البحث عن جاسوس!

كان سؤال «راجيف» ﻟ «ديفداتا» مباغتًا … فقد قال له: هل أنت راضٍ عن رحيل أحد رجالك.

ديفداتا: بالطبع لا …

راجيف: وما حكمك عليه؟

ديفداتا: إنه خائن.

أحمد: لمن؟

نقل «راجيف» السؤالَ إلى «ديفداتا» مترجمًا إلى اللغة الهندية … فأحنى رأسه في خجل ثم أجاب قائلًا: خائنًا لي ولزملائي.

أحمد: أي ليس لنا.

ديفداتا: ليس بيننا وبينكم حتى الآن اتفاقٌ على شيء.

عثمان: علينا إذن أن نجتمع ببقية الرجال … وإلَّا فسنخسر كثيرًا.

أحمد: لماذا يا «عثمان»؟

عثمان: لأنهم لو سمعوا قائدهم يقول هذا … لن يبقى منهم أحدٌ معنا.

إلهام: أنا لا أوافقك الرأي يا «عثمان»؟

عثمان: وماذا ترَين؟

إلهام: أن تحاولوا مع «ديفداتا» أولًا.

كان رأي «إلهام» هو عين الصواب … لذا فقد اقتنع به كلٌّ من «أحمد» و«عثمان».

وبعد حديث قصير مع «راجيف» تركوا له مهمةَ إقناع «ديفداتا».

وذهبوا هم إلى قاعة الاستقبال التي ينام فيها كلُّ الرجال … فوجدوهم جميعًا مستيقظين وبعد فترة قصيرة … لَحِقهم «راجيف» ومعه «ديفداتا».

وما إن التقوا حتى قال «راجيف»: «ديفداتا» انضم إلينا.

أحمد: ورجاله؟

راجيف: هو مسئول عن نفسه فقط.

أحمد: ماذا تقصد؟

راجيف: أن يترك لنا مهمة إقناعهم.

أحمد: لن يساعدَنا؟

راجيف: إنه لا يريد أن يُعلم أحدًا منهم بانضمامه إلينا.

أحمد: ومَن سيقود رجاله؟

راجيف: سينتظر حتى يرحلَ مَن يرحل … ويقوم بقيادة الباقين.

عثمان: أنا لا أطمئنُّ لهذا الرجل.

لم يستطع «أحمد» أن يناقشَه رأيَه هذا … لأن صاحبَ القضية يجب أن يكون شجاعًا في الدفاع عنها … ولا يختبئ مثلما فعل.

أما «راجيف» فقد رأى أن يوافقَه … ويسايروه … فهذا كلُّ ما يمكنهم أن يقوموا به الآن … وبالفعل وافق «أحمد» على رأيِ «راجيف» … وبدأ حوارًا طويلًا مع كل الموجودين … أنهاه بقوله: والآن مَن يريد البقاء معنا … فأهلًا به … ومَن يريد الرحيل … فليُعجل … فليس لدينا الوقت.

وصاح كلُّ رجال «رام روي» طالبين الانضمامَ إلى «أحمد» … أما «ديفداتا» … فلم يكن رجاله متحمسين للبقاء … إلا نفر قليل منهم … فسمح لهم «أحمد» بالرحيل رغم اعتراض «عثمان» … وقام بعض رجال «رام روي» بحلِّ رباط الزوارق التي أتَوا بها إلى الجزيرة ليرحلوا بها.

وبعد رحيلهم … أمر «أحمد» بعضَ رجال «روي» أن يرحلوا خلفهم … وأن يدخلوا جزيرة التمساح على أنهم فروا من الأَسْر … ويقوموا بتتبُّع خطواتهم … ويُرسلوا بها تقارير متتابعة أولًا بأول.

وطلب من آخرين أن يرحلوا أيضًا خلفهم ليستطلعوا أحوال الناس في الجزيرة … ويعرفوا آراءَهم فيما يحدث.

ورأت «ريما» أن العملية هكذا ينقصها الكثير … وقد أثار هذا الرأي «عثمان» فردَّ عليها قائلًا: ما لم نرَه … أخبرينا به.

ريما: يحتاج رجال «رام روي» لواحد منَّا معهم على جزيرة التمساح!

إلهام: لكي يشعروا بالقوة والأمان … أليس كذلك؟

ريما: ولقيادتهم أيضًا عن قرب.

أحمد: أتقصدين واحدًا من الشياطين؟

ريما: نعم …

عثمان: فلتذهبي أنت … فشكلك آسيوي … ويمكنك الاختفاء بين الرجال.

ريما: أنا أضع نفسي تحت تصرُّف «أحمد» … إذا كنت الشخص المناسب لهذه المهمة …

إلهام: ولكنَّ المحاربين لم يكن بينهم فتاة أو امرأة …

عثمان: وأنا لا أصلح؛ فلستُ أُشبه أبناء تلك المنطقة.

أحمد: سأذهب أنا.

إلهام: لا … نحن نحتاجك هنا.

وهنا تدخَّل «راجيف» الذي كان متابعًا الحديث منذ بدأ، وطلب أن يقوم هو بهذه المهمة.

ألجمَت المفاجأةُ ألسنةَ الشياطين … وظلوا على صمتهم للحظات ينظرون لبعضهم في تساؤل قطعه «راجيف» بقوله: ولماذا لا … ألستُ واحدًا منكم؟

أحمد: نعم يا «راجيف» ولكن …

راجيف: ولكن ماذا إلا إذا كنت تشكُّ في قدراتي …

كان «أحمد» واثقًا من قدرات «راجيف» وذكائه … لذلك لم يكن يجامله حين قال له: لا يا «راجيف»؛ فإن ما رأيناه على الجزيرة من تحصينات … يدل على مقدرة فائقة على التخطيط والمناورة …

راجيف: إذن سأقوم أنا بالمهمة.

عثمان: أنا أرى أن «راجيف» هو أنسب واحد فينا لهذه المهمة … لأنه منهم … هذا أولًا …

ريما: وثانيًا …

عثمان: لأنه يعرف المكان هناك والناس جيدًا … ويعرف كيف يتحرك بينهم.

أحمد: كل ذلك جيدًا … ولكنكم نسيتم شيئًا مهمًّا.

انتبه الجميعُ إلى «أحمد» الذي كان يبتسم … لدهشته منهم، وقال: كيف تنسَون أننا لا نعرف اللغة الهندية؟!

ريما: تقصد أن «راجيف» هو المترجم الوحيد بيننا وبين الهنود؟

أحمد: نعم …

إلهام: إنه شيء محير …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤