تقديم ثانٍ

بعد الانتهاء من مخطوطة هذا الكتاب، وقبل دفعها إلى المطبعة وقع تطوُّران:

الأول هو أن الكاتبة الأمريكية «توني موريسون»، التي ترجمتُ لها نصًّا من إحدى رواياتها، نالت جائزة نوبل للآداب عن عام ١٩٩٣م. وبرغم أنه سبق ترجمة إحدى رواياتها إلى العربية، فإن النص الحالي المأخوذ عن روايتها «سولا»، هو في رأيي أول نصٍّ للكاتبة يُنقَل كاملًا إلى اللغة العربية، وهي مهمة شاقة للغاية بالنظر إلى ما يتميز به أسلوبها من حُرية في التعامُل مع المادة الأدبية والحياتية على السواء، من شأنها أن تؤذي النفوس التي أرهف الجهل والتخلُّف حساسيتها، وأظنُّ أن النص الحالي هو الوحيد الذي سيُنشَر لها كاملًا باللغة العربية، في مصر على الأقل، وأنها ستنضمُّ إلى قائمة الكتاب العالميين الممنوعين من دخول البلاد، ومن بينهم زميلها في الجائزة، نجيب محفوظ، الذي ما زالت روايته الهامة «أولاد حارتنا» محظورةً على المصريين!

التطور الثاني: هو اضطراري للتدخُّل في بعض الأماكن من النصوص الحالية وخاصة في نصٍّ رقيق للغاية هو «استيقاظ مود» الذي أزلتُ منه مقاطع كاملة واستبدلتها بالنقاط المشهورة التي ألِفَ «إحسان عبد القدوس» أن يُزركش بها كتاباته الأولى! فعلتُ ذلك بكل حزنٍ وألَم لكي أضمن وصول رسالة الكتاب الأساسية إلى القارئ المصري، وهي الرسالة التي أشرتُ إليها في نهاية المقدمة الأولى وأُضيف إليها الآن: تقريب اليوم الذي نستطيع فيه أن نكتب عن أدقِّ أمور حياتنا، وننقل الإبداعات العالمية إلى لُغتنا، دون أن يتدخَّل مقصُّ الغباء والجهل وضِيق الأُفق!

ص. إ
القاهرة
١٦ أكتوبر ١٩٩٣م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤