مزيد من المعلومات

عندما وصل «تختخ» إلى الأصدقاء، وجد «زنجر» في انتظاره … فقد ضاق الكلب الذكي بوحدته في البيت، فخرج إلى منزل «عاطف» … فهو يعرف بالعادة أن «تختخ» لا بدَّ أن يكون هناك … وما كاد «زنجر» يرى صاحبه حتى أسرع يستقبله قافزًا على كتفيه … ولكن «تختخ» لم يكن مُستعدًّا لأي ملاطفة … فقد كانت قضية السلاح السري تشغله تمامًا.

واتجه إلى الأصدقاء الذين استقبلوه بعيونٍ مُستَطْلِعَة … فجلس، وتحدث بصوتٍ خافت وبسرعة شرح لهم الموقف … وانتهى إلى قوله: وستكون مُهمتنا مراقبة العلماء الثلاثة … إنهم وحدهم المسموح لهم بدخول معمل التجارب … والمسألة ببساطة أن واحدًا منهم خان الأمانة التي يحملها، واتصل بالأعداء ليُبلِّغهم بما يحدث داخل المعمل. فإن الصور والمعلومات التي تسرَّبَت كلها خاصة بالمعمل والمناقشات التي تدور بين العلماء عن التجارب.

قالت «لوزة»: هناك نقطة مهمة يا «تختخ» لا أدري إذ كانت لفتت نظرك أم لا.

تختخ: ما هي؟

لوزة: لماذا تصِل الصور والمعلومات ناقصة إلى الجهة المعادية؟

رفع «تختخ» حاجبَيه دهشًا ثم قال: الحقيقة لست أدري!

عاطف: بالطبع لا بدَّ أن تصِل الصور والمعلومات ناقصة … فالجاسوس لا يحصل على الصور كأنه في استديو مثلًا، بل إنه يختلس الصور من أي زاويةٍ وبأية سرعة، لهذا لا تكون واضحة أو دقيقة.

لوزة: إن ما قصدته من سؤالي يا «عاطف» هو أننا إذا عرفنا شكل الصور التي وصلت الجهة المعادية، فربما كان في إمكاننا أن نُحدِّد كيف التُقِطَت وبالتالي من الذي التقطها.

تختخ: هذا مُستحيل يا «لوزة»، إن الحصول على صورٍ من الجهة المعادية ليس مُمكنًا على الإطلاق … يكفي أن مُخابراتنا استطاعت معرفة أن الصور والمعلومات تتسرَّب … وأنها صور ومعلومات ناقصة بحيث لم يستطع العدو حتى الآن الاستفادة منها!

محب: إن هناك نقطة تحسم مشكلة البحث عن الجاسوس، فالصور والمعلومات خاصة بالمعمل، وبمناقشات العلماء الثلاثة، ومعنى ذلك أن أحد العلماء الثلاثة هو الجاسوس … وذلك يُضيِّق نطاق البحث، ويجعله في دائرة هؤلاء الثلاثة.

تختخ: هذا ما فكرتُ فيه يا «محب» وقد طلبت من المفتش «سامي» أن يُرسِل لنا كشفًا بعناوين العلماء الثلاثة … لِحُسن الحظ أنهم جميعًا يسكنون في المعادي … وسنراقبهم مُراقبة دقيقة لعلَّنا نصل إلى شيء؟

نوسة: ولكنك قلت إن الأجهزة المسئولة في بلادنا عن هذه العمليات، بما في ذلك المفتش «سامي» ورجاله، قد قاموا بكل هذا ولم يصِلوا إلى شيء … فماذا سنفعل نحن؟

ساد الصمت لحظات ثم قال «عاطف» بمرح: يضع سِرَّه في أضعف خلقه!

لوزة: على كل حال دعُونا نراقب ونرى … ربما عثرنا نحن على ما عجز عنه الكبار!

عاد «عاطف» يقول: يعملوها الصغار ويقع فيها الكبار!

وضحك الجميع … واتفقوا على فضِّ الاجتماع على أن يعودوا إلى التقاءٍ في المساء بعد أن يرسل لهم المفتش عناوين العلماء مع الشاويش … ولكنهم ما كادوا يقفون حتى سمِعوا صوت جرس دراجة الشاويش … هذا الجرس الحزين الذي لا مثيل له.

وظهر الشاويش «فرقع» على باب الحديقة، ونزل … وأسرع «زنجر» لممارسة هوايته في مُداعبة ساقي الشاويش الذي أخذ يصيح مُسْتَنْجِدًا وهو يتوعَّد الأصدقاء.

أسرع «تختخ» ينهر «زنجر» ويطلُب منه الابتعاد وقال الشاويش ساخطًا: يجب التخلُّص من هذا الكلب … لم أر في حياتي كلبًا بهذه الوقاحة … إنه يعتدي على مُمثِّل القانون وهي جريمة يعاقب عليها القانون.

قال «عاطف» الذي اقترب مع بقية المغامرين من الشاويش: إن «زنجر» يُرحب بك يا شاويش ولولا أنه يُحبك لما كَلَّف نفسه هذه المشقة!

الشاويش: وهل هذا أسلوب الترحيب؟! إن الكلب «بلاكي» كلب الدكتور «عزيز» كلب مُهَذَّب حقًّا … إنه يُطارد الغرباء … أما أنا فهو يُعاملني أحسن معاملة.

تختخ: هذا الكلب الأسود الغزير الشعر؟

الشاويش: نعم … إنه كلب تربى تربية طيبة، وليس مثل هذا الكلب!

ومدَّ الشاويش يدَه بمظروفٍ مغلق إلى «تختخ» قائلًا: هذا المظروف أرسله لك المفتش «سامي».

تختخ: شكرًا يا شاويش. تعال خُذ كوبًا من الشاي.

قبِل الشاويش الدعوة فورًا، خاصة بعد أن رأى «زنجر» ينكمش بعيدًا عنه … وجلس مع الأصدقاء وكانت خطة «تختخ» واضحة بالنسبة للمغامرين فمن المؤكد أنه يريد استدراج الشاويش ليعرف منه قدرًا أكبر من المعلومات عما يدور في الفيلا.

وابتسم الشاويش «علي» مع كوب الشاي … و«تختخ» يحاوره حول ما يدور في الفيلا … وكان الشاويش ظريفًا، فقد اطمأنَّ لأن المفتش يتعاون مع المغامرين ولا بأس أن يتحدَّث هو أيضًا بما يعرف.

قال «تختخ»: من هو مدير المعمل يا شاويش «علي»؟

الشاويش: الدكتور «عزيز» … إنه لا يُغادر الفيلا إلا نادرًا، حتى الطعام يتناوله هناك.

تختخ: ومن الذي يُعِدُّ له الطعام في الفيلا؟

الشاويش: إن طعامه يأتي من منزله القريب.

تختخ: ومن الذي يُدْخِل الطعام إلى الفيلا؟

الشاويش: أحد رجال المفتش «سامي»، فالطباخ يُحْضِر الطعام حتى باب الفيلا فقط … ثم يأخذه أحد رجال المفتش إلى داخل الفيلا حيث يتناوله الدكتور «عزيز» ثم يُعيد الأواني الفارغة إلى الطباخ.

كانت عينا «لوزة» تلمعان وهي تسمع هذا الحوار … فقد أدركت شك «تختخ» أن يكون ضمن أدوات الطعام جهاز تسجيل دقيق.

وهذا فعلًا ما كان يهدف إلى إثباته «تختخ» … ومضى يتحدَّث إلى الشاويش: والدكتور «سليم» هل يتناول طعامه في الفيلا؟

الشاويش: مُطلقًا … إنه منتظم في مواعيده كالساعة … في الثامنة يصِل إلى الفيلا ومعه «ترموس» به قهوة … وفي الثانية يُغادر الفيلا ثم يعود في الخامسة ومعه «الترموس» مرة أخرى، ويبقى حتى العاشرة ثم يُغادر الفيلا إلى منزله.

تختخ: والدكتور «كلود»؟

الشاويش: إنه مثل الدكتور «سليم» ولكن زوجته تحضر أحيانًا إلى الفيلا وتبقى في الحديقة لحين انتهاء زوجها من عمله، ثم يركبان معًا سيارتهما «الفولكس فاجن» الصغيرة ويذهبان لتناول الغداء.

تختخ: والبواب يا شاويش … ألا يدخل الفيلا؟

الشاويش: مُطلقًا … إنه يهتم بالزهور والكلب فقط … ومهمته لا تستدعي دخول الفيلا أبدًا.

كان المغامرون ينصتون باهتمام إلى حديث «تختخ» والشاويش … وقد أبدت «نوسة» اهتمامًا خاصًّا «بالترموس» الذي يدخل مع الدكتور «سليم» أليس من الممكن أن يكون به جهاز تسجيل؟

ولم يكد الشاويش يُغادر الحديقة، وهو ينظر بارتياب إلى «زنجر» حتى انطلق كل واحدٍ من المغامرين يشرح وجهة نظره … هناك زوجة الدكتور «كلود» التي تبقى في الحديقة وقتًا طويلًا … ولعلَّ معها أجهزة دقيقة تستطيع التقاط حوار العلماء في الداخل … وهناك «ترموس» الدكتور «سليم» الذي يأخذه يوميًّا … أليس من الممكن أن يُرَكَّب في هذا «الترموس» جهاز تسجيل دقيق … في الغطاء مثلًا؟! ثم هناك صينية الطعام التي تدخل يوميًّا … أليس من الممكن دس جهاز تسجيل دقيق في أحد الأطباق؟ بل أن يكون أحد الأطباق ذاته جهاز تسجيل … ربما مثلًا في الملَّاحة التي يوضَع فيها الملح والفلفل!

وخرج «عاطف» بنظريةٍ أخرى: السيارة … إنها أفضل مكانٍ يمكن أن يكون به جهاز تسجيل، يسجل أخفت الأصوات على مسافاتٍ بعيدة.

قال «تختخ» إن التركيز كله على جهاز التسجيل … هل نسيتُم أن هناك صورًا تُلتَقَط أيضًا؟! هل يمكن تثبيت «كاميرا» صغيرة في أي شيء مما يُدْخَل إلى الفيلا مع العلماء الثلاثة؟

أجابت «نوسة»: إن الكاميرا في هذه الحالة ستُصَوِّر منظرًا واحدًا … وهو المنظر الذي يكون أمامها طول الوقت.

تختخ: ولكن الترموس ينتقِل من يدٍ إلى يد … وربما في كل مرة يُسجل صورة … خاصة أن الصور كما عرفنا ليست كاملة … مما يعني أن من يصورها ليس شخصًا، وإلا لقام بتصوير صور دقيقة.

تختخ: المهم الآن أن نوزع الاختصاصات … ستقوم «لوزة» و«نوسة» بمراقبة منزل الدكتور «كلود» و«عاطف» سيراقب منزل الدكتور «سليم» و«محب» يراقب منزل الدكتور «عزيز».

لوزة: وأنت يا «تختخ»؟

تختخ: سأراقب الفيلا … ما زلتُ أعتقد أن شيئًا ما أو شخصًا ما يدخل الفيلا تحت سمع رجال المفتش «سامي» وبصرهم دون أن يشكُّوا فيه.

لوزة: هل يكون أحد رجال المفتش «سامي»؟

تختخ: ربما … وربما كان أحد هؤلاء العلماء الثلاثة ليس هو العالم الحقيقي، ربما عالم مُزَيَّف مُتَنَكِّر.

ونظر إليه الأصدقاء جميعًا في دهشة … أما هو فنظر إلى درَّاجته قائلًا: سأذهب للمراقبة من بعيد … وسنلتقي في المساء.

وتحرك المغامرون جميعًا لأداء المهمة التي سيقوم بها كل واحدٍ فيهم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤