الفصل الثالث

دول ومجتمعات وسقوط الاشتراكية

يوجد فرق جوهري يشدد عليه اللاسلطويون بين المجتمع والدولة. كان هذا الفرق واضحًا منذ قرون، ورغم تجاهل العديد من المفكرين السياسيين له، فإنه كان جليًّا — على سبيل المثال — لأكاديميي القرن العشرين مثل أشعيا برلين أو جيه دي إتش كول، مثلما كان واضحًا في القرن الثامن عشر لتوماس بين الذي استشهدنا به في الفصل السابق. ومع هذا، فقد صاحب سقوط الإمبراطورية السوفييتية إعادة اكتشاف «المجتمع المدني» على يد الباحثين السياسيين.

كان الفيلسوف مارتن بوبر صديق ومنفذ وصية اللاسلطوي الألماني جوستاف لانداور، الذي ناقشنا في الفصل الأول ملاحظته عن طبيعة الدولة كشكل من أشكال السلوك الإنساني. وبصفته أستاذًا في علم الاجتماع، قدم بوبر مفارقة صادمة عن مبدأَي السلوك الإنساني المتضمنين: السياسي والاجتماعي. فقد رأى أن خصائص المبدأ السياسي هي النفوذ والسلطة والهرمية والهيمنة، في حين تبدَّى المبدأ الاجتماعي جليًّا له في جميع الارتباطات الإنسانية العفوية المبنية حول الحاجة المشتركة أو المصلحة المشتركة. المشكلة التي ظهرت هي تحديد سبب هيمنة المبدأ السياسي باستمرار. اقترحت إجابة بوبر أن:

حقيقة أن كل شخص يشعر بأنه مهدد من جانب الآخرين تعطي للدولة قوتها الموحِّدة الحاسمة؛ فهي تعتمد على غريزة حب البقاء لدى المجتمع نفسه، والأزمة الخارجية الخفية تمكِّنها من أن تصبح لها الكلمة العليا في الأزمات الداخلية … جميع أشكال الحكومة تشترك في هذا؛ فكلٌّ منها يملك قوة أكبر مما تتطلبه الظروف القائمة. في واقع الأمر، هذا الإفراط في القدرة على إجراء تسويات هو فعلًا ما نفهمه عن القوة السياسية. ومقدار هذا الإفراط … يجسد الفارق الدقيق بين الإدارة والحكومة.

وصف بوبر هذا الإفراط — الذي اعترف بأنه لا يمكن قياسه بدقة — بأنه «الفائض السياسي»، ولاحظ أن:

مبرراته تنبع من عدم الاستقرار الخارجي والداخلي، من حالة الأزمة الكامنة بين الأمم وداخل كل أمة. دائمًا ما يكون المبدأ السياسي أقوى مما تتطلبه الأوضاع القائمة، وذلك مقارنةً بالمبدأ الاجتماعي. والنتيجة هي تقزيم مستمر للعفوية الاجتماعية.

يقدِّر اللاسلطويون العفوية الاجتماعية كثيرًا، ولكنها ليست على أجندة السياسيين المنغمسين في تفكيك دولة الرفاه في بريطانيا ما بعد الحرب، والذين روجوا لمزايا المشروعات الخاصة المحققة للربح. غالبًا ما يسمع اللاسلطويون أن كراهيتهم للدولة أصبحت بالية تاريخيًّا، بما أن أحد الأدوار الأساسية التي تمارسها الدولة الحديثة هو تقديم الرعاية الاجتماعية. لكنهم يجيبون بتأكيدهم على أن الرعاية الاجتماعية في بريطانيا لم تنبع من الحكومة، ولا من قوانين التأمين الوطني بعد الحرب، ولا مع إطلاق نظام الخدمات الصحية الوطنية عام ١٩٤٨، بل نشأت بفضل الشبكة الواسعة من المجتمعات الطوعية ومؤسسات التعاون المتبادل التي ظهرت نتيجة اعتماد الطبقة العاملة على نفسها خلال القرن التاسع عشر.

كان الأب المؤسس للخدمات الصحية الوطنية وقتها هو العضو البرلماني الممثل لمدينة تريديجار في جنوب ويلز، أنايرن بيفن، وزير الصحة المنتمي لحزب العمال. كانت دائرته الانتخابية هي منشأ جمعية تريديجار الطبية التي أُنشئت عام ١٨٧٠ وظلت باقية حتى عام ١٩٩٥. وقد قدمت هذه الجمعية الرعاية الطبية للعمال المحليين — كان أغلبهم عمالًا في المناجم ومصانع الصُّلب — كما قدمتها أيضًا (على عكس نظام التأمين الصحي الوطني الذي كان مستخدمًا قبل عام ١٩٤٨) لخدمة احتياجات المعولين والأطفال وكبار السن والعاطلين، وكل من عاش في المنطقة. وقد:

استمرت طيلة سنوات بفضل المساهمات التطوعية المكونة من ثلاثة بنسات قديمة من الجنيه الآتية من أجور عمال المناجم ومصانع الصُّلب … وذات مرة وظَّفت الجمعية خمسة أطباء وطبيب أسنان وطبيب أقدام وطبيب علاج طبيعي، للعناية بصحة حوالي ٢٥ ألف شخص.

أخبر أحد عمال المناجم المتقاعدين بيتر هينيسي أنه عندما دشن بيفن الخدمات الصحية الوطنية «اعتقدنا أنه سيحوِّل البلد بأكملها إلى تريديجار كبيرة.» عمليًّا، ظلت الخدمات الصحية في حالة إعادة هيكلة مستمرة منذ إنشائها، ولكنها لم تخضع قط لرؤية محلية وفيدرالية عن الرعاية الطبية. وبنظرة تأملية أخرى لقصة تريديجار نجد أنه عندما دفع كل عامل مشتغل في تلك البلدة ضريبة طوعية لتصل الخدمات الطبية المحلية إلى كل مواطن، كانت إيرادات حتى أمهر العمال الصناعيين تقل عن الحد الأدنى لضريبة الدخل. ولكن منذ تطبيق سياسة التوظيف الكامل ونظام اقتطاع الضرائب من المنبع (الاقتطاع الضريبي التلقائي كواجب على أرباب الأعمال) في أثناء الحرب العالمية الثانية، شطبت وزارة الخزانة في الحكومة المركزية المال الذي كان يموِّل فيما مضى المبادرات المحلية. لو أصبح نمط الضريبة الطوعية المحلية بناءً على نموذج تريديجار هو النمط العام للمخصصات الصحية، فإن هذه الحاجة اليومية الدائمة لم تكن لتصبح ألعوبة السياسة المالية للحكومة المركزية.

يستشهد اللاسلطويون بهذا المثال المحلي الصغير عن نهج بديل لتوفير مخصصات الرعاية الصحية ليشيروا إلى أنه كان من الممكن أن يظهر شكل مختلف من التنظيم الاجتماعي. في التجربة البريطانية، ظهر شكل آخر في ثلاثينيات وخمسينيات القرن العشرين فيما عُرف باسم «تجربة بيكهام» في جنوب لندن، والتي كانت في الأساس ناديًا صحيًّا عائليًّا، حيث كانت الرعاية الطبية سمة النادي الاجتماعي الذي يوفر مرافق لممارسة الرياضة والسباحة. تلك المحاولات وغيرها من المحاولات الأحدث الهادفة إلى تغيير العلاقات لتلبية الاحتياجات الاجتماعية العامة، توضح ضرورة البحث عن بدائل للتناقض المحبِط في البيروقراطية العامة من ناحية، والأرباح الخاصة من ناحية أخرى. لقد سمعت بنفسي كبير المعماريين السابق بوزارة الصحة يعترف أن النصيحة التي كان يقدمها على مدى سنوات عن تصميم المستشفيات كانت مضللة، وسمعت اعترافات مماثلة من مستشارين إداريين تم تعيينهم برواتب مرتفعة لحل المشكلات التنظيمية في الخدمات الصحية الوطنية.

منذ قرن مضى، لاحظ كروبوتكين التنوع اللانهائي في «المجتمعات الحميمة، وجمعيات الأخوية، ونوادي القرية والمدينة المنشأة بغرض سداد فواتير الطبيب» والتي بُنيت بفضل المساعدة الذاتية من الطبقة العاملة. وكجزء من الدليل الذي ساقه في كتاب «المساعدة المتبادلة: عامل التطور»، ثم في كتاب لاحق بعنوان «العلم الحديث واللاسلطوية»، أعلن كروبوتكين أن «حرية الإنسان الاقتصادية والسياسية ستخلق أشكالًا جديدة لتعبر عن نفسها في الحياة، بدلًا من تلك التي تؤسسها الدولة.» لقد رأى أنه من البديهي أن «يكون هذا الشكل الجديد أكثر شعبية، وأقل مركزية، وأقرب إلى الحكم الذاتي العام مقارنةً بالحكومة النيابية.» وكرر ثانيةً أننا سنُضطر إلى إيجاد أشكال جديدة لتنظيم الأدوار الاجتماعية التي تشغلها الدولة من خلال البيروقراطية، وأنه «ما دام لم يتحقق هذا، فلن يتحقق أي شيء.»

عادةً ما تتم الإشارة إلى أنه نتيجة التنقل الشخصي في العصر الحديث ووسائل الاتصال الفورية، فإننا نعيش جميعًا في مجموعة من القرى العالمية، وبالتبعية فإن مفهوم السيطرة المحلية على الخدمات المحلية بات بائدًا. لكن يوجد خلط هنا بين مفهومَي مجتمعات «الجوار» ومجتمعات «المصلحة»؛ فقد نشارك الآخرين اهتماماتنا في جانب آخر من العالم دون أن «نعرف» حتى جيراننا، لكن الصورة تتغير في مراحل مختلفة من تاريخ حياتنا الشخصية أو العائلية عندما نتشارك الاهتمامات مع مستخدمين آخرين للمدرسة الابتدائية المحلية أو المركز الصحي، ومكتب البريد أو المتجر المحلي. يوجد هنا، مثلما سيؤكد كل أب وأم، اهتمام بالغ بالقضايا شديدة المحلية.

كان «من الممكن» أن تظهر أنماط بديلة من السيطرة الاجتماعية على المؤسسات المحلية، لولا حقيقة أن الحكومة المركزية فرضت الوحدة الوطنية، في الوقت الذي توافقت فيه خيبة الأمل الشعبية تجاه دولة الرفاه البيروقراطية مع نهوض مبدأ الرأسمالية الإدارية العام. يدَّعي اللاسلطويون أنه بعد خيبة الأمل المحتومة، سيُعاد اكتشاف مفهوم بديل للاشتراكية. وهم يجادلون بأن ربط الرعاية الاجتماعية بالعملية الإدارية البيروقراطية هو أحد العوامل التي أخَّرت استكشاف مفاهيم أخرى لمدة نصف قرن. أصبح القطاع الخاص، حسبما يُسمى، سعيدًا بسيطرته على الاحتياجات الصحية لأولئك المواطنين الذين يستطيعون سداد فواتيره. أما المواطنون الآخرون فإما سيُضطرون إلى تحمُّل أدنى مستويات الخدمة التي تبقَّت لهم، أو سيعيدون إنشاء المؤسسات التي بنَوْها في القرن التاسع عشر. يرى اللاسلطويون أساليبهم أكثر ملاءمة عن أي وقت مضى، وفي انتظار إعادة اكتشافها؛ تحديدًا لأن المجتمع الحديث قد أدرك مَواطن قصور البديلين الاشتراكي والرأسمالي.

رصد كتاب «الثورة الإدارية» لجيمس بيرنهام — وهو الكتاب الذي كان رائجًا في فترة من الفترات — انتقال السلطة داخل الشركات من حملة الأسهم إلى المديرين. ولكن تم رصد تغيير آخر أكثر حداثة في هيكل السلطة الخاص بالخدمات العامة بجميع أنواعها، كجميع نواحي النظام التعليمي مثلًا؛ إنه بزوغ سيطرة المديرين الخبراء الذين هم السادة المُحصَّنون داخل جميع أنواع المؤسسات. لقد وجد خبراء الطبقة الوسطى في الصحة العامة والتخطيط البيئي والمدارس والجامعات والخدمات الاجتماعية، مثلًا، أنفسهم معرضين لنفس النوع من اللغة الإدارية المخادعة التي لطالما انتهكت النقابيين العماليين من الطبقة العاملة. أصبحت إجادة تلك اللغة الغريبة متطلبًا أساسيًّا للتوظيف والترقية في سوق العمل، باستثناء الاقتصاد المغمور للعمل الشاق الروتيني؛ حيث تظل الافتراضات القديمة حول عدم الاستقرار الوظيفي وساعات العمل الطويلة والراتب الهزيل حقيقية.

قامت هذه النزعة الإدارية الجديدة على أسس واهية، وأثارت سخط أناس فخورين بمهاراتهم الاحترافية (مثلما هو صحيح كذلك بالنسبة إلى العمال المهرة الذين أطاحت بهم العولمة) إلى حد أنه من الحتمي أن تواجه معارضة من جانب جيل جديد من مؤيدي ديمقراطية مكان العمل. وقد تبنَّى بالفعل مؤلفو كتب بديلة عن الإدارة لغة اللاسلطويين — ما لم تكن نواياهم كذلك أيضًا — وهو ما يتجسد مثلًا في كتيب إرشادي بعنوان «الإدارة دون إدارة»، وآخر اسمه «العمل والوجود: اللاسلطوية لإدارة الأعمال».

يبدو أنه لا مفر من إعادة إنتاج أو اكتشاف المفاهيم اللاسلطوية باستمرار، في مجالات لم يتخيلها دعاتها في الماضي؛ إذ يبحث الناس في العديد من الأنشطة البشرية عن بدائل لفجاجات وإجحافات رأسمالية السوق الحرة والاشتراكية الإدارية الديمقراطية. من الممكن تمييز أربعة مبادئ تشكل النظرية اللاسلطوية للمؤسسات؛ إذ يجب أن تكون المؤسسات: (١) طوعية، (٢) عملية، (٣) مؤقتة، (٤) صغيرة.

يجب أن تكون طوعية وعملية لأسباب واضحة؛ فلا فائدة من تأييد حرية الفرد والمسئولية لو أنشأنا مؤسسات تكون العضوية فيها إجبارية أو ليس لها هدف. والكيانات تميل إلى الاستمرار في البقاء بعد تحقيق أهدافها. كما يجب أن تكون مؤقتة؛ تحديدًا لأن الديمومة هي أحد تلك العوامل التي تُصلِّب شرايين أية مؤسسة؛ مما يكسب المؤسسة اهتمامًا خاصًّا ببقائها، أو بخدمة مصالح شاغلي وظائفها بدلًا من ممارسة أدوارها الظاهرية. وأخيرًا، يجب أن تكون صغيرة لأنه في الجماعات الصغيرة التي تتقابل وجهًا لوجه تكون فرصة ظهور الميول البيروقراطية والهرمية المتأصلة داخل كل مؤسسة ضعيفة.

خاض القرن العشرون أو شهد كل شكل من أشكال اشتراكية الدولة، وتأكدنا خلاله من أنه لو كان حكامه قاسين بما يكفي، فإنهم يستطيعون أن يفرضوا — لبعض الوقت — أكثر الأنظمة السياسية غرابة ويصفونها بأنها اشتراكية. ومثلما شُوِّهت صورة الاشتراكية على نحوٍ فادح، تعاني اللاسلطوية بدورها من وجهة النظر المُعتَنقة على نحو عريض بأنها مجرد شكل آخر من أشكال «الإيمان بعصر الألفية السعيد»؛ أي الإيمان بالبزوغ المرتقب — «بعد الثورة» — لفترة ملؤها السعادة المطلقة تُحَل فيها جميع المشكلات التي تؤرق البشرية، إلى الأبد.

إن الدعاية اللاسلطوية في القرن التاسع عشر، على غرار أشكال أخرى من الدعاية الاشتراكية، غالبًا ما لمَّحت ضمنًا إلى هذا، ولكني نادرًا ما التقيت بلاسلطويين من القرن العشرين يسلمون بهذا الإيمان البسيط. أما بالنسبة إلى مأساة القرن العشرين الكبرى المتعلقة بالاتحاد السوفييتي — والتي وعدت بجنة دنيوية لأجيال المستقبل تُكتسَب بفضل تضحيات الحاضر — فالتحقيق اللاسلطوي فيها قد كُتِب منذ عام ١٨٤٧ على يد صديق باكونين؛ الشعبوي الروسي ألكسندر هيرزين:

لو كان التقدم هو الهدف، فلمن نعمل إذنْ؟ مَن هذا الإله السامي الذي عندما يدنو منه العاملون المجدون، بدلًا من أن يكافئهم، يتراجع إلى الوراء، ثم كنوع من العزاء للجماهير المتعبة التي تصرخ: «نحن — الذين على وشك الموت — نحييك!» لا يستطيع إلا أن يقدم ردًّا ساخرًا بأنه بعد موتهم كل شيء سيكون جميلًا على الأرض. هل تتمنى حقًّا أن تحكم على البشر الأحياء اليوم بالدور البائس الصغير لتمثال يدعم الأرضية التي سيرقص عليها آخرون يومًا ما؟ لعبيد سفينة تعساء يَجُرُّون — وهم غارقون حتى ركبهم في الوحل — مركبًا يحمل على علمه الكلمتين المتواضعتين «التقدم المستقبلي»؟

الهدف الذي يكون بعيد المنال دائمًا ليس هدفًا على الإطلاق، بل تضليل. يجب أن يكون الهدف قريب المنال؛ على الأقل أجر العامل أو سعادته في العمل الذي يمارسه. كل حقبة زمنية، كل جيل، كل حياة، لها تجربتها الخاصة، و«في الطريق» تظهر متطلبات جديدة، وطرق جديدة.

كثيرًا ما وعدتْ الاشتراكية في القرن العشرين ﺑ «غد مشرق»، وظل الوعد في أغلب الأوقات غير متحقق لأنه، حسبما أصر هيرزين، سيكون على الأجيال الجديدة أن تحدد بنفسها أهدافها الاجتماعية الأكثر إلحاحًا والتي — حسبما يأمل اللاسلطويون — ستتشكل حول أساليب التنظيم الاجتماعي بخلاف نظام الدولة.

ولكن نظرًا لأن اللاسلطوية يُشار إليها دائمًا بأنها ببساطة غير مناسبة «لنطاق» المجتمع الحديث؛ يعتبر مفهوم الفيدرالية ضروريًّا من أجل أية محاولة لبناء نظرية لاسلطوية للمؤسسات. ويناقش الفصل التاسع بالتفصيل المناهج اللاسلطوية للفيدرالية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤