مطار هيثرو!

أسرعت المضيفات إلى قائد الطائرة وإلى الركاب يبثون الطمأنينة في قلوبهم في الوقت الذي دخل «أحمد» ومعه «بو عمير» إلى دورة المياه للبحث عن رابعهم … وقد وجدوه ممددًا على الأرض هو الآخَر … وقد فارق الحياة.

وتعجَّبَ الشياطين لما حدث … فكيف ركب هؤلاء الرجال الطائرة ومعهم هذه الأسلحة … وكيف مرُّوا على أجهزة الكشف بالأشعة دون أن يفتضح أمرهم … ولم يخرجهم من دهشتهم غير خبيرة الأسلحة «إلهام» … فقد قالت لهم بعد أن فحصت المسدسات جيدًا: إنها مصنوعة من البلاستيك والألياف الزجاجية.

فقال «بو عمير»: لذلك لم يكتشفها جهاز الأشعة في المطار وفي الإذاعة الداخلية للطائرة … أفاض الطيار في شكر الشياطين وفي وصف شجاعتهم … وعندما سأله الركاب قائلين: هل نربط الأحزمة؟

قال الطيار ضاحكًا: هذه المرة تستطيعون أن تربطوها … فنحن فوق مطار «هيثرو».

وعندما اقتربت الطائرة من أرض المطار … شاهدوا المهبط وقد ازدحم بسيارات الإسعاف والإطفاء والبوليس.

وعندما توقفت تمامًا … وفتحت أبوابها … طلب الطيار من الركاب الهدوء عند النزول حتى لا يُصاب أحد … فقد مرَّ كل شيء بسلام.

وقد حاول رجال الإسعاف الصعود إلى الطائرة … لحمل جثث الرجال.

فرفض الطيار … حتى لا يراها الركاب.

وسمح فقط لمندوب الحكومة الإنجليزية بالصعود لاستقبال الركاب … وتهنئتهم على سلامة الوصول … وقدم شكرًا خاصًّا للشياطين … ووعدهم بمكافأة خاصة.

فقال له «أحمد»: مكافأتنا أن تساعدنا على أن نخرج من المطار دون مضايقة من رجال الأعمال … فاحترم الرجل رغبتهم وطلب من رجال الأمن اصطحابهم في سيارة خاصة إلى خارج المطار … وتوصيلهم إلى أي مكان.

وفي الطريق قال لهم الضابط: إلى أين تريدون الذهاب؟

أحمد: إلى «بوكشير»، هل تعرفها؟

ابتسم الضابط في سخرية … فقالت «زبيدة» ﻟ «أحمد»: إنهم هنا لا يعرفون المزاح.

فنزل الشياطين أمام فندق صغير في «بوكشير» … بالقرب من الفيلَّا المملوكة للمنظمة.

وحيوا الضابط وشكروه … فتركهم وانصرف بلا تحية.

فلم يأبهوا به.

وأسرعوا الخطى حتى وصلوا إلى باب الفيلا.

فأطلق «عثمان» صفيرًا مميزًا.

ولم تمُرَّ لحظات إلا وحضر رجل أسمر … أنيق الملبس … فتح لهم الباب … وحيَّاهم في أدب جم … وقال لهم بلغة عربية سليمة: أنا «دنقل» … مدير المنزل الجديد.

فرحَّب به الأصدقاء كثيرًا … وقال له «عثمان»: عم «دنقل» … هل تعرف أننا قادمون؟

دنقل: بالطبع!

عثمان: وهل تعرف أننا جوعى؟

دنقل: الطعام جاهز … وبمجرد أن تتخلصوا من آثار السفر … ستكون السفرة جاهزة.

كان الطعام لذيذًا … وكان الشاي ألذَّ حول المدفأة.

وكان مناخًا مناسبًا لعَقد اجتماع خماسي … استعرضوا فيه كلَّ ما مرَّ بهم … منذ ركبوا الطائرة حتى نزلوا منها.

ولفت نظر «زبيدة» التي لا تترك أحدًا في حاله … أن «بو عمير» لم يشاركهم الحديث … وأنه شارد منذ دخل الفيلَّا … فسألته قائلة: ماذا حدث يا «بو عمير»؟

ولم ينتبه لها «بو عمير» … فقد كان يفكِّر في شيء ما!

فكررت عليه السؤال مرة أخرى قائلة: «بو عمير» … «بو عمير».

ثم دفعته في ذراعه وهي تناديه … فانتبه لها قائلًا: ماذا حدث يا «زبيدة»؟

ريما: فيمَ أنت شارد؟

بو عمير: في السائق الذي أوصلنا.

زبيدة: إنه ليس سائقًا … إنه ضابط شرطة.

بو عمير: لا … لم يكُن رجل شرطة!

أثار ما قاله «بو عمير» انتباه الجميع … فالتفتوا له.

وسبقهم «عثمان» قائلًا: كيف عرفت؟

بو عمير: أولًا لقد اصطحبنا رجال البوليس إلى إحدى السيارات الواقفة … ولم يتأكَّدوا من قائدها.

وقد فتح لنا هذا الرجل باب السيارة … فتركنا الضباط له.

عثمان: وهل هذا يعني أنه ليس ضابطًا؟

بو عمير: لقد كان ينظر لنا طوال الطريق في المرآة بغيظ.

زبيدة: هذا حقيقي … وكان لا يضحك لمزاح «أحمد».

أحمد: ولكن ذلك لا يعني أنه ليس ضابطًا.

بو عمير: علينا أن نأخذ حذرنا … فما حدث في الطائرة لن يمُرَّ بسلام.

أحمد: حقًّا … أربعة قتلى.

إلهام: وبأيدينا نحن.

زبيدة: وحسبما قال «بو عمير» … فهم يعرفون مكاننا الآن.

أحمد: إن اليوم لا يزال أمامنا طويلًا … هل نتصل ﺑ «بيتر»؟

بو عمير: لا داعي لأن نحادثه من تليفون المقر!

عثمان: ومن أين سنحادثه؟

بو عمير: من تليفون عام.

وهنا نادى «أحمد» على عم «دنقل» … الذي أسرع بتلبية ندائه قائلًا: أمرك سيد «أحمد»!

أحمد: هل لديك محمول؟

دنقل: يوجد هنا أكثر من خط!

إلهام: أليست خطوطنا دولية؟ لماذا نخاف من استخدامها؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤