الفصل الرابع عشر

مهام القادة١

قال سونبين: يجب على كلِّ مَن يقوم على توزيع القوات، وتقسيم الوحدات وقيادة الجيش، أن يتخيَّر ذوي الاقتدار والكفاءة لشغل الرتب العسكرية. كما يجب (على المسئول في هذا الشأن) استخدام الشارات وعلامات الرتب التي تحدِّد كلَّ درجة ورتبة، بالإضافة إلى استعمال الرايات المختلفة فوق العربات لتمييز أنواعها وأقسامها، [فراغ]، وكذلك استخدام [فراغ]؛ لتحديد المواقع والصفوف. ويتم تقسيم الوحدات العسكرية في البلديات والأحياء (حسب توزيع المناطق الإدارية على مستوى الإقليم) ويتولَّى الضباط مهام عملهم تبعًا لتوزيع الهيئات البلدية الإقليمية، أما الوحدات العسكرية فيتم تمييزها بالرايات المختلفة الألوان، ويجري إعلان الأوامر بواسطة دق الطبول والصنوج النحاسية، ويراعى أن تتحرَّك الصفوف دائمًا بخطوات منتظمة، كما أنه من الضروري أن تسند مهمة الحراسة إلى أفراد ذوي شجاعة فائقة، على أن يكون التشكيل الهجومي الذي يقوم باقتحام صفوف العدو، هو تشكيل «سو جن» [تشكيل قتالي غير معلوم عند محقق النص]، بينما يُستخدم تشكيل «تشيو ني» (ملاحقة العدو بالهجوم)، في محاول لإرهاقه واستنفاد طاقته، كما ينبغي استخدام تشكيل «يون» [غير مصحوب في النص المحقق بهامش توضيحي، ويقول المحقق إنه تشكيل غير معلوم]، عند دفع الرماة للاشتباك، أما التشكيل المعروف باسم «إينغ وي» (نشر القوات بكثافة عددية، في موجات متلاحقة من الجنود)، فيُستخدم لصدِّ محاولات التطويق التي يقوم بها العدو. ويوضع في الاعتبار استخدام تشكيل «ها سوي» (إغلاق الممرات والطرق)؛ للقضاء على وحدات العدو المتقدمة. ثم إن تشكيل «بيفو» يناسب الأحوال التي يجري فيها اتخاذ أهبة الاستعداد لمساندة قوات صديقة، أما تشكيل «تسو هانغ» (إجراء مناوشات أثناء التقدُّم)، فهو الأسلوب الأمثل لإعلان العزم على القتال [فراغ]، ويمكن دفع قوات خفيفة للقضاء على فلول العدو الشاردة، وبالإضافة إلى ذلك فإن تشكيل «شينغ تشن» [آلة حربية لمهاجمة التحصينات الواقعة على الأسوار أو في الأماكن المرتفعة] لمهاجمة المدن الحصينة [في نسخة أخرى، ترد ترجمة هذه العبارة، هكذا: «لمهاجمة العدو المرابط في أماكن عالية»] [فراغ]،٢ وإذ يتحصَّن العدو فوق أماكن مرتفعة، فيمكن مهاجمته من الأجناب. في الأحوال العامة للقتال، وعند الاشتباك المباشر بين الجنود في ساحة المعركة، لا بد من إطلاق العنان للطليعة المقاتلة، حيث يصير لها، حينئذٍ، دور فاعل ومتميز، فإذا كانت قوات العدو محاصرة وسط مواقع جبلية منيعة، فلا بدَّ من استدراجها عَبْر فم الوديان خارج تلك المواقع؛ ليسهل القضاء عليها.

عند عبور القوات منطقة أحراش ومستنقعات، فلا بد أن يجري العمل — وفي وقت مبكِّر — على شق الدروب وتمهيد الطرق لتسهيل التحرُّكات. وإذ يتحقَّق النصر للقوات، فيجب الحرص على الانضباط والالتزام بالنظام؛ بغية التحلي بمظهر مشرف يشيع المهابة على النحو الذي يليق ببلد وجيش منتصر [فراغ].

عند عبور طرق جبلية ملتوية، فلا بدَّ من اتخاذ تشكيل «شان تشيو» (التشكيل الدائري)، وإذا كانت التحركات تسلك طرقًا داخل الأحراش الكثيفة فوق أرض مليئة بالأشواك والحشائش البرية، فلا بد من اتخاذ تشكيل «وي» (تشكيل الطرق المتعرِّجة) بحيث تبقى الوحدات في خطوط متصلة.

ويمكن استخدام تشكيل «يا نشين» بغرض استنزاف طاقة العدو، أما عند القتال في المناطق ذات الأهمية الفائقة [الاستراتيجية] فلا بد من استخدام تشكيل «تسا قوان». وفي حالة الانسحاب، فيستخدم تشكيل «بنغ تسو»، وعند الاضطرار إلى عبور ممرات جبلية، فيُستخدم تشكيل «تشيو تسي» (الطرق المتعرجة).

إن الهجوم على مدن العدو يجب أن يكون مكتسحًا وصاعقًا كأنه شلال هادر لا يدع شيئًا إلا جرفه، وعند الانسحاب الليلي فلا بد من إبلاغ الأوامر عَبْر رسائل مختصرة [مشفرة] وواضحة. كما أنه من المهم جدًّا توخي الضبط والربط في إجراءات الأمن الليلي والسؤال عن كلمة السر أثناء نوبات الحراسة، وإذ يتقرَّر القيام بتشكيل الهجوم المباغت على العدو، فلا بد من انتقاء العناصر المدربة ذات المهارة القتالية العالية (لمباشرة التنفيذ).

ولا بد من تفعيل دور العربات العسكرية وتوظيف طاقات استخدامها القتالي عند الالتحام المباشر مع صفوف العدو، ثم إن المركبات يمكن أن تقوم بدور مهم في إشعال الحرائق في عتاد ومؤن ومعدات القوات المعادية. (واعلم أنه من الأهمية بمكان …) استخدام التشكيل المخروطي عندما يُراد للقوات أن تقوم باختراقات هجومية ذات فعالية. وإذا تناقص عدد القوات عن الحد المطلوب، فلا بد من تكثيف الطاقة القتالية وتركيز القوة العسكرية؛ وذلك للحيلولة دون تمكين العدو من تطويق القوات.

إن تنظيم الصفوف وضبط توزيع الوحدات واستخدام الشارات والأعلام والبيارق، وكل ما من شأنه فرض النظام والانضباط، يمهِّد السبيل لعمل التشكيلات القتالية. إن الغرض من عمل تشكيلات قتالية كثيفة، كقطع السحاب المتراكم، هو المبادرة إلى الإغارة على قوات العدو، على أن تتقدَّم الوحدات بسرعة البرق لتباغت أعداءها، فتضطرب صفوفهم تحت ضربات هجوم ساحق كالصاعقة.

الزم التعمية وتحرَّك تحت جنح الخفاء للإيقاع بعدوك في براثن الخديعة، وعليك أن تجعل من التخاذل والاستكانة كمينًا توقع به قوات العدو، بحيث تجرها إلى ساحة القتال فوق الهضاب والمرتفعات [كذا] [فراغ]، وقد يمكنك أن تتظاهر بالوقوع في تحركات خاطئة؛ وذلك لاستدراج العدو في محاولة لعبور النهر، فتهاجمه وسط الماء [كذا] [فراغ]، ولا ينبغي أن تتسرب إلى الجنود خططك القتالية؛ لعلَّهم يثابرون على القتال، باذلين أرواحهم في الاشتباك، ولتقم الأودية والخنادق فاصلًا بينك وبين العدو (فتتغلَّب بقواتك الأقل عددًا على كثافة حشوده).

ثم إنك تستطيع أن تثير البلبلة والحيرة لدى القوات المعادية بما تنثره من هياكل خداعية للأسلحة والمعدات وما تقيمه من البيارق والأعلام (كوسائل خداع). اتخذ من تشكيلات «العاصفة» والعربات الحربية الخفيفة وسائل لمطاردة فلول القوات الشاردة. وإذ تنزل بالعدو التخريب والتدمير، الذي لا تقوم له من بعده قائمة، فعليك أن توجِّه تحركات قواتك صوب مواقع أخرى؛ حذر هجوم أعداء آخَرين أقوى وأعتى. واحرص على أن تستخدم تشكيل «فو جيو» للانقضاض على قوات العدو لتجبرها على الانغماس في «حرب الأنفاق» [حيث تنحصر بين مرتفعات جبلية منيعة فتسهل إبادتها].

إن قوات تجوب الميادين بغير لباس حرب، تضرب على غير هدى في فوضى عارمة، يمكن أن تصلح كوسيلة مناسبة تمامًا لخداع العدو، ولا بد من انتقاء أكثر المقاتلين شجاعة ومهارة وجرأة لمقاومة طليعة العدو، واعمل على أن تتخذ تشكيل «جيان» (الصلابة والثبات) وأن تعبئ القوات مع تركيز طاقتها القتالية لضرب القوة الرئيسية للعدو.

ويمكن اللجوء إلى تدمير الأسوار والفواصل المصنوعة من الحشائش والنبات لإثارة البلبلة والحيرة وسط صفوف العدو، بل يمكن التظاهر بالتخلِّي عن بعض المؤن والذخائر، على سبيل الخداع وإيهام العدو بتصورات كاذبة. ولا بد من إيقاع العدو في المزيد بعد المزيد من العقبات لاستنفاد طاقته.

في القتال الليلي، تتم الاستعانة بالضوء الكاشف، وتجري التحرُّكات على هدي الأصوات العالية الواضحة، ولا بد من تخزين كل ما هو ضروري من مواد وعتاد ومؤن عسكرية، في أماكن متفرقة؛ تسهيلًا للتحرُّكات الهادفة إلى تحقيق النصر، على أن يتم تجهيز قوات خاصة ذات مقدرة عالية؛ بهدف ملاقاة أي هجوم مباغت من جانب العدو [فراغ].

***

[هنا، انتهى النص الوارد في إحدى النسخ المحققة، بينما أضافت نسخة أخرى الفقرة التالية إلى المتن «إن تناوب القوات الخاصة على [فراغ]، ثم إن الابتعاد عن خطوط المواجهة مع العدو يرفع عن كاهلك الكثير من المشاغل ويخلصك من الأزمات.»]

[ورد بعد هذا الجزء نص آخَر، ملحق به، لكنه غير مكتمل العبارات، مليء بالفراغات يكاد يخلو من سياق مترابط، ومن ثَمَّ فقد تعذَّر نقله إلى العربية.]

١  يتناول هذا الفصل مسألة قيادة القوات، فيتطرَّق إلى تفاصيل تتعلَّق بتوزيع وتنظيم وعمل التشكيلات المقاتلة، سواء قبل المعارك أو بعدها، والعنوان الحرفي لهذا الفصل ترجمته: «الباب الأول، في القيادة»؛ مما يظن معه أن هناك تكملة له في باب ثانٍ. وعمومًا فهذا واحد من أكثر الفصول غموضًا في المعنى والْتِباسًا في التصنيف والترتيب.
٢  بخصوص هذا الجزء فقد وردت صياغتان من وجهتَيْ نظر متباينتين في نسختين محققتين، ومع ذلك فكل واحدة منهما جاءت بعبارات وفراغات مختلفة! ولما كانت العبارات متداخلة تمامًا، فقد تعذرت الإشارة إلى تأويل كل نسخة على حدة، فدمجت بينهما في نص واحد، وحاولت — قدر الإمكان — أن يندرج النص المترجم في سياق متصل واضح العبارة، متسق التركيب. ولا يظنن القارئ أن المترجم أو المحققين أقحموا شيئًا على النص، بل هو المتن المليء بالفراغات وكثير من الكلمات المتفرقة التي تشي إلى سياقات ومعاني محتملة، وأخيرًا، فهناك الصينية القديمة التي تسمح بكثير ظلال ومعانٍ تتخلَّل العبارات، فقد كان القدماء ينسجون على منوال واحد في التعبير ويستخدمون صياغات مترادفة، وكثير مما في هذا النص محمول على شواهد معتبرة في نصوص ذات صلة؛ فمن ثَمَّ أمكن للمحقق أن يجتهد، مستدلًّا بسوابق، ومستندًا إلى قوالب فكرية ولغوية تحمل قدرًا لا بأس به من اليقين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤