ليَّا

للكاتب الروسي بيتروشيفسكي

ما أجمل نساء مدينة لوفيتش! لا فرق بين عقائلها وأوانسها، فقد حباهُنَّ الله جمالًا فتانًا خلابًا يعرفه جميع أهالي بولونيا. وسار أهاليها من قبل سيرًا حميدًا مقرونًا بالآداب والفضائل، متباعدين عن إدمان الخمر فمنحهم الله جمالًا إنسانيًّا نادرًا، ولكنهم حادوا بعد ذلك عن الصراط السوي، ومع هذا فإن المولى تعالى لم يتخلَّ عنهم وما زال الجمال الجذاب شعار الأمهات والزوجات.

انفردت بينهن بجمالها الرائع ليَّا ابنة ليزمان، فقد فاقتهن جمالًا وقدًّا واعتدالًا، وعاش والدها دافيد ليزمان عيشة راضية محافظًا على ناموس أسلافه وآبائه، محصلًا خبزه من طريق شريف مجردًا عن المطامع والشوائب، فباركه الله وبارك بيته.

قَدِم دافيد إلى «زدونسكايا فوليا» منذ ثلاثين عامًا وكان شابًّا أسود الشعر، وقَدِمت معه زوجه الحسناء فعاشا في ظل السعادة والصفاء، ولكن هو الدهر الخئون إن صفا لإنسان يومًا كدره أيامًا، فقد خطفت المنون زوجه دورا من بين يديه فذهبت لخالقها ولم تترك زوجها وحيدًا، بل تركت له ليَّا الصغيرة لتكون له سلوى في أحزانه ووحدته، وكان يُصلي في الغدو والآصال ذاكرًا زوجته الحبيبة، نمت ليَّا كالغصن الرطيب تحت أشعة الشمس المنعشة وكانت صورتها كصورة والدتها: بقد مياس، وعينين سوداوين كعيني الوعل، وذؤابتين طويلتين تتلويان كالثعبان، وثغر بسام كحبة الفستق تتلألأ داخله أسنان درية منضدة، إذا سارت تثنت كقضيب الخيزران، وكانت فتنة للناظرين بل إنها فتنة متحركة، ولم يكن أجمل منها في مدينة لوفيتش، ويرى الناظر كل يوم إلى منزل والدها عشرات من الشبان يمرون بمركباتهم لتكتحل عيونهم برؤية ليَّا، فلم يُقلق ذلك دافيد الذي كان يقول: فلينظروا إلى فتاتي الحسناء وليستنيروا بمحياها الوضاح.

ذاعت في تلك الأيام شائعات عن شبوب الحرب التي انتظم في سلكها كل الرجال القادرين على حمل السلاح تاركين زوجاتهم وأولادهم وأخواتهم.

ومرت بمدينة لوفيتش الجنود وعربات النقل والمدافع والسيارات والدبابات والفرسان إلخ إلخ، ولم يُخِفْ منظرها الأهلين، بل جلب لهم السرور والحماسة وتحدثوا فيما بينهم بحدوث معارك دموية وأن العدو زاحف بقضه وقضيضه على وارسو.

وعند فجر ذات يوم سمع الأهالي كأن الرعد تجمع فوقهم من شدة قصف المدافع؛ فهب دافيد من نومه مذعورًا وأيقظ درته اليتيمة ليَّا واختفى معها في القبو الذي يُخزن فيه الجعة المحفور تحت أرض منزله، وتوالى قصف المدافع بشدة حتى صم الآذان وأوقع الهلع في القلوب، وعلم الأهالي أن الجيوش الروسية اندحرت أمام العدو فتكاثفوا كالبناء المرصوص للدفاع عن وارسو.

أما ليَّا فإن الخوف ملأ جوارحها وفؤادها فلم يفارقها الاضطراب والقلق ووالدها لم ينقطع عن الصلاة لحظة لتذهب هذه النكبة من فوق رأسه.

فقالت له ابنته سائلة: مَن ابتكر ومَن قال وعلَّم الناس أن يهلكوا بعضهم بعضًا؟

فأجابها أبوها: إن الحرب رجس من عمل الشيطان.

– ومن سيغلب؟

– بالطبع سيغلب الروسيون؛ لأن العدو مهما كان قويًّا لا يستطيع التغلب عليهم، وإنما الروسيون يستطيعون التغلب على بعضهم فقط.

ودام القتال إلى نصف الليل، ولم يستطع الروسيون الثبات أمام العدو؛ فانسحبوا وحل العدو محلهم.

خرج دافيد من حفرته ورأى بيوتًا عديدة قد تهدمت وغيرها احترقت، وأذرف الأهالي دموعًا سخينة على ما حلَّ بهم من الويلات والخسائر، وقد سلم منزل دافيد فدخله مع ابنته وخادمته وشكر الله على السلامة، ثم ذهب كل واحد إلى مضجعه واستغرق في النوم.

وفيما كانت ليَّا نائمة سمعت طَرقًا على نافذة غرفتها المطلة على الحديقة، فأيقظت والدها ونبَّهته إلى الطَّرق على النافذة، فسمع بنفسه طرقًا خفيفًا وصوتَ ملتمسٍ يرجو فتح الباب، وسمع أيضًا أنين الطارق.

فخرج دافيد بنفسه في الظلام وكانت أصوات عجلات العربات وزئاط الناس وضوضاؤهم وصهيل الخيل ما زالت مسموعة، ووجد تحت النافذة رجلًا جرحت يده وكتفه، وقد لطخ الدم الأسود ثيابه، فحمل دافيد الجريح إلى داخل منزله ورأى على النور أنه ضابط شاب.

فأسرعت ليَّا وسقت الضيف ماء وضمدت بيديها الرَّخْصتين جراحه وربطتها بلفائف نظيفة، وعلمت منه أن فرقته تركته جريحًا ولم تحمله معها.

ولما شبع الجريح وعاد إليه شعوره أراد دافيد أن يوصله إلى العمدة، وشعرت ليَّا بعزم والدها، فقالت له: أتريد يا والدي أن تسلمه إلى البولونيين، إن هذا أمر غير مستحسن؛ لأنهم يسلمونه للعدو بلا ريب حيث يلبث أسيرًا عدة سنين، إن الله قاده إلى عتبة بابنا في هذه الليلة الرهيبة فدعنا نخفه، وأنا أتولى معالجته بنفسي، وإني لواثقة بأن فرقته ستمر من هنا ثانية وتأخذه معها، ونحن بذلك ننقذه من عذاب الأسر. إن الله يساعدنا وأمه لا تذرف الدمع على ابنها، وتراءى للشيخ دافيد أن ابنته تتكلم بلسان أمها دورا من السماء فأصغى إلى كلامها، ونزل على إرادتها، ثم إن دافيد وليَّا قادا الجريح إيفان (اسم الضابط) المسيحي إلى فراش وثير وما كاد يضطجع عليه حتى استغرق في نومه الهنيء.

بقي الجريح إيفان مدة أسبوعين كاملين في منزل دافيد ليزمان أخذت جروحه بعدهما تندمل وتتماثل للشفاء، وكانت ليَّا تعتني به وبطعامه، ولم يعلم أحد في الوجود عما فعله دافيد الذي يعلم حق العلم بأنه لو علم العدو بأنه أخفى ضابطًا روسيًّا لقطعوا رأسه لا محالة، ولذا داوم على الصلاة إلى الله لينقذه من هذه المحنة.

وكان يحضر كثيرون من الجنود إلى منزل دافيد ولم يجرؤ أحد منهم على إهانته أو إهانة ابنته، ولم يكتشفوا مخبأ الجريح.

وأما العدو فإنه لم يقترب من وارسو بل انقلب راجعًا إلى الوراء ودخلها الروسيون، وكان الضابط إيفان قد شُفِي، فشكر دافيد وقبَّله قبلة الند للند، وعرض عليه مبلغًا من المال رفضه بإباء وشمم؛ علمًا منه أنه صنع ما صنع إجابة لطلب ابنته وزوجه دورا الموجودة في السماء.

ذهب الجريح دون أن يخاطب ليَّا بكلمة، ولكنه نظر إلى عينيها نظرة مملوءة شكرًا وحبًّا، وفهم الأب معنى هذه النظرة، فانقبض فؤاده لأنه علم منها أن الشاب أحب ابنته، وأن ابنته أحبته أيضًا.

ذهب إيفان وانقطعت ليَّا عن الغناء ولم يعد أحد يسمع صوتها العذب، وانقطعت عن تشنيف أذني والدها الشيخ بأغانيها الشجية المطربة وملأ الحزن والدموع عينيها الجميلتين، وكانت تجلس على عتبة المنزل والحزن مالئ فؤادها ورأسها مملوء بالأفكار التي كانت تطرد بعضها بعضًا.

وقالت في نفسها ذات يوم: كان في نفسي حاستان: محبة الأب ومحبة الله وكانتا على وفاق وسلام … أبي علَّمني أن أحب الله العلي والله أمرني بمحبة أبي … والآن ليس في نفسي سلام فقد دخلت فيها حاسة ثالثة ليست على وفاق مع الحاستين الأوليين … لأنه لماذا يكتئب القلب؟ وأيهما أقوى الدين أو … هو دعاني إليه … وهو مؤمن بالله، ولم يمنحني الشيطان حبه … بل … تمتمت ليَّا هذه الكلمات وهي في حالة الذهول.

فقال لها والدها سائلًا: حب مَن؟

– لا حب لأحد …

– عزيزتي ليَّا! إنك لا تهمسين عبثًا بالحب … أنت انقطعت عن الغناء وضحكك توقف عن جلب السرور لسمعي، لماذا أنت حزينة؟ والآن أرى عينيك مملوءتين بالدموع بدل الابتهاج والغبطة.

– كلماتك هذه تؤلمني يا والدي! لقد خلطت في أفكاري وفي صلاتي وفي قلبي.

– لا تُخفي عني شيئًا! وقولي لي ما يؤملك ويعذبك؟

– أخبرني يا والدي! أيهما أقوى: دين الآباء أم غرام النساء؟

– ليَّا، ليَّا! ما كنت أتوقع مثل هذا السؤال منك، الدين أعطانا إياه الله والحب … وقرأ على مسامع ابنته كلمات النبي القائلة: «أناشدكن الله يا بنات أورشليم، لا توقظن الحب ولا تثرنه إلى أن يأتي وحده … وإذا جاء فإن المياه الغزيرة لا تستطيع إطفاءه والأنهار لا تستطيع إغراقه.»

– أوَليس الحب هبة سماوية كالدين؟! أوَليس أن الله بالحب ينير نفسين؟!

– ليَّا! أنَّى لك هذه الأفكار؟ وَمن هو الذي أحببته، وبسبب حبه تحاولين ترك دين آبائك؟ أخبريني، أليس أن ذلك الضابط مس صميم فؤادك، وانتفع بإخلاصك وصلاحك … تناسيه يا بنتي! أو لعلَّ الله أرسله لتعاستي.

– إنك لم تجبني على سؤالي: أيهما أقوى: الدين أم غرام النساء؟ يا أبي لقد تعودت تصديق كلامك وأثق به ككلام النبي، فقل الآن الصدق دون مماراة … وراء من أسير؟ هل وراء الشعور أم وراء الدين؟ ولا تنسَ أنني ابنتك الوحيدة ولا تدفعني إلى العذاب بدل السرور والسعادة …

– ليَّا لا يجوز مطلقًا مساواة الدين بالحب، فالدين أُعطي للإنسان وحده مرة واحدة وكل إنسان يستطيع الحب مرارًا.

– إنك يا أبي أحببت مرة واحدة ولم تستطع امرأة أخرى أن تبعد حبها عن ذاكرتك.

– لا تقارني، فتلك كانت دورا والدتك.

– وإذا كانت أمي على دين آخر فهل كنت تتركها، أو تسير وراء …؟ أخبرني أمام الله: كيف كنت تتصرف لأقتفي أثرك وأفعل فعلك؟

– لا تعذبيني يا ليَّا!

– يا أبي إن أمي تنظر إلينا من السماء، فمن تختار؟ هل تختارها أم تختار عهد الآباء؟

– فلتسامحني دورا، إني أختار …

– كفى كفى يا أبي! إنك لم تحب كالنساء «إن المياه الغزيرة لا تستطيع إطفاء الحب ولا الأنهار إغراقه.»

فاغتم دافيد وغدا بعد هذا الحديث يئن في خلال نومه، وجعل يصلي إلى الله طالبًا منه أن ينزع حب الروسي من فؤاد ابنته.

إن الأحزان تتوالى فلم يكفِ ما أصاب دافيد من الحزن بسبب حب ابنته بل جربه الله تجربة أخرى.

فقد عزم دافيد على السفر إلى لوفيتش لشراء بضاعة، وبعد أن ربط الخيل بالمركبة دخلت عليه امرأة غريبة لا يعرفها لا هو ولا جيرانه وطلبت إليه أن يحملها في مركبته إلى لوفيتش؛ لأنها تقصد الإسراع إلى زوجها المريض وأرته جنيهين وقالت: أدفعهما لك أجرًا، وكان دافيد لم ير الذهب من عهد بعيد، فغره بريق الدينارين ورضي أن يحمل السيدة في مركبته.

شعر فؤاد ليَّا بمصيبة مفاجئة فَرَجَتْ والدها أن يعدل عن السفر وأن لا يصطحب معه هذه المرأة، فلم يصغِ لكلامها وسافر لا يلوي على شيء.

وفيما هو في الطريق استوقفه الجنود المرابطون في الطريق وبالبحث علموا أنه يحمل رجلًا متخفيًا بلباس امرأة فقادهما الجنود إلى مركز القيادة.

فأمر القائد بمحاكمتهما في الحال وعلم الجاسوس المتخفي بلباس امرأة أنه لا بد من إعدامه، فاعترف بأنه معهود إليه الوقوف على قوة الروس ومكان معسكرهم، وأكد أن اليهودي يجهل من يحمل في مركبته، وطلب إلى القائد أن يكتب لوالديه في بافاريا ويخبرهما كيف مات ابنهما … فوعده القائد بتنفيذ رغبته وحكموا عليه بالإعدام رميًا بالرصاص.

ولم يكن لدافيد مَن يُدافع عنه أو يقول: إنه بريء، ومعلوم أن قوانين الحرب قاسية فلم يُصدِّقوا أقسامه الغليظة وحكموا عليه بالإعدام شنقًا وأرسلوا الحكم للقائد العام لتصديقه، وأجابوا ملتمس دافيد فأرسلوا إلى منزله يطلبون له ملابس نظيفة ليلاقي ربه بجسم طاهر.

فركب أحد الجنود جوادًا وأسرع إلى منزل دافيد، وقال لابنته: أسرعي واحملي لوالدك ثيابًا نظيفة؛ لأنه غدًا صباحًا سيشنقونه عقابًا له على تجسسه ومحاولته تسليمنا للعدو.

فصعقت ليَّا ولم تفهم شيئًا مما قاله الجندي وجرت وراءه كالوعل إلى مركز القيادة العامة لمقابلة القائد، وهناك رووا لها تفاصيل الأمر. فبكت أمام القائد وانتحبت وسجدت أمامه وقبَّلت يديه؛ راجية إياه أن يعفو عن والدها فصادفت آذانًا صماء، ولما رأت فشل مسعاها عادت مسرعة إلى المنزل لتنفيذ إرادة والدها الأخيرة.

سارت مسرعة لا تعي على شيء ولم تجد من يوقفها، ولما بلغت المنزل رأت جوادًا مربوطًا، ثم وجدت في البيت شابًّا ينتظرها، ذلك الشاب الذي هو أعز مخلوق لديها في هذه الدنيا، ذلك الذي تفكر به ليلًا نهارًا، ذاك الذي أنقذته من الموت بيديها وما كادت تطأ أرض الغرفة حتى وقعت أمامه بلا حراك، فرفعها وعانقها وأجلسها على المقعد، ولما عاد إليها رشدها سألها: أين والدها؟

فروت له وهي تبكي وترتعش ما جرى لوالدها، فصدَّق إيفان روايتها عن براءة والدها فقفز من فوره على ظهر جواده، وأطلق له العنان قاصدًا القائد العام فوجده نائمًا، فأيقظه وقصَّ على مسامعه إيواء دافيد له في منزله ومعالجته له ومخاطرته برأسه ورأس ابنته في سبيل خلاصه، وأكد له أن دافيد بريء مما نُسب إليه، وكان القائد عادلًا فأصغى إلى كلام إيفان ونقض حكم الإعدام، وقال: إن اليهودي يستحق الجزاء دون العقاب، وأمر أن يغادر ميدان القتال.

كاد دافيد ينتظر الموت بين ساعة وأخرى بدون خوف أو وجل؛ لأنه عاش عمرًا طويلًا في هذه الدنيا، ورأى كثيرًا من الخير والشر ورجا أن يرى في السماء زوجه الحبيبة دورا، وإنما كان قلبه يؤلمه على ابنته التي سيتركها وحيدة فريدة، وجعل يصلي لإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب لكي لا يتخلى عنها، وأن يُبعد عنها كل شر ومصيبة ويُطهِّر قلبها من حب ذلك الروسي، لبث يصلي ويبكي ليس خوفًا على حياته بل حزنًا على ابنته ليَّا التي ستبقى في هذه الدنيا بين أناس أشرس من الوحوش الضارية وأشد خطرًا منها.

لبث في بكائه ولم يسمع فتح باب سجنه ولم يرَ دخول الجنود ومعهم ذاك الذي طلب أن يؤويه في منزله في تلك الليلة الرهيبة …

– اخرج يا داود! إنك حر طليق، قال له ذلك إيفان الضابط، ثم ارتمت ابنته على صدره، ولكنه لم يصدق ما سمع وما رأى، وقال: من أنقذني؟ من برَّأني؟ ومن منحني الحياة؟

فأجابته ليَّا والسرور يطفح من وجهها: ذاك الذي أويته في منزلك وهو الآن رد لك حياة بحياة، ذلك الذي أحبه أنا كما أحبك يا أبي.

– ليا، ليَّا عزيزتي! لا تخاطبيني بشأن حبِّك لأنه لا يجوز لك أن تحبيه؛ لأننا من دينين مختلفين …

– يا أبي! إن له إلهًا واحدًا مثلنا، هو خلصك وأنا أذهب معه وسيكون دينه ديني.

فبكى الشيخ ورفع عينيه إلى السماء ولم يتكلم بلسانه بل بقلبه وقال: لنا إله واحد فلتكن إرادته المقدسة.

«إن المياه الغزيرة لا تستطيع إطفاء جذوة الحب، ولا الأنهار إغراقها.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤