الفصل الثالث

المشهد الأول

(المسرح خالٍ ومظلم، موسيقى بطيئة وحزينة، ضوء خفيف يظهر منه مدخل المسرح من ناحية اليمين، يظهر في الضوء تمورجي حاملًا نقالة جسم مغطًّى بملاءة، تمورجي آخَر يحمل النقالة من الناحية الأخرى.

يجتازون المسرح ببطء مع الموسيقى الحزينة، يخرجان من الناحية اليسرى.

يختفي الضوء ويصبح المسرح مظلمًا تمامًا.

ضوء خفيف يظهر من ناحية اليمين، وامرأة ترتدي السواد تجري بسرعة كالمذهولة، ومن خلفها أطفال صغار يجرون خلفها، يخرجون من الناحية اليسرى.

يختفي الضوء، المسرح مظلم وخالٍ.

يُسمَع صوت نحيب مكتوم، وصرخة طفل صغير يبكي.)

(ظلام)

المشهد الثاني

(ظلام)

(يُسمَع صوت السوط وهو يضرب بشدة، وصوت رجل يَئِنُّ من الألم.)

صوت السجان : قول مافيش.
صوت شهدي : فيه.
صوت السجان : قول مافيش.
صوت رجل آخَر : فيه.
صوت السجان : مافيش.
صوت رجل آخَر : فيه … فيه.

(يُسمَع صوت السوط وهو يضرب.)

(ظلام)

(شهدي راقد على الأرض مقيَّد القدمين، إلى جواره رجلان آخَران مقيَّدان. السجان واقف بعصاه الغليظة يراقبهم من بعيد.)

أحد الرجلين (بصوت ضعيف) : يظهر مافيش فايدة يا شهدي.
شهدي : فيه فايدة.
الرجل (يشاور على السجان) : وده يا شهدي، وده اللي نازل فينا ليل نهار، الأيام والليالي بتفوت يا شهدي ومافيش أي أمل بيبان في الجو، مافيش حاجة بتتغير.
شهدي : إزاي مافيش حاجة بتتغير؟ هو صحيح نازل ضرب فينا، لكن هو واحد وفاضل واحد، إنما احنا بقينا تلاتة، وبكرة نبقى أربعة، كل يوم جديد حيجيلنا واحد جديد، واحنا بنكتر، لكن هو فاضل واحد، وحيفضل واحد.
الرجل : خايف على ولادي يمشوا في الشوارع يشحتوا يا شهدي.
شهدي : ما تخافش، مافيش حد بيموت من الجوع، الناس بتموت من الخوف والذل.

(ظلام)

(يُسمَع صوت السوط وهو يضرب.)

صوت السجان : قول مافيش.
صوت الرجل : فيه.
السجان : مافيش.
الرجل : فيه.

(ظلام)

المشهد الثالث

(سور حديدي يقسم المسرح نصفين.

المسرح مظلم، ثم يظهر ضوء قوي في النصف الأيسر من المسرح، ويظهر باب أنيق مغلق بالجوخ الأخضر، عليه رقعة نحاسية لامعة كبيرة جِدًّا مكتوب عليها «المدير»، ولمبة حمراء فوق الباب، أمامه باب آخَر أنيق عليه رقعة نحاسية أقل حجمًا من الرقعة السابقة، مكتوب عليها «مدير المكتب»، ولمبة حمراء فوق الباب، ثم باب ثالث عليه رقعة أقل من السابقة كُتِب عليها «السكرتير الفني»، ثم باب رابع عليه رقعة أقل من السابقة كُتِب عليها «السكرتير الإداري».

حُجرة مكتب السكرتير الإداري تظهر وبها مكتب أنيق وتليفونات، السكرتير الإداري جالس إلى المكتب، يرتدي بدلة أنيقة وكرافتة، يتحدث في التليفون ويبدو عليه الانهماك والاضطراب والغضب.)

السكرتير الإداري في التليفون : يعني إيه الكلام ده يا أستاذ عبد السميع، انت المسئول عن المصنع وعن انتظام العمل فيه، يعني إيه فيه وفد عاوز يقابل البيه المدير، اللي عنده شكوى يكتبها على عرضحال وعليه دمغة بعشرة قروش ويديهالك وانت تجيبهالي وأنا أعرضها على السيد السكرتير الفني وهو يعرضها على سامي بيه، وإذا سامي بيه شاف إنها تستاهل العرض على البيه المدير حيعرضها.

(يُضاء النصف الأيمن المسرح، ويُرَى مكتب حجرة الأستاذ عبد السميع، نحيل وغارق في عرقه واقف وراء مكتبه يتكلم في التليفون في اضطراب وخوف. باب حجرة عبد السميع مغلق، ومن راء الباب يقف شرطي أمام حاجز على شكل كردون، من ورائه يقف جمهرة من العمال والعاملات بالمصنع تتوسطهم زكية.)

عبد السميع (في التليفون، يجفف عرقه) : يا فندم أنا قلت لهم الكلام ده ماحدش راضي يسمعني، هم مصِرِّين على مقابلة البيه المدير، وعددهم كبير يا فندم، وبيقولوا إنهم مندوبين عن كل عمال المصنع. المسألة باين خطيرة يا فندم، وأنا مش عارف أعمل إيه.

(العمال والعاملات يتحدثون بعضهم مع بعض، ويبدو عليهم الانفعال والغضب، وزكية بينهم.)

زكية (تخاطب الشرطي) : حنقابل المدير يعني حنقابل المدير، بالذوق والعافية حنقابل المدير، حكاية العرضحال دي عملناها ولا نفعتش، كل حاجة جربناها ولا نفعتش.
أحد العمال : مش ممكن نستنى أكتر من كده، الصبر له حدود يا ناس.
عامل آخر : المصنع ضالمة ورطوبة وكله عيا وصحتنا عدمت.
عاملة : كل واحد فينا يقع ويموت ويسيب عياله جعانين في الشوارع.
اسمع يا شاويش، احنا بقى لنا ساعة واقفين على الباب، يا تفتحه وندخل، يا نزؤه ونكسره.
الشرطي : اصبروا يا ناس، الصبر طيب.
زكية : نصبر لغاية ما نموت ولَّا إيه؟ افتح الباب ده يا شاويش، لازم نقابل المسئولين (بعض العمال يدقون بأيديهم على الباب بقوة).

(الأستاذ عبد السميع يخرج إليهم.

يتظاهر أمامهم بالحزم والغطرسة ليسيطر عليهم.)

عبد السميع : إيه الهيصة دي؟ ده اسمه شغب، ده اسمه خرق للنظام، كل واحد يروح ورا المكنة بتاعته يشتغل، واللي له شكوى يكتبها ويجيبهالي.
زكية : المرة اللي فاتت اختارنا عننا أربع مندوبين، راحوا فين يا أستاذ عبد السميع؟ مش تاني يوم طلع لهم قرارات فصل؟!
عبد السميع : ما انتم أصلكم لم تحسنوا الاختيار، انتم عارفين البيه المدير مش بيحب المشاغبين، بيحب كل حاجة تتم في هدوء.
عامل : هدوء إيه يا أستاذ! إحنا بنموت.
عامل آخَر : ولادنا جعانين وعريانين.
عامل آخَر : كل يوم نلم فلوس من جيوبنا لبيوت زمايلنا اللي ماتوا.
عامل : واللي اترفدوا.
عاملة : واللي اتمسكوا.
عامل (بصوت قوي) : لنا مطالب لازم تتحقق.

(يرد عليه العمال الباقين بصوت قوي واحد على شكل هتاف):

لنا مطالب لازم تتحقق.
نريد العدالة،

نريد الحرية.

أين حقوق الإنسان؟!

(ظلام)

(يُضاء النور في مكتب السكرتير الإداري في النصف الأيسر من المسرح.

السكرتير الإداري جالس إلى مكتبه، تقف أمامه زكية وثلاثة من العمال.)

زكية : المصنع شغال بدراعاتنا وبينتج وبيجيب فلوس، مين قال مافيش فلوس؟ فيه فلوس مش مافيش، إنما هي فين؟ ومع مين؟ وبتتصرف في إيه؟ وعلى مين؟
عامل : الناس الغلابة اللي زينا مالهومش حاجة، الواحد منا يموت ويترمي وماحدش يرعى ولاده.
زكية : إنما فيه ناس تانيين غاليين، غاليين قوي، كل حتة فيهم غالية، بيوتهم غالية، ولادهم غالية، هدومهم غالية، ضوافرهم غالية، اللون اللي بيدهنوا به ضوافرهم غالي، كحتهم غالية، الواحد من دول يكح كحة واحدة بس يصرف عليها آلافات، إنما احنا … احنا نحيا ونموت بالكوم، ولما نطالب بحقوقنا تقولنا مافيش فلوس.
السكرتير الإداري : أنا ماقلتش مافيش فلوس يا … انتي قولتلي اسمك إيه؟
زكية : زكية إبراهيم.
السكرتير الإداري : أنا قلت يا زكية إن المطالب بتاعتكم حتكلِّف الإدارة فوق طاقتها، وانتم عارفين إن احنا في الإدارة عندنا متخصصين في كل حاجة، عندنا دكاترة متخصصين عشان حالة العمال الصحية، وعندنا مهندسين، وعندنا مخططين بيرسموا الخطط المدروسة. المسائل ماتجيش كده بالعافية، فيه نظام، وفيه تخطيط، وفيه علم. علم، عارفين يعني إيه علم؟!
زكية : العلم ده بيتعلموه فين؟
السكرتير : في المدارس والكليات طبعًا.
عامل : يعني كلهم شهادات عالية.
السكرتير : أيوة، هم دارسين مشاكل المصنع، ودارسين مشاكلكم كويس خالص، ومافيش داعي أبدًا للهيصة اللي انتم عاملنها دي.
زكية : بقى لك سنين تقولنا الكلام ده، ماحدش بيعرف مشاكل حد يا أستاذ، احنا اللي عارفين مشاكلنا، احنا اللي إيدنا في النار وحاسين بحالتنا. احنا صحيح مش معانا شهادات عالية، بس عارفين وحاسين، المدارس مش بتعلم … الدنيا هي اللي بتعلم، التعليم اللي بيخدوه في المدارس مش تعليم، دي كلها محفوظات بيحشوا بيها روسهم زي الكوسة لما تنحشي بالرز، ويفضل إحساسهم زي ما هو إحساس مش متعلم، إحساس ما عندوش إحساس، ما بيحسش، ما يحسش حاجة غير نفسه، غير جسمه هو بس، ما يحسش إلا الإبرة اللي تتغرز في جسمه، إنما الإبر اللي تدخل أجسام غيره، السكاكين اللي تقطع بيها أجسام غيره، هو ما يحسش بيها.
السكرتير الإداري (غاضبًا) : إيه الكلام اللي بتقوليه ده؟ انتي فقدتي عقلك ولَّا إيه؟
زكية (غاضبة) : أنا مافقدتش عقلي، انتم اللي فقدتم إحساسكم، انتم اللي عارفين إن فيه زرقا في المصنع بتاكل فينا وساكتين، وماحدش فيكم بيرضى ينزل المصنع، حتى الدكاترة بيخافوا يمروا في المصنع، كلكم عارفين وساكتين، عشان انتم بعيد، والزرقا مش ممكن تطولكم، الزرقا مش ممكن توصل لغاية مكاتبكم أو بيوتكم أو أولادكم.

(السكرتير يضغط على الجرس، يدخل ثلاثة من السعاة واثنين من الموظفين.)

السكرتير : أنا لا أسمح إن واحدة عاملة زيك تكلمني بالطريقة دي.
عامل : تسمح إيه أو ماتسمحش إيه يا أستاذ؟ احنا حياتنا مهددة.
السكرتير : كرامتي لا تسمح أبدًا بالتهزيء ده.
عامل : كرامتك إيه يا أستاذ دلوقت؟ بنقول فيه ناس بتموت!
السكرتير (يخاطب الموظفين) : الأربعة دول يُحوَّلوا إلى التحقيق فورًا.
زكية : تحقيق إيه يا أستاذ؟
السكرتير : أي كلمة زيادة ححوِّلك على المحكمة التأديبية.
زكية : هي التأديبية دي تطلع إيه يا أستاذ؟ احنا ناس مالناش حاجة، وعشان كده مش بنخاف، حنخاف على إيه، اللي لكم خدوه، واحنا اللي لنا حانخده، بالذوق حانخده، وبالعافية حانخده.
العمال الثلاثة : فين العدالة؟

(السعاة والموظفون يدفعون زكية والعمال الثلاثة نحو الباب.)

العمال الثلاثة : فين العدالة؟

(يظهر د. توفيق عند الباب هذه اللحظة.

زكية وتوفيق يقفان لحظةً متواجِهَيْن صامتَيْن، تتركه وتسير مع العمال والسعاة والموظفين، يخرجون جميعًا ويبقى السكرتير الإداري وحده في مكتبه وأمامه د. توفيق.)

السكرتير الإداري : العاملة دي باين عليها تعرفك يا د. توفيق، انت تعرفها؟
د. توفيق : لا أبدًا، يمكن شفتها في المصنع مرة وأنا بامر. ليه؟ فيه حاجة؟
السكرتير : لا أبدًا ولا حاجة، شوية مشاغبين وحنعرف نأدِّبهم، أي خدمة يا د. توفيق؟ سيادتك عاوز تقابل سعادة المدير؟
د. توفيق : أيوة، فيه لجنة فنية.
السكرتير : اتفضل على طول، اللجنة مجتمعة جوه وهو منتظر سيادتك.
د. توفيق : متشكر (توفيق يزرر الجاكتة قبل أن يدخل ويشد الكرافتة حول رقبته).

(ظلام)

المشهد الرابع

(السور الحديدي يقسم المسرح إلى قسمين، القسم الأيسر به حديقة وكراسي مريحة ومنضدة وسلم رخامي يقود إلى منزل من منازل الأثرياء.

النصف الأيمن شارع ورصيف، وصفيحة قمامة مقلوبة.

المسرح مظلم.

يُضاء النصف الأيسر من المسرح وتظهر حسنية بملابسها الأنيقة جالسة على فوتيل في الحديقة، وإلى جوارها زوجها، وبجوارهما عربة صغيرة من عربات الأطفال داخلها طفل.

حسنية تلاعب الطفل، تأخذه من العربة وتحمله بين ذراعيها وتلاعبه.)

حسنية : تعرف إنه شبهك تمام يا علي، العينين والمناخير.
الزوج (ينظر إلى الطفل ويداعبه في سرور …) : سبحان الله، مع إن كل الناس بيقولوا إنه شبهك انتي يا حسنية.
حسنية : الحقيقة بقى يا علي، هو مشكِّل، هو أخد الحجات الحلوة اللي فيَّ، والحجات الحلوة اللي فيك، وعشان كده طالع قمر … قمر والله.

(تهشك الطفل وتداعبه في سرور.

يُضيء النصف الأيمن من المسرح.

يظهر منصور في الشارع سائرًا كالهائم على وجهه بملابسه التي تنمُّ عن الفقر، وحركاته التي تنمُّ عن السُّكْر، يعبث بقدمه في القمامة، يعثر على عقب سيجارة، يلتقطها ويدخنها. يسير بخطوات بطيئة مترنحة، يدندن ويغني.)

منصور :
فين الناس، فين الناس، أنا وحيد.
عاوز حد،
عاوز أدفى،
في قلب حنين،
مليان حب.

(يقابل الأطفال الشحاذين، يبحثون في القمامة عن لقمة، يجرون وراء المارة ويشحذون وهم يغنون.)

الأطفال (يغنون) :
حَسَنة يا سيد،
حَسَنة يا ست.
احنا يتامى،
واحنا غلابة،
مالناش حد.
عاوزين ناكل،
عاوزين ندفى،
في قلب حنين،
مليان حب.

(أحد المارة يُلْقِي لهم قرشًا، يجرون إليه.

الطفل سعيد يضع قدمه على القرش وينضم إليه بعض الأطفال منهم حسن ابن زكية.)

الطفل سعيد (يغني مع فريق) :
اوعى إيدك تتمد.
ارفع ضهرك،
ارفع راسك،
واوعى إيدك تتمد.
ارفض، اغضب، ثور،
واوعى تقول:
حَسَنة يا سيد،
أو حَسَنة يا ست.

(يظهر الطفل حسن (ابن زكية) بين الأطفال، يرى منصور سائرًا، يناديه ويجري إليه.)

الطفل حسن : عم منصور، عم منصور.
منصور : انت مين يا ابني؟
حسن : أنا حسن ابن زكية.
منصور : ازيك يا حسن يا ابني، وإزاي أمك زكية.
حسن : أمي بقى لها كام يوم ما رجعتش البيت يا عم منصور، مش عارف راحت فين!
منصور : حتروح فين يا ابني، لازم حترجعلك بعد شوية.
حسن : أنا خايف يكون جرى لها حاجة يا عم منصور، دي عمرها ما غابت كده.
منصور : زكية أمك قوية وجامدة زي الحديد، عمر ما يجرى لها حاجة يا ابني، ما تخافش عليها يا حسن، بكره ترجع ومعاها حاجات كتير. وانت خلي بالك من نفسك واوعى تشحت مع العيال يا حسن.

(حسن يجري وينضم إلى العيال.)

الأطفال (يغنون) :
حَسَنة يا سيد،
حَسَنة يا ست.
عاوزين ناكل،
عاوزين ندفى،
في قلب حنين،
يدينا حب.
حسن (يغني مع سعيد وفريقه من الأطفال) :
ما تقولش يا سيد،
ما تقولش يا ست،
واوعى إيدك تتمد.
ارفض، اغضب، ثور.
ودايمًا قول:
لا لا مش ممكن،
مش ممكن أشحت من حد.
الأطفال (يردون بالغناء) :
احنا يتامى،
احنا غلابة،
عاوزين ناكل،
عاوزين ندفى،
مالناش حد.

(يُظلِم نصف المسرح الأيمن ويختفي الأطفال.

يظهر نصف المسرح الأيسر، وتظهر حسنية بجوار سور الحديقة تحمل طفلها وتداعبه. زوجها جالس في فوتيل، وأمامه على المنضدة فنجان قهوة، يشرب ويراقبها في سرور.

منصور سائر في الشارع يترنح، يرى حسنية من خلال السور الحديدي، يقف كالمذهول، يرى الطفل بين يديها.

حسنية تنظر إليه في خوف، تضم طفلها بين ذراعيها وتبتعد عن السور متجهةً ناحيةَ زوجها.)

الزوج : إيه! فيه إيه يا حسنية؟
حسنية : لا أبدًا يا علي، مافيش حاجة.
الزوج : مين ده الواقف جنب السور؟
حسنية : لازم واحد غلبان عاوز حَسَنة ولَّا حاجة.
الزوج : اديله قرش ولَّا الاتنين عشان ربك يبارك لنا في ابننا محمود.

(الزوج يُخرِج من جيبه قرشًا وينهض ويسير إلى السور، ويُسقِط القرش في يد منصور، القرش يسقط على الأرض.

الأطفال الشحاذون يجرون ويلتقطون القرش.

يُظْلِم نصف المسرح الأيسر، وتختفي حسنية والطفل والزوج، يظل منصور ممسكًا بالسور كالمذهول، يبدو عليه التأثُّر والحزن والدموع في عينيه.

يجلس على الرصيف.

الأطفال الشحاذون يحيطون به.)

أحد الأطفال (يناوله القرش الذي سقط) : القرش ده نصيبك يا عم.

(حسن يجلس إلى جوار عم منصور ويرى دموعه وذهوله.)

حسن : مالك يا عم منصور؟ باين عليك تعبان، ياللا بينا نروح، يمكن نلاقي أمي رجعت البيت.

(حسن يساعد منصور على النهوض، ويسيران معًا، يقف فجأةً.)

حسن : سامع يا عم منصور؟

(يُسمَع صوت هتاف قوي يأتي من بعيد): فين العدالة؟ فين العدالة؟

(منصور يتحمس ويبتسم ويعود إليه بعض النشاط.)

حسن : سامع يا عم منصور؟ سامع؟
منصور : أيوة يا ابني، سامع.
حسن : ياللا بسرعة يمكن أمي رجعت.

(يشد منصور من يده ويسيران بحماس.)

(النهاية)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤