اللائحة الأولى

ترتيب الآثار١

(١) سور المدينة٢

لهذا السور أهمية عظيمة؛ لأنه الوحيد من نوعه في الشرق الإسلامي. على أن في مدينتَي ديار بكر والقدس الشريف، سورَين أكمل من سور مدينة حلب، إلا أن سور القدس مبني في القرن الخامس عشر الميلادي (القرن العاشر للهجرة) أيام الدولة العثمانية، وليست له القيمة الأثرية والتاريخية التي لسور مدينة حلب من حيث فن الريازة العربية العسكرية، وأن بلاد دول الانتداب الفرنسي (يقصد المؤلِّف سوفاجه ﺑ «بلدان دول الانتداب» الجمهوريةَ السوريةَ، والجمهوريةَ اللبنانية؛ فإنهما كانتا في ذلك الحين دولتَين تحت الانتداب الفرنسي في الشرق) ليس فيها بلدة لها سور أفضل بناءً من سور مدينة حلب. على أن سور مدينة مصياف أبسط في بنائه، ولكنه أحدث عهدًا من سور مدينة حلب.

(١-١) حائط السور

إن الجزء الذي يستحق البقاء من حائط السور هو الجزء الذي يبدأ من باب الجنان إلى باب قنسرين، والجهة الغربية وجزء من الجهة الجنوبية.

ويُلاحظ أن هذا الجزء مكوَّن من بناء يرجع إلى ثلاثة عهود:
  • أولها: عهد بناء الأساس، وهو مكوَّن من حجارة ضخمة ارتفاعها خمسون سنتيمًا، ووجود بعض الأبراج المدورة يفيدنا أنه مبني قبل القرن الثالث عشر للميلاد. وقد يكون من بناء العهود القديمة.
  • وثانيها: عهد الطبقة التي تلي الأساس، ويرجع هذا إلى القرن الثالث عشر، وهي طبقة متقنة البناء.
  • وثالثها: عهد الطبقة العليا، ويرجع هذا إلى أيام المماليك، وفي بعض الجهات يرجع إلى عهد جد حديث.

ويلاحظ أن الحجارة المكتوبة التي تؤرخ تلك العهود لا وجودَ لها أصلًا، هو في حالة جد سيئة، ولكن بعض الأبراج الفخمة ما يزال موجودًا وإن كان في الأغلب مبنيًّا بناءً حديثًا يرجع إلى القرن الخامس عشر، وحالته حسنة.

وإن أعمال الترميم — فيما يظهر لي — ليست بضرورية الآن، ولكن ينبغي إخلاء الأبراج. وهناك عمل بسيط يجب الشروع فيه؛ وهو أن في نهاية الجهة الغربية من السور شارعًا عريضًا تمر فيه حافلات الترام الكهربائية، فيكفي هدم المخازن، ومصانع الحجارين الواقعة بين الشارع والسور لإيجاد منطقة خالية من أي بناء، يبلغ عرضها حوالي ثلاثين مترًا.

أما الجهة الجنوبية من السور — وهي التي ليست مغطَّاة بأي بناء حديث — فإن الخندق أمامها يصونها،٣ ولكن يجب من هذه الناحية إيجاد منطقة خالية عرضها مساوٍ لعرض المنطقة الغربية.
وفي حالة هدم السور تجب ملاحظة الأمور الآتية:
  • (أ)

    يجب أن تبقى في مكانها بقايا الحائط الواقع على الأراضي الصخرية التي تقع في شمالي مقبرة الجبيلة.

  • (ب)

    يجب أن تبقى الكتابة الباقية في مكانها على السور في الحائط الشرقي لجامع ألطنبغا.

  • (جـ)
    يجب أن تُحفظ الحجارة القديمة بالقدر الممكن من أماكن مصونة، ويمكن أن تُسد بها الثقوب الواقعة في السور أو تُرمم بها القلعة.٤

(١-٢) باب النصر٥

(انظر مخططه في الوجه «١» من المقال الذي نشره سوفاجه عن «سور مدينة حلب البدائي»، الذي نشره في مجموعة المعهد الفرنسي بدمشق سنة ١٩٢٩ Mélanges de l’Institut Français de Damas) بُني في السنوات الأُوَل من القرن الثالث عشر للميلاد. وقد هُدم الجزء الرئيسي منه ففُتح طريق عام، ولكن برجيه الدفاعيين ما يزالان محفوظين تمامًا.

يجب صيانة ما تبقى من هذا الأثر الفخم بإزاحة الدكاكين التي تكاد تغطيه.

(١-٣) باب أنطاكية٦

(انظر مخططه في الوجه «١» من المقال الذي نشره سوفاجه عن سور مدينة حلب.)

بُني في سنة ١٢٤٥م/٦٣١ﻫ، وقد جُدد في مناسبات متعددة. وإن نجفته متكسرة يجب إصلاحها، كما يجب هدم الدكاكين التي تشوِّهه، وقد أقيم أمامه مركز كهربائي منذ عهد قريب.

(١-٤) باب قِنَّسرين٧

(له مخطط، وعنه بحث للأب رباط في «مجلة العاديات» بحلب، عنوانه «أبواب حلب»، حزيران سنة ١٩٣١.)

يرجع عهده إلى ما قبل القرن الثالث عشر الميلادي، على الرغم من الكتابة التي على الباب الخارجي. إن نجفة الباب الخارجي مفكَّكة.

(١-٥) باب الفرج٨

لم يَبْقَ منه إلا برج جُدِّد بناؤه أيام قايتباي في النصف الثاني من القرن الخامس عشر للميلاد.

(١-٦) باب المقام٩

جدَّد بناءه برسباي١٠ في القرن الخامس عشر.

وهو الباب الوحيد في حلب، الذي له دهليز إلى يمينه، وتجب صيانته تمامًا.

(١-٧) باب الحديد١١

ويُسمى قديمًا باب القناة.

(له مخطَّط وبحث نشرهما سوفاجه في مقاله عن «أسوار حلب».)

بناه قانصُوه الغوري سنة ٩١٥ﻫ/١٥٠٠م، وحالته العمرانية جيدة جدًّا.

(١-٨) باب الجنان١٢

لم يَبْقَ منه إلا برج واحد، جُدِّد بناؤه في سنة ٩٢٠ﻫ/١٥١٤م. تجب صيانته مع الواجهة الغربية للسور.

(١-٩) القلعة

(لها مخطَّط عام، وبحث في مجلة Der Islam للأستاذ Sobernheim عنوانه «الكتابات العربية في مدينة حلب» ١٩٢٦.)
إن القلعة هي أجلُّ الآثار الحلبية الجليلة، تقع على رابية نصفها طبيعي ونصفها اصطناعي، كان يقوم من فوقها — بدون شك — أكروبول المدينة Acropol.
وقد اكتشف المسيو بلوا ده روترو Ploix de Rotrou بئرًا قديمة وبقايا آثار بعض الأبنية البيزنطية.

على أن بعض أبراج الجهتين، الغربية والشمالية، يرجع إلى منتصف القرن الثاني عشر للميلاد، ويمكن أن يقال بوجه تقريبي إن القلعة بشكلها الحالي ترجع إلى عهد السلطان الملك الظاهر غازي، أي بعد سنة ١٢٠٩م/٦٠٥ﻫ.

كما أن قسمًا كبيرًا منها يرجع إلى القرن الرابع عشر، والقرن الخامس عشر، والقرن السادس عشر للميلاد.

وللتعمق في الاطِّلاع على وصفها يُرجع إلى كتاب السيد بلوا ده روترو «قلعة حلب وما حولها»، وقد طُبِع بالفرنسية بحلب سنة ١٩٣١م.١٣
أما التنظيم الذي يجب أن يشمل جميع الفضاء المحيط بالجانب الخارجي للخندق فيكون كما يلي:
  • (١)

    يجب تحديد حرم للقلعة مرتفع في منطقة قدرها خمسون مترًا، يُحسب معها الطرف الخارجي للخندق.

  • (٢)

    يجب إزالة كل بناء محدث على الساحة الممتدة جنوبي القلعة؛ حيث كان سوق الخيل قديمًا، وكان ينبغي ألَّا تُبنى السراي الحكومية حيث بُنِيت.

ولما كانت القلعة لم تَعُد مقرًّا للأجناد، وجب أن يُجعل سقف ثكناتها على مستوى إفريز السور ذي الشرفات.

إن جهودًا عظيمة ونفقات باهظة يجب أن تُبذل لصيانة هذا الأثر العظيم وحفظه على شكله الحالي.

وقد رُمم المدخل، والأماكن التي جرت فيها الحفريات قد حُصِّنت بالحديد، ولكن السور متهدم، ويزداد تهدُّمه يومًا بعد يوم، فيجب أن يفحصه مهندس معماري، ثم يُرمَّم قطعةً قطعة بحسب إمكانية الأعمال.

ومهما كانت المبالغ المقدَّرة لترميم القلعة مرتفعة، فإنها ينبغي أن لا تَحُول دون ذلك؛ لأن القلعة تُعتبر جزءًا كبيرًا من رونق المدينة، وإذا كانت التلة التي شُيدت القلعة عليها قد أخذت تفقد تاجها السوري — نسبةً إلى سور القلعة — فإنها تصبح ذات طابع حزين ومهمل إذا لم يُعتنَ بها،١٤ كما هو الحال في قلعتَي حمص وحماة، وبهذا تفقد الشهباء رونقَها وطابعها.١٥

(١-١٠) الجامع الكبير

المنطقة «السابعة»، المحضر «٣٠٠١ / ٢» في محلة سويقة علي.١٦
لا شك في أن بناء الجامع الأموي الكبير قديم جدًّا، ولكنه جُدد مرات عديدة.١٧

أما بناؤه الحالي فلا يصعد إلا إلى عهد المماليك باستثناء المنارة المشيدة سنة ١٠٩٠م/٤٨٢ﻫ، وأنها عمل رئيسي في الريازة السورية الإسلامية.

وأما منبره الخشبي المكفَّت فإنه يرجع إلى القرن الرابع عشر للميلاد، وفيه خشبيات أخرى قديمة هي المقصورة الشرقية، والشبكة التي تفصل بين القبلتين والباب إلى يمين المنبر.

والمسجد بحالة حسنة، وتجب العناية بالخشبيات القديمة، كما تجب صيانة الكتابة المنقوشة على الخشب فوق المدخل الشرقي.

(١-١١) مقام الصالحين

المنطقة «١٢»، المحضر «١٢٨ / ٤».

هو محل عبادة قديم جدًّا، فيه صخرة تروي الأخبارُ أنها ترجع إلى أيام إبراهيم١٨ أكثر بنائه اليوم حديث، ولكن محرابه مؤرخ بسنة ١١٠٥م / ٥٤٥ﻫ، ومن ورائه منفذ ينفذ إلى مصلًى صغير.١٩
وعلى الباب متدليات من الحجارة البركانية (البازلت)، وفوقها كتابة جميلة بالقلم الكوفي على مرمر أبيض.٢٠
يجب أن يخلى من السكان.٢١

(١-١٢) جامع القيقان٢٢

المنطقة «٧» المحضر «١٠١٩ / ٤» بمحلة العقبة.٢٣

من العسير جدًّا تحديد زمان بناء هذا المعبد الصغير المصنوع من الحجارة القديمة، وعليه كتابات حثية وعبرية، وفيه أعمدة عتيقة جدًّا.

ويغلب على ظني أنه يرجع إلى القرن الثاني عشر للميلاد على الأقل.

(١-١٣) قبور قديمة٢٤

  • (أ)

    قبر في مقبرة الصالحين، على بضعة أمتار من جنوبي مقام الصالحين (رقم ١١)، وعلى هذا القبر كتابة لا يُعرف اسم صاحبها، وهي غير مؤرخة، ولكنها ترجع إلى حوالي سنة ١١٢٥م/٥٢٠ﻫ، والكتابة بقلم كوفي مزهر.

    وقد هدم هذا القبر في الفترة الأخيرة جماعةٌ من اللصوص، ولكن دار الآثار أعادته إلى حالته الأولى.

    يجب وضع تصوينة حديدية له.٢٥
  • (ب)

    إلى الشمال الشرقي من القبر السابق، وفي جنوب شرقي مقام الصالحين توجد عدة قبور قديمة تبلغ حوالي العشرين قبرًا، يرجع عهدها إلى آخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر للميلاد.

وإن تنوع طراز هذه القبور وكتاباتها الأثرية قيمة جليلة، فتجب صيانتها، وهذه القبور مطمورة إلى نصفها، فيحسن أن تُجعل لها تصوينة حديدية إلى أن تُرمم وتُزال عنها الأتربة، وتُعاد شواهدها إلى أماكنها، ويُزال عن الشواهد ذلك الحك والكشط الذي نجده كثيرًا في سورية.

(١-١٤) الشيخ محسن

المنطقة «٤» المحضر «٢٤٨٥ / ١٠» طريق الأنصاري.

(له مخطط وبحث للمصنف نشره في مجلة Syria سنة ١٩٢٨ عنوانه: قبران شيعيان بحلب.)
كان ضريح مشهد الدكة من بناء سيف الدولة،٢٦ بناه على قبر أحد أحفاد الرسول ، الذي اكتشف موضعه بنبوءة.٢٧

أما بناؤه الحالي فلا يعدو القرن الثالث عشر للميلاد، ولكن ما تزال فيه كتابة كوفية تشهده بتجديده.

له باب عظيم بمتدليات، وقباب وعقود ذات طابع فني خاص وتبليط جميل أمام المدخل، والقبر من الخشب المحفور الذي يرجع إلى القرن الثالث عشر للميلاد، وفيه أعمدة قديمة منقولة من مكان آخر.

لا يحتاج الآن إلى ترميم، ولكن تجب العناية به.

عليه كتابات تتضمن ذكر الأئمة الاثني عشر عند الشيعة، وهي محفورة على الحجارة التي تعلو القبر من الجهة الشمالية، يجب حمايتها وحفظها كما تجب صيانة البناء نفسه.

(١-١٥) المدرسة الحلوية (الحلاوية)٢٨

المنطقة السابعة، المحضر «٣٠٢٧ / ٢» في محلة جب أسد الله، نشر مخططها الأستاذ كوير Guyer في مجلة I. F. A. D. في المجلد الحادي عشر مع بحث مفصل عنها.
هي كتدرائية حلب العظمى التي شُيدت في القرن الخامس للميلاد وهُدمت أيام الإمبراطور كوسروس في سنة ٥٤٠م، ثم جُددت في أيام جوستنيان. ثم حُولت إلى مدرسة إسلامية في سنة ١١٤٧م/٥١٨ﻫ٢٩ وما يزال فيها آثار من العهد المسيحي، وبخاصة الأعمدة الفخمة التي حُفرت على تيجانها، صور أوراق الكنكر Acanthe الجميلة.

تحت إيوانها محراب خشبي رائع في حفره ونقوشه مؤرخ سنة ١٢٤٥م/٦٤٣ﻫ، وفوق الباب الأعظم بقايا كتابة ترجع إلى عهده الإسلامي الأول.

(١-١٦) جامع النوتة٣٠

المنطقة «٧»، المحضر «١١٨٥ / ٦» في محلة العقبة.

هو المدرسة الشعيبية التي بُنيت سنة ١١٤٦م/٥٣٥ﮬ.٣١
ولم يبق من بنائها الأول إلا الجهة الغربية والرواق، وهما متوجان بحجارة قديمة، نُقشت عليها في القرن الثاني عشر للميلاد نقوش وكتابات رائعة تعتبر عمدة في تاريخ النقش العربي Arabesque.

إن الزاوية الجنوبية الغربية من الجبهة متوهنة، ومن الضروري أن تنظم مساقط مياه المطر تنظيمًا متقنًا؛ لئلا يفسد بناء السطح وتتوهن النقوش.

أما المنارة الحديثة البناء، والتي تثقل كاهل العقد والقبلية فيجب هدمها، كما يجب هدم الحواجز التي أُقيمت من تحت القناطر.

(١-١٧) المارستان النوري

المنطقة «٧»، المحضر «١٤٠٢ / ٦» في محلة الجلوم.

له مخطط صنعه سوفاجه في الوجه «٢» من كتابه.

هو مستشفى بناه نور الدين حوالي منتصف القرن الثاني عشر للميلاد،٣٢ ثم جُدد في القرن الخامس عشر، وقد أصابه تهديم عظيم لتحويله إلى مساكن، فتجب صيانته؛ لأنه يمثل طراز بناء عربي لم يبقَ منه إلا القليل في العالم الإسلامي. راجع أيضًا الأثر رقم  ٣٧.

إن الباب قد حافظ على مصراعيه الأصليين المزخرفين، المكونين من قطع خشبية، ولهما مظرافان حديديان من القرن الثاني عشر للميلاد.

أما داخل المستشفى فهو في حالة إهمال لا توصف؛ فالباب والجبهة يميلان بشكل عمودي نحو الطريق.

وأول ما يجب عمله لصيانة هذا الأثر هو إخلاؤه من السكان، والشروع في تنظيفه من الأوساخ وأكوام التراب.٣٣

(١-١٨) المدرسة المقدَّمية٣٤

المنطقة «٧»، المحضر «١٣٨٣ / ٦» في محلة الجلوم، له مخطط في الوجه «٢»، وبحث كتبه كرسويل Creswell في مجلة B. I. F. A. O. المجلد «٢١».
هي كنيسة قديمة حُولت إلى مدرسة في سنة ١١٦٨م/٥٤٥ﻫ،٣٥ وهي أقدم مدارس الشهباء، وثاني مدرسة شُيدت في سورية،٣٦ لها رواق جميل ذو نقوش مدورة ومشبكة، ومصلى فيه محراب من الرخام، ومن حول الصحن غرف عديدة للطلاب. وهذا هو كل ما بقي من بناء المدرسة القديم.
إن الرواق عرضة للانهدام٣٧ راجع كتابي المؤرخ في ١٩ آذار.

(١-١٩) مطبخ العجمي

المنطقة «٧»، المحضران «٢٠٥٧ / ٣ و٢٠٣٥ / ٣» بمحلة سويقة علي، له مخطط في الوجه «٤».

هو بقايا قصر يرجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي، وقد رُمم في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديي. كان — بدون شك — ملكًا لأحد أمراء نور الدين، وهو القصر الوحيد من نوعه في الشرق الإسلامي.

له قبة تقوم على متدليات من الجص، وعقد يقوم على متدليات أيضًا، وإيوان له غلق مقطَّع، وإيوان آخر له غلق منقوش.

وفيه بقايا خشبيات قديمة ترجع إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر.٣٨

(١-٢٠) مشهد الحسين٣٩

المنطقة «٤»، المحضر «٢٤٧٥ / ١٠» طريق الأنصاري، له مخطط في الوجه «٢» من كتاب سوفاجه، وعنه بحث نشره سوفاجه بعنوان «المشاهد الشيعية».

هو مشهد شُيد في أواخر القرن الثاني عشر للميلاد أو أوائل القرن الثالث عشر لأسباب ما تزال مجهولة،٤٠ وهو أجمل آثار حلب، ولكنه نصف متهدم مع الأسف بسبب انفجار البارود فيه حين دخول جنود الشريف الحسين بن علي.

إنه بناء فخم لتنوع قبابه وعقوده؛ فيه قبة عظيمة لها متدليات، وقبة ذات كوى بعواميد صغيرة، ومحراب فخم له عمودان من المرمر.

والبناء متوهن جدًّا إلى درجة أنه يجب الإسراع بإصلاحه للاحتفاظ ببقيته الباقية،٤١ كما يجب رفع الأنقاض منه، وجمع الحجارة المنقوشة والكتابات القديمة المنثورة بين تلك الأنقاض، ووضع حد لسرقة حجارته.٤٢

(١-٢١) جامع الشيخ معروف

المنطقة «٧»، المحضر «٣٣٧٦ / ٢» بسوق الضرب، له مخطط في الوجه «٥» من كتاب سوفاجه، وبحث في كتاب كرسويل Cairene Madrasas.
هو المدرسة الشاذبختية القديمة التي ترجع إلى القرن الثالث عشر للميلاد،٤٣ له باب ضخم بمتدليات، غُطي نصفه بعقد السوق، وفيه أجمل محاريب مساجد حلب.٤٤

ولبابه مصراعان بمطراقين حديديين قديمين.

(١-٢٢) الشيخ فارس

في بساتين باب الله (بابلي)٤٥ له مخطط في الوجه «٥» من كتاب سوفاجه.

هو مقر ضريح الصوفي أبي بكر المراغي ٦٠٢ﻫ/١٢٠٤م وإن قيمة هذا الأثر، القائم على صخور الجبل، هي في موقعه الجميل.

(١-٢٣) المدرسة السلطانية

المنطقة «١١»، المحضر «٢٣٠٣ / ٦» قبالة القلعة، لها مخطط في الوجه «٥» من كتاب سوفاجه، وبحث نشره Creswell في كتابه Cairene Madrasas.
هي٤٦ تربة سلطان حلب الملك الظاهر غازي (١٢٢٣م)٤٧ لها باب ضخم، ومصلى بقبَّة ومحراب من أجمل محاريب حلب، وفيه غرفة الضريح، أما ما تبقى من بنائها فهو محدث.
يمكن هدم المنارة المحدثة التي تثقل كاهل سطح الباب، وبما أن الأتربة قد تجمعت بارتفاع مترين، وجب تنظيفها وإعادة مستوى أرضها إلى الحالة الطبيعية.٤٨

(١-٢٤) المدرسة الأتابكية (جامع الكلتاوية)٤٩

المنطقة «١٠»، المحضر «٨٥١ / ٧» في محلة باب الحديد.

هي تربة الأتابك طغريل (١٢٢٣م)،٥٠ وإن قيمتها الأثرية الوحيدة هي في واجهتها التي تمتاز بشكل عمراني خاص، ولكن بعضها قد تهدم مع الأسف، أما سائر بناء الأثر فمحدث.٥١

ويمكن أن يُحتفظ بالواجهة مع باب الحديد (الأثر رقم ٧) الذي يحاذيها، وفي حالة الضرورة يمكن هدمها وإعادة بنائها في مكان آخر.

(١-٢٥) التربة المسماة بالدرويشية

المنطقة «٨»، المحضر «٢٧٢٧ / ١٠» في جنوبي الفردوس، لها مخطط في الوجه «٦» من كتاب سوفاجه.

هي تربة إحدى زوجات صلاح الدين أم ولده الأفضل علي ١٢٢٤م/٥٢١ﻫ، لها نمط عمراني منفرد بذاته في هذا القرن.

وإن جميع بناء هذه التربة له شأن.٥٢

(١-٢٦) المدرسة الظاهرية البرانية

المنطقة «٨»، المحضر «٢٧١٠ / ١٠» في محلة الفردوس، له مخطط في الوجه «٦» وبحث للأستاذ Creswell في كتابه Cairene Madrasas.
هي٥٣ مدرسة تربة بناها الملك الظاهر غازي، بلا شك، في سنة ١٢١٧م / ٦١٠ﻫ، لها باب ضخم بمتدليات، ورواق بأعمدة أمام القبلية، وقبة بمتدليات أيضًا، وصحن مرخم بأشكال هندسية رائعة ذهب بعضه، وغرف للطلاب حسنة البناء وطابق علوي، ومحراب متقن.

إن قسمًا كبيرًا من بلاط صحن المدرسة قد خرب بفعل سكانها، وقد لاحظت في زيارتي الأخيرة لها أن تخريبًا كثيرًا قد وقع بعد زيارتي لها في سنة ١٩٢٧م.

ويجب إخلاؤها فورًا من سكانها.٥٤

(١-٢٧) المدرسة الكاملية البرانية

المنطقة «٨»، المحضر «٢٥٨٦ / ٣» في محلة المقامات، لها مخطط في الوجه «٦»، وبحث في Cairene Madrasas, Creswell.

هي مدرسة مجهولة يرجع عهدها إلى مطلع القرن الثالث عشر للميلاد.

لها باب بمتدليات، وإيوان فخم سقط قسم منه، وقبليته عامرة لها قبة بمتدليات متقنة ومحراب جميل.

سائر مرافق المدرسة مخربة، ويجب إخلاؤها من السكان والشروع في ترميمها، وبخاصة قبة الإيوان وأبواب القبلية التي يجب أن تُفتح.٥٥

(١-٢٨) جامع الدباغة العتيقة

المنطقة «٧»، المحضر «٢١٤٠ / ٣» في محلة الدباغة العتيقة.

إن الجزء القديم من هذا المسجد هو منارته التي ترجع إلى مطلع القرن الثالث عشر للميلاد، وهي من أجمل منارات حلب.٥٦
أما المسجد نفسه فلا قيمة أثرية له، ولكن تجب العناية به لأسباب فنية.٥٧

(١-٢٩) الزاوية الكمالية

المنطقة «٧»، المحضر «١٤٩٨ / ٦» من محلة العقبة.

هي أثر مجهول يرجع إلى عهد ليس بالبعيد، والجزء المهم منه هو الباب بقبته الجميلة ذات المتدليات التي ترجع إلى القرن الثالث عشر للميلاد.٥٨

في حالة الضرورة يمكن نقل الباب.

(١-٣٠) الزاوية البزازية

المنطقة السابعة، المحضر «١٣١٠ / ٦» في محلة الجلوم.

هي أثر مجهول٥٩ له باب جميل بمتدليات يرجع عهدها إلى القرن الثالث عشر للميلاد، إن رأس قوس الباب تزحزح قليلًا فيجب تثبيته بالأسمنت ليُحال دون زحزحته.

يمكن نقل هذا الباب في حالة الضرورة.

(١-٣١) مدرسة الفردوس

المنطقة «٨»، المحضر «٤٦٨٩ / ٤» جنوبي باب المقام، لها مخطط في الوجه «٤»، وبحث في Cairene Madrasas, Creswell.
هي المدرسة التي بنتها ضيفة خاتون زوج الملك الظاهر غازي.٦٠
بناؤها رائع بصورة عامة، لها باب بمتدليات، وفي الصحن أروقة بأعمدة وإيوان، وفي القبلية قبة بمتدليات، ومحراب من الرخام المجزع ورفاريف من الخشب المحفور.٦١

إن الزاويتين — الشمالية الغربية، والشمالية الشرقية — اللتين اغتصبتا وجُعلتا دُورًا للسكن يجب إخلاؤهما وإصلاحهما. والإيوان الشمالي يجب إخلاؤه من الحيطان الصغيرة التي شُيدت فيه من الطين والحجارة الصغيرة فشوهت جماله، كما يجب تدعيم القبة.

إن الأعمال الترميمية فيها يجب أن تبدأ بهدم البيوت الملصقة بالجبهتين الشرقية والغربية. أما الرواق الغربي للصحن الذي سقطت عليه الأعمدة وتيجانها فتمكن إعادة بنائه بكلفة قليلة.

(١-٣٢) خانقاه الفرافرة

المنطقة «٧»، المحضر «٣٥٥١ / ١» في محلة الفرافرة٦٢ لها مخطط في الوجه «٧».
هي خانقاه٦٣ بناها سنة ١٢٣٧م / ٦٣٥ﻫ السلطان الناصر يوسف الثاني٦٤ وهي إحدى خانقاهين محفوظتين في سورية، وهي الأكمل والأجمل من بينهما، لها باب بمتدليات، وإيوان، وقبلية بقبة لها متدليات، ومحراب بفسيفساء رخامية، ورفراف خشبي منقوش ومزخرف بخطوط محفورة، وبقايا طابق علوي وغرف للصوفية، وإلى الجنوب الشرقي ملحق فيه بعض الغرف أيضًا.
إن الجبهة مائلة قليلًا نحو الطريق، وداخل الخانقاه، يجب أن يُنظف ويُخلى من سكانه لئلا يزيد توهنًا.٦٥

(١-٣٣) المدرسة الشرفية٦٦

المنطقة «٧»، المحضر «٢٣٨٤ / ٢» في سويقة حاتم، لها مخطط يصف حالتها القديمة في الوجه «٧» نقلًا عن Creswell في كتابه Cairene Madrasas.
هي مدرسة بُنيت في سنة ١٢٤٢م / ٥١٧ﻫ٦٧ لكنها رُممت مجددًا من قبل دائرة الأوقاف فشوهتها. ولم يبق من بنائها القديم ما يصلح لوضعه ضمن الآثار الحلبية سوى الباب المزخرف والعقد ذي المتدليات، والقبلية بقبتها ذات المتدليات، ومحرابها.

(١-٣٤) جامع الكريمية٦٨

المنطقة «٨»، المحضر «٨١٤ / ٥»، محلة: باب قنسرين.

أهم ما بقي من آثار بنائه القديم هو الباب الغربي المبني سنة ١٢٥٦ / ٦٥٤ﻫ بعقده ذي المتدليات.

وما في البناء اليوم كله حديث.

تجب صيانة الباب، ويمكن نقله في حالة الضرورة إلى مكان آخر.

(١-٣٥) قبور قديمة

في مقبرة المقامات، إلى شرقي المدرسة الكاملية (الأثر رقم ٢٧) توجد ثلاثة قبور ترجع إلى القرن الثالث عشر للميلاد، وهي مزخرفة بكتابات وشعارات لها قيمة خاصة.

فيجب العناية بها مثل العناية بالقبور التي ذكرناها تحت رقم «١٣» وإلَّا نقلها إلى المتحف وهو أفضل.٦٩

(١-٣٦) جامع الطنبغا

المنطقة «١١»، المحضر «٢٦٠٥ / ٥»، محلة: الطنبغا، له مخطط في الوجه «٨».

هو مسجد عظيم بناه الأمير الطنبغا٧٠ في سنة ١٣١٨م / ٧١٤ﻫ، له جبهة جميلة ورواق بعقد تعلوه عدة قباب بمتدليات، وفي أعلى محرابه قبة بمتدليات، وله منبر حجري ومنارة جميلة.
أما المدرسة التي كانت ملحقة به من الجهة الشمالية فهي متهدمة، ولم يبق منها إلا الجبهة.٧١
والمدرسة والجامع يكوِّنان كلاهما وحدة يجب صيانتها.٧٢

(١-٣٧) مارستان أرغون

المنطقة «٨»، المحضر «٧٩٩ / ٥» في محلة باب قنسرين، له مخطط في الوجه «٨».

هو مستشفى بناه الأمير أرغون٧٣ في سنة ١٣٥٤م / ٧٥٥ﻫ، وهو أفضل الأبنية التي من نوعه في سورية ومصر؛ فإن كل مرافقه القديمة ما تزال بحالة جيدة.
له باب بمتدليات فخم جدًّا، وصحن تحيط به أروقة، وإيوانان متقابلان وغرف للمرضى.٧٤
الجبهة مشقَّقة، والقباب فيما يظهر لي هي في حالة سيئة، وأول ما يجب عمله هو إخراج الساكنين فيه الذين سرقوا منه الخشبية القديمة، فيجب إعادتها فورًا وإرجاعها إلى أماكنها.٧٥

كما يجب إعادة حلقتي الباب، الذي توهن، والذي بقي فيه بعض غطائه البرونزي، ويجب تنظيفه وإصلاحه بشكل تسهل معه إعادة الأجزاء المفقودة منه.

(١-٣٨) مراحيض عامة

المنطقة «٧»، المحضر «٢٣٩٦ / ٢» بسوق المناديل، لها مخطط في الوجه «٨».

هي بناء واسع تعلوه قبة عالية من القرن الثاني عشر للميلاد، وتحيط به غرف المراحيض، وقد جدده سنة ١٣٥٧م / ٧٥٨ﻫ الأمير طاز.٧٦

وهو أحد بناءين اثنين من نوعه في سورية.

لا يستدعي القيام بإصلاح ترميمي سريع الآن سوى إزالة الحاجز الخشبي الذي يغطي المدخل ذا المتدليات، كما يجب تجصيصه وتنقية جوه.٧٧

(١-٣٩) جامع الفستق

المنطقة «٧»، المحضر «٥٢٤١ / ٢» بمحلة سويقة علي، له مخطط في الوجه «٨».

هو المدرسة الصاحبية٧٨ التي بُنيت سنة ١٣٤٩م / ٧٥٠ﻫ، لها باب جميل جدًّا وجبهة، منقوش بزخارف هندسية جميلة، وفي داخله محرابان من الجص المحفور.
لا يجب عمل شيء الآن سوى تنظيف الصحن من الأتربة وأكوام الحجارة.٧٩

(١-٤٠) جامع المهمندار

المنطقة «٧»، المحضر «٣٦٤٤ / ١»، محلة: باب النصر، له مخطط في الوجه «٩».

هو بناء مجهول٨٠ من القرن الرابع عشر للميلاد، فيه قبلية لها سدة طرزها غريب. الباب مهم؛ والمنارة هي أهم ما في المسجد من الآثار؛ فقد بُنيت على طراز أناطولي بإتقان بارع.
إن ميل المنارة نحو الطريق هو مقلق.٨١

(١-٤١) جامع الرومي

المنطقة «٨»، المحضر «٨٨٤ / ٥»، محلة: ساحة بزه، له مخطط في الوجه «٩».

هو مسجد بناه الأمير منكلي بغا سنة ١٣٦٥م / ٧٦٨ﻫ.٨٢
وقد تهدم بعض القناطر المحيطة بالصحن. ومنارته جميلة أسطوانية الشكل. وله بابان جميلان.٨٣

جبهته متوهنة، ونخشى أن يؤثر توهنها على سائر الأثر.

(١-٤٢) قسطل السكاكيني

المنطقة «٨١»، المحضر «١٣٤٢ / ٦»، حارة الأعجام.٨٤
هو لصيق٨٥ الجامع المشهور بالسكاكيني (الأثر رقم ٩٥) إلى جهة الغرب، ولا شك في أنهما مبنيان في زمان واحد.

وهو أجمل قساطل حلب، ويجب إزالة الألواح الخشبية من تحت قنطرته، والعمل على إزالة التشويه عن زخارفه ونقوشه.

(١-٤٣) المدرسة الطرنطائية

المنطقة «١١» المحضر «١٩٥٨ / ١»، محلة: محمد بك، لها مخطط في الوجه «٩».

مدرسة مجهولة٨٦ فاسمها وتاريخ بنائها في سنة ١٣٩٢م / ٧٨٥ﻫ هما من مزاعم شيخها!٨٧
بناؤها عظيم الريازة،٨٨ وهي بحالة جيدة، لها بابان بمتدليات وزخارف هندسية وصحن واسع في جانبيه أروقة.

أما القبلية فلها قباب عالية وإيوان ضخم متوجه إلى جهتين.

والطابق العلوي منها حالته حسنة.

ظهر لي أن الحائط الغربي للقبلية بادئ بالتخلخل فيجب تكليس أحد البابين بأسرع ما يمكن، وهذا يكفي الآن لئلا يحتاج بعد سنوات إلى القيام بإصلاحات كبيرة.٨٩

(١-٤٤) حمَّام الجوهري

المنطقة «٨»، المحضر «٦٩٤ / ٥» باب قنسرين، لها مخطط في الوجه «٩».

بناها الأمير أقبغا٩٠ سنة ١٣٨٤م / ٧٨٩ﻫ.٩١

فخمة بإنشائها، فضلًا عن التفاصيل في بنائها المطبوع بطابع الحمَّامات الملوكية في سورية الشمالية، إلا أنها أكثرها بساطة.

لا نقترح القيام بأي إصلاح فيها الآن سوى كشف الكتابة القديمة والزخارف والباب، ويمكن أن تظل حمَّامًا على شريطة أن تظل حالة المجاري مراقبة بشدة.

(١-٤٥) جامع البياضة

المنطقة «١٠»، المحضر «٧٠ / ٧»، محلة: البياضة،٩٢ له مخطط في الوجه «٩».
هو الجامع المعروف قديمًا بجامع الصَّرَوي٩٣ (١٤٠٢م).

له جبهة جميلة بنقوشها. ومنارة رشيقة. وقسطل بقبو. في داخله المجدد قبران قديمان.

(١-٤٦) جامع الأُطروش

المنطقة «١١»، المحضر «١٢٥١ / ٦»، محلة: الأعجام، له مخطط في الوجه «٩».

هو جامع تربة أقبغا ١٤٠٣م / ٨٠٧ﻫ.٩٤ وله جبهة جميلة مزخرفة بالحفر والنقش.

منارته رشيقة، وقبليته مجددة منذ عهد قريب. وقد أُعيد تدعيم مأذنته وقُوِّيت في سنة ١٩٥٣.

(١-٤٧) جامع الدرج

المنطقة «١٠»، المحضر «١٠٣٠ / ٠».٩٥
جامع مجهول العهد٩٦ (حوالي سنة ١٤٠٦م) وهو صغير، حسن الصيانة. له جبهة جميلة ذات ألوان شتى مزخرفة بكوى مسطحة لها متدليات، فيها شباك حجري مخرم وفيه محراب قديم.

(١-٤٨) حمَّام اللبابيدية

المنطقة «١»، المحضر «٢٣٠٠ / ٦» قبالة القلعة.

هي الحمَّام المعروفة قديمًا بحمَّام الناصري٩٧ (القرن الرابع عشر للميلاد)، وهي أجمل حمَّامات حلب، ومن أشهر حمَّامات سورية.

إن قبة قاعة المشلح منقوبة فيجب ترميمها، ولا يمكن أن تُرمم إلا بوضع طبقة من الجلد لئلا تنكسر القمريات الجصية كسورًا جديدة، ولكي لا يذهب الدهان الذي يزين القبة.

ويمكن أيضًا صيانة بقايا الكتابة المنقوشة في قاعة المشلح بوضح ألواح زجاجية عليه فإنها وثائق جد نادرة.

إن هذه الحمَّام لا تعمل اليوم كحمَّام، بل اتخذها اللبابيدية محلًّا للعمل فيحسن أن تُهيأ لاستقبال الزوار.

(١-٤٩) سبيل باب المقام

هو سبيل يرجع إلى القرن الخامس عشر للميلاد٩٨ تزينه ثلاث كتابات وشعار، وهذه الوثائق يمكن نقلها إلى المتحف، ولكن لا مانع من الإبقاء عليها في مكانها؛ لأن السبيل يصونها مع باب السور أيضًا (الأثر رقم ٦).
يجب أن يكون موضع عناية.٩٩

(١-٥٠) تربة أغُلْبك١٠٠

المنطقة «٨»، المحضر «٢٦٣٠ / ٣» في محلة الفردوس.

هي تربة صغيرة مربعة، تعلوها قبة لها جبهة جميلة مزخرفة ولها شبابيك حجرية مخرمة، يجب إخلاؤها من السكان، وتنظيفها من الأتربة المكومة فيها.

(١-٥١) تربة الشيخ شهاب الدين أحمد١٠١

المنطقة «٨»، المحضر «٥٤ / ٢٦ / ٣» في محلة الفردوس.

هي تربة صغيرة تعلوها قبة، ويتصل بها إيوان ١٤٠٤م / ٧٨٣ﻫ لها شبابيك حجرية رائعة.

(١-٥٢) تربة مجهولة

المنطقة «٨»، المحضر «٢٦٥٥ / ٣»، محلة: الفردوس.

هي تربة مجهولة بُنيت على شكل مسجد، لها شعارات، وفيها عدة قبور قديمة حالتها العامة جيدة.

يجب إخلاؤها من السكان.١٠٢

(١-٥٣) المدرسة السفَّاحية١٠٣

المنطقة «٨»، المحضر «٨٧٤ / ٥»، محلة: ساحة بزه.

بناها في سنة ١٤٦٤م / ٨٢٨ﻫ القاضي ابن السفاح.

لها جبهتان جميلتان، وباب بمتدليات ومنارة رشيقة.

داخلها حديث البناء.١٠٤

(١-٥٤) قسطل الحرامي١٠٥

المنطقة «٦»، المحضر «١٠٢٢ / ١»، محلة: قسطل الحرامي.

جدَّده في سنة ١٤٩٠م / ٨٩٧ﻫ برد بك (تاجر الممالك السلطانية)١٠٦ وإن الحجر المنقوش عليه تاريخ بنائه الأول هو غير مقروء بشكله الحالي.

هو قسطل جميل له نقوش بديعة محفورة وأعمدة في الزوايا وشعار يمكن نقله من مكانه.

في داخل الجامع١٠٧ الذي يقع وراء القسطل (المحضر ١٠٢١ / ١) قبر المجدد وهو جميل منقوش.

(١-٥٥) قسطل ساحة بزِه١٠٨

المنطقة «٨»، المحضر «١٥١٨ / ٢»، محلة: ساحة بزه.

قسطل جميل من القرن الخامس عشر.

مزين بعمودين صغيرين يشكلان إطارًا مضفورًا.

عليه كتابة «مدهونة حديثًا» وشعاران. ويمكن نقله من مكانه.

(١-٥٦) جبهة منزل

المنطقة «٨»، المحضر «٧٩٥ / ٥» باب قنسرين.

هي جبهة خارجية لمنزل من القرن الخامس عشر للميلاد.

لها باب بقوس منكسر، يعلوه شباك خارجي ذو زخارف جميلة.

إن هذه القطعة الرائعة من الريازة العربية على بساطتها تعطينا صورة جميلة عن أقدم وثيقة معمارية في الشهباء.

لم أستطع دخول المنزل، ولكني أكاد أجزم بأن داخله مجدد، وإذا كان الأمر كما قلت فلا معنى لبقاء هذه الجبهة هنا، ويحسن نقلها إلى مكان آخر، هذا وإن صغرها يسهل عملية النقل.١٠٩

(١-٥٧) خان القصَّابية١١٠

المنطقة «٧»، «المحاضر ٣٠٥٨ / ٢، ٣٠٦٠ / ٢» من محلة جب أسد الله، له مخطط في الوجه «١٠».

بناه الأمير أبرك في سنة ١٥١٠م / ٩١٦ﻫ.

له جبهة جميلة على بساطتها، وساحته ومسجده وأروقته كلها قد شُوهت بأبنية حديثة، ولكن يمكن إرجاعها إلى حالتها الأولى.

وله ساحة خلفية في حالة حسنة، وهي جديرة بالعناية.

يجب حالًا إزالة الرفاريف من على الواجهة فإنها تشوهها، كما أن الزخارف المشبكة التي تعلو الدكانين من جانبي الباب قد غُطيت مؤخرًا بستائر فيجب إزالتها كذلك.

(١-٥٨) قسطل علي بك١١١

المنطقة «١١»، المحضر «٢٠٠٠ / ١»، محلة: محمد بك.

بناه الأمير علي بك سنة ١٥٠٩م / ٩١٦ﻫ.

وهو نمط كامل للقساطل الحلبية في عهد المماليك، حسن الصيانة ويمكن نقله.

(١-٥٩) خان خاير بك١١٢

المنطقة «٧»، المحضر «٣٤٥٨ / ٢» سويقة علي، له مخطط في الوجه «١٠».

بناه ١٥١٤م / ٩٢٨ﻫ الأمير خاير بك آخر الأمراء المماليك بحلب.١١٣
له باب جميل بمصراعين محدَّدين. وعليه كتابات وشعارات منقوشة. وفي الصحن شعارات أيضًا وزخارف وغرف قديمة.١١٤

(١-٦٠) خان أوجان

المنطقة «٦»، المحضر «٣٣٨٥ / ٦»، محلة: المرعشلي.١١٥
بناه خاير بك في حوالي سنة ١٥١٥م / ٩٢٠ﻫ١١٦ داخله مجدَّد، لكن بابه القديم موجود، وهو محاط بإطار على جانب من الزخرفة الرائعة Arabesque.

(١-٦١) تربة خاير بك

المنطقة «٨»، المحضر «٢٣٢٥ / ٣» مقابل باب المقام.

هي تربة ضريح الأمير خاير بك بناها سنة ١٥١٤م / ٩٢٠ﻫ١١٧ تُعرف اليوم باسم قبة الشيخ علي. لها قاعتان بقبتين يصل بينهما إيوان بقبته يجب إخلاؤها من السكان ثم ترميمها.١١٨

(١-٦٢) خان الصابون

المنطقة «٧»، المحضر «٢٣٨٧ / ٢» بسوق المناديل، له مخطط في الوجه «٨».

بناه، على الغالب،١١٩ الأمير أزدمر١٢٠ في فجر القرن السادس عشر للميلاد.١٢١

له جبهة رائعة مزخرفة بإطارات هندسية، وألواح مشبكة، وشعارات. في صحنه شعارات أيضًا وغرف للتجار.

يمكن إعادته إلى شكله الأول بسهولة، وذلك بإزالة الأبنية المحدثة.

إن الغرفة المبنية فوق شارع أصلان دده، والقسطل الذي يعلوها يجب أن يبقيا (المحضر ٢٣٨٧ف)، ويجب تطهير الجبهة من الأخشاب والأنابيب التي تشوهها. كما يجب إزالة سقف السوق المصنوع من الأخشاب والحديد الأبيض؛ لأنه يغطي الجبهة.١٢٢

(١-٦٣) جامع العادلية (العدلية)١٢٣

المنطقة «٧»، المحضر «٣٢٢٥ / ٢» بساحة بزه، له مخطط في الوجه «١٠».

بناه١٢٤ محمد باشا١٢٥ سنة ١٥١٧م / ٩٦٣ﻫ، وهو أول مسجد بُني في حلب على الطرز التركي.

فيه بعض ألواح من القاشاني الجميل.

(١-٦٤) خان قورد بك١٢٦

المنطقة «٧»، المحضر «١٩٨٣ / ٢، ١٩٨٤ / ٣» بسويقة علي، له مخطط في الوجه «١١».

بناه قُورد بك بن خسرو باشا١٢٧ في مطلع القرن السادس عشر للميلاد.
تقسيمه رائع، له مدخل من ورائه صحن صغير وإيوان في نهاية الصحن.١٢٨

إن الصحن الإضافي، وقباب الإيوان في حالة سيئة، فيجب إزالة البناء الحديث الذي سُدت به بعض القناطر ليعود للصحن وضعه القديم، ويجب أيضًا أن يراقب جيدًا؛ لئلا تُشاد فيه أبنية حديثة.

(١-٦٥) جامع البهرامية

المنطقة «٧»، المحضر «١٤٠٣ / ٦» بمحلة الجلوم، له مخطط في الوجه «١٢».

هو جامع عظيم بمدرسة بناهما بهرام باشا بن مصطفى باشا١٢٩ على نمط الجوامع التركية١٣٠ مع بعض الخصائص السورية العمرانية المنتقدة.

محرابه صورة صادقة لمحراب الفردوس.

(١-٦٦) جامع الخسروية

المنطقة «٨»، المحضر «٩٤٦ / ٥» قبالة القلعة، له مخطط في الوجه «١١».

جامع عظيم١٣١ فيه مدرسة ورباط ومطبخ بناه خسرو باشا١٣٢ في سنة ١٥٣٧م / ٩٥١ﻫ، فيه ألواح قاشانية. وأبوابه مجدَّدة.

(١-٦٧) جامع الطواشي١٣٣

المنطقة «٨»، المحضر «١٤٩٤ / ١» بباب المقام، له مخطط في الوجه «١٢».

بناه الطواشي صفي الدين سنة ١٥٣٧م / ٩٤٤ﻫ.

وقد جُدِّد داخله بعدئذ، ولكن جبهته ما تزال رائعة. وكذلك منارته الرشيقة وباباه وشبابيكه الأربعة المنقوشة وأعمدته المضفورة.

(١-٦٨) بيت رجب باشا١٣٤

المنطقة «٧»، المحضر «١٦٢٧ / ٣»، محلة: البندرة، له مخطط في الوجه «١٢».

بقية بيت من القرن السادس عشر للميلاد.

جبهته جميلة مزخرفة بنقوش رائعة. أما الغرف الثلاث التي تقع وراء الجبهة فلا قيمة لها. يمكن نقل الجبهة.

(١-٦٩) بيت جانبلاط١٣٥

المنطقة «٧»، المحضر «١٧١١ / ٣»، محلة: البندرة.

بيت١٣٦ فيه إيوان عالٍ علوًّا غير اعتيادي، مغطًّى بطبقة من ألواح القاشاني والمرمر. وفيه إيوان ثانٍ أصغر يُصعد إليه بدرج. وله جبهة منقوشة ومزخرفة بالقاشاني.

أما بقية البيت فلا قيمة أثرية لها.

ويظهر أن صيانة القاشاني متعسرة إذا ما بقي البيت مسكونًا.

(١-٧٠) خان الدرج١٣٧

المنطقة «١٢»، المحضر «٦١٥ / ٢» باب المقام، له مخطط في الوجه «١٢».

هو بقايا بيت جميل من القرن السادس عشر.

له إيوان وقاعة بقبة، وفيه نقوش جميلة.

(١-٧١) خان الوزير

المنطقة «٧»، المحضر «٣٤٧٠-٣٤٧١ / ٢» سويقة علي، له مخطط في الوجه «١٣»، وعنه بحث في كتاب Die Karawanserai im Vorderen Orient, Müller.
بناه أحد ولاة حلب في القرن السابع عشر للميلاد.١٣٨
وهو بمجموعه رائع البناء، بل هو أجمل خانات حلب فيما أرى، والجبهة الغربية يجب أن تزال عنها لوحة الإعلانات التي وضعت مؤخرًا، والجبهة الشمالية في حالة سيئة جدًّا.١٣٩

(١-٧٢) خان الكمرك١٤٠

المنطقة «٧»، محلة سويقة علي، له مخطط في الوجه «١٣».

بناه محمد باشا في القرن السابع عشر للميلاد.

وقد أُقيمت فيه أبنية كثيرة محدثة إلى درجة أنها لم يعد يمكن معها إعادته إلى حالته الأولى، ولم يبق من بنائه القديم إلا المدخل والجبهة والمسجد الصغير في صحنه، ويحسن العناية بها جميعًا.

(١-٧٣) المدرسة العثمانية

المنطقة «٧»، المحضر «٣٧٨٤ / ١» بباب النصر، لها مخطط في الوجه «١٣».

هي المدرسة الرضائية قديمًا.١٤١ بناها عثمان باشا بن عبد الرحمن باشا١٤٢ بناء كبيرًا على النمط التركي الجميل المتقن الريازة.١٤٣
يجب أن يُعنى بحفظ هذه المؤسسة مع قصر الواقف١٤٤ العظيم، ولم أستطع التعرف إلا على باب ذلك القصر المزخرف زخرفة جميلة تشبه زخرفة محراب الفردوس.

(١-٧٤) بيت غزالة١٤٥

المنطقة «٦»، المحضر «٢٢٣٩ / ٩» بمحلة الصليبة في الجديدة، شارع قسطل أبشير، لها مخطط في الوجه «١٢».

هو بيت جميل من القرن السابع عشر للميلاد تحوَّل اليوم إلى مدرسة للأرمن في، صحنه نقوش بديعة محفورة على الحجر. وقاعاته مغطاة بخشبيات مدهونة، وقد نُقل أجمل هذه الخشبيات — إلى برلين — ووضع في متحف القيصر فريدريك.

إن اتخاذ هذا البيت كمدرسة مما قد يتلف باقي الخشبيات المدهونة.١٤٦

(١-٧٥) الشيخ أبو بكر

المنطقة «٩»، المحضر «١٩١٥ / ٧» قرب المستشفى العسكري١٤٧ له مخطط في الوجه «١٢».
هو تكية للصوفية١٤٨ اتخذها بعض الولاة الأتراك سكنًا لهم. ولا قيمة فنية لبنائها بل لموقعها الرائع.

أقترح لصيانة هذا الأثر أن تُصان كافة المحاضر المرقمة من ١٩١١ إلى ١٩١٤، ومن ١٩١٤ إلى ١٩٥٤، ١٩٥٧، ١٩٦٦، ١٩٦٩. كما تُصان الأراضي الخاصة بأملاك الدولة في هذه المنطقة.

وتجب العناية بالمجاري العامة في هذه المنطقة وبشجرات السرو القديمة التي تعطي هذه البقعة رونقًا فنيًّا.

(١-٧٦) حمَّام النحاسين

المنطقة «٧»، المحضر «٣٢٣٤ / ٢»، سوق النحاسين١٤٩ لها مخطط في الوجه «١٣».
بناء جميل له طابع عمراني رائع. وهذه الحمَّام هي — بلا شك — الحمَّام المعروفة قديمًا بحمَّام الست،١٥٠ كما تدل على ذلك قائمة الحمَّامات القديمة المذكورة في القرن الثالث عشر للميلاد.

يجب العناية بها مثل العناية بالأثر ذي الرقم ٤٤.

(١-٧٧) الأسواق

المنطقة «٧»، القسم الثاني.

إن لصيانة أسواق حلب أهمية خاصة، فإنها الأسواق الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم تفقد طابعها الأصلي، كما أنه يصعب تصنيفها بمجموعها بسبب تطورها، ولكثرة النفقات المطلوبة، إلا أنه ليس من السهل أن تفقد هذه الأسواق طابعها، والذي نراه أنه يمكن تصنيفها إلى وحدتين:
  • (أ)
    الوحدة الأولى هي الأسواق التي تشكل خطين متوازيين مع الحائط الجنوبي للجامع الأموي الكبير، وهي:
    • سوق الحبال: من محضر ٢٩٦٢ إلى ٢٩٣٨، ومن ٢٨٤٩ إلى ٢٨٧١.
    • سوق الصرماياتية: من محضر ٢٩٨٤ إلى ٣٠٠٠، ومن ٢٧٥٣ إلى ٢٧٧٥.
    • سوق العتقية: من محضر ٢٨٧٢ إلى ٢٨٩٥، ومن ٢٨٩٨ إلى ٢٩٢١.
    • سوق الباطية: من محضر ٢٧٧٦ إلى ٢٨٠٠ و٢٧٥١ و٢٧٥٢، ومن محضر ٢٨٠١ إلى ٢٨٢٩.

    ويمكن أن يُضاف إلى هذه الوحدة.

    سوق الذراع؛ من محضر ٢٦٥٦ إلى ٦٦٨٩ ومن محضر ٢٦٩١ إلى ٢٧٢٢.

    الذي يرجع إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، ويظهر لي أنه حسن الصيانة ولذلك لم أضعه في صلب هذه الوحدة.١٥١
  • (ب)

    الوحدة الثانية هي السوق المحاذي لجبهة خان الكمرك، فإن الناحية الجنوبية منه لما كانت مشغولة بدكاكين مستخرجة من الخان (الأثر رقم ٧٢)، أمكن أن نضعها مع «رقم ٣٠٩٨ و٣٠٩٨». انظر المخطط في الوجه ١٣.

    إن هذا السوق، المبني دفعة واحدة — وهو بلا شك مبني في زمن واحد مع خان الكمرك — يحتوي على مدخل أثري، وسبيل بإطار مزخرف، وعدة قباب جميلة، وقيسارية بحالة جيدة (المحضر ٣٠٩٧)؛ فعندنا إذن مجموعة مكونة من «سوق + خان + القيسارية»، وهذه المجموعة هي وثيقة عمرانية مهمة لدراسة تاريخ الريازة العمرانية وتنظيم الأعمال الاقتصادية في الشرق الإسلامي.١٥٢

    أقترح تنظيف هذه القيسارية (المحضر ٣٠٩٧ العلوي)، فهي اليوم مهملة ومستعملة مستودعات للأقذار من قبل التجار المجاورين.

هوامش

(١) قد وضعنا نجمة () بجانب الآثار التي توجد عليها كتابات قديمة تؤرِّخها، كما أن الأسماء المشتهرة بها حاليًّا قد وضعناها ضمن هلالَين ( ).
(٢) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣) في فصلٍ عنوانه «خلاصة ما قاله المتقدمون في أسوار مدينة حلب وأبوابها وقلعتها: أسوار حلب»: قالوا كان يُضرَب المثل بحصانة سور حلب ومنعته، وكان قديمًا مؤلَّفًا من ثلاثة أسوار مبنية بالحجارة من بناء الروم، فلما تشعثت بمحاصرة كسرى بعد استيلائه عليها، رمَّ ما تشعث من أسوارها وبنى ما انهدم منها بالآجر الفارسي، وذلك فيما بين باب الجنان وباب أنطاكية، وبقيت هكذا إلى أن ملكها المسلمون فجدَّد فيها بنو أمية ثم بنو صالح عدةَ أبراج، حينما كان بنو صالح وُلاةً عليها من قِبَل العباسيين؛ وهم بنو صالح بن عبد الملك، ثم لما خربت بمحاصرة نقفور ملك الروم سنة ٣٥١، وعاد إليها سيف الدولة، جدَّد أسوارها سنة ٣٥٣، وكان اسمه مكتوبًا على بعض أبراجها، ثم جدَّد فيها أبراجًا أخرى ولدُه سعد الدولة، وأتقن سورها سنة ٣٦٧، ثم لما جاءت دولة بني مرداس، بنى معز الدولة أبو العلوان ثمال بن صالح بن مرداس أبراجًا بعد سنة ٤٢٠، وكذلك بنى فيها غيرُه من الملوك الذين جاءوا بعده قبل آق سنقر وولده عماد الدين زنكي. وفي سنة ٥٥٣ شرع نور الدين محمود بن زنكي الأتابك بعمارة فصيل لأسوارها، وهو حائط الحصن أو حائط قصير دون سور المدينة. وكان هذا الفصيل ممتدًّا من الباب الصغير إلى باب العراق، ومن قلعة الشريف إلى باب قنسرين ثم إلى باب أنطاكية، ومن باب الجنان إلى باب النصر ثم إلى باب الأربعين. ولما ملك الظاهر غياث الدين غازي حلبَ أمر بإنشاء سور من باب الجنان إلى برج الثعابين، وفتح الباب المستجَد وأمر بحفر الخنادق، وذلك في سنة ٥٩٢ … وبُني عليه سور من اللبن في أيام الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر، ثم بعد سنة ٦٢٠ بنى شهاب الدين طغرل بك الأتابك برجًا عظيمًا فيما بين باب الفرج وبرج الثعابين … وفي سنة ٦١٢ جدَّد الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز أبراجًا في السور الممتد من باب الجنان إلى باب قنسرين، وعدتها نيف وعشرون برجًا، ارتفاع كل برج فيها فوق أربعين ذراعًا … ودخلت تحت قبضة هولاكو سنة ٦٥٨ فخرَّب أسوارها وأبراجها تخريبًا فاحشًا إلى سنة ٦٩٣، وفيما اهتم الأمير سيف الدين كمشبغا الحموي بعمارتها وعمل لها أبوابًا تغلق عليها … إلى أن جاء تمرلنك فأخذ حلب وخرَّبها وأحرقها وهدم أسوارها، فكان بعد ذلك كلُّ مَن يجيء إليها من النوَّاب يأمر ببناء شيء من السور إلى أن تسلطن الملك المؤيد شيخ، وجاء حلب في المرة الثالثة من قدماته سنة ٨٢٠ وفحص عن أمر السور القديم وركب بنفسه ودار على الأسوار وأمر ببنائها على ما كانت عليه قديمًا من باب الأربعين بناءً محكمًا، وأن يرمم السور البراني من جهة الخندق، فشرع في ذلك وأمر بجمع المال من حلب وغيرها، فانهدمت مساجد ومدارس وأُخِذت أملاك كثيرة بغير حق، وكانت مبنية على أماكن من السور القديم، وكان ابتداء العمارة من رأس قلعة الشريف من جهة الشرق آخِذة إلى الغرب، ووصل البناء إلى القرب من باب الجنان غربًا وإلى تجاه حمَّام الجرن الأسود المعروف بحمَّام الذهب شرقًا، وأسَّس الباب الذي كان أمر بعمله مكان باب العراق، وبابًا عند باب الأربعين كما كان قديمًا، فلما وصل البناء إلى هذه الأماكن تُوفِّي الملك المؤيد شيخ. ثم في سنة ٨٣١ أمر السلطان الملك الأشرف برسباي بعمارة الأسوار البرانية … وفي عهد الملك الأشرف أبي النصر قايتباي أمر بعمارة البرج وبما تهدم من سور المدينة سنة ٨٧٣. وفي عهد الملك الناصر أبي السعادات محمد ابن الملك قايتباي تولى جان بلاط كافل حلب بعمارة ما تهدم من السور سنة ٩٠٣، وفي عهد قانصو الغوري تولى المقر السيقي أبرك عمارتها سنة ٩٢٠، وفي عهد السلطان محمود العثماني سنة ١١٥٨ جدد بعض السور.» وللغزي — رحمه الله — وصف دقيق عن حالتها الحاضرة، فارجع إليه إذا شئت في تاريخه (٢: ٣١–٤٣).
(٣) إن هذه الجهة من السور لها برجان مربعان محفوظان بصورة حسنة، وهي من عهد المماليك، غير أن البرج الجنوبي منهما قد تصدَّع وسقط منه قسم كبير لا يمكن إصلاحه حاليًّا؛ لأن القوانين النافذة لا تجيز لمديرية الآثار إصلاحَ ما يملكه أشخاص عاديون.
(٤) راجع دليل حلب الذي وضعته لجنة الدليل الرسمية عام ١٩٥٥، نشر مكتبة ربيع بحلب، ص١٧ وما بعدها.
(٥) وصف الأستاذ الغزي هذا الباب، فقال في الجزء الثاني، ص٢ من تاريخ كنوز الذهب: «باب قديم مشتمل على ثلاثة أبواب، كل باب منها له دركاه، أولها مما يلي الباب وآخرها مما يلي ظاهرها، وثالثها داخل البابين … وفي سنة ١٣٠٣ﻫ هدمت الحكومةُ البابَ الأول ووسَّعت به الجادة، فبقي منه الباب المتوسط والذي يلي ظاهر البلد مكتوب على نجفته ما يُفهم منه أنه من بناء الملك الظاهر غازي.» وقال في مكان آخر (٢: ٩): «باب اليهود، وكان عليه بابان يخرج منهما إلى باشورة (أي قطعة أرض ظاهر البلد) ثم هدمه الملك الظاهر غازي وجعل عليه أربعة أبواب، كل باب بدركاه (دهليز) على حدته، وأزج (قبو) واحد على أربعتها، وبنى عليها أبراجًا ونسف ما في ظاهره من التلال والكناسات، وبنى في محلها خانًا تباع فيه غلات الخطب وسماه باب النصر.»
أقول: الملك الظاهر غازي هو ابن الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب، وُلِد بالقاهرة عام ٥٦٨، وملَّكه أبوه حلب عام ٥٨٢ ومات بها عام ٦١٣، ودُفن بالقلعة. راجع ابن الأثير في حوادث سنة ٦١٣، وإعلام النبلاء (٢: ٢١٧).
ويقول الأستاذ الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٢١٦) في حوادث سنة ٦١٠ نقلًا عن الزبد والضرب: «وفي سنة عشر وستمائة أتم الملك الظاهر بناء باب اليهود بحلب، وكان قد شرع في هدمه وحفر خندقه وتوسعته وبناه بناء حسنًا، وغيَّره عن صورته التي كان عليها، وبنى عليه برجين عظيمين وسماه: باب النصر.» قلت: وقد ذكر ابن شداد أنه كان يُعرف قديمًا بباب اليهود؛ لأن اليهود تجاوره بدُورهم، ومنه يخرجون إلى مقابرهم.
(٦) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٨): «باب أنطاكية شرقي جسر الدباغة بينهما مسافة غلوة، وكان داخل هذا الباب مدرسة اسمها الزيدية، وعُرفت أيضًا بالألواحية، أنشأها إبراهيم بن إبراهيم المعروف بأخي زيد الكيال الحلبي، انتهت عمارتها سنة ٦٥٥ﻫ … ولما نزلها الألواحي الصوفي نُسِبت إليه، وهي الآن داثرة … وهذا الباب مؤلَّف من بابين: واحد يلي المدينة، والأخير يلي ظاهرها، ومحله قديم قبل الإسلام مكتوب على نجفته ما معناه أن الذي جدَّده بعد دثوره المقر السيفي دقماق الناصري كافل المملكة الحلبية.
مكتوب على جدار باشورته بقلم عريض: «بسملة أمر بعمارة هذا الباب والأسوار بعد خرابها ودثورها ومحو رسومها، مولانا السلطان الأعظم، مالك رقاب الأمم، سيد سلاطين العرب والعجم، سلطان البرَّيْن وخاقان البحرين، وخادم الحرمين الشريفين، سلطان الإسلام والمسلمين، ناظر الغزاة والمجاهدين، العالِم العادل الملك المؤيد المنصور، خلد ملكه في كفالة المقر الأشرفي السيفي …» قلت: فالمفهوم من هذه الكتابة أن عمارة هذا الباب كانت في أيام الملك المؤيد شيخ، لكن داخل الباب ليس من آثاره لعدم وجود الشبه بين البناءين الداخلي والخارجي.»
(٧) قال الغزي في فصل عنوانه «أبواب مدينة حلب» (٢: ٧) من تاريخ «نهر الذهب»: «قالوا أولها مما يلي القبلة «باب قنسرين»، وسُمي بذلك لأنه يخرج منه إلى قنسرين، وهو قديم، وجدَّده سيف الدولة، ثم الملك الناصر يوسف ابن الملك العزيز سنة ٦٥٤، ونقل حجارته من الناعورة شرقي حلب من برج كان بها من أبراج قصر مسلمة بن عبد الملك … ولما بنى الملك الناصر باب قنسرين بنى عليه أبراجًا عظيمة، ومرافق للأجناد وطواحين وأفرانًا، وجبايا للزيت، وصهاريج للماء حتى صار كالقلعة …»
وقال الغزي في تاريخه (٢: ١٧): «الباب الأول من جهة الجنوب هو باب قنسرين، وهو أعظم الأبواب، ومحله قديم قبل الإسلام يتألف من أربعة أبواب: باب يلي المدينة، وباب يلي البرية، وبابان بينهما، وهو لصيق قلعة الشريف، ولم يظهر لي من آثار أي ملك هو، وقرأت على أحد جدران باشورته الموجه جنوبًا سطرًا صورته: «بسملة فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا … إلخ الآية.» وفي وسط هذا السطر دائرة كُتِب فيها: «أبو النصر مولانا السلطان الملك المؤيد.» قلت: وهذا الجدار لا تشابه عمارته الباب المذكور؛ فلذا لم أجزم بأن الباب من آثار الملك المؤيد شيخ، وكان مكتوبًا على جدار الباشورة شرقًا قبالة الباب الخارجي ما صورته: «أمر بعمارته مولانا السلطان الملك المؤيد شيخ في شهور سنة ٨١٨.» وقد هُدم هذا الجدار سنة ١٣٠٣، ونُقِلت حجارته إلى الرباط العسكري المعروف بالشيخ براق، ومكتوب على جدار الباشورة الموجه غربًا، لكن أول الكتابة من قفاه الموجه جنوبًا: «أمر بعمارته مولانا السلطان الملك الأشرف قانصوه، عز نصره ودام اقتداره بمحمد وآله، وذلك بتاريخ شهر ربيع الآخر سنة سبع وتسعمائة.» ثم يأخذ السور من هناك غربًا حتى يكون تجاه مقبرة الكليباتي فيكون فيه برج متشعث له شباك مكتوب فوق نجفته: «بسملة مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ.» وليس بين هذا البرج وبين باب قنسرين سوى برج واحد متداعٍ للخراب ثم يمر السور من البرج المذكور حتى يكون تجاه أتانين الكلس في محلة الكلاسة التي كانت تُعرف بالحاضر السليماني، فينعطف شمالًا ويمشي قدر غلوة فيكون فيه ثلمة تُعرف بالخراق، أظن أن في محلها أو فيما قاربه كان باب السعادة.»
وقنسرين هذه Khalcis هي عاصمة الأقطار الحلبية، وقد كانت قبل الفتح الإسلامي تضارع أنطاكية عظمةً واتساعًا وفخامة بناء، وقد ظلت كذلك بعد الفتح الإسلامي، وفيها كان مقر الجند الإسلامي وهو جند قنسرين. يقول ياقوت في «معجم البلدان»: «قنسرين … كان فتحها على يد أبي عبيدة بن الجراح — رضي الله عنه — في سنة ١٧، وكانت حمص وقنسرين شيئًا واحدًا … أتى قنسرين وعلى مقدمته خالد بن الوليد، فقاتله أهل مدينة قنسرين ثم لجئوا إلى حصنهم وطلبوا الصلح، فصالحهم، وغلب المسلمون على أرضها وقراها … وهي كورة بالشام منها حلب … بينهما مرحلة من جهة حمص بقرب العواصم، وبعضهم يدخل قنسرين في العواصم، وما زالت آهلة إلى أن كانت سنة ٥١م، وغلبت الروم على حلب وقتلت جميع مَن كان بربضها، فخاف أهل قنسرين وتفرقوا في البلاد، فطايفة عبرت الفرات، وطايفة نقلها سيف الدولة إلى حلب … فليس بها اليوم إلا ما كان ينزله القوافل وعشار السلطان وفريضة صغيرة. قال بعضهم: كان خراب قنسرين في سنة ٣٥٥ قبل موت سيف الدولة بأشهر، كان قد خرج إليها ملك الروم وعجز سيف الدولة عن لقائه، فأمال عنه، فجاء إلى قنسرين وخربها وأحرق مساجدها ولم تعمر بعد ذلك. وحاضر قنسرين بلدة باقية إلى الآن.»
وقال في «الحاضر»: «حاضر قنسرين: قال أحمد بن يحيى بن جابر: كان حاضر قنسرين لتنوخ منذ أول ما أناخوا بالشام ونزلوا وهم في خيمة الشعر، ثم ابتنوا به المنازل، ولما فتح أبو عبيدة قنسرين دعا أهل حاضرها إلى الإسلام فأسلم بعضهم …»
وقد زار قنسرين الرحالة ابن جبير الأندلسي في سنة ٥٨٠ﻫ، فقال: «وهذه البلدة المشهورة في الزمان، لكنها خربت وعادت كأن لم تغن بالأمس، فلم يبق إلا آثارها الدارسة ورسومها الطامسة، ولكن قراها عامرة منتظمة؛ لأنها على محرث عظيم مد البصر عرضًا وطولًا، وتشبهها من البلاد الأندلسية «جيَّان»؛ ولذلك نذكر أن أهل قنسرين عند استفتاح الأندلس نزلوا جيان …»
وقنسرين اليوم خربة تمامًا تقع خرائبها إلى جنوبي حلب عند منتهى مصب نهر قويق في سهل الجبول، وليس ثمة أثر لمدينة أو بناء، إنما هي تلال عالية من التراب، هي في ظننا أطلال تلك المدينة العظيمة قد طمرتها الأتربة. وإلى جانب التل الكبير قرية حقيرة فقيرة على نمط القرى الجبلية ذات القباب الترابية تُسمى قرية «العيس»، وقد زرتها وأرجو أن يتاح لدائرة الآثار أن تقوم بالحفر في هذه المنطقة؛ لتكشف عن كثير من آثار هذه المدينة العريقة الغريقة في الرمال.
وباب قنسرين هذا من أجمل الأبواب وأروعها، ويُعَد من خير ما خلفته لنا البراعة في فنون التحصين العسكري الإسلامي.
(٨) يقول الشيخ الغزي في نهر الذهب (٢: ٩): «باب الفرج وفتحة الملك الظاهر غازي، وكان في محله باب يُسمى باب العبارة أو باب الثعابين.» ويقول في (٢: ١٩): «باب الفرج وهو باب واحد ليس له دركاه مكتوب عليه: «جُدد هذا الباب المبارك في أيام مولانا السطان الملك الأشرف المنصور الملك العزيز بولاية المقر السيفي الأشرفي نائب القلعة المنصورة بحلب المحروسة.» ومكتوب على جدار البرج المتصل بظاهره الموجَّه غربًا ما صورته: «بسملة أمر بعمارته وعمارة ما تهدم في تاريخه من سور حلب مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي عز نصره، بتاريخ سنة ٨٧٣».»
وقد ظهرت في سنة ١٩٥٥ على الحائط الغربي صور ثلاثة رنوك مستديرة «تحمل شعار قايتباي». وقد اشترطت مصلحة الآثار على أصحاب البناء المجدَّد هناك أن يحافظوا على الحائط وما ظهر عليه من الرنوك.
(٩) يقول الغزي (٢: ٨): «كان الملك الظاهر غازي … فتح فيه (أي في السور) ثلاثة أبواب، ولم يتم السور ولا الأبواب، فأتمها ولده الملك العزيز، وسُمي الباب القبلي منها باب المقام؛ لأنه يخرج منه إلى المقام المنسوب لسيدنا الخليل وعُرف مدة بباب نفيس؛ رجل كان أسفاسلار (لفظة أعجمية معناها متولي الأمور).
ويقول في (٢: ٢٢): «باب المقام مكتوب في دائرةٍ بجانبه: «عز لمولانا السلطان الملك الأشرف أبي النصر برسباي عز نصره.» وكان ابتداء عمارة هذا الباب في أيام برسباي المذكور، وكملت عمارته في أيام الملك الأشرف أبي النصر قايتباي، ومكتوب على سور هذا الباب الموجه جنوبًا: «أمر بتجديد هذا السور المبارك، السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي، عز نصره، سنة ٨٧٠.» ومكتوب في دائرة بجانبه: «عز لمولانا السلطان الملك الأشرف أبي النصر قايتباي، عز نصره.» وهذا الباب وأسواره متوهنة جدًّا ويمشي السور منه حتى يتصل بقلعة الشريف من شرقيها.»
(١٠) هو الملك الأشرف أبو النصر برسباي الدقماقي الظاهري الجركسي (ت٨٤٢)، تولَّى نيابة طرابلس سنة ٨٢١، ثم تولَّى وظيفة الدوادار الكبير سنة ٨٢٤، ثم تولَّى السلطنة في سنة ٨٢٥ (ن. ترجمة المنهل الصافي، ص٩٣).
(١١) يقول الغزي (٢: ٨): «باب القناة؛ لأنها تعبر منه، وهو المعروف الآن بباب الحديد، وعُرف أيضًا بباب بانقوسا.» وقال في (٢: ٢٠): «هو غربي الجامع الكبير ببانقوسا على مرمى حجر منه، وهو مؤلَّف من بابَيْن بينهما دركاه وفوقهما حصن منيع مكتوب على يسرة الداخل إلى الباب ما صورته: «أمر بعمارة هذا الحصن المنيع الباب، مولانا السلطان الملك قانصوه الغوري، عز نصره، بولاية مملوكة أبرك مقدم الألوف بالديار المصرية، وشاد الشرابات والخانات الشريفة، ونائب القلعة بحلب المحروسة أعز الله أنصاره، سنة ٩١٥.»
(١٢) قال الغزي (٢: ١٩): «هو باب واحد ليس له دركاه، ورأيت في جدار جامع مجاور له عن جنوبه حجرة كُتب فيها: «جدَّد هذا البرج المبارك، مولانا السلطان المالك الملك قانصوه الغوري عز نصره، بتولي المقر السيفي برسباي الأشرفي نائب القلعة بحلب المحروسة، سنة ٩٢٠.» وأظن أن هذا الجامع كان في الأصل داخل البرج للسور. وفي هذا الباب مشهد علي بن أبي طالب، رؤي هناك في المنام، كما قاله الهروي في كتابه «الإشارات إلى معرفة الزيارات». وهذا الباب قد هدمته الحكومة سنة ١٣١٠ﻫ ووسَّعت به الطريق ولم يَبْقَ له أثر.»
قلت: يقول الهروي في كتاب «الإشارات» المطبوع بدمشق سنة ١٩٥٣، ص٤: «وبها عند باب الجنان (لصيق السور) مشهد علي بن أبي طالب — رضي الله عنه — رؤي في المنام.»
(١٣) لقد أضحى كتاب ده روترو قديمًا في معلوماته بعد البحوث الجديدة التي قام بها مدير الآثار في حلب، السيد فيصل الصيرفي، والسيد نادر العطار في كتابهما المطبوع بمطبعة الشرق بحلب سنة ١٩٥٤، والسيد صبحي الصواف في كتابه «أقدم ما عُرف عن تاريخ حلب» المطبوع بمطبعة الضاد سنة ١٩٥٢، وAlep الطبعة الثانية سنة ١٩٥٤. وراجع أيضًا «دليل حلب»، ص١٩.
(١٤) لقد قامت مديرية الآثار بإصلاحات جليلة وعديدة في القلعة وما تزال أعمال الصيانة والترميم سائرة على قدم وساق.
(١٥) للمرحوم الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٣–٤٣) وصف جميل ودقيق للقلعة وخندقها فارجع إليه، وكذلك راجع إعلام النبلاء للطباخ (٢: ٢٢٥) و(٣: ٥٥٠٤). قلت: إن القلعة الحلبية هي من أروع الآثار الإسلامية وأضخمها، ويقال إن أول مَن بناها هو الإمبراطور سليكس نيكادور سنة ٢١ من جلوسه قبل الميلاد بنحو من ٣١٢ سنة. ولما فتح أبو عبيدة ابن الجراح حلب أحكم بناءها، وكذلك فعل أمراء بني أمية وبني العباس. ولما استولى إمبراطور الروم نيقفور فوقاس على حلب سنة ٣٥١، وأراد احتلال القلعة امتنعت عليه؛ لشدة عناية سيف الدولة بتحصينها، وكذلك فعل المرداسيون فحصَّنوها وبنوا فيها دورًا وجدَّدوا أسوارًا وسكنوها، ومنذ عهدهم صارت محلًّا لسكنى الملوك والأمراء الحلبيين، وفي أيام الدولة النورية زيد في تحصينها. ولما ملك الأيوبيون حلب اهتموا بها، وبخاصة في عهد الملك الظاهر غازي في سنة ٦١١ﻫ، وفي سنة ٦٥٨ استولى التتر عليها وخربوا أسوارها وجميع أبنيتها وأخذوا ما فيها وأحرقوا المقامين فيها، وظلت كذلك إلى أن جُددت في أيام السلطان الملك الأشرف خليل قلاوون، ثم خرَّبها تمرلنك وبقيت كذلك إلى أن تولى الأمير سيف الدين نيابتها من قِبل السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق، وحين ادَّعى السلطنة أمر ببناء القلعة وألزم الناس العمل في الخندق وتحرير التراب منه، وكان ذلك في سنة ٨٠٥. فلما تسلطن الملك المؤيد شيخ وجاء إلى حلب أمر بإصلاح ما تهدَّم فيها من السور والأبراج والقصور. وفي أيام الملك الأشرف أبي النصر قايتباي أمر بإصلاح أسوارها وبعض أبنيتها في سنة ٨٧٧، وكذلك قام قانصوه الغوري ثم السلاطين العثمانيون بإصلاح ما كان يصيبها من الاختلال، وكان آخر إصلاحٍ رُممت به في سنة ١٣٥٠، وفي السنوات التي تلي ذلك بعناية حكومة الجمهورية السورية.
وهي في هذا الوقت عامرة مصانة قد رُممت أسوارها، وأُصلحت أبراجها، ويُراد إعادة بناء مسجدها الكبير وسقف قاعتها العظمى لتُتخذ متحفًا شعبيًّا.
أما المسجد الكبير، وهو القريب من منارتها، فقد شيَّده الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف، وقد كُتِب على بابه: «أمر بعمله مولانا السلطان الملك الظاهر، العالم العادل المجاهد المؤيد المظفر المنصور غياث الدنيا والدين، أبو المظفر غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، خلَّد الله ملكه، سنة عشر وستمائة.»
«كتاباتها»: كُتِب على بابها الأول المصفح بصفائح الحديد الجميل: «أمر بعمارته مولانا الملك الظاهر غازي بن يوسف، سنة ثمان وستمائة.» ومثل ذلك كُتب على الباب الرابع، إلا أن تاريخ الكتابة على هذا الباب هو سنة ست وستمائة، وحروف الكتابة من الحديد ولها مسامير أُدخِلت في حفر الخشب وطُرقت من الطرف الثاني.
وكُتِب على الباب الثاني: «أمر بعمارتها بعد دثورها السلطان الأعظم الملك الأشرف صلاح (٢) الدنيا والدين خليل محيي الدولة الشريفة العباسية ناصر الملة المحمدية عز نصره.»
وتحت هذه الكتابة حجر كبير، هو قنطرة الباب، وقد كُتِب عليه: «جُددت بعد إهمال عمارتها وإشرافها على الدثور في أيام مولانا السلطان الملك الظاهر أبي سعيد برقوق (٢) … وشرف بوجوده وأدام دولته … العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن يوسف أرسلان، نائب السلطنة بها، في شهور سنة ست وثمانين وسبعمائة.» وكُتب على ظاهر البرج العظيم الذي يحمل القاعة العظمى بقلم كبير: «أمر بعمارتها بعد دثورها مولانا السلطان الأعظم الملك الأشرف العالم العادل الغازي … المنصور (٢) صلاح الدنيا والدين، ناصر الإسلام والمسلمين، عماد الدولة، ركن الملة، مجير الأمة، ظهير الخلا (٣) فة، نصير الإمامة، سيد الملوك والسلاطين، سلطان ﺟﻴ (٤) ﻮش الموحدين، ناصر الحق بالبراهين، محيي العدل في العالمين، قاهر الخوارج والمتمردين، (٥) قاتل الطغاة والمارقين، قامع عَبَدة الصلبان، إسكندر الزمان، فاتح الأمصار، هازم جيوش الفرنج والأرمن والتتار، هادم عكا والبلاد الساحلية، محيي الدولة الشريفة العباسية، ناصر الملة المحمدية والدين؛ مولانا السلطان الملك المنصور قلاوون، أعز الله أنصاره، وذلك سنة إحدى وسبعمائة.»
وكُتب على صدر مطلع القلعة فوق الكتابة السابقة الآية: اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وتحت ذلك: «بالإشارة العالية المولوية الأميرية الكبيرية الشمسية قراسنقر الجوكندار المنصوري الأشرفي كافل المملكة الحلبية، أعز الله أنصاره.»
وعند الباب مصطبة مرتفعة فيها مقام الخضر، ومصطبة فيها محراب وتربة يقال إنها تربة ضيفة خاتون بنت الملك العادل.
وكُتِب على نجفة الباب الرابع: «بسملة (٢) أمر بعمله مولانا السلطان الظاهر العالم (٣) العادل المجاهد المرابط المؤيد المظفر المنصور عماد الدنيا، (٤) ملك الإسلام والمسلمين، سيد الملوك والسلاطين، قامع الكَفَرة والمشركين، (٥) قاهر الخوارج والمشركين؛ أبو المظفر الغازي ابن الملك الناصر صلاح الدين (٦) يوسف بن أيوب ناصر أمير المؤمنين، أعز الله أنصاره … الملك الظاهري، (٧) وذلك في سنة ست وستمائة.»
ومكتوب على باب الدار العظيمة التي بناها فيها الملك العزيز سنة ٦٢٨، وقد درست ولم يَبْقَ منها إلا الباب وعليه: «بسملة (٢) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٣) ساق الماء إلى هذه القلعة المباركة في أيام مولانا … (٤) السلطان الملك الأشرف ناصر الدنيا والدين شعبان أعز الله (٥) أنصاره، بالإشارة العالية المولوية المالكية المخدومية السيفية منكلي بغا (٦) … كافل الممالك الشريفة الحلبية، أعز الله نصره بولاية العبد (٧) الفقير إلى الله محمد … الأشرفي أعزه الله، في شهر المحرم سنة سبع وستين وسبعمائة.» وإلى جانب ذلك جنوبًا باب دار الزردخاناه، وعليه حجر مكتوب كتابة قد انطمست حروف أكثر كلماتها لا يمكن قراءة شيء منه سوى «الزردخاناه» و«سنة عشر وستمائة».
وعلى قنطرة القاعة العظمى: «بسملة، وبه نستعين، أمر بإنشاء هذا القصر المبارك مولانا السلطان الأعظم، مالك رقاب الأمم، المالك الملك قايتباي حامي الذمار، أعلى ملوك الأرض، علا شرفًا بخدمة الحرمين الشريفين، سلطان الإسلام والمسلمين، قامع الكَفَرة والمشركين، عز نصره، بتاريخ شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وثمانمائة.»
وفوق شباك هذه القنطرة شعار قايتباي هكذا:
وعلى قنطرة القاعة الوسطى: «جدَّد هذه القبة عند تلاف بنفقة مولانا السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري (٢) في أيام المقر الأشرف نائب القلعة وكيل المقام الشريف، أعز الله أنصاره بتاريخ …»
وتحت الشباك الكبير من خارج القاعة العظمى حجر كبير كُتِب عليه: «أمر بعمارة هذا القصر المبارك بعد دثوره، مولانا السلطان الملك الأشرف قايتباي عز نصره … بتاريخ سبعين وثمانمائة.»
وعلى باب المسجد الذي يتوسط القلعة كُتب: «أمر بعمارته الملك الصالح نور الدين أبو الفتح (٢) إسماعيل بن محمود بن زنكي بن آقسنقر ناصر أمير المؤمنين (٣) بتولي العبد شاذبخت سنة خمس وسبعين وخمسمائة.»
وعلى يمين باب القلعة: «بسملة، أمر بإنشاء هذا (٢) المسجد المقام العادل نور الدين (٣) الفقير إلى رحمة الله أبو القاسم محمود بن زنكي بن أقسنقر، غفر الله له ولوالديه (٥) وأحسن ختامه، في سنة ثلاث (٤) وستين وخمسمائة.» وعن يسار باب القبلة حجر عليه: «وقف العبد الفقير إلى الله تعالى، شيخ الإسلام، محب (٢) الدين محمد بن الشحنة الحنفي، عامَلَه الله بلطفه، نصف فدان (٣) بقرية أورم الكبرا من جبل سمعان على فرش وتنوير ومصالح (٤) مقام الخليل بقلعة حلب، بتاريخ جماد الأول سنة أحد عشر وثمانمائة.»
وقد كان في هذا المسجد محراب خشبي بديع مثل محراب المدرسة الحلوية، إلا أنه قد سُرِق منه بعد الاحتلال الفرنسي.
وشمالي هذا المسجد مسجد آخر على بابه: «بسملة، أمر بعمله مولانا السلطان الملك الظاهر (٢) العالم العادل المجاهد المؤيد المظفر المنصور، غياث الدنيا والدين، أبو المظفر (٣) الغازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، خلَّد الله ملكه في ستة عشر وستمائة.»
وكُتب على قنطرة الباب: «أدام الله العز والبقاء، لمولانا الملك الظاهر (٢) أبي سعيد خشقدم عز نصره، برسم الأمير الكبير المخذومي (٣) تغري بردي الظاهري نائب القلعة عين عز نصره، بأن لا (٤) يسكن أحد في هذا الجامع ولا يُستعمَل لغير الصلاة، ومن يحدث خلافًا ويغير (٥) عليه لعنة الله ولعنة اللاعنين إلى يوم الدين.»
وبلصق هذا المسجد منارة لها ٧٨ درجة، ومن تحتها البرج المطل على الجهة الشمالية، وقد كُتِب عليه بالكوفي: «أمر بعمارته مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي عز نصره، سنة ٨٧٧.»
وبجانب المنارة تكة واسعة إلى شرقيها تقع الساتورة التي تبلغ درجاتها ٢٠٣، وكُتِب على البرج الجنوبي للقلعة: «أمر بعمارته مولانا السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري في أيام المقر السيفي سيباي الأشرفي نائب القلعة المنصورة بحلب عز نصره، سنة ٩١٤.» وكُتِب على البرج الشمالي: «جدد هذا السور مولانا الملك الأشرف قانصوه الغوري عز نصره، في أيام المقر الأشرفي الأمير السيفي عين مقدمي الألوف بالديار المصرية سيباي الأشرفي نائب القلعة المنصورة بحلب عز نصره، سنة ٩٣٥.»
(١٦) الصحيح أنه في «سويقة حاتم» لا «سويقة علي»، راجع نهر الذهب (٢: ٢٣٤-٢٣٥).
(١٧) يقول الغزي (٢: ٢٣٥): خلاصة ما قاله قدماء المؤرخين في جامع حلب: قالوا كان موضع الجامع في أيام الروم بستانًا للحلوية (المدرسة الحلوية أمامها، وهي التي شُيدت على أنقاض كنيسة هيلانة. راجع ما قلناه عنها)، ولما فتح المسلمون حلب صالحوا أهلها على موضع الجامع، وكانت الجهة الشمالية منه مقبرة للحلوية المذكورة. وكان في أول أمره يضاهي جامع دمشق في الزخرفة والفسيفساء والتأنق. ويقال إن سليمان بن عبد الملك هو الذي بناه ليضاهي به ما عمله أخوه الوليد في جامع دمشق، وقيل إنه من بناء الوليد أيضًا … وقيل إن بني العباس نقضوا ما كان فيه من الزخارف والآلات ونقلوه إلى جامع الأنبار لما نقضوا آثار بني أمية من بلاد الشام … ولم يزل على هذه الحالة حتى دخل نيقفور حلب سنة ٣١٥ وأحرقها وأحرق جامعها ورحل عنها، وعاد سيف الدولة إليها فرمَّ بعض المسجد. وفي سنة ٤٨٢ في عهد آق سنقر تولى القاضي أبو الحسن محمد بن يحيى ابن الخشاب قاضي المدينة عمارة منارته، بصنعة حسن بن معاذ الساماني، وتم ذلك في سنة ٤٨٣، كما هو مكتوب على أسفلها بالقلم الكوفي المزهر «صنعه حسن بن معاذ الساماني سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.» وقد قرأ الشيخ الطباخ (١: ٣٦٢) هذه الكتابة «صنعه حسن بن مقري السرميني.» وهو خطأ.» يقول الطباخ (١: ٣٦١): في هذه السنة (٤٨٢) أُسست منارة جامع حلب وعُمرت على يد القاضي أبي الحسن محمد بن يحيى بن الخشاب عوض منارة كانت قبلها. وكان لحلب معبد للنار قديم العمارة، وقد تحول إلى أن صار أتون حمَّام، فاضطر القاضي لأخذ الحجارة لعمارة هذه المنارة … وقرأت في تاريخ منتخب الدين يحيى بن أبي طي النجار الحلبي، قال: أُسست العمارة في هذه المنارة في زمن سابق بن محمود بن صالح على يد القاضي أبي الحسن ابن الخشاب، وكان الذي عمَّرها رجل من سرمين (!) وإنه بلغ بأساسها إلى الماء وعقد حجارتها بكلاليب الحديد والرصاص وأتمها في أيام أقسنقر وطول هذه المنارة إلى الدرابزين بذراع اليد سبع وتسعون ذراعًا وعدد مراقيها ١٧٤ درجة. وأخبرني زين الدين بن عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحيم أن والده حكى له أنه لما كان ليلة الاثنين ثامن شوال سنة ٦٧٥ زُلزلت حلب … وحُركت المنارة فدفعت هلالًا كان على رأسها مقدار ٦٠٠ قدم. ا.ﻫ (من الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة).
وفي سنة ٥٦٤ أيام نور الدين زنكي أحرقته الإسماعيلية مع الأسواق التي حوله فاجتهد نور الدين بعمارته وقطع الأعمدة الصفر من بعادين، ونقل إليه عُمد سور قنسرين … ولم يكن المسجد على التربيع فأحب نور الدين أن يجعله مربعًا فاستفتى في ذلك الفقيه علاء الدين أبا الفتح عبد الرحمن بن محمود الغزنوي، فأفتاه بجوازه فنقض السوق — سوق البز — وأضافه إلى الجامع فاتسع به. وفي سنة ٦٧٩ أحرقه صاحب سيس، فلما كان قراسنقر نائب حلب عمَّره بتولي القاضي شمس الدين بن صقر الحلبي، وفرغ منه في رجب سنة ٦٨٤. ويُقال إن الحائط الشمالي من القبلية التي تلي الصحن كان إذ ذاك من بقايا عمارة نور الدين.
وفي سنة ٨٢٤ وقعت الغربية وكان سقفها جملونًا، فعزم الأمير يشبك اليوسفي نائب حلب على عمارتها قبوًا، وشرع في ذلك ثم تُوفي فعُمرت من مال الجامع.
ولما ملك السلطان الملك الظاهر حلب أمر بتكليس الحائط القبلي، وكذا الغربي من صحن الجامع، وعمل له سقفًا، وكان المحراب الأصفر يُعرف بمحراب الحنابلة، والمحراب الكبير في يمين الحفرة ويسار المنبر مختصًّا بالشافعية، والمحراب الغربي الكائن في أواخر قبلية الحنفية مختصًّا بالحنفية، ومحراب الغربية مختصًّا بالمالكية.
ولا بأس من إيراد مقتطفات من وصف رحلة ابن جبير محمد بن أحمد الكناني الأندلسي الذي زار هذا المسجد في سنة ٥٨٠، فقال في وصفه: «وهذا الجامع من أحسن الجوامع وأجملها، قد أطاف بصحنه الواسع بلاط كبير متسع مفتح كله أبوابًا قصرية الحسن إلى الصحن، عددها ينيف عن الخمسين بابًا … وفي صحنه بئران معينان، والبلاط القبلي لا مقصورة فيه فجاء ظاهر الاتساع … وقد استفرعت الصنعة القرنصية جهدها في منبره، فما أرى في بلد من البلاد منبرًا على شكله وغرابة صنعته، واتصلت الصنعة الخشبية منه إلى المحراب فتجللت صفحاته كلها حسنًا على تلك الصفة الغربية وارتفع كالتاج العظيم على المحراب، وعلا حتى اتصل بسمك السقف وقد قوس أعلاه وشرف بالشرف الخشبية القرنصية، وهو مرصع كله بالعاج والأبنوس واتصال الترصيع من المنبر إلى المحراب مع ما يليهما من القبلة دون أن يتبين بينهما انفصال، فتجتلي العيون منه أبدع منظر يكون في الدنيا، وحسن هذا الجامع المكرم أكثر من أن يوصف.»
حالته الحاضرة: موقع الجامع في غربي القلعة وبينهما مسيرة نصف ميل تقريبًا على خط مستقيم، وهو عمارة عظيمة طولها من الغرب إلى الشرق مع ثخانة جدران الجهتين الخاصتين بها «١٣٠» ذراعًا، وعرضها كذلك من الجنوب إلى الشمال «١١١» ذراعًا و«١٢» قيراطًا … لها أربعة أبواب: (١) موجه قبلة ويعرف بباب النحاسين؛ لأنه كان يخرج منه إلى سوق النحاسين … (٢) موجه شرقًا ويُعرف بباب سوق الطيبية … (٣) متجه إلى الشمال ويُعرف بباب الجراكسية … مكتوب في أعلاه «إنشاء الملك المظفر في عصر السلطان مراد خان عز نصره» … (٤) موجه غربًا، ويعرف بالمساميرية؛ لأن في حضرته الحدادين الذين يصنعون المسامير، وتجاه هذا الباب باب المدرسة الحلاوية (الحلوية) … وقد اشتمل داخله على أربع جهات في كل منها عمارة.
«الجهة الأولى» جنوبية تتجه إلى الشمال … وتستوعب هذه الجهة قبلية الحنفية وقبلية الشافعية، بينهما ممر من الباب القبلي إلى صحن الجامع، سقفهما قبو عظيم محمول على ثمانين عضادة مصطفة من الغرب إلى الشرق أربعة صفوف، كل صف منها عشرون عضادة مربعة محيط كل واحدة «٥» أذرع و«٨» قراريط … وفي قبلية الحنفية محراب ومقصورة على بابها مكتوب «بسملة جددت هذه المقصورة في أيام مولانا السلطان الملك الناصر عماد الدنيا والدين محمد خلد الله ملكه.» وفي سنة ١٣٣٦ هُدمت هذه المقصورة وأُلحقت بأرض القبلية، ومكتوب في أعلى الجدار ما بين العضادة السابعة والثامنة «جددت هذه المقصورة المباركة في أيام المقر العالي المولوي الملكي الشمسي قراسنقر المنصوري كافل المملكة الحلبية عز نصره.» وفيما بين العضادة الثامنة والتاسعة حجرة سعتها من الداخل نحو ذراعين … في أعلى نجفتها مكتوب «جددت هذه المقصورة في أيام مولانا السلطان الملك الصالح عماد الدنيا والدين أبي الفداء يلبغا بن محمد بإشارة المقر الأشرف العالي المولوي السيفي يلبغا كافل المملكة الثانية الحلبية عز نصره سنة ٧٤٦.» ويليها المنبر، وهو من الخشب المصنع الجميل العديم النظير في مساجد حلب، قد اشتمل على رقاع مخمسة ومسدسة، ومحيطها بضعة قراريط بديعة صنعة التنجير قد نزل فيها قطع رقاق من العاج والصفر الذي يلمع كأنه الذهب، ومن جملة خشب هذا المنبر الآبنوس المشهور وارتفاعه عن أرض القبلية إلى كرسيه الذي هو بعد آخر درجة منه «٣» أذرع و«١٢» قيراطًا، ثم تكون قبته. وقد كُتب على تاج بابه «عمل في أيام مولانا السلطان الملك الناصر أبي الفتح محمد عز نصره.» وتحته «عمل العبد الفقير إلى الله محمد بن علي الموصلي.» وعلى مصراعيه «بتولي العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن عثمان الحداد.» وعلى صدر معبره «أمر بعمله المقر العالي الأمير الشمسي قراسنقر الجو كندار الملكي المنصوري عز نصره.» وقال في الروضتين نقلًا عن العماد الكاتب ما خلاصته: أنه كان بحلب نجار يُعرف بالأختريني من ضيعة تُعرف بأخترين، ولم يُلق له في براعته وصنعته قرين، فأمره نور الدين بعمل منبر لبيت المقدس، وقال له اجتهد أن تأتي به على النعت المهندم والنحت المهندس، فجمع الصناع وأحسن الإبداع وأتمه في سنين واستحق بحق إحسانه التحسين. واتفق أن جامع حلب في الأيام النورية احترق فاحتيج إلى منبر يُنصب فنُصب ذلك المنبر وحسن المنظر، وتولى حينئذ النجار على المحراب على الرقم وشابه المحراب المنبر في الرسم. ومَن رأى حلب شاهد منه على مثال المنبر القدسي الإحسان.»
ويقول الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ١٦٥) بعد إيراد عبارة الروضتين … أما المنبر الذي هو الآن به فعُمل في أيام السلطان الملك الناصر محمد وصانعه محمد بن علي الموصلي بتولي محمد بن عثمان بن الحداد. وهذا المنبر غير المنبر الذي كنت سمعتُ عنه أن صانعه كان فلاحًا من قرية أخترين من قرى حلب، وأنه مات قبل تركيبه وعجز الناس عن تركيبه فرآه ولده في النوم، فقال له عجزتم عن تركيبه؟ قال نعم. فأراهم كيفية التركيب فأصبح ولده وركَّبه. وقد تقدم وصف ابن جبير للمنبر القديم، وهذا قد احترق حينما دخل صاحب سيس إلى الجامع وأحرق الجانب القبلي منه، وذلك في سنة ٦٨٤، وبقي إلى أن جُدد في أيام الملك الناصر محمد في أوائل القرن الثامن وهو الموجود الآن، وهو من خشب الأبنوس بديع الصنعة، قد تخلل أجزاءه قطع رقاق صغار من العاج على براعة صانعه ورقى الملك الصنعة في ذلك العهد، لكنه على مقتضى وصف ابن جبير لم يأتِ مثل المنبر القديم.»
ثم يلي المنبرَ المحرابُ الكبير الذي كان مختصًّا بالشافعية، ويُعرف الآن بالحنفية من الحجر الأصفر البعاديني، مكتوب عليه «أمر بعمارته بعد حريقه مولانا السلطان الأعظم الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون.» وعلى جانبه «بالإشارة العالية المولوية الأميرية الشمسية قراسنقر الجو كندار الملكي المنصوري كافل المملكة بحلب المحروسة أدامه الله وحرسه في رجب ٦٨٤.»
وتجاه المحرابِ السدَّةُ، وعليها «بالإشارة العالية العلائية الطنبغا كافل المملكة الحلبية أعز الله أنصاره بإشارة المقر العالي العلائي سيدي عبد الرزاق عز نصره.»
وبجانب المحرابِ الحضرةُ النبويةُ في حجرة مربعة تبلغ «٤» أذرع في مثلها، وسقفها قبة لها على سطح الجامع كوات بشبكات حديد، وفي قاعدة القبة شبكة كالسقف مفتوحة من النحاس بعيون مربعة، وجدران الحجرة الثلاثة الغربي والشرقي والجنوبي من أجمل أنواع الخزف والقاشاني، وباب هذه الحجرة قنطرة عالية حجارتها سود وصفر محمولة على عمودين عظيمين لها غلق يستوعبها من النحاس الأصفر المشبك، ذو مصراعين ومكتوب على زنار مشبكة الباب شِعر تركي للشاعر نابي المشهور ذكره في ديوانه، وآخر مصراع منه يبلغ بحساب الجمَّل سنة ١١٢٠، وهو تاريخ تجديد الحضرة، أما صندوق الجرن الشريف فهو في وسط الحجرة من الخشب على صفة ضريح عليه كسوة من المخمل المزركش، بعث بها السلطان عبد العزيز سنة ١٢٩١ﻫ، وفوق سنام الضريح عدة شالات ثمينة عجمية وهندية، وفي الحضرة مصحف شريف مكتوب على قفا أول صفحة منه «هذا المصحف الشريف بقلم المغيرة بن شعبة الصحابي — رضي الله عنه — بخط كوفي.» ومكتوب تحتها «بسملة الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين يقول كاتب هذه الأحرف حسين بن علي الشهير بابن البجاقجي الحلبي الحنفي بأنه وقف هذا المصحف الشريف بالجامع الكبير بحلب المحروسة ابتغاء لوجه الله تعالى وصلى الله على محمد وآله تحريرًا في أواخر صفر الخير سنة ١٠٦٤ﻫ.» على أن خط المصحف مغربي لا كوفي، ولا دليل فيه على أنه خط المغيرة بن شعبة. ويوجد في الحضرة عدة مصاحف بخطوط استانبولية معتبرة وغيرها مع نسخة من صحيح البخاري، وعشرة قناديل فضة كبار وقنديلان من الفضة وقنديل ذهب، وشمعدان فضة، وقمقم ومبخرة فضة، وغير ذلك من البلور والسجادات والبقج والشالات.
دفين هذه الحضرة: قال ابن شداد وابن الشحنة وابن الخطيب عن تاريخ العظيمي: إنه في سنة ٤٣٥ﻫ ظهر ببعلبك في حجر منقور رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام، فنقل إلى حمص ثم إلى حلب ودُفن بهذا المقام — يعني المقام الأعلى في القلعة — وجرن من الرخام الأبيض، ووضع في خزانة إلى جانب المحراب وأُغلقت … قال ابن الشحنة نقلًا عن ابن بطلان: ولما احترق المقام في حادثة التتر سنة ٦٥٩ عمد سيف الدولة أبو بكر بن إيلبغا الشحنة بالقلعة المذكورة … وشرف الدين أبو حامد بن النجيب إلى رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام فنقلاه من القلعة إلى المسجد. والأقوال في هذا الدفين مضطربة، فارجع إلى نهر الذهب (٢: ٣٤٦) إذا شئت. وفي سنة ١١١٩ﻫ تولى حلب الوالي التركي عبدي باشا، وقد جُددت في عهده تربة دفين هذا الجامع.
يقول الشيخ الطباخ في إعلام النبلاء (٦: ٤٥٩)، في ترجمة علي بن أسد الله بن عالي، العالم الفاضل (١٠٤٨–١١٣٠): وكان إذ ذاك متوليًا على جامع بني أمية، وفي أيام توليته أمر بمرمات الجامع المذكور ومرمات بعض حيطانه، فظهر من أحد الحيطان لما قشروا عنه الكلس رائحة تفوق المسك والعنبر، وإذا فيه صندوق من المرمر مطبق ملحوم بالرصاص مكتوب عليه «هذا عضو من أعضاء نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام.» فاتخذوا له هناك في ناحية القبلة قبرًا في مكان الآن وحُمل الصندوق إليه … سنة ١١٢٠ﻫ.
ويقول الشيخ الطباخ في إعلام النبلاء (٣: ٣٠٩): «قال قاضي حلب عبد الرحمن بن مصطفى البكري الذي تولى القضاء فيها هذه السنة (سنة ١١٢٠ﻫ) في آخر رسالة له، ذكر فيها نبذة من تاريخ حلب أغلبها مما يتعلق بالجامع الكبير: وفي زماننا هذا — وهو زمان السلطان أحمد خان بن السلطان محمد خان — أمر الوزير الأعظم علي باشا في زمان حكومة الفقير بتوسيع المرقد المقدس فشرعنا في تنفيذ أمره في اليوم الرابع من شعبان سنة عشرين ومائة وألف، وهُدم الحائط الشرقي (أي شرقي المنبر)، وهو محل المقام ووراء الصندوق الذي هو ستر جلالة من قديم الأيام؛ إذ ظهر هذا الجرن بين الحائط المرئي والحائط القديم، وهو من الرخام الأبيض، فلما أخذنا في حمله فاح منه رائحة طيبة … فحملناه بالتسليم ووضعناه في خزانة … إلى أن تم ذلك المقام. ولما كان يوم الجمعة قبل العصر حادي عشر ذلك الشهر اجتمعنا مع الوالي وقتئذ … ورفعنا الجرن المبارك … ووضعناه في جرن أكبر منه موضوع فوق بناء مؤسس مرتفع عن الأرض، ووضعنا فوقه من الرخام والتراب الذي كان معه من الأزمنة الماضية وغطيناه بالرخام والتراب … وقد حققنا … إن المدفون هنا هو رأس سيدنا يحيى — عليه السلام — لا سيدنا زكريا — عليه السلام — كما هو مستفيض ومشهور بين الناس.»
والجهة الثانية: شرقية تتجه إلى الغرب وفيها رواق طوله «٣٦» ذراعًا وعرضه «١٧»، وسقفه قبو محمول على عضادات تشاكل عضادات الجهة الجنوبية، وفيه بعض الغرف، وفيه الحجازية، وهي مصلًى طوله ٢٩ ذراعًا وعرضه ١٨ ذراعًا.
والجهة الثالثة: شمالية متجهة إلى الجنوب، وفيها رواق طوله «٧٤» ذراعًا وتسع قراريط، وعرضه «١٤» ذراعًا و«٢١» قيراطًا وسقفه قبو محمول على عضادات وفيه غرف وقسطل، وفيه باب دار القرآن العشائرية، وإلى يمين القسطل حجر مكتوب عليه «أمر بإنشائه مولانا المقام المعظم الملك الظاهر أبو سعيد برقوق عز نصره في أيام المقر السيفي تغري بردي كافل المملكة الحلبية عز نصره بتولي العبد الفقير إلى الله تعالى حمزة الجعفري الحنفي في شهور سنة ٧٧٧.» ومحل منارة هذا الجامع في أواخر الصحن المتجه إلى الجنوب من جهة غربية لها باب صغير، وهي مربعة الشكل يبلغ محيطها «٢١» ذراعًا و«٢١» قيراطًا، وارتفاعها من أرض الجامع إلى موقف المؤذن «٥٢» ذراعًا و«٦» قراريط، ومحيط مكبسها «١٤» ذراعًا و«٢» قيراط، وارتفاعها من موقف المؤذن إلى ختم القبة من داخل سبع أذرع.
والجهة الرابعة: متجهة إلى الشرق، وفيها أيضًا رواق فضاؤه «٥٣» ذراعًا و«١٧» قيراطًا، وعرضه كذلك، وسقفه محمول على عضادات وفيه غرف. وصحن الجامع يبلغ طوله من الغرب إلى الشرق «٩٨» ذراعًا و«٥» قراريط، وعرضه «٦٠» ذراعًا و«١٨» قيراطًا فُرشت بالرخام الأصفر والأسود على صفة جميلة والأروقة مفروشة بالأصفر، وكان تبليط الصحن سنة ١٠٤٢. ويشتمل الصحن على حوض مدور عليه قبة من الخشب، ومحراب تجاهه مصطبة بدرابزين حجر، وبسيط لمعرفة وقتي الظهر والعصر وضعه عبد الحميد دده بن حسن بن عمر الحلبي سنة ١٣٠٠.
وما يُحب ذكره أن دائرة الأوقاف الإسلامية قد جددت الباب الشمالي وبنته على الأسلوب العربي الجميل المزخرف وجعلت أمامه حديقة واسعة، وكان هذا في أواخر عام ١٩٥٣م، كما جددت الواجهة الشمالية الخارجية، وتم هذا العمل بإشراف مديرية الآثار العامة.
(١٨) يقول الهروي علي بن أبي بكر (ت٦١١) في كتاب الإشارات، ص٤: وبالجبانة — قبلي البلد — مقام إبرهيم الخليل — عليه السلام.
(١٩) يقول الغزي (٢: ٣٦٨): ومما يُضاف إلى هذه المحلة (أي محلة داخل باب المقام) مقبرة الصالحين، وتُعرف بمقبرة الخليل؛ لأنه يوجد فيها مشهد للخليل، فيه قدم من الحجر يُنسب إليه، وفي هذا المسجد جماعة من العلماء والصلحاء ذكرهم الشيخ وفا الرفاعي في منظومته مع مَن ذكرهم من العلماء الصلحاء المدفونين في هذه المقبرة، وهي من أشرف مقابر حلب … وقد أنشأ فيه خانقاها الأمير مجد الدين أبو بكر محمد بن الداية، وهي الآن مشرفة على الخراب، ولها منارة على باب المقام معطلة مائلة للسقوط، وعلى الباب حجر أسود واحد، وفي شرقي صحن الخانقاه مغارة تُسمى مغارة الأربعين، وفي جنوبي الصحن حرم للصلاة، في جانبه حجرة في صدرها محراب في أسفل صدره صخرة ناتئة، يُقال إنها هي الصخرة التي جلس عليها إبراهيم الخليل — عليه السلام — مستقبِلًا حلب حين فارقها كأنه يودعها ويتأسف على فراقها. وفي هذا المسجد من جهة الشمال قبر الإمام علاء الدين أبي بكر القاشاني الحنفي، وقبر امرأته فاطمة بنت شيخه علاء الدين السمرقندي. وفي قبلي المسجد مقبرة جليلة فيها جماعة من الأخيار، منهم: الأصولي بدر الدين البلخي، والزاهد الحسين بن عبد الله بن حمزة الصوفي القدسي. وتجاه الخليل مقبرة بني العشائر.
(٢٠) هذه الكتابة الكوفية هي من خمسة أسطر هكذا «مما أمر بعمله ملك الملو (٢) ك عضد الدولة أبو شجاع أحمد (٣) ابن يمين أمير المؤمنين وجرى ذلك (٤) على يد تاج الملوك أبي الغنائم في سنة (٥) تسع وتسعين وأربع مائة.»
(٢١) هو اليوم خالٍ من السكان، وقد رُمم بعض ترميمات أولية بعناية مديرية الآثار.
(٢٢) يقول الغزي (٢: ٩٠): «جامع القيقان: يوجد على حافة السور الموجه غربًا مسجد يقال له جامع القيقان، وهو قديم ذكره صاحب كنوز الذهب، قيل إن هذا المسجد كان مرقبًا يقيم فيه أقاق … ثم جُعل مسجدًا وكان يصلي فيه الفضل بن صالح وبنوه الذين اختاروا السكنى في هذه المحلة.
وهو الآن رحبة صغيرة وقبلية، وفي وسط رحبته بئر، وفي ظاهر جداره الشمالي مما يلي الزقاق حجرٌ منقوش بخط هيروكلفي، «يزعم الناس» أن النظر فيه يزيل اليرقان.»
والصحيح أن هذه الكتابة حثية وعبرية كما ذكر سوفاجه.
(٢٣) هي المعروفة قديمًا بعقبة بني المنذر، وسُميت عقبة لارتفاعها عن ظهر المدينة، وأما بنو المنذر الذين نُسبت إليهم فلم أعثر على نص يسميهم، والمشهور أن أول مَن نزلها من الأشراف العرب بعد الفتح الإسلامي هم بنو صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، يقول الغزي في كنوز الذهب (٢: ٨٧): لا أدري وجه إضافتها لبني المنذر، ولعلهم أول مَن نزلها بعد الفتح. قال بعض مؤرخي حلب: «إن الفضل بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس سكن حلب واختار هذه المحلة، فبنى دوره فيها، وهو من أشرف نواحي حلب وأفضلها.» ويقول الطباخ في الإعلام (١٠٦١) نقلًا عن زبدة الحلب: إن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس تولى حلب من سنة ١٣٧ إلى سنة ١٥٢، وإنه لما دخلها بنى لنفسه قصرًا خارج المدينة في موضع يُقال له بطياس بالقرب من النيرب، وإن أعظم أولاده ولدوا ببطياس.
ويقول عن ابنه الفضل بن صالح إنه تولى حلب من سنة ١٥٢ إلى ١٥٤، وإنه اختار له العقبة بحلب فسكنها. وينقل عن المؤرخ أبي ذر في الكواكب المضيئة في الذيل على تاريخ ابن خطيب الناصرية «سكن الفضل بن صالح حلب واختار محلة العقبة فبنى دوره فيها، وهي من أشرف نواحي حلب وأفضلها.»
(٢٤) هذه القبور هي من أقدم القبور، لا في حلب وحدها، بل في سورية كلها مما يُعرف من طراز القبور الإسلامية في القرن السادس، وقد كانت في حلب قبور أقدم من هذه في محلة الفيض في المنطقة التي شُيدت عليها مستودعات الكاز (الكاز خانه)، وهي المعروفة بقبور الشراكسة، إلا أنها حين تشييد تلك المستودعات قد درست.
(٢٥) الأفضل أن ينقل هذا الأثر الجميل الفريد من نوعه إلى مكان آخر، ويحسن أن يكون ذلك في حديقة المتحف الجديد.
(٢٦) يقول الهروي في الإشارات، ص٤: وبها غربي البلد مشهد الدكة (بسفح جبل جوشن) به قبر المحسن بن الحسين — رضي الله عنه.
(٢٧) يقول الغزي (٢: ٢٧٨): «مشهد الدكة سُمي بهذا الاسم؛ لأن سيف الدولة بن حمدان كان له دكة على الجبل المطل على موضع المشهد يجلس عليها لينظر إلى حلبة السباق، فإنها كانت تقام بين يديه هناك، وعن تاريخ ابن أبي طي أن مشهد الدكة ظهر في سنة ٣٥١، وأن سبب ظهوره هو أن سيف الدولة كان في إحدى مناظره التي بداره خارج المدينة، فرأى نورًا ينزل على مكان المشهد وتكرر ذلك، فركب بنفسه إلى ذلك المكان وحفره فوجد حجرًا مكتوبًا عليه «هذا قبر المحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب.» وقال ابن طي: ولحقت هذا المشهد وهو عليه باب صغير وحجر أسود تحت قنطرته مكتوب عليه بخط أهل الكوفة كتابة عريضة «عمَّر هذا المكان المشهد المبارك ابتغاء لوجه الله وقربته إليه على اسم مولانا المحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب الأمير الأجل سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان.» وذكر التاريخ المقدم (أي سنة ٣٥١). قال: وفي أيام بني مرداس بُني المصنع الشمالي من المشهد، ثم بنى قسيم الدولة آق سنقر سنة ٥٨٢ في ظاهره قبلي المشهد مصنعًا للماء، وكتب عليه اسمه، وبنى الحائط القبلي ثم بنى نور الدين في صحنه صهريجًا وميضأة فيها بيوت كثيرة. وهدم الرئيس صفي الدين طارد بن علي النابلسي رئيس حلب المعروف بابن طريرة، بابَه الذي بناه سيف الدولة ورفعه وحسنه. ولما مات ولي الدين أبو القاسم علي رئيس حلب، وهو ابن أخي صفي الدين المتقدم ذكره، دُفن إلى جانب المصنع، ونقض أيضًا باب المصنع الذي عليه اسم قسيم الدولة، وبناه وكتب عليه اسمه، وذلك في سنة ٦١٣.
ثم في أيام الملك الظاهر غياث الدين غازي بن صلاح الدين يوسف وقع الحائط الشمالي فأمر ببنائه، وفي أيام الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر وقع الحائط القبلي فأمر ببنائه وعمل الروسن الدائر بقاعة الصحن. ولما ملك التتر حلبَ قصدوا هذا المشهد ونهبوا ما كان فيه من الأواني والبُسط، وخرَّبوا الضريح والجدار ونقضوا الأبواب، فلما ملك السلطان الظاهر حلب أمر بإصلاح المشهد وجعل فيه إمامًا.»
ويقول الطباخ في إعلام النبلاء (١: ٢٨٠) نقلًا عن الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة: قال يحيى بن أبي طي في حوادث سنة ٢٥١ من هذه السنة، ظهر مشهد الدكة، وكان سبب ظهوره أن سيف الدولة كان في أحد مناظره بداره التي بظاهر المدينة، فرأى نورًا … إلى آخر الكلام الذي أورده الغزي.
(٢٨) هي مشهورة الآن باسم «الحلوية»؛ لأن الملك العادل نور الدين كان يملأ جرنًا على بابها بالحلاوة والقطائف المحشو ويجمع إليه الفقهاء المرتبين فيها، وقد حدثني والدي — وقد كان مدرسها ومتوليها — أنه سمع من بعض شيوخه أن كلمة «الحلاوية» ربما كانت محرفة عن كلمة «هيلانة»، وهي والدة الإمبراطور قسطنطين بانيتها الأولى!
(٢٩) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٢١٦): «المدرسة الحلاوية: ذُكر في التاريخ أن هذه المدرسة كانت كنيسة عظيمة بنتها هيلانة أم قسطنطين، وكانت معظمة عند النصارى … ولم تزل إلى أن حاصر الفرنج الصليبيون حلبَ سنة ٥١٨ وملكها يومئذ أبليغازي بن أرتق صاحب ماردين فهرب منها، وقام بأمر البلد ومَن فيه القاضي أبو الحسن بن محمد بن يحيى بن الخشاب، وكان خروج ديبس وجوسلين من أنطاكية، فكان بغدوين من الجانب الغربي وجوسلين من الشرقي، ويليه ديبس وسلطان شاه رضوان وباغي سنان بن عبد الجبار صاحب بالس مقابلهم، وكانت الخيم مائة للمسلمين ومائتين للإفرنج فأقاموا يزحفون على حلب ويعيثون فسادًا ويفعلون الفظائع، فلما بلغ ذلك القاضي المذكور عمد إلى أربع كنائس داخل حلب فهدمها وصيرها مساجد وجعل فيها محاريب، منها «الحلوية»، وصارت مسجدًا وعُرف بمسجد السراجين، واستمرت على ذلك إلى أن ملك المدينة الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، فجدد فيها إيوانًا وبيوتًا، وجعلها مدرسة لتدريس مذهب أبي حنيفة ووقف عليها أوقافًا، وكان انتهاء عمارتها سنة ٥٤٤.» ولا بأس بأن نورد ههنا وصف الرحالة الأندلسي ابن جبير لهذه المدرسة، وقد كانت زيارته لمدينة حلب في سنة ٥٨٠ يقول: «ويتصل به (أي بالجامع الأموي) من الجانب الغربي مدرسة للحنفية تناسب الجامع حسنًا وإتقان صنعة، فهما في الحسن روضة تجاور أخرى. وهذه المدرسة من أحفل ما شاهدناه من المدارس بناء وغرابة صنعة، ومن أظرف ما يُلحظ فيها أن جدارها القبلي مفتح كله بيوتًا وغرفًا لها طيقان يتصل بعضها ببعض، وقد امتد بطول الجدار عريش كرم مثمر عنبًا، فحصل لكل طاق من تلك الطيقان قسطها من العنب متدليًا أمامها، فيمد الساكن فيها يده ويجتنيه متكئًا دون كلفة ولا مشقة.»
ونقل الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٧١) عن الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة «أن مبدأ عمارتها في سنة أربع وأربعين، والصواب ثلاث وأربعين كما هو مكتوب على جدار بابها … وبعد أن عدَّد مدرسيها الذين تعاقبوا عليها منذ ذلك التاريخ إلى سنة ٦٥٠ تقريبًا، قال: ولم يزل المدرسون ينتقلون بها إلى أن اتصلت إلى سيدي الوالد — ابن الشحنة — ثم إليَّ خاصة بتوقيع شريف في سنة ٨٢٤.» ويعلِّق الطباخ على هذا بقوله: «والذي يظهر أن أمرها كان جاريًا على السداد إلى أوائل القرن الماضي حينما تولاها أحفاد محمد أفندي الطرابلسي مفتي حلب، فأُهمل أمر التدريس فيها؛ لأنهم لم يكونوا من أهل العلم، وتداعت أبنيتها إلى الخراب، وقد أدركناها والأتربة مالئة وسطها. وفي أواخر القرن الماضي كان المتولي عليها الأخوين السيد محمدًا أبا الفتح والسيد محمودًا ابني السيد عبد الوهاب بن الشيخ مصطفى الطرابلسي، ففرغا التولية سنة ١٢٩٤ﻫ إلى الشيخ مصطفى بن الشيخ محمد طلس، ولما استلم المدرسة كانت خرابًا يبابًا، وليس فيها من القديم سوى مكان الصلاة والمحراب البديع الذي في إيوانها، ولم يبق لها من العقارات سوى دارين داخل المدرسة وأربعة دكاكين … ولما تولى المدرسة الشيخ مصطفى المذكور … صار يعمر المدرسة … ولما توفي سنة ١٣١٥ جرى ولده الشيخ محمد الذي صار متوليًا عليها على تلك الطريقة إلى أن توفي سنة ١٣٣٣ … ثم قام بأمرها الشيخ عبد الوهاب أفندي طلس، فجرى على تلك الطريقة إلى أن عُمرت المدرسة جميعًا وفُرشت بالرخام في أماكنها كافة … وصار للمدرسة من العقارات ٦٢ عقارًا.»
ويقول الغزي في (٢: ٢٢٠) من نهر الذهب تحت عنوان «الكلام على تشخيصها في الحالة الحاضرة»: «هي الآن عمارة واسعة بابها موجه شرقًا كان مكتوبًا فوقه «بسملة مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا جدَّد هذه المدرسة البنية السعيدة المباركة وأنشأها مدرسة للفقهاء على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه مولانا الأمير الأسفهسلار الأجل السيد الكبير الملك العالم العارف العادل المجاهد المؤيد المنصور المظفر الأعز الكامل مؤيد الدين ومظهر الملة الإسلامية بسيفه صفي الأنام بنصره قسيم الدولة وعماد ما اختاره الأنام رضي الخلافة تاج الملوك والسلاطين وجلالها حافظ بلاد المسلمين شمس المعالي وفلكها قاهر المشركين وقامع الملحدين وقاتل الكفرة والمشركين … أبو القاسم محمود بن زنكي بن آق سنقر ناصر أمير المؤمنين على يد عبد الصمد الطرسوسي الفقير لرحمة ربه في شوال سنة ٥٤٣.» وتشتمل من جهتها الشمالية على إيوان طول فضائه «٩» أذرع و«١٥» قيراطًا وعرضه «٦» أذرع و«١٣» قيراطًا، وفيه محراب مخشب ظاهره وباطنه بخشب مصنع جميل منقوش حفرًا بنقوش لم ترَ العين أجمل منها، مكتوب على دائره «بسملة جدد هذا المحراب في أيام مولانا السلطان الملك الغازي المجاهد المرابط المؤيد المنصور الملك الناصر صلاح الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين منصف المظلومين من الظالمين رافع ألوية العدل في العالمين قامع الكفرة والملحدين أبي المظفر يوسف بن محمد ناصر أمير المؤمنين خلد الله ملكه وأعز أنصاره وأعلا رايته وأنار برهانه بولاية الفقير إلى رحمة الله تعالى عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة غفر الله له ولوالديه سنة ٦٤٣.» ومكتوب تحت سقف المحراب «صنعة أبي الجيش محمد بن الحراني.» وتحته «نجارة العبد الفقير إلى رحمة ربه …» وفي جانب الإيوان قبلية المدرسة، وسقفها قبة مشادة على أربع قناطر تحت رجلي كل قنطرتين عمود من الرخام الأصفر البعاديني، وفوقه قاعدة من الحجر الأحمر السماقي مؤزرة بتآزير عديمة النظير في زاوية من زواياها دائرة منقوش فيها صورة صليب … وأما الجهة الشرقية، ففيها محل للتدريس وقد جدده متولي المدرسة ومدرسها الأسبق حضرة العالم الفاضل الشيخ مصطفى بن الشيخ محمد بن الشيخ مصطفى طلس. ثم يذكر الوقفيات والإصلاحات التي قام بها عمي الشيخ محمد بن الشيخ مصطفى ووالدي الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ مصطفى طلس.
(٣٠) هو أول مسجد اختطه المسلمون في حلب لما فتحوها؛ إذ دخلوها من هذا الباب، ووقفوا في موضع هذا المسجد ووضعوا أتراسهم وبنوا عليها مسجدًا عُرف حينئذ بمسجد الأتراس وبالمسجد العمري، ثم بمسجد الغضائري نسبة إلى الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري (٣١٣) أحد أصحاب السري السقطي. وفي أيام نور الدين جعل هذا المسجد مدرسة للشافعية عُرفت بالشعيبية؛ لأنه عُهد بتدريسها إلى الفقيه الزاهد شعيب بن أبي الحسن بن أحمد الأندلسي (ت٥٩٦). راجع إعلام النبلاء للطباخ (١: ٩٠).
وقال الغزي (٢: ٨٩) من نهر الذهب: هذا المسجد الآن سماوي صغير مشتمل على حوض في غربيه، ينفذ منه الماء إلى القسطل الذي على بابه، أحدثه أهل المحلة، وله منارة قصيرة فوق بابه، وفيه قبلية صغيرة في شرقيها شبه حجرة فيها قبر لأحد الصالحين، وبعض جدرانه باقية من آثار نور الدين والقدم ظاهر عليها، وهو عامر تقام فيه الصلوات والجمعة وأوقافه جزئية.
(٣١) وقال الطباخ في إعلام النبلاء (٤: ٣١٦) نقلًا عن ابن شداد في الكلام على مدارس الشافعية: المدرسة الشعيبية كانت هذه مسجدًا يقال أول ما اختطه المسلمون عند فتحها من المساجد، وعُرف بأبي الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري … فلما ملك نور الدين حلب وأنشأ بها المدارس وصل الشيخ شعيب بن أبي الحسن الأندلسي الفقيه، فصيَّر له هذا المسجد مدرسة … وهذه المدرسة الآن شاغرة عن الشعائر والدرس، بل ولا يعلم أحد أنها مدرسة … ولها منارة محكمة قصيرة وعليها كتابة كوفية لا أدري ما هي. وموقعها في آخر محلة باب أنطاكية، وإذا كنت داخلًا من باب البلد واستقبلت الشرق فإنها تقابلك … وفوق بابها حجرة عليها كتابة كوفية هذه صورتها:
وفوق هذا الباب منارة صغيرة، وتحتها على طول الجدار قبلية وشمالًا وغربًا حجارة ضخمة عليها كتابة كوفية من النوع المسمى بالمزهر، تدلك على عناية أهل ذلك العصر بالخط وترقيه. وقد استحضرت مَن له إلمام بقراءة هذا الخط فصعب عليه ذلك، لأن الأيام ذهبت بكثير من الحروف … غير أنه تمكن من قراءة بعض ما كُتب على الجدار من الجهة الشمالية وهي «في سنة خمس وأربعين وأربعمائة»، وذلك تاريخ بناء نور الدين.
(٣٢) قال ابن الشحنة في الدر المنتخب كما نقله الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٨٧): البيمارستان النوري بناه الملك العادل نور الدين محمود داخل باب أنطاكية بالقرب من سوق الهواء (في محلة الجلوم الكبرى في الزقاق المعروف الآن بزقاق البهرمية …)
ثم قال الطباخ: أقول: هو الآن خراب لم يبقَ منه سوى بابه وجدران أطرافه يأوي إليه الفقراء من الغرباء. ومن الغريب أن معتمد إيطاليا آدولف صولا عمَّر فوق باب البيمارستان المذكور قنطرة جعل طرفها تحت أطراف قصر داره التي هي تجاه البيمارستان المذكور حفظًا للقصر، وذلك منذ خمس عشرة سنة، وكان ذلك في ليلة واحدة ولم ينتطح لذلك عنزان، غايته أن المتولي على البيمارستان رفع الأمر إلى الحكومة وإلى المجلس البلدي فلم يُلتفت إليه.
وقال الغزي (٢: ٦٤): البيمارستان هو لصيق البهرامية من جنوبيها الشرقي … مكتوب على نجفة بابه أنه عمَّره نور الدين بتولي ابن أبي الصعاليك. وكان فيه قاعة للنساء مكتوب عليها «عمر هذا المكان في دولة السلطان صلاح الدين يوسف ابن العزيز محمد بتولي أبي المعالي محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن العجمي في شهر رمضان سنة ٦٥٥.» وعلى إيوان فيه أنه عُمر في أيام الأشرف شعبان، وأن هذا الإيوان وقاعة النساء الصيفية أنشأهما سبط ابن السفاح، وعلى الشباك الذي على بابه أنه أحدث سنة ٨٤٠ على يد الحاج محمد المارستان، وكانت قاعة المنسهلين سماوية فسقفها القاضي شهاب الدين بن الزهري.
أقول: هذا البيمارستان في أيامنا معطل مائل للخراب، بل داخله خراب، قد صارت حجراته تلالًا ولم يبقَ منها إلا بعض حجر متشعثة متوهنة يسكنها بعض العبيد العتقاء، وقد استولى بعض الناس على قطعة عظيمة من جهته الجنوبية وأدخلها في العمارة المعروفة بالباكية، وقد ضاعت أوقافه … مكتوب على بابه «بسملة أمر بعمله المولى الملك العادل المجاهد المرابط الأعز الكامل صلاح الدنيا والدين قيم الدولة رضي الخلافة تاج الملوك والسلاطين ناصر الحق بالبراهين محيي العدل في العالمين قامع الملحدين قاتل الكفرة والمشركين أبو القاسم محمود بن زنكي بن آق سنقر ناصر أمير المؤمنين أدام الله دولته بمحمد النبي وآله بتولي العبد الفقير إلى رحمة مولاه عتبة بن أسعد بن الموصلي.»
(٣٣) قامت دار الآثار بكافة الترميمات الأولية وأخلته من السكان مؤخرًا.
(٣٤) تُعرف الآن بمدرسة خان التوتون؛ لأنها تقع في الزقاق المشهور الآن بخان التوتون، وقديمًا بدرب الحطاب (الحطابين) وبدرب ابن السلار.
(٣٥) قال الغزي في نهر الذهب (٢: ٧٠): هي إحدى الكنائس الأربع التي ضبطها ابن الخشاب … وجعلها مسجدًا للمسلمين، ثم جعلها عز الدين عبد الملك المقدم مدرسة، ويُقال إن المدرسة الشرفية بُنيت على مثالها، وأضاف إليها عز الدين دارًا كانت بجانبها، وابتدأ بعمارتها سنة ٥٤٥، وكُملت سنة ٥٦٤، مكتوب على نجفة بابها: «بسملة هذا ما وقفه تقربًا إلى الله تعالى في أيام الملك العادل محمود بن زنكي بن آق سنقر عز نصره، الفقير إلى رحمة الله محمد بن عبد الملك بن محمد في سنة ٥٦٤ فرحم الله من قرأه ودعا له بالمغفرة.»
وباب هذه المدرسة موجه غربًا، وهي مشتملة الآن على قبلية وحجرات في غربيها مشرفة على الخراب، وطول صحنها من الشمال إلى الجنوب «٤٣» ذراعًا وعرضها «٤٢» ذراعًا و«١٢» قيراطًا، وأول مَن درَّس فيها برهان الدين أحمد بن علي الأصولي السلفي ثم محمد بن أبي جرادة الحلبي.
(٣٦) إن أول وأقدم مدرسة شُيدت في سورية هي المعروفة الآن بجامع المبرك — مبرك الناقة في بصرى الشام — وذلك في سنة ٥٣٠ﻫ/١١٣٦م.
(٣٧) يقول الطباخ في إعلام النبلاء (٤: ٥٠٩–٥١١): موقع هذه المدرسة وهذه الخانقاه في محلة الجلوم … وباب المدرسة لم يزل باقيًا من عهد الواقف، وفيه هندسة حسنة، لكنه آخذ إلى الخراب وفي حاجة إلى الترميم … والباقي من المدرسة قبليتها، وهي في حاجة إلى الترميم وفيها شخص يؤدب الأطفال … والحجر التي هناك في أطرافها الثلاثة كلها تخربت ومكانها خالٍ، أصبح عرصة واسعة ما عدا حجرتين في الجهة الغربية، وهما مشرفتان على السقوط … وأما الخانقاه فلا أثر لها الآن، وربما كانت في الجانب الشرقي من هذه المدرسة.
(٣٨) هدمت بلدية حلب جزءًا منه عندما قامت في سنة ١٩٥٠م بفتح شارع خان الوزير، وتجب صيانة الباقي وترميمه ترميمًا صالحًا لقيمته الأثرية وبراعة بنائه، كما يجب وضع واجهة للباقي منه على طراز البناء المجاور له، أي خان الوزير أو جامع الفستق.
راجع كتاب الأستاذ صبحي الصواف Alep، ص١٠١، ١٠٢.
(٣٩) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٧٨): ومما يلحق بهذه المحلة (محلة الكلاسة) مشهد محسِّن ومشهد الحسين، فأما مشهد محسن فيُعرف بمشهد الدكة ومشهد الطرح وهو غربي حلب … إلخ الكلام الذي أوردناه خلال ذكرنا للأثر «رقم ١٤»، وأما مشهد الحسين فهو في سفح جبل الجوشن … ثم أورد خبر الراعي والمنام الذي أوردناه عند رقم «١» في الصحيفة الآتية، وقال بعد ذلك: قال ابن أبي طي: ومقتضى هذه الحكاية أن هذا المكان هو المشهد المعروف بمشهد النقطة، وهو قبلي المشهد المعروف بمشهد الحسين وهو إلى الخراب أقرب. وأما مشهد الحسين فهو عامر آهل وتولى عمارته الحاج أبو النصر ابن الطباخ، وكان ذلك في أيام الملك الصالح بن الملك العادل نور الدين، وكان الأمير محمد بن الختلو شحنة حلب فساعدهم في بنائه … وانتهت عمارته سنة ٥٨٥ﻫ ولما ملك الظاهر غازي حلب اهتم به ووقف عليه … ولما ملك ولده العزيز استأذنه القاضي بهاء الدين بن أبي محمد الحسين ابن الخشاب في ابتناء حرم إلى جانبه فأذن له، فشرع في بنائه واستولى التتار على حلب قبل أن يتم، ودخلوا إلى هذا المشهد ونهبوا ما كان فيه … وشعثوا بناءه … ولما ملك الظاهر جدَّد ذلك ورمَّه.
قلت: الذي فهمته من عبارة ابن أبي طي على ما فيها من الاضطراب أن المشهد الذي نسميه الآن بالشيخ محسِّن هو مشهد الدكة، وأن الذي نسميه المشهد هو مشهد الحسين، وتؤيد هذا الكتابةُ الموجودة في صدر إيوان المشهد وهي «بسملة أمر بعمل هذا الإيوان المبارك العبد الفقير إلى رحمة الله أبو غانم ابن أبي الفضل عيسى البزاز الحلبي رحمه الله وذلك في شهور سنة ٥٧٩.» فهذه الكتابة ربما تعضد قول ابن أبي طي: «وبنى الإيوان الذي في صدره الحاج أبو غانم.» على أن مشهد الشيخ محسن لا إيوان فيه، ومعلوم أن كلا المشهدين قائم على سفح جبل الجوشن بينهما مسافة غلوة، فالقبلي منهما «الشيخ محسن» والشمالي هو «المشهد».
(٤٠) ينقل الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٨٠) عن يحيى بن أبي طي في تاريخ حلب: أن راعيًا يُسمى عبد الله كان يرعى غنمه، فاتفق أنه نام بعد صلاة الظهر في المكان الذي بُني فيه المشهد، فرأى كأن رجلًا خرج من سقيف الجبل المطل على المكان، ومد يده إلى أسفل الوادي وأخذ عنزًا، فقال له: يا مولاي لأي شيء أخذت العنز؟ فقال: قل لأهل حلب أن يعمروا في هذا المكان مشهدًا ويسموه مشهد الحسين …
(٤١) يقول الغزي (٢: ٢٨٢): وكان هذا المشهد مهملًا، ثم منذ نصف قرن أخذت تُقام فيه يومَ عاشوراء حفلةٌ دينية … وفي اليوم السابع والعشرين من رجب تُتلى فيه قصة المعراج … وفي سنة ١٣٠٢ جُددت فيه الجهة الشمالية من القبلية … وفي أيام الحرب العامة الأولى ١٩١٤ استُعمل مستودعًا للذخائر الحربية النارية، واستمر على ذلك إلى أواخر سنة ١٣٣٧ﻫ / ١٩١٨م وذلك حين خروج الإنكليز من حلب (مع جيش الشريف حسين)، ودخول الفرنسيس إليها، وكان الحرس الإنكليز قد انصرفوا فهجم عليه جماعة من رعاع الناس وغوغائهم ونهبوا ما فيه من الذخائر، وبينما كان بعض أولئك الرعاع يعالج قنبلة لاستخراج ما فيها من البارود؛ إذ أورت نارًا فلم يشعر إلا وقد انفجرت وسرت منها النار بأسرع من لمح البصر إلى غيرها من الأعتاد النارية … وقد تهدم بنيان هذا المشهد كله سوى قليل … وكان مكتوبًا في جبهة إيوان هذا المشهد «بسملة اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهرا والحسن المجتبى والحسين الشهيد وعلي زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضى ولد الجواد، وعلي الهادي والحسن العسكري ومولانا محمد بن الحسن القائم بأمر الله تعالى.» وعلى رأس المحراب «صنعه أبو عبد الله وأبو الرجاء ابنا يحيى الكناني.» وعلى نجفة الباب الداخلي «بسملة عمر مشهد مولانا الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام في أيام دولة مولانا الملك الظاهر العالم العادل سلطان الإسلام والمسلمين سيد الملوك والسلاطين أبي المظفر الغازي بن الملك الناصر يوسف بن أيوب ناصر أمير المؤمنين سنة ٥٧٢.» وعلى دهليز الباب «بسملة اللهم صل على محمد النبي وعلي الوصي والحسن المسموم والحسين الشهيد المظلوم وعلي زين العابدين ومحمد الباقر علم الدين وجعفر الصادق الأمين وموسى الكاظم الوفي وعلي الطاهر الرضي ومحمد البر التقي وعلي الهادي النقي والحسن العسكري وصاحب الزمان الحجة المهدي واغفر لمن سعى في هذا المشهد بنفسه ورأيه وماله.» وعلى نجفة الباب في ثلاثة أنصاف دوائر «اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد وسلم.» و«ارض اللهم عن أصحاب رسول الله أجمعين.»
(٤٢) اهتمت دار الآثار بهذه المؤسسة التاريخية، فرممتها بعض الترميم.
(٤٣) قال الغزي في نهر الذهب (٢: ٧٨): مسجد الشيخ معروف محله في أواسط سوق الضرب بالصف الموجه شمالًا، وهو ليس بمسجد وإنما هو مدرسة كانت تُعرف بالشاذبختية نسبة إلى منشئها الأمير جمال الدين بن شاذ بخت الخادم الهندي الأتابكي، كان نائبًا عن نور الدين محمود بن زنكي بحلب، وعُرفت أيضًا بالمدرسة العديمية نسبة إلى أحد مدرسيها من بني العديم. وأما الشيخ معروف المنسوبة إليه في عصرنا فهو رجل يقول الناس عنه إنه أحد الأبطال الفداوية، ولم أرَ له ترجمة. وبالجملة فإن هذه المدرسة معطلة، فيها بعض خلوات، ولها قبلية في وسطها ضريح يُعرف بضريح الشيخ معروف، ويُعمل فيها حلقة ذكر في الطريقة البدوية بعد صلاة العصر يوم الجمعة.
ويقول الطباخ في إعلام النبلاء (١: ٣١٩): «قال أبو ذر: هذه المدرسة بدرب العدول، وهو سوق النشابين، أنشأها الأمير جمال الدين … ومحرابها عجيب وبها إيوان وخلا للفقهاء … بنى بحلب مدرستين هذه والأخرى ظاهر حلب شماليها، وكانت تُعرف بمشهد الزرازير، ثم إن الدولة هدمته وأخذت أحجاره لعمارة سور حلب …»
ويقول في إعلام النبلاء (١: ٨٤) نقلًا عن الدر المنتخب: «هذه المدرسة أنشأها الأمير جمال الدين شاذبخت الخادم الهندي الأتابكي … وأول مَن درَّس بها موفق الدين أبو الثناء محمود بن النحاس، ثم عمر بن العديم، قال ابن الشحنة: ولم يزل المدرسون يتنقلون بها إلى أن اتصلت إلى سيدي الوالد ومن بعده إليَّ بورود توقيع شريف باسمي بعرض الأمير سيف الدين قصروه نائب حلب …»
مكتوب على بابها «بسملة وقف هذه المدرسة على أصحاب الإمام (٢) الأعظم سراج الأمة أبي حنيفة — رضي الله عنه — في أيام (٣) الملك الظاهر غازي بن يوسف عز نصره العبد الفقير إلى رحمة (٤) ربه شاذبخت عتيق الملك العادل محمود بن زنكي في سنة تسع وثمانين وخمسمائة.»
(٤٤) هو محراب رخامي فيه عمودان من الرخام الأبيض وهو على نمط محرابي الفردوس والبهرامية، وقد كُتب في أعلاه «عمل أبي الرجاء وأبي عبد الله ابني يحيى رحمه الله.»
(٤٥) قال الغزي (٢: ٤٠٦) من نهر الذهب: «ويلحق بهذه المحلة (محلة الشميصاتية) قرية بابلي المعروفة الآن ببستان الخربة … ويلحق بهذه المحلة مشهد الشيخ فارس، وقد تكلمنا عليه في ترجمة أبي بكر النصيفة.»
(٤٦) راجع البحث القيم الذي كتبه عنها الأستاذ لوفره J. Lauffray في الحوليات الأثرية السورية، المجلد الثالث، ص٤٩ من القسم الفرنسي، وص١٠٩ من الغربي. وقد استوفى البحث عنها وذكر ما أصابها من التطور خلال العصور، وما هي عليه اليوم، وما أُجري عليها من الإصلاح والترميم إلى غاية عام ١٩٤٤ حتى عُدت من أروع الآثار الإسلامية وأجملها، مما يصور لنا العصر الأيوبي وبناءه أحسن تصوير، وراجع أيضًا كتاب السيد صبحي الصواف Alep، ص١٠٢.
(٤٧) تُعرف هذه المدرسة بالظاهرية، وهي مشتركة بين الشافعية والحنفية. قال الطباخ (٤: ٣٩٤) نقلًا عن الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة: هي المعروفة الآن بالسلطانية تجاه القلعة … وكان الملك الظاهر قد أسسها، وتُوفي سنة ٦١٣ﻫ ولم تتم وبقيت مدة بعد وفاته حتى شرع فيها شهاب الدين أتابك الملك العزيز فعمرها وكملها سنة ٦٣٠ﻫ، مكتوب على بابها «بسملة وبه نستعين هذه المدرسة قد أمر بعمارتها وإنشائها في أيام السلطان الملك الناصر صلاح الدنيا والدين محمد بن السلطان الملك المظفر غازي بن السلطان الملك الناصر صلاح الدنيا والدين منقذ بيت الله المقدَّس من أيدي الكافرين أسكنه محال رضوانه وفسائح جنانه وخلد سلطان الملك العزيز وألهمه العدل والإنصاف وأنشأها تكية وتربة ولي أمره وكافل دولته القائم بقوانين حفظه العبد الفقير إلى رحمة ربه الجليل شهاب الدين أبو سعيد طغرل بن عبد الله الملكي الظاهري عفا الله عنه وجعلها مدرسة للفريقين ومقرًّا للمشتغلين بعلوم الشريعة من الطائفتين الحنفية والشافعية والمجتهدين في الاشتغال السالكين طريقة الأخيار الأمثال الذين يعينهم المدرس بها من الفريقين مشتملة على مسجد لله تعالى ومشيد فيه مدفن السلطان الملك الظاهر قدس الله روحه ليناله ثواب قراءة العلم ودراسته وبركة القرآن وتلاوته فجزاه الله أفضل الأجر عليه وشرط فيها أثابه الله تعالى أن يكون المدرس شافعي المذهب والإمام للصلاة في مسجدها شافعي المذهب وكذا المؤذن غفر الله لهم أجمعين سنة ٦٢٠.»
وهي مبنية بالحجارة الهرقلية المحكمة ومحرابها من أعاجيب الدنيا في جودة التركيب وحسن الرخام، وأراد تيمورلنك أخذه فقيل له إنه إذا أزيل لا يتركب على حاله الأول فأبقاه، وهي كثيرة الخلاوي للفقهاء، وبركتها ينزل إليها بدرج …
وقال الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٢٢٣): «حالتها الحاضرة؛ لم يزل باب المدرسة قائمًا على حاله، وعليه الكتابة المتقدمة وفوق الباب منارة ضخمة وعن يمين الباب ويساره خمس حُجَر صغيرة بعضها جُدد في أوائل هذا القرن ورُممت جميعها منذ ثلاث سنوات، وكان عن يمين المدرسة ويسارها حُجَر للطلبة علوية وسفلية أدركناها وهي مشرفة على الخراب، والآن قد خربت بالكلية والحائط الشرقي خرب بتاتًا … ومنذ سنتين صار بعض أهل الطريقة الرشيدية يقيمون الذكر في قبلية المدرسة، فجمعوا من بعضهم نحو ثلاثين ألفًا أقاموا فيه هذا الحائط من أنقاض المدرسة وأصلحوا الدرج الذي يُنزل منه إلى باب المدرسة؛ لأنه أصبح منخفضًا لتعلية الأرض التي حول المدرسة.
وكان في وسط المدرسة حوض مركب من ثمانية أحجار بديع الشكل، وقد خرب … وأما القبلية فقد كان جدارها المشرف على صحن المدرسة أصابه الوهن فاهتم جميل باشا منذ أربعين سنة في إصلاحه، ومحراب المدرسة بديع جدًّا، وهو مؤلف من ثلاث عشرة حجرة من الرخام الملون، وفي طرفي المحراب عامودان من الرخام الأزرق، ويعلو المحراب أحجار ملونة مشتبكة على أجمل وضع، وقد استغرقت فيه الصنعة جهدها. وعن يمين القبلة صخرة واسعة لعلها كانت موضع إلقاء الدروس، وعن يسارها حجرة واسعة أيضًا، وهناك في وسطها أربعة قبور يتلو بعضها بعضًا، اثنان يعلوان الأرض شبرًا، والآخران بعض أصابع، وأحد هذه القبور قبر السلطان الملك الظاهر غازي، لكن لا يُعلم أي قبر هو، كما أني لم أقف على اسم مَن دُفن في القبور الثلاثة.»
ويقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٢٤) بعد أن يورد وصفها وكتاباتها كما أسلفنا: كان لها شهرة عظيمة في القرن السابع وما بعده إلى العاشر، ثم اضمحل حالها وضاعت أوقافها … وظهر من كتاب وقف أن دار المرحوم السلطان صلاح الدين الأيوبي كانت في محلة ساحة بزه قرب جامع السلطانية، وقد ذكرنا أن دُور بني الشحنة كانت تحت القلعة قرب السلطانية.
(٤٨) يجب تنظيف الباحات التي تحيط بهذا الأثر النفيس من الأتربة المتراكمة، وإقامة حدائق حوله لما له من أهمية كبرى لدى سكان المدينة؛ ولأنه يحوي قبر الملك الظاهر غازي الذي جدَّد مدينة حلب وقلعتها في زمانه، وما تزال آثاره بادية للعيان.
(٤٩) هي في محلة الجبيلة (أو الجبيل) أو الكلتاوية نسبة إلى مدرسة الأمير طقتمر الكلتاوي المتوفى سنة ٧٨٧. وتنقسم الكلتاوية إلى منتطقتين: «الكلتاوية الصغرى» و«الكبرى».
(٥٠) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٩١)، والطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٢٥١): الكلتاوية الصغرى الشمالية مكان يُعرف بالأتابكية نسبة إلى عبد الله طغريل شهاب الدين عتيق الملك الظاهر غياث معتقه، والمكان المذكور عبارة عن عمارة مبنية بالحجارة الهرقلية العظيمة، وله باب موجَّه جنوبًا قد نُقش على نجفته «بسملة هذا ما تقدم بإنشائه العبد الفقير إلى رحمة الله وكرمه الشاكر لما أفاض عليه رحماته أبو سعيد طغريل بن عبد الله الملكي الظاهري تقبل الله منه وأثابه مشهد لله تعالى تقام فيه الصلوات الخمس في أوقاتها ويسكنه المدرس والفقهاء الحنفية على ما شرطه في كتاب الوقف وإن قدر الله وفاته خارج مدينة حلب وقُبر في الموضع المعد له ولابنه المقر المولوي الأعظم على ما شرط فلا يحق لأحد تغييره عما وضع له فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ في شهور سنة ٦٢٠.»
أما الأتابك طغريل هذا، فقد كان أميرًا صالحًا مملوكًا للملك الظاهر غازي، قام بأمر الملك العزيز أحسن قيام. قال ابن خلكان في آخر ترجمة القاضي بهاء الدين بن شداد: تُوفي الأتابك شهاب الدين طغريل ليلة الاثنين الحادي عشر من محرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة بحلب، ودُفن بمدرسة الحنفية خارج باب الأربعين، وكان خادمًا أرمني الجنس.
(٥١) لهذه المدرسة صحن، وفي صدره قبليته، في طرفها الأيمن وفي وسطه قبر الواقف طغرل، والكتابة التي كانت على باب الخانقاه قد مُحيت وكُتبت عليها كتابة حديثة بتاريخ سنة ١٢٨٦.
(٥٢) قال الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٩٦): «وفي تلك الجهات (أي جهات الفردوس) عمارة يسمونها الدرويشية، أظنها تربة، وهي مشرفة على الخراب، أنشأها الملك الناصر سنة ٦٢١.»
(٥٣) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٩٩): وفي الجهة الجنوبية في المحلة (أي الفردوس) مدرسة تُعرف بالظاهرية، ذكرها ابن شداد في باب المدارس الشافعية في ظاهر حلب، وقال أنشأها وشرطها للشافعية … وأنشأ إلى جانبها تربة أرصدها ليدفن فيها من يموت من الملوك والأمراء، وهذه المدرسة حافلة جدًّا، عظيمة الباب، واسعة الرحاب، شبيهة بالمدرسة السلطانية الكائنة تجاه باب القلعة، كأنما أُفرغتا في قالب، سوى أن السلطانية أصغر منها، وفي شمالي صحنها حوض كبير جميل الصنعة لا يهتدي إلى تركيبه إلا الحذَّاق، وفيها نحو عشرين حجرة للمجاورين، وتجاه قبليتها رواق عالٍ، وكلها متوهنة المباني … والتربة التي في جانبها قد دثرت ولم يبقَ منها سوى محراب.
وينقل الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٥٢٥) عن الدر المنتخب، في الكلام على مدارس الشافعية التي بظاهر حلب، أن أولها المدرسة الظاهرية، أنشأها السلطان الملك الظاهر غياث الدين غازي بن يوسف بن أيوب صاحب حلب، وانتهت عمارتها في سنة عشر وستمائة، أي بعد وفاته … ويعلق على حالتها الحاضرة بقوله: أقول وهذه المدرسة الآن خربة وحُجرها التي كانت عن اليمين والشمال تهدمت، وعواميدها العظيمة مع كثير من أنقاضها ملقاة في أرض المدرسة، ولم يبقَ من آثار عمرانها سوى محرابها مع عمودين من الرخام، وليس على بابها شيء من الكتابة، وفي وسطها حوض مثمن بديع الصنعة، وحالتها الحاضرة تُعرب عن عظمة شأنها وجلالة قدر بانيها … فإن أهل تلك المحلة لفقرهم قد تسلطوا على أحجار تلك الآثار وهم يسرقون منها شيئًا بعد شيء وإذا طال الحال ولم يُتلافَ ذلك تصبح هذه الأماكن التي هي من مفاخر الآباء والأجداد أثرًا بعد عين.
راجع أيضًا إعلام النبلاء (٤: ٣٥٥).
وراجع أيضًا الحوليات الأثرية السورية المجلد الثالث، ص٤٩ من القسم الفرنسي، و١٠٨ من القسم العربي.
(٥٤) ما يزال هؤلاء السكان يحتلون هذا الأثر النفيس، فيجب على الدوائر المختصة العمل على إخلائه، والقيام بالترميمات والتقوية المطلوبة وبخاصة في قسمه الغربي، حيث توجد القباب المصنوعة من القرميد على أشكال هندسية رائعة ستندثر حتمًا إن لم تتدارك الدوائر المختصة ذلك.
(٥٥) لم تخل بعدُ من سكانها، ومن الضروري الإسراع بإخلائها والعمل على تقوية المتبقي من بنائها.
(٥٦) قال الطباخ في إعلام النبلاء (٥: ٢١٩): إن هذا الجامع كان يُسمى جامع الرومي، وهو غير جامع الرومي الذي بناه منكلي بغا (الأثر رقم ٤١) وإن نسبته إلى تاجر رومي، وينقل عن أبي ذر أن هذا الجامع مشهور الآن بجامع دباغة العتيقة، وإن له منارة عظيمة وصحنًا لطيفًا وقبلية غربي الصحن مقبوة بالأحجار … ويعلق الطباخ على هذا بقوله: أقول ليس في هذا الجامع شيء من الزخرفة، إنما بناؤه في غاية الإحكام، وفي وسط القبلية قاعدة عظيمة يبلغ طولها سبع أذرع ونصفًا، وعرضها أزيد من ذراعين وعليها، ارتكز بناء الجامع ومنارة مربعة الشكل على نسق المنارة التي في جامع باب أنطاكية، درجاتها «٧٤» ويبلغ ارتفاعها «٢٢» ذراعًا وعرضها «٤» أذرع.
ويقول الغزي (٢: ١٩٨) من نهر الذهب: هو جامع قديم حافل له منارة مربعة الشكل عالية مبنية بالحجارة الهرقلية، وله بابان: أحدهما من شرقيه يُدخل منه إلى قبليته، والآخر من غربي شماليه يُدخل منه إلى صحنه، وفي شرقي شماليه قبور تاريخ أحدها سنة ٨٠٧ والصحيح «٨٨٧» كما يقول الطباخ (٥: ٢٢٠).
(٥٧) لقد تهدم هذا الجامع في سنة ١٩٥٣ ولم يعد صالحًا لإقامة الشعائر فيه الآن، وقد علمت أن الطريق الذي يمر أمامه سيأخذ قسمًا كبيرًا منه اشترطت مديرية الآثار على دائرة البلدية أن تحتفظ بالمأذنة في مكانها عند توسيع الطريق.
(٥٨) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٩١): الزاوية الكمالية محلها هذا الزقاق — هو زقاق الكيزواني في محلة العقبة — قرب جامع الكيزواني في شرقية، وهي سماوي متوسط السعة، وقبليته بنسبته ولها منارة، ولشريف بن مصطفى السمان وقف تاريخ كتابته سنة ١١٨٧ﻫ شرط فيه عشرة قراء في هذه الزاوية يُدفع لهم في الشهر ثمانية قروش من غلة وقفه.
(٥٩) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٧٤): البزازية محلها في زقاق خان البيض، وقفها بدر الدين (أخي) حسن بن زين الدين أوران ابن محمد التاجر بسوق حلب في ١٥ ربيع الأول سنة ٧٩٠ … والزاوية الآن عامرة مشتملة على قبلية في غربيها، تُصلى فيها الأوقات الجهرية وأخرى في جنوبها، وفي الجهة الشرقية الشمالية من السماوي قبر يقال إن الدفين فيه هو الشيخ محمد البزاز …
(٦٠) ضيفة خاتون هي ابنة الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد أخي صلاح الدين، وزوج الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب، ووالدة الملك العزيز بن الظاهر، ولدت سنة ٥٨٢ أو سنة ٥٨١ وماتت سنة ٦٤٠، وقد ملكت حلب بعد وفاة ابنها الملك العزيز وقامت بالملك أحسن قيام مدة ست سنوات، ولما ماتت دُفنت في الحجرة بالقلعة تجاه الصفة التي دُفن فيها ولدها الملك العزيز. راجع تاريخ أبي الفداء في حوادث سنة ٦٤٠ﻫ، وإعلام النبلاء (٢: ٢٦١).
(٦١) بنتها ضيفة خاتون جامعًا ومدرسة وتربة ورباطًا سنة ٦٣٣ ووقفت عليها أوقافًا عظيمة، وجامعها حافل عظيم متقن البناء واسع الأرجاء معدود في حلب من الآثار القديمة العظيمة يقصده السواح لما اشتمل عليه من عظمة البناء وضخامة الحجارة والأعمدة وبداعة الطرز، صحنه يبلغ ستين ذراعًا في مثلها تقريبًا، وفيه حوض واسع جميل الصنعة على شاكلة حوض السلطانية، وفي شماليه إيوان كسرى، وعلى جانبيه المدرسة والمطبخ، وفي شرقيه الصحن، وغربيه الرباط والتربة، وكلاهما الآن مملوءان من قبور جماعة لا تُعرف تراجمهم، وفي جنوبي الصحن قبلية واسعة على طول الصحن في عرض نحو ثلاثين ذراعًا. ومنبر هذا الجامع جُدد بعد واقفته، ومن أجمل ما فيه المحراب فإنه عديم النظير لما اشتمل عليه من حسن الصنعة والنقوش والإتقان والإحكام، وفيه عدة ألواح من الحجر اليشم النادر الوجود، وهذه اللفظة فارسية أصلها «أشباد جشم». قال ابن العديم: وهو من أعاجيب الدنيا يرى الناظر إليه وجهه فيه من صفاء معدنه، وفي شرقي القبلية حجرة مقتطعة منها، فيها قبران يزعمون أن الشمالي منهما مدفون فيه سيدنا علي بن أبي طالب — كرم الله وجهه — حتى إنه مكتوب على رقعة في ثوب الضريح «هذا قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب — رضي الله عنه — نقل صندوقه سيف الدولة أيام دولته من النجف سنة ٣١٧.» وهذا كذب ظاهر؛ فقد نصَّ المؤرخون على أن قبر علي — رضي الله عنه — خفيٌّ لا يُعرف موضعه … ثم إن عمارة الفردوس كما قال ابن شداد: بناؤها عظيم مرتفع بالحجارة الهرقلية، وهي كثيرة الأماكن وبها خشخاشة للموتى وبركة ماء تشبه بركة الظاهرية يأتي إليها من بستانها من دولاب خارجها، وفي هذا البستان إيوان عظيم مبني بالحجارة العظيمة، وفي هذه المدرسة أعمدة ضخمة من الرخام الأصفر ملقاة في صحنها، وفيها قاعة عظيمة لمدرسة، وللمدرسة من جهاتها الأربع مناظر وشبابيك إلى بستانها، وفيها إيوان مكتوب عليه في طرازه وطرازها: «لله در أقوام إذا جن عليهم الليل سمعت لهم أنين الخائف وإذا أصبحوا رأيت عليهم تغير ألوان:
إذا ما الليل أقبل كابدوه
ويسفر عنهم وهم ركوع
أطار الشوق نومهمو فقاموا
وأهل الأرض في الدنيا خشوع
أجسادهم تصبر على التعبد وأقدامهم ليلها مقيمة على التهجد لا يرد لهم صوت ولا دعا، تراهم في ليلهم سجدًا ركعًا قد ناداهم المنادي وأطربهم الشادي:
يا رجال الليل جدوا
رب صوت لا يرد
ما يقوم الليل إلا
من له حزم وجد
لو أرادوا في ليلتهم ساعة أن يناموا أقلقهم الشوق إليه فقاموا وجذبهم الوجد والغرام فهاموا وأنشدهم مريد الحضرة وبثهم، وحملهم على المناجاة وحثهم:
حثوا مطاياكم وجدوا
إن كان في القلوب وجد
قد آن أن تظهر الخبايا
وتنشر الصحف فاستعدوا
الفرش مشتاقة إليهم والوسائد متأسفة عليهم النوم قرم إلى عيونهم والراحة مرتاحة إلى جنوبهم الليل عندهم أجل الأوقات في المراتب، ومسامرهم عند تهجدهم يرعى الكواكب:
وزارني طيفك حتى إذا
أراد أن يمضي علقت به
فليت ليلي لم يزل سرمدًا
والصبح لم أنظر إلى كوكبه
هجروا المنام في الظلام وقلدوا بطول المنام وناجوا ربهم بأطيب كلام وأنسوا بقرب الملك العلام لو احتجبوا عنه في ليلهم لذابوا ولو تغيبوا عنه لحظة لما طابوا يدعون التهجد إلى السحر ويتوقعون ثمر اليقظة والسهر بلغنا أن الله تبارك وتعالى يتجلى للمحبين فيقول لهم من أنا فيقولون أنت مالك رقابنا فيقول: أنتم أحبتي أهل ولايتي وعنايتي ها وجهي فشاهدوه ها كلامي فاسمعوه ها كاسي فاشربوه وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا إذا شربوا طابوا ثم طربوا إذا طربوا أقاموا إذا أقاموا هاموا إذا هاموا طاشوا إذا طاشوا عاشوا لما حملت ريح الصبا قميص يوسف لم يفضض ختامه إلا يعقوب ما عرفه أهل كنعان ومن عندهم خرج ولا يهودا وهو الحامل.»
ومكتوب على الباب سطر جيد جدًّا مدحه الشعراء وهو «أمرت بإنشائه ضيفة خاتون في أيام السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن السلطان الملك الظاهر غازي بتولي عبد المحسن العزيزي الناصري في سنة ٦٣٣.» ومما قاله الشعر في هذا السطر:
في باب فردوس حلب
سطر من الذَّهب عجب
فيه صِحافٌ مِن ذهب
هن صِحاف مَن ذهب
يشير الشاعر بما ذكره إلى ما كُتب هناك من الآية التي فيها ذكر صحاف الذهب التي يُطاف بها على أهل الجنة، وعلى الجدار الشرقي «بسم الله هذا ما أنشأته الشرف الرفيع والحجاب المنيع عصمة الدنيا والدين خاتون بنت السلطان الملك العادل والدة السلطان الملك العزيز بن الملك الظاهر في أيام مولانا السلطان الملك الناصر صلاح الدنيا والدين يوسف بن الملك العزيز محسن بن غازي بن يوسف ناصر أمير المؤمنين خلد الله ملكه.»
وعلى الجدار الشرقي خارج المدرسة «بسم الله يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هذا ما أمر بإنشائه الشرف الرفيع والجناب المنيع الملكة الرحيمة عصمة الدنيا والدين ضيفة خاتون ابنة السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب تغمدهم الله برحمته وذلك في أيام مولانا السلطان الملك الناصر العالم العادل المجاهد المرابط المؤيد المظفر المنصور صلاح الدنيا والدين يوسف بن الملك العزيز محسن بن الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب ناصر أمير المؤمنين عز نصره بتولي العبد الفقير عبد المحسن العزيزي الناصري رحمه الله في سنة ٦٣٣.»
راجع الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٧٩)، والطباخ في الإعلام (٢: ١٦٢)، والصواف في كتابه Alep، ص٩٧.
ومما يُحب ذكره هنا أن دائرة البلدية في حلب قد شرعت في سنة ١٩٥٢ بإخلاء العرصات المحيطة بهذا الأثر الجميل وهدم الدور المقامة عليها؛ ليظهر رونقه الأصلي، فيجب إتمام ذلك المشروع وإحاطة المكان بحدائق.
(٦٢) الفرافرة محلة قديمة ذكرها أبو ذر، وقال كما في إعلام النبلاء (٥: ٢٥): نسبة إلى بني فرفور وكانوا رؤساء، وكان بهذا الدرب مسكن نقباء الجيش الأمير شهاب الدين أحمد وشعبان أولاد كيكلدي … وبهذا الدرب قسطل من أيام الظاهر غازي، وكان عليه قبو فاندثر، ولما قدم الملك الأشرف برسباي إلى حلب نزل بهذا الدرب العلامة بدر الدين العيني.
(٦٣) قال الطباخ (٥: ٢٥) نقلًا عن أبي ذر: الخانقاه العادلية خانكاه أنشأتها ضيفة خاتون بنت الملك العادل سيف الدين أبي بكر أم الملك العزيز محمد داخل باب الأربعين مكتوب على بابها بُنيت سنة خمس وثلاثين وستمائة، وإلى جانبها من جهة الشرق زاوية أخي باك العجمي دخلتها مع ولده الخواجا أحمد. وتجاه هذا الخانكاه خانكاه القوامية أظنها نسبة لمن سكن بها لا لبانيها، وهي وقف على البسطامية. ا.ﻫ. وقال في الدر المنتخب: في هذا الباب خانكاه أنشأتها الملكة ضيفة خاتون بنت الملك العادل داخل باب الأربعين تجاه مسجد الشيخ الحافظ عبد الرحمن بن الأستاذ.
(٦٤) الصحيح أن التي بنتها هي ضيفة خاتون الملكة الرحيمة في عهد وصايتها وتملك ابنها الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز بن محمد، وقد كُتب على بابها «بسملة وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ أنشئ هذا الرباط المبارك في أيام السلطان الملك الناصر صلاح الدنيا والدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب ناصر أمير المؤمنين في شهور سنة خمس وثلاثين وستمائة.»
يقول الطباخ في إعلام النبلاء (٢ : ٢٥-٢٦): الخانقاه العادلية … في الكلام على خوانك النساء … لم تزل هذه الخانكاه في هذا الدرب تجاه المدرسة المعروفة الآن بالهاشمية والجامع المعروف بالزينبية، وبابها تنزل إليه بدرجة، وهو مؤلف من ثلاثة أحجار سوداء كبيرة، وهو باقٍ من عهد بنائه … وتجد بعد الباب دهليزًا تدخل منه إلى صحن مربع طوله «٤٠» قدمًا وعرضه كذلك، تجد في شماليه إيوانًا واسعًا عظيم الارتفاع قنطرته مبنية من حجارة ضخمة، في الجنوب قبلية فيها محراب بديع بلغت فيه الصنعة منتهاها من الهندسة والهندام، يكتنف المحراب عمودان من الرخام الأزرق، يعلو كل واحد منها تاج مرخم ترخيمًا بديعًا يدل على صنعة وبراعة، وعلى القنطرة أحجار مدورة تتخللها قطع صغيرة من الفسيفساء وهي ملونة تلوينًا حسنًا … وعن يمين القبلية ويسارها حجرة صغيرة يعلوها طابق آخر فيه حجر، لكن معظمها متهدم … وفي وسط الصحن حوض صغير مؤلف من سبعة أحجار على شكل الحوض الذي في رباط الفردوس … ومن هذا الصحن تدخل في دهليز آخر تخرج منه إلى صحن فيه أربع حُجر أيضًا.
راجع كتاب الصواف ALEP، ص١٠٢.
(٦٥) لم تُخلَ إلى اليوم من سكانها، وقد رممتها دائرة الآثار وقوت القسم المتهدم منها.
(٦٦) تُنسب هذه المدرسة لبانيها شرف الدين أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن الحلبي ابن العجمي (٤٨٠–٥٦١)، وكان من أئمة الشافعية، رحل إلى بغداد ودخل المدرسة النظامية وتفقه على أبي بكر الشاشي وأسعد الميهني، وكان من العلماء الأثرياء النبلاء الرؤساء، ويُنسب إليه أيضًا بناء المدرسة الزجاجية الشافعية التي يُقال إنها أول مدرسة أُسست في حلب، وإنه بناها في سنة ٥١٧ بالاشتراك مع الأمير بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار صاحب حلب. راجع إعلام النبلاء (٤: ٤٥٠–٢٥٤). وقد خلط الطباخ بين الشرفية الزجاجية التي في الجلوم، والشرفية التي في سويقة حاتم وجعلها مدرسة واحدة، فمدرسة الجلوم قد درست، أما مدرسة سويقة حاتم فباقية وتسميها العامة الأشرفية غلطًا. راجع إعلام النبلاء (١: ٤٤٥) و(٤: ٢٥٠).
(٦٧) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٦٨): أنشأها الإمام شرف الدين ابن العجمي وصرف على عمارتها ما ينيف عن أربعمائة ألف، كذا قال ابن شداد … وقال الذهبي: هي حسنة مليحة غاية بالارتفاع وحسن البناء والصنعة، وبوابتها لم يُنسج على مثالها، وإيوانها فرد في بابه، ومحرابها في غاية الجودة، ورخام أرضها محكم، وبركتها من أعاجيب الدنيا، عشرة أحجار مركبة في بعضها تركيبًا غريبًا، وعمقها قامة وبسطة … وهي مبنية بالحجارة الهرقلية، واسم معلم بنائها مكتوب على باب محرابها، وهو أبو بكر النصيفة، واسم النحات مكتوب على بابها، واسمه أبو الثناء بن ياقوت، وصنع لها طراز على حائطها الأعظم؛ ليكتب عليه ما أراد، وكذلك على إيوانها فلم يتفق ذلك؛ لأن واقفها اخترمته المنية ولم يكملها، وكانت مدة عمارتها أربعين سنة، وكان لها ثلاثة أدوار من الخلاوي المحكمة البناء والأبواب والخزائن، وبها بأعلى الإيوان مع أعلى حاصلها المعروف بالمغارة قاعة مليحة للمدرس … وهذه المدرسة الآن مشرفة على الخراب، قد عمر في مكان إيوانها مكتب للأطفال … ولم يبقَ بها سوى المسجد والقبلية بجانبه، وهي متشعثة، وأما بركتها فلم تزل موجودة إلا أنها مختلة الوضع.
(٦٨) كان هذا الجامع في القديم معروفًا بجامع المحصب، ثم اشتُهر بالزاوية الكريمية نسبة للشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخافي الصوفي المشهور (ت٨٨٤).
قال الغزي في نهر الذهب (٢: ٩٧): محله تجاه حمَّام الجوهري قرب سوق باب قنسرين، وكان يُعرف بمسجد المحصب، يقال إنه بُني في أيام أحد العمرين، وجُدد على يد عبد الرحمن بن عبد الرحيم من بني العجمي، واسمه مكتوب عليه، ومنارته بناها ابن أبي سوادة، وجدده أيضًا، وزاد فيه زيادة كثيرة الشيخ عبد الكريم الصوفي … ثم توهن وأشرف على الخراب إلى أن جُدد جدار قبلته مما يلي الصحن سنة ١٣٠٢ﻫ، وهو فسيح القبلية والصحن، وفيه حوض فوق عشر بعشر، وفي شرقيه رواق، وغربيه حجرة واسعة تعلم فيها الأطفال، وفي شرقي شمالي القبلية مزار الشيخ عبد الكريم، وفي الجدار الجنوبي من القبلية شرقي المحراب حجر فيه صورة قدم غائص يقولون إنه أثر قدم النبي … وهذا الجامع له في جبهته الغربية بابان: أحدهما من شمالها وهو الباب القديم، والآخر في جنوبها وهو حديث … وعلى الباب الشمالي «بسم الله … جددت هذه البنية المباركة في دولة مولانا السلطان الأعظم والملك المعظم مالك رقاب الأمم سيد ملوك العرب والعجم العالم العادل المجاهد المرابط المظفر المنصور الملك الناصر صلاح الدنيا والدين حافظ بلاد الله ناصر عباد الله معين خليفة الله يوسف بن المظفر محمد خليل أمير المؤمنين خلد الله ملكه وأعز أنصاره بمحمد وآله بتولي العبد الفقير إلى رحمه الله عبد الرحمن (بن عبد الرحيم بن العجمي الشافعي) في شهور سنة ٦٥٤ من الهجرة النبوية.» وعلى شباك الحجرة المدفون فيها الشيخ عبد الكريم «أنشأ هذا المكان المبارك بعون الله وحسن توفيقه العبد الفقير إلى الله تعالى الراجي عفو ربه مؤملًا فضله العميم السالك على المسلك القويم أبو الخير الشيخ عبد الكريم بن عبد العزيز بن عبد الله الحنفي مذهبًا الخوافي معتقدًا أمتعنا الله ببركته ونفعنا والمسلمين بصالح أدعيته في الدارين في سنة ٨٥٥.»
وقال الطباخ في إعلام النبلاء (٥: ٣٠٣) في ترجمة الشيخ عبد الكريم الخافي المتوفى سنة ٨٨٤ … أقول: إن بابه القديم لا زال موجودًا، وقد ذكرنا في ترجمة الشيخ عبد الرحيم العجمي المتوفى سنة ٦٥٤ ما هو مكتوب عليه، إلا أن هذا الباب مغلق الآن لا يفتح إلا في بعض الأحيان، وكان جدار القبلية مما يلي الصحن متوهنًا فاهتم في تجديده المرحوم جميل باشا سنة ١٣٠٢، ورقم القبلية وبلَّط صحن الجامع ووسَّع الحوض، إلى غير ذلك من الإصلاحات.
(٦٩) هذه القبور هي من أقدم القبور المعروفة في القرن السابع للهجرة، وهي رائعة في أسلوبها الريازي، وزخارفها وكتاباتها الجميلة، ولا تُعرف في سورية قبور من طرازها، فيجب العناية الشديدة بحفظها وصيانتها.
(٧٠) هو الأمير علاء الدين الطنبغا، تولى حلب بعد وفاة سيف الدين سودي في سنة ٧١٤ﻫ للمرة الأولى، ثم تولاها ثانية في سنة ٧٣٢ﻫ.
(٧١) يقول الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٣٧٠) نقلًا عن الدر المنتخب: من مشاهير جوامع حلب جامع الطنبغا الصالحي نائب حلب ثم دمشق، بناه بطرف الميدان الأسود سنة ٧٢٣، وهو أول جامع بُني بحلب بعد الجامع الكبير داخل سورها على كتف خندق الروم شرقي المدينة، وجعل له بابين: غربيًا يُستطرق منه إلى حوش عظيم يُعرف به ومنه إلى المدينة، وهو بابه الكبير، وبنى إلى جانبه ميضأة كبيرة كثيرة النفع، وبابًا شرقيًّا صغيرًا يُستطرق منه على جسر إلى ظاهر البلد … مكتوب على بابه الكبير الغربي «بسملة إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أنشأ هذا الجامع المبارك الفقير إلى الله تعالى المقر الأشرف العالي العلائي الطنبغا الناصري تغمده الله برحمته وعفا عنه وذلك في أيام دولة مولانا السلطان المالك الملك الناصر محمد عز نصره في شهور سنة ثمانية عشر وتسعمائة من الهجرة النبوية والحمد لله.»
وعلى يسار الداخل إليه باب تخرج منه إلى ساحة واسعة كانت قديمًا مخزنًا للملح الذي يُؤتى به من الجبول، والقبلية ذات أربع سوار في وسطها مبنية من الحجارة، ولا أثر للعواميد هناك، غير أن ثلاثة منها شكل بنائها يفيد أن تحت القواعد عواميد، وأُخبرت أنه كان حصل هناك حريق فأصاب العواميدَ شيء من التوهن، خلف كل عمود بسارية من الحجر حفظًا له، والقبة التي فوق المحراب ذات هندسة بديعة حفظتها لنا الأيام مع ارتفاع بنائها وضخامة أحجارها … وحصل في الجامع في هذه السنة (سنة ١٣٤٠ﻫ) شيء من الترميم، وكان أُحدث أمام الباب الصغير الشرقي ميضأة بحيث منعت الدخول إلى الجامع من هذا الباب، وقد أُزيلت سنة ١٣٤٠، ومن هذا الباب خرج إلى الخندق القديم الذي كان محيطًا بسور البلد، وقد طُم هذا الخندق، وصار الآن جادة واسعة، ووراء هذه الجادة المحلة المعروفة ببرية المسلخ. وجدار القبلية الشرقي هو داخل في بناء السور؛ ولذا كُتب عليه من خارجه «البسملة أمر بعمارة هذا السور في أيام مولانا السلطان الملك الناصر أبي السعادات بن محمد بن الملك الأشرف قايتباي عز نصره المقر الكريم جان بلاط كافل حلب المحروسة ويتولى السيفي مصر باي نائب القلعة الحلبية بتاريخ جماد الآخر سنة ثلاث وتسعمائة.»
ويقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٧٦): هو جامع الساحة، وهو جامع الطنبغا الصالحي … ويوجد باتصال هذا المسجد من شماليه مكان عظيم كان يُخزن به الملح، والآن يُستعمل لطبع المناديل. قال ابن الشحنة: أظنه كان خانقاهًا للمسجد المذكور، وكان المتولي يأخذ أجرته ويصرفها على المرتزقة وتربة الطنبغا في زقاق ضمامة اللؤلؤ، وتُعرف الآن بالمدرسة بناها الطنبغا المذكور، وكانت تربة حافلة لم يبقَ منها الآن سوى رسم قبلية في جنوبيها محراب ليس إلا.
(٧٢) قامت مديرية الآثار في السنوات الأخيرة بإجراء ترميمات كبرى في المصلى، وفي الجدران الخارجية التي تكون جزءًا من السور القديم.
(٧٣) هو الأمير أرغون بن طيجو الكاملي، تولى حلب سنة ٧٥٤ﻫ، ومات سنة ٧٥٨ بالقدس وعمره دون الثلاثين. راجع كتاب الصواف Alep، ص١٠٦.
(٧٤) قال الغزي في نهر الذهب (٢: ١٠٣): البيمارستان الكاملي يُقال له البيمارستان الجديد، بناه أرغون الكاملي سنة ٧٥٥ … وأعد له الآلات والخدم، ورتَّب لحفظ الصحة فيه أطباء، وأباحه لكل وارد وصادر وأرواه بالمياه، وشرط فيه قراء يقرءون طرفي النهار، وخبزا يُتصدق به، ورتَّب له جميع ما يُحتاج إليه من الأشربة والكحل والمراهم والدجاج وغير ذلك، وكان في محله دار لأمير فتوصل إليها بطريق شرعي، ولم يغير بوابتها عن حالها وإنما كتب عليها وهي عامرة، وهو بالحقيقة بيمارستان عظيم لا نظير له في ديارنا وغيرها من جهة سعته وإتقان عمارته وزخرفته، أحد بابيه تجاه خان القاضي، وهو الآن متوهن البناء مكتوب على بابه «بسملة أمر بإنشاء هذا البيمارستان الملك الناصر مولانا السلطان الملك الصالح ابن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون خلد الله ملكه الفقير إلى ربه أرغون الكاملي نائب السلطنة العظيمة بحلب المحروسة غفر الله له وأثابه الجنة في شهور سنة خمس وخمسين وسبعمائة.»
(٧٥) لا يزال الساكنون مقيمين فيه، وقد ذهبت الخشبية التي يشير إليها البروفسور سوفاجه ولم يبقَ لها أثر، فيجب إخلاء هذا المكان من سكانه بأي ثمن؛ لئلا يزيد عبثهم فيه. وقد قامت مديرية الآثار بتدعيم أقسام كثيرة فيه.
ومكتوب عليه أيضًا «لما كان بتاريخ ربيع سنة خمس وعشرين وثمانمائة اطلع المقر الأشرفي السيفي المالكي الصالحي مولانا الآمر عز نصره وهو الناظر الشرعي على البيمارستان السيفي أرغون الكاملي بحلب المحروسة على ما شرطه الواقف أثابه الله في كتاب وقفه فمنع ما هو بغير شرط الواقف وملعون بن ملعون من يحدث فيه بغير شرط الواقف أثابه الله تعالى وغفر له ولمن كان السبب فيه وللناظر فيه بإحسان.» وبجانبه «بحسب المراسم الشريفة العالية السلطانية الملكية الناصرية خلد الله ملكه وأدام اقتداره وملعون بن ملعون من يتعرض إلى وقفه أو يجدد عليه مظلمة ويكون خصمه رسول الله بتاريخ جمادى الأولى سنة عشر وثمانمائة.»
ويقول الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٤٣٧): تدخل إلى هذا البيمارستان فتجد عن يسارك حجرة هي الآن خربة، ثم تدخل الباب الثاني فتجد عن يمينك حجرة أخرى، وكانت هاتان الحجرتان لقعود الأطباء ووضع ما يحتاجون إليه من الأدوية والأشربة، ثم نجد صحنًا واسعًا يحيط بطرفه القبلي والشمالي رواقان ضيقان مرفوعان على أعمدة ووراءهما حُجر صغيرة هي محل حبس المجانين فيها، ثم تدخل من الجهة الشمالية في دهليز وبعد خطوات تجد دهليزين: الذي عن اليمين يأخذك إلى باب آخر للمارستان تخرج منه إلى بوابة صغيرة هو مغلق الآن، والدهليز عن يسارك يأخذك إلى صحنين وحولهما حُجر صغيرة وهي معدة لحبس المجانين … وكان بلاط الصحن متوهنًا فاهتم جميل باشا في سنة ١٣٠٢ في تبليطه وتجديد حوضه وترميمه داخلًا وخارجًا … وكان لبابه الكبير حلقتان كبيرتان جميلتا الشكل من النحاس الأصفر، قُلعتا منذ خمس عشرة سنة وأُخذتا إلى متحف الأستانة ولا ندري وصلتا إليه أو لا.
وعلى جدار البيمارستان على يسار الباب حجر مكتوب عليه «لما كان بتاريخ ثاني عشرين ربيع الآخر سنة ستة وأربعين وثمانمائة أبطل المقر الشريف العالي المولوي المخدو[مي] (٢) الزيني عمر السفاح الشافعي صاحب ديوان الإنشاء الشريف بالمملكة الحلبية المحروسة أخذ موجب ما يجلبه نصارة مدينة قارة إ[لى] (٣) … المحروسة من القماش والثمار خارجًا من الفاكهة في معلوم كتابة السر … بحلب ابتغاء لوجه [الله] (٤) تعالى فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.» وقد كتب جدار خان القاضي أمام هذا البيمارستان ما نصه «لما كان بتاريخ مستهل سنة خمس … المقر الكريم العالي القضائي المحبي القاضي محب الدين ابن الشحنة الحنفي (٢) أسبغ الله ظلاله قد أبطل ما على مدينة نصارا مدينة قارا من الموجب الذي على بضايعهم المباعة بمدينة حلب (٣) من القماش والثمار خارجًا عن الفاكهة حسب المرسوم الشريف الذي بيدهم ملعون من يجددها (٤) أو يسعى في تجديدها عليه اللعنة إلى يوم الدين.»
(٧٦) كان الأمير سيف الدين طاز نائب السلطنة في حلب، تولاها بعد الأمير سيف الدين أرغون الكاملي في سنة ٧٥٥، وظل فيها إلى سنة ٧٥٩، وفي هذه السنة قبض عليه المقر سيف الدين صرغتمش رأس نوبة النوب من غير علم السلطان وسجنه في الأسكندرية. راجع ذلك في حوادث سنة ٧٥٩ من تاريخ ابن إياس.
(٧٧) لقد هدمت دائرة البلدية هذه المراحيض في قسمها الداخلي واستعاضت عنها بمراحيض ومباول حديثة، ولم يبق من البناء القديم سوى الباب الجميل ذي المقرنصات والكتابة.
(٧٨) هذه المدرسة والتربة بجانبها أنشأهما أحمد بن يعقوب ابن الصاحب في سنة ٧٥٠. قال الغزي في نهر الذهب (٢: ١٩٠): جامع الفستق هو مدرسة أنشأها أحمد بن يعقوب سنة ٧٥٠ﻫ، وأنشأ بقربها مكتبًا للأيتام … وفي سنة ٨١٣ﻫ وقف عليها الناصري محمد بن عبد الله بن القاضي ناصر الدين محمد بن يعقوب، وولده الأمير الكبير الغازي ناصر الدين محمد الصارمي إبراهيم وقفًا عظيمًا أكثره أراضٍ، مكتوب على باب هذه المدرسة «البسملة إنما يعمر … هذا ما أنشأه العبد الفقير المستعيذ بالله من التقصير أحمد بن يعقوب بن الصاحب غفر الله له ولمن كان السبب ولجميع المسلمين سنة خمس وستين وسبعمائة.» وعلى الجدار الموجه غربًا في عتبة باب المدرسة «لما كان بتاريخ نهار الاثنين خامس عشر شهر شوال المبارك من شهور سنة تسع وتسعمائة ورد المرسوم الشريف المطلوبي لكل وقف عليه من ينوب وأن القضاة والحجاب وولاة أمور الإسلام بحلب الخاصكية متوجهون للمملكة الحلبية للكشف عن الأوقاف ابتغاء لوجه الله ذي الجلال والإكرام طالبًا لما عند الله من الأجور وليحيي معالم هذا الجامع.» قلت: وقد سمى هذه العمارة هنا مدرسة وجامعًا، والذي رأينا في ترجمة بانيها أنها تربة والله أعلم. وعلى كل حال هي الآن متوهنة البناء خالية من الحجرات لها قبلية عامرة. ويقول الطباخ في الإعلام (٥: ٤٠): أحمد بن يعقوب بن الصاحب المتوفى سنة ٧٦٥، قال أبو ذر في الكلام على الترب: تربة ابن الصاحب بالقرب من الظاهرية من شماليها، وبينهما تربة بني سوادة، أنشأها الأمير شهاب الدين أحمد بن الصاحب شرف الدين أبي محمد يعقوب بن عبد الكريم بن أبي المعالي، وكان وافر النعمة … تُوفي سنة ٧٦٥ ودُفن بهذه التربة، وهي مشتملة على بوابة محكمة ظريفة بالحجر النحيت النظيف الكثير الصناعة؛ إذ هي قبو ليس مجوفًا كعادة الأقبية، بل كالفراش، وبوسط هذا القبو كالفسقية التي تكون في وسط قاعة؛ إذ هذا القبو كرخام مرخم، وفوق هذا القبو غرفة من الحجر. وفي زماننا تصدعت الدعامة التي عليها فأُصلحت، وداخل هذه البوابة قبلية لطيفة وحوش، وقد جعل هذا المكانَ واقفُه تربةً ورباطًا … ويعلق الطباخ على كلام أبي ذر بقوله: أقول هذه التربة كما قال أبو ذر أمام المدرسة الظاهرية تجاه بابها، بينهما جادة وداران وهاتان الداران كانتا تربة بني سوادة، ولم يبقَ لهذه أثر، وأما تربة ابن الصاحب أحمد فقد بقي منها ساحة صغيرة في صدرها محراب مشرف على الخراب، وعن يمينه قبر المترجم … وهناك حجرة كبيرة مشطورة شطرين كُتب عليها «بسملة إنما يعمر … عمر هذا المسجد المبارك والرباط والتربة المباركة في دولة مولانا السلطان ابن السلطان الملك الناصر أبي المحاسن حسين أدام الله أيامه ونشر في الخافقين أعلامه على يد أضعف خلق الله تعالى وأحوجهم إلى مغفرة ربه الرحيم العبد الفقير أحمد بن يعقوب بن عبد الكريم عفا الله عنهم.» راجع الطباخ في الإعلام (٥: ٤٢)؛ والصواف في Alep، ص١٠٧.
(٧٩) لقد قامت الأوقاف بتنظيفه وترميمه بصورة جيدة.
(٨٠) هو جامع ابن المهمندار كما هو مشهور، قال الغزي في نهر الذهب (٢: ١٧٣): جامع المهمندار المعروف بجامع القاضي تجاه المحكمة الشرعية، أنشأه حسن بن بلبان المعروف بابن المهمندار في أواسط القرن السابع، ووقف عليه … وهو الآن عامر وفيه بعض جهات متهدمة … ومن أحسن ما فيه منارته التي تستغرق الطرف بصناعة بنائها، ومن عجب أمرها أنها مائلة إلى الغرب. وبالجملة فإن هذا الجامع معمور تقام فيه الصلوات والجمعة، ورأيت صورة وقفية واقفها محمد بن موسى بن علي مهمندار الملكة الحلبية وقف على هذا الجامع عدة أراضٍ عشارية من قرى حلب سنة ٨٥٢ﻫ مكتوب في جانب باب هذا الجامع على يمنة الداخل «ملعون ابن ملعون من تعاطي تصوير ما فيه روح بقرب هذا الجامع أو صورة ما فيه روح ليجمع الناس عليها أو يبيعها ومن فعل ذلك كان داخلًا في عموم قوله إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال أحيوا ما خلقتم.» والذي يلوح على هذه الكتابة القدم، وهي خالية من التاريخ.
ويقول الطباخ (٥: ١٨): الحسن بن بلبان حسام الدين ابن المهمندار أخو الأمير علاء الدين … الذي كان حاجب الحجاب بحلب والأمير ناصر الدين محمد أحد المقدمين بحلب ثم نائب القلعة بها، بنى جامعًا حسنًا داخل باب اليهود المعروف الآن بباب النصر … ولما زلزلت حلب سنة ٨٠٦ انهدمت قبلية الجامع المذكور فأعادها بعض التجار، وقال أبو ذر: جامع المهمندار بناه الحسن بن بلبان … وهذا الجامع نير كثير المياه له منارة لم يوجد في مملكة الشام أحسن منها، بل ذكر لي أن ولا في مصر أطرف منها، وله منبر من الرخام الأصفر وكذلك سدته، وهذه المنارة فيها من الصنائع من أولها إلى رأس قبتها بحيث إن الناظر لا يميز حجرًا من حجر عن الأشكال المختلفة في نحتها وتركيبها ودرابزينها من الأحجار المخرمة. وإلى جانب هذا الجامع مسجد قديم لم يغيره الواقف، إنما جعله جانب جامعه من الغرب وفتح بينهما … وعلى أثر الزلزلة سنة ١٢٣٧ تخربت أروقة الجامع، ولم يبقَ منه سوى قسم من القبلية … وعمر رواقه الشرقي والشمالي وبلط صحنه بالرخام.
(٨١) إن هذه المنارة الجميلة التي كانت مائلة نحو الطريق ومهددة بالسقوط من آن إلى آخر، قد هُدمت تمامًا وأُعيدت من قبل مديرية الآثار على هيئتها السابقة بعد تدعيمها بأطباق عديدة من الأسمنت المسلح في سنة ١٩٤٦م.
(٨٢) هو الأمير منكلي بغا الشمسي، تولى نيابة السلطنة في حلب عوضًا عن قطلوبغا الأحمدي في سنة ٧٦٣، ثم وليها سنة ٧٦٨ﻫ، وفي هذه التولية أنشأ جامعه هذا، ثم نُقل إلى نيابة دمشق. راجع إعلام النبلاء (٢: ٤٤٣).
(٨٣) قال الطباخ في الإعلام (٢: ٤٤٤): جامع منكلي بغا المشهور الآن بجامع الرومي قال في الدار المنتخب: ومنها جامع منكلي بغا داخل باب قنسرين، وهو من أحسن الجوامع، وبُني على أحسن الوجوه، وكانت عمارته في سنة ثمانٍ وسبعين وسبعمائة. ا.ﻫ. وهو سهو من النساخ والصواب في سنة ثمانٍ وستين وسبعمائة، مكتوب على بابه «بسملة أنشأ هذا الجامع المعمور المبارك الفقير إلى الله تعالى المقر الأشرف العالي المولوي المالكي المخدومي السيفي أبو عبد الرحيم منكلي بغا الأشرفي كافل الممالك الحلبية حين كسر الإفرنج علي أياس في غرة شهر صفر سنة سبع وستين وسبعمائة ويومئذ أتابك الجيوش المنصورة بالديار المصرية أدام الله ملك مالكها مولانا السلطان الملك الأشرف أعز الله أنصاره.» وفوقها «بسملة أنشأ هذا المعمور المبارك بعفو الله وعونه جانم الحمزاوي بتاريخ رجب الفرد سنة سبع عشر وتسعمائة.» وهكذا يفيد أن جانم الحمزاوي جدد في هذا الجامع بعض الأماكن. وطول القبلية نحو «٢٧» ذراعًا، وعرضها «١٤» ذراعًا، ومحرابه من الرخام المرمر، وعلى جنبيه عمودان منقوشان نقشًا بديعًا، والأحجار التي فوق المحراب من الرخام الملون مشتبك بعضها في بعض، والمبنى جميعه من حجر المرمر وهو منقوش أيضًا نقشًا متقنًا، وله صحن واسع في وسطه حوض كبير، وعلى جانبي الصحن والقبلية رواقان عظيمان مرتفعان غاية الارتفاع على أربع سوار عظيمة … وللجامع منارة عظيمة الارتفاع تعد في جملة الآثار القديمة التي في حلب، كُتب على أسفلها عند آخر جدار الجامع من فوق من جهة الشمال بقلم عريض «أنشأه العبد الفقير إلى الله تعالى منكلي بغا الشمسي غفر الله له.» ومثل ذلك من طرف الشرق … وفي سنة ١٣٢٠ﻫ … عمرت حجرة واسعة في شمالي هذا الجامع في داخلها مخدع … والرواقان على ارتفاعهما وضخامة بنائهما آخذان في الخراب … راجع أيضًا ما قاله عنه الطباخ في الإعلام (٥: ٢١٥).
ويقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٠٩): هو جامع حافل … غاية بالبهاء والإتقان، ومحرابه من الرخام الملون والفسيفساء … ومنبره نهاية في الحسن من الرخام الأبيض وكذا سدته، وهو شرقي التربة الصفوية المعروفة الآن بمسجد الشيخ صفي الدين.
(٨٤) محلة الأعجام يحدها قبلة حارة القصيلة وداخل باب النيرب، وشمالًا وشرقًا حارة البستان وحارة الطنبغا المعروفة بالمزوق، وغربًا داخل باب النيرب وسوق الجمعة.
(٨٥) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٦٥): في جدار جامع آشق تمر (هو جامع السكاكيني) قسطل معطل من آثار صاحب الجامع آشق تمر الأشرفي الذي تولى حلب في سنة ٧٧١ﻫ كما في إعلام النبلاء (٢: ٤٤٩).
(٨٦) علق الدكتور سوفاجه ههنا بقوله: بعد كتابة هذا التقرير أوصلتني أبحاثي إلى الجزم بأن هذه المدرسة هي المدرسة الكمالية العديمية التي شرع في بنائها مؤرخ حلب ابن العديم في سنة ١٢٤١م / ٦٣٩ﻫ، وانتهى منه في سنة ١٢٥١م / ٦٤٩ﻫ، وسأكتب بحثًا خاصًّا عنها. راجع كتاب الصواف، ص١٠٦.
(٨٧) يريد سوفاجه بشيخها الشيخ محيي الدين البادنجكي المقيم فيها سنة ١٩٣٠م.
(٨٨) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٥٠): جامع الطرنطائية ومدرسته محلهما في زقاق المدرسة المنسوب إليها غربي قسطل علي بك الكائن شمالي الحارة الكبرى على يمين الداخل من بوابة الملك، وهي مدرسة حافلة عامرة متقنة البناء كأنها حصن تشتمل في شرقيها وغربيها على أربعين حجرة عليا وسفلى، وفي جنوبيها قبلية تُقام فيها الصلوات والجمعة، في شماليها محل واسع تُقام فيه الأذكار كأنه كان محلًّا للتدريس، وفي وسط صحنها حوض تحت الأرض … ولها فوق زاويتها الشمالية منارة صغيرة، ويوجد على يمنة الداخل من بابها الموجه غربًا حجرة فيها قبر … يقال إن المدفون فيه رجل كان يحب الجهاد، يُقال له الشيخ أويس أبو طاسة … والمدرسة منسوبة إلى طرنطاي الأمير سيف الدين … وهو الذي جدد بها خطبة ووقف عليها وقفًا، وأما الذي أنشأها وأنشأ الجامع فهو السيد عفيف الدين بن محمد شمس الدين، وذلك في سنة ٧٨٥ﻫ … وقد اتخذها العالم الفاضل الشيخ محيي الدين البادنجكي وخلفاؤه من بعده زاوية.
ويقول الطباخ في إعلام النبلاء (٥: ١٠٧): «طرنطاي مجدد المدرسة الطرنطائية المتوفى سنة ٧٩٢ هو طرنطاي بن عبد الله الأمير سيف الدين نائب دمشق، كان أولًا من جملة أمراء دمشق ثم ولي حجوبية الحجاب، وتولى نيابة دمشق سنة ٧٩١ … قُتل سنة ٧٩٢ﻫ، جدد بحلب المدرسة خارج باب النيرب وعمل لها خطبة … ومكان هذه المدرسة في آخر محلة باب النيرب … وهي مدرسة شاهقة البناء تضارع القلاع في إحكام البناء وإتقانه، ومكتوب على بابها كتابة حديثة استُند فيها — على ما أُخبرت — على ما رُؤي ببعض الكتب، وهي «أوقف هذين الجامع والمدرسة عفيف ابن محمد شمس الدين سنة ٧٨٥.» وفي شرقي المدرسة وغربيها رواقان ضيقان، في كل واحد منهما أربعة عواميد عظيمة، ووراءها أربع حجر، وفوق هذين الرواقين رواقان آخران ضيقان أيضًا، ووراء كل منهما خمس حجر، وشمالي المدرسة إيوان كبير لم تزل قنطرته القديمة موجودة. وقد سُد من القنطرة إلى الأرض، واتُخذ زاوية يقيم فيها الأذكار بنو البادنجكي. وهناك في قبلي المدرسة إيوان عن يمينه حجرة واسعة في شماليها ضريح لبعض مشايخ الأوسيَّة.»
أما قول المسيو سوفاجه إن هذه المدرسة هي المدرسة الكمالية العديمية التي بناها مؤرخ حلب ابن العديم، فيريد به كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة المعروف بابن العديم العقيلي الصاحب المتوفى سنة ٦٦٠ﻫ. راجع ترجمته المطولة في إعلام النبلاء (٤: ٤٦٤–٤٩٩).
أما المدرسة العديمية الكمالية هذه، فقد نقل الطباخ عن كنوز الذهب: أنها خارج باب النيرب، أنشأها الصاحب كمال الدين عمر بن العديم، وبنى إلى جوارها تربة وجوسقًا وبستانًا، ابتدأ بعمارتها سنة ٦٣٩ وتمت في سنة ٦٤٩، ولم يدرس بها أحد؛ لأن الدولة الناصرية انقرضت قبل استيفاء غرضه منها، وهي الآن يُقام فيها الجمعة، وكان يخطب بها الشيخ الصالح أحمد الزركشي.
(٨٩) لقد قامت دائرتا الأوقاف والآثار بالإصلاحات المطلوبة، فعاد للمكان بهاؤه.
(٩٠) تولى الأمير علاء الدين أقبغا الجمالي الهذباني الجوهري نيابة حلب عوضًا عن أرغون شاه في سنة ٨٠٠ﻫ وسنة ٨٠٦. راجع إعلام النبلاء (٢: ٤٨٤، ٦٠٥)، وكانت وفاته بحلب سنة ٨٠٦ ودُفن بتربته التي أنشأها داخل جامعه المعروف الآن بجامع الأطروش، وقبره ما يزال موجودًا في تربة عن يمين الداخل إلى الجامع.
(٩١) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٠٥): حمَّام الجوهري نسبة إلى أقبغا الجوهري؛ لأنه هو الذي بناه، مكتوب على نجفة بابها بعد «البسملة أنشأ هذا السبيل المبارك بباب الحمَّام الأشرفي العلائي أقبغا الجوهري الذي ماؤه من فائض الحمَّام الواصل من قناة حيلان …»
فالظاهر أن المراد بهذا السبيل المتصل بإقميم الحمَّام المتقدم ذكره في هذه المحلة.
(٩٢) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٨٠): إنها سُميت بهذا؛ لأنها كانت تشتمل على مكان مختص ببيع البيض، وآثاره باقية في سوقها حتى الآن، وقيل لأن أرضها كانت حوارًا أبيض، وعلى هذا ينبغي أن تُلفظ بتخفيف الياء، وهي من أعمر محلات حلب وأجودها.
(٩٣) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٨١): «جامع الصروي محله في شمالي سوق البياضة، مكتوب على بابه «بسملة إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أنشأ هذا الجامع المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى الحاج ناصر الدين محمد بن بدر الدين بتلنك (بيلبيك) الصروي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين في شهور سنة ٧٨٠»، هذا الجامع كان صغيرًا ليس فيه سوى قبلية وصحن ضيق، ثم في حدود سنة ٩٢٠ﻫ أنشأ تتمته التي هي المدرسة الآن علي بن سعيد الملطي، وجعل بها إمامًا ومدرسًا وطلبة في حجراتها، ووقف عليها أوقافًا جيدة وكتبًا جمة، وأعد بها مدفنًا.»
ويقول الشيخ الطباخ في الإعلام (٥: ٨٩): محمد بن بيلبيك الصروي كان محبًّا لأهل الخير والصلاح، وأنشأ جامعه المعروف به بالبياضة، تُوفي سنة بضع وثمانين وسبعمائة … قال أبو ذر: هذا الجامع بالبياضة أنشأه الحاج ناصر الدين محمد بن بيلبيك الصروي في سنة ٨٧٠، وهو جامع لطيف له محراب من الرخام الأصفر وكذلك منبره وسدته، وفي أيام وسع قبلتيه وصحنه … الأقباعي، وتُلقب هذه المحلة بالبياضة بالتخفيف … أقول: قبلية هذا الجامع متوسطة في السعة وصحنه كذلك، ومن نحو عشر سنين عمل في وسط الصحن حوض يُنزل إليه بدرج جُلب إليه الماء من القسطل الذي هو خارج الجامع التابع له … ومكتوب على باب منارة الجامع «وقف الفقير إلى الله تعالى أحمد بن عبد الجليل المصحف المكرم على روح ابن عمه صدقة بن يوسف الدباغ ليُقرأ فيه بالجامع السروي … وقد يكون عليه نظر الإمام والبواب فلا يخرج منه أبدًا سنة خمسين وثمانمائة.»
(٩٤) قال الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٦١): جامع الأطروش ابتدأ بأساسه أقبغا الأطروشي نائب حلب ثم دمشق في سنة ٨٠١، وكان مكانه سوق الغنم وبنى حيطانه وقطع له عمدًا من الرخام البعاديني الأصفر، وهي أعمدة عظيمة وبنى له تربة داخل الجامع … وصُرف عن نيابة حلب وانتقل إلى طرابلس ودمشق، ثم عاد إلى حلب ثانيًا ومات بها سنة ٨٠٦ قبل أن تكمل عمارة الجامع فكملها دمرداش نائب … وكان هذا الجامع يُعرف مرة بجامع الأطروش وأخرى بجامع تمرتاش، وهو جامع حسن، وبه كانت تصلي نواب حلب العيدين وكانوا قديمًا يصلونها بجامع الطنبغا، وهو جامع حافل يبلغ طول قبليته «٧٠» ذراعًا في عرض بضعة وعشرين ذراعًا، انفرد بعدة محاسن لم أرها في غيره، منها الأعمدة التي بُني سقف قبليته عليها؛ إذ لا نظير لها في الغلظ والطول، ومنها محرابه الذي يستغرق المحاسن ببداعة حجره وصناعته، والفسيفساء في أعلى محرابه تراها لإتقانها وحسن صناعتها كأنما بُنيت من عهد قريب، ومنها منبره الذي بُني كله من الحجر المرمر على أجمل طرز وأبدع شكل، ومنها جهة جداره الغربي مما يلي الجادة فإنه قد اشتمل على بابه الأول وعدة شبابيك قد حُف بها من صنعة البناء والنقوش ما يدهش النظر، وفي شمالي هذه الجهة تكون منارته العظيمة ذات الموقفين، غير أن أعلاهما لا يستعمل للتأذين لانهدام مكبسه وخلوه من الدرابزين، ويوجد لهذا الجامع باب آخر من جهته الشمالية موجه شمالًا، وفي غربي هذا الباب داخل الصحن تربة الواقف أقبغا، وفيها قبره وقبر آخر تُوفي صاحبه في السنة التي تُوفي فيها أقبغا وهي سنة ٨٠٦ﻫ، وهذا الجامع قد انهدمت قبليته وسُرقت حجارته وتداعى كله للخراب. راجع كتاب الصواف Alep، ص١٠٧.
ويقول الطباخ في إعلام النبلاء (٢: ٥٠٥ و٥١٢) إن الذي أكمل بناء هذا الجامع هو دمرداش في ولايته على حلب سنة ٨١١، وإن قبر أقبغا لا زال موجودًا في تربته عن يمين الداخل إلى الجامع، وللتربة قبة مرتفعة البناء جدًّا، وهي من الحجر المنحوت كُتب في أعلاها بين الكوتين «صنعة جعفر بن أبي غانم رحمه الله»، وكُتب على الباب الغربي «عمر هذا الجامع المقر الأشرف العالي المولوي العالمي العادلي المخدومي الكافلي السيفي دمرداش الناصري مولانا ملك الأمراء أبو المساكين والفقراء كافل المملكتين الشريفتين الحلبية والطرابلسية أعز الله أنصاره وضاعف اقتداره محمد وآله ابتغاء لوجه الله تعالى في العشر الأخير من شوال المبارك سنة أحد عشر وثمانمائة من الهجرة النبوية.» وكُتب على الباب الشمالي «عمر هذا الجامع المبرور ابتغاء لوجه الله تعالى المقر الأشرف العالي المولوي المخدومي الكافلي [السيفي دمرداش الناصري مولانا ملك الأمراء كافل المملكتين الشريفتين الحلبية والطرابلسية أعز الله أنصاره وضاعف اقتداره] بمحمد وآله بتولي العبد الفقير إلى الله تعالى يوسف الأشرفي وكان الفراغ منه سلخ شعبان المكرم من سني اثني عشر وثمانمائة.» وفي السنة الماضية، وهي سنة ١٣٤١ أُقيم جدار القبلية وأُصلحت المنارة.
(٩٥) هو في محلة خان السبيل بالقرب من محلة بانقوسا، ويحدها جنوبًا حارة ابن نصير، وشرقًا جب قرمان، وشمالًا محلة جقورجق وسوق بانقوسا، وغربًا خندق بالوجه.
(٩٦) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٤٠): «مسجد الدرج وسبيل تجاهه بميلة إلى الشمال» ولا يزيد على ذلك.
(٩٧) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٣٦): كان يوجد تحت القلعة من هذه المحلة … الحمَّام الناصري.» ويقول في (٢: ٣٧٧): «ومما يلحق بهذه المحلة (أي محلة المغازلة المعروفة أيضًا بمحلة ساحة بزه) حمَّام اللبابيدية، مما أنشأه الأمير يلبغا الناصري المتوفى سنة ٨٩٣، فهو يُعرف في الكتب التاريخية بحمَّام الناصري، محله على حافة خندق القلعة في سوق الدواب تجاه برج القلعة الجنوبي، وهو حمَّام عظيم متقن البناء، قد عُمر حائط بابه بالحجارة السود والصفر صفا صفا، تدلك فيه الآن اللبابيد، ويملكه بعض الناس بطريق الإجارتين.»
ويقول الصواف في كتابه عن حلب Alep، ص١١١: لعل هذه الحمَّام أجمل حمَّامات حلب، بل سورية جميعها، وقد علمنا أن النية متجهة لهدم الحمَّام وإشادة القصر العدلي مكانه، وهذا أمر لا يصح أن يقع؛ لما لهذا الحمَّام من القيمة الأثرية والأهمية التاريخية.
(٩٨) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٦٦): وقسطل باب المقام لصيقه من شماليه يُنزل إليه ببضع دركات، وهو قديم مكتوب في صدره «أنشأ هذا السبيل المبارك في أيام مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه واقتداره في كفالة المقر الأشرف قصروه كافل الممالك الحلبية المحروسة أعز الله أنصاره في العشر الأول من شهر ذي القعدة سنة ٨٣١.»
وقد تولى الأمير قصروه بن عبد الله الظاهري الأشرفي سيف الدولة نائب طرابلس ولاية حلب في سنة ٨٣٠، وظل إلى سنة ٨٣٧، ومات سنة ٨٣٩.
(٩٩) هذا السبيل من أضخم السبلان وأجملها، وهو ملاصق لباب المقام من الجهة الشمالية، يُنزل إليه ببضع دركات، وله قوس جميل، وقد اعتنت دائرة الآثار بترميمه في عام ١٩٥٣.
(١٠٠) يقول الغزي (٢: ٢٩٨): وفي شرقي الجادة — أي جادة محلة المقامات — تربة حافلة، لها شبابيك مطلة على الجادة مبنية بحجارة جميلة بديعة التركيب والنقش، وهي تربة عثمان بن أحمد بن أغلبك، لا أثر لقبره في داخلها مع أنه مدفون فيها … وهي الآن مشرفة على الخراب يسكنها بعض الفقراء.
ويقول الطباخ في إعلام النبلاء (٥: ٣١): أغلبك بن عبد الله الجاشنكير حاجب الحجاب، كان أميرًا دَيِّنًا، تُوفي بحلب سنة … وستين وسبعمائة. وقال أبو ذر: تربة أغلبك ملاصقة للتربة البلقاء (أي خارج باب المقام)، وهي مشتملة على قبو على بابها، وحوض ماء كان يأتي إليه الماء من دولاب داخل التربة وقد عُطل، ويدخل من باب هذه التربة إلى حوش وبه إيوان صغير وبيت للدولاب وعليه قبة، ويدخل من هذا الحوش إلى حوش آخر به قبر الواقف وغيره … تُوفي بعد الستين وسبعمائة. ثم يقول الطباخ: لم أقف على مكان هذه التربة ولعلها دثرت!
(١٠١) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٩٨): تربة شهاب الدين الأذرعي — وهي غربي الجادة — إيوان كسروي في جانبه الشرقي مقبرة قائمة على جدران البناء، ووراء هذه القبة من شرقها قبر أحمد بن حمدان شهاب الدين صاحب التربة.
ويقول الطباخ في الإعلام (٥: ٨٦): أحمد بن حمدان بن عبد الواحد الشيخ شهاب الدين الأذرعي أبو العباس ولد بأذرعات الشام في وسط سنة ٧٠٧ … ومات سنة ٧٨٣. ثم يذكر له ترجمة حافلة يعدد فيها فضائله وآثاره العلمية ويقول: إن قبره على قارعة الطريق في محلة المقامات بظاهر باب المقام، وقد جدده محمد هلال بن فخرو من أهالي هذه المحلة سنة ١٣١٢.
(١٠٢) لقد تصدعت هذه التربة كثيرًا، وأُخذ من داخلها قسم من أحجار القبور الضخمة، فيجب العناية بها وتدعيمها وإخلاؤها من السكان.
(١٠٣) يقول الغزي (٢: ١١٠) عن المدرسة السفاحية: قال ابن الخطيب: أنشأها أحمد بن صالح بن السفَّاح، ورتَّب بها مدرسًا وخطيبًا على مذهب الشافعي. وقال ابن الشحنة: بناها القاضي شهاب الدين سبط ابن السفاح ووقفها على الشافعية، وشرط أن لا يكون لحنفي فيها حظ إلا في الصلاة. أقول: الأصح ما ذكره ابن الخطيب؛ فقد رأيتُ كتاب وقفها باسمه الأول، وهكذا يُفهم من الكتابة التي على بابها، وهي «أنشأ هذا المكان المبارك ووقفه جامعًا ومدرسة وشرط إمامها وخطيبها شافعي المذهب الفقير إلى رحمة الله تعالى أحمد بن السفاح الشافعي في شهور رجب الفرد سنة ٨٢٨ في أيام الملك الأشرف أبي النصر الدقماقي.» وبالجملة فإن هذه المدرسة معطلة ومسجدها معمور تُقام فيه الصلاة والجمعة، وهو رحبة متوسط في السعة، في شماليها حوض ولها قبلية عامرة، ولها فوق باب الرحبة منارة جميلة، غير أنها متشعثة مائلة للخراب لا يصعد إليها أحد، وفي جانب القبلية من شرقيها مدفن فيه قبور جماعة من بني السفاح.
راجع ترجمة بانيها في إعلام النبلاء (٥: ١٨٩)، ويقول الطباخ (٥: ١٩٣): لم يزل باب هذا الجامع باقيًا من عهد الواقف، وكذا منارته البديعة التي هي فوق الباب، وقد كان موقف المؤذنين فيها متهدمًا … وقد رُممت سنة ١٣٤٤، وقبليته ليست واسعة، ومنبرها الآن خشب، ولا سدة هناك، وفي الجهة الشرقية من القبلية ساحة مبلطة فيها ثلاثة قبور، أحدها مما يلي القبلة قبر الناصري ناصر الدين محمد بن السفاح، والثاني قبر صالح بن السفاح المتوفى سنة ٩٤٦، والثالث قبر القاضي أبي بكر أحمد بن السفاح المتوفى سنة ٩٢٣.
(١٠٤) ظهرت بعض شقوق في واجهتها، فيجب تداركها قبل استفحال الخطر.
(١٠٥) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٤٠–٤٢١): محلة قسطل الحرمي (بدون ألف) خارج السور … هي محلة عظيمة يحدها من الجنوب حارة البساتنة، ومن الشرق آق يول (آغيور)، ومن الشمال مقبرة جب النور، ومن الغرب محلة الغطاس.
(١٠٦) هو الأمير تاج الممالك السلطانية برد بك بن عبد الله المتوفى سنة ٨٩.
(١٠٧) هو جامع محلة قسطل الحرامي. يقول الغزي (٣: ٤٢١): أعظم أثر فيها — في هذه المحلة — هو جامع برد بك المعروف بقسطل الحرمي أو الحرامي، وهو جامع واسع عظيم معمور الشعائر، واسع القبلية والصحن، في جهته المتجهة إلى الغرب حجرة جميلة لجلوس الإمام، في شماليها ميضأة يجري إليها الماء، وفي جهته المتهجة إلى الجنوب رواق في شرقيه حجرة واسعة سقفها قبة تُعلم فيها الأطفال، مكتوب على بابها ما يُفهم منه أنها بُنيت سنة ٨٩٧، وفي غربي الرواق قبر كُتب على نصبة رأسه «هذا قبر المرحوم برد بك التاجر الشهير بن عبد الله منشئ القسطل ومجري مائها تغمده الله برحمة.» وعلى نصبة الرجل «توفي إلى رحمة الله تعالى في شهر رمضان المعظم سنة ٨٩٧ من الهجرة.» وعلى باب الجامع تحت منارته مما يلي الجادة «في أيام المقر الكريم السيفي أزدمر مولانا … ملك الأمراء كافل حلب المحروسة جدد هذه المنارة … برد بك تاجر الممالك السلطانية أثابه الله الجنة بتاريخ رجب سنة ٨٩٦.» وهذا المحراب من المحاريب التي انفردت بين محاريب جوامع مدينة حلب بالجمال وبداعة الصنعة وحسن الخطوط والنقوش وجوهر الحجر … وهذا الجامع قديم لا يُعرف مَن أنشأه، وإن برد بك إنما جدَّد منارته وأنشأ فيه مكتبًا وجر إليه الماء من قناة حلب بقناة خاصة.
(١٠٨) يقول الغزي (٢: ١٠٧) محلة ساحة بزه: هذه محلة واسعة تعتبرها الحكومة محلة واحدة، والرعية تعتبرها محلتين، الثانية منهما السفَّاحية.
(١٠٩) والآن تهدم جزء من هذه الجبهة، وهي جميعها في طريق الاندثار.
(١١٠) سُمي بذلك؛ لأنه في سوق القصابية، قال الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٣٥): خان القصابية كان يُعرف بخان أبرك، مكتوب على بابه «أنشأ هذا الخان المبارك في أيام مولانا السلطان الملك الأشرف أبي النصر قانصوه الغوري عز نصره المقر الأشرفي عين مقدمي الألوف بالديار المصرية وشاد الشراب خانات الشريفة ونائب القلعة الحلبية المنصورة المحروسة أعز الله أنصاره ابتغاء لوجه الله تعالى ومن تعرض إليه كان الله ورسوله خصمه وذلك في شعبان المكرم سنة ٩١٦.» والظاهر أن هذا الخان عُمر على أن يكون وقفًا على أبناء السبيل فلم يتم للواقف ما أراد؛ فإن غرفه وخلواته الآن يملكها الناس … وهو خان عظيم يضاهي محلة.
(١١١) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٥١): هو من أشهر قساطل حلب يجري إليه الماء دائمًا من قناة خاصة به، ويجري فائضه إلى آبار وحياض في المحلة ليستقي منه أهلها، وقد عهدنا أكثر الجمال التي تدخل إلى حلب ترد عليه للشرب … وهو قسطل قديم مكتوب عليه «أنشأ هذا السبيل المبارك في أيام مولانا السلطان الملك الأشرف أبي النصر قانصوه الغوري ابتغاء لوجهه تعالى علي بك السيفي المولوي في شوال سنة خمس عشرة وتسعمائة.» وعلى كل من جانبيه دائرة مكتوب فيها «عز لمولانا السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري عز نصره.»
(١١٢) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٩٦): خان خاير بك هو من مشاهير الخانات.
(١١٣) الأمير خاير بك بن مال باي بن عبد الله الجركسي الملكي الأشرفي كافل حلب (ت٩٢٨)، له ترجمة مطولة في إعلام النبلاء (٥: ٤٢٩)، وبدائع الزهور لابن إياس في حوادث سنة ٩٢٨.
ويقول الطباخ (٥: ٤٣١): عمر بحلب عدة خانات، منها خانة الأعظم، وكان مما دخل فيه دور بني العديم، وهو بيت مشهور بحلب خربها فإذا فيها دفين استعان به في عمارته، وعمر بها داره المشهورة بمحلة سويقة علي، ولم تكن قاعتها العظمى من إنشائه وإنما كانت من جملة الدار التي أدخلها في داره.
(١١٤) يجب إخلاء الدكاكين المحدثة في جانبي مدخله.
(١١٥) سُميت هذه المحلة بهذا الاسم نسبة إلى صاحب القبر الشيخ عمر المرعشلي (ت١٠٨٤) المدفون في مسجدها. راجع الغزي، نهر الذهب (٢: ٤٢١-٤٢٢).
(١١٦) بناه خاير بك واسمه آت من كلمة «أوج خان»، أي ثلاث خانات، وقد حُرفت إلى «أوجان». قال الغزي في نهر الذهب (٢: ٤٣٣): خان أوج خان عُرف بهذا الاسم لاشتماله على ثلاثة خانات تتصل ببعضها، وهو خان قديم على بابه نقوش حجرية بديعة.
(١١٧) يقول الطباخ في إعلام النبلاء (٥: ٤٣٣): تربة واسعة أنشأها خارج باب المقام بالقرب من الباب، وفيها قبتان كبيرتان بينهما إيوان في وسطه قبر، وفي صحن التربة قبر علي شاتيلا المجذوب المتوفى سنة ١٢١٢.
وفي جدار التربة الغربي من الخارج كتابة حسنة الخط بقلم جاف، وهي بعد البسملة «أنشأ هذه التربة المباركة المقر الأشرف الكريم العالي المولوي الكافلي السيفي خاير بك الأشرفي كافل المملكة الحلبية المحروسة أعز الله تعالى أنصاره بتاريخ شهر ربيع الأول عام عشرين وتسعمائة.» وهذه الكتابة البديعة بخط الشيخ أحمد بن الداية الدهان المتوفى سنة ٩٥١، وهذا البناء وتلك الكتابة يُعدان في جملة الآثار القديمة التي بحلب، غير أن المكان مشرف على الخراب.
(١١٨) لا تزال هذه التربة مأهولة يسكنها الطلاب فيجب إخلاؤها وترميمها وبخاصة القسم الداخلي منها.
(١١٩) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٩٦): خان الصابون في رأس سوق الطيبية أنشأه أزتيمور (أزدمر) بن مزيد، وهو من الخانات العامرة العظيمة.
(١٢٠) هو الأمير أزدمر بن مزيد (ت٨٩٩)، تولى حلب للمرة الأولى سنة ٨٨٤ وسنة ٨٨٩ للمرة الثانية، له ترجمة في در الحبب، لرضي الدين بن الحنبلي، وهو مخطوط في خزانتنا، وإعلام النبلاء (٣: ٨١، ٩٠، ١٠٤)، والضوء اللامع للسخاوي.
(١٢١) يقول الطباخ في الإعلام (٣: ١٠٥): ابتنى — أزدمر — بحلب حمَّامًا هائلًا وتربة بجوار الأنصاري، وشرع ببناء خان عظيم بالقرب من سوق الصابون، وقد دُفنت زوجته في التربة، وما تزال معروفة في الأنصاري.
(١٢٢) يجب أيضًا إخلاء الدكاكين المحدثة على جانبي مدخله؛ لأنه أجمل ما صنعه الفن المملوكي من هذا الطراز.
بنت مديرية الأوقاف بناء حديثًا في الواجهة المطلة على شارع خان الوزير فشوهت الإيوان وأزالت معالمه القديمة، فيجب المحافظة على قنطرة هذا الإيوان التي ما تزال موجودة، كما يجب صيانة الشعارات المحيطة بها.
راجع كتاب الصواف Alep، ص١١٣.
(١٢٣) يقول الغزي (٢: ١١١): جامع العادلية قريب من المدرسة السفَّاحية، لصيق أقميم حمَّام ميخان من شرقيه الشمالي، بناه محمد باشا بن أحمد باشا بن دوقه كين في حدود سنة ٩٦٣، واشتهر هذا الجامع بالعادلية؛ لأنه كان في جوار دار العدل التي هي دار الحكومة في ذلك الزمن، وهي سراي منقار.
(١٢٤) يقول الغزي (٢: ١١٢): هذا الجامع من مشاهير جوامع حلب فخامة وإتقانًا وبهاء، وأوقافه على كثرتها لا نظير لها من جهة قربها من بعضها وشرف بِقاعها. وهو مبني على نسق جوامع الروم، رحبة متسعة، في وسطها حوض مدور مسقوف برفرف ومحاط بشبابيك من الحديد … وفي الجهة الجنوبية من هذه الرحبة رواقان ممتدان من الشرق إلى الغرب على القبلية، الداخلي منها مسقوف بالأخشاب، والقبلية واسعة جميلة تشبه قبلية البهرامية، وصنعة بابها جميلة ولها شبابيك من جهاتها الثلاث مطلة على حديقة، وللجامع بابان: غربي، وشرقي.
(١٢٥) هو محمد باشا بن أحمد بن دوقه كين الرومي، ولد السلطانة كوهر ملكشاه بنت عمة السلطان سليمان بن عثمان، تولى الوزارة للسلطان سليم وولده سليمان، وتولى حلب سنة ٩٥٧، ثم مصر سنة ٩٦٢. له ترجمة حافلة في قاموس الأعلام لشمس الدين سامي، وإعلام النبلاء للطباخ (٣: ٢٠٢).
(١٢٦) تسميه العامة اليوم خان «قرطبة» و«قرطباي».
(١٢٧) هو قورد باك بن خسرو باشا باني المدرسة الخسروية بحلب، وقد تولى ابن خسروا باشا ولاية حلب سنة ٩٣٨ﻫ، ثم تولى مصر سنة ٤١، ثم تولى وزارة السلطان سليمان، فأمر عتيقه فروخ بن عبد المنان الرومي الخسروي ببناء المدرسة الخسروية وتكيتها (كما سنفصله بعد).
(١٢٨) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٢٠ و١٩٦): خان قورد بك بن خسرو باشا … هو من الخانات العظيمة بحلب … وهو من جملة أوقاف المدرسة الخسروية، وهو في محلة الفرافرة. راجع أيضًا إعلام النبلاء (٣: ١٨٠).
(١٢٩) هو بهرام باشا بن مصطفى بن عبد المعين (ت٩٩٥)، تولى حلب في سنة ٩٨٨، وله ترجمة في إعلام النبلاء (٣: ٢١٣).
(١٣٠) يقول الغزي (٢: ٤٧): قال في كتاب وقفه ما ملخصه إنه وقف جميع المكان المعروف به الكائن بمحلة الجلوم بحلب المشتمل على أربعة جدران محيطة به مبنية بالحجارة النحيت، وعلى صحن مفروش بالبلاط الأصفر، وبه حوض ماء كبير بُني بالرخام الأصفر، تعلوه قبة معقودة بالقرميد وقبلية كبيرة مفروشة بالبلاط بقبة محمولة على ثماني قناطر من الحجر النحيت، تحتها اثنا عشر إيوانًا صغيرًا بأربعة عشر شباكًا من الحديد مشرفات على جنينة، وبصدرها إيوان معقود بخمس قناطر صغار على عواميد من الرخام، بصدره محراب مبني بأنواع الرخام الملون، وعلى يمينه منبر بالرخام الأبيض، وجوانبه بالفصوص الملونة. وتجاه المحراب سدة على عواميد من الرخام، ويشتمل الصحن على رواق قبلي وحجرة برسم المجاورين وإيوان ومنارة.
ويقول الطباخ في الإعلام (٢: ٢١٤): إن منارة الجامع مرتفعة جدًّا تعد من المنارات العظيمة كانت قد سقطت، فأُعيدت سنة ١١١١ﻫ.
(١٣١) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١١٦): الخسروية هذه عمارة عظيمة جدًّا، تشمل على جامع عظيم ومدرسة وتكية ومطبخ، ومحلتها في غربي السلطانية وجنوبي سراي منقار. وكانت محلتها تُعرف بمحلة البهائي، أوصى بعمارتها خسرو باشا مولاه فروخ بن عبد المنان، ودخل بعمارتها عدة أوقاف ومدارس ومساجد … وكان انتهاء بنائها سنة ٩٥١، وهي أول جامع ومدرسة وتكية بُنيت في أيام الدولة العثمانية بحلب من قبل رجالها على النسق الرومي، ولم يبقَ الآن من هذه العمارة سوى جامعها ومدرستها، ثم يذكر وقفياتها وشروط الواقف.
(١٣٢) له ترجمة مفصلة في در الحبب لرضي الدين الحنبلي، وإعلام النبلاء للطباخ (٣: ١٨٠).
(١٣٣) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٧٣): محل هذا الجامع في رأس الجادة الكبرى الآخذة إلى باب المقام على يمنة المتوجه فيها جنوبًا، وهو جامع حافل متسع الصحن والقبلية، مشتمل على أروقة من جهاته الثلاث وعلى حوض فوق عشر بعشر وله بابان … ومنارة … أنشأه صفي الدين جوهر العلائي الطواشي في وسط القرن الثامن، ثم جدده ووسعه سعد الله بن علي بن عثمان الملطي، مكتوب على بابه الشرقي «بسملة أنشأ هذا الجامع العبد الفقير إلى الله صفي الدين جوهر بن عبد الله الطواشي ثم جدده الفقير إلى الله (٢) الحاج سعد الله بن الحاج علي بن الفخري عثمان الملطي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين سنة ٩٤٤.» ويقول الطباخ في الإعلام (٦: ١٣٥): «قال أبو ذر: هذا الجامع داخل باب المقام أنشأه جوهر العلائي الطواشي، وهو مطلٍ على خندق قديم داخل البلد، وهذا الجامع لطيف وله خزانة خلف منبره فإذا قُضيت صلاة الجمعة أُدخل هذا المنبر إلى هذه الخزانة …» وللجامع بابان إلى الشرق وإلى الغرب، ومنارة قصيرة قديمة وصحن واسع فيه حوض ومصطبة، وأروقة من الشمال والشرق والغرب. وقبليته واسعة من الرخام الأصفر، لها محرابان: أحدهما إلى يمين المنبر، والثاني إلى يساره، وهو مؤلف من حجارة بارزة إلى داخل المحراب مضلعة الشكل على شكل محراب الجامع العمري في محلة باحسيتا. وإلى يسار المنبر شعرية خشبية قديمة حسنة الصنع يُدخل منها إلى تربة قبر مجدِّد الجامع الخواجا سعد الله بن علي الملطي عين تجار حلب وفضلائها في وقته (ت٩٤٦). ويزعم العامة أنه قبر «علي القاشاني مؤلف نور الإيضاح»! وفي شرقي القبلية إيوان واسع كان الزاوية أو المدرسة (هي المعروفة بالمدرسة الألجانية أو الألجية)، وهي الآن داخلة في عموم البناء الذي بناه المجدد الخواجة سعد الله الملطي، وهناك سدة وهي مدهونة دهانًا جميلًا جدًّا.
(١٣٤) كان رجب باشا واليًا على ديار بكر وسيواس، ثم تولى حلب في سنة ١١٣١، وكان من المقربين من السلطان أحمد خان، مات في ربيع الأول سنة ١١٣٩. قال الطباخ في الإعلام (٥: ٣١١): طالت مدة ولايته بحلب، وابتنى واقتنى فيها دورًا عظيمة في محلة باحسيتا، وله ذرية تُعرف إلى يومنا هذا ببيت رجب باشا، ولم تزل دُورهم في هذه المحلة.
(١٣٥) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٢٠٢): دار الجانبلاد الشهيرة، وكان في محلها دُور بني الإصبع، فاشتراها الجانبلاط وعمَّرها دارًا واحدة أنفق عليها في وقته عشرين ألف ذهب.
أما جان بلاط (جانبلاد) فهو الأمير جان بلاط بك بن الأمير القاسم الكردي القصيري المشهور بابن عربو أمير لواء أكراد حلب، من كبار رجال الدولة العثمانية، له ترجمة مطولة في در الحبب، لرضي الدين الحنبلي، وإعلام النبلاء (٦: ٨٧).
(١٣٦) يقول الطباخ في الإعلام (٦: ٨٨): بدا له أن ينشئ دارًا عظيمة بحلب، فاشترى دُور بني الإصبع داخل باب النصر وبيوتًا أخرى، وجعل الكل دارًا واحدة لها دوار عظيم، وبها حمَّام لطيفة، وبذل على عمارتها وترميمها أرضًا وجدارًا، وفي أعمدتها وفصوصها ومنجورها ومنقوشها باللازورد وفي قاشانيها وما ركَّبه ببحرتها من الفوارات الفضية وما غرسه بجنينتها من أشجار السرو وغيره، ما ينوف على خمسة وعشرين ألف دينار كبير سلطاني … إلخ الأوصاف التي نقلها الطباخ عن رضي الدين الحنبلي. ثم يقول الطباخ: هذه الدار إحدى الدور العظام القديمة التي في حلب، وهي في محلة بندرة الإسلام وكانت تُعرف بدار ابن عبد السلام، وقد آلت إلى الشيخ حسن أفندي الكواكبي مفتي حلب فوقفها على ذريته، ثم تُوفي عن الشريفة هبة الله فآلت إلى ولدها الحاج حسن بك بن مصطفى بك إبراهيم باشا زاده … وهذه الدار واسعة الصحن جدًّا، وفيها جنينة، وفي الصحن حوض كبير هو أكبر حوض في دور حلب طوله «٦٥» قدمًا، وعرضه «٤٠» قدمًا … وإيوان عظيم الارتفاع هو بيت القصيد في هذه الدار ارتفاعه «١١٠» أقدام، وعرضه بما فيه القبتان اللتان تكتنفانه «٧٠» قدمًا، جميعه مبلط بالرخام المعروف بالقاشاني على اختلاف ألوانه وأشكاله، على أشكال هندسية … وفي الجهة الشمالية من الدار إيوان صغير يُصعد إليه بدرج من الطرفين، وهو مبلط في أطرافه الثلاثة بالقاشاني على شكل يدهش الناظر …
(١٣٧) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٣٦٧): خان الدرج على الجادة بباب المقام موجه غربًا، تباع فيه الغلات، وآثار عمارته وحسن بنيانه وإتقانه وتركيبه يدل على أنه كان دارًا عظيمة، والمشهور عند أهل المحلة أنه كان دار رئيس الحوارنة، وهم طائفة من الناس.
ويقول الطباخ (٣: ٥٠): الحوارنة هم طائفة كانت لهم فتن كثيرة في حلب في القرن التاسع.
(١٣٨) يقول الغزي (٢: ١٩٦) في نهر الذهب: خان الوزير أنشأه أحد ولاة حلب سنة ١٠٩٣ﻫ، وهو خان عظيم شهير يُعد من أعظم خانات حلب، وجبهة بابه مشتملة على صنعة من البناء، والعمارة تستدعي السواح إلى الإقبال عليها لأخذ رسمها والإعجاب بشأنها.
(١٣٩) إن جزءًا كبيرًا من الواجهة الشمالية قد تهدم؛ ولذا فقدَ هذا الأثر الرائع كثيرًا من جماله، وبخاصة أروقته العليا المزدوجة في قسمه الشمالي.
راجع كتاب السيد الصواف Alep، ص١١٣؛ ودليل حلب، ص٢٣.
(١٤٠) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ٨١): أعظم خاناتها (أي خانات محلة الجلوم)، بل خانات حلب، خان الكمرك القديم المعروف بخان محمد علي الشهيد الصدر الأسبق إبراهيم خان زاده، وهو من جملة أوقافه، مدخله فيما بين سوق العفص وسوق الهواء، طوله من ظاهره مائة ذراع في عرض مثلها، وفي وسط رحبته جامع عظيم تُقام فيه الأوقات السرية، وفي جهاته الأربع حجرات واسعة ذات مخادع ومرافق على أسطحتها بيوت للأجانب الأوروبيين وغيرهم، يتصرفون بها بطريق الإجارتين. وباب هذا الخان عظيم مرتفع كأنه حصن مشيد مبني بالحجر الأصفر والأسود صفًّا صفًّا.
وقد ورد وصف هذا الخان في وقفية محمد باشا بن جمال الدين سنان المعروف بوقف إبراهيم خان المؤرخة في سنة ٩٨٢ والمنشورة في نهر الذهب (٢: ٥١٦) كما يلي: «وأنشأ في حلب خان الكمرك السابق ذكره، مشتملًا على خمسين مخزنًا سفليًّا و٧٧ علويًّا، وعلى بابه قاعة فسيحة فيها ٤ مخازن، وفيه إصطبل فوقه قاسارية تشتمل على ٢٣ مخزنًا.»
راجع كتاب السيد الصواف Alep، ص١١٤.
(١٤١) هذا خطأ من المسيو سوفاجه؛ فإن الواقف عثمان باشا سمَّاها المدرسة الرضائية، وإن كانت قد استمرت معروفة باسم العثمانية نسبة إليه. يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٥٦–١٧٢): المدرسة الرضائية المشهورة بالمدرسة العثمانية … أنشأها عثمان باشا بن عبد الرحمن باشا بن عثمان، الدوركي الأصل الحلبي المولد والمنشأ.
(١٤٢) ترجمه المرادي في سلك الدرر (٣: ١٥١)، وهو عثمان باشا الدوركي (ت١١٦٠ﻫ)، بلغ أبوه عبد الرحمن باشا رتبة رئيس الجاويشية في الباب العالي، ثم ولاية حلب إلى أن مات سنة ١١٠٧ﻫ. أما ابنه الواقف عثمان فإنه سُمي محصلًا للأموال الأميرية بحلب، وتقلب في الوظائف إلى أن بلغ إلى رتبة مشيخة الحرم المكي، ومات بها. راجع إعلام النبلاء للطباخ (٣: ٣١٨)، وسلك الدرر.
(١٤٣) شرع الواقف بعمارة جامعه لصيق داره في سنة ١١٤١ فاشترى الدُّور التي كانت محل الجامع من أهلها بالأثمان المضاعفة … وكمل في سنة ١١٤٣. وهو بثلاثة أبواب، له صحن فيه أربعون حجرة للطلاب والمدرسين والمكتبة وقاعات للتدريس، وقبلية وإيوانان كسرويان عظيمان، ومنارة رشيقة شامخة. راجع تفصيل وصفها في نهر الذهب (٢: ١٥٦)، وإعلام النبلاء (٣: ٣١٨)، وكذلك وقفياتها الثماني عشرة، وشروط الواقف وخيراته.
(١٤٤) هو القصر المعروف بسراي عثمان باشا، وقد وقفه في الوقفية التاسعة المذكورة خلاصتها في نهر الذهب (٢: ١٦٦)، وفيها: وقف فيها داره المعروف بالسراي، وكانت تُعرف قديمًا بسراي شعبان آغا بمحلة داخل باب النصر مع جميع الدور التي أضافها الواقف.
(١٤٥) هو بتخفيف الزاي، لا كما كتبه سوفاجه بتشديدها. وأسرة غزالة أسرة مسيحية سَريَّة معروفة بحلب، وقد أُطلق اسم غزالة على هذا البيت؛ لأن هذه الأسرة سكنت فيه، بينما كان يُعرف قبلها بيت «عائدة»، وهي أسرة مسيحية أيضًا كريمة لم يبقَ من فروعها أحد.
(١٤٦) قامت مديرية الآثار بإصلاح القاعة الغربية قرب المدخل، ودعمت الخشبية بكاملها ولمعتها، ورفعت السقف وأعادته مجددًا بصورة تحميه من أن يتصدع ثانية.
وقد أوجبت على المدرسة عدم استعمال تلك القاعة وعدم شغلها بالطلاب، ولكن رجال المدرسة قد أعادوا الطلاب إليها، وهذا قد يسبب إفسادها مجددًا، وفي هذه الدار حمَّام جميلة متقنة.
(١٤٧) إن تكية الشيخ أبي بكر هي في حارة الشيخ أبي بكر، وكانت تُسمى تلك المنطقة جبل الغزالات (والعامة تلفظها الغزَّالات).
(١٤٨) يقول الغزي (٢: ٤٤٠): أما التكية فقد كان تأسيسها في القرن العاشر عن يد أحمد بن عمر القاري على التل الوسطاني المعروف عند الأتراك باسم «أورتبه» لوقوعه بين جبل الغزالات وجبل العظام … وكان ولاة من الدولة العثمانية يقيمون في هذه التكية منذ نشأتها الأولى إلى أواسط القرن الثالث عشر؛ تحصنًا من هجمات اليكيجرية وعاديات أرباب الصيال، وكان كثير من الولاة يعتنون بشأن التكية، ويحرص كل واحد منهم على أن يبقى له فيها أثرًا، ولهذا ترى فيها بعض أبنية جميلة تستحق الذكر، على أن أحسن ما فيها قاعه كانت ظهارتها من الخزف القاشاني، قد لعبت بها أيدي الناهبين، والمحراب القائم في حجرة الضريح … وفي حدود سنة ١٣١٥ بنى أحد التجار في ظاهر التكية من جنوبيها دارًا وقصرًا، ثم تبعه تاجر آخر فبنى دارًا أخرى، وهرع الناس إلى احتكار عرضات خارج التكية جارية في أوقافها. ويقول الطباخ في الإعلام (٦: ١٠٨): الشيخ أبو بكر بن أبي الوفاء صاحب المزار المشهور شمالي حلب المتوفى سنة ٩٩١، إذا أرسلت طرفك للشمالي الشرقي من مدينة حلب تجد جبلًا صغيرًا فيه عدة بنايات، في وسطها أربع قباب مرتفعة، وهناك أشجار من السرو، وتحت إحدى هذه القباب ضريح الشيخ أبي بكر … وقد اعتنى به أفاضل الشهباء بترجمته وترجمة خليفته الشيخ أحمد القاري باني التكية (ت١٠٤١)، والتكية تشتمل على إيوان كبير في صدره قبلية صغيرة، وعن يمينه حجرة واسعة لها قبة مرتفعة في وسطها الضريح، وفي صدرها محراب من الرخام الأصفر والأسود والأبيض المنقوش. وفي صدر الحجرة شباكان مطلان على التربة، ونجارة الشبابيك رائعة دقيقة، وفي جدرانها كوى شبابيك من الجبص البديعة الصنعة، وإلى يسار الإيوان حجرة ضريح الشيخ القاري، وفي شرقي الإيوان رواق صغير له ثلاث قباب مبنية على عامودين من الرخام الأصفر، وفي صدر الرواق قاعة بقبة عالية وأرضها مرخمة، وإلى شرقي القاعة قسطل ماء بُني سنة ١٠٠٥ﻫ. وفي التكية عدد من قبور الولاة الأتراك ونسائهم، وكان في غرفة الضريح خزانة كتب نفيسة.
كما كان في هذا الأثر الجميل نوافذ زجاجية ملونة محاطة بالجص الجميل المزخرف، وقد أُتلفت مؤخرًا حين رُمم هذا الأثر مجددًا من قبل الأوقاف.
(١٤٩) هي محلة ساحة بزه بسوق النحاسين.
(١٥٠) يقول الغزي في نهر الذهب (٢: ١٣٥): ومن حمَّاماتها (أي حمَّامات ساحة بزه) حمَّام النحاسين المعروفة قديمًا بحمَّام الست جارٍ في أوقاف الخسروية.
ويقول الطباخ في الإعلام (٥: ٢٨٨) عن سوق النحاسين: لا زال هذا السوق يُعرف بسوق النحاسين حتى إن الخان الذي هناك يُسمى خان النحاسين، والحمَّام التي أمامه تُعرف بحمَّام الست التابعة لوقف المدرسة الخسروية تُعرف أيضًا بحمَّام النحاسين.
وفي إعلام النبلاء (٣: ٥٣١) نقلًا عن كنوز الذهب لأبي ذر: حمَّاما الست إحداهما قد تعطلت الآن.
(١٥١) أصاب بعض هذه الأسواق حريق عظيم، وصفه الشيخ بكري الكاتب في مجموعته التي نقلها الشيخ راغب الطباخ في تاريخه (٣: ٤٦١): في الساعة السابعة من ليلة الأحد من شهر جمادى الثاني من سنة ١٢٤٨م، ظهرت نار من سوق الصياغ فأحرقته جميعه واتصلت منه إلى سوق العقادين والقوافين والطرابيشية والبادستان، وأحرقت ما في الأسواق من الأرزاق، واتصل الحريق إلى سوق الطيبية وسوق العطارين، وفي اليوم الثاني هدموا القبو والجملون، وكان من الدف، ولم يسلم سوى سوق الحرير الذي هو داخل سوق البادستان، وهدموا قبة كانت فوق الجامع القبلي لأجل قطع النار عن الجامع والأسواق، وبعده عقدوا على سوق العطارين والطيبية والطرابيشية والصياغ قبوًا من حجر وزادوا في عرض الأسواق وجملة الدكاكين التي احترقت نحو خمسمائة دكان.
(١٥٢) أسواق حلب من أجمل أسواق مدن الشرق الإسلامي، وقد اشتهرت منذ القديم لطابعها العمراني الجميل وأقبيتها الضخمة التي تصون المارين والتجار من الحر والمطر.
أما حالة بعض هذه الأسواق قبل حريقها الذي أشرنا إليه في الصفحة السابقة، فقد ذكرت في وقفية محمد باشا بن جمال الدين سنان، المعروف بوقف إبراهيم خان، التي نشرها الغزي في تاريخه (٢: ٥١٥) والمؤرخة سنة ٩٨٢، قال: «وأنشأ في حلب خان الكمرك (وبعد أن وصفه، قال) وأنشأ على الأسواق المتصلة بالخان من شرقيه وشماليه قاسارية تشتمل على ٥٤ مخزنًا، وعلى سوق السقطية الذي أنشأه مكانًا يشتمل على ميدان فيه «١٥» مخزنًا وإصطبلًا، وأنشأ باتصال الخان سوقًا مشتملًا على «١٢٠» دكانًا، فجملة المخادع — عدا الخان وإصطبله — «٣٤٤» مخدعًا ما بين دكان ومخزن وميدان وإصطبل، وقد اشتملت هذه المباني على «١٣» قبة شاهقة تحت كل واحدة منها رحبة فسيحة، واشترى وقف سوق الدهشة، وهو «٨٨» دكانًا … وأنشأ الواقف سوق القطن قرب الخان الكبير على سبع قناطر.»
راجع كتاب الصواف Alep، ص١١٢-١١٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤