مصر الأمل
يخطئ من يظن أن مصر ماتت أو تموت .. مصر يا سادة لن تموت .. مصر أزليةٌ سرمدية، خالدة خلود الشمس والنجوم والكواكب، باقية ما بقي الدهر .. مصر أرضٌ صلبةٌ راسخة الأركان ثابتة المكان .. مصر جوَّادة فوَّاحة، باطنها خير من ظاهرها، وجوهرها أفضل من مظهرها.
مصر بلد الأمل المتجدد .. شبابها هم أملها وهم سواعدها وقلبها الخفاق .. هم سورها الحديدي وجدارها الجرانيتي، وسدها المنيع.
يخطئ، يا كرام، مَنْ يعتقد أن أرض الكنانة قد سلمت الأعلام، أو رفعت الأيدي بالاستسلام، أو رضخت وركعت وخنعت .. مصر الأمل لا يمكن أن تفكر في ذلك ولا لحظة واحدة، ولا يمكن أن يمر بخاطرها هاتف مثل هذا الهاتف، أو خاطر مثل هذا الخاطر .. مصر العبور أدهشت العالم أجمع بلا استثناء، بقوتها وجبروتها .. هي شمس وغيرها كواكب «إذا طلعت لم يبدُ منهن كوكب» .. مصر الأمل أمةٌ عملاقة، يرفع قبَّتها ثمانون مليون ساعد، ويدبُّ فوق أرضها ثمانون مليون قدم.
أما أعناق مصر، فمنتصبة كقامتها، عاليةٌ مشرئبة كعنق نفرتيتتها بجبروتها وجبروت تاريخها وفرعونها العظيم، موحد الأديان الأول مذ عرفت البشرية حلاوة التوحيد وعراقته وأهميته للوجود والسعادة الإنسانية القصوى.
مصر الأمل ترى الآفاق البعيدة قريبة، وترى السموات العالية دانية، وترى الكواكب والنجوم في متناول أيديها .. مصر الأمل لا تعرف المستحيل ولا تعجز عن تحقيق المستحيل .. إنني لا أقول فَنَدًا، بل يشهد لها ما فعلته بإسرائيل في حرب أكتوبر الرمضانية العظيمة إذ قامت بالمعجزات، ولقنت العالم أجمع دروسًا في كيفية البطش وتحقيق الآمال، على أيدي أبنائها البواسل الشجعان ذوي العقول الراجحة الواعية، والعيون الساهرة الدائمة اليقظة، والقلوب الخفاقة والأفئدة العاشقة الوالهة المدلَّهة بحب مصر ولا شيء غير مصر .. مصر أولًا وآخرًا، فهي الأمل المنشود والهدف الأسمى .. هي العلم الأخضر المرفوع عاليًا يرفرف خفاقًا فوق ربوع الأمة العربية بأسرها، بل والعالم أجمع .. يجد أبناؤها سعادةً بالغة في رفع علمها عاليًا دومًا ودائمًا، يلاقون الموت بصدورٍ رحبة في سبيل الذود عنه، وفي سبيل الاحتفاظ به منتصبًا شامخًا يظل هامة مصر الأمل .. مصر العمل .. مصر الحضارة.