الفصل الثالث

(المنظر ذاته الذي في الفصل الثاني.)

(غرفة الاستقبال)

فاطمة : أهي بقتِ الساعة عشرة وسي عبد الرحمن لسه ما جاش! ومن نهار ما عرفناه وهو تملِّي يوعد ويخلف. وأنا مش زعلانة عشان روحي لكن عشان البنيَّة المسكينة اللي حاتخده، وعمر بك ساعة ألاقيه وساعة ما ألاقيهوش. يا عمر بك! يا عمر بك! يا بيك!
عمر بك : جيت جيت. شايفة بقى يا هانم!
فاطمة : مش عاوزة أشوف.
عمر بك : أنا بدي أوريك العَملة اللي عملها فيَّ الخياط.
فاطمة : عمل فيك إيه بِعد الشر.
عمر بك : قلت له يفصَّل لي الجاكتة مضبوطة أتاريه حبِّكها قوي وخلاني مش قادر أتحرك وإيدي مكتفة خالص؛ يعني إذا ميلت كده ولَّا كده حاطلع من هدومي.
فاطمة : سلامتك يا بيه بِعد الشر.
عمر بك : بشويش بشويش يا هانم.
فاطمة : ما يهمش بُكرة تاخد عليها.
عمر بك : آه طبعًا، لكن قوليلي ألا يعني رأيك إيه في الجوازة دي؟
فاطمة : بس مش صعبان عليَّ إلا فراقها وحافضل طول عمري أعيط عليها.
عمر بك : أهو بس الستات وحشين في كده، ما يحبكلهمش العياط إلا وقت الجواز، كأن الجواز ده علقة ولَّا حاجة تموِّت! أمَّال يعني بقالك ثلاثين سنة منقوعة في الجواز لحد ما دوبتيني في عرق العافية وأديكي لسه صاحية!
فاطمة : بعد الشر عليَّ وأنا بنت إمتى؟! غِرْشِى أنا كنت بجمِّد قلبي. أوعى ما تتِّنيش كده أمَّال أحسن الجاكتة تتقطع!
عمر بك : أيوه خليكي واخدة بالك.
فاطمة : وكمان بِدِّي أقول للبنت كلمتين ينفعوها.
عمر بك : وأنا كمان والله بِدِّي أقول لها كلمتين ولو ان الكلام في الظروف اللي زي دي يبقى صعب شوية، وخصوصًا لما تكون هدوم الواحد ضيقة.
فاطمة : بنتي بنتي! بقى حياخدك منا سي عبد الرحمن؟!
خيرية : بس إن جه!
فاطمة : أيوه إن جه.
فاطمة : وحاتفوتينا يا خيرية؟
خيرية : أيوه يا نينة.
فاطمة : وأظن بالطبع أنت تعرفي واجبات الواحدة مع جوزها.
خيرية : عارفه برضه.
فاطمة : لكن اعرفي يا بنتي إن جوز الواحدة مش زي أمها.
عمر بك : ولا زي أبوها.
فاطمة : مش تسكت لحد ما أخلص كلامي! والواحدة لازم تطاوع جوزها.
عمر بك : ده الواجب، لكن مين بيعمل به؟!
فاطمة : ولازم تحبيه ولو من ورا قلبك، وتطاوعيه في اللي يقوله. وهو زي ما يمشي معاكي تمشي معاه ولو بالكذب.
عمر بك : آدي النصايح ولَّا بلاش! من فضلك اتركيني حَبَّة لما أقول للبنت كلمتين يقعدوا لها في ركبها. بقى يا بنتي الجواز ده زي إيه … زي حلاوة البخت، والواحدة وإسمتها، إنما اسمه حلاوة والسلام.
فاطمة : إيه ده يا بيه؟
عمر بك : سيبينا الساعة دي وخدي نصيبك. وشوفي يا بنتي إذا كنت عاوزة تعيشي مع جوزك مبسوطة متعمليش فيه حاجة زي اللي أمك كانت بتعملها فيَّ.
فاطمة : لا ما أحبش بنتي ما تطلعش زيِّي، وأنت نسيت اللي أمك عملته فيَّا؟!
عمر بك : ما تفتَّحيش عين البنت! أهو زي ما قلت لك.
فاطمة : لا ما أحبش بنتي ما تبقاش زيِّي.
عمر بك : كمان ما يصحش نغش البنت.
فاطمة : الرجالة ما لهمش في الحاجات دي.
عمر بك : آه، فَتَّحي عينك ومتفوريش دمي! كمان مش عاوزة تلايميها في ليلة مبروكة زي دي، ليلة جواز بنتي … عملتيها يا ستي؟!
فاطمة : هي إيه دي اللي عملتها؟ شيء ما يهمش.
عمر بك : إن كان ما يهمكيش إنتي يهمني أنا عشان ما أقدرش أقابل جوز بنتي بجاكتة مشرمطة … يا دي الفضيحة!
عثمان : مسا الخير يا بيك مسا الخير يا تيزه ليلتك سعيدة.
عمر بك : مسا الخير يا ابني بس عن إذنك دقيقتين. لايميها بقى وتعالي خديها غرزتين!
عثمان : هو سي عبد الرحمن لسه مجاش ولا إيه.
خيرية : لا والله يا سي عثمان.
عثمان : أهو كل شيء إسْمَة ونصيب، ومين عارف الدنيا حاترسى على إيه؟ إياك ما يجيش!
خيرية : ده يبقى من بختي.
خليل : فين سيدي البيك؟
خيرية : علشان إيه؟ ومش تبقى تستأذن قبل ما تخش؟!
خليل : وهو أنا غريب؟ ده أنا خليل يا ستي هانم، ومن عشمي أحسب نفسي واحد من الفاميلية.
خيرية : ونهايته عاوز إيه؟
خليل : فيه واحد جه عالباب وفضل يزعق بعلو حسه يقول: يا عمر بك يا عمر بك!
عمر بك : جيت جيت. سَرَعْتِني جاك سَرْعَة! وأنا قلت الدنيا ادربكت ولَّا إيه؟
خليل : لا يا سعادة البك بس الجواب ده …
عمر بك : هات من سي عبد الرحمن من غير شك … أخبرك بمزيد الأسف أني لا أريد ابنتك!
عثمان وخيرية : إيه؟!
عمر بك : فابحث لها عن غيري. عبد الرحمن رشدي. الإمضا إمضته لكن الجواب مش بخطه.
عثمان : صحيح الجواب مش بخطه لكن ده فيه حاشية: احرق هذا الجواب بدون أن تقرأه. أهي الحاشية دي بخطه تمام.
عمر بك : آه فهمت، يظهر إن سي عبد الرحمن اتْعَدَى من أخته والله أعلم!
خيرية : ده ما له كده عمَّال يتمسخر علينا قوي يا بابا هو احنا مسخرة ولا إيه؟
عمر بك : الظاهر كده برضه، بقى أول مرة سامحناه علشان خاطر أخته المجنونة، ودلوقت حانسامحه عشان خاطر مين؟ معلهش يا بنتي ما يصعبش عليك. خلي بالك ويايا يا سي عثمان أحسن البنت تسورق ولَّا يجرى لها حاجة.
عثمان : أنا في الحقيقة قلبي معبعب قوي من سي عبد الرحمن، لكن ساكت وحايش كتير، ولكن دلوقت حافرج عن قلبي.
عمر بك : بس حاسب أحسن تاخد برد، اقفل عِبَّك!
عثمان : دنا أفتح روحي من جوه كمان، وما دام هو عمل كده خلاص ما بقاش ابن عمي ولا صاحبي ولا باقتش أعرفه، واللي هو غضبان عليها أخدها أنا.
عمر بك : طيب وأنت عندك إيه يا سي عثمان؟
عثمان : عندي إيراد ٤٠٠ جنيه في السنة، وكمان لي خالة كُهْنَة رُبَابكية وغنية قوي ولا لهاش حد يورثها غيري.
عمر بك : يعني فوق الثلاثين جنيه شهري! عال قوي، وله خالة كُهْنَة قوي ربابكية، برضه حِسْبَة.
عبد الرحمن : الحمد لله.
الجميع : عبد الرحمن!
عبد الرحمن : أظن اتأخرت عليكم قوي، لا مؤاخذة الناس أعذار والغايب حجته معاه.
عمر بك : على مين الكلام ده؟!
عبد الرحمن : عثمان ابن عمي! كتَّر خيرك قوي.
عثمان : على إيه؟
عبد الرحمن : خيرية!
خيرية : سيبنا منك بقى.
عبد الرحمن : دِيهده ما لكم؟ خبر إيه؟
عمر بك : قال ما لنا آل؟! ليه مش عارف جوابك؟ هي الناس مهزأة؟ هو ما لاقيتش حد غيرنا تتمسخر عليه؟
عبد الرحمن : يظهر إنكم بقى ما قريتوش الحاشية.
عمر بك : يا خي رق الحاشية يا سيدنا الافندي هي الحاشية تتقري قبل الجواب ولَّا بعده؟
عبد الرحمن : بقى غلطتي إني ما كتبتش الحاشية قبل الجواب؟!
عمر بك : خُش في عِبِّي خُش، لكن ده كله ما لوش لزوم، والغرض إني فهمت من جوابك إنك بقيت مسكين زي أختك يظهر إنها بهتت عليك!
عبد الرحمن : زي أختي؟!
عمر بك : معلوم زي ستين أختك كمان. وهو يصح بعد ما تكتب جواب زي ده ترجع تورينا وشك؟! مش جِنان ده؟ طيب قول لي كده بذمتك جاي ليه؟
عبد الرحمن : جاي أتجوز خيرية.
عثمان : تتجوزها؟!
خيرية : يتجوزني؟!
عمر بك : تتجوزها؟!
عبد الرحمن : بقى حضرتك يا بيه لسه مش قادر تفهم عشان إيه أنا كتبت الجواب ده؟! هاهاها شيء مضحك خالص.
عمر بك : ما داهية أكون ما فهمتش صحيح وتبقى باردة! لأ فاهم لكن عشان إيه بقى كتبته؟
عبد الرحمن : عشان أَهدِّي أختي.
عمر بك : زينب هانم؟
عبد الرحمن : آه، وحضرتك تعرف طبعًا إن الناس اللي كده لازم الواحد يريحهم ويهاودهم.
عمر بك : كده برضه.
عبد الرحمن : مسكينة، حكايتها تحزِّن خالص، بقى أصلها كانت اتجوزت لكن جوزها كان راجل بطَّال قوي تَملِّي يسكر وتَملِّي يرنَّها عُلَق لحد ما خلَّاها اختلِّت.
عمر بك : بقى في محله اللي اجننت، لكن ليه كتبت الجواب ده؟
عبد الرحمن : غصب عني مش بكيفي، وعشان اكمنَّها مسكينة تعبتْ في الجواز قوي فبقت دلوقت تكره كل حاجة اسمها جواز. قامت لما دريت إني حاتجوز كتبت الجواب ده وغصبتني إني أمضيه، قمت وأنا بمضيه حطيت الحاشية.
عمر بك : برضه أنا قلت إن سي عبد الرحمن أفندي ما يخلصوش يعمل فينا كده، إنما أختك فين دلوقت؟
عبد الرحمن : حبستها وقفلت عليها بالمفتاح. بعتوش حد يستعجل المأذون؟
عمر بك : لا والله لسه. يا سي عثمان!
عثمان : نعم.
عمر بك : اعمل معروف قول لخليل يخطف رجله لحد المأذون.
عثمان : مأذون إيه وبتاع إيه بقى؟!
عمر بك : اسْعِفْ أمَّال يا سي عثمان!
عثمان : أسعف إيه ده أنا عاوز الإسعاف!
عمر بك : يلَّا أمَّال يا سيدي اللي يدوَّر ياما يلاقي، يلَّا بنا يا خيرية نحضر اللوازم عَبَال ما ييجي المأذون، وعشان كمان أَلْحَق أحلق دقني. عن إذنك يا سي عبد الرحمن.
عبد الرحمن : اتفضَّل يا بيه. الله وأنا عاوز أحلق دقني، أما أشوف موس تاني عند عمر بك.
جميلة : آه! سناني بتغلي، عاوزة أقرمش حد. آل يستغفلني الندل ويقول لي تعا نسافر إسكندرية وينزل في بنها ويفوتني! لكن برضه رجعت من طنطا وركبنا في قطر واحد وجينا سوا وهو مش عارف. أنا وراه والزمان طويل.
عمر بك : مش لاقيينه، ما كان هنا دلوقت! ديهده لهو طفش ولَّا إيه؟
جميلة : عمر بك.
عمر بك : زينب هانم! رحنا بلاش، دي هربت م الحبس وجت.
جميلة : فين عبد الرحمن؟
عمر بك : مش … مش عارف والله، أنا ما شو… شو… شوفتوش. الله تعوري نفسك!
جميلة : مش شُغلك.
عمر بك : لكن أنا خايف أتعور.
جميلة : وبرضه بنتك حاتتجوز الراجل ده؟
عمر بك : أيوه … بِدِّي أقول لأ ولا هو إيه.
جميلة : وإزاي تديها له وهو خاطب؟ ده راجل غشاش.
عمر بك : معلهش بس إنت ريَّحي نفسك … دي الليلة حالتها ألعن!
جميلة : كل حتة أكون فيها ما يبقاش فيها راحة لحد أبدًا.
عمر بك : الظاهر كده برضه.
جميلة : وأنا جاية هنا عشان أعطَّل كل حاجة.
عمر بك : دي أدهى والمأذون زمانه جاي. أنا والله زعلت قوي عشان جوازتك دي كانت جوازة مهببة. راجل سكري ما يختشيش فضل يضربك لحد ما جننك … لا لا يعني زعلك قوي. منه لله البعيد.
جميلة : بلاش هوسة أنت راجل مخرَّف.
عمر بك : زينب هانم!
جميلة : أنا مش زينب هانم.
عمر بك : دي بتحسب روحها واحدة ثانية.
جميلة : أنا اسمي جميلة وبقول لك أوعى تدي بنتك لعبد الرحمن ولَّا بعدين هيه!
عمر بك : حاضر حاضر ما اديهالوش أبدًا، ما يكونش عندك فكر.
جميلة : إذا رجعت في كلامك حاتعرف شغلك، أهبب عيشتك!
عمر بك : مِرْسي مِرْسي، بس أنا خايف من الموس ده.
جميلة : عبد الرحمن فين؟
عمر بك : أظن هنا جوَّه.
جميلة : طيب بس خد بالك إنك وعدتني وعد تمام، فتَّح عينك.
عمر بك : مفتحها قوي.
جميلة : إن رجعت في كلامك حأقتلك.
عمر بك : بكل ممنونية، بس يمينك شوية أحسن الموس بيلمع. مجنونة وتعملها. بقى الولية دي ناوية عالشر والأذيَّة، يعني بس سي عبد الرحمن راخر ما ودَّهاش الشرابية ليه؟ والله فكره أما أحبسها … هُس.
عبد الرحمن : جرى إيه؟
عمر بك : هُس هُس!
عبد الرحمن : إيه بس.
عمر بك : ولا كلمة، اخرج على طراطيف صوابعك وشوف خيرية فين واهربوا كلكم عالدور الفوقاني، وأديني محصلكم. هُس!
جميلة : آل المغفل بيحبسني وباب الأودة الثاني مفتوح!
عبد الرحمن : بس العبارة إيه مانيش فاهم!
جميلة : أهلًا وسهلًا.
عبد الرحمن : جميلة أنت … أنت!
جميلة : بَس بَس.
عمر بك : الأحسن إني أنسلت بقى من بين الاتنين دول.
عبد الرحمن : حتدبحي حد ولا إيه؟!
جميلة : لسه شوية … هيه، يعني فاهم إنك حاتهرب من إيدي!
عبد الرحمن : بقى في الحقيقة … إنما جيتي إزاي؟
جميلة : مش شغلك، أديني جيت وكلمت حماك.
عبد الرحمن : يا دي الداهية السودا!
جميلة : واتفقت وياه.
عبد الرحمن : أنا مش رايح أتجوز بنته.
جميلة : وأنا ما اتجوزكش ومش رايحة أخليك تتجوز حد أبدًا، ودلوقت بقيت أكرهك خالص.
عبد الرحمن : طيب أمَّال، ادِّيني التعهُّد بتاعي اللي عندك وهاتي جواباتي!
جميلة : لا أديلك جواباتك ولا أتجوزك ولا أخلي حد يتجوزك، وأفضل أناكف في بدنك كده هو.
عبد الرحمن : أظن الأحسن أَشِد ويَّاها شوية … أنت يا هانم، أنا ما أعرفكيش.
جميلة : معلهش وما له.
عثمان : اتفضل يا سيدنا اتفضل، أنا جاي حالًا.
المأذون : السلام عليكم.
عبد الرحمن : زَمْزِمِتْ! وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جميلة : بونسوار يا سي الشيخ.
المأذون : بونسوار ورحمة الله وبركاته.
جميلة : وحضرتك شرَّفت عشان إيه؟
المأذون : عشان أكتب كتاب كريمة البك.
جميلة : على مين؟
المأذون : على واحد أفندي كده اسمه عبد الرحمن ولا هو إيه.
جميلة : بقى الافندي ده!
المأذون : حضرتك العريس، أهلًا وسهلًا تشرفنا يا سي عبد الرحمن بك.
عبد الرحمن : طيب يا سيدي.
المأذون : ده باين إنط.
جميلة : لكن الافندي ده متهم.
المأذون : متهم في إيه لا سمح الله؟!
عبد الرحمن : متهم؟!
جميلة : متهم بالقتل.
المأذون : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، جريمة شنيعة! يا غفير يا عسكري!
عبد الرحمن : الله الله.
جميلة : هاها منك لهم تصطفل.
المأذون : يا عمر بك يا ناس يا هوه، الْحَقوني!
عمر بك : جرى إيه جرى إيه كفى الله الشر؟
المأذون : الْحَقْنِي يا بيه الْحَقْنِي! هو أنا جاي هنا أكتب كتاب ولَّا أفتح محضر؟!
فاطمة : هو جرى إيه؟
عمر بك : يا ستي بس طوِّلي بالك أما أشوف الداهية إيه … إيه الحكاية؟
عبد الرحمن : دي حاتبقى فضيحة لرب السما.
المأذون : بقى يا سيدنا البيه الجدع ده متهم. متهم بالقتل.
عمر بك : يا ساتر، يا ساتر!
فاطمة : يا باي!
المأذون : وإن الله لا يستحي من الحق، فمتآخذنيش أنا ما أقدرش أكتب كتاب واحد بالصفة دي!
عبد الرحمن : طيب بس مش تطوِّل بالك يا سيدنا لحد البيه ما يفهم العبارة.
المأذون : لا لا فوتني يا عمر بك فوتني! أنا راجل كبير وصاحب عيال، والعبارة دي فيها مسئولية.
جميلة : أنت يا عسكري!
العسكري : نعم.
جميلة : خد الافندي ده على القسم.
العسكري : عشان إيه يا ست هانم؟
عمر بك : دي حاجة تلبِّش.
جميلة : الافندي ده قتل واحدة ست اسمها جميلة.
عمر بك : يا خبر أسود!
المأذون : مش قلت لك يا بيه؟
فاطمة : ركبي سابت.
عبد الرحمن : طيب اسألها يا شويش هي اسمها إيه؟
عمر بك وفاطمة : زينب هانم.
العسكري : سمعت يا متهم وفيه شهود.
جميلة : أيوه أنا شفته بعيني، يلَّا خده عالقسم وأنا شاهدة. ابقى شوف لك واحد محامي يدافع عنك بقى. هاها جُرُّه يا عسكري هاها!
المأذون : لا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم اكفينا شر وزَّات الشيطان!
عبد الرحمن : يا عمر بك كلمة بس من فضلك. بقى شفت جنانها حصل لدرجة إيه؟
عمر بك : الحق عليك مش كنت تحبسها وتقفل عليها كويس! أهي جابت لك داهية تغرق فيها لحد ودانك وتلوصنا حواليك احنا كمان.
عبد الرحمن : ده مش وقته يا بيه.
عمر بك : طيب وإيه العمل؟
عبد الرحمن : نثبت لهم إن جميلة ما ماتتش.
عمر بك : إزاي؟
عبد الرحمن : نجيب لهم خيرية ونقول لهم أهي دي اللي اسمها جميلة، والحكاية تنتهي على كده.
عمر بك : أما فكرة، برافو!
عبد الرحمن : حنسميكي جميلة مدة دقيقتين بس.
خيرية : عشان إيه مانيش فاهمة؟!
عمر بك : بس اعرفي إن اسمك جميلة وخلاص. يا شاويش!
العسكري : نعم.
عمر بك : الست اللي اتهمت نسيبي ست مجنونة.
العسكري : ده شيء يبقى يبان في التحقيق.
عمر بك : بس خد بالك ويَّايا أمَّال، وعشان تتأكد أقول لك إن اللي اسمها جميلة ما ماتتش وأهي صاحية على رجليها.
العسكري : وهي فين جميلة دي؟
عمر بك : أهي دي.
العسكري : حضرتك جميلة اللي بيقولوا عليها؟
عثمان : خيرية، خيرية هانم، دي خيرية هانم كانت بعتتني أجيب لها حاجة.
العسكري : يعني ما اسمهاش جميلة؟!
المأذون : سبحان الله!
عمر بك : لأ.
عبد الرحمن : لأ.
عثمان : ومين قال إن اسمها جميلة؟!
المأذون : أما ذمم وفضايح!
العسكري : أنا لازم أقبض عليكم كلكم عشان التزوير ده والتلفيق.
عمر بك : مجنون.
عبد الرحمن : مغفل.
عمر بك : ابن عمك متهوم في قتل واحدة اسمها جميلة يا مغفل.
عثمان : هو أنت قتلتها بصحيح ولَّا إيه؟
عمر بك : ده اسم شيطاني كده بس والمسألة معاكسة، مش فاهم أخته؟!
عثمان : لكن أنا أعرف إنه فيه واحدة صحيح اسمها جميلة وسي عبد الرحمن يعرفها قوي. وأنا واحد أقول الحق، وإذا كان على أبويا كمان.
عمر بك : بقى صحيح في واحدة اسمها جميلة؟
عثمان : فيه قوي.
عمر بك : بقى على كده تبقى التهمة في محلها!
عبد الرحمن : طيب وأنت برضه يا بيه يخش عقلك إني أقتل حد.
عمر بك : يخش عقلي؟! ده أنا دلوقت اتأكدت تمام إنك مجرم. خُشِّي جوَّه يا هانم روحي مع نينتك يا خيرية أحسن يجرُّوا رجلكم في القضية.
فاطمة : وش مجرمين.
عبد الرحمن : بلاش قباحة يا كركوبة.
فاطمة : ارفع عليه قضية يا بيه!
عمر بك : بس إن سلم من دي، جُرُّه يا عسكري!
خيرية : قَتَّال قتلة.
عبد الرحمن : أدحنا اتفضينا دلوقت ما بقاليش حد أعتمد عليه إلا أنت يا عثمان. عثمان ابن عمي!
عثمان : أنا يا خويه ماليش ولاد عم مجرمين.
عبد الرحمن : أنا معترف إني خدت جميلة في القطر اللي رايح إسكندرية وسبتها في الوابور ونزلت في بنها، لكن هي رجعت تاني وموجودة هنا.
عثمان : ارمي!
عبد الرحمن : وأهي الحوسة اللي احنا فيها دي كلها من تحت راسها عشان تعطل عليَّ الجوازة. إخص عليك يا عثمان! وأنت صاحبي وابن عمي، اعمل معروف خلَّصني.
عثمان : أخلصك إزاي؟!
عبد الرحمن : بس تحلف إنك تعرف جميلة وإن الست صاحبة الحكاية هي نفسها جميلة وعلى كده ينفض المشكل.
عثمان : بقى يا صاحبي أنا راجل صاحب ذمة وضمير فمتآخذنيش إذا كنت ما أقدرش أشهد شهادة زور. من حق، يخلصك يا سيدنا الشيخ إني أشهد شهادة زور اكمنُّه ابن عمي؟
عبد الرحمن : أنت مجنون ولَّا إيه ده أنت طينتها!
المأذون : لا إله إلا الله بقى يا يشهد شهادة زور يا يبقى مجنون؟!
عثمان : خد بالك يا شاويش عاوزني أبيع ذمتي! أنا مش من دول يا سي عبد الرحمن.
العسكري : يا خي ده القتل باين على وشك، يا مجرم!
عبد الرحمن : أما حوسة، بقى الكل يتفقوا عليَّ في الظروف الصعبة دي حتى عثمان، لازم عينه ما جت عالبنت جميلة. جميلة اعملي معروف وقولي إنك ما متيش أنا في عرضك!
جميلة : مش ممكن إلا لما تسيب البنت دي.
عبد الرحمن : طيب وتعرفي لما أسيبها مش ممكن أتجوزك.
جميلة : وأنت مين يتجوزك؟! هاها إشحالك يا سي عبد الرحمن هاها!
عبد الرحمن : طاوعيني فتَّحي عينك واوعي لنفسك أحسن لك!
جميلة : أنست يا ابو عوف هاها.
عبد الرحمن : بقى عاوزين الحق كلكم، أنا صحيح قتلت الست اللي اسمها جميلة.
الجميع : اعترف!
المأذون : يا حفيظ يا حفيظ، ده كان حيبقى كتب كتاب بدمُّه!
عمر بك : يعني كنت حاروح على طرة من ليلة الدخلة.
عبد الرحمن : والست دي شريكتي في الجريمة.
جميلة : أيوه صحيح أنا وهو قتلنا جميلة.
العسكري : خليكم شاهدين، الاثنين اعترفوا.
عمر بك : والله عقلي اتبرجل.
المأذون : أما ليلة زي بعضها.
عثمان : ساعدته على قتل روحها! هاها.
عمر بك : الحمد لله اللي ما كنا وقعنا يا سي عثمان! أنا حديلك بنتي.
العسكري : يلَّا يا وش التهم!
عبد الرحمن : بس من فضلك لحظة يا شاويش. يا سي عثمان، أدحنا أهو اتفضينا إنما بالله العظيم عليك تقول الحق، وتقول كل شيء تعرفه.
عثمان : أنا يا أخي ما أعرفش حاجة.
عبد الرحمن : ده آخر رجا منك!
جميلة : عاوزه يقول إيه بقى إذا قال لنسيبك إني أنا اللي اسمي جميلة وإنك متفق معايا من ثلاث سنين عالجواز، خايفة نسيبك يصدق الكلام ده بذمتك الكلام ده معقول؟!
عمر بك : أنا اللي أعرفه إنك أنت زينب هانم.
جميلة : وإذا قلتلهم إني أنا اللي عملت ده كله علشان ما أخليكش تتجوز مين رايح يصدقني؟
عمر بك : مسكينة جوزها كان سُكَري وتملِّي يضربها وابنها عيان بالحصبة وشيء وراثي، معذورة.
جميلة : وأنت يا سي الشيخ بذمتك تصدق الكلام ده؟
المأذون : والله ما أنا عارف إيه اللي أصدقه وإيه اللي ما أصدقوش!
جميلة : وأنت يا شاويش آل برضه تصدق؟
العسكري : أنا أصدق كل حاجة.
عبد الرحمن : في عرضك اعملي معروف، وأنت يا عثمان ما تطلعش فيها خليك ذوق.
عثمان : تتنازل عن خيرية!
عبد الرحمن : والله العظيم ما بقيت عاوزها.
عثمان : بقى إحنا خلاص اتفقنا إنك تديني بنتك؟
عمر بك : ودي عاوزة كلام، خليكم شاهدين.
عبد الرحمن : مبسوطة يا ستي.
جميلة : قوي.
المأذون : أهو حترزق والسلام.
عثمان : طيب اسمع بقى يا حمايا، واسمعوا كلكم، لكن حماتي فين؟
عمر بك : يا هانم يا هانم! تعالي خشي، يا خيرية!
عثمان : دلوقت بقت رسمي، اسمعو بقى، الست دي اسمها جميلة وتبقى خطيبة سي عبد الرحمن من ثلاث سنين وعندها تعهد منه وجوابات كثير إنه يتجوزها، وبعدين حَب يُغْدُر عليها قامت عملت فيه العمايل دي كلها اللي شفتوها، عشان ما يتجوزش غيرها وآدي الحكاية من أولها لآخرها.
عمر بك : أما حكاية لكن تجنن.
عبد الرحمن : لكن هي الحقيقة تمام.
جميلة : اللي مش عاوزة كلام.
عبد الرحمن : وقبل المأذون ما يكتب كتاب خيرية وعثمان.
جميلة : يكتب كتاب جميلة وعبد الرحمن.
مأذون : لا والله عامت وقرقشت.
جميلة : أهو كده الواجب، اللي يحب واحدة ما يصحش يخلى بها ولَّا بس في الأول يبقى زي البغبغان: يا روحي يا عقلي يا قلبي يا ستي، وبعدين يسيبها ترن! مش بالذمة حرام؟
عمر بك : معلوم حرام.
المأذون : معلوم حرام.
جميلة : واللي يغلط غلطة عليه إصلاحها، لكن مش كل واحدة تعرف تخلص بحقها زيي، والعاقلة هي اللي متطاوعشي الرجالة، أديني أهو، مش كنت حاروح بلاش؟
عبد الرحمن : والله أنا متأسف يا جميلة على اللي جرى مني، والحمد لله اللي خلَّاني صلحت غلطتي بإيدي وإن شاء الله حاكون وياكي أحسن جوز خلقه ربنا.
جميلة : وأنا أكون لك أحسن جوزة في الدنيا! أحسن زوجة في الدنيا ولَّا هو إيه.
الجميع : «البلبل الحزين.»

(توفيق لا يكاد يفتح فمه ليغني حتى تقترب منه جميلة وتكبسه على طربوشه فينزل الطربوش على ودانه فيضحك الجميع … وينزل الستار.)

(تمت)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤