أنا ومصر كيانٌ واحد
لا تسلني من أنا، فأنا مصر، أنا وهي كيانٌ واحد .. ولا تسلني من هي مصر، فمصر هي أنا .. وهي وأنا بنيانٌ واحد .. بل نحن مثل جسدٍ واحد له قلبٌ واحد، ولكنه قلبٌ متينٌ مكينٌ حصينٌ أمين …
أنا صورةٌ مصغَّرة من مصر، ومصر صورةٌ مكبَّرة مني .. أنا بدونها صفر، ومصر بدوني صفر أيضًا … إننا مترابطان متلازمان متعانقان متضافران .. إننا معًا نكوِّن شركةً واحدة تفكر برأسٍ واحد وعقلٍ واحد وبجنانٍ واحد ولهدفٍ واحد .. هي تفكِّر في إسعادي، وأنا لا أفكر إلا في إسعادها.
وجه مصر هو وجهي عندما تراه مبتسمًا منشرحًا منبسطًا سمحًا كريمًا بلا تجاعيد ولا أخاديد.
وقلب مصر هو قلبي أنا عندما تجده نقيًّا أبيض بلا ضغائن ولا أحقاد، وبلا شرور ولا ذنوب ولا سواد ممقوت.
وعقل مصر هو عقلي أنا عندما تجده يفكر في الخير والرخاء والجمال والسناء، والعمل والجد والاجتهاد والتقدم والتسامي والنماء والتقوى والدعاء.
وعين مصر هي عيني عندما تراها بلا شرر وبلا حمرة أو تصلب أو جفاء، وبلا شحوب أو ارتخاء .. بل عندما تراها لامعةً نجلاء، يقظةً متيقظة، مستبشرة تتمنى ولا تتجنَّى، تحنو ولا تقسو .. ترمش ولا تخدش .. تدغدغ ولا تجحظ .. تسامح ولا تخادع.
وسواعد مصر هي سواعدي عندما تشمر أكمامها وترفع الفأس لتعزق الأرض وتمسك بناصية المحراث لتحرثها، وتدير الآلات لتصنع وتمسك بالقلم لتسطِّر .. وعندما تسعى وراء الرزق والمكسب.
وأقدام مصر هي أقدامي عندما تسعى إلى العمل وتدبُّ في ميدان القتال، تكرُّ وتفرُّ في ساحة الوغى، وعندما تشقُّ الطريق إلى النجاح والفلاح والعلا والسمو والرفعة .. وعندما تدوس الظلم والطغيان، والذل والهوان، وتسحق رءوس المعتدين الغاصبين.
من هنا يصح لي أن أقول: إنني ومصر كيانٌ واحد، وبنيانٌ واحد، بل قل إننا شخصٌ واحدٌ شامخٌ ناجح بإذن الله.