شدي حيلك يا مصر
لكِ الله يا مصر! يا حلوة ويا قرة العين .. يحميكِ ويحفظ من الحسد والعين .. يا مصر يا طيبة .. يا أميرة .. يا ملاذ الجميع ومأوى الفقير .. يا مهد الحضارة .. يا أمل الطغاة الطامعين والغزاة الغاصبين .. كوني على قدر المسئولية، وتنبَّهي وتيقَّظي وانفضي عنك غبار الخمول و«شدي حيلك» .. واعلمي أن أرضك مقدسةٌ مباركة، لا يمكن أن تضام أو تجدب أو تُنهب أو تُسلب .. عليها أسودٌ كواسر يحمونها، ورجال بواسل يدافعون عنها، ويذودون عن حياضها ويسهرون عليها …
أيا مصر العزيزة .. أيتها السيدة الفاضلة .. يا صاحبة المهابة والجلالة .. يا ذات العرض الشريف والصيت العظيم والسمعة العطرة الطاهرة .. بأشبالك تنهضين، وبرجالك تصمدين، وبعقولك الراجحة تغلبين وتنتصرين وتهزمين …
لا تهتزي يا مصر ولا تتذبذبي أو تترنحي، اثبتي وقاومي وقومي بدور الأسد الغضنفر .. ما زلتِ في مركز القوة وموقف السيادة بفضل أبنائك الأبطال المغاوير ورجالك البواسل الظافرين .. أنت صاحبة الكلمة، وصاحبة الأمر والنهي .. لا تهتمي بتلك الشرذمة التي أعمى الله قلوبها، وغشى على بصائرها فلم تعد تعرف الباطل من الحق، ولا أفش الرأي من صحة الحكم، واختلط لديها الجهل بالعلم، فلم تفرق بين الصالح والطالح، ولا بين الحسن والخبيث.
تاريخك زاخر بقصص الأبطال والصمود الباهر .. فكم من غازٍ خرج منك عاري الجسد، مدحورًا مكسورًا محسورًا! وكم من عدو وصل إلى حدودك فعاد على أعقابه فاشلًا مغلوبًا، يجر أذيال الهزيمة، ويفر هاربًا مهزومًا! وكم من معتدٍ جبار غرَّه صلفه وغروره، وظن أنه سينال منك مقتلًا، فخيب الله ظنه! إذ وقفتِ له بالمرصاد، وسقيتِه المرَّ والحنظل، ولفظتِه لفظ النواة الشريرة حتى صار للعالَم أجمع عبرة العبر!
هذا هو تاريخك يا مصر العظيمة .. شدي حيلك يا مصر، وقومي قومتك، وبرهني على وجودك، وأثبتي لكل طامع أنكِ لستِ نائمة، بل يقظى مفتوحة العينَين .. عارفة بما يجري في الخفاء، ومدركة لما يُدبَّر ضدك وما يحيكه للإيقاع بك قوم من الأقزام الصعاليك، باءوا بالفشل وانقسموا على أنفسهم، وتفرَّقوا أباديد وصاروا أضحوكة الدنيا، فما هم الذين عملوا فغنموا، ولا هم الذين سكتوا فسلموا .. قومي وانهضي .. وثِبِي وثبة الليوث والنمور، وانقضِّي على أعدائك المتربصين بك، وافتكي بهم، ومثِّلي بأجسادهم، واشربي من دمائهم، وتخلَّصي من أشلائهم النجسة .. بارك الله فيك يا مصر، وزوَّدك بنصر من عنده .. والحمد لله رب العالمين.