مصر العمل

لولا العمل ما بقيت مصر .. ولن تبقى مصر إلا بالعمل .. فكلما عملنا أثبتت مصر وجودها الأزلي .. مصر العمل واضحةٌ جلية أمام الجميع؛ لأنها شامخةٌ ناطقةٌ صارخةٌ قوية؛ تحظى بإعجاب العالم كله وباحترامه وتوقيره.

مصر العمل لا تنام، بل قوامها السهر والكد والعرق والسعي وراء الرزق الحلال .. كل مصري في هذا البلد العزيز يعمل بسواعده المفتولة العضلات والقوية، وبرأسه الشامخ الذكي وجسده الصامد الفتي، وكذلك بقدمَيه النشيطتَين .. فالعمل شرف، والعمل تاج يزين هامة الشرفاء وأبدانهم وأيديهم وأقدامهم.

مصر العمل هي مصر القوة والفتوة، هي مصر الشدة والحدة، هي مصر النهضة والعزة، هي مصر الحضارة والغضارة والنضارة، هي مصر السعادة والنماء والرخاء، مصر الدوام والبقاء.

مصر لا تعمل إلا الخير لبنيها ولبني البشر من حولها .. كل أعمال مصر طيبةٌ خيرةٌ حسنةٌ مباركة؛ تزكيها وترفع من شأنها وشأوها بين الأمم وتكلل هامتها بتيجان العزة والفخار.

مصر ليست جعجاعة، وإنما تعمل في صمت، فمن صفات مصر أنها لا تتكلم كثيرًا؛ إذ تعلم أن خير الكلام ما قلَّ ودلَّ، وأنه إذا كان الكلام من فضة كان السكوت من ذهب.

وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن
ثرثارة في كل نادٍ تخطب

شعار مصر الأول هو «أبو الهول»، الذي هو رمز الصمت، صمت العاملين، والمتعبدين المؤمنين …

تعمل مصر بسواعد بنيها، فتقيم الصروح وتبني الضروح، وتشيد العمائر والمساجد والمصانع والجسور والأنفاق.

ومصر بفلاحها تعمل عملًا أخضر فتنبت الزرع الذي يأتي بكل الثمرات المتعددة الأنواع .. الثمار الطيبة الشهية، المفيدة المغذية للإنسان والحيوان معًا .. يضرب الفلاح الأرض بفأسه فتخرج لنا من بين حبات ترابها كل ما فيه الغذاء والكساء والدواء.

ومصر بمصانعها تعمل على أصوات المحركات والآلات .. فتخرج مع كل لفة سلعة، وتسدُّ مع كل دورة ثغرة .. صناعها مهنيون حرفيون عاملون قادرون متمكنون محترمون.

ومصر بنسائها وبناتها وفتياتها قوةٌ أخرى .. قوةٌ عاملة تفخر بها نهضة مصر النسائية؛ فمنهن من تمسك الفأس وتفلح الأرض، ومنهن من تمسك بالمغزل والمنول والخيط والإبرة والقلم … في إباء وشمم، وعزة وكرامة .. وفي أمومة وطهارة، وعذرية وبكارة .. وفي إيمان وثقة .. تعمل نساء مصر جميعًا من أجل خدمة الوطن ورخاء البلد .. ومن أجل إسعاد الجميع .. فالمرأة المصرية شريان مصر الكبير وقلبها الحنون الرحيم، ويدها الطولى الممتدة دائمًا لخدمة الرجل المصري المكافح .. فيا لها من امرأةٍ عظيمة تعمل إلى جانب زوجها وأبيها وأخيها وعمها وخالها .. تعمل صامدةً مرفوعة الرأس مؤمنة بجدوى العمل لبناء مصر العاملة، مصر القادرة، مصر العظيمة ببنيها وبناتها.

مصر العمل، هي مصر المقاتلة .. جيشها جرار في عداد الحصى .. رجاله أبطال يذودون عن أرضها ونيلها وزرعها ونبتها وزرعها وأبنائها ومبانيها ومصالحها .. جيشها جيشٌ عامل .. يستخدم السلاح في وجه المعتدين الآثمين .. لمصر العمل جيش لجب هو مفخرة بين جيوش العالم .. لا يهزم ولا يقهر .. ولا يسام أو يضام .. والجندي المصري عندما يعمل، لا يعمل لنفسه، وإنما يعمل لعزة الوطن وكرامته وكرامة العاملين والعاملات، ودفاعًا عن مصر العمل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤