الفصل الحادي عشر

الموازنة الذكية والاختيار الصائب١

قال سونبين: ما أشبه قيادة الوحدات المقاتلة وتعبئة الحشود (الجماهير) بعملية الموازنة بين أثقال متباينة وأوزان مختلفة، الموازنة تجري، أساسًا، بهدف المفاضلة عند اختيار الأكفاء من الناس، كما أن أساليب التنجيم والعرافة [التي تقوم على حساب موازين الأضداد (اﻟ «ين» مقابل اﻟ «يانغ»)]، تهدف إلى تركيز قوة التشكيلات لقتال العدو، فلا بد من المثابرة على الموازنة في كل الأمور [فراغ]، وصولًا إلى درجة الحياد التام والاعتدال الذي لا غبار عليه حيث يمكن الاطمئنان، بشكل تام ونهائي، إلى النتائج (ويصير الشروع في إتمام المهام والواجبات ممكنًا بغير عوائق)، ما دامت الشروط الملائمة قد توافرت (بموجب تلك الموازنة). إن ذلك الميزان العادل من التقديرات يظلُّ مطلوبًا في كل الأمور سواء ما يتصل منها بالمصلحة العامة أو الملكية الخاصة. (واعلم) أن من الناس مَن قد حاز الثراء والرفاه، فأحب الحياة وكره الممات، ومنهم مَن ضاقت به ظروف العيش حتى رخصت لديه الحياة — وهذه مسألة لا يفقه كُنهها إلا ملك حكيم أو مفكِّر قديس — فبلغوا من التجرُّد مبلغًا، استطاعوا به أن يجعلوا من ساحات القتال مواطن بذل وفداء، يقصدها الكافة بإرادتهم الحرة، دون أن ينفرَّهم الموت، أو يصدهم هلاك النفس أو المال، وذلك باب من أبواب الموارد والثروة التي لا تنفد [كذا].

إن ما يُبديه الناس من استعداد للبذل والتضحية يصد الجيران المتربصين (الأعداء) عن الإغارة على الأوطان، ويحجب الأعداء البعيدين عن الطمع والاستيلاء على الأراضي. إن ازدياد الثروات كفيل بأن يشيع روح التنابذ والفرقة بين الأهالي، وهو الأمر الذي، إذا تُرك وشأنه، فسيدفع النفوس إلى الجحود ونكران جميل السادة الأباطرة [كذا]، أما إذا شحَّت الأقوات وندرت الأموال ﻓ… [فراغ]، وتطبع الأرض كلها بطابع العرفان والولاء لجلالته؛ لذلك، فقد طالما رأيت أن العمل على تراكُم الثروة لخدمة الأهالي، ومضاعفة الموارد من أجل الوطن، يقود إلى دعم الأسباب المؤدية إلى قيام حرب طويلة الأمد، ويوفر الشروط الأساسية لتحقيق النصر [وفي الوقت نفسه، فتلك هي الطريقة المثلى (حرفيًّا: الطريقة السحرية)] التي تدخل بها البلاد ساحات قتال دامية.

١  يناقش هذا الفصل الأسس التي تعين الحاكم على الموازنة بين مكاسب الحرب وخسائرها، والطريقة المثلى لإدارة الموارد واستغلال كل الوسائل الممكنة لإدارة حرب طويلة الأمد، وقد جاء عنوان هذا الفصل خلف الصفحة الأولى في المتن الأصلي المكتشف في الحفائر الأثرية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤