سجين الغرفة الحديدية!

صعد «ليو» و«أحمد» على أحد التلال القريبة من مقر العصابة، واستطاعا أن يشاهدا مرسى اللنش … وأماكن السيارات … ومباني السكن … كانت أمامهما خريطة كاملة تحددها الأضواء المنتشرة في المكان …

ومضت عشر دقائق، ثم سمعوا صوت انفجار القنبلة الأولى التي قذفها «أوزي» … ثم مضت لحظات وانفجرت القنبلة الثانية … ولحظات أخرى وانفجرت القنبلة الثالثة … كانت القنابل الثلاث قد صنعت شبه مثلث من الانفجارات … شُلَّ المكان كله، وقال «أحمد»: يا له من ولد مغامر!

وأسرعا يجريان … كان طبيعيًّا أن يهرب رجال العصابة من أماكن الانفجارات إلى الأماكن الآمنة … وهاجم «أحمد» و«ليو» هذه الأماكن، فقد شاهد «أحمد» على ضوء النيران التي اشتعلت في المكان، رجلًا يجري … وحوله مجموعة من الرجال … كان واضحًا أنه الزعيم، وعندما أضاءت النيران وجهه صاحَ «ليو»: غير معقول إنه «موريس لانو» نائب الحاكم؛ ما الذي أتى به إلى هذا المكان؟

أحمد: لأنه زعيم العصابة!

وانطلقت الرشاشات … كانت مهمة «أحمد» الرئيسية هي إنقاذ «عثمان» و«رشيد» … وكم كانت دهشته عندما اتجه إلى الشاطئ … فقد رأى شخصين يتبادلان الضربات في وحشية … وعندما اقترب منهما … عرف على الفور أن أحدهما «رشيد» … واشتد ذهوله عندما شاهد «عثمان» يقفز على رجل آخر … كيف استطاعا الهرب من الأسر؟

لم يكن هناك وقتٌ للأسئلة والأجوبة … لقد انهمك الثلاثة في ضرب رجال العصابة بعد أن سلم «أحمد» إلى «عثمان» و«رشيد» كل واحد منهما مدفعه الرشاش.

كانت المهمة الثانية «لأحمد» هي البحث في الوثائق الخاصة بالعصابة عن المعلومات التي حصلوا عليها من «كوان يو» … فألقى تعليمات سريعة.

رشيد: عليك بتأمين الطريق إلى الأحراش الخلفية … هناك سيارة في انتظارنا من طراز «مرسيدس».

وظهر «ليو» في هذه اللحظة، فقال له «أحمد»: تعال معي …

وصاح في «عثمان»: موعدنا بعد نصف ساعة عند الأحراش الخلفية … وابحث عن الولد الصغير «أوزي».

وسمعوا صوتًا من خلفهم يقول: إنني هنا يا سيدي.

أحمد: اذهب يا «أوزي» عند السيارة وانتظر هناك.

وأسرع «أحمد» و«ليو» يقتحمان المكان الذي كانت النيران قد أحاطته من كل جانب … ولكن قبل أن يصلا إلى الباب الرئيسي ظهر «موريس لانو» مرة أخرى … كان يحمل حقيبة ويحميه رجلان، وأحكم «أحمد» و«ليو» التصويب، وأطلق كلٌّ منهما على أحد الرجلين طلقة من مسدسه، بينما قفز «لانو» جاريًا، وقفز «أحمد» خلفه واستطاع أن يلحق به … وفي قفزة عالية، أصابه بقدمه إصابة مباشرة، سقط «لانو» على أثرها على ظهره، وارتطمت رأسه بصخرة، وأخذ «أحمد» الحقيبة وحاول فتحها ولكنه لم يتمكن …

أسرع «أحمد» إلى داخل المبنى الرئيسي، وأخذ يجري بين النيران والدخان محاولًا تحديد المكان الذي به مكتب «لانو» … وفي هذه اللحظة سمع سعال رجل في مكان قريب … وأسرع يحدد الاتجاه، ثم استعد لإطلاق مدفعه … ولا يدري «أحمد» لماذا لم يطلق المدفع على الفور … وإنما اقترب من مكان الرجل …

كان السعال متصلًا وعنيفًا … والرجل لا يبرح مكانه … وفكَّر «أحمد»، إنه لا بد مصاب أو جريح … واقترب من الغرفة … ولاحظ أن بابها من الحديد … وبها نافذة من القضبان … إذن، فهو ليس جريحًا … بل هو سجين … وحاول «أحمد» فتح الباب فلم يستطع … ولم يكن هناك وقت للبحث عن المفاتيح.

فصاح في الرجل: ابتعد عن الباب.

ثم أطلق دفعة من مدفعه الرشاش على قفل الباب ودفعه بيده وأضاء النور.

كان المشهد الذي رآه «أحمد» من أكثر المشاهد التي قابلها في حياته غرابة وإثارة … فالرجل الذي كان يقف في طرف الغرفة لم يكن إلا «كوان يو» … الرجل الذي جاء لتشييع جنازته …

وصاح «أحمد»: «كوان يو»؟!

رد الرجل: نعم … مَن أنت؟

أحمد: إنني أحد رجال رقم «صفر»!

كوان يو: هل هذا ممكن؟

أحمد: وهل من الممكن أن آتي من آخر الدنيا لتشييع جنازتك فأجدك حيًّا؟

كوان يو: مَن الذي قال إنني ميت؟

أحمد: لقد نشرت الجرائد … أنه عُثِر عليك مقتولًا، وقد عُثِر على جثتك — معذرة — في نهر قرب «باتنجاس»!

كوان: لقد كانت لعبة من العصابة لجذبكم إلى هنا والقضاء عليكم!

أحمد: إذن، هيَّا بنا بسرعة، إن المكان كله يحترق!

وأسرعا يغادران الغرفة الحديدية … وكانت النيران والدخان قد حولت المكان إلى جحيم … ولكنهما استطاعا شق طريقهما، حتى وصلا إلى الهواء الطلق.

اتجها إلى الأحراش … ولكن يبدو أن العصابة قد أرسلت بعض رجالها إلى المكان … فقد كانت هناك طلقات تأتي من مكان السيارة المرسيدس، وطلقات تأتي من خلف مجموعة من الأشجار.

وسلم «أحمد» الحقيبة الثقيلة إلى «كوان يو» ثم ارتكز على ركبتيه، وأطلق دفعات متصلة من مدفعه الرشاش على مجموعة الأشجار … وسمع صراخًا … ثم ساد الصمت.

قال «أحمد»: هيَّا بنا!

كوان يو: هل هناك أحد في انتظارك؟

أحمد: معي صديقان … وصديق عزيز عليك، ساعَدَنا مساعدات مدهشة.

كوان: مَن هو؟

أحمد: ستراه الآن.

أسرعا حتى وصلا إلى السيارة المرسيدس، وأطلق «أحمد» نعيق البومة حتى لا يتعرضا للضرب، وسمعا الرد …

وعندما اقترب من السيارة واتضحت شخصية «كوان» صاح «ليو»: شبح رجل ميت يتحرك!

قال «أحمد»: إنه ليس ميتًا!

وتقابل الصديقان وتعانقا بحماس … وقال «أحمد»: أين «أوزي»؟

رد «أوزي»: إنني هنا يا سيدي!

كوان: مَن؟ بائع الأزهار الصغير؟

أوزي: في خدمتك يا سيدي!

أحمد: يجب أن تدفع له ألف «بيزو» ثمن خدماته … إنه هو الذي بدأ الهجوم.

كوان: سأعيِّنُه بمرتب كبير في شركتي!

وقفز الجميع إلى السيارة التي انطلقت كالعاصفة، وقال «كوان»: في هذه الحقيبة أسرار العصابة كلها … ولعل بها ثروتها أيضًا.

أحمد: إن رقم «صفر» يهمه أن يعلم … هل بُحت لهم بشيء؟

كوان: طبعًا … مجموعة رائعة من الأكاذيب!

وضحك الجميع …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤