الخبير المطرود!

ما إن عبر الشياطين الباب … حتى أضيئَت أنوارُ الصالة الرئيسية … وظهرَت أبوابُ غُرَفِهم … فتبادلوا النظرات … ثم تفرَّقوا دون حديث ولم يمرَّ وقت طويل … إلا والمطبخ الأوروبي المجهزة به الشقة قد فاحَت منه رائحةُ الشواء … واجتمع فيه الزملاء الأربعة … يتناولون غداءهم في نهمٍ … وبعد الغداء … اقترحَت عليهم «إلهام» أن يتناولوا الشاي في الشرفة التي تُطلُّ على نهر الماين.

وقد كان اقتراحًا رائعًا … هنأها عليه الزملاء … عدا «أحمد» … الذي كان شاردًا منذ نزل من المصعد …

واندهشَت «إلهام» لذلك … وقبل أن تسألَه عن سبب شروده انطلق هو يحادث «خالد» في انفعال ظاهر … قائلًا له: ماذا بك يا «خالد»؟

خالد: لا شيء!

أحمد: لماذا لم تتكلم إذن؟

خالد: عن ماذا يا «أحمد»؟

أحمد: عن الرجل الذي تواريتَ عنه أمام المصعد …

خالد: لم تأتِ فرصة للحديث عنه.

أحمد: أتعرفه؟

خالد: لقد عمل مع والدي في المحطة الخاصة بالقمر الصناعي «عربسات».

أحمد: ولماذا تواريتَ منه؟

خالد: لأن والدي فصله لأنه كان رجلًا فظًّا للغاية.

أحمد: فقط؟

خالد: ولم يكن يقوم بتدريب العاملين معه.

أحمد: أي أن لهذا الرجل علاقة بالأقمار الصناعية؟

خالد: نعم …

قيس: هل من الممكن أن نستفيد منه؟

أحمد: وأكثر من ذلك. هذا الرجل له ثأر مع كل ما هو عربي …

إلهام: إن ما حكى عنه «خالد» يقول إن ثأره قديم معنا …

أحمد: أنا أشعر بذلك أيضًا …

خالد: هل هذا يعني أننا سنبدأ به؟

أحمد: ما رأيكم؟

رفعَت «إلهام» يدَها بالموافقة على البدء بهذا الرجل … وكذلك «قيس» …

فقال «خالد»: ما رأيكم لو أنني أوقفتُه ومددتُ له يدي لتحيته؟

نظر الجميع ﻟ «خالد» في حيرة … فأكمل قائلًا: إنه لا يعرف عني أكثر من أنني كنت ابن رئيسه في العمل …

قيس: ولكنه قد يستاء من مقابلتك …

أحمد: لن يضيرَنا ذلك في شيء …

خالد: وإذا حدث العكس … وقابلني بترحاب … هل أدعوه إلى شقتنا؟

أحمد: ادعه على أن نعلم قبلها.

وقطع عليهم الحديثَ صوتُ جرس الباب … فنظروا لبعضهم في دهشة … إلا أن «إلهام» تذكَّرت أنه ميعاد السيد «فرنر» …

فقامت بفتح الباب …

ورأى الشياطين ابتسامتَها العريضة … فعرفوا أن السيد «فرنر» يداعبها.

قال له «أحمد»: ادخل أيها الشاب.

فعلَّق قيس قائلًا: شابٌّ في الستين؟

فردَّ عليه «فرنر» وكان قد وقف بينهم: إنني أكثر منك شبابًا … أليس كذلك يا «إلهام»؟

فردَّت «إلهام» وهي في طريقها إليهم قائلة: هل يُنكر أحد ذلك؟

فرنر: متى ستبدآن التحرك؟

أحمد: حالًا … فقد جدَّ جديد …

فرنر: وما هو؟

خالد: لقد رأيتُ خبيرَ أقمار صناعية أعرفه في هذا الدور …

فرنر: أين عرفتَه؟

خالد: لقد كان يعمل في محطة عربسات في الكويت …

فرنر: كان؟

خالد: نعم … فقد خرج منها مطرودًا …

أحمد: لقد رأينا أن نبدأ به …

فرنر: لمَ لا؟ هل تعرفون شقته؟

قال «أحمد»: سنعرفها … وتركهم … وغادر الشقة ومعه «إلهام» …

وقطع الممر الفاصل بين الشقق حتى نهايته …

ودار معه … حتى وجد نفسه بين ذراعي عملاق … أسود …

فقال له بالألمانية: أين المصعد؟

فقال له الرجل: كان المصعد في طريقك …

ثم نظر لرجل ضخم آخر … فأخرج مسدسه … ووضعه في رأس «أحمد» وهو يسأله قائلًا: مَن أنت؟ وماذا تريد؟

أحمد: أنا من سكان هذا الدور … ومن حقي التجول بحرية …

الرجل: ليس من حقك التلصص علينا …

كانت «إلهام» تُتابع الحوار عن بعد … فعرفَت أنهم يقومون بنشاط غير مشروع في هذا المكان … فعادَت أدراجها … وأخبرَت زملاءَها بما سمعت.

فتركوها مع العم «فرنر» … وخرجوا يستطلعون الأمر … فلم يجدوا ﻟ «أحمد» أثرًا ووجدوا الرجلين يقفان في مكانهما … فقرروا العودة … وبحْث ما يمكن عمله …

وحينما رأتهم «إلهام» قالت لهم: ماذا وجدتم؟

خالد: لم نجد غير الرجلين.

فرنر: و«أحمد»؟

قيس: ليس له أثر …

فرنر: وهل لديه وسائل اتصال بنا؟

إلهام: كثيرة …

فرنر: إذن فلنغادر الشقة … فوجودنا فيها خطر علينا …

إلهام: ونترك «أحمد»؟

خالد: والعملية التي بدأت بوصولنا؟

فرنر: سنديرها من مكان آخر …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤