فلما كانت الليلة ٤٥٦

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما فرغت من بيان يوم الإثنين، قال لها: أخبريني عن يوم الثلاثاء. قالت: هو للمريخ، ويدل ذلك على موت كبار الناس، وكثرة الفناء، وإهراق الدماء، والغلاء في الحَب، وقلة الأمطار، وأن يكون السمك قليلًا، ويزيد في أيام وينقص في أيام، ويرخص العسل والعدس، ويغلو بذر الكتان في تلك السنة، وفيها يفلح الشعير دون سائر الحبوب، ويكثر القتال بين الملوك، ويكون الموت بالدم، ويكثر موت الحمير، والله أعلم. قال: فأخبريني عن يوم الأربعاء. قالت: هو لعطارد، ويدل ذلك على هرج عظيم يقع في الناس، وعلى كثرة العدو، وأن تكون الأمطار معتدلة، وأن يفسد بعض الزرع، وأن يكثر موت الدواب، وموت الأطفال، ويكثر القتل في البحر، ويغلو القمح من برمودة إلى مسرى، وترخص بقية الحبوب، ويكثر الرعد والبرق، ويغلو العسل، ويكثر طلع النخل، ويكثر الكتان والقطن، ويغلو الفجل والبصل، والله أعلم. قال: أخبريني عن يوم الخميس. قالت: هو للمشتري، ويدل ذلك على العدل في الوزراء، والصلاح في القضاة والفقراء وأهل الدين، وأن يكون الخير كثيرًا، وتكثر الأمطار والثمار والأشجار والحبوب، ويرخص الكتان والقطن والعسل والعنب، ويكثر السمك، والله أعلم. قال: أخبريني عن يوم الجمعة؟ قالت: هو للزهرة، ويدل ذلك على الجور في كبار الجن، والتحدُّث بالزور والبهتان، وأن يكثر الندى، ويطيب الخريف في البلاد، ويكون الرخص في بلاد دون بلاد، ويكثر الفساد في البر والبحر، ويغلو بذر الكتان، ويغلو القمح في هاتور، ويرخص في أمشير، ويغلو العسل، ويفسد العنب والبطيخ، والله أعلم. قال: فأخبريني عن يوم السبت. قالت: هو لزحل، ويدل ذلك على إيثار العبيد والروم، ومَن لا خير فيه ولا في قربه، وأن يكون الغلاء والقحط كثيرًا، ويكون الغيم كثيرًا، ويكثر الموت في بني آدم، والويل لأهل مصر والشام من جور السلطان، وتقل البركة من الزرع، وتفسد الحبوب، والله أعلم.

ثم إن المنجم أطرق وطأطأ رأسه، فقالت: يا منجم، أسألك مسألة واحدة، فإن لم تجب أخذت ثيابك. قال لها: قولي. قالت: أين يكون مسكن زحل؟ قال: في السماء السابعة. قالت: فالمشتري؟ قال: في السماء السادسة. قالت: فالمريخ؟ قال: في السماء الخامسة. قالت: فالشمس؟ قال: في السماء الرابعة. قالت: فالزهرة؟ قال: في السماء الثالثة. قالت: فعطارد؟ قال: في السماء الثانية. قالت: فالقمر؟ قال: في السماء الأولى. قالت: أحسنتَ، وبقي عليك مسألة واحدة. قال: اسألي. قالت: فأخبرني عن النجوم إلى كم جزء تنقسم؟ فسكت ولم يحر جوابًا. قالت: انزع ثيابك. فنزعها، ولما أخذتها قال لها أمير المؤمنين: فسِّرِي لنا هذه المسألة؟ فقالت: يا أمير المؤمنين، هم ثلاثة أجزاء: جزءٌ معلَّق بسماء الدنيا كالقناديل، وهو ينير الأرض، وجزءٌ يُرمَى به الشياطين إذا استرقوا السمع، قال الله تعالى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ (الملك: ٥)، والجزء الثالث معلَّقٌ بالهواء، وهو ينير البحار وما فيها. قال المنجم: بقي لنا مسألة واحدة، فإن أجابَتْ أقررتُ لها. قالت: قُلْ. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤