مصطفى ممتاز يُبعث من جديد

تمهيد

من المعروف أن الأديب الكبير توفيق الحكيم بدأ اهتمامه بالأدب المسرحي في نهاية الربع الأول من القرن العشرين (١٩٢٣–١٩٢٦م). ففي هذه الفترة كتب الحكيم عدة مسرحيات، منها: «العريس»، و«خاتم سليمان»، و«علي بابا»، و«المرأة الجديدة»، و«أمينوسا»، و«الثائرة».١ وهذه الفترة على وجه الخصوص، حاول الحكيم تعتيمها، وعدم الخوض في تفاصيلها، قائلًا: «في حياتي الفنية جانب مجهول أردت ألا أعترف به ورأيت أن أقصيه وأن أسدل عليه الستار؛ لأنه في نظري اليوم لا يتصل بأدبي، ولا يجوز أن يدخل في عداد عملي … ذلك هو عهد اشتغالي بكتابة القصص التمثيلي لفرقة عكاشة حوالي عام ١٩٢٣م.»٢
وهذا التعتيم من قِبل الحكيم جعل مُعظم الكُتَّاب والنقَّاد يبتعدون عن هذه الفترة، أو جعلهم على أقل تقدير يمرُّون عليها في كتاباتهم مرور الكرام! وشذَّ عن هذا الناقد فؤاد دوارة٣ الذي درس مسرحيات الحكيم في هذه الفترة، من غير أن يتطرق إلى باقي الجوانب الأخرى، التي تُعتبر من الجوانب المجهولة في حياة توفيق الحكيم وأدبه.٤ ومن هذه الجوانب أن الحكيم بدأ كتابة المقالات الصحفية المسرحية منذ منتصف عام ١٩٢٤م. أي إن الكتابات النقدية المسرحية بدأت عند الحكيم بعد بداية كتاباته المسرحية مباشرة. وكان يوقِّع على هذه المقالات باسم «حسين توفيق الحكيم».٥ ومن الوثائق المهمة وجود قصاصة ورقية، في شكل خطاب قصير موجَّه من الحكيم إلى زكي طليمات أثناء وجودهما في باريس عام ١٩٢٥م. ونَصُّ الخطاب يقول:٦

حضرة الأستاذ زكي أفندي طليمات

سررت جدًّا عندما علمت من البعثة بحضوركم، وقد علمت عنوان الفندق وللأسف لم أجدكم. وحبذا لو تفضلتم بالمقابلة غدًا صباحًا الساعة ١١ تقريبًا بدار البعثة بشارع المدارس نمرة ٢٤ لأتحدث إليكم عن المسرح هنا.

وتفضلوا بقبول التحية والشكر.

المخلص
حسين توفيق الحكيم
كاتب رواية «العريس» و«خاتم سليمان»
باريس ٨ ديسمبر ١٩٢٥
figure
صورة خطاب توفيق الحكيم إلى زكي طليمات عام ١٩٢٥م.
وهذا الخطاب يكشف لنا حقيقة مهمة، تتمثل في أمرين؛ أولهما: أن الحكيم لم تتفتح موهبته المسرحية في باريس، بل تفتحت في مصر، وقبيل سفره إلى فرنسا. والدليل على ذلك قوله لطليمات: «لأتحدث إليكم عن المسرح هنا.» وهذا يعني أن الحكيم منذ وصوله إلى باريس، وهو يتابع الحركة المسرحية الفرنسية بكل اهتمام بصفته محترفًا، لا هاوٍ كما يعتقد الجميع.٧ والدليل على ذلك أيضًا أنه يطلب مقابلة زكي طليمات — طالب البعثة الحكومية المصرية لفن المسرح — ليحدثه عن المسرح في فرنسا! ذلك الطالب الذي له باع طويل معروف في مجال المسرح، قبل سفره إلى باريس. فإذا كان الحكيم مارس الفن المسرحي قبل سفره من خلال مسرحيتين فقط — هما: «العريس»، و«خاتم سليمان» في عامي ١٩٢٣، و١٩٢٤م — فطليمات أسبق منه بعشر سنوات في هذه الممارسة، منذ كان ممثلًا بجوق أبيض وحجازي عام ١٩١٤م، وبفرقة عبد الرحمن رشدي، وفرقة عزيز عيد عام ١٩١٨م. بل إن طليمات فاز بالجائزة الأولى في التمثيل الدرامي عام ١٩٢٥م، مما أهله للسفر طالبًا في بعثة مسرحية إلى فرنسا.٨

أما الأمر الآخر، فيتمثل في توقيع الحكيم — أسفل الخطاب السابق — بعبارة: «كاتب رواية «العريس» و«خاتم سليمان».» أي إن الحكيم نسب مسرحية «خاتم سليمان» إليه وحده، على الرغم من أنها اقتباس مشترك بينه وبين مصطفى ممتاز! وربما لم يتعمَّد الحكيم ذلك؛ فكتب عبارته غُفلًا من ذكر مصطفى ممتاز؛ على اعتبار أن القصاصة كُتبت في عجالة.

ومما سبق يتضح لنا أن بداية توفيق الحكيم المسرحية كان وراءها عاملان؛ الأول: الموهبة، والآخر: مصطفى ممتاز مُكتشف هذه الموهبة ومُحرِّكها الأوَّل. وكفى بنا أن نعلم أن في عام ١٩٢٧م كتبت مجلة «المسرح» عدة مقالات عن أسلوب وطريقة كُتَّاب المسرح في هذه الفترة، ومن هؤلاء الكُتَّاب كان الحكيم ومصطفى ممتاز. ومن الملاحظ أن ما كُتب عن أسلوب مصطفى ممتاز يتشابه إلى حد كبير مع ما كُتب عن أسلوب الحكيم.٩ وهذا الأمر يشير إلى أن الحكيم تأثر بأسلوب ممتاز في الكتابة المسرحية — في تلك الفترة — أو أن مصطفى ممتاز كان موجِّهًا مسرحيًّا للحكيم.
ورغم ذلك، لم يعترف الحكيم في مذكراته بتأثير ممتاز على موهبته المسرحية؛ إلا أنه في الوقت نفسه لم يتجاهله؛ فذكره بشيء من الاقتضاب قائلًا عنه في كتابه «سجن العمر»:
في ذات ليلة ذهبت إلى دار الأوبرا أشاهد رواية لفرقة عكاشة، فوجدت هناك زميلًا لي بمدرسة الحقوق … سألته عما جاء به إلى ذلك المكان، لعلمي أنه ليس من المهتمين بمسرح ولا بروايات، فأجابني أن شقيقه هو مؤلف الرواية التي نشاهدها … فعجبت لذلك وسررت به وقلت له: عرفني بأخيك هذا! وعرفت مَن صار بعد ذلك صديقي وشريكي في مسرحية غنائية هي «خاتم سليمان» مصطفى أفندي ممتاز الموظف بقسم الشياخات والعُمد بوزارة الداخلية … كان مصطفى ممتاز قد توظف بالبكالوريا ولم يستمر في الدراسة العليا مثل أخيه زميلي بالحقوق … لكنه كان فيما رأيت منه أرسخ قدمًا في اللغتين العربية والإنجليزية وأوسع اطِّلاعًا وأمتع حديثًا … وعلى جانب كبير من الموهبة والإحساس بالفن والحب الصادق للمسرح … فكنت أجد فيه الصديق الذي ترتاح إليه نفسي، ولم أحفل كثيرًا بأخيه زميل الدراسة … كنت أزور مصطفى هذا في بيته من حين إلى حين … كان متزوجًا وله أولاد … فكنا نقضي وقتًا طويلًا في حجرة الجلوس نتحدث في الفن والمسرحيات … كان يصغى إلى اطِّلاعي في المسرحيات الفرنسية، وأصغى إلى اطِّلاعه في المسرحيات الإنجليزية التي كان يطلبها بالبريد من لندن في سلسلة مسرحية زهيدة الثمن، فنحاول أن نستعرض ما نجد هنا أو هناك مما يصلح في نظرنا للترجمة أو ما يغرينا بالتمصير … وقع اختيارنا أنا ومصطفى ممتاز على موضوع شيق كنت قد طالعته في إحدى الروايات الفرنسية، ربما كان اسمها «غادة ناربون» استطعنا أن نُخرج منه مسرحية غنائية لفرقة عكاشة … جعلنا هذا الموضوع يحدث في مدينة شرقية في عصر قديم … وأسمينا المسرحية «خاتم سليمان».١٠

هذه القصة التي رواها الحكيم عن بداية معرفته بمصطفى ممتاز؛ تمثِّل أهم المعلومات التي يمكن لأي باحث الحصول عليها في الكتابات الحديثة والمعاصرة عن الكاتب المسرحي مصطفى ممتاز! وبسبب شهرة الحكيم ومكانته يعتقد القارئ أن مصطفى هذا ما هو إلا شريك ثانوي في بداية نشاط الحكيم المسرحي. وبمعنى آخر أن الحكيم هو الأساس وممتاز هو الفرع؛ خصوصًا في اقتباس مسرحية «خاتم سليمان»، رغم أن العكس هو الصحيح! فالحكيم في حديثه السابق يؤكد أن بداية لقائه بممتاز كانت أثناء مشاهدته لإحدى مسرحيات فرقة عكاشة المكتوبة من قبل ممتاز. ورغم أن الحكيم لم يذكر تاريخ هذا اللقاء، إلا أن المنطق التاريخي يقول إن هذا اللقاء كان في أكتوبر عام ١٩٢٢م، عندما مثلت فرقة عكاشة مسرحية «الخطيئة» لمصطفى ممتاز، لأن بعدها مباشرة بدأ ممتاز مع الحكيم اقتباس مسرحية «خاتم سليمان» — كما سيتضح لنا لاحقًا — وهذا يؤكد أن معرفة الحكيم بممتاز بدأت قبل أن يخط الحكيم سطرًا واحدًا في كتاباته المسرحية، سواء النقدية أو الإبداعية.

وهذه المعرفة تمَّت في هذا التاريخ بين المؤثر مصطفى ممتاز — الأستاذ الكبير في الكتابة المسرحية — والحكيم المتأثر بأسلوب هذا الأستاذ وتعاليمه؛ الذي ذكره الحكيم في مذكراته بصورة هامشية؛ لا تليق بنشاط ممتاز المسرحي، ولا بتاريخه. وهذا الموقف كرره الحكيم مرة أخرى؛ عندما تحدث عن لقاء آخر جمعه بمصطفى ممتاز؛ فسجَّله الحكيم في كتاباته من غير أن يذكر اسم ممتاز!

يقول الحكيم: «في حياتي الفنية جانب مجهول أردت ألا أعترف به ورأيت أن أقصيه، وأن أسدل عليه الستار؛ لأنه في نظري اليوم لا يتصل بأدبي ولا يجوز أن يدخل في عداد عملي … ذلك هو عهد اشتغالي بكتابة القصص التمثيلي لفرقة عكاشة حوالي عام ١٩٢٣ … غير أن المصادفة شاءت أخيرًا أن ألتقي بمن يذكرني بهذا العهد، ويعرض عليَّ طرفًا مما كنا نعمل في ذلك الحين … ذلك روائي اشترك معي في قطعة موسيقية قام بتلحينها المرحوم كامل الخلعي … ثم انقطع عن الفن منذ ذلك الوقت وشغلته شئون الحياة … ثم اختلينا فجعل ينشد لي بعض أغاني رواياتنا القديمة وأنا في ذهول! شدَّ ما تغيرت أنا، وتغيرت نظرتي للفن مرات ومرات خلال تلك السنوات! ولكنه هو باقٍ كما كان على احترام تلك القواعد والمُثل التي كانت هدفنا ومرمى أبصارنا في الكتابة المسرحية.»١١

وإذا كان من حق توفيق الحكيم — في هذا القول — أن يقصي من حياته جانبًا حقيقيًّا؛ لا يريد تذكره؛ متنكرًا لجانب من إبداعه المسرحي … فليس من حقه نكران من أخذ بيده في بداياته المسرحية، جاحدًا فضله متنكرًا لاسمه، الذي لم يذكره مشيرًا إليه بعبارة «روائي اشترك معي»، والحق أن الحكيم هو المُشارك له! والغريب أن الحكيم تنكَّر حتى لاسم المسرحية فلم يذكرها، واكتفى بوصفها «قطعة موسيقية»؛ رغم أنها مسرحية كاملة عُرضت على مسرح حديقة الأزبكية فترة طويلة تحت اسم «خاتم سليمان»!

وربما يشعر القارئ بأنني أحاول جاهدًا أن أثبت أن توفيق الحكيم تأثر في كتاباته المسرحية بأسلوب مصطفى ممتاز وتوجيهاته الفنية؛ رغم ما يعترض هذا الطرح من حقيقة شائعة — قال بها كل من كتب عن مسرح الحكيم، وقال بها الحكيم نفسه — هذه الحقيقة تقول: إن أول مسرحية كتبها الحكيم كانت مسرحيته المقتبسة «العريس».١٢ قبل أن يشارك ممتاز في اقتباس مسرحية «خاتم سليمان»! وهذا يعني أن الحكيم مارس الكتابة المسرحية قبل أن يتعرف إلى مصطفى ممتاز! ومن الأدلة على ذلك خطاب الحكيم لطليمات — السابق — الذي وقَّع عليه الحكيم بقوله: «حسين توفيق الحكيم كاتب رواية «العريس» و«خاتم سليمان».» أي إن الحكيم يقرُّ بأن مسرحية «العريس» كانت قبل مسرحية «خاتم سليمان»! حتى التاريخ يؤيد هذا؛ فقد عرضت فرقة عكاشة مسرحية «العريس» أولًا، ثم عرضت مسرحية «خاتم سليمان» بعد ذلك! فهل يمكن — بعد كل هذه الأدلة — الزعم بأن الحكيم تأثر بمصطفى ممتاز في كتاباته المسرحية؟

الإجابة على هذا السؤال تقول: من الممكن أن يكون الحكيم تأثر بمصطفى ممتاز، إذا أثبتنا أن مسرحية «خاتم سليمان» هي أول مسرحية يشارك في كتابتها توفيق الحكيم قبل أن يقتبس مسرحيته «العريس». فإن صدق هذا الإثبات، فيكون الحكيم تأثر بمصطفى ممتاز بكل معنى الكلمة. وإليك أيها القارئ الإثبات:

من المعروف — في الربع الأول من القرن العشرين — أن الفِرق المسرحية المصرية تُنهي موسمها التمثيلي في أبريل أو مايو من كل عام؛ لتبدأ موسمها الصيفي بإعادة بعض عروضها في الأقاليم والمدن الساحلية، ثم تأخذ فترة استعداد للموسم التالي؛ الذي يبدأ في أكتوبر أو نوفمبر، وغالبًا ما تبدأ الفرق موسمها الجديد بمسرحيات جديدة؛ بواقع مسرحية جديدة كل يوم، ومن ثم تُعيد عرضها على فترات متفاوتة طوال الموسم. ووفق هذا الأسلوب أعلنت فرقة عكاشة بداية موسمها الجديد لعام ١٩٢٤ / ١٩٢٥ في أكتوبر ١٩٢٤م؛ بالإعلان عن أربع مسرحيات جديدة، هي: «الدنيا وما فيها» تأليف محمد يونس القاضي، وعرضتها يوم ١٣ / ١١ / ١٩٢٤. ومسرحية «العريس» اقتباس حسين توفيق الحكيم، وعرضتها يوم ١٤ / ١١ / ١٩٢٤. ومسرحية «المشكلة الكبرى» اقتباس سليمان نجيب، وعرضتها يوم ١٥ / ١١ / ١٩٢٤. وأخيرًا مسرحية «خاتم سليمان» اقتباس مصطفى ممتاز وحسين توفيق الحكيم، وعرضتها يوم ١٦ / ١١ / ١٩٢٤.١٣

وربما سيندهش القارئ — من توثيقنا السابق لهذه العروض — لأننا أضفنا دليلًا جديدًا يؤكد أن فرقة عكاشة عرضت مسرحية «العريس» للحكيم قبل عرضها لمسرحية «خاتم سليمان» بيومين فقط! وهذا يعني أن الحكيم اقتبس «العريس» قبل اقتباسه — بالاشتراك مع ممتاز — لمسرحية «خاتم سليمان»؛ أو على أقلِّ تقدير كان الاقتباس لكلتيهما في وقت متقارب في الفترة ما بين نهاية الموسم السابق في مايو، وبداية الإعداد للموسم التالي الذي بدأ في نوفمبر. أي إن اقتباس مسرحيتي «العريس» و«خاتم سليمان» كان في الفترة ما بين شهري مايو ونوفمبر ١٩٢٤م. وهنا يأتي دور الوثائق حسمًا للأمر!

فقد حصلنا على وثيقتين بتوقيع كامل الخلعي،١٤ تتعلقان بتلحين مسرحية «خاتم سليمان»: الأولى مؤرخة في ١ / ٣ / ١٩٢٣ ويقول فيها: «رددت هذه الرواية ثانية إلى جوق إدارة شركة ترقية التمثيل العربي، بعد أن ألَّفت موسيقى نصف فصل منها؛ لأننا لم نتحدث على ثمنها من جهة، ولأن أرباب الأدوار فيها لا يأخذون غناء أدوارهم إلا بعد أن يذهب أغلبه ضياعًا لطول الوقت.» والأخرى مؤرخة في ١١ / ١١ / ١٩٢٤، وفيها يقول: «استلمت من حضرَتَي ممتاز وتوفيق مُؤلِّفي رواية «خاتم سليمان» مبلغ ١٠٠ مائة غرش صاغًا — كمكافأة على حُسن الألحان التي وضعتُها في روايتهما، وهذا وصل بالاستلام.»
figure
صورة من وثيقتَي كامل الخلعي بخصوص تلحين مسرحية «خاتم سليمان».

والملاحظ أن كامل الخلعي — ملحن مسرحية «خاتم سليمان» — يعترف في الوثيقة الأولى — المؤرخة في أول مارس ١٩٢٣م — أنه لحَّن جزءًا من مسرحية «خاتم سليمان»، وبسبب الاختلافات المالية، أعاد نص المسرحية مرة أخرى إلى الفرقة! وهذا يعني أن نص المسرحية كان لديه بصورة كاملة قبل مارس ١٩٢٣م؛ بينما اقتبس الحكيم مسرحيته «العريس» عام ١٩٢٤م! أي إن مسرحية «خاتم سليمان» هي أول مسرحية شارك الحكيم في كتابتها مع ممتاز. وبناءً على ذلك، نستطيع القول بكل اطمئنان إن الكاتب المسرحي مصطفى ممتاز كان الموجِّه الأول لتوفيق الحكيم في كتاباته المسرحية الأولى، قبل سفر الحكيم إلى فرنسا. وبمعنى آخر: إن توفيق الحكيم تأثَّر بأسلوب مصطفى ممتاز وتوجيهاته المسرحية، قبل أن يخط الحكيم سطرًا واحدًا في إبداعه المسرحي.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا أخذ الحكيم هذا الموقف من موجِّهه الأول في الكتابة المسرحية؟ خصوصًا أن الحكيم كان في أَوْجِ شهرته بوصفه كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا عندما كتب ما كتبه عن مصطفى ممتاز؟! الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة؛ ولكن من وجهة نظري إن الحكيم أراد أن ينسب علمه وإبداعه المسرحي إلى الفترة الفرنسية التي قضاها في باريس، ولم يُرِد فضلًا عليه سوى تجربته الفرنسية ليس إلا! ومن ناحية أخرى ربما أراد إقصاء فترة عمله الأولى المتعلقة بمصطفى ممتاز؛ حتى لا يضطر إلى الإشادة به باعتباره مؤثرًا فيه، أو الحديث عنه بوصفه موجهًا له!

وعن هذا الأمر تحدثت مع السيدة ابتسام — ابنة مصطفى ممتاز — حول علاقة الحكيم بوالدها؛ فقالت: «إن والدي كان خجولًا جدًّا لا يرفض طلبًا لأحد، وكان الحكيم صديقًا لعمي صابر ممتاز، ثم أصبح صديقًا لوالدي. وكان والدي يكبر الحكيم بثلاث عشرة سنة، وكان ينظر إليه نظرة الشقيق الأصغر. وفي يوم ما روى لي والدي أن توفيق الحكيم طلب منه مشاركته في كتابة إحدى المسرحيات؛ ليضع اسمه بجوار اسم والدي … فوافق والدي خجلًا؛ فخرجت إلى النور مسرحية «خاتم سليمان» تحمل اسمَي مقتبسَيها: مصطفى ممتاز وحسين توفيق. وفي عام ١٩٤٢م الْتقيت بتوفيق الحكيم في إحدى المناسبات، فقال لي: «أنا لحم كتافي من خير أبوكِ»!»١٥
وربما شعر الحكيم بتأنيب الضمير تجاه موقفه من مصطفى ممتاز في حياته؛ فأراد إصلاح الأمر بعد وفاة ممتاز بثلاث عشرة سنة؛ عندما نشر عام ١٩٧٧م خطابًا — يتعلق بمسرحية «خاتم سليمان» — جاءه من مصطفى ممتاز أثناء وجود الحكيم في الإسكندرية بتاريخ ٢ / ٧ / ١٩٢٤م. ولأهمية الخطاب — فيما نحن بصدده — نجتزئ منه هذه العبارات:
عزيزي توفيق، تحية وسلامًا، وبعد؛ فقد وصلني بالأمس كتابك بعد أن انتظرت وروده وقتًا طويلًا، ولا أدري لماذا تأخرت عن الكتابة، مع أن الحياة عندكم منعشة جميلة، تغري بالكتابة … أما أخبارنا فعلى ما يرام، وقد اتفقت نهائيًّا مع الأستاذ زكي عكاشة في أواخر يونيو الماضي، وأمضيت عقد الاتفاق … وقد حصل الاتفاق على ثلاثين جنيهًا … هذه هي أهم الحوادث عندي قد أبلغتها إليك. أما عن تقاعدك عن المطالعة أو عمل أي شيء، فهو ما لا أراه لك رأيًا، وحبذا لو أنك انتهزت فرصة صفاء الذهن وجمال ما حولك من المناظر، لتعمل عملًا جديدًا ممتعًا، وعسى أن يصلني منك قريبًا ما تبشرني به من شروعك في عمل جديد.١٦
والملاحظ من عبارات مصطفى ممتاز إلى الحكيم؛ أنها عبارات موجَّهة من شقيق أكبر إلى شقيقه الأصغر؛ يدفعه إلى العمل والإبداع، ويشد من أزره. وهو ما يؤكد وجهة نظرنا السابقة؛ بأن مصطفى ممتاز كان الموجِّه الأول للحكيم في كتاباته المسرحية. وبسبب هذا الخطاب المنشور — في كتاب الحكيم «وثائق من كواليس الأدباء» — كتب أحمد رشدي صالح مقدمة؛ قال فيها: «… وموقف الحكيم من هؤلاء الأدباء، هو موقف الرجل الكبير الذي يعرف معنى العرفان. يبدأ رسائله المنشورة هنا، برسالة موجَّهة من مصطفى ممتاز وهو أحد الأدباء الذين بذلوا جهدًا مقدرًا، في ارتياد طرق المسرح المصري. والقارئ لا يعرف مصطفى ممتاز، ولكني عرفته عن قرب، وشدني إليه أنه في شيخوخته، لم يفقد إيمانه بعظمة الأدب المسرحي، بل كان دائم الحديث عنه. وكان دائم التقدير لتوفيق الحكيم.»١٧
وهكذا حاول الحكيم إنصاف الرجل بعد وفاته بسنوات كثيرة؛ لنلتمس له بعض العذر أمام موقفه السابق تجاه مصطفى ممتاز. ورُغم ذلك نعتب — عتابًا رقيقًا — على أحمد رشدي صالح بسبب كلامه المقتضب — اقتضابًا شديدًا — عن مصطفى ممتاز؛ الذي قال عنه إنه يعرفه عن قرب، ورغم ذلك لم يروِ حديثه ظمأ القارئ؛ ليعرف من هو مصطفى ممتاز! علمًا بأن أحمد رشدي صالح كاتب كبير، وله كتابات كثيرة منشورة،١٨ وكُنَّا نأمل أن يسهب في التَّعريف بمصطفى ممتاز؛ لا سيما أن أحمد رشدي صالح هو زوج ابنة الكاتب المسرحي مصطفى ممتاز؛ السيدة الفاضلة اعتدال ممتاز صاحبة كتاب «مذكرات رقيبة سينما».١٩ رحم الله الجميع: مصطفى ممتاز، وتوفيق الحكيم، ورشدي صالح، واعتدال ممتاز.
هذا هو موقف جميع الكتابات الحديثة من مصطفى ممتاز، ولن يجد القارئ معلومات عنه أكثر مما ذُكر! وهذه الضبابية حول حياة مصطفى ممتاز وأدبه المسرحي؛ لفتت نظر الكاتب والروائي المعروف محمد جبريل؛ فكتب عنه كلمة عام ١٩٩٥م، قال فيها: «نحن لا نعرف شيئًا عن المسرحيات التي كتبها مصطفى ممتاز، قبل أن يقتبس توفيق الحكيم مسرحية «غادة نازبو» عن الفرنسية، ويترجمها مع ممتاز في صورة أوبريت غنائية باسم «خاتم سليمان» … كانت النسخة الخطية للنص المسرحي مودعة في المركز القومي للمسرح. أتاح لي الصديق سمير عوض — سكرتير المركز آنذاك — قراءتها.٢٠ أتذكَّر الاسم بخط الرقعة على الغلاف، وأنها من تأليف مصطفى ممتاز وحسين توفيق الحكيم. كان الحكيم أيامها (أواسط الستينات) في رحلة إلى باريس. واتصلت بأستاذنا يحيى حقي، أسأله عن الرجل. قال إنه كان موظفًا بإدارة الشياخات والعمد بوزارة الداخلية، وإن المسرح كان شاغله الأهم، لولا توقفه المفاجئ … وفيما عدا كلمات رشدي صالح في مقدمة كتاب الحكيم «وثائق من كواليس الأدباء»، والرسالة التي نشرها الحكيم في بداية الكتاب، فإن اسم الرجل يغيب في الكتب النقدية، والمؤلفات التي تُعنى بتناول إبداعاتنا وحياتنا الأدبية عمومًا، منذ بدايات القرن.»٢١
وفي ختام كلمته طرح محمد جبريل عدة أسئلة حول سبب توقف مصطفى ممتاز عن الكتابة المسرحية، وهل له مسرحيات أخرى غير «خاتم سليمان»؟ ويختتم هذه الأسئلة بقوله: «الأسئلة كثيرة، والأجوبة ربما تتيح لنا التعرف إلى جوانب مجهولة من بدايات المسرح المصري المعاصر، بالتعرف إلى الجوانب المجهولة في سيرة أحد رواده … ولعل ذلك ما يقدمه لنا — يومًا — أحد طلاب الدراسات العليا في جامعاتنا العربية.»٢٢ وبعد مرور أربع سنوات على هذه الدعوة، تصدَّى شخصي الضعيف لها، فكتبت مقالة صغيرة، عرَّفت فيها الرجل، وأهم سنوات حياته، وأشرت إلى بعض أعماله المسرحية، ونشرتها في الكويت عام ١٩٩٩م.٢٣

ومنذ ذلك التاريخ؛ وأنا في بحث دائم عن الرجل وأعماله المسرحية المجهولة. وكم كانت سعادتي عندما علمت أن المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، يحتفظ بثلاث مسرحيات مخطوطة لمصطفى ممتاز — المنشورة في هذا الكتاب، وهي: «عبد الرحمن وعمر»، و«المنافقون»، و«المرحوم» — فتقدمت باقتراح إلى الدكتور سامح مهران — رئيس المركز — من أجل نشرها في كتاب؛ يضم تاريخ حياته، وتفاصيل نشاطه المسرحي. وبالفعل وافق الدكتور سامح مهران على الاقتراح، وبدأت العمل فيه. وأثناء العمل خطرت لي فكرة مفادها: البحث عن أسرة مصطفى ممتاز! وبعد عناء شديد — ومواقف حرجة وأخرى سارة — استطعت الوصول إلى ابنته ابتسام؛ التي سعدت كل السعادة بأن أحدًا سيهتم بوالدها ويكتب عنه! ومساهمة منها في هذا المشروع أعطتني ثلاثة نصوص مسرحية مخطوطة أخرى، هي: «أنجومار»، و«جلنار بين ثلاثة رجال»، و«أصدقاء أم أعداء» — إضافةً إلى صورة والدها.

لم يبقَ لإتمام المشروع إلا المعلومات المتعلقة بحياة مصطفى ممتاز، وعمله في الوظائف الحكومية، وكذلك المعلومات المتعلقة بنشاطه المسرحي، وتواريخ عروض مسرحياته، وما كُتب عنها وقت تمثيلها. وكنت أتمنى أن تقوم ابنته بسد الثغرة الأولى المتعلقة بحياة والدها وعمله الحكومي؛ ولكن مرور أكثر من ثمانية عقود وقف حائلًا أمام هذا التمني! وقبل الوصول إلى مرحلة اليأس؛ ظهرت بارقة أمل جديد من خلال البحث عن الملف الوظيفي لمصطفى ممتاز ضمن مقتنيات دار المحفوظات العمومية بالقلعة. وبالفعل نجحت في الوصول إلى هذا الملف، الذي يحمل رقم ١١٣٣٦. أما الخطوة الأخيرة في سبيل إتمام المشروع فكانت صعبة للغاية؛ لأنها تتعلق بالمعلومات الخاصة بنشاط مصطفى ممتاز المسرحي، وما صاحب هذا النشاط من إعلانات ومقالات نقدية. ولا سبيل إلى ذلك إلا بالبحث الميداني في الصحف المصرية القديمة المصاحبة لنشاط ممتاز المسرحي. وبالصبر والتروِّي استطعت الحصول على ضالتي من هذه المقالات؛ لتكتمل المادة العلمية لمشروع الكتاب، ويخرج مصطفى ممتاز الرجل المجهول إلى الوجود المعلوم، ويتبوأ مكانته الطبيعية وسط كُتَّاب المسرح في فترة من الفترات المجهولة في تاريخ المسرح المصري.

مصطفى ممتاز موظفًا حكوميًّا

وُلد مصطفى محمود فهمي محمود فهمي — المشهور باسم مصطفى ممتاز — يوم ١٤ / ٩ / ١٨٩٢م،٢٤ بحي السيدة زينب بالقاهرة.٢٥ ومنذ طفولته نبغ في تلقي العلوم؛ فاستطاع أن يحصل على شهادة الابتدائية عام ١٩٠٧م.
figure
شهادة الابتدائية الخاصة بمصطفى ممتاز عام ١٩٠٧م.

وفي هذه الفترة ترقَّى والده في وظائف الحكومة؛ حتى تقلد وظيفة رئيس قلم اللوائح؛ فترتب على ذلك نقله من القاهرة إلى الإسكندرية؛ فانتقلت الأسرة للعيش والعمل في هذا الثغر الجديد. والتحق الابن مصطفى بالمدرسة العباسية الثانوية، وظهرت ميوله في إتقان اللغات الأجنبية. وقبل عام واحد من حصوله على شهادة الثانوية، تعرض إلى مشكلة تأدية الخدمة العسكرية. وبعد معاناة كبيرة استطاع الأب أن يدفع البدل النقدي للخدمة العسكرية؛ حتى يحافظ على تفوق ابنه في الدراسة.

figure
شهادة المعافاة بالبدل النقدي عام ١٩١١م.

وأخيرًا حصل مصطفى على شهادة البكالوريا (الثانوية) في عام ١٩١٢م، وأراد — كما أراد والده — أن يستكمل دراسته العُليا بمدرسة المعلمين الخديوية. وعندما بدأ في إجراءات الالتحاق رُفض طلبه؛ لأنه غير لائق طبيًّا؛ حيث كان يعاني من ضعف في بصره بسبب كثرة القراءة ونهمه الشديد للعلم. وتحطمت آمال الطالب المجتهد، وآمال والده في استكمال دراسته العليا؛ فرضى مصطفى بقدره، وارتضى أن يبدأ حياته العملية بوظيفة صغيرة بشهادة الثانوية.

figure
شهادة الثانوية الخاصة بمصطفى ممتاز عام ١٩١٢م.
انتظر مصطفى ممتاز عامًا كاملًا حتى ظهرت إحدى الوظائف الشاغرة بمصلحة خفر السواحل بالإسكندرية؛ فتقدم إليها بطلب هذا نصه:

طلب استخدام
الوظيفة المراد الالتحاق بها: كاتب بمصلحة خفر السواحل
سعادتلو أفندم … جناب مدير مصلحة خفر السواحل

يتشرف مصطفى محمود فهمي بأن يعرض لسعادتكم بأنه مصري الجنسية، وقد حصل أخيرًا على شهادة الدراسة الثانوية من الحكومة المصرية. وله إلمام باللغتين العربية والإنجليزية باعتبارهما لغتين أصليتين ويعرف اللغة الفرنسية بصفتها لغة أجنبية إضافية. وحيث إنه يوجد بمصلحة جنابكم وظائف خالية فإنه يلتمس تعيينه تحت التجربة بعد تأدية الامتحان الذي سيعقد في ١ / ٢ / ١٩١٣م، ويتشرف بتقديم الاحترام أفندم.

خادمكم المطيع: مصطفى ممتاز
وكما عصف ضعف النظر بأحلام مصطفى في استكمال دراسته العليا؛ كاد أن يعصف أيضًا بما تبقى من أحلامه في الحصول على هذه الوظيفة. فبعد نجاحه في اختبار القبول رسب في الاختبار الطبي بسبب ضعف النظر. ولكن الطبيب — وليام هستنج رئيس القومسيون الطبي — نصحه بإعادة الكشف مرة أخرى بواسطة نظارة طبية. وبسبب هذه النصيحة استطاع مصطفى أن يحصل على الوظيفة في مارس ١٩١٣م. وبعد مرور أشهر قليلة — وفي أكتوبر ١٩١٣م — ظهرت مشكلة تتعلق باسم مصطفى؛ مفادها أن اسمه المتداول بين الناس يختلف عن اسمه في الأوراق الرسمية؛ لذلك تقدم إلى وزارة الداخلية بطلب قال فيه:

سعادتلو أفندم مدير قسم الإدارة بنظارة الداخلية

حيث إن اسمي الرسمي هو مصطفى محمود فهمي، ولست به معروفًا خارج دائرة الرسميات، كالتعيين والنقل والشهادات الدراسية، واسمي المُنادى به هو مصطفى ممتاز،٢٦ وهو المستعمل في جميع المعاملات والأخذ والعطاء. لذلك ألتمس تحريف اسمي الرسمي وجعله مصطفى ممتاز، ونشر ذلك في الأوامر العمومية حتى أجتنب بذلك جميع الارتباكات الناشئة عن ضرورة استعمال الاسمين ولسعادتكم الشكر، أفندم.
مصطفى محمود فهمي
كاتب بقلم الترجمة بقسم الإدارة بالداخلية
figure
صورة مصطفى ممتاز عام ١٩٢٣م، مع إهداء مكتوب خلفها إلى والده.
وبالفعل صدر الأمر العمومي من وزارة الداخلية بتغيير الاسم. وظل مصطفى ممتاز موظفًا قديرًا لسنوات عديدة، وارتضى بقدره حتى عام ١٩٢١م؛ عندما راوده الحلم القديم باستكمال الدراسة العليا؛ فتقدم للالتحاق بمدرسة الحقوق السلطانية. ولكن أعباء الوظيفة والأسرة منعته من تحقيق ذلك الحلم؛ الذي حققه بعد ذلك في ابنه أحمد ممتاز،٢٧ عندما ألحقه بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول عام ١٩٤٥م.
وينغمس أخيرًا مصطفى ممتاز في مهامه الوظيفية فنجده يُعين رئيسًا للإدارة بمحافظة السويس في عام ١٩٢٥م، ثم يُنقل منها إلى مثل وظيفته بمديرية الفيوم في العام التالي،٢٨ ويُنقل مرة أخرى إلى مديرية القليوبية في عام ١٩٢٨م. وأخيرًا يستقر — بعد عدة تنقلات — في القاهرة كرئيس لقلم الجنايات الإفرنجي بحكمدارية بوليس مدينة مصر اعتبارًا من سبتمبر ١٩٢٩م. ويظل لمدة ست سنوات في عطاء وظيفي مميز حتى يقرر وزير الداخلية «محمد توفيق نسيم» إعطاءه رئاسة قلم تعيين العُمد والمشايخ عام ١٩٣٥م.٢٩ وظل مصطفى ممتاز — كعادته — يخلص في أداء مهامه الوظيفية؛ بدليل الخطاب التالي المُرسل من وزير الزراعة إلى وزير الداخلية عام ١٩٣٨م، وهذا نصه:

وزارة الزراعة
مكتب الوزير
حضرة صاحب المعالي وزير الداخلية

لمناسبة انتهاء اللجنة المشكَّلة بقرار من وزير الداخلية في ١٦ / ٥ / ١٩٣٨ لإصلاح القرية ووضع مشروع قانون للعُمد، من عملها يسرني بصفتي رئيسًا لهذه اللجنة أن أبلغ معاليكم ثنائي على حضرة سكرتيرها مصطفى ممتاز أفندي رئيس قلم شياخات الوجه البحري، لما بذله حضرته من الجهود المشكورة في القيام بواجبه على أحسن وجه. كما أرجو معه أن تتفضلوا معاليكم بالنظر في مكافأته على ذلك تقديرًا للجهد والنشاط وحُسن أداء الواجب، لا سيما وقد قام حضرته بهذا العمل علاوة على أعماله العادية.

وتفضلوا معاليكم بقبول فائق الاحترام.

توقيع: وزير الزراعة
وفي الملف الوظيفي لمصطفى ممتاز وثيقة مهمة؛ تؤكد أنه رغم إخلاصه في العمل إلا أنه لم يحصل على حقوقه الطبيعية من درجات وترقيات وظيفية يستحقها بحكم أعماله ونشاطه. ولعل ما نلاحظه في هذه الوثيقة من التعسف السافر كان بسبب الظروف السياسية، وصراع الأحزاب في مصر. وهذه الوثيقة المؤرخة في ٢٣ / ٤ / ١٩٤٢، عبارة عن مذكرة موجَّهة إلى وزير الداخلية تلخص الظروف التعسفية التي مرَّت على مصطفى ممتاز، وتُطالب بإنصافه، وهذا نصها:

مذكرة عن حالة مصطفى ممتاز أفندي وكيل إدارة الشياخات بالداخلية

في سنة ١٩٢٢م كان مصطفى ممتاز رئيسًا لقلم مجالس المديريات بالداخلية. وكان حضرة الأستاذ عباس علام٣٠ مدير إدارة مجالس المديريات الآن، كاتبًا بقلم السكرتارية. في سنة ١٩٢٥م عُين مصطفى ممتاز رئيسًا للإدارة في الدرجة السادسة وحل محله في رياسة قلم مجالس المديريات الأستاذ عباس علام في الدرجة السابعة. اشتغل مصطفى ممتاز رئيسًا للإدارة بمحافظة السويس ثم بمديريتي الفيوم والقليوبية. في سنة ١٩٢٩م نُقل مصطفى ممتاز إلى وظيفة رئيس قلم الجنايات الإفرنجي بحكمدارية بوليس مصر وهي وظيفة من الدرجة الخامسة. ولكن نظرًا لأن وزارة الداخلية في ذلك العهد (عهد رفعة المرحوم محمد باشا محمود) لم تستأذن سعادة حكمدار بوليس مصر في أمر نقله إلى الحكمدارية، فقد رفض سعادته قبوله وأرسل إلى الوزارة يطلب إليها ندبه بها (عهد المرحوم عدلي باشا).

وقد تم هذا الندب أوائل سنة ١٩٣٠م جاءت وزارة الوفد ونظرت في المظالم وكان حضرة أحمد فهمي إبراهيم بك ينظر في شكايات الموظفين، فشكا مصطفى ممتاز لحضرته وطالب بترقيته إلى الخامسة التي يشغلها فعلًا، ولكن لسوء الحظ ظن حضرته خطأً أو وشايةً أن الشاكي ينتمي إلى الفريق الآخر فترك أمره معلقًا. سنة ١٩٣٠، ١٩٣١م وُلي الحكم دولة صدقي باشا وأجرى الانتخابات وكان في وكالة الداخلية سعادة القيسي باشا، وفي قسم الإدارة حجازي باشا. وقد اختار الاثنان بعض موظفي الوزارة للإشراف على عملية الانتخابات في القاهرة، وكان مصطفى ممتاز أحد هؤلاء، ولكنه أخبر سعادة القيسي باشا بحقيقة ما يجهله في اللجان؛ فكان جزاؤه أن انتزعت منه الدرجة الخامسة التي كان يشغلها ومُنحت إلى حضرة الأستاذ محمود جودت مع أن الشاكي أقدم منه بسنين. وفضلًا عن ذلك فقد رُقي جميع الذين أشرفوا على عملية الانتخابات المذكورة ما عدا الشاكي وحده. سنة ١٩٣٦م تخطاه في الترقية حضرة الأستاذ عباس علام. سنة ١٩٣٨م رُقي الشاكي إلى الدرجة الخامسة في شهر سبتمبر بعد أن مضى عليه في الدرجة السادسة ثلاثة عشر عامًا، ولو كان قد رُقي في سنة ١٩٣٠م أو سنة ١٩٣١م كما كان يجب عدلًا لجاز أن يكون الآن في الدرجة الثالثة سنة ١٩٤٢م. خلت الآن وظيفة مدير إدارة من الشياخات وهي من الدرجة الثالثة ونظرًا لما يتمتع به الشاكي من فضل الله من الرضا العام والتقدير فإنه لا يرجو أكثر من ترقيته إلى الدرجة الرابعة وإعفائه من الشهور الأربعة الباقية على جواز الترقية وتعيينه مديرًا للإدارة المذكورة، ويكون في هذا تعويض له عما فاته بدون ذنب جناه.

والله ولي التوفيق.

ورغم ما تحمله هذه الوثيقة من حقائق وبيانات رسمية؛ إلا أن الأمر العمومي صدر سنة ١٩٤٢م بتعيين مصطفى ممتاز وكيلًا لإدارة الشياخات على الدرجة الرابعة؛ لا مديرًا على الدرجة الثالثة كما طالبت المذكرة. ورغم ذلك استمر ممتاز سنوات عديدة يخلص في عمله٣١ رغم ظروفه الأسرية الصعبة،٣٢ حتى حصل أخيرًا على الدرجة الثالثة عام ١٩٤٦م؛ عندما تم تعيينه مديرًا لإدارة المحفوظات والتوريدات والطباعة. وفي عام ١٩٤٨م تقدم مصطفى ممتاز بالتماس إلى وكيل الداخلية؛ يطالب فيه بالترقية إلى الدرجة الثانية أسوة بمن هم أقل منه؛ وحصلوا على هذه الدرجة دون أن يحصل عليها هو؛ رغم أنه الأحق بها. وأرفق بهذا الالتماس كافة المستندات التي تؤيد رأيه. ورغم ذلك لم يلتفت إليه أحد، ومرت أربع سنوات، وهو يجاهد في سبيل الحصول على حقه المسلوب حتى جاء عام ١٩٥٢م فرفع رئيسه المباشر مذكرة من أجل الحصول على هذا الحق، أو تحديدًا من أجل الحصول على الدرجة الثانية جاء فيها:

مذكرة عن حالة الأستاذ مصطفى ممتاز
مدير إدارة المحفوظات في ١٤ / ٤ / ١٩٥٢

قضى في خدمة الحكومة نيفًا وتسعة وثلاثين سنة. مضى عليه في الدرجة الثالثة ما يقرب من الست سنوات. رُقي قبله من هم أقل منه خدمة وأقل منه مدة في الدرجة. لم يبقَ على إحالته إلى المعاش غير خمسة أشهر. والمرجو التفضل بالنظر في ترقيته إلى الدرجة الثانية، تحسينًا لمعاشه وتقديرًا لخدمته الطويلة. وملف خدمته يحوي الثناء ولا يشمل أي جزاء.

وأخيرًا جاء التقدير، ومكافأة مصطفى ممتاز بمكافأة نهائية بعد خمسة أشهر من خلال أمر عمومي من قِبل وكيل إدارة المستخدمين، والذي نصَّ على: «يُرفع اسم حضرة الأستاذ مصطفى ممتاز من إدارة المحفوظات والتوريدات والطباعة من عداد موظفي الوزارة بالإحالة إلى المعاش، اعتبارًا من ١٤ / ٩ / ١٩٥٢ لبلوغه السن القانونية.»

وهكذا جاء التقدير لتاريخ مصطفى ممتاز في مجال الوظيفة الحكومية تقديرًا متعسفًا لواحد من أخلص رجال الوظيفة الحكومية في مصر؛ فقد أحيل إلى المعاش دون أن تُرد إليه حقوقه الوظيفية؛ تلك الحقوق التي سُلبت منه ولم تُرد إليه حتى وفاته يوم ٨ / ٨ / ١٩٦٤.٣٣

مصطفى ممتاز كاتبًا مسرحيًّا

بدأ مصطفى ممتاز تعريب المسرحيات عام ١٩١٧م؛ عندما عرَّب مسرحية «المرأة الفاتنة». وهذه المسرحية — على وجه الخصوص — يكتنفها الغموض! فنصها المخطوط لم نحصل عليه، ولولا أن مُعرِّبها ذكرها على غلاف إحدى مخطوطات مسرحياته — وهي مخطوطة مسرحية «المنافقين»، المنشور غلافها [انظر شكل: غلاف مخطوطة مسرحية «المنافقين»] — ما علمنا من أمرها شيئًا! كما أننا حصلنا على معلومة غامضة، عبارة عن إعلان نشرته جريدة «الأفكار» يوم ٨ / ٤ / ١٩١٧م، تحت عنوان «الحياة الناهضة للتمثيل العربي: الليالي الحسان بدار الأوبرا السلطانية»، جاء فيه أن فرقة أولاد عكاشة ستمثل بدار الأوبرا خمس مسرحيات؛ منها مسرحية «المرأة الفاتنة». وجاء في الإعلان عن هذه المسرحية أنها «رواية حديثة تجمع بين جلال الجمال، وجلال العقل، وجلال الشرف في امرأة واحدة. وبها من عذوبة الروح ورشاقة الأسلوب ما ليس له نظير. تُمثَّل في مساء السبت ٢١ أبريل.» وللأسف لم نجد أية إشارة — بعد ذلك — تفيد أن فرقة عكاشة — أو أية فرقة أخرى — مثَّلت هذه المسرحية.

أما المسرحية الثانية، فكانت مسرحية «أنجومار» — المنشورة في هذا الكتاب — وهي من تعريب مصطفى ممتاز، وقد أنهى تعريبها يوم ٥ / ٢ / ١٩١٧م — كما جاء في نهاية نص المخطوطة — ومثلتها فرقة أولاد عكاشة بدار الأوبرا السلطانية في نوفمبر ١٩١٧م، واستمرت في تمثيلها — على فترات متقطعة — على مسرحي برنتانيا، وحديقة الأزبكية حتى عام ١٩٢٥م، تحت عناوين عدة، مثل: «أنجومار المتوحش»، أو «زعيم المتوحشين العظيم»، أو «تنازع الرياسة»، أو «ملك العاشقين وزعيم المتوحشين». وبعض الصحف كانت تنشر مغزاها في عبارات أدبية مثل: «فيها البرهان الأكبر على أن الحب مهذِّب للأخلاق، وهو فوق الوحشية.» أو «هي تحليل نفساني جليل؛ يحلله تيار العاطفة المتسلطة عليه؛ فتصبح الخشونة دعة، والوحشية مدنية، والجمود عواطف متدفقة.» وهذه المسرحية قام بتمثيلها كل من: محمد عبد القدوس، ومريم سماط، وفكتوريا موسى، ومحمد بهجت، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي، وتوفيق ظاظا، ولطيفة حجازي، ولبيبة فارس، وحسن حبيب. وكانت منيرة المهدية تغني بين فصول تمثيلها في بعض الحفلات.٣٤
figure
الصفحة الأخيرة من مخطوطة مسرحية «أنجومار».

ومسرحية «أنجومار»؛ تدور أحداثها في بلاد اليونان؛ حيث نجد الشيخ «ميرون» — صانع الأسلحة والدروع — يعيش في فقر شديد، ولكنه سعيد بحياته مع ابنته «بارتينيا» وزوجته. وفي يوم ما يقع ميرون في أَسر جماعة من قُطاع الطُّرق المتوحشين بقيادة «أنجومار»، يعيشون في الغابات. ومن ثم يطلبون من أهله فدية مقابل حريته. فتقوم ابنته بارتينيا بمحاولات عدة لجمع قيمة الفدية من أصدقائه دون جدوى، حيث إن الأصدقاء تخلوا عن صديقهم. فحاولت الأمر نفسه مع الحاكم، ولكنه تخلى عنها؛ لأن قانون البلاد لا ينقذ من لم يحترمه، حيث إن ميرون تمَّ أسره خارج حدود المدينة. فلم تجد بارتينيا مناصًا من أنها تفتدي أباها بنفسها، فذهبت إلى أنجومار زعيم المتوحشين، وأبدلت أسرها بحرية أبيها، فوافق أنجومار. وبمرور الوقت يقع أنجومار في حب بارتينيا؛ فيطلق سراحها ويرافقها حتى منزلها، وعندما أراد العودة، طلبت منه بارتينيا بأن يمكث معها في مدينتها، ويكون ضيفًا على والدها، وأن يتعلم صنعته، وأن يكون عاملًا مفيدًا ليصبح يونانيًّا، ويتخلص من وحشيته. وأمام حبه لبارتينيا يوافق على ذلك. ومع مرور الأيام، تحدث عدة حوادث يُظهر فيها أنجومار شهامة ومروءة، فيزداد تعلق بارتينيا به. وفي يوم ما تتعرض المدينة إلى هجوم من المتوحشين، فيصدهم أنجومار بالحكمة واللين، فيعفو عنه حاكم المدينة، ويطلب من المتوحشين بناء مدينة لهم؛ يكون أنجومار حاكمًا لها، وزوجًا لبارتينيا.

figure
أحد إعلانات مسرحية أنجومار عام ١٩٢١م.
والمسرحية الثالثة التي عرَّبها مصطفى ممتاز، كانت المسرحية الكوميدية «الشريف الطريد»، ومثلتها فرقة أولاد عكاشة بدار الأوبرا يوم ١ / ٤ / ١٩٢٠م، وظلت تمثلها — على فترات متقطعة — حتى عام ١٩٢٣م بمسرح حديقة الأزبكية، وقام بتمثيلها: عبد الله عكاشة، وزكي عكاشة، وعبد العزيز خليل، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي، وفكتوريا موسى، وألمظ أستاتي، ووردة ميلان، والألحان من وضع الموسيقي محمود رحمي.٣٥ ومع الأسف الشديد لم نستطع الحصول على مخطوطة هذه المسرحية، ولكننا حصلنا على كلمة عنها؛ نشرها محمود فؤاد في جريدة «المقطم» بتاريخ ١٠ / ٥ / ١٩٢٣م، قال فيها: «عُني حضرة الأستاذ مصطفى أفندي ممتاز بتأليف٣٦ هذه الرواية، وقامت فرقة عكاشة بتمثيلها فأجادت كل الإجادة، وألبستها ثوبًا قشيبًا زادتها المناظر البديعة بهاءً وجمالًا. وقام أفراد الفرقة بأدوارهم خير قيام لا سيما الأستاذ عبد العزيز أفندي خليل الممثل القدير في دور سيزار، والسيدة فكتوريا موسى في دور ماريتانا. أما الرواية فهي من النوع الكوميدي الراقي ذات الحوادث الغريبة، والمفاجآت المدهشة. وقعت حوادثها في إسبانيا. ونحن نفخر إزاء هذا التقدم الباهر، والسير بالتمثيل في سبيل الرقي والتقدم. ونرجو لهذه الفرقة دوام النجاح واستمرار الفلاح. ونحث أهل الفضل والأدب على مشاهدة هذه الرواية الفريدة في بابها.»
وفي عام ١٩٢٠م أيضًا؛ ألَّف مصطفى ممتاز أولى مسرحياته — والرابعة في ترتيب إنتاجه المسرحي — وهي مسرحية «عبد الرحمن وعمر» — المنشورة في هذا الكتاب — وقد مثلتها فرقة عبد الرحمن رشدي يوم ١٣ / ٨ / ١٩٢٠ على مسرح برنتانيا، وظلت الفرقة تعرضها مُدَّة شهرين. وفي منتصف أبريل ١٩٢٣م مثَّل أعضاء النادي الأهلي للرياضة البدنية هذه المسرحية في حفلة النادي السنوية بدار الأوبرا الملكية تحت رعاية جلالة الملك فؤاد. وقد حضر العرض كل من: حضرة صاحب العزة محمود بك ثابت الأمين الأول لجلالة الملك مندوبًا من قِبل جلالته، وحضرة صاحب الدولة عدلي باشا يكن، وحضرة صاحب المعالي جعفر باشا والي وزير الأوقاف الأسبق، وصاحب السعادة علي ذو الفقار باشا، وصاحب العزة فؤاد بك أباظة مدير الجمعية الزراعية السلطانية، ومصطفى بك سعيد مدير حدائق مصلحة التنظيم. وبجانب العرض المسرحي، ألقى سليمان نجيب بعض الأزجال، وعزف حسن مختار قطعة موسيقية بعنوان «العواطف». وآخر عروض هذه المسرحية كان من نصيب مسرح رمسيس، الذي عرضها في أغسطس ١٩٢٣م.٣٧

ومسرحية «عبد الرحمن وعمر»؛ تدور أحداثها حول «عبد الرحمن» الذي أحب «جميلة» لمدة ثلاث سنوات، وتعهد لها بالزواج في خطاباته. وبعد فترة نجده يخطب فتاة أخرى اسمها «خيرية»؛ طمعًا في أموال أبيها «عمر بك». ولكنه يخشى من جميلة وتعهُّده لها بالزواج، فيحاول سرقة خطاباته من منزلها بمساعدة ابن عمه «عثمان»؛ ولكنه يفشل في ذلك. وبعد عدة حوادث كوميدية، تعلم جميلة بما يدبره حبيبها عبد الرحمن، فتذهب إليه في بيت صهره يوم الزواج، وتدعي أنها شقيقة العريس. وتحدث عدة مواقف كوميدية بُنيت على سوء الفهم، حيث قام عبد الرحمن بالادعاء على جميلة — باعتبارها شقيقته — بأنها مجنونة، فيقوم كل من في المنزل بمعاملتها معاملة خاصة. ويزداد الموقف تعقيدًا، عندما يحضر المأذون لِيُتِمَّ عقد القران، فتقوم جميلة بالادعاء على عبد الرحمن بأنه قتل امرأة اسمها جميلة وهي شاهدة على ذلك، فتحضر الشرطة وتقبض على العريس، الذي يتوسل إلى ابن عمه عثمان كي يعترف بأن جميلة هي شقيقته المزعومة، فيرفض عثمان لأنه أحب خيرية، ومن مصلحته عدم إتمام زواج عبد الرحمن بخيرية. وتتعقد الأمور أكثر فأكثر، حتى تنتهي بأن يعترف عبد الرحمن بأنه أحبَّ جميلة، وأراد تركها طمعًا في الزواج من خيرية الثرية، ولكنه عاد إلى صوابه، فيعقد قرانه عليها أمام الجميع، كما يعقد عثمان قرانه على خيرية، وتنتهي المسرحية بهذه النهاية السعيدة.

وكانت مسرحية «المنافقين» — المنشورة في هذا الكتاب — الخامسة في ترتيب الكتابات المسرحية لمصطفى ممتاز، وقد اقتبسها عام ١٩٢٠م أيضًا؛ ولكن فرقة عكاشة مثَّلتها يوم ١٢ / ٥ / ١٩٢١ بتياترو حديقة الأزبكية، وكانت من تمثيل: عبد العزيز خليل، وعبد الحميد عكاشة، وأحمد فهيم، وأحمد ثابت، وحسن حبيب، وبشارة واكيم، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي الكبير، وفؤاد فهيم، وأحمد الصغير، وفكتوريا موسى، وفكتوريا سويد. وظلت فرقة عكاشة تعرض هذه المسرحية — على فترات متفاوتة — حتى منتصف عام ١٩٢٤م.٣٨
figure
غلاف مخطوطة مسرحية «المنافقين».

ومسرحية «المنافقين» تدور أحداثها حول حسن بك — الموظف بالمعاش — الذي يعيش في قصره بالريف المصري. ويتصف هذا الرجل بالكرم والعطاء، وعشقه للأصدقاء. وتعيش معه في المنزل زوجته أمينة هانم، وابن عمه فريد، وهو شاب مريض، وكان يعالجه الدكتور زكي. وفي يوم ما قام حسن بك بدعوة بعض الأصدقاء القدامى؛ ليقضوا معه بضعة أيام في الريف. وبالفعل يحضر الأصدقاء؛ وهم: مرسي، وشعبان، ورمضان. ثم يحضر أيضًا أحد المتقاعدين في الجيش — برتبة صاغ — ويقتحم اجتماع الأصدقاء؛ لأنه صديق حسن بك. ولكن حسن لم يتذكره، وخجل أن يسأله عن اسمه، وهكذا انضم هذا الصاغ إلى صحبة الأصدقاء. ومن خلال وجود هذه المجموعة في منزل حسن بك؛ تحدث أحداث كثيرة تتسم بالنفاق والرياء من أجل الاستفادة القصوى من عطف حسن بك، وخيرات منزله. وفي أثناء ذلك يحضر الدكتور زكي كي يباشر علاج فريد؛ فيلاحظ عليه تغيرات كثيرة يعلم — بصفته طبيبه — أنها بسبب الحب. وعن طريق الملاحظة الدقيقة يعلم الدكتور أن فريد يحب أمينة هانم زوجة ابن عمه حسن بك. وأمام هذا الأمر يجتهد الدكتور في إنهاء هذا الحب الذي سيقضي على سعادة المنزل. وفي لحظة انفراد فريد بأمينة نجده يبثها أشواقه وحبه ممسكًا يدها، وهي في ذهول مما تسمع؛ حيث إنها تعامله معاملة الأخ. وهنا يدخل عليهما أصدقاء حسن بك فيرتبكان. وفي اليوم التالي نجد الأصدقاء يخبرون حسن بك بما شاهدوه، وبذلك أدخلوا الشكَّ في قلبه، ونصحوه بأن يفاجئ العشيقين متلبسين، وذلك بأن يخبرهما بسفره المفاجئ إلى العاصمة، وأنه سيأتي غدًا، وفي الليل يحضر ليضبط العاشقين. وبالفعل يقوم حسن بتنفيذ خطة أصدقائه. وبعد عدة مواقف مؤثرة ومتناقضة بين الشك واليقين، استطاع الدكتور زكي — الذي يعلم حقيقة الأمر — أن ينقذ أمينة هانم، وينقذ فريد أيضًا، وتنتهي المسرحية بسفر فريد ليتسلم عمله الجديد في أسيوط، وكذلك سافر جميع الأصدقاء الذين كانوا السبب في زلزلة سعادة منزل حسن بك، وبالأخص الصاغ الذي يكتشف أن حسن بك ليس صديقه القديم؛ فقد تشابهت عليه الأسماء!

وفي عام ١٩٢٢م انتهج مصطفى ممتاز نهجًا جديدًا في الكتابة المسرحية؛ عندما اشترك مع أحمد حلمي سلام في تأليف مسرحية «الخطيئة» — وهي السادسة في الترتيب، ولم ننجح في الحصول على نصها المخطوط — وقد مثَّلتها فرقة أولاد عكاشة يوم ١٩ / ١٠ / ١٩٢٢ بمسرح حديقة الأزبكية، وكانت من تمثيل: فكتوريا موسى، وعبد العزيز خليل ومن إخراجه. أما الأوركسترا فكانت برئاسة الأستاذ عبد الحميد علي. وقد تحدثت بعض الصحف عن مغزى هذه المسرحية قائلة: «هي صفحة حقيقية من صفحات الحياة الاجتماعية؛ تبحث في العوامل التي تدفع بالمرأة إلى مواطن الزلل؛ فتوقعها في الخطيئة. كما تبحث في نفسية المرأة الخاطئة، وجهادها في سبيل العودة إلى الحياة الطاهرة … وهي من نوع الدرام العصري؛ تبحث في كثير من أمراض المجتمع الإنساني، وعلى الخصوص فيما يتعلق بزلَّة المرأة. تلك الجريمة الحائلة؛ التي تقضي على حياتها وسمعتها.»٣٩
وفي عام ١٩٢٣م، اشترك مصطفى ممتاز مع الدكتور وصفي عمر في تأليف مسرحيته الكوميدية السابعة «المرحوم» — المنشورة في هذا الكتاب — وعرضتها فرقة يوسف وهبي — في أول موسم لها — بمسرح رمسيس يوم ٢٩ / ٣ / ١٩٢٣. وقام بتمثيلها كل من: محمد بهجت، وإستيفان روستي، وحسن فايق، وحسين رياض، وسيرينا إبراهيم، وفاطمة رشدي. كما تم عرضها في أبريل بمسرح رمسيس أيضًا، وكانت من تمثيل: يوسف وهبي، وعزيز عيد، وروز اليوسف. وظلت فرقة رمسيس تعرضها — بصورة شبه مستمرة — حتى يناير ١٩٢٤م. وفي يولية ١٩٢٧م عرضتها فرقة رمسيس بكازينو زيزينيا بالإسكندرية. وعرضتها أيضًا في يولية ١٩٣٣م، وفي سبتمبر ١٩٣٤م بمسرح رمسيس الصيفي بمدينة رمسيس بالزمالك. وأخيرًا عرضتها في أغسطس ١٩٣٥م بمسرح كازينو الهمبرا. والفرقة الوحيدة — خلافًا لفرقة رمسيس — التي عرضت هذه المسرحية كانت فرقة نادي المسرح ببورسعيد في أبريل ١٩٣٥م.٤٠
figure
تقرير الرقابة الخاص بمسرحية «المرحوم».

ومسرحية «المرحوم» تدور أحداثها في إطار كوميدي اجتماعي؛ حول أرملة تتزوج بعد وفاة زوجها، ولكنها تظل على وفاءٍ لذكرى المرحوم زوجها الأول، وتحتفظ بصورته في غرفة نومها. أما زوجها فنجده يغضب من تصرف زوجته تجاه زوجها المتوفى، ودائمًا في مشاكل بسبب هذا التصرف من زوجته. وبعد عدة حوادث كوميدية، تكتشف الأرملة أن زوجها المتوفى كان متزوجًا عليها بامرأة أخرى في السودان؛ فتنقلب على ذكرى زوجها المتوفى، وترمي صورته، وتبدأ في مراقبة زوجها الحالي؛ لأنها فقدت الثقة في جميع الرجال. وبسبب هذه المراقبة تحدث مواقف كوميدية داخل الأسرة والعائلة، فنجد الزوجة تشك في زوجها وتفسر جميع تصرفاته بأنها خيانة لها. والزوج كذلك نجده يشك في تصرفاتها، لا سيما عندما يزوره رجال من أقاربه. وتزداد المواقف تعقيدًا عندما تظهر زوجة المرحوم السودانية، بعد أن تزوجت من شقيق بطل المسرحية، زوج الأرملة الحالي. وتتأزم الأمور وتكثر المشاكل بسبب الغَيرة، وأخيرًا تظهر الحقيقية جلية أمام الجميع، بأن الشك والغيرة من أسباب هدم البيوت الهانئة وتنتهي المسرحية بهذا الدرس الأخلاقي.

figure
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية «المرحوم».
المسرحية الثامنة — في ترتيب كتابات مصطفى ممتاز المسرحية — كانت «إيفان»، وعرَّبها ممتاز عام ١٩٢٤م،٤١ وعرضتها فرقة جورج أبيض بدار الأوبرا الملكية يوم ٣٠ / ١٠ / ١٩٢٤م، من تمثيل: دولت أبيض، وحسين رياض، ومنسي فهمي، وأحمد نجيب، وعبد الفتاح القصري، ويوسف حسني، وإحسان كامل، ومحمد توفيق، ومحمد محمد، وإبراهيم الجزار، وعبد المنعم، وجميلة سالم.٤٢

ومن حُسن الحظ أن مسرحية «إيفان» عُرضت وقت ظهور الصفحات الفنية ببعض الصحف، وظهور أقلام نقدية، أصبحت — فيما بعد — أعلامًا في النقد الفني. ولهذا وجدنا بعض المقالات النقدية التي تناولت مسرحية «إيفان»، مثل مقالة محمود كامل في جريدة «السياسة» بتاريخ ١٢ / ١١ / ١٩٢٤، وفيها يوضح الناقد أن المسرحية مترجمَة من الإنجليزية، ويَعيب على مترجمها عدم ذكره لمؤلِّفها الأصلي. ويقول عن المسرحية إنها «تعرض أمام النظارة صفحة فظيعة من استبداد الأشراف، واسترقاق الآدميين في العهد القيصري المشئوم. وهي من النوع الذي أود لو تيسر لمسارحنا شيء منه؛ حتى يشعر جمهورنا بذلك الاشمئزاز والنفور، أو تلك الثورة الحانقة الصاخبة التي تتملَّك المرء، وهو يشاهد أخاه الإنسان يُسام كالبهم والدواب. يُضرب بالسياط، وتُحتقر إرادته إلى الدرجة القصوى، بل لا يفكر في أن له إرادة!»

تعرَّض الناقد بعد ذلك إلى التمثيل؛ فأثنى على حسين رياض الذي فهم دوره جيدًا؛ فكان رزينًا، ومبدعًا في تألمه. كذلك كان بشارة واكيم؛ مع إلفات نظره إلى التفريق بين اللهجتين الروسية، والمصرية. كما نصح منسي فهمي بالابتعاد عن الغرور في تمثيله، ووبَّخ محمد توفي؛ لأنه مثَّل دوره الجدي بصورة هزلية، وشدَّ على ساعدي أحمد نجيب وإبراهيم الجزار مستبشرًا بمستقبل فني باهر لهما. كما أسدى نصيحة لدولت أبيض بعدم قبولها أي دور تشعر بالنفور منه، ووصف تمثيل إحسان أحمد بأنه تراوح بين الطبيعة والتكلف. وأخيرًا تعرض الناقد إلى المناظر (الديكور)؛ فوصفها بأنها «كانت جميلة خصوصًا منظر الفصل الثاني؛ إذ إنه كان يشعر بوجودنا في جوٍّ روسيٍّ بحت.»

figure

ورغم عدم حصولنا على نَصِّ مسرحية «إيفان»؛ إلا أننا وجدنا ملخصًا عنه منشورًا في مجلة «رعمسيس» بتاريخ نوفمبر ١٩٢٤م، جاء فيه: «حدثت وقائع هذه الرواية في روسيا؛ إذ أرسل أحد الأمراء المستعبدين أبناء أحد عبيده إيفان إلى باريس فنبغ، وأصبح فنانًا، واتصل بالكونتس دي موليون، ودافع عنها … وحدث أن أصبح الكونت كاراكوف وريث الأمير الروسي — ولي نعمة إيفان — فاستدرج إيفان إلى روسيا بمساعدة والد إيفان «خور»، وهناك سَامَه وعشيرته سوء العذاب. وأراد الأمير كاراكوف أن يثأر لنفسه فدعا الكونتس «عشيقة إيفان» لزيارته، وأطلعها على حقيقة إيفان. وحاول خور والد إيفان نسف البرج الذي كان يقيم فيه الكونت وآله وإيفان والكونتس. غير أن روبير صديق إيفان — ضيف الكونت — قتله، وهو يعطي الإشارة بنفسه. وقبل أن يموت خور اعترف بأن إيفان هو وارث الإمارة الشرعي؛ لأنه ليس ابنه بل ابن الأمير السابق، فنادوا بحياة إيفان، وأعلنت الكونتس زواجها منه.»

المسرحية التاسعة — في ترتيب إنتاج مصطفى ممتاز المسرحي، وآخر مسرحية تُمثَّل له على المسارح المصرية — كانت مسرحية «خاتم سليمان» التي اقتبسها بالاشتراك مع حسين توفيق الحكيم عام ١٩٢٣م، وعرضتها فرقة أولاد عكاشة يوم ١٦ / ١١ / ١٩٢٤ بمسرح حديقة الأزبكية، من تلحين كامل الخلعي، وتمثيل كلٍّ من: زكي عكاشة، وعلية فوزي، وعبد الحميد عكاشة، ومحمد بهجت، وعبد الله عكاشة، وعبد المجيد شكري، ومحمود خطاب. وظلَّت فرقة عكاشة تعرضها — بصورة غير مستمرة — حتى مايو ١٩٢٦م.٤٣

ورغم فقدان نص مخطوطة مسرحية «خاتم سليمان»؛ إلا أن المرحوم سمير عوض نشر مُلخَّصًا لأحداثها في كتابه «مسرح حديقة الأزبكية» ١٩٨٣م، فأبان أن أحداثها تدور في إحدى المدن العربية القديمة؛ حول الفارس الشجاع سليمان؛ الذي يتمتع بخفة روح عالية جعلته يعيش في لهو، ودعابة دائمة مع النساء والفتيات. وفي إحدى المرات يقع في حب الجارية بدور، وأثناء تقبيله لها يضبطه الأمير فيأمر بزواجهما، ويوافق سليمان على مضض؛ لأن الزواج سيحرمه من حياته اللاهية. وفي هذا الوقت يرسل الأمير ولي عهده إلى ميدان القتال بشرط أن يرافقه سليمان، ومؤدب ولي العهد أيضًا. وهنا تحدث مواقف كوميدية كثيرة؛ حيث إن المؤدب كان متزوجًا سرًّا من بَهانة، وهي امرأة لعوب تعشق الإيقاع بالرجال ومغازلتهم. وعندما يقوم سليمان بمغازلتها أمام زوجها المؤدب؛ نجد المؤدب يكظم غيظه، ولا يستطيع البوح بأنه زوجها. وعلى الجانب الآخر نجد بدور تصر على الذهاب مع سليمان إلى المعركة كي تتزوجه، ولكنه يهرب منها قائلًا: إذا استطعتِ أن تحصلي على الخاتم الموجود في أصبعي سأتزوجك. وأمام هذا التحدي نجد بدور تتنكر في زي فارس، وترافق سليمان باعتبارها الأخ الأكبر لبدور. وأمام الشبه الكبير بين بدور، وهذا الفارس نجد سليمان يحتار في الأمر. ولكن بدور، أو الفارس يستطيع أن يكسب صداقة سليمان، ويوهمه بأنه على استعداد لأن يمهد الطريق بينه وبين بهانة، فيوافق سليمان. وهنا تتفق بدور مع بهانة على لقاء خارج منزلها؛ لأن بهانة معجبة بهذا الفارس — أي بدور — وتتفق في الوقت نفسه مع سليمان بأن بهانة تنتظره في منزلها. وفي الموعد المحدد، وعندما تتأكد بدور من خروج بهانة من منزلها؛ تدخل هي، وتتنكر في زي بهانة فيحضر سليمان، ويقضي وقتًا طويلًا في ممارسة الغرام معها على أنها بهانة، التي طلبت منه خاتمه الثمين دليلًا على حبه لها. وهكذا استطاعت بدور أن تحصل على خاتم سليمان. وبعد مواقف مضحكة كثيرة — قامت على سوء الفهم — تظهر الحقيقة، ويعلم سليمان أنه قضى وقت غرامه مع بدور، وأن ابنها الذي وُلد هو ابنه. وتنتهي المسرحية بزواج سليمان من بدور.

وحول نقد هذه المسرحية، كتب الناقد جمال الدين حافظ عوض مقالة في جريدة «كوكب الشرق» بتاريخ ٢٥ / ١١ / ١٩٢٤، أوضح فيها وجهة نظره في: الممثلين، والإضاءة، والديكور. كما عبَّر عن رأيه في حُسن اقتباس المسرحية قائلًا: «… وأحب أيضًا أن أقول إن اقتباس الأستاذ مصطفى ممتاز كان حسنًا، فلم يملأها بالنكات السخيفة والألفاظ البذيئة … بل إنه حافظ على الوسط الذي مُثِّلت فيه الرواية، بحيث لم يكن هناك شيء يَمجُّه الذوق أو الأدب، وهذه ميزة كبيرة.» والملاحظ على هذا القول أن الناقد لم يذكر توفيق الحكيم شريك مصطفى ممتاز في الاقتباس، ووجَّه كلامه نحو مصطفى ممتاز فقط؛ وكأنه المقتبس الوحيد للمسرحية، أو على أقلِّ تقدير كان المقتبس الأساسي للمسرحية! وهذا الأمر يؤيد وجهة نظرنا — التي تحدثنا عنها سابقًا — بأن مصطفى ممتاز كان الأساس في اقتباس هذه المسرحية، أما الحكيم فكان الفرع.

figure
غلاف مخطوطة مسرحية «خاتم سليمان».

ومن المسرحيات المجهولة لمصطفى ممتاز، مسرحية «جلنار بين ثلاثة رجال» — وهي العاشرة في ترتيب كتاباته المسرحية، والمنشورة في هذا الكتاب أيضًا — وقد أهدتنا صورة نصها المخطوط السيدة ابتسام قائلة: «إنها مسرحية مؤلَّفة، وقد نقلتها بخط يدي عام ١٩٤٣م من أصل المخطوطة الخاصة بوالدي المرحوم مصطفى بك ممتاز.» وهذه المسرحية لم ننجح في الحصول على أية معلومة عنها من حيث تاريخ تأليفها، أو تمثيلها. ورغم ذلك نزعم أنها أُلِّفت في فترة العشرينات من القرن العشرين، وأنها أُلِّفت من أجل تمثيلها من قِبل فرقة عكاشة، حيث إن موضوعها يتشابه إلى حد كبير مع عروض فرقة عكاشة المسرحية في تلك الفترة.

figure
غلاف مخطوطة مسرحية «جلنار بين ثلاثة رجال».

ومسرحية «جلنار بين ثلاثة رجال» تدور أحداثها حول الراقصة النَّوَرية «جلنار»، التي تتقابل مع الوزير «بهروز» فيتنبأ لها بمستقبل عظيم، حيث لاحظ منها السعي نحو التطلع إلى مصافِّ الشرفاء؛ لذلك استغل هذا الوزير جميع من حوله في سبيل الاستيلاء على حُكم البلاد. فنجده يفتعل مشاجرة بين حراس الأمير وبين صديقه الفارس المغوار «قطبزار» حول فتًى اسمه «بهادر» ظلمه الحراس. وعندما ينتصر الفارس يستصدر الوزير أمرًا من الأمير بإعدامه الساعة السابعة؛ لأنه قاوم حراس الأمير. وفي الوقت نفسه قام الوزير بتدبير خطة كي يقع الأمير في حب «جلنار»، ويَعِدُ الوزير الأمير بأنه سيجعلها محظيته. ومن ناحية أخرى بدأ الوزير بالتلميح إلى الأميرة بأن زوجها الأمير يخونها. وقبل موعد تنفيذ الإعدام على قطبزار، يحضر إليه الوزير ويقنعه بضرورة زواجه من امرأة تطلب اسمه، حيث إنها بلا اسم أو حسب أو نسب، وهذه خدمة بسيطة لهذه المرأة، طالما أنه سيموت بعد نصف ساعة، فيقبل قطبزار هذا الاتفاق طالما أنه في سبيل الخير. وبالفعل يتم الزواج، دون أن يرى قطبزار المرأة، التي كانت منقبة بنقاب كثيف. وعندما تحين لحظة الإعدام رميًا بالرصاص، يقوم الفتى «بهادر» برد الجميل لقطبزار فيبدل الرصاص الحقيقي برصاص آخر يحدث صوتًا، وعندما يسمع قطبزار صوت الرصاص يسقط سقطة تمثيلية، باعتباره ميتًا. ويبدأ الوزير في استكمال خطته؛ حيث يقنع جلنار بأن زوجها — الذي عَقد قرانها — هو أمير البلاد وقد اتخذ لها بيتًا في الغابات، وأقنع الأمير أن جلنار أصبحت محظيته وسيقابلها اليوم. وفي الوقت نفسه ذهب إلى الأميرة وأخبرها بأن الأمير زوجها في أحضان محظيته، وبذلك يتخلص من الجميع ليستولي على الحكم. ولكن يظهر قطبزار في الوقت المناسب ويكشف حقيقة الوزير أمام الجميع، ويوقع عليه العقاب قتلًا، ويعود الأمير إلى زوجته، ويعود قطبزار إلى جلنار، بعد أن منحه الأمير لقب حاكم العاصمة، وتنتهي المسرحية.

figure
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية «جلنار بين ثلاثة رجال».

ومن الكتابات المسرحية المجهولة أيضًا لمصطفى ممتاز مسرحية «أصدقاء أم أعداء» — وهي الحادية عشرة في الترتيب — التي اقتبسها من الفرنسية هوراس ويجان، ومن ثَمَّ عرَّبها مصطفى ممتاز، وأهدتنا صورة من نصها المخطوط، ابنة مصطفى ممتاز السيدة ابتسام. وهذه المسرحية — بناء على مخطوطتها — نزعم أنها عُربت — أو بالأحرى تُرجمت — عام ١٩٢٠م؛ من أجل تمثيلها من قِبل فرقة أولاد عكاشة. وربما حدثت بعض الظروف منعت تمثيلها بصورتها المترجمة، فأعاد ممتاز كتابتها بأسلوب الاقتباس وأطلق عليها اسم «المنافقين»، وتمَّ عرضها عام ١٩٢٠م، من خلال فرقة أولاد عكاشة، وقد تحدثنا عنها سابقًا. وبسبب التشابه الكبير بين ترجمة مسرحية «أصدقاء أم أعداء» واقتباس مسرحية «المنافقين»، هذا التشابه الذي يصل إلى حد التطابق، قررنا عدم نشر مخطوطة مسرحية «أصدقاء أم أعداء» في هذا الكتاب، واكتفينا بنشر مسرحية «المنافقين»، باعتبارها المسرحية التي مُثلت على خشبة المسرح، خلافًا لمسرحية «أصدقاء أم أعداء» التي لم تُمثَّل.

figure
غلاف مخطوطة مسرحية «أصدقاء أم أعداء».

هذه تفاصيل كتابات مصطفى ممتاز المسرحية؛ التي استطعنا الحصول عليها؛ ناهيك عما عجزنا عن الوصول إليه، أو كتاباته الأخرى المجهولة والمفقودة؛ التي ربما يحصل عليها باحث آخر مستقبلًا. ومسرحيات مصطفى ممتاز التي كُتبت في الفترة من عام ١٩١٧م إلى عام ١٩٢٣م؛ تجعل منه كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا، وفق معايير كُتَّاب المسرح في تلك الفترة. فمصطفى ممتاز باعتباره كاتبًا مسرحيًّا، كان يقف على قدم المساواة مع كُتَّاب المسرح المعاصرين له في هذه الفترة أمثال: إبراهيم المصري، وإسماعيل وهبي، وإلياس فياض، وأمين صدقي، وجورج طنوس، وحسن فايق، وخليل مطران، وعباس حافظ، وعباس علام، وعبد الحليم دلاور، وعبد العزيز حمدي، وعزيز عيد، وعمر عارف، وفرح أنطون، ومحمد تيمور، ومحمد عبد السلام الجندي، ومحمد عبد القدوس، ومحمد مسعود، ومحمود مراد، ويونس القاضي.

ومما يؤيد هذه المكانة أن أعظم الفرق المسرحية المصرية كانت تعرض مسرحياته؛ ففرقة أولاد عكاشة كان لها النصيب الأكبر في عرض مسرحيات مصطفى ممتاز، وكانت تعرضها وهي في أوج نشاطها الفني، بل كانت فرقة عكاشة في هذه الفترة من أكبر الفرق المصرية وأشهرها، وكانت الفرقة الكبرى الوحيدة في بعض الأحيان عندما كانت تعرض مسرحيات مصطفى ممتاز. فعلى سبيل المثال: عندما عرضت فرقة عكاشة مسرحيتيه «أنجومار»، و«الشريف الطريد» عامي ١٩١٧ و١٩٢٠م، كانت عكاشة الفرقة الأقوى، التي لم تجد منافسة تُذكر من قِبل الفرق الأخرى أمثال: فرقة علي الكسار، وفرقة أمين صدقي، وفرقة نجيب الريحاني، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة جورج أبيض.

وعندما مثَّلت فرقة عبد الرحمن رشدي مسرحية ممتاز «عبد الرحمن وعمر»، كانت أقوى فرقة على الساحة عام ١٩٢٠م. كذلك الحال عندما مثَّلت فرقة رمسيس مسرحيته «المرحوم» — في أول موسم لها عام ١٩٢٣م — كانت فرقة رمسيس طوفانًا فنيًّا اجتاح الساحة المسرحية، ولم تقوَ أية فرقة مسرحية أخرى أن تقف في وجه هذا الطوفان فترة طويلة. وأخيرًا نجد فرقة جورج أبيض عندما مثَّلت مسرحيته «إيفان» عام ١٩٢٤م؛ كانت أهم فرقة مسرحية في هذا العام بالنسبة للفرق المسرحية الأخرى. وهذا الأمر إن دلَّ فإنما يدل على أن الفرق المسرحية كانت تسعى لعرض أفضل النصوص المسرحية لأفضل الكُتَّاب المسرحيين، الذي كان مصطفى ممتاز أحدهم. كذلك يجب الإشارة إلى أن معظم مسرحيات مصطفى ممتاز تمَّ عرضها على خشبة أشهر المسارح المصرية في ذلك الوقت، وهو مسرح دار الأوبرا؛ دلالةً على قيمة النص المسرحي، وأهمية الفرقة التي تعرضه.

وتأكيدًا لقيمة كتابات مصطفى ممتاز المسرحية، وتهافت الفِرَق المسرحية عليها، وإقبال الجمهور على مشاهدتها، أنه في شهر أبريل ١٩٢٣م فقط، عرضت أكثر من فرقة مسرحية نصوصًا له. ففرقة رمسيس عرضت له مسرحية «المرحوم»، وعرض أعضاء النادي الأهلي الرياضي مسرحيته «عبد الرحمن وعمر»، وعرضت فرقة عكاشة مسرحيتيه «المنافقين»، و«الخطيئة».٤٤ وهذا الأمر تكرر أكثر من مرة؛ دلالةً على أن مصطفى ممتاز كان في هذه الفترة كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا، وظل هكذا حتى توقف عن الكتابة المسرحية.٤٥

مصطفى ممتاز شاعرًا

إذا كُنَّا في الصفحات السابقة تحدثنا عن كتابات مصطفى ممتاز المسرحية، وأحصينا عدد مسرحياته غير المنشورة حتى الآن، فهذا كان من منطلق ما كُتب عنه في السابق بأنه اشترك مع توفيق الحكيم في اقتباس مسرحية «خاتم سليمان»؛ أي إننا انطلقنا من معلومة معروفة عنه بوصفه كاتبًا مسرحيًّا رغم عدم وجود أي نص مسرحي منشور له من قبل! وربما يتعجب القارئ — في هذا الموضع — عندما نتحدث عن مصطفى ممتاز باعتباره شاعرًا؛ لأن هذه المعلومة غير معروفة عنه، ولم يتحدث بها أي إنسان من قبل. وربما يزداد القارئ تعجبًا عندما يعلم أن مصطفى ممتاز كان شاعرًا، قبل أن يكون كاتبًا مسرحيًّا! ومن المحتمل أن تَعجُّب القارئ سيصل إلى الذروة؛ عندما يعلم أن العمل الوحيد المنشور لمصطفى ممتاز كان ديوانه الشعري!

فأثناء البحث عن اسم مصطفى ممتاز في فهارس دار الكتب المصرية، فوجئت بوجود اسمه على بطاقة ديوان شعري بعنوان «ديوان ممتاز». وعندما طلبت الاطلاع على الديوان وجدت صعوبة بالغة في ذلك؛ بسبب وجود نسخة وحيدة منه فقط، وهي نسخة صغيرة الحجم، متهالكة الأوراق؛ بسبب مرور ما يقرب من تسعين عامًا على نشرها. ومع الإلحاح في الطلب، والإصرار وراء المعلومة؛ أُجيب إلى طلبي بصعوبة بالغة. وربما هذا الأمر لن يتكرر مرة أخرى، فحاولت جاهدًا أن أنقل من الديوان ما عنَّ لي نقله؛ ربما يأتي اليوم ويَبلى الديوان تمامًا، ولم يبقَ منه إلا ما استطعت نقله، ونشره في هذا الكتاب! و«ديوان ممتاز» جاء على غلافه الآتي:

ولهذا الديوان مُقدِّمة، قال فيها مصطفى ممتاز:

وبعد، فهذا ثمرة ما خطَّته يميني في أوقات الفراغ. لم أخرجه فخرًا بوجود اسمي بين أرباب الأقلام، فما أنا من أبطال ذلك الميدان، ولست سوى غامس يراعه مع الغامسين، وكاتب مع الكاتبين. آنست من وقتي فراغًا، فلم أشأ أن أضيعه سدًى، فتناولت القلم وغمسته هنا وهناك؛ فكانت الثمرة هذا الديوان. وإني آمل غض الطرف عن الزلات، والتماس المعذرة لدى الهفوات فالعصمة لله وأنبيائه والله ربي وهو مولاي ونعم النصير.

وإذا تتبعنا ما قمنا بنقله واختياره من قصائد الديوان، سنجد قصيدة وطنية بعنوان «سلمى ومصر». وفيها يحثُّ الشاعر الشباب على ترك الغرام، وما ينتج عنه من شقاء وعناء، ويدعوهم إلى تحمل هذه المشقة في سبيل حُب وطنهم مصر. وفي ذلك يقول:٤٦
ما كنت آمل أن سلمى في الهوى
تقضي كما شاءت لها الأهواء
صرمت حبالي بعد حب قاتل
ومضت كظبي هَالَه الأعداء
لم تدرِ أني في الغرام أسيرها
يا ويحها قد حلَّتِ البلواء
هذا جزاء العاشق المفتون يا
قومي وإنَّ الهجر بئس جزاء
آمالنا في الفاتنات وإنهن
إذا صرمن الحبل فهي هباء
لا ترغبوا في العيش إن كان الهوى
أسرَ النُّهى إن الحياة عناء
قوموا لخدمة مصركم وتطوعوا
في حبها يا [أيها] الأبناء
لبُّوا نِداها واستعيضوا في الهوى
سلمى بمصرٍ فالغرام سواء
بل إن حبَّ بلادكم خيرٌ لكم
فيه التعاسة والشقاء هناء
ومن شعره الوصفي مقطوعة بعنوان «غروب الشمس على ساحل البحر»، وهي من ثلاثة أبيات يصف فيها منظر غروب الشمس مستدعيًا طاقات الغزل الحسي الممكنة، قائلًا فيها:٤٧
تحاكي وجنة الحسناء لونًا
وقد مالت بنا نحو الغروب
تورَّد خدُّها لما التقينا
تودِّعنا إلى أمدٍ قريب
تناثر دمعه مثل اللآلي
ليطفئ من أساها والنحيب
ومن قصائده الوطنية قصيدة بعنوان «ملوك الاستبداد»، نجتزئ منها هذه الأبيات التي تتحدث عن تواري عروش الظلم واندحار زمان الاستعباد والاستبداد:٤٨
زمن التجسس والتعسف قد مضى
وأتى زمان للشعوب موالي
يا ربَّ تاجِ المُلك مهلًا لا تَهِم
في المنكرات وسيِّئ الأعمال
لا يخدعنَّك زخرف الملك الذي
عما قليل ينتهي بزوال
لا يخدعنَّك تاجك الذهبي لا
تَغْتَرَّ فالأيام في ترحال
كم من ملوك شيدوا مجدًّا على
عسف فبات المجد طيف خيال
لم يُغنِ عنهم تاجهم شيئًا ولم
ينفعهم الجاسوس في الأهوال
زالت بطانتهم وساءت حالهم
واللهُ لا يرضى بسوء فعال
ومن الواضح أن مصطفى ممتاز تعرَّض في شبابه إلى تجربة ما، كانت من نتيجتها اليأس الشديد، فكتب قصيدته «البائس»، وفيها نراه محطَّمًا قد سأم حياته ويتمنى الموت بسبب ما لاقاه من ضربات الزمن التي هدَّت من عزيمته وسببت له الشقاء والعثرات، قائلًا:٤٩
ما لي أراني قد سئمت حياتي؟!
ما لي أراني قد وَددتُ مماتي؟!
ما بال دهري بِالْعَنا يلقاني؟!
ما لي أراني زائدَ النكبات؟!
ما لي أرى عيني تسيل دموعها؟!
ما لي أراني ذابل الوجنات؟!
ما لي أراني بائسًا أشكو الشقا؟!
ما لي أراني ساكب العبرات؟!
ما هذه الأرزاء يا ربي وما
هذا البلاء المحكم الحلقات؟!
يا ويح من بات الزمان خصيمه
مثلي فيغدو عاثر الخطوات!
وله قصيدة حماسية وطنية بعنوان «مصر»، قال فيها:٥٠
أبناء وادي النيل طال سباتكم
قوموا فأحيوا دارس العرفان
رُدُّوا إلى مصر الأسيفة مجدها
كونوا لها من خِيرة الولدان
صونوا حِماها وارفعوا من ذكرها
سيروا فأنتم في حِمى الرحمن
إن العلا قد بات يخطب ودكم
والنيل يرجو الخير في الشبان
أيطيب نوم والبلاد أسيرة
للجهل هل ترضون بالخسران؟!
قوموا انهضوا ببلادكم لا تكسلوا
هُبُّوا فليس الدهر بالوسنان
والله يعلم أنها فَخرت بما
سلبت من الشرقي من عرفان
سلبت بضاعتكم وباعتها لكم
يا شرق فاذكر غابر الأزمان
أين الفخار وأين مجدك في الورى؟
بل أين ما قد حُزْتَ من تيجان؟
بالأمس كان الشرق يرفع رأسه
فخرًا بما [قد] حاز من سلطان
واليوم يخجل من خمول رجاله
وجمودهم أدَّى إلى الخذلان
قد ضاع ما ورثوه عن آبائهم
وفخارهم قد بات في الأكفان
وله قصيدة يصف فيها حال العصفورة في قفصها، عنوانها «سجينة الأقفاص»، ولعله اتخذها رمزًا لمرموز في نفسه، يقول فيها:٥١
أسفي على مسجونة الأقفاص
حُبست لتنشد رائعَ الألحان!
ما كان يحلو أن تقيم سوى على
زهر جميل أو على الريحان
مطلوقة تجري وراء سرورها
صُنعت لها الأقفاص من عيدان
لسرورهم سجنت فوا أسفي لها
تبكي فيطربهم صدى الأحزان!
قد خلَّفت بين الخمائل إلفها
يشكو من الهجران والأشجان
أو ربما جارت عليه حبالهم
فغدا الأسير وبِيعَ بالأثمان
لله ما أقسى قلوبًا ترتضي
إذلال رَبِّ الزهر والأغصان!
أسجينة الأقفاص ذنبك نغمة
سجدت لها الأزهار في الوديان؟!
لولا جمال الصوت ما حل
الشقا وأُسِرتِ تشتاقين للخلان
إني لأشفق يا سجينة أنني
أَقضي من الأحزان والتحنان
كم من دموع قد ذرفت سجينة
تُنبي بأن بكاك فيه هواني!
إني لأرغب في الصوارم وقفها
لا أن يحلَّ بكاك في آذاني
وله «قصيدة مدح للصديق علي البحراوي أفندي»، وهي من إخوانياته، قال في أولها:٥٢
مدحتك لا أرجو الثناء ولا الجَزا
لكن رأيتك بالمديح جديرا
لك في الفؤاد مكانةٌ لفضائل
زانتك مذ في المهد كنت صغيرا
وله قصيدة في الموت عنوانها «غدًا لرهين الموت»، وفيها تبدو نزعة روحية خاشعة تذكِّرنا بأشعار الزُّهَّاد والعُبَّاد والنُّسَّاك، يقول فيها:٥٣
غدًا أُسقى كئوسًا للمنايا
غدًا تبكي على قبري صحابي
غدًا تبكي العيونُ نحيلَ جسمي
غدًا أغدو قرينًا للتراب
ألا يا موت رفقًا كن رحيمًا
دعِ الشبان تلهو في الشباب
غدًا تَدْمَى عيون الأم حزنًا
غدًا يقضي إلهي بالحساب
أيا أماه لا تبكي كثيرًا
فإن الموت حقٌ لا تهابي
وما خطب المنايا غير كأس
ويُسقى الكلُّ من ذاك الشراب
وله قصيدة عاطفية بعنوان «حقيقة الهوى»، يتحدث فيها عن تجربته العاطفية وما اكتنفها من عذاب وألم وفراق ومرارة، يقول فيها:٥٤
نظرت وراشت من لحاظ عيونها
سهمًا أصاب القلب والأحشاء
يا هند رفقًا فالغرام رأيته
سامَ المتيَّم في البعاد بلاء
يا هند إنْ ربي بحبك قد قضى
فتحكَّمي وتتبعي الأهواء
فأنا رهين للتعذُّب والأسى
ورهينُ أمركِ في الهوى إن شاء
وتعسَّفي لا ترحميه إذا الهوى
يا هند رام تعاسةً وعناء

•••

إن الحسان إذا نظرن إلى الفتى
لم يتخذ دونَ السهام وِقَاء
وتراه يسمح أن يقيم بقلبه
حبُّ الظبا والحبُّ كان شقاء
كم فيه يشقى والسهاد وجفنهُ
عَقَدا — ويا بئس الفعال! — إخاء
وحبيبة القلب الشقيِّ عن الفتى
رغبت كأن العهد كان هباء
قد خلَّفت هدفَ السهام بحبه
يبكي ويشكو الإله جفاء
لكنه في الحب قد نال
الجَزا زرَّاع شوكٍ لا ينال هناء
وآخر قصيدة اخترتها من ديوانه٥٥ قصيدة رثاء المرحوم جده إبراهيم باشا ممتاز مدير قسم الإدارة بنظارة الداخلية المتوفى يوم الثلاثاء ٢٤ / ١ / ١٩١١م، وفيها يقول:٥٦
استرسل الدهر في الطغيان والنكد
لم يَصْفُ يومًا ولم يُشفق على أحد
قد ضاق صدري وبات الدهر يظلمني
لم يتخذ في الورى مرمًى سوى كبدي
أفراحه أن يبيت الحزن يُقلقني
وإن أردت عزاء النفس لا أجد
لما رغبت هناء العيش داهمني
بموت جدي فزاد القلب في الكمد
عزَّ المصاب وبات الصبر مرتحلًا
والقلب منصدع يا دهر فاتئد
جرَّعتني من كئوس العيش كل أسًى
همًّا وحزنًا وأرزاءً بلا عدد
ومن الجدير ذكره أن مصطفى ممتاز كان يُضمِّن بعض مسرحياته قطعًا شعرية حوارية، مثل مسرحيات: «أنجومار»، و«المنافقين»، و«جلنار بين ثلاثة رجال». كما كان يسهم بأشعاره في مسرحيات الآخرين؛ فعلى سبيل المثال: كتب عباس علَّام تنبيهًا في نهاية مسرحيته «عبد الرحمن الناصر» المنشورة عام ١٩٢٠م، قال فيه: «الأغاني التي وردت في الفصول الثلاثة الأولى من وضع الأديب المعروف مصطفى ممتاز، أما ما ورد في الفصلين الأخيرين فمن الآثار الأندلسية.»٥٧ وإسهام مصطفى ممتاز في هذا العمل، تمثَّل في القطع الآتية:
الوصائف (يسمع أولًا نشيدهن، وهن مقبلات) :
ما لذَّتي وانشراحي
إلَّا نسيم الصباح
فهو خمري وهو راحي
وهو ريحان النفوس

(وهنا يدخلن المسرح.)

هذي الرياض الناضرة
فيها البلابل حائرة
بين الزهور الزاهرة
تشكو لرب المغفرة
فِعل اللواحظ والعيون
الزهراء (مشيرة إلى الطير الذي في القفص، وكانت تتأمل فيه) :
انظروا، ربَّاه هذا
بلبل يشدو، لماذا؟
هل هوى وما استعاذا
لم يجد خيرا ملاذا
غير ذا الدمع الهتون؟
الوصائف :
دعيه في الهوى، وهيا
نقطف الورد سويَّا
ينشر العَرْف الذكيا
يملأ القلب الخليَّا
من هيام وشجون٥٨
الوصائف :
حيُّوا الهوى والغراما
بالدلال
يزدد الصبُّ هياما
بالوصال
وارتعوا في كل قلب
باختيال
واستبيحوا كلَّ لب
بالجمال
البستاني :
يا ظباة القصر يا ذات السَّنا
حسبك هجري
قد مضى بين الأمانيِّ المنى
زهرة العمر
كم تحمَّلت التجافي والعَنا
في الهوى العذري
فارحميني وانظري كيف أنا!
تكسبي أجري
الزهراء (مهتزة طربًا، تجيبه منشدة) :
يا عاشقًا يشكو الهوى
والزمان
اصبر على مرِّ النوى
والهوان٥٩
الناصر :
ماذا يكون جوابكم لنبيكم
وطريق هذا العذر غير ممهَّد؟٦٠
إن قال: لم فرَّطتمو في أمتي
وتركتموهم للعدوِّ المعتدي؟!
تالله لو أن العقوبة لم تُخَفْ
لكفى الحيا من وجه هذا السيِّد!
الجند :
جمرة الحرب تلظَّت
فانفخوها٦١
وادفعوا جند عِداكم
يصطلوها
كلما خفَّ لهيب
أجِّجوها
ذلكم خير قِصاص
أشعلوها
الناصر :
هيَّا أيها الأبطال، هيَّا
إن فخاركم تحت البنود٦٢
شُقُّوا بالسيوف لكم طريقًا
إلى النصر الأغر أو اللحود
فإما نِلْتمُ العليا جميعًا
وإلا نلتمو أجر الشهيد

ويبدو للقارئ من هذا التجوال في طائفة من قصائد ممتاز ومقطوعاته أنه نوَّع في موضوعاته تنويعًا واضحًا، فقد طرق جوانب الشعر التقليدية من غزل وفخر ومدح ورثاء وعتاب واستعطاف وإخوانيات ونحوها، وامتدَّ شعره ليتحدث عن جوانب وطنية وإنسانية جديدة، فقد كان ممتاز متيَّمًا بحب مصر، مخلصًا لبنيها، وخرج ليحدثنا عن عواطفه الإنسانية وتجاربه الذاتية المختلفة.

النتائج

من خلال دراستنا «مصطفى ممتاز يُبعث من جديد»، ومن خلال تمهيد هذه الدراسة؛ نستطيع استخلاص النتائج الآتية:
  • (١)

    تفتَّحت موهبة توفيق الحكيم المسرحية في مصر عام ١٩٢٣م — لا في باريس كما يقول البعض — علي يد مصطفى ممتاز مُكتشف هذه الموهبة ومُحركها الأول.

  • (٢)

    كتبت مجلة «المسرح» عام ١٩٢٧م عدة مقالات عن أسلوب وطريقة كُتَّاب المسرح في هذه الفترة، ومن هؤلاء الكُتَّاب كان توفيق الحكيم ومصطفى ممتاز، فأبانت المجلة أن أسلوب الحكيم في الكتابة المسرحية يتشابه مع أسلوب مصطفى ممتاز؛ مما يدل على أن مصطفى ممتاز هو المؤثر، والحكيم هو المتأثر، وليس العكس كما ظن بعض الكُتَّاب والنُّقَّاد.

  • (٣)

    ظن بعض الكُتَّاب والنقَّاد أن توفيق الحكيم اقتبس مسرحية «خاتم سليمان» عام ١٩٢٣م، وأشرك معه — في اقتباسها — مصطفى ممتاز؛ رغم أن العكس هو الصحيح، حيث اقتبس ممتاز هذه المسرحية وأشرك معه الحكيم في اقتباسها؛ أي إن مصطفى ممتاز هو الأصل، وتوفيق الحكيم هو الفرع.

  • (٤)

    مسرحية «خاتم سليمان» هي أول مسرحية مُمثَّلة يشترك توفيق الحكيم في اقتباسها، وليس — كما قال الحكيم، وبعض الكُتَّاب والنقَّاد أنها — مسرحية «العريس». وهذا يعني أن بداية الحكيم في الكتابة المسرحية كانت على يد مصطفى ممتاز باعتباره موجهًا للحكيم في هذا الفن. وبمعنى آخر: إن توفيق الحكيم تأثر بأسلوب مصطفى ممتاز وتوجيهاته المسرحية، قبل أن يخط الحكيم سطرًا واحدًا في إبداعه المسرحي المعروف.

ومن خلال محور «مصطفى ممتاز موظفًا حكوميًّا»، نستطيع استخلاص النتائج الآتية:
  • (٥)

    الاسم الحقيقي لمصطفى ممتاز هو: مصطفى محمود فهمي محمود فهمي، المولود يوم ١٤ / ٩ / ١٨٩٢. وحصل على شهادة الابتدائية عام ١٩٠٧م، وعلى شهادة البكالوريا (الثانوية) عام ١٩١٢م. ولم يستكمل دراسته العُليا بمدرسة المعلمين الخديوية؛ بسبب ضعف في بصره، وحاول مرة أخرى الالتحاق بمدرسة الحقوق السلطانية؛ ولكن أعباء الوظيفة والأسرة منعته من تحقيق ذلك.

  • (٦)

    بدأ العمل الحكومي موظفًا صغيرًا بمصلحة خفر السواحل بالإسكندرية عام ١٩١٣، ثم رئيسًا للإدارة بمحافظة السويس عام ١٩٢٥م، ثم رئيسًا لقلم الجنايات الإفرنجي بحكمدارية بوليس مدينة مصر عام ١٩٢٩م، ثم رئيسًا لقلم تعيين العُمد والمشايخ عام ١٩٣٥م، ثم وكيلًا لإدارة الشياخات عام ١٩٤٢، ثم مديرًا لإدارة المحفوظات والتوريدات والطباعة عام ١٩٤٦، وأُحيل إلى المعاش عام ١٩٥٢م، وتوفى يوم ٨ / ٨ / ١٩٦٤.

ومن خلال محور «مصطفى ممتاز كاتبًا مسرحيًّا»، نستطيع استخلاص النتائج الآتية:
  • (٧)

    استطعنا إحصاء إحدى عشرة مسرحية لمصطفى ممتاز — غير منشورة — تنوعت بين: التأليف، والتعريب، والترجمة، والاقتباس … كتبها ممتاز في الفترة بين ١٩١٧–١٩٢٣م، وهي: «المرأة الفاتنة»، و«أنجومار»، و«الشريف الطريد»، و«عبد الرحمن وعمر»، و«المنافقون»، و«الخطيئة»، و«المرحوم»، و«إيفان»، و«خاتم سليمان»، و«جلنار بين ثلاثة رجال»، و«أصدقاء أم أعداء».

  • (٨)

    استطعنا الحصول على ستة نصوص مخطوطة من مسرحيات مصطفى ممتاز، نشرنا في هذا الكتاب خمسة منها، هي: «أنجومار»، و«عبد الرحمن وعمر»، و«المنافقون»، و«المرحوم»، و«جلنار بين ثلاثة رجال». ولم ننشر مسرحية «أصدقاء أم أعداء»؛ لأنها نسخة مترجمة عن مسرحية «المنافقين» المقتبسة.

  • (٩)

    أول مسرحية عرَّبها مصطفى ممتاز عام ١٩١٧م، كانت مسرحية «المرأة الفاتنة»، وأعلنت فرقة أولاد عكاشة استعدادها لتمثيلها. ولم نستطع الحصول على نص مخطوطة هذه المسرحية، كما أننا لم نحصل على دليل يؤكد تمثيلها في هذه الفترة.

  • (١٠)

    المسرحية الثانية كانت «أنجومار» — المنشورة في هذا الكتاب — وأنهى ممتاز تعريبها يوم ٥ / ٢ / ١٩١٧م، ومثَّلتها فرقة أولاد عكاشة — لأول مرة — بدار الأوبرا السلطانية في نوفمبر ١٩١٧م. وقام بتمثيلها: محمد عبد القدوس، ومريم سماط، وفكتوريا موسى، ومحمد بهجت، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي، وتوفيق ظاظا، ولطيفة حجازي، ولبيبة فارس، وحسن حبيب. وكانت منيرة المهدية تغني بين فصول تمثيلها في بعض الحفلات.

  • (١١)

    المسرحية الثالثة التي عرَّبها مصطفى ممتاز، كانت المسرحية الكوميدية «الشريف الطريد»، ومثَّلتها فرقة أولاد عكاشة — لأول مرة — بدار الأوبرا يوم ١ / ٤ / ١٩٢٠م، وقام بتمثيلها: عبد الله عكاشة، وزكي عكاشة، وعبد العزيز خليل، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي، وفكتوريا موسى، وألمظ أستاتي، ووردة ميلان، والألحان من وضع الموسيقي محمود رحمي.

  • (١٢)

    المسرحية الرابعة هي «عبد الرحمن وعمر» — المنشورة في هذا الكتاب — ألَّفها مصطفى ممتاز عام ١٩٢٠م، ومثَّلتها فرقة عبد الرحمن رشدي — لأول مرة — يوم ١٣ / ٨ / ١٩٢٠ على مسرح برنتانيا.

  • (١٣)

    المسرحية الخامسة «المنافقون» — المنشورة في هذا الكتاب — اقتبسها ممتاز عام ١٩٢٠م، ومثَّلتها فرقة عكاشة — لأول مرة — يوم ١٢ / ٥ / ١٩٢١ بتياترو حديقة الأزبكية، وكانت من تمثيل: عبد العزيز خليل، وعبد الحميد عكاشة، وأحمد فهيم، وأحمد ثابت، وحسن حبيب، وبشارة واكيم، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي الكبير، وفؤاد فهيم، وأحمد الصغير، وفكتوريا موسى، وفكتوريا سويد.

  • (١٤)

    المسرحية السادسة كانت «الخطيئة»، وألَّفها ممتاز بالاشتراك مع أحمد حلمي سلام عام ١٩٢٢م، ومثلتها فرقة أولاد عكاشة — لأول مرة — يوم ١٩ / ١٠ / ١٩٢٢ بمسرح حديقة الأزبكية، وكانت من تمثيل: فكتوريا موسى، وعبد العزيز خليل ومن إخراجه. أما الأوركسترا فكانت برئاسة الأستاذ عبد الحميد علي.

  • (١٥)

    المسرحية السابعة «المرحوم» — المنشورة في هذا الكتاب — ألَّفها ممتاز بالاشتراك مع الدكتور وصفي عمر عام ١٩٢٣م، وعرضتها فرقة يوسف وهبي — لأول مرة — بمسرح رمسيس يوم ٢٩ / ٣ / ١٩٢٣. وقام بتمثيلها: محمد بهجت، وإستيفان روستي، وحسن فايق، وحسين رياض، وسيرينا إبراهيم، وفاطمة رشدي.

  • (١٦)

    المسرحية الثامنة «إيفان»، عرَّبها ممتاز عام ١٩٢٤م، وعرضتها فرقة جورج أبيض — لأول مرة — بدار الأوبرا الملكية يوم ٣٠ / ١٠ / ١٩٢٤م، من تمثيل: دولت أبيض، وحسين رياض، ومنسي فهمي، وأحمد نجيب، وعبد الفتاح القصري، ويوسف حسني، وإحسان كامل، ومحمد توفيق، ومحمد محمد، وإبراهيم الجزار، وعبد المنعم، وجميلة سالم.

  • (١٧)

    المسرحية التاسعة كانت «خاتم سليمان»، واقتبسها ممتاز بالاشتراك مع حسين توفيق الحكيم عام ١٩٢٣م، وعرضتها فرقة أولاد عكاشة — لأول مرة — يوم ١٦ / ١١ / ١٩٢٤ بمسرح حديقة الأزبكية، من تلحين كامل الخلعي، وتمثيل: زكي عكاشة، وعلية فوزي، وعبد الحميد عكاشة، ومحمد بهجت، وعبد الله عكاشة، وعبد المجيد شكري، ومحمود خطاب.

  • (١٨)

    المسرحية العاشرة «جلنار بين ثلاثة رجال» — المنشورة في هذا الكتاب — تُعتبر من المسرحيات المجهولة لمصطفى ممتاز؛ لأننا لم ننجح في الحصول على أية معلومة عنها من حيث تاريخ تأليفها، أو تمثيلها. ورغم ذلك نزعم أنها أُلِّفت في فترة العشرينات من القرن العشرين، وأنها أُلِّفت من أجل تمثيلها من قِبل فرقة عكاشة، حيث إن موضوعها يتشابه إلى حد كبير مع عروض فرقة عكاشة المسرحية في تلك الفترة.

  • (١٩)

    المسرحية الحادية عشرة — والأخيرة — «أصدقاء أم أعداء»، اقتبسها من الفرنسية هوراس ويجان، ومن ثم ترجمها مصطفى ممتاز عام ١٩٢٠م، ثم أعاد كتابتها بأسلوب الاقتباس وأطلق عليها اسم «المنافقين» — السابقة الذكر — وبسبب التشابه الكبير بين الترجمة والاقتباس؛ فضَّلنا عدم نشر مخطوطة مسرحية «أصدقاء أم أعداء» في هذا الكتاب، واكتفينا بنشر مسرحية «المنافقين»، باعتبارها المسرحية التي مُثِّلت على خشبة المسرح.

  • (٢٠)

    مسرحيات مصطفى ممتاز التي كُتبت في الفترة من عام ١٩١٧م إلى عام ١٩٢٣م؛ تجعل منه كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا، وفق معايير كُتَّاب المسرح في تلك الفترة. فمصطفى ممتاز باعتباره كاتبًا مسرحيًّا، كان يقف على قدم المساواة مع كُتَّاب المسرح المعاصرين له في هذه الفترة أمثال: إبراهيم المصري، وإسماعيل وهبي، وإلياس فياض، وأمين صدقي، وجورج طنوس، وحسن فايق، وخليل مطران، وعباس حافظ، وعباس علام، وعبد الحليم دلاور، وعبد العزيز حمدي، وعزيز عيد، وعمر عارف، وفرح أنطون، ومحمد تيمور، ومحمد عبد السلام الجندي، ومحمد عبد القدوس، ومحمد مسعود، ومحمود مراد، ويونس القاضي.

  • (٢١)

    إن أعظم الفرق المسرحية المصرية كانت تعرض مسرحيات ممتاز؛ ففرقة أولاد عكاشة عندما عرضت مسرحيتيه «أنجومار، والشريف الطريد» كانت الفرقة الأقوى، التي لم تجد منافسة تُذكر من قِبل الفرق الأخرى. وعندما مثَّلت فرقة عبد الرحمن رشدي مسرحيته «عبد الرحمن وعمر»، كانت أقوى فرقة على الساحة. كذلك الحال عندما مثَّلت فرقة رمسيس مسرحيته «المرحوم» — في أول موسم لها — كانت الفرقة طوفانًا فنيًّا اجتاح الساحة المسرحية، ولم تقوَ أية فرقة مسرحية أخرى أن تقف في وجه هذا الطوفان فترة طويلة. وأخيرًا نجد فرقة جورج أبيض عندما مثَّلت مسرحيته «إيفان»؛ كانت أهم فرقة مسرحية في هذه الفترة بالنسبة للفِرق المسرحية الأخرى.

  • (٢٢)

    تأكيدًا لقيمة كتابات مصطفى ممتاز المسرحية، وتهافت الفرق المسرحية عليها، وإقبال الجمهور على مشاهدتها، أنه في شهر أبريل ١٩٢٣م فقط، عَرضت أكثر من فرقة مسرحية نصوصًا له. ففرقة رمسيس عرضت له مسرحية «المرحوم»، وعرض أعضاء النادي الأهلي الرياضي مسرحيته «عبد الرحمن وعمر»، وعرضت فرقة عكاشة مسرحيتيه «المنافقين»، و«الخطيئة». وهذا الأمر تكرر أكثر من مرة؛ دلالة على أن مصطفى ممتاز كان في هذه الفترة، كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا، وظل هكذا حتى توقف عن الكتابة المسرحية.

ومن خلال محور «مصطفى ممتاز شاعرًا»، نستطيع استخلاص النتائج الآتية:
  • (٢٣)

    العمل الوحيد المنشور لمصطفى ممتاز — من إبداعاته الأدبية — كان ديوانه الشعري «ديوان ممتاز»، المطبوع في الإسكندرية عام ١٩١٨م.

  • (٢٤)

    يُلاحظ من خلال قصائد الديوان، أن مصطفى ممتاز نوَّع في موضوعاته تنويعًا واضحًا، فقد طرق جوانب الشعر التقليدية من: غزل، وفخر، ومدح، ورثاء، وعتاب، واستعطاف، وإخوانيات، ونحوها. وامتدَّ شعره ليتحدث عن جوانب وطنية وإنسانية جديدة.

  • (٢٥)

    كان ممتاز يُضمِّن بعض مسرحياته قطعًا شعرية حوارية، مثل مسرحيات: «أنجومار»، و«المنافقين»، و«جلنار بين ثلاثة رجال». كما كان يسهم بأشعاره في مسرحيات الآخرين، حيث كتب أكثر من حوار شعري لمسرحية «عبد الرحمن الناصر» التي ألَّفها — ونشرها — عباس علام عام ١٩٢٠م.

دكتور
سيد علي إسماعيل
١  ذُكرت مسرحية «الثائرة» على أنها من تأليف توفيق الحكيم في عام ١٩٢٦، ولعلها من آثاره المجهولة كمسرحية «الضيف الثقيل». انظر ذلك في: مجلة «الممثل»، عدد٤، ١٨ / ١١ / ١٩٢٦ ص٧.
٢  توفيق الحكيم، «من البرج العاجي»، مكتبة الآداب، ١٩٤١، ص١٠٣.
٣  اختيارنا لفؤاد دوارة سببه دراسته الموسَّعة لمسرحيات الحكيم في هذه الفترة، رغم أن أول مَن تطرق إلى دراسة هذه المسرحيات — بصورة محدودة — كان الدكتور رمسيس عوض في كُتيِّبه الصغير «توفيق الحكيم الذي لا نعرفه» المنشور عام ١٩٧٢م.
٤  ينظر في ذلك: فؤاد دوارة، «مسرح توفيق الحكيم: المسرحيات المجهولة»، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٨٥. ومعظم فصول هذا الكتاب نشرها فؤاد دوارة — من قبل — على حلقات في مجلة «المجلة». انظر ذلك في: مجلة «المجلة»، عدد ٨٨، أبريل ١٩٦٤، ص٥٣–٦١، وعدد ٨٩، مايو ١٩٦٤، ص٥٥–٦٦، وعدد ٩٠، يونيو ١٩٦٤، ص٥٧–٦٧.
٥  انظر هذه المقالات في: مجلة «التمثيل» عدد ٧، ١ / ٥ / ١٩٢٤م، ص٢-٣، وعدد ٩، ٢٩ / ٥ / ١٩٢٤، ص١٢.
٦  هذه القصاصة كانت محفوظة بين صفحات أحد الكتب الخاصة بمكتبة زكي طليمات الموجودة ضمن مقتنيات إدارة التراث المسرحي بالمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية.
٧  والدليل على ذلك حصولنا على كتابات مسرحية مجهولة لتوفيق الحكيم، عبارة عن مجموعة مقالات عن المسرح الفرنسي، نشرتها مجلة «الستار» عام ١٩٢٧م. وهذه المقالات كتبها الحكيم بالاشتراك مع عبد القادر الحلبي أثناء وجودهما في باريس. وقصة هذه المقالات بدأت، عندما نشرت مجلة «الستار» — في عددها الأول — خبرًا مفاده أن هناك عدة مقالات ستنشر قريبًا من خلال مراسلين للمجلة في باريس، الأول حسين توفيق الحكيم، والآخر عبد القادر الحلبي. وبالفعل نُشرت هذه المقالات بتوقيع ثابت هو «مراسل باريس». وللمزيد عن هذا الأمر ينظر: مجلة «الستار»، عدد ١، ٣ / ١٠ / ١٩٢٧، ص١١، وعدد ٥، ٣١ / ١٠ / ١٩٢٧، ص١٧، وعدد ٧، ١٤ / ١١ / ١٩٢٧، ص١٧، وعدد ٨، ٢١ / ١١ / ١٩٢٧، ص١٩، وعدد ٩، ٢٨ / ١١ / ١٩٢٧، ص٧، وعدد ١١، ١٢ / ١٢ / ١٩٢٧، ص١٥، وعدد ١٣، ٢٦ / ١٢ / ١٩٢٧، ص٢٢.
٨  ينظر: مجلة «التياترو»، عدد ٨، مايو ١٩٢٥، ص١٧، وجريدة «المقطم»، عدد ١١١٣٧، ١٨ / ١٠ / ١٩٢٥.
٩  ينظر في ذلك: مجلة «المسرح»، عدد ٧٩، ١١ / ٧ / ١٩٢٧، ص٩.
١٠  توفيق الحكيم، حياتي «سجن العمر»، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط١، ١٩٧٤، ص١٧١–١٧٤.
١١  توفيق الحكيم، «من البرج العاجي»، السابق، ص١٠٣.
١٢  ومن الجدير بالذكر أن لتوفيق الحكيم مسرحية مفقودة، كتبها في مرحلة الهواية بعنوان «الضيف الثقيل»، قال عنها في كتابه «سجن العمر» ص١٥٠:

كانت أول تمثيلية لي في الحجم الكامل هي تلك التي سميتها «الضيف الثقيل» … أظن أنها كتبت في أواخر سنة ١٩١٩. لست أذكر على وجه التحقيق … كل ما أذكر عنها — وقد فقدت منذ وقت طويل — هو أنها كانت من وحي الاحتلال البريطاني. وأنها كانت ترمز إلى إقامة ذلك الضيف الثقيل في بلادنا بدون دعوة منا.

وهذه المسرحية، بسبب فقدها وعدم تمثيلها، لا تعتبر عملًا مسرحيًّا ناضجًا، بخلاف مسرحيته «العريس»، التي عرضتها فرقة عكاشة سنة ١٩٢٤م.
١٣  يُنظر في ذلك إعلانات: جريدة «الأهرام» ٣٠ / ١٠ / ١٩٢٤، ٤ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «المقطم» ١ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «أبو الهول» ١١ / ١١ / ١٩٢٤، ١٨ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «الشرق الجديد» ١٣ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «البلاغ» ١٥ / ١١ / ١٩٢٤.
١٤  كان فؤاد دوارة أول من أشار إلى هاتين الوثيقتين في دراسته سابقة الذكر، وقد حصلنا على صورتيهما من الأصل المحفوظ في المركز القومي للمسرح والموسيقى.
١٥  السيدة ابتسام مصطفى ممتاز، من مواليد ١٩٢٠م، حاصلة على ليسانس الحقوق عام ١٩٤٤م من جامعة فؤاد الأول، وعملت فترة في المحاماة. وكان اللقاء معها يوم ١٦ / ١٢ / ٢٠٠٧م.
١٦  توفيق الحكيم، «وثائق من كواليس الأدباء»، كتاب اليوم، مؤسسة أخبار اليوم، ١٩٧٧م، ص١٠–١٢.
١٧  أحمد رشدي صالح، مقدمة كتاب: «وثائق من كواليس الأدباء»، السابق، ص٣-٤.
١٨  أحمد رشدي صالح (١٩٢٠–١٩٨٠م): تخرَّج في كلية الآداب جامعة القاهرة عام ١٩٤١م من قسم اللغة الانجليزية، ثم حصل على ليسانس الصحافة عام ١٩٤٣م. عمل مدرسًا للغة الإنجليزية لمدة سنتين، ثم عمل مذيعًا بالإذاعة المصرية، ثم انتقل للعمل بالصحافة حيث أصبح مسئولًا عن رئاسة تحرير مجلة «الفجر الجديد» عام ١٩٤٦م. ثم رئيسًا لقسم الأخبار والترجمة بجريدة «صوت الأمة». وفي عام ١٩٥٤م انتقل إلي جريدة «الجمهورية» رئيسًا للقسم الأدبي فيها، وفي عام ١٩٥٧م عُين مديرًا لمركز الفنون الشعبية وعضوًا للجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للآداب، كما عُيِّن مُشرفًا على مسارح الفنون الشعبية والفرق الاستعراضية عام ١٩٦٤م. نال جائزة في الأدب الشعبي من جامعة الإسكندرية عام ١٩٦٧م. انتخب عضوًا عن الشرق العربي في لجنة الفلكلور الدولية التابعة لليونسكو عام ١٩٦٧م. ثم أصبح عضوًا بمجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم عام ١٩٧١م، ثم رئيسًا لتحرير مجلة «آخر ساعة» عام ١٩٧٥م. ومن أعماله المنشورة: «مسألة قناة السويس»، «مشكلة السودان»، «كرومر في مصر»، «الاستعمار البريطاني»، «فلسطين»، «رجل في القاهرة»، «الزوجة الثانية»، «رجل يشتري الحب»، «علم الفلكلور»، «سيدة الفندق»، «أسد البحار»، مسرحية «رجل فلاح»، «الأدب الشعبي». وله في الشعر المنثور ثلاثية «الحب همسًا»: «غدًا ألقاك»، و«غدًا أنساك»، و«هل رأيتم حبيبي».
١٩  من الجدير بالذكر، أن المرحومة السيدة اعتدال ممتاز ذكرت اسم والدها «مصطفى ممتاز» في إهداء كتابها «مذكرات رقيبة سينما»، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٨٥م، قائلة: «إلى من ضحَّى متحديًا، لينير عقلي ووجداني بنور الحق والعلم. إلى أول من غرس في قلبي الحب لله والوطن والناس. إلى والدي وصديقي مصطفى ممتاز في مثواه … إلى عاشق مصر الراحل الماثل أحمد رشدي صالح، الزوج والصديق والزميل والحبيب رفيق الحياة … إلى مصر الباقية بعشاقها، أهدي هذا الكتاب تقديرًا وعرفانًا.»
٢٠  مخطوطة مسرحية «خاتم سليمان» الآن لا وجود لها في المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وقد بحثت عنها دون جدوى. وصورة غلافها المنشورة في كتابنا هذا [انظر فصل: مصطفى ممتاز يُبعث من جديد – مصطفى ممتاز كاتبًا مسرحيًّا] منقولة من «قاموس المسرح»، الذي أَعَدَّ قسمه العربي المرحوم سمير عوض.
٢١  محمد جبريل، «قراءة في شخصيات مصرية»، سلسلة كتاب الثقافة الجديدة، عدد ٢٧، الهيئة العامة لقصور الثقافة، أكتوبر ١٩٩٥م، ص١٨٦-١٨٧.
٢٢  السابق، ص١٩١.
٢٣  ينظر: د. سيد علي إسماعيل، «مصطفى ممتاز بين الفن والحياة»، مجلة «البيان»، الكويت، عدد ٣٤٤، مارس ١٩٩٩، ص٥١–٦٠.
٢٤  كافة المعلومات المتعلقة بحياة مصطفى ممتاز الوظيفية، اعتمدنا فيها على وثائق ملفه الوظيفي المحفوظ بدار المحفوظات العمومية بالقلعة، تحت رقم ١١٣٣٦. أما التفاصيل اليسيرة التي حصلنا عليها من ابنته السيدة ابتسام؛ فوضعناها في الهوامش تبعًا لسياق الأحداث.
٢٥  أخبرتنا السيدة ابتسام مصطفى ممتاز، أن والدها ينحدر من سلالة الأشراف عن طريق السيدة زينب — رضي الله عنها — بناءً على وثيقة شجرة العائلة المحفوظة في منزل عمها إبراهيم ممتاز، ابن إبراهيم باشا ممتاز. وأن والدها تزوج من الإسكندرية من السيدة فاطمة أحمد صادق، وهي من أصول تركية.
٢٦  تروي لنا السيدة ابتسام مصطفى ممتاز، قصة اسم «ممتاز»، قائلة: جد والدي هو إبراهيم باشا ممتاز محافظ سوهاج وناظر الداخلية. وبسبب همته في العمل أيام الخديوي إسماعيل باشا، طلب الخديوي من أعوانه إحضار إبراهيم باشا بعبارة دارجة قال فيها: «هاتوا لي الراجل الممتاز ده». ومن يومها خُلع على إبراهيم باشا لقب إبراهيم باشا ممتاز، وهو لقب توارثه أبناؤه وأحفاده حتى يومنا هذا. وفي ديوان مصطفى ممتاز، وجدنا قصيدة رثاء، كتبها يوم وفاة جده إبراهيم باشا ممتاز مدير قسم الإدارة بنظارة الداخلية المتوفى يوم الثلاثاء ٢٤ / ١ / ١٩١١م.
٢٧  وهو اللواء أحمد ممتاز — لواء شرطة — المتوفى في أوائل تسعينيات القرن العشرين. وهذه المعلومة أخبرتني بها شقيقته السيدة ابتسام.
٢٨  في هذه الفترة وجدنا وثيقة — في الملف الوظيفي — تعكس مدى الترابط الأسري عند مصطفى ممتاز، وتبين إلى أي درجة كان بارًّا بأهله، ونص الوثيقة يقول:

حضرة صاحب السعادة مدير الفيوم أتشرف بأن أرجو سعادتكم التفضل بالترخيص لي بإجازة اعتيادية امتداد لمدة أربعة عشر يومًا اعتبارًا من يوم الجمعة ١١ فبراير الجاري لغاية يوم ٢٤ منه وذلك لتدبير أمور شقيقتي وأولادها القُصَّر بعد وفاة المرحوم زوجها ناظر محطة الزقازيق. وتفضلوا … مصطفى ممتاز. في ٨ / ٢ / ١٩٢٧م.

٢٩  في الملف الوظيفي في هذه الفترة، وثيقة بتاريخ ١٢ / ٣ / ١٩٣٦م؛ تبين ما يمتلكه مصطفى ممتاز، أثناء وجوده في الدرجة السادسة بوصفه رئيس قلم تعيين العمد والمشايخ، والممتلكات هي: عشرة قراريط في المنزل رقم ٥ شارع حسين باشا حسني بعمارة البرنس عزيز بالسيدة زينب بمصر، تساوي نحو ٤٠٠ جنيه. وقطعة أرض مبانٍ بالمطرية مساحتها ٤٠٠ متر تقريبًا وتساوي ٢٠٠ جنيه.
٣٠  عباس علام (١٨٩٢–١٩٥٠م)، هو الكاتب المسرحي المعروف في ذلك الوقت، الذي كتب في الفترة من عام ١٩١٣م، وحتى عام ١٩٤٨م الكثير من الأعمال المسرحية، منها: «أسرار القصور»، «الهوانم»، «شقاء العائلات»، «اللي يعيش ياما يشوف»، «الشريط الأحمر»، «مصارع الشهوات»، «عبد الرحمن الناصر»، «ألا مود»، «ملاك وشيطان»، «الزوبعة»، «آه يا حرامي»، «طمع إبليس في الجنة»، «باسم القانون»، «سفينة نوح»، «سهام»، «كوثر»، «زهرة الشاي»، «الساحر»، «كريم شيكولات»، «المرأة الكدابة»، «توتو»، «الزوجة العذراء»، «معركة الشباب»، «قطر الندى»، «حب موديل ١٩٤٨م».
٣١  في هذه الفترة، وتحديدًا في يناير ١٩٤٤م — بناءً على وثائق الملف — كان مصطفى ممتاز يعول من الأبناء: أحمد ٢٨ سنة، وابتسام ٢٤ سنة، وإبداع ١٤ سنة، وافتتان ١٢ سنة. وفي حواري مع ابنته ابتسام علمت أن أحمد ممتاز توفِّى لواءً في الشرطة، واعتدال توفيت سنة ١٩٩٧م، وإبداع تعمل مديرة علاقات عامة بوزارة الثقافة، وافتتان تعمل صحفية في دار الهلال. كما علمت أن مصطفى ممتاز كان مَعنيًّا بأولاده، وكان يحثهم على تذوق الأدب العربي، بجانب تذوق اللغتين الإنجليزية والفرنسية في الآداب العالمية.
٣٢  في ملفه الوظيفي وثيقة تبين بعضًا من هذه الظروف، نصها يقول:

جامعة فؤاد الأول — الأورمان — إدارة السجلات والامتحانات (بشأن طلب سداد رسوم متأخرة في ١٥ / ٨ / ١٩٤٥م) حضرة صاحب السعادة وكيل وزارة الداخلية: أتشرف بإخبار سعادتكم أنه طبقًا للإقرار الرسمي المحفوظ لدينا، تعهد حضرة مصطفى أفندي ممتاز وكيل إدارة الشياخات بسداد الرسوم المتأخرة على أحمد ممتاز أفندي الطالب بكلية الحقوق وقدرها ١٠ جنيهات خصمًا من مرتبه في حالة عدم قيام الطالب بسداد هذه الرسوم. ولما كان الطالب لم يقم بالسداد لذلك تأمل الجامعة أن تقوم الوزارة بخصم هذا المبلغ من مرتبه على أقساط شهرية بواقع كل قسط ثلاثة جنيهات، ابتداءً من شهر أغسطس سنة ١٩٤٥م الذي يستحق الصرف أول سبتمبر ١٩٤٥م، وتوريد كل مبلغ بشيك على بنك مصر باسم جامعة فؤاد الأول وإفادتنا … وتفضلوا … (توقيع) السكرتير العام.

٣٣  وثائق ملف مصطفى ممتاز تنتهي عند إحالته إلى المعاش، أما تاريخ وفاته فقد ذكرته لنا ابنته ابتسام.
٣٤  ينظر في ذلك: جريدة «المقطم» ٢٤ / ١١ / ١٩١٧، ٤ / ٣ / ١٩١٨، ٢٨ / ١٠ / ١٩١٨، ٨ / ١١ / ١٩١٩، ١٧ / ٤ / ١٩٢١، ١٧ / ٥ / ١٩٢١، ٢٢ / ١١ / ١٩٢١، ١٠ / ٣ / ١٩٢٢، جريدة «الأخبار» ١ / ٨ / ١٩٢١، جريدة «الأهرام» ٩ / ٣ / ١٩٢٢، ١٩ / ٨ / ١٩٢٢، ١٤ / ٥ / ١٩٢٣، ١ / ١٠ / ١٩٢٣، جريدة «الاستقلال» ١٠ / ٣ / ١٩٢٢، ١٩ / ٨ / ١٩٢٢. جريدة «السياسة» ٢٨ / ٩ / ١٩٢٣، جريدة «كوكب الشرق»: ٣٠ / ١ / ١٩٢٥.
٣٥  ينظر: جريدة «المقطم» ١ / ٤ / ١٩٢٠، جريدة «الأخبار» ٤ / ٤ / ١٩٢٠، جريدة «السياسة» ٢ / ٥ / ١٩٢٣، ٦ / ٥ / ١٩٢٣، ١٤ / ٥ / ١٩٢٣، ١٩ / ٥ / ١٩٢٣، جريدة «الأهرام» ٦ / ٥ / ١٩٢٣، ١٩ / ٥ / ١٩٢٣، جريدة المحروسة ١٤ / ٥ / ١٩٢٣.
٣٦  كلمة تأليف هنا لا تعني أن المسرحية مؤلَّفة، بل هي معرَّبة! وكلمة تأليف في ذلك الوقت، كانت تُطلق على التأليف والترجمة والتعريب والاقتباس والتمصير … إلخ، مثلها مثل كلمة «بقلم».
٣٧  ينظر: جريدة «الأهرام» ١٣ / ٨ / ١٩٢٠، جريدة «الأخبار» ٢٩ / ١٠ / ١٩٢٠، ١٥ / ٤ / ١٩٢٣، ٢٢ / ٨ / ١٩٢٣، جريدة «المقطم» ١٥ / ٤ / ١٩٢٣.
٣٨  ينظر: جريدة «الأخبار» ٩ / ٥ / ١٩٢١، ١٢ / ٥ / ١٩٢١، ١٨ / ٥ / ١٩٢١، ٢٢ / ٥ / ١٩٢١، ٢٣ / ٧ / ١٩٢١، ٢١ / ٩ / ١٩٢١، جريدة «المقطم» ١٠ / ٦ / ١٩٢١، جريدة «الاستقلال» ٤ / ٨ / ١٩٢٢. جريدة «الأهرام» ٩ / ٨ / ١٩٢٢، ٢١ / ٤ / ١٩٢٣، ٢٤ / ١٠ / ١٩٢٣، ١١ / ١٢ / ١٩٢٣، ٩ / ٤ / ١٩٢٤.
٣٩  يُنظر: جريدة «الأخبار» ٨ / ١٠ / ١٩٢٢، ٢٢ / ١٠ / ١٩٢٢، ٣ / ١٢ / ١٩٢٢، ٤ / ١ / ١٩٢٣، جريدة «الأهرام» ٩ / ١٠ / ١٩٢٢، ١٩ / ١٠ / ١٩٢٢، ٢٠ / ١٠ / ١٩٢٢، ٢٦ / ١٠ / ١٩٢٢، ٣١ / ١٠ / ١٩٢٢، ١١ / ١١ / ١٩٢٢، ٢٢ / ١١ / ١٩٢٢، ٢ / ١٢ / ١٩٢٢، ٣ / ١ / ١٩٢٣، ٢٤ / ١ / ١٩٢٣، ٢١ / ٢ / ١٩٢٣، ٢٨ / ٤ / ١٩٢٣، ٩ / ١٠ / ١٩٢٣.
٤٠  ينظر: جريدة «الأخبار» ٢٩ / ٣ / ١٩٢٣، ١ / ٤ / ١٩٢٣، ١٧ / ٥ / ١٩٢٣، ١ / ٦ / ١٩٢٣، ٢٩ / ٨ / ١٩٢٣، ١٣ / ١٠ / ١٩٢٣، ٩ / ١٢ / ١٩٢٣، جريدة «الأهرام» ٣٠ / ٣ / ١٩٢٣، ١١ / ٤ / ١٩٢٣، ٢٢ / ٦ / ١٩٢٣، ٢ / ٧ / ١٩٢٣، ٢٦ / ٧ / ١٩٢٣، ٢٠ / ١٠ / ١٩٢٣، ٢٣ / ٧ / ١٩٢٧، جريدة «السياسة» ٢ / ٥ / ١٩٢٣، جريدة «المقطم» ٥ / ٧ / ١٩٢٣، ٢١ / ٧ / ١٩٢٣، ٣١ / ٨ / ١٩٢٣، ٢ / ٧ / ١٩٣٣، جريدة «الكشكول المصري» ٢ / ١١ / ١٩٢٣، جريدة «مصر» ١٦ / ١ / ١٩٢٤، مجلة «المصور» ٢٤ / ٨ / ١٩٣٤.
٤١  وهذه المسرحية تختلف عن مسرحية «إيفان الهائل»، التي عرضتها فرقة رمسيس بمسرح كازينو الهمبرا بالإسكندرية، وبتياترو عدن بالمنصورة، وبتياترو المجلس البلدي بطنطا عام ١٩٢٩م، بطولة: يوسف وهبي، ودولت أبيض، وأمينة رزق. وللمزيد ينظر: جريدة «البلاغ» ٤ / ١١ / ١٩٢٩، ٩ / ١٢ / ١٩٢٩، ١٦ / ١٢ / ١٩٢٩، ٢١ / ١٢ / ١٩٢٩، مجلة «مصر الحديثة المصورة» ١٣ / ١١ / ١٩٢٩، جريدة «السياسة» ١٣ / ١١ / ١٩٢٩.
٤٢  ينظر: مجلة «النيل المصورة» ٢٣ / ١٠ / ١٩٢٤، جريدة «الأهرام» ٢٧ / ١٠ / ١٩٢٤، ١٠ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «البلاغ» ٢٩ / ١٠ / ١٩٢٤، ١ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «السياسة» ٣٠ / ١٠ / ١٩٢٤، جريدة «كوكب الشرق» ٣٠ / ١٠ / ١٩٢٤، ١ / ١١ / ١٩٢٤، ١١ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «المقطم» ٣١ / ١٠ / ١٩٢٤، ١٢ / ١١ / ١٩٢٤، مجلة «التياترو المصورة»، عدد ٢، ١ / ١١ / ١٩٢٤، عدد ٣، ١ / ١٢ / ١٩٢٤.
٤٣  ينظر: جريدة «الأهرام» ٣٠ / ١٠ / ١٩٢٤، ٤ / ١١ / ١٩٢٤، ٨ / ١١ / ١٩٢٤، ١٥ / ١١ / ١٩٢٤، ٢٠ / ١٢ / ١٩٢٤، ١ / ٥ / ١٩٢٦، جريدة «المقطم» ١١ / ١١ / ١٩٢٤، ١٦ / ١١ / ١٩٢٤، ٢١ / ١٢ / ١٩٢٤، جريدة «أبو الهول» ١١ / ١١ / ١٩٢٤، ١٨ / ١١ / ١٩٢٤، ٢٣ / ١٢ / ١٩٢٤، جريدة «الشرق الجديد» ١٣ / ١١ / ١٩٢٤، ٢٧ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «اللواء المصري» ١٥ / ١١ / ١٩٢٤، جريدة «كوكب الشرق» ٣١ / ٣ / ١٩٢٥، جريدة «السياسة» ٢٩ / ٣ / ١٩٢٥، ١٠ / ٥ / ١٩٢٥، ٥ / ٢ / ١٩٢٦، جريدة «البلاغ» ٢ / ٥ / ١٩٢٦.
٤٤  ينظر: جريدة «الأخبار» ١ / ٤ / ١٩٢٣، ١٥ / ٤ / ١٩٢٣، جريدة «الأهرام» ١١ / ٤ / ١٩٢٣، ٢١ / ٤ / ١٩٢٣، ٢٨ / ٤ / ١٩٢٣.
٤٥  قالت ابنته السيدة ابتسام إن والدها — مصطفى ممتاز — توقَّف عن الكتابة المسرحية لسببين؛ أولهما: أن الكتابة المسرحية كانت هوايةً عنده، وكانت تشغله كثيرًا عن أداء مهامه الوظيفية. والسبب الآخر: هو اتجاهه إلى الدراسات والأبحاث الفلكية؛ عندما كان رئيسًا للجمعية الفلكية المصرية. وهذه الدراسات دفعته إلى التأمل والتعمق في الشئون الكونية والدينية؛ مما جعله يترك الكتابة المسرحية.
٤٦  مصطفى ممتاز، «ديوان ممتاز»، مطبعة ومكتبة الكمال، الإسكندرية ١٩١٨م، ص١٢، ١٣.
٤٧  «ديوان ممتاز»، ص١٤.
٤٨  «ديوان ممتاز»، ص١٤-١٥.
٤٩  «ديوان ممتاز»، ص١٩-٢٠.
٥٠  «ديوان ممتاز»، ص٢٧–٢٩.
٥١  «ديوان ممتاز»، ص٣٢–٣٤.
٥٢  «ديوان ممتاز»، ص٤١.
٥٣  «ديوان ممتاز»، ص٤٣.
٥٤  «ديوان ممتاز»، ص٦٤–٦٦.
٥٥  أما بقية قصائد الديوان، فهي: «أمير المؤمنين محمد الخامس» ص٤، «في الفخر» ص٧، «سليمان القانوني ابن السلطان سليم الأول» ص٣٠، «تحية الأم» ص٣٦، «غروب الشمس» ص٣٨، «عتاب صديق» ص٤٤، «بغي الإنسان» ص٤٥، «الصديق الكاذب» ص٥٠، «وداع نخبة من الإخوان على أهبة السفر لأوروبا لطلب العلم» ص٥١، «شذرات» ص٥٥، «البطل العاشق» ص٥٦، «الحب والعفاف» ص٥٩، «النجوى» ص٦٢، «استعطاف الهاجر» ص٦٦، «مناجاة» ص٦٨، «في البعد» ص٦٩، «الفتى البائس» ص٧٢، «خاتمة الهوى» ص٧٦، «إلى الهاجرة» ص٧٩، رثاء عمه محمد أفندي ممتاز المعاون بمديرية الشرقية المتوفى يوم السبت ٢١ / ١ / ١٩١١ ص٨٢، رثاء خاله عبد اللطيف أفندي إبراهيم الكاتب بدائرة البرنس إبراهيم باشا المتوفى يوم السبت ١٩ / ٢ / ١٩١٠ ص٨٣-٨٤، «تظاهر بالود فكشفت الأيام كيده» ص٨٤، «عقاب وفخر» ص٨٦.
٥٦  «ديوان ممتاز»، ص٨١-٨٢.
٥٧  عباس علام، «عبد الرحمن الناصر»، مكتبة الوفد، مطبعة الاعتماد، ١٩٢٠م.
٥٨  السابق، ص٣٤-٣٥.
٥٩  السابق، ص٥١-٥٢.
٦٠  السابق، ص١٣٦.
٦١  السابق، ص١٥٥-١٥٦.
٦٢  السابق، ص١٥٨.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤