متَّى

يسوع أمام جِدار سِجن

في أحد الأمساء مرَّ يسوع بِسجنٍ في بُرج داود، وكُنَّا نمشي وراءه.

غير أنه وقف فجأةً ووضع وَجنَته على حِجارة جِدار السجن، وشرَع يقول:

يا إخوةَ يومي القديم، إن قلبي يخفُق مع قلوبكم وراء الجُدران. أودُّ لو أنكم تقدِرون أن تتحرَّروا في حُرِّيتي وتمشوا معي ومع رُفَقائي.

أنتُم سُجَناء، بيد أنكم لستُم وحدَكم، فما أكثر السُّجناء الذين يمشون في الشوارع المفتوحة! ومع أن أجنِحَتهم غير مُتكسِّرة فهم كالطاووس يُرفرِفون ولكنَّهم لا يَطيرون.

يا إخوةَ يومي الثاني، قريبًا أزوركم في سجونكم وأقدِّم كتِفي لأحمالكم؛ لأن البريء والمُجرِم لا ينفصِل أحدُهما عن الآخر، وكعَظمَي السَّاعِد لن يَنفَصِلا.

يا إخوةَ هذا اليوم، الذي هو يومي، قد سبَحتُم ضِدَّ مجرى أفكارِهم فقبَضوا عليكم، وهم يقولون إنَّني أنا أيضًا أسبَح ضِدَّ هذا المجرى، ومن يدري؟ فقد أسير إليكم قريبًا، فأكون معكم كاسِر الشريعة مع كاسِري الشريعة.

يا إخوةَ يومٍ لم يأتِ بعد، إن هذه الجُدران ستسقُط، ومن هذه الحِجارة ستُصنَع أشكال جديدة بِيَدِ ذاك الذي مِطرقَتُه النُّور، وإزميله الرِّيح، وستقِفون أحرارًا في حُريَّة يومي الجديد.

هكذا تكلَّم يسوع وسار في طريقه، وظلَّت يده على جِدار السِّجن حتى ترك بُرج داود.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤