أنا سمكة السردين

ارتبط اسمي باسم جزيرة سردينيا الإيطالية؛ فعلى شواطئها الجميلة تمَّ اصطيادي لأول مرة.

قوامي جميل، ولوني فضي لامع. أنتمي إلى فصيلة أسماك الرنجة، ولي عدة أنواع يتجاوز عددها عشرون نوعًا، أهمها: سردين المحيط الهادئ، وسردين جنوب أفريقيا، والبلشار أو السردين الأوروبي.

figure

أعيش في مياه المحيط المعتدلة والمدارية الحارة، بالقرب من سواحل معظم القارات، في مجموعات كبيرة مهاجرة على طول الساحل، حيث نقوم كل عام بهجرة موسمية بهدف التكاثر؛ فما إن يأتي شهر نيسان حتى نستعِدَّ لهجرةٍ كبرى باتجاه السواحل الأفريقية ذات المياه الدافئة. نسبح في المياه الشاطئية بمحاذاة الشريط الساحلي لليابسة في مجموعة ضخمة تصل أبعادها عدة كيلومترات طولًا وعرضًا على شكل بقعة سوداء كبيرة متحرِّكة تحت المياه ظاهرة للعيان.

figure
figure

وأثناء هجرتنا يرصدنا الصيادون المتربِّصون بنا من بني الإنسان، والطيور، والحيوان، وكائنات البحار والمحيطات. تُحلِّق فوقنا طيور النورس الجائعة بأعدادها الكثيرة، دالةً على أماكن وجودنا.

وترافقنا الدلافين، وأسماك القرش، والحيتان، وعجول البحر.

تطاردنا الأسماك الكبيرة المفترسة؛ كلٌّ يريدنا لقمةً سائغة تملأ جَوفه وتُشبع جوعه. طريق هجرتنا محفوفة بالمخاطر، والكثير منا يلاقي حتفه.

أمَّا الناجون منا فيُتابعون مسارهم بمحاذاة شواطئ المدن المُطِلَّة على البحار.

وهناك نجد أنفسنا وسط شباك ضخمة نشرتها سفن الصيد الكبيرة، أو قوارب الصيادين المتوسِّطة والصغيرة، حتى إذا صرنا على مقربة من تلك السفن أو القوارب، تمَّ رفعنا مع الشباك المحيطة بنا، وأفرغونا في صناديق سفنهم أو قواربهم.

figure

أو نشرونا على رمال الشاطئ بانتظار تسويقنا في مزادات يكسبون منها الكثير، أو بهدف تمليحنا وتجفيفنا تحت أشعة الشمس ليتم تخزيننا مدةً طويلة، واستهلاكنا وقت الحاجة.

ولتقديمنا وجبةً مغذية، منشِّطة، غنيةً بالأوميغا ٣، وفيتامين ب١٢، والكالسيوم والبروتين، لحيواناتهم الأليفة من القطط، والكلاب، ولحيوانات المزرعة لديهم؛ إمَّا على شكل مسحوق ناعم بعد طحن أجسامنا المجفَّفة، أو بقوامنا الكامل المجفَّف.

ومن هناك تكون لنا رحلة أخرى إلى مصانع التعليب، أو التجفيف، أو الفرز والتسويق. تتناقلنا بعدها أيدي البشر من مكان إلى آخر، فتجدوننا على الرفوف في مراكز التسوُّق التجارية ضمن علب أنيقة مختلفة الألوان، والماركات، والأحجام.

أو تجدوننا في صناديق مختلفة وسط قطع الثلج، أو كومات مجفَّفة على طاولات العرض في أسواق بيع اللحوم والأسماك.

وتجدوننا مساحيق ناعمةً في عبوات، وأكياسًا في الصيدليات الزراعية، ومستودعات بيع الأعلاف الحيوانية، كإضافات علفية مركَّزة متمِّمة وضرورية لأعلاف الدواجن والمجترات، والحيوانات الأليفة.

يُستخرَج من جسمي زيت يُدعى «الصل»، يُستخدَم في طلاء أخشاب السفن التقليدية، فيُكسبها عزلًا ومقاومة ضد الرطوبة، ويُستخدم في صناعات أخرى؛ كإنتاج الشموع، والدهانات، والورنيش.

مُنحت الترتيب الأول على قائمة الأغذية لصحة الشباب وسعادتهم، وعُرفت بمحطة توليد المغذِّيات؛ فأنا مصدر هام للبروتين الحيواني، وواحدة من أكثر المصادر تركيزًا في الأحماض الدهنية الأساسية (أوميغا ٣)، التي تحتاجها أجسام الكائنات الحية لنموِّها وللقيام بوظائفها الحيوية، كما أنني مصدر هام للبروتين الحيواني، وفيتامينات «د» و«ب١٢»، وللكثير من العناصر المعدنية الهامة في الحفاظ على نشاط ووظائف أجهزة أجسام الكائنات الحية المختلفة، كالسيلينيوم، واليود، والفوسفور، والكالسيوم.

هل عرفتم من أكون؟!

أنا سمكة السردين. ملكة المعلَّبات المطلوبة، ووجبة الأغنياء والفقراء على حدٍّ سواء. سهلة الهضم، وأحد الأنواع الكثيرة التي تنتمي إلى جنس السردين. من فصيلة الرنجة، صف شعاعيات الزعانف، وشعبة الحبليات، أمَّا نَسَبي فينتهي إلى المملكة الحيوانية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤