ولكن.

صاح «تختخ»: دعونا من هذا الجدل الآن … إنني أريد أن آكلَ، وسوف أستأذن المفتش في استخدام بعض الطعام.

ولم ينتظر ردَّ بقية المغامرين بل طلب المفتش في مكتبه على الفور ودار بينهما حوارٌ قصير، استأذن فيه «تختخ» المفتش في البقاء في الفيلا وفي تناوُل بعض الطعام.

قال المفتش: لا بأس، ولكن كُن على اتصال بي.

سكت «تختخ» لحظات ثم قال: أظننا في الطريق إلى حلِّ اللغز.

المفتش (ضاحكًا): بهذه السرعة!

تختخ: ألم تقرأ أوراق المحضر الذي كتبه الشاويش «علي»؟

المفتش: لقد تركتُه معه، وطلبتُ منه نسخة، ولكن لم تصلني حتى الآن.

تختخ: أرجو أن تقرأه بعناية، يبدو لي أن ثمة أشياءَ فيه تستحق الاهتمام.

المفتش: سأفعل.

تختخ: شكرًا لك يا سيدي.

وضع «تختخ» السماعة ثم صاح: إلى الأمام … إلى المطبخ، وأسرع الجميع إلى هناك، ولكن المفاجأة المحزنة أنه لم يكن في الثلاجة إلا بعض الجبن والزيتون وإلا بعض قِطَع الخبز الجاف.

وكاد «تختخ» يجنُّ غيظًا، وقالت «نوسة»: شيء غريب في هذا القصر الفاخر لا يوجد طعام ولا خدم ولا طباخ، ماذا يأكل هذا السكرتير؟

محب: بل قولي ماذا كان يأكل المليونير … لقد اختفى أمس فقط؟!

لوزة: واختفى الطعام معه …

ضحك عاطف (قائلًا): لعل المختطفين خطفوا الطعام أيضًا.

تختخ: لعل هناك شايًا وسكرًا على الأقل.

وحمدوا الله أنهم وجدوا الشاي والسكر وبعض الكوبات غير النظيفة، فغسلوها وأعدوا الشاي وأخذوا يأكلون في صمت!

نوسة: إننا لم نتصل بمنازلنا.

تختخ: قومي بهذه يا «نوسة» من فضلك.

بعد الغداء البسيط أخذ «تختخ» يتجول في الفيلا، وقد استغرق في تفكير عميق وقادَتْه قدماه إلى الصالة الرئيسية، وأخذ ينظر إلى حوض السباحة ما الذي يشدُّه إلى هذا الحوض؟

وكان «زنجر» يقف بجواره، فقال له «تختخ»: مظلوم أنت يا «زنجر» ليس هناك طعامٌ لك، وهزَّ الكلب ذيلَه عندما سمع اسمه، ونظر «تختخ» إلى الخارج، كانت العاصفة والمطر قد حوَّلَا الدنيا إلى اللون الأسود، وأدرك أنهم سيقضون الليلة في القصر الكبير، وكان تفكيره منحصرًا في الطعام وكيف سيكون العشاء؟

حضر بقية المغامرين وقال «تختخ»: تعالوا نستعرض قصة خطف المليونير «محسن صديق». انتبه المغامرون إلى حديث «تختخ» الذي بدأ على وجهه التجهم كأنه يُلقي محاضرة عن المحطات الفضائية …

صمت «تختخ» قليلًا ثم قال: المعلومات الرسمية أن المليونير اختفى أول أمس، وقام السكرتير الأستاذ «حسام» بإبلاغ الشرطة بما حدث، وبدأت الشرطة عملَها أمس، وقام المختطفون بالاتصال بالسكرتير في طلب الفدية وقدرها ثلاثة ملايين من الجنيهات، ثم قام مجهول أو … مجهولون بضرب بواب القصر أو الفيلا ضربًا يؤدي إلى الموت، ولكنه لم يَمُت وقام الشاويش «علي» بكتابة محضر بأقواله رغم أنه في حالة خطيرة، وقد قرأتُ هذا المحضر.

بدَت الدهشة على وجوه المغامرين فمضى «تختخ» يقول: لا داعي لأن أقول لكم كيف اطلعتُ عليها … المهم إنني لاحظت فيها بعض الأشياء، مثلًا أن المليونير والسكرتير كانَا على خلاف لاحظَ البوابُ ذلك … ثم إنهما في المدة الأخيرة لم يكن يحضران معًا، وكثيرًا ما كان يحضر السكرتير وحده خاصة في الفترة الأخيرة.

صمت «تختخ» قليلًا: فقال «محب»: أعتقد أن حكاية اختفاء صِوَر المليونير جزءٌ هامٌّ من القضية.

تختخ: طبعًا إنها مهمة جدًّا، بل هي نقطة محيرة لماذا اختفت الصور؟

نوسة: ربما يعمد المختطفون إلى تهريبه خارج مصر لسبب من الأسباب، واختفاء صوره يجعل التعرف عليه مستحيلًا.

عاطف: المهم ما هي الخطوة التالية؟

تختخ: لقد طلبتُ من السكرتير «حسام» مجموعة مفاتيح القصر وملحقاته، فهناك غرفة خلف القصر مغلقة، وأعتقد أن بها ما قد يُفيد التحقيق.

وسكت «تختخ» ثم قال: حمام السباحة … هناك شيء ما في هذا الحمام يُثير ريبتي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤