الفصل الثالث

النساء العاملات في الثمانينيات: النزعة الأنثوية وتاريخ استقبال «الجاذبية المميتة»١

ليس هذا دقيقًا والرسائل تمضي. يطلب «الجاذبية المميتة» من الرجال المتزوجين التوقف عن التسكع أو جلب الخطر الذي يدمر المنزل. ويذم النساء العاملات غير المتزوجات لقيامهن باختيارات غير موفقة، ويطلب منهن أن يتزوجن خشية أن يصبحن مخبولات. ويقول للجميع إن رغبة الأنثى ملحة وتوقع المرء في شراكها، باختصار، سوف تبتلع حياتك.

(مارشيا بولي Marcia Pally، «فحص القرابة: الأسرة في الطريق للخبل Kin Con: The Family Goes Bananas»، ص١٢)
بعد عرض «الجاذبية المميتة» في ١٨ سبتمبر ١٩٨٧م بقليل، انطلق سرب من النقد حول الميول المعادية للأنثوية في الفيلم، وأشار كثير منها إلى السياسات موضع التساؤل التي أعطت تصورًا لامرأة عاملة غير راضية عن عيشتها بدون زواج حتى أنها ترغب في القتل لتضع نهاية لها. كما تصرح سوزان بروملي Susan Bromley وباميلا هيويت Pamela Hewitt: «الرسالة الثابتة لفيلم «الجاذبية المميتة» هي أن النساء اللائي يفضلن مسار العمل لا يجب اعتبارهن بلا أنوثة فقط، بل قوًى مدمرة تستحق التدمير» (١٩٩٢م: ١٧). أو كما كتبت ليديا سَرْجنت متشائمة:٢ «وضع هذا الفيلم آخر مسمار في نعش حركة تحرر النساء التي تحتضر بالفعل» (١٩٨٨م: ٣٤). وقد شق «الجاذبية المميتة»، كما تشير هذه التعليقات، ثقافةً أمريكية شهدت بالفعل تدهورًا جليًّا في الآراء الأنثوية، في وضع تتغير فيه أدوار النساء بسرعة، فكان مصدرًا هائلا للتوتر الثقافي، في لحظة «فلاش باك» أنثوية، بتعبير سوزان فالودي. ويتناول هذا الفصل الاستقبال التاريخى للفيلم من منظور النزعة الأنثوية، ويتعرض لتعنيف «الجاذبية المميتة» للنساء العاملات غير المتزوجات، كما يتناول مدى ملاءمته لوقت ظهوره؛ حيث تزامنت بداية عرضه مع مقال بارز في «نيوزويك» قال إن فرصة قتل امرأة في الأربعين غير متزوجة على يدي إرهابي أكبر من فرصتها في الزواج.
ولأن «الجاذبية المميتة» ظهر في وقت يُقابَل فيه دخول نساء الطبقة الوسطى إلى سوق العمل بريبة، إن لم يكن بازدراء صريح، فقد شغل تصوير الفيلم لألكس في صورة امرأة عاملة قاتلة، لا تبحث فقط بجوع عن صحبة ذكر، ولكنها تبحث أيضًا عن طفل، شغل أذهان الكثير من الأنثويات. وكما اقترحن، لا تصور حياة ألكس بالاستقلال المالي والحرية الجنسية حلمًا أنثويًّا، بل كابوسًا من الندم والقلق، وهو تصوير يعرض التهديد الذي تمثله النساء غير الطبيعيات على البِنَى البطريركية. وتظهر ألكس، كشخصية تحذيرية، امرأة من الواضح أنها دفعت ثمنًا باهظًا جدًّا لاستقلالها، واعتقد الكثيرون أن تحول مهنية ناجحة إلى قاتلة بالذهان أشار إلى اشمئزاز الفيلم من النساء اللائي يخرجن عن الأدوار الأنثوية التقليدية. وطبقًا لذلك، قالت الأنثويات إن ألكس لم تكن وغدة في حد ذاتها، بل باعتبارها نتاجًا أو عرَضًا لسياق ثقافي أكبر مثقل بالمخاوف على وضع العاملات غير المتزوجات. ويركز هذا الفصل على هذه المناقشات، ويولي اهتمامًا خاصًّا بالطرق التي فُهِم بها الفيلم باعتباره عرَضًا للآراء والمثاليات الأنثوية الشاحبة في الثقافة الأمريكية عمومًا. ويشمل هذا التحليل الاهتمام بصورة مايكل دوجلاس كنجم باعتباره «رجل عادي» أصيب بالهلع من عاملة حقودة، ومناقشة النهاية البديلة، النهاية التي رفضها اختبار المشاهدين test audience لأنها فشلت في «عقاب» ألكس بما يكفي.

«اقتل العاهرة»

ثمة قصة تتكرر على نطاق واسع، تحيط ببداية عرض «الجاذبية المميتة» في ساحة عامة، وتصور أعدادًا كبيرة من رواد السينما الأمريكان في دور عرض مظلمة، يصيحون في الشاشة غاضبين وحانقين: «اقتل العاهرة!»٣ وصار شبح المشاهدين الأمريكيين الناقمين التواقين إلى الإسراع بالموت الوشيك الذي تتعرض له ألكس سمة أسطورية إلى حدٍّ بعيد في نص الفيلم نفسه؛ بعد نحو عشرين سنة، من الصعب أن تفكر في الفيلم إلا كفيلم يعتبر موت ألكس مبرَّرًا، بأسباب كثيرة، وعادلًا. ورسخ هذا الرأي جزئيًّا لأن الفيلم ينطق من منظور دان، إنه العامل الروائي الأساسي، ويشاركه المشاهدون رأيه فعليًّا طوال الوقت. من الواضح، إذن، أن المشاهدين يسعون لاستئصال تهديد ألكس لدان (وحتى لأسرته الأكثر براءة). إلا أن «اقتل العاهرة» احتياج أيضا لشهوة الدم، عاطفة قوية جدًّا تستحق أن نسأل لماذا أثارت شخصية ألكس هذه الاستجابة المتشددة، ولماذا كان إطلاق ذلك الاحتياج إلى الانتقام لذيذًا جدًّا بالنسبة المشاهدين الذين أتوا لمشاهدة الفيلم بأعداد هائلة.
وللإجابة على هذا السؤال، ربما نتحول أولًا إلى السياق التاريخي لأمريكا في عهد ريجان في الثمانينيات، في ثقافة كانت تسير أكثر باتجاه عدم الترحيب بمثاليات الأنثوية. ويعود ذلك جزئيًّا إلى ظهور اليمين الجديد في أمريكا، والغالبية الأخلاقية، وازدهار الأصولية الدينية، وتعطش أناني في سياسة اجتماعية تعرف الآن عمومًا بحركة المحافظين الجدد،٤ واتجاه البندول الثقافي إلى دعم العودة إلى «قيم الأسرة»، والآراء التي افتُرِض أن الحركات الثقافية اليسارية في العهود السابقة وجهت إليها أصابع الاتهام. في ظل هذا النموذج الجديد، ظهرت الأسرة الصغيرة مرة أخرى مستودعًا لكل ما هو خلقي، وقُدِّمت باعتبارها حلا للأمراض الثقافية والاجتماعية. وكان شغف الثقافة الأمريكية في إعطاء الأولوية من جديد للأسرة جليًّا في السياسة كما كان جليًّا في الخطاب الاجتماعي؛ وبرهن الأكاديمي في الإعلام دانيال مرقص Daniel Marcus على أن ريجان أيد العودة بحنين إلى استقرار الأسرة باستدعاء صور مثالية من خمسينيات القرن العشرين وشجع جماهير الثمانينيات على محاكاتها.
وتضمنت هذه العودةُ إلى قيمٍ جوهريةٍ اعتناقَ أدوار أنثوية نمطية، واضطرت النساء إلى أن يخترن، مطيعاتٍ، الهويةَ العائلية والعودة إلى الأمومة بوصفهما كافيين prima facie. (بينما كانت العواطف سابقة على المصطلح، اشتُقَّ المصطلح المناسب «النزعة التقليدية الجديدة new traditionalism» ليصف هذا الاتجاه، ويأتي في حملة إعلانية في ١٩٨٨م في مجلة «التدبير المنزلي Good Housekeeping» تبرز صورًا لنساء في البيت، وقد أعلنَّ عن قناعتهن بالحياة الزوجية والأمومة.) إلا أنه وقد قيل للنساء إنهن ينتمين للبيت، تزايدت، في الوقت ذاته، أعداد النساء اللائي يؤخرن الزواج والحمل فعليًّا، ويؤمِّنَّ الوظيفة أيضًا بشكل غير مسبوق. وطبقًا لمكتب الإحصاء في الولايات المتحدة، في ١٩٦٥م كان ٣٦٫٧ في المائة من قوة العمل مشكَّلة من نساء راشدات؛ وبحلول عام ١٩٨٧م ارتفعت هذه الأرقام إلى ٥٥٫٤ في المائة (مقتبسة في برلاند Berland وويشتر Wechter، ١٩٩٢م: ٣٩). وبينما اعتبرها الكثيرون مكاسب أنثوية، إلا أن النساء اللائي فشلن في الالتزام بالمعايير التقليدية وجدن أنفسهن أيضًا في الطرف الآخر لوابل ثقافي مما شجعهن على النظر بقلق إلى الفرص العائلية التي كنَّ يضيعنها أيضًا.
وقد اتُّهِمت النساء اللائي لم يجسِّدن النموذج التقليدي الجديد برسالة فحواها أنهن مهددات بإعاقة فرصهن في الحصول على السعادة، كما أنهن معرضات لخطر ألا يتزوجن أبدًا أو ينجبن أطفالًا. كان هذا الرأي، الذي دعته سوزان فالودي بصورة رائعة «حركة ارتداد backlash»، يتضمن فكرة أن النزعة الأنثوية أصابت النساء بالضرر؛ لأنها قلصت فرصهن في الحياة بدل أن توسعها. وتبجح النساء بالمساواة، طبقًا لهذه الأيدولوجيا، تركهن وحيدات في وضع يرثى له، وكان ما يُدعَى تحررهم عبئًا بالفعل؛ لأنه أنكر عليهم الحصول على المتع الأنثوية. (أكدت فالودي ببراعة أن المساواة بين النوعين لم تتحقق أبدًا في أمريكا، لكنها تجاوزت الحدود بما يكفي لإثارة توتر المجتمع البطريركي.) ربما أتى أشهر تكرار لهذه الحركة الارتدادية تحذيرًا لطموح الأنثى في شكل مقال حظِيَ بإعجاب شديد في «نيوزويك» يتنبأ بتقلص فرص زواج النساء اللائي تجاوزن الثلاثين؛ سجلت الإحصاءات أن بالوصول إلى الخامسة والثلاثين يهبط احتمال زواج المرأة إلى ٥ في المائة، وبالوصول إلى الأربعين يكون «احتمال قتل المرأة على يدي إرهابي أكبر من احتمال أن تتزوج.»٥ وتصور مثل هذه الآراء الزواج والحمل خبرتين لهما عوائد لا تقبل الشك، وترى أن هذه الفوائد تبز أي رضا يمكن أن يتحقق بالعمل أو الاقتصاديات المهنية. وشجعت مقالات من هذا النوع، معتبرة الهويات الأسرية المعتادة الرغبةَ الأولى للنساء، شجعت النساء غير المتزوجات على تفحُّص حيواتهن الشخصية بحثًا عن دلائل على أنهن أيضًا يمكن أن يكن كارثة إحصائية، وحذرت من أن النساء اللائي لا يتزوجن يقفن عقبة في طريق ما يعتبر فرصتهن الوحيدة لتحقيق السعادة.
يظهر «الجاذبية المميتة» الموضوع بمصطلحات مماثلة، ويردد هذا الهلع المرتبط بالزواج والأمومة بأبرز ما يكون حين تعلق ألكس بأنها تخطط للاحتفاظ بطفلها من دان؛ لأن «أنا في السادسة والثلاثين، وربما تكون فرصتي الأخيرة في الإنجاب.» تعمل ألكس، مدفوعة بمعرفة أن «الزمن يجري»، طبقًا للعقلية العامة الحريصة على تذكير النساء بأن الزمن، بمجرد أن يتجاوزن الثلاثين، لا يكون في جانبهن فيما يتعلق بالزواج والأطفال.٦ وتقتبس فالودي، مشيرة إلى مثل هذه الضغوط، عن خبير في صناعة السينما يرى أن الفيلم «تجلٍّ ذهانيٍّ لدراسة عن الزواج نشرت في «نيوزويك» — دراسة تنبأت بأن النساء غير المتزوجات اللائي تجاوزن الثلاثين محكوم عليهن بالعنوسة» (١٩٨٨م: ٥٠). وإذا اعتبرنا «الجاذبية المميتة» موجها للنساء غير المتزوجات، فإنه يحذرهن مما عليهن ألا يفعلنه، خشية أن ينتهي بهن الأمر إلى حسد عائلات الآخرين (ويتضمن الفيلم الأرانب المغلية). كما كتبت لوري ستون Laurie Stone في «مس»،٧ «يقول» الفيلم «على النساء الطيبات أن يبقين في البيت … النساء العاملات غير المتزوجات مدمَّرات؛ إنهن بشر بالكاد، ويردن أن يدمرن الأسرة وهن أيضًا حسودات في السر» (١٩٨٧م: ٧٩). توبخ الأم المقيمة في البيت، في الحرب الثقافية على أدوار الأسرة، المرأة غير المتزوجة لجهلها بحقيقة أن أفضل حياة تأتي من العيش بانسجام مع المثل الأسرية التقليدية.
في هذا النموذج الصارم، يُفترَض أن النساء اللائي يضعن المهنة أو أية اعتبارات أخرى فوق العائلي لن يندمن فقط على اختيارهن، لكن ربما يجدن سلامة عقولهن في خطر. كما قالت ليديا سرجنت Lydia Sargent ساخرة:

الرسالة واضحة يا بنات، اقبلنها، نفذنها. أية بنت تصل إلى السادسة والثلاثين ولها مهنة، ولديها ألبوم صور لأبيها الميت، وليس لها أم تتحدث معها، وتكون من هواة الأوبرا، تعيش في شقة في حيٍّ قذر، ومصعد شحن ضخم، بدل أن يكون لها زوج محب وكلب وابنة فاتنة وبيت ريفي وكتاب طبخ جيد وفولفو وأرنب، بنت مصابة بالذهان تمامًا.

(١٩٨٨م: ٣٥)

على الرغم من أن خطاب سرجنت تحريضي بشكل متعمد، إلا أنه ثمة دليل قوي يدعم فكرة أن الفيلم يضع وحدة الأنثى بجانب الاختلال العقلي، ويرى أن بينهما علاقة عرَضية. يحدث التلميح الحقيقي الأول لذهان ألكس، على سبيل المثال، في ليلة الأحد حين يحاول دان أن يغادر شقتها ليعود إلى بيته. تتشبث بقميصه، وتضربه، وتقطع رسغيها، وقد صُمِّمت كل الأفعال البشعة والعنيفة لتجبره على البقاء والانتباه. أيضًا، بعد أن تلتقي ألكس ببيث في مظهر مشترية متوقعة للمنزل، يذهب دان إلى شقة ألكس ويطلب منها التوقف عن تصرفاتها. تحرص ألكس في البداية على أن تنال احترامه، وتذكره بأنها أم طفلِه. لكن حين يتحرك ليغادر، تُجَن مرة أخرى، وتتوسل: «لا تذهب من فضلك، لم أقصد ذلك.»

لا تتواءم، إلى حدٍّ ما، صورة ألكس، كامرأة تسعى فجأة بيأس للفت الأنظار لأنها ليس لديها أحد في حياتها باستثناء دان، مع الصورة السابقة لشخصيتها؛ حيث تبدو ألكس في البداية امرأة صاحبة مهنة مرموقة وحياة نشطة على ما يفترض. إلا أن الفيلم يبتعد فجأةً عما نسبه إليها في البداية، ويوضح أنه اتخذ وظيفة ألكس ذريعة لالتقائها صدفة مع دان. ولم يسمع المشاهدون، بعد اللقاءين الأولين بين دان وألكس (بالترتيب في حفلة الكتاب ولقاء عمل)، شيئًا آخر عن ألكس كمحررة، ولا يبدو لألكس أي متنفس عائلي أو اجتماعي آخر. كما تكتب ساندرا يوشيل:٨ «يصبح استقلالها عزلة: لا ترى أي أصدقاء أو زملاء أو علاقات. يقلب الفيلم منطقه الخاص، وقد رسَّخ صورتها كامرأة بدون رجل، ويصورها من جديد امرأة ترتبط حياتها كلها بشخص، حتى أننا لا نسمع صوتها إلا فيما يتعلق بعلاقتها مع دان» (١٩٩٢م: ٦٠). إن الإيحاء بأن ألكس ليست لديها أية علاقات شخصية أخرى باستثناء هذه العلاقة — بينما توجد بيث، في المقابل، في شرنقة اجتماعية دافئة لا تضم زوجها وابنتها فقط، بل تضم أيضًا أصدقاءها ووالدَيها — مما يعطي الأفضلية بوضوح لحياة المرأة المتزوجة على حياة المرأة العاملة غير المتزوجة. يُقدِّم، أيضًا، مفهومُ أن الروابط الأسرية تضمن حياة مفعمة بالحب والصحبة الإطارَ التفسيري للتصميم الذي تتصرف به في علاقتها مع دان؛ حيث يوحي بأن احتلال دور الزوجة والأم يوفر مدخلا لشبكة اجتماعية أوسع.
وتُبرَّر تصرفات ألكس، في صياغة الفيلم، برغبتها في أن تكون مثل بيث، وأن يكون لها ما لبيث. إن المزيج البشع من العزلة والحسد الذي يميز حياة ألكس يقودها على ما يبدو إلى شكل معين من سرقة الهوية، مع أنه يمكن تفسير الكثير من أكثر تصرفات ألكس اتساما بالذهان بأنها محاولات لتؤمِّن لنفسها مزايا الحياة الأسرية ومتعها. تطبخ ألكس عشاء دان، كما تفعل الزوجة التقليدية، وبعد ذلك، في إعادة صياغة شريرة لهذا الفعل، تطبخ الأرنب؛ ربما تأتي دعوتها لدان ليصحبها إلى عرض أوبرا «مدام بترفلاي» على أمل الاستفادة من «موعد ثابت» مما يتمتع به الأزواج؛ وأخيرًا، تسمح لها بعد الظهيرة التي قضتها مع بيث في شقة العائلة أن تقضي الوقت كما يفترض أن تفضيه بيث، تشرب الشاي وتنتظر وصول دان إلى البيت من العمل. ويمثل خطف ألكس لإلين أوضح محاولات الاغتصاب بالطبع، وهو فعل يقدم لألكس الفرصة لتقلد وضع بيث كأم على الأقل لبعد ظهيرة يوم واحد. يبرز تتابع القَطع دافع الأمومة عند ألكس بأنه يشبه دافع بيث، التي هي في الوقت ذاته منافستها ونموذجها. وتصبح المحاولات المتعددة التي تقوم بها ألكس لتسكن حياة بيث فريدة أيضًا، بمعنى الكلمة، حين تظهر ألكس في حمام أسرة جاليجر في نهاية الفيلم، حين تقول ألكس لبيث إنها «غبية»، وتسأل بيث ماذا تفعل بيث في منزلها، من الواضح تحت تأثير الهذاء٩ بأنها زوجة دان وبيث هي المقتحمة. وبينما قُصِد هذا التبادل للمواضع، بالطبع، للتأكيد على اكتمال الانهيار النفسي الذي تعاني منه ألكس، فإنه يصور أيضًا المدى الذي يصل به الفيلم إلى معركة الإناث حيث تَستهلِك المرأةَ العاملةَ غير المتزوجة فكرةُ الأسرة التي لا تتوفر لها حتى تبتكر نسخة مختلقة من حياتها حيث تتوفر لها.١٠
وطبقًا لمنطق الفيلم، تكون العنوسة مدخلًا للتعاسة والوحدة، وتقابل الصورة القانعة لبيث صورة ألكس كامرأة ترفض مواجهة النتائج العقابية لاختياراتها. ويبدو أن على بيث، على عكس ألكس، أن تتجنب أن تُحاصَر بأسئلة «ماذا لو»؛ تقضي بيث، راضيةً بوضعها، حياتها في سعادة ترعى ابنتها، وتجهز لمهام اجتماعية مع أصدقائها، وتسترخي في الريف مع أبويها، وتدهن منزلها الجديد وتزينه. وتجعل بيث، طبقًا لرأي ليانا بيبنر Liahna Babener، من «تكيف الزوجة علامة مميزة للزواج»، وتلاحظ بيبنر أيضًا أن بيث تقبل أولوية مهنة دان بدون شكوى، تتركه في عطلة نهاية الأسبوع في المدينة بدون اتِّهام، وتوحي حتى بأن في الثلاجة طعامًا له (١٩٩٢م: ٢٧). كنموذج لهذه العناية من قبل الزوجة، تعتني بيث أيضًا بنظرة الرغبة من دان والكاميرا: إنها حسية وتبدو متاحة جنسيًّا، حتى لو كانت متطلبات الحياة العائلية والاجتماعية كثيرًا ما تقف في طريق ألفة الزوجين. ويبرز تمجيد هذه التيمة أن لبيث حياة مريحة وسعيدة، ويصادق على الهويات الأنثوية التي ترتبط بالمعايير التقليدية للنوع. ولا يقدم الفيلم، في الحقيقة، إشارة إلى أن بيث ربة بيت من ربات البيوت المتحررات من الوهم اللائي يستشهد بهن في مسارات أنثوية عديدة، ومن أبرزها «السر الأنثوي The Feminine Mystique» من تأليف بيتي فريدان.١١ بينما ناحت فريدان على القيود التي تفرضها الأدوار العائلية الخانقة، تظهر حياة بيث، على العكس، كما لو كانت مفعمة بكل الحب والود والإثارة التي يمكن أن تتمناها طوال الحياة.١٢
fig8
العلاقة المثلثة بين بيث وألكس ودان تحاط هنا بإعاقة المشهد.
بينما تم الحديث كثيرًا عن حقيقة أن وضع ألكس كامرأة غير متزوجة يبرر يأسها، فمن المهم أن نلاحظ أن ألكس أيضًا امرأة عاملة غير متزوجة، ولما كان الوضع بهذا الشكل فمن الواضح أنها لا تلوم إلا نفسها على مصيرها، لأنها انشغلت لسنوات وساعتها البيولوجية تدق. وتتوافق هذه السمة غير المغرية التي تتصف بها ألكس كامرأة عاملة بدل أن تكون نموذجًا لأم، تتوافق بطرق ذات دلالة مع الروح الثقافية في الثمانينيات، ويُعرَف عهد ريجان عادةً بأنه عهد حرص على أن يقدم انهيار الأسرة، وبالتالي النساء العاملات، كبش فداء للأمراض الاجتماعية. إن عدم وجود تفسير مقنع للتدهور الرهيب في الأسواق الاقتصادية، وبالتالي في وضع الوظائف وفرصها، جعل ريجان يفسر الركود الاقتصادي في أوائل الثمانينيات، على سبيل المثال، بدخول النساء إلى سوق العمل. في حديث عام ١٩٨٢م لاحظ ريجان أن البطالة ليست نتيجة الانكماش الاقتصادي بقدر ما هي نتيجة «الزيادة الهائلة في أعداد من يدخلون سوق العمل، و — السيدات، أنا لا أتهم أحدًا، لكن …» (مقتبسة في فالودي، ١٩٩١م: ٦٧).١٣ نشأ العداء تجاه اندفاع النساء إلى سوق العمل، كما يشير هذا التعليق، من قلق حقيقي بشأن التنافس الثقافي وتدهور الأوضاع المالية — وجاء يوم الاثنين الأسود، الذي كان كارثة اقتصادية (حيث حدثت أعلى نسبة تراجع في البورصة في يوم واحد) في ١٩ أكتوبر ١٩٨٧م، بعد حوالي شهر من بداية عرض «الجاذبية المميتة»، وهكذا تزامن مع ارتفاع شعبيته.

وقع عبء المراقبة الاجتماعية، بطرق لا تُحصَى، على المرأة العاملة في الثمانينيات؛ تُلام، إضافةً إلى تورطها في الانكماش الاقتصادي، على ظهور عدد لا يحصى من الأمراض الاجتماعية، بما فيها تحول معايير الحياة في أمريكا، وانهيار الأسرة، والخيانة الزوجية، والأبوة المقصرة، وارتفاع معدلات الإجهاض، وزيادة حالات الطلاق. يبدو «الجاذبية المميتة»، بقدر ما يصف امرأة عاملة تغري دان بإقامة علاقة غرامية، مستخدمًا الزنا لتعريض الأسرة الصغيرة المحبوبة للانهيار، في صف مَن يعتقدون أن النساء العاملات يهددن الاستقرار العائلي. يبدو، أيضًا، أن ألكس ترغب بنشاط في تدمير أسرة لأهداف أنانية. بتصوير ألكس أنانية ومهووسة، أبرز الفيلم، الاعتداء الذي تقوم به ضد «قيم الأسرة» المعرضة للخطر وقاومه، وأبرز مجموعة الآراء المتبجحة التي تعتبر الخلاص الوحيد للأمة في أزمة. إذا كان تأسيس الأسرة من جديد في وجه القلق الاقتصادي والاجتماعي واحدًا من أهم انشغالات الأمة في الثمانينيات، يبدو الموت الدموي لألكس تحقيقًا قويًّا لرغبة.

بينما كانت اتفاقات المحافظين مع فيلم «الجاذبية المميتة» على أهمية الأسرة تُعتبَر مضادة لقوى الانحلال الاجتماعي التي تشكلها النساء المستقلات من أمثال ألكس، كانت النزعات المناهضة للمرأة تُعزَى أيضًا بشكل مباشر لمخرجه، أدريان لان. كان لان، الذي بدأ مخرج إعلانات تجارية، معروفًا بالفعل في هوليود بأفلام مثل «الرقص الخاطف Flashdance» (١٩٨٣م) وفيلم «تسعة أسابيع ونصف» (١٩٨٦م)، ويضفي كل منهما الجنس بشكل وقح على بطلاته ويجد متعة في مشاهد خضوع الأنثى. ظهرت المشاهد الجنسية البارزة في «الجاذبية المميتة» متوائمة مع أعمال لان، لكن الأكثر أهمية الاعتقاد بأن مَشاهِد لان، مشاهد النساء العاملات، التي تثير السخرية على نطاق واسع، تؤثر على وضع ألكس في الفيلم. دعت فالودي بشكل خاص لان لتبرير عبارات أشارت إلى أنه وجد أن حيوات النساء العاملات تتسم بالوحدة وعدم التحقق، وتقتبس عن لان بإسهاب عبارات عن كراهيته للنساء القويات («إنهن نوع من التعويض المفرط؛ لأنهن لسن رجالًا»)؛ إيمانه بأن النساء اللائي يحققن المساواة سوف يجدنها بلا معنًى («من المؤكد أنك حصلت على مهنتك وحققت النجاح، لكنك لم تتحققي كامرأة»)؛ واشمئزازه من النساء الجنسيات جدًّا («إنه نوع من عدم الجاذبية مهما يكن متحررًا ومنطلقًا»). وتقتبس فالودي عن مايكل دوجلاس أيضًا عبارات عن تعاطفه مع الرجال الذين كانوا أهدافًا غير مستحقة للحركة الأنثوية («يمضي الفتيان إلى أزمة مروعة فورًا بسبب الاحتياجات غير المبررة للنساء») (١٩٩١م: ١٢١). في القراءة الأنثوية التي قامت بها فالودي، يغذي «الجاذبيةَ المميتة» اعتقادُ لان ودوجلاس بأن النساء العاملات يضحين بأنوثتهن، وبالتالي يبرر الفيلم نظرة الذكر الذي ينظر إلى هؤلاء النساء بارتياب وعدوانية. وهذا الاقتباس الأخير، الذي يعترف فيه دوجلاس بتعاطفه مع «الضحايا» الذكور الذين يعانون من سطوة النساء المستبدات، له دلالة خاصة بهذا الشأن؛ لأن «الجاذبية المميتة»، من نواح متعددة وإلى حد بعيد، لا يحكي عن امرأة مهنية قوية بقدر ما يحكي عما تفعله امرأة مهنية قوية برجل.
توحي العدوانية التي يرى بها مخرج الفيلم ونجمه الأول النساء العاملات، وبالتالي النزعة الأنثوية، بأن النساء القويات في الفيلم يعاد عرضهن من خلال عيون الرجال، وهي نظرة تساعد على تفسير تشويه الفيلم للنساء اللائي يُصوَّرن باعتبارهن يحملن وجهات نظر أنثوية. كما تكتب يوشيل Joshel، يشيد الفيلم «نزعة أنثوية» يسلبها السلطة، «بإظهار أنها غطاء لتلاعب النساء بالرجال وعقابهن لهم» (١٩٩٢م: ٦١). وتماشيًا مع روح تناغمت دائمًا مع الطرق التي تهدد بها النزعةُ الأنثويةُ الرجالَ، يبرز الفيلم كل الأشكال المفترضة لتحرر ألكس لا بوصفها حريات بل بوصفها أكاذيب؛ حيث إنها تتظاهر بتلقائية واستقلال لا تشعر بهما حقًّا. وفي الحقيقة، برغم السكوت عن حقيقة أنها «تكره ذلك» حين يسدد الرجال إليها نظرات غرامية، يقال فيما بعد أن ما تريده حقًّا من دان «الاحترام»، الصحبة هي ما تريده ألكس حقًّا، وتثأر انتقامًا من إنكارها. أيضًا، يلبي حملها غرض لفت انتباه دان بصورة متكررة؛ كما تكتب يوشيل: «يتم توظيف الخطاب «الأنثوي» لكي لا يسمح بإنكار الرجل للعلاقة والسعي لجعله يتحمل مسئوليتها. ويصبح الإلحاح على أن يتحمل دان مسئولياته تجاه طفلها إلحاحًا على أن يبقى في حياتها. وخلال ذلك كله، ترتبط الكلمات الأنثوية بأوهام ألكس بشأن العلاقة» (١٩٩٢م: ٦١). وبينما لا يكون الإصرار على اعتراف دان بمسئولياته منافيًا للعقل تمامًا، إلا أن الفيلم يظهر هذا الإصرار بأنه وضع زائف للتحكم في الرجال، ومن ثم لا يعتبر المثاليات الأنثوية طلبات مبررة من أجل المساواة أو المعاملة العادلة، بل يعتبرها هذيان امرأة بائسة.
وبالرغم أن القانون ينص على أن يعترف دان بمسئوليته الأبوية، إلا أنه حين يأتي هذا التأكيد من ألكس يُختزَل ويُعتبَر مناورة تكتيكية صُمِّمت أساسًا لإثارة الفوضى في حياة دان. وكما تبين في الفصل الأول، تعتبر رغبة ألكس في إتمام الحمل حتى النهاية اعتداءً عليه، بدل أن تُعتبَر حقًّا من حقوقها. يزعم دان أن قرار ألكس بالاحتفاظ بالجنين اختيارها «ولا يخصني في شيء»، وهي عبارة زائفة تمامًا رغم ذلك. إلا أنه بدل أن يعرضها الفيلم بوصفها زائفة، يعتبر ألكس المخطئة؛ حيث تُعتبَر جهودها الشيطانية للفت انتباه دان برهانًا على انفصالها عن الواقع. تكتب بيبنر Babener: «بتأمل الوضع القهري لسلوكها وتطرف هجماتها، تفقد الشكاوى الأنثوية المعتادة مصداقيتها وتعتبر هذيان شخص معتوه، وتبدو الشخصية التي تمثل صوت الأنثوية نموذجًا بغيضًا» (١٩٩٢م: ٣٠). إن التلميح بوضع الطلبات الأنثوية على لسان امرأة يحتقرها الفيلم بجلاء يجعل النزعة الأنثوية وأنظمتها العقائدية تبدو على الفور سخيفة وماكرة ومناوِرة وحقيرة وجشعة وكذابة، وهكذا تعتبر الحركة بدقة، بكلمات المخرج وممثله، اعتداء غير مبرَّرٍ على رجال ليسوا موضع شك.
إن وضع عبارات ألكس مع مبادئ الأنثوية يصورها أنثوية نموذجية، إلا أن كل ما تفعله باسم هذا النموذج لا يبرهن إلا على القابلية للخطأ. وأيضًا لأن هذه الحكاية تركز على ما تفعله النزعة الأنثوية بالرجال، بدل أن تركز، مثلًا، على حقيقة النزعة الأنثوية، فإنها تدافع بقوة عن رجال تافهين مثقلين بالكثير من طلبات الإناث. ويؤيد الفيلم، قَلِقًا بشدة على الرجال الذين يُستهلَكون في حنق أنثوي جارف، الكاريكاتير المألوف عن الأنثوية الغضبَى التي لا مبرر لوجودها إلا الثأر الصاخب بأي ثمن. إن غضبَ ألكس سمتُها الأكثر ترويعًا؛ لأن دان يواجه امرأة لا حدود لعواطفها على ما يبدو، امرأة تصمم على المضي إلى نهايات غريبة جدًّا لتتأكد من أن الأخطاء التي اقترفت بحقها تَلقَى اهتمامًا علنيًّا. كما تلاحظ إلين ويلز Willis: «تتمثل السخرية الحقيقية في «الجاذبية المميتة» في أنه لم يقدم شيئا يتعلق بالشهوة أو الحب أو الخيانة أكثر من رجل يتوق بشكل رهيب إلى ملجأ من عاصفة الغضب الأنثوي» (١٩٨٧م: ٨٦).١٤ وبينما يتم الثأر من غضب ألكس بوضوح، لا يتم تقديم أي تبرير له. وكما تلاحظ إلين برلاند ومارلين ويشتر: «لا تقدم قصة الفيلم سببًا مقبولا لسلوكها المتردد بين الإغواء والغضب. ولا تقدم دليلًا يدعم التغيُّر المفاجئ من امرأة بدت في الأصل مهنية كفؤًا وجذابة إلى امرأة ظهرت هوجاء لا تسيطر على نفسها» (١٩٩٢م: ٤١). وبالتالي ينزع الفيلم الشرعية عن هذا التغير المفاجئ برفض تقديم تفسير كاف للتحول الذي يطرأ على ألكس من امرأة ناجحة إلى مجنونة ناقمة.
يستغرق الفيلم، رغم ذلك، وقتًا طويلًا لترسيخ تأثير غضب ألكس على دان. ويفعل ذلك بتأكيد أن غضب ألكس مطاردة ملحة من طرف واحد، وهي ملاحظة تتجلى بأفضل صورة في المشهد الذي تتبعه فيه إلى منزله الريفي؛ حيث تبدو وجودًا صائدًا مغتصبًا. تشاهد ألكس، مرتدية ملابس سوداء، مستترة فوق، ودان يصعد في مصعد مفتوح في الجراج حاملًا الأرنب، ويصل إلى سيارته المنتظرة التي صبت عليها الحمض. وحين يغادر دان الجراج في سيارة مستأجرة، تبدأ ألكس متابعته، وقد بدأ يسمع شريطها الذي وصل إلى مكتبه مبكرًا في ذلك اليوم. ينتقل المشهد في لقطات بين الاثنين وكل منهما يقود سيارته، ويقدم الشريط جسرًا صوتيًّا على ملامح الاثنين، وأسى دان يتفاقم. يبدأ الشريط بإلحاح ألكس على تداخل جسدَيهما، مذكرة دان بصورة موحية بأن «جزءًا منه يكبر داخلها» كما لو كان ذلك لتأكيد وجودها الذي يشبه سكوبس،١٥ تكرر ألكس: «أشعر بك، أتذوق طعمك، أفكر فيك، ألمسك.» من الواضح أن هذا الديالوج يثير اشمئزاز دان، كما تدل على ذلك ملامحه التي يبدو عليها الإحساس بالعذاب وقلقه وهو يمرر أصابعه في شعره. يصور هذا المشهد أيضًا ببراعة مفهوم الاختراق؛ لأن كلمات ألكس تخترق غطاء سيارته الذي يفترض أنه آمن، وتغمر دان. كما تكتب نعومي سيجال: «في هذه الفنتازيا المخترِقة بصورة تقليدية عن الانفجار الجنسي، موضوع المدخل الاضطراري هو الأنثى والعائلي: إنها تدخل بإصرار أكبر لأنها بالفعل وحدة احتواء، يخترقها الفضاء السيكولوجي للرجل وتخترقه» (١٩٩٧م: ٢٠٤).

وبسرعة يتحول المحتوى الذي سجلته ألكس على الشريط من ديالوج معبأ جنسيًّا إلى تذكير عنيف لدان بمسئولياته؛ تتهمه بأنه لا يفكر إلا في نفسه، وتنتقده؛ لأنه يرى متطلباتها «غير معقولة» إلى حدٍّ بعيد. (وهي هنا تردد كلامه السابق، حين طلب منها أن تعقل؛ لأنها «تعرف القواعد».) يستمر التعنيف اللفظي على لسان ألكس مع قولها لدان إنه: «مغرور ابن عاهرة.» وتعرض بعد ذلك اتهامًا قُصِد منه بوضوح النيل من ذكورته: «أراهن أنك حتى لا تحب الفتيات، أليس كذلك؟» يتحول مزاج ألكس من إخلاص متفانٍ إلى اتهام مبدئي إلى إساءة لفظية تبلغ ذروتها في استنتاجها الأخير (الذي يسمعه دان فيما بعد في تلك الليلة) بأن دان يخشاها. تقول: «تخشاني، أليس كذلك، ألست ابن عاهرة جبان، بلا قلب، ضعيف الشخصية؟» وبينما قد لا تكون ألكس مخطئة — دان يخشاها — إلا أن الاتهام يخصي دان؛ لأنه يشير إلى فشله المتكرر، وليس أقل فشل هو فشله في احتوائها بنجاح. يُظهِر المشهد التالي دان، كما لو أنه يؤكد عجزه عن التغلب على تهديد ألكس، يزور قسم بوليس باسم «صديق» تروعه امرأة تفتقر للعقل. يسخر ضابط البوليس ويقول له إنه ليس هناك ما يمكن أن يقوموا به حتى يمسك دان بها وهي تفعل شيئًا واضحًا، ويضيف: «إنه سريره، وعليه أن يذهب لينام فيه.»

ينبع المنطق الذي يدعم تتابع لقطات القيادة، وفي الحقيقة المنطق الذي لم ترضَ عنه الأنثويات في الفيلم ككل، من تكريسه لانحراف امرأة شهوانية، وإحساسه بأنه حين تريد النساء شيئًا تخرج تلك الرغبة حتما عن السيطرة. كما لاحظت الناقدة السينمائية بولين كيل بحدة: «يلمس هذا الفيلم العنيف أيضًا شيئًا أعمق من خوف الرجال من النزعة الأنثوية: خوفهم من النساء، خوفهم من مشاعر النساء، من تعلق النساء بهم» (١٩٨٧م: ١٠٦). ويوجه هذا المنظورُ الذكري الاتهامَ للعقيدة الجوهرية للنزعة الأنثوية باستحقاق النساء والرجال لفرص متساوية؛ تعاد صياغة هذه العقيدة في «الجاذبية المميتة»؛ لتبين أن النساء، إذا منحن الفرص نفسها، فسوف يتصرفن بعنف مُخزٍ لأنهن أقل استعدادًا من الرجال لممارسة اختياراتهن أو حرياتهن. وقد أصيبت ألكس بالجنون، على ما يبدو، لأنها قامت باختيارات تؤدي بدورها إلى خيبة الأمل، ويذكرنا وجودها الطاغي بأن رغبات الأنثى يمكن أن تتحول إلى هيمنة تامة، تطفح فوق القمة.

يكشف النقد الأنثوي بدوره المعيار المزدوج المستخدم في هذه الصيغة، فمن المؤكد أن الرجال في «الجاذبية المميتة» تقدم لهم حيوات جنسية ومهنية، ولا يطلب منهم، كما يطلب من النساء في هذا الفيلم، الاختيار بين حيواتهم الشخصية ووظائفهم. ويبدو أن المحور الذي ترتكز عليه حيوات النساء يُعتبَر أمرًا مسلَّمًا به بالنسبة الرجال. ويُفترَض أن افتقار ألكس إلى الارتباط بالنظام الاجتماعي يرجع إلى عملها، بينما ارتباطات بيث مضمونة؛ لأنها لا تعمل. من الواضح أن شخصيات الإناث تتحمل وطأة هذا النظام الذي لا يعرف المساواة: حتى إذا بدا أن الفيلم ينتهز كل فرصة لتأكيد عنة دان، إلا أن دان يبقى رجلًا له مزايا ومداخل لا تُحصى، مزايا تُنكَر على النساء في الفيلم. يتطلب المنطق الأنثوي إذن أن يُنَصَّ على ما هو واضح: برغم كل ما «يعاني» منه دان، لا تزال البطريركية المؤسسية تدعم وضعه في النظام الاجتماعي وتؤكد على إعادة أسرته إليه.

يقدم تطبيع هذا المعيار المزدوج إطارًا نموذجيًّا أيضًا لأسباب رغبة المشاهدين في العفو عن دان، وطلب الانتقام من ألكس. بسبب علاقة غرامية، يلوم الفيلم امرأة غير متزوجة يُفترَض أنها لا تخدع أحدًا حين تشرع في هذه العلاقة القصيرة، على النقيض من دان الذي يخدع الجميع، إلا أن الفيلم يوحي بأن ألكس؛ حيث إنها لا تملك خصائص تعويضية، تستحق أن تعاني وأن تموت. تنبع المتعة، جزئيًّا، في مشاهدة ألكس وهي تنال القصاص من حقيقة أن الفيلم لا يقدم للمشاهدين سببًا يجعلهم يرغبون في تبرئتها، بينما يقدم الكثير من المبررات لتبرئة دان. وكما نناقش في القسم التالي، يتناغم وضع دان بوصفه «رجل عادي» مع هذه الآلية حيث يجلب له التعاطف ويتحاور داخل النص مع صورة النجم مايكل دوجلاس كرجل كثيرًا ما كان ضحية، وبصورة جائرة، لنساء قويات.

الرجل العادي والمرأة العاملة

يوضح مايكل دوجلاس، في اللقطة الدعائية الوثائقية للاحتفال بمرور ١٥ سنة على عرض «الجاذبية المميتة»، أنه كان أقدر على الاندماج في الشخصية بعد أن لاحظ أن هناك «خاصية من طراز بدائي» في دان جاليجر. يصف دوجلاس تفكيره حين يدرك «كان يمكنني أن أكون محاميًا في مدينة نيويورك، ربما كان يمكن أيضًا أن أقيم علاقة غرامية، وربما حدث لي ذلك الكابوس.» كان وصف دان بأنه «رجل عادي» ارتكب خطأً مميتًا مفتاحًا لفتنته؛ لأنه، كما اعترف منتجَا «الجاذبية المميتة»، كان من أصعب التحديات التي واجهاها أن يجعلا دان عاطفيًّا، حتى لو كان الفيلم عن رجل متزوج يخدع زوجته في أول خمس عشرة دقيقة من التمثيل.١٦ إن مسألة أن يكون دان شخصًا عاديًّا ومن ثَم نجاح الفيلم معلق على قدرته على تصوير دان بشكل يمكن تصديقه كشخص عادي يندفع فجأة في ظروف استثنائية بصورة درامية. وكما يوضح لان: «أنت واحد منهم. أنت جلن أو مايكل. أنت عادي، لكن إذا دُفِعتَ … من يعرف؟ الموقف في هذا الفيلم روتيني تمامًا. يقيم رجل علاقة غرامية قصيرة، وتصبح المرأة حيوانًا مجنونًا. يمكن أن يحدث ذلك لأي شخص» (هيرشبرج Hirschberg، ١٩٨٧م: ١٤).١٧ ما قد يكون استثنائيًّا في «الجاذبية المميتة» هو كيفية ترجمة تلك الرسالة عن «الاعتيادي» على الشاشة بصورة جيدة؛ حيث رفض المشاهدون توبيخ دان باعتباره وغدًا غشاشًا، وبدلًا من ذلك يعتبرونه رجلًا لا يستحق البؤس الذي يلحق به. تشهد مراجعة في «ناشونال ريفيو»١٨ لجون سيمون John Simon على استجواب الفيلم بنجاح لمشاهدين على هذا المستوى، ويكتب في إحدى المراجعات: «يمكن أن يحدث هذا لأي رجل متزوج، كما بدا أن آهات الذكور المتعاطفين بشدة تشهد على ذلك» (١٩٨٧م: ٥٧).

هكذا تحدد الحكاية بإفراط، وبصور متعددة، الرسالة بأنه ينبغي على المشاهدين ألا يعتبروا دان زير نساء غير متبلد بل أن يعتبروه زوجًا ودودًا تعذبه غلطة واحدة، وهي سمة تعتمد على حقيقة أن دان لا يسعى للعلاقة الغرامية. إنه، بالأحرى، يقع فيها عبر سلسلة من الصدف المتزامنة: وجود ألكس في اجتماع العمل الذي يحضره صباح السبت، والعاصفة الممطرة بعد ذلك، ومظلته التالفة، والقرار الذي اتخذه هو وألكس بالانتظار بعيدًا عن العاصفة في مطعم قريب. ويبدو، أيضًا، أن علاقتهما أول غلطة لدان خارج العلاقة الزوجية، وألكس عمومًا هي التي تلاحقه جنسيًّا؛ تدفعه جسديًّا إلى البناية التي تسكنها، ومما يدل على توتر دان جنسيًّا بوضوح أنه يقول «أحمدك يا رب» بعد أول إطراء من ألكس لبراعته الفائقة. تصر ألكس، أيضًا، على أن يقضيا يومًا آخر وليلة معًا بعد غزوتهما الأولى ليلة السبت، وتلجأ لمحاولة انتحار في مناورة لتجبره على البقاء معها. يرسِّخ أيضًا اهتمامُ دان بأسرته في أعقاب العلاقة الغرامية (إن لم يكن أثناءها) مسألةَ أن دان شخص عادي، يشعر بندم واضح حين يدرك أنه عرَّض زوجته وطفلته للخطر، خاصة حين يزور بيث في غرفتها بالمستشفى بعد حادث السيارة، ويجلس بجوار سريرها والدموع في عينيه. كما يبوح لصديقه وهو يعترف بعلاقته الغرامية: «لا أريد أن أفقد أسرتي.» بينما يقدم الفيلم أحيانًا صورة متعارضة للقيود التي ترفضها الحياة العائلية؛ فهو في هذه النقطة جَلِي: بعد إدراك أن ألكس تنوي إفساد حياة دان بكل الطرق الممكنة، لا يريد شيئًا أكثر من أن ينسى أنه ارتكب هذه الحماقة.

تتحقق قيمة دان على حساب ألكس؛ لأنه كلما كانت إصابتها بالذهان أقوى، كان أكثر إنسانية. في هذا يبدو أن العلاقة بين الشخصيتَين عكسية: كلما زاد غضب ألكس بهتت صورتها كضحية، وبدوره يبدو دان أكثر إنسانية. وكما تبرهن جويس ثمبسون: «لا يكفي أن يكون البطل عاديًّا، يجب أن تستحق التوبيخ من تقوم بإغوائه. كلما كانت الأسرة التي تفسدها ألكس أكثر مثالية، كلما كانت كريهة أكثر» (١٩٩٢م: ٨). يشجع الفيلم، باستدرار العطف من حقيقة أن غضب ألكس ومكرها يتغلبان على دان، وتقدير أن دان لا يتحمل مسئولية المصائب التي تلحق به. وطبقًا لهذا المنطق، يحدث سقوط دان على يدي امرأة قوية حانقة تلحق به الأذى في كل منعطف.

يتوافق وضع دان أيضًا، كمخطط أيديولوجي، باعتباره ضحية لحنق أنثى، بدل أن يعتبر ضحية لمصيره، مع لحظة ثقافية ركزت على التساؤل عما يعنيه للرجال تزايدُ الاستقلالِ الثقافي والاقتصادي للنساء، وقد أصبح مايكل دوجلاس، ويعود الفضل في ذلك أساسًا إلى دوره في «الجاذبية المميتة»، الشخصية النموذجية الأصلية «للذكر المغلوب على أمره». ويمثل هذا النموذج الأصلي شيئًا من تضخيم خصائص صورة دوجلاس كنجم في أوائل ثمانينيات القرن العشرين وإعادة صياغة هذه الخصائص، الخصائص الأكثر بعثًا على اليأس أو الخصائص البارزة؛ لأن دوجلاس قام، قبل تقديم شخصية دان، بأدوار أُعِدَّت فيها الذكور لخوض المعارك، وينتصرون في النهاية، ومن أمثلة ذلك وضعه في دور البطل المغامر المثير جاك كُلْتون في «مغازلة الحجر» (١٩٨٤م) وفي «جوهرة النيل» (١٩٨٥م).١٩ وبصورة مماثلة، أصبح دور دوجلاس في شخصية جودون جيكو المهووس في «وول ستريت» (١٩٨٧م)٢٠ صورة كنائية لسلب الشريك («الجشع رائع»)، ويعود الفضل في ذلك إلى عدم خضوعه لتقلبات المناورة الاقتصادية. إلا أنه يمكننا أن نبرهن على أن الخاصية البارزة لتقلبات دوجلاس كبطل مثير وكمغولي شريك تكشف بشكل غير متعمد الارتفاع الذي يجب أن تصل إليه الذكورة لتحتفظ بقدرتها الكلية المتبجحة.
ربما يمكن رؤية النقطة المهمة في تحول دوجلاس من القوة إلى القوة المفرطة في أفضل أشكالها في دور أوليفر روز، الزوج التعيس الناجح ماديا في «حرب الورود» (١٩٨٩م)؛ حيث ينهمك في مناورة مدمرة وفي معارك عنيفة، وصعبة مع من ستصبح بعد وقت قصير الزوجة السابقة بربارا (كاثلين تُرْنر).٢١ ولأن تُرْنر كانت أيضًا حبيبته في فيلم «مغازلة الحجر»، يقدم «حرب الورود» نصًّا متداخلًا مع تلك العلاقة وملحقًا ساخرًا لها. يلعب الاثنان، في هذه الكوميديا السوداء بعد الرومانسية، دور رفيقَين متشاحنَين يقود طلاقهما كلا منهما إلى أفعال عدوانية فظيعة ضد الآخر، وإلى إلغاء مقرهما المشترك نهائيًّا. وقد ترك وصف دوجلاس بأنه هُزِم إلى حد ما على يدي زوجته الحقودة في وضع ملائم لأوصاف الضحية الذي يغلب على مسيرته المهنية بعد ذلك.
كشف «حرب الورود» ببصيرةٍ عن دوجلاس كشخص يمكن أن يمثل المعركة بين الجنسين أمام جماهير عريضة. وكانت هذه القدرة على ترجمة حروب النوع، وخاصة على استدرار التعاطف مع الذكور المهزومين، مهمةً بشكل خاص في عالم يفقد باستمرار روابط المساواة لرسم هويات النوع بصياغة جديدة. وإذا كانت النجاحات التي حققتها الأنثى، النجاحات التي عرضناها في هذا الفصل، تركت الثقافة الأمريكية في حالة خوف من ألا تبقى احتياجات الرجال ورغباتهم واضحة في عالم «يحكمه» طموح الأنثى، فقد جاء نمط شخصية دوجلاس ليمثل الطرق المتعددة لإدراك حرمان الرجال حديثًا من حقوقهم في ظل هذا النظام الجديد للنوع. ويحيط هذا الافتقار إلى المزايا بمايكل دوجلاس في دور دان جاليجر، مما جعله يتجاوز عددًا من أدوات النجم دوجلاس، بما في ذلك أدواره التالية في فيلم «الغريزة الأساسية» (١٩٩٢م)، وفيلم «السقوط» (١٩٩٣م)، وفيلم «الإفشاء» (١٩٩٤م)،٢٢ ويصور كل منها دوجلاس ضحيةَ نُظُم لم تَعُد تتعاطف مع حقوق الرجل الأبيض. وكما تكتب ليندا روث وليمز: «يصوَّر غالبًا ممثِّلًا للذكورة المتصدعة المأزومة والتدهور الملازم في السلطة الثقافية والاجتماعية للذكر» (٢٠٠٥م: ١٧٧).

يقوم دوجلاس في «الغريزة الأساسية»، على سبيل المثال، بدور شرطي لحق به العار، ويروعه انجذابه للمؤلفة كاترين ترميل (شارون ستون)، وهي امرأة مميتة يشتبه أنها قتلت رجالًا بدون ندم. يوضع مرة أخرى بين الفتاة الطيبة والفتاة الشريرة، ويجد الرجل سيئ الحظ في هذه الصورة أنه لا يستطيع مقاومة الانحراف متعدد الأشكال للمرأة المميتة أو ميولها الجنسية الغريبة. إلا أن الفيلم يذكِّر المشاهدين في الوقت ذاته، خاصة في اللقطة الأخيرة الشهيرة التي تصور معول جليد تحت السرير، بالرجال المتدافعين الذين يدفعون لمداعبة هؤلاء النساء. وتعزز أيديولوجيًّا مماثلة فيلم «الإفشاء»؛ حيث يجد دوجلاس نفسَه ضحية ميرديث (ديمي مور)، وهي زميلة في العمل طموحة قاسية، نشأت بينه وبينها علاقةٌ من قبل. تحاول إغواءه مرة أخرى، ومع أنه يرفض عروضها بنجاح، إلا أنها تغضب من رفضه وتسعى للانتقام، وتجبره على رفع دعاوى تحرش جنسي ضدها. وهكذا يؤكد الفيلم الاقتصاديات القلقة التي تبدو مقدَّرة لحرمان الرجال من حقوقهم، راصدًا طوال الوقت كيف تشغل النساء الخاصيات مواقع الهيمنة. يُظهِر فيلم «الإفشاء» الرجال، ساخرًا من حقيقة أن الرجال العاديين لا يستمتعون بأي من المزايا البطريركية المفترضة، ضحايا أساسيين في المجتمع، وهي ملاحظها تؤكدها حبكة ثانوية عن تهديد البطالة والفصل. مرة أخرى، يفهم «الإفشاء» مكاسب الأنثوية من خلال قصة معادية تؤمن بأن النساء اغتَصبن — بدون وجه حق — وظائف الذكور وقدرتهم.

يربط الفشل المتكرر الذي تواجه شخصية دوجلاس أدواره السينمائية معًا؛ سواء كان أعزب مدمَّرًا كما في «الغريزة الأساسية»، أو رب أسرة فاشلًا في «حرب الورود» و«الجاذبية المميتة» و«السقوط» و«الإفشاء» و«المقايضة»٢٣ (٢٠٠٠م)، تصوره أدواره عمومًا ونساء بلا ضمير يسلبنه مزاياه أو يطاردنه أو يهزمنه بالمناورات في كثير من الأحيان، إضافةً إلى أنه حيث إن النساء مريضات وكثيرًا ما يكنَّ مخبولات، ليس من قبيل الإسهاب أن نقول إنهن يثرن استجابات مرعبة بصورة مبررة، يفتقر عالم تحت رحمة النساء القويات، طبقًا لهذا النموذج، إلى الاستقرار الخلقي. وتتناغم هذه الصور، عمومًا، مع معاداة الأنثوية؛ لأنها تصور المكاسب الأنثوية بأنها تُجرِّد النساء، لا محالة، من الأنوثة وتقود تعاطف الجمهور لصالح الضحايا الذكور الذين تسلب حقوقهم بشكل منظم وحتمي.
وهكذا يمكن لنا تشبيه ألكس فورست بالنساء العاملات الأخريات الهاذيات، أو بطريقة أخرى بالمضللات اللائي تواجهن شخصية دوجلاس، نساء تعرضن للاستياء من ثقافة ليست سعيدة بوضعهن الجديد أو أدوارهن.٢٤ بدأت هؤلاء النساء يحتللن، أيضًا، تشكيلة متنوعة من الأشكال الثقافية الجماعية، وتحاورت صورة كلوز في «الجاذبية المميتة» مع أفلام أخرى عن المرأة العاملة (أو أفلام «المرأة الجديدة») التي ظهرت في اللحظة الثقافية نفسها تقريبًا. صورت أفلام مثل «طنين الطفل» (١٩٨٧م)، و«أخبار مذاعة» (١٩٨٧م)، و«الفتاة العاملة» (١٩٨٨م)، و«الأم الطيبة» (١٩٨٨م)، و«البريئة المفترضة» (١٩٩٠م)،٢٥ صورت المهنيات اللائي يراجعن تطلعاتهن المهنية، في معظم الأحيان؛ لأنهن يقابلن رجلًا يعلمونهن أن يقللن أعمالهن، أو لأنهن يعاقبن على طموحات جنسية أو مهنية يعتقد أنها لا تناسب المرأة. كما تبرهن أمليا جونز Amelia Jones، تبدي أفلام المرأة الجديدة تصميمًا عميقًا على القضاء على الاستقلال المهني والجنسي للمرأة المستقلة، وتحفزها أوهام الذكور بشأن انهيار القواعد التقليدية التي تحكم البنى الجنسية. وهكذا تؤمن بأن هذه الأفلام «تعمل على عقاب هؤلاء النساء المنحرفات أو إعادة تشكيلهن في إطار البنى العائلية التقليدية» (١٩٩١م: ٢٩٧). وبينما يوضح المصير الدموي الذي تلاقيه ألكس أنها تُعاقَب بدل أن يتم إصلاحها، يقف «الجاذبية المميتة» نموذجًا أصليًّا لحكاية تطلعات الأنثى التي ذهبت بعيدًا وكانت (برغم إعلان المنتجين العكس) بصعوبة قصة فردية شاذة عن امرأة عاملة واحدة أصيبت بالجنون.
بدلًا من ذلك، تكمل ألكس عرض النساء السينمائيات نجمات الأفلام التي تتمحور حول مسألة كيفية حل المشكلة الفريدة للنساء العاملات، عرض الإناث اللائي احتجن إعادة تأهيل سينمائية لتخليصهن من ادعاءات مكسب اقتصادي أو ثقافي. تُقدِّم قوة دين كيتون الجائعة لجي سي ويت J. C. Wiatt في «طنين الطفل»، على سبيل المثال، درسًا عن فضيلة كرم الأم، درسًا يقدم عبر وراثة طفل غير متوقع. يظهر هذا الجيشان في الانتقال إلى فيرمونت،٢٦ وهجر مهنة مجزية، وصديق فظ يعمل بديلًا ليوبيين٢٧ هزليين يشغلون وجودها كواحدة من سكان منهاتن. بينما يدفع «طنين الطفل» أنثاه الطَّموح بودٍّ إلى التوسل من خلال سلسلة من المكافآت العاطفية، إلا أن المصائر ليست وردية تمامًا بالنسبة لنساء يوصفن بأنهن طموحات جنسيًّا واقتصاديًّا. تأخذ سيجورني ويفر، التي تلعب دور الريسة القاسية الغدارة، كاترين باركر، في «الفتاة العاملة»، تأخذ «حمارها النحيل» الذي قدم لها حين تفقد وظيفتها وصديقها إلى تيس مكجيل (ميلاني جريفيث)، ويكافئ الفيلم الشخصية المثابرة غير المهدِّدة التي تتمتع بها تيس بتسلق سلم الترقية. ويؤسس «البريئة المفترضة»، أيضًا، قصته حول التحقيق في مقتل كارولين بوليموس (جريتا سكاتشي)، مدعية حذرة وعدوانية جنسيًّا تقتلها، كما نعرف في النهاية، زوجةُ الرجل الذي كانت تقيم علاقة غرامية معه. يتصادم مصير كارولين بوضوح مع مصير ألكس، وكما تلاحظ أمليا جونز، يبتكر «الفيلمان» المرأة الجديدة باعتبارها صورة هزلية لأنوثة مذكَّرة حتى يمحقاها، كما لو كانا يبرهنان على أن قدرة المرأة على أن تكون معززة مهنيًّا وجنسيًّا لا تُحتمَل (١٩٩١م: ٣٠٧). أيضًا، تُقتَل كلٌّ من كارولين وألكس بيد زوجة حبيبها؛ حيث لا تستطيع النساء اللائي يتمتعن بأنوثة تقليدية تحمل الانتهاكات العائلية التي اقترفتها المرأة العدوانية. وتوحي، عمومًا، هذه الحكايات المعادية بأنه يمكن حل لغز طموح الأنثى ونجاحها بصورة مُثْلَى بإنكار السماح للمرأة الطموحة بالاستمرار كما هي، سواء بإعادتها بالإكراه إلى البنى البطريركية التقليدية من خلال العار أو الإعاقة أو، بالعكس، بقتلها.
وبرغم أن «الجاذبية المميتة» لم يهتم بحل «إعادة التأهيل أو الإبعاد» كحل لمشكلة المرأة العاملة صعبة المراس، إلا أنه كان أكثر فيلم جماهيري يتشكك بوضوح في مثل هؤلاء النساء، وقد ثبت أن محاولته فرض الرقابة على ألكس وتقريعها ناجحة بوحشية. تجنب الفيلم، بتقديم ألكس بصورة هزلية دعت المشاهدين إلى كراهيتها، التعقيدات المتراكمة للقضايا الحقيقية التي تواجه النساء العاملات، طوال الوقت يستفيد من حقبة ثقافية لم يكن المشاهدون يقتنعون خلالها كثيرًا بالنظر بازدراء للمرأة العاملة. تقدم خسة ألكس الصريحة، وتصميمها على محق منافسيها الرومانسيين، تقدم بسهولة للمشاهدين تبريرًا كافيًا لسوء نيتهم ضدها، ولمن يحولون بكفاءة المخاوف الثقافية المحيطة بالنساء العاملات إلى لهو خال من الشعور بالذنب، لهو الغضب العقابي. وهكذا يحقق المشاهدون ذلك بالطريقتين: من الممتع أن يكرهوا ألكس، المرأة العاملة الصعبة التافهة، ومن الممتع بشكل خاص ألا يشعروا بالذنب وهم يفعلون ذلك.٢٨

نهاية … عودة

ربما يوجد أفضل مثال لمحاولات الفيلم عقاب المرأة العاملة في التنقيح المتعدد لنهاياته المتعددة؛ حيث يقلل تجسيد بعد تجسيد خطورة مصير دان ويرفع، بالتالي، حدة مصير ألكس. كانت النهاية المُرضِية الصارخة لفيلم «الجاذبية المميتة»؛ حيث تموت ألكس بوحشية في النهاية بطلقة أطلقتها بيث من مسدس، النهاية الرابعة التي تكتب للفيلم، وتمثِّل أمرًا مسلَّمًا به لاختبار المشاهدين، وكانوا قساة في مطالبتهم بأن تلقى ألكس مصيرًا شنيعًا يناسب جريمتها. تشير عملية المحاولة والخطأ في «الجاذبية المميتة» إلى حكاية خلقية حيث جاءت النقطة النهائية في الفيلم ليبعث الحفاظ على القوة البطريركية إحساسًا بأن النهايات الأولى التي كتبت للفيلم لم تحظَ بالقبول.

كانت النسخة الأصلية التي كتبها جيمس ديردن لفيلم «الجاذبية المميتة» تسمى «غراميات القلب Affairs of the Heart»، وكانت ألكس فورست تُسمَّى إيف روبين Eve Rubin، وهي تسمية استدعت إغواء حواء الكتاب المقدس والتراث اليهودي،٢٩ وقد تعرض كل منهما لتغيير جذريٍّ في عملية التنقيح. وفي هذه النهاية، التي لم تصور أبدًا، تنتحر ألكس بغرس سكين طولها تسع بوصات في بطنها، وتنجح في إظهار أن دان هو الذي قتلها؛ لأن بصماته لا تزال على السكين. لا يظهر أي دليل لتبرئته وتنتهي هذه النسخة بعدمية خالصة؛ حيث إنه برغم اعتراض دان بأنه لم يقترف عملية القتل، إلا أن يد العدالة تنزل عليه بسرعة وبقسوة. ويأتي المشهد في النسخة الأصلية من السيناريو على النحو التالي:
دان : أنا بريء. أقسم بالرب، أنا بريء!

(في زنزانة السجن في الليل.)

(يقف دان في مدخل زنزانة صغيرة. يستدير ليواجه الكاميرا.)

دان : أنا بريء!

(يُغلَق باب الزنزانة في وجهه.)

(قطع إلى السواد.)

(مقتبسة في وليمز، ٢٠٠٥م: ١٨٥)٣٠

ولأن هذه النهاية تجعل دان «يدفع» ثمن جرائمه، فهي تتحدى السلطة البطريركية بطرق غير مسبوقة. ترفض أن تترك دان يفلت بدون عقاب على إساءته لألكس، وبدلًا من ذلك يقدم رؤية لعالم يعاقب الأخطاء العشوائية بانتقام قاسٍ. ربما نبرهن، بالطبع، على أن نهاية من هذا النوع توحي بأن أوهام الذكر مبررة؛ لأن ألكس حتى في قبرها تسبب الهلاك. ومع ذلك، تبقى النهاية مبهمة مثل مصير دان؛ حيث إنها توحي بأن العقوبة سوف تقوض ما كان حتى الآن امتيازه السهل.

fig9
في النهاية الأصلية للفيلم، تتحرك ألكس وتصور الأمر على أن دان قام بقتلها.
ومع أن هذه النهاية استبعدت بسرعة، إلا أنها كانت ملهمة للنهاية التي خُطِّط لها وصُوِّرت؛ حيث تحدث إلى دان وأسرته ثلاثةٌ من ضباط الشرطة في الساحة الأمامية وقالوا إن عنق ألكس مقطوع بسكين تحمل بصمات دان. وبعد ذلك ابتعد البوليس بدان. في البداية، كان من المفترض أن يكون هذا هو المشهد قبل الأخير (الأخير مشهد قتل ألكس) غير أن لان أضاف بعد ذلك نسخة من تتابع اللقطات أكثر تسامحًا إلى حدٍّ ما حيث يطلب دان من بيث الاتصال بأحد زملائه في العمل. وأثناء التقليب في أجندة العناوين الخاصة بدان في مكتبه في العلية، تجد بيث الشريط الذي أرسلته ألكس لزوجها. تستمع بيث للشريط، وهي تتصل بالتليفون، وتسمع ما يعادل اعترافًا من ألكس. كما تقول ألكس، ببرود: «سأقطع في المرة القادمة أعمق. سأقتل نفسي. سأفعل. لم يبقَ لي شيء دان. لا شيء، لا شيء.» وبطريقة الحل الرباني،٣١ بصورة كلاسيكية، يفترض أن شريط ألكس سوف يمحو ما لحق باسم دان.
تُفترَض هنا براءة دان، لكنها لا تظهر أبدًا بصورة فعلية. وبيث تغادر المنزل لتطلق سراح دان، تنادي لإلين من بعيد، وينتهي الفيلم بفلاش باك لانتحار ألكس، وهي تجلس على أرضية حمامها الأبيض، وتقطع عنقها على أنغام «مدام بترفلاي». تربط هذه النهاية، بطرق عديدة، التيمات المتنوعة التي طورها الفيلم — السكين التي أمسك بها دان وتركها على طاولة ألكس هي نفسها السكين التي تستخدمها لتلفق له التهمة، وتقدم الانفعالات التراجيدية في «مدام بترفلاي» الموسيقى التصويرية لانتحار ألكس.٣٢ إلا أن المشاهدين الأمريكان الذي شاهدوا التجربة لم يرضوا تمامًا عن هذا الحل لعقدة الفيلم، ربما لأن ألكس تصبح الشخصية التراجيدية الرئيسية في الفيلم، بدلًا من دان أو الأسرة التي عرَّضتها للأذى. قال لان، أثناء عرض الفيلم في سياتل وسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، إنه تفهم إحساس الامتعاض بين مشاهدي التجربة، ووافق ديردن على أن النهاية «لم» تكن «مطهرة». يوضح ديردن: «نما لديهم إحساس بكراهية هذه المرأة في هذا الوقت، لدرجة أنهم أرادوا أن ينال [دان] بعض الجزاء» (مقتبسة في فالودي، ١٩٩١م: ١٢٢).٣٣ أيضًا، تبرهن وليمز على أن «ما شعر به مشاهدو العرض التمهيدي المحبطين كان نوعًا من عدم اكتمال الجماع السينمائي» (٢٠٠٥م: ٥٦). وباستدعاء الممارسة الجنسية، كانت هذه المحادثات تشبه الإحساس بسير الفيلم باتجاه الأورجازم، والفيلم الجيد، مثل الجنس الجيد، يخلق انبثاق التوقع ويتابع هذا الانبثاق حتى الاكتمال. اشتملت هذه المقارنة، رغم ذلك، على نصٍّ ثانوي مُعَادٍ للنساء بشكل متعمد حيث، كما تبرهن جويس ثمبسون: «يوحي اختيار الكلمات هنا بالحاجة إلى التحرر الجنسي والعاطفي معًا وهو ما يمكن أن يتحقق بفعل عنيف ضد المرأة التي دُفِعوا إلى كراهيتها (١٩٩٢م: ١٣). وبهذه الكلمات، من الصعب ألا نعتبر الهزيمة النهائية التي تعرضت لها ألكس لحظة قذف ليس فقط بالنسبة لدان، ولكن أيضًا بالنسبة لبيث، وقد تبنَّت، بمعنًى ما، القضيب وهي تطلق النار على ألكس.
المليون وثلاثمائة ألف دولار التي صُرِفت على التعديلات التي تم تصويرها بعد شهر من انتهاء تصوير الفيلم، أدت إلى الاستسلام للرغبة في التطهير والعقاب كما قدما كعرض درامي للقوة التي يُفترَض أن تساعد على إعادة بناء الوحدة العائلية المحطمة. إلا أنه برغم أن هذه النهاية حظيت بشعبية، فقد ساد اعتقاد على نطاق واسع يقلل من القيمة الفنية للفيلم ككل. بالنسبة للكثيرين، أكد تتابع اللقطات الأخيرة للحمام أن الفيلم انحدر إلى إثارة متوقعة، وأن منتجي «الجاذبية المميتة» ونجومه ومخرجه عبروا عن ازدواجية بشأن مسألة إن كانت النهاية المنقحة تتوافق بالفعل مع بقية الفيلم.٣٤ ومن المدهش، برغم حقيقة أنهم هم الذين أصروا على النهاية البديلة، أن ينسب لان والمنتجان ستانلي جيف وشيري لنسنج تفاعل المشاهدين لدافعهم المحفز. يتجه التفسير المنظم لتعديل الفيلم إلى الصدمة المفترضة للمبدعين بأن المشاهدين انتابهم شعور شديد بالغضب تجاه ألكس، وهو غضب شعر المنتجان أن عليهما تبنيه بدورهما. قال لان عن ألكس: «كانت عواطفي معها لفترة أطول مما كانت مع المشاهدين. رأيتها شخصية تراجيدية وحيدة» (هِرْشبرج، ١٩٨٧م: ١٤). وبصرف النظر عن سياسية الصناعة التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار، فإن تفسير الأمر بأن المشاهدين كانوا وراء طلب حل مختلف تفسير مهم؛ لأنه يبين كيف استجاب الفيلم للمعركة حول الهويات الأنثوية، بدل أن يبتكرها ويؤججها. كثيرًا ما يعتبر «الجاذبية المميتة»؛ حيث يُفترَض أن يلبي احتياجًا ثقافيًّا بدل أن يبتكر احتياجًا، دليلًا على رغبة عميقة محجوبة بالكاد من جانب المشاهدين الأمريكيين لرؤية انتصار وحدة العائلة الصغيرة على الفوضى التي تفرضها امرأة عاملة غير متزوجة. ويتجنب هذا الوضع التقليدي برشاقة الطرق العديدة التي يستخدمها الفيلم لتأجيج هذه الرغبات المثيرة للمشاكل وقيادتها، ويغفل الدور الذي يواصل لعبه في الإبقاء على معارك النوع بأكثر المصطلحات الممكنة إثارةً للخلاف.

أكدت النهاية الجديدة، أيضًا، أنها كانت معركة يجب أن تخاض بين النساء؛ لأنها تذعن لاحتياج واضح لمواجهة بين النساء المتشاحنات، مسلمة لألكس بموتٍ مذهل يستثني الرجل العنين. كان الفيلم، في الحقيقة، يميل في هذا الاتجاه حيث تقول بيث لألكس إنها إذا اقتربت من أسرتها مرة أخرى فسوف تقتلها. تواجه النهاية الجديدة، متوافقة مع هذا التهديد، قضية غضب الأنثى وانتقامها، وتعترف بدورها أن التنافس بين بيث وألكس يعتبر المبارزة الأساسية في الفيلم. يتناول الفصل الخامس كيف أن هذه المعركة الهشة بمثابة حكاية خلقية عن الحركة الأنثوية في حقبة ما بعد الأنثوية، تعيد تصوير القضايا الأنثوية بوصفها صراعًا بين النساء. ويعتبر الفيلم نوعًا من إشباع الرغبة؛ حيث تحمل المرأة العاملة وطأة القلق الثقافي وتعاني نتيجة لذلك معلنة لحظة مهمة في حروب النوع الدائرة؛ لأنه أكَّد من خلال الانتصار الدموي تفوُّقَ النساء اللائي تخضع حيواتهن للأعراف الثقافية.

١  العنوان الأصلي: Career Women of the 1980s: Feminism and the Reception History of Fatal Attraction.
٢  ليديا سَرْجنت Lydia Sargent (١٩٤٢م–…): كاتبة أمريكية، نشطة في الحركة الأنثوية الأمريكية. (المترجم)
٣  كشف المشاهدون عن نواياهم تجاه مصير ألكس جيدًا بعرض كورس من التعليق الحي. بينما من المفترض أن «اقتل العاهرة» كان أشهر لازمة، إلا أن فالودي تقتبس صيحات أخرى مثل «افعلها يا مايكل. اقتلها بالفعل» و«مَرِّغ وجه العاهرة» (١٩٩١م: ١١٢). وقدم المخرج أدريان لان دليلًا آخر على العاصفة التي أثارتها ألكس، وتبجح بأنه سجل اتهام المشاهدين المستثارين بشدة لتقدم الأنثى. (المؤلفة)
٤  حركة المحافظين الجدد neo-conservatism: الإشارة هنا إلى المحافظين الجدد في عهد ريجان، وحركة المحافظين الجدد حركة فكرية وسياسية تدعو إلى نزعة محافظة في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية، وقد ظهرت معارضة للنزعة الليبرالية في ستينيات القرن العشرين، وتمثل حركة المحافظين الجدد في الثمانينيات إحياء لحركة المحافظين الجدد في الخمسينيات التي كانت بدورها إحياء لفلسفة العصر الجديد New Era في العشرينيات. (المترجم)
٥  بعد ذلك بعشرين سنة تراجعت «نيوزويك» بجراءة عن المقولة، مزينة غلاف عدد ٥ يونيو ٢٠٠٦م بسطر استرضائي: «لماذا أخطأنا». (المؤلفة)
٦  يبدو أن عمر السادسة والثلاثين محفوف بالمخاطر بصورة خاصة بالنسبة لنساء السينما الأمريكية، ربما لأن من المفترض أنه بالوصول إلى هذه النقطة تقل قدرة النساء على الإنجاب بحدة. تعد البطلة المجهولة الاسم في «ربيكا Rebecca» (١٩٤٠م) زوجها المتوقع بأنها «لا يمكن أبدًا أن تكون في السادسة والثلاثين». (المؤلفة)
٧  مس Ms.: مجلة أمريكية تهتم بقضايا المرأة. (المترجم)
٨  ساندرا يوشيل Sandra Joshel: أستاذة مساعدة في قسم التاريخ في جامعة واشنطون. (المترجم)
٩  الهذاء delusion: فكرة خطأ ثابتة ومستقرة في الذهن بصرف النظر عن الأدلة على عدم صحتها، والهذاء من الأعراض الأساسية التي يتسم بها مريض الذهان. وإذا اتفقنا مع وصف ألكس بأنها مصابة باضطراب الشخصية البينية، وهو في رأينا التشخيص الأقرب إلى الصواب، فمن أعراض هذا الاضطراب في الشخصية الدخول في نوبات ذهانية قصيرة من وقت لآخر، وهو ما يفسر تقلباتها أيضًا. (المترجم)
١٠  فكرة أن النساء غير المتزوجات يكبحن إحباطًا شخصيًّا بمحاولة سرقة حياة امرأة مرتبطة تردد صداها بصورة مماثلة في «أنثى بيضاء غير متزوجة Single White Female» (١٩٩٢م) وفي «اليد التي تهز المهد The Hand That Rocks the Cradle» (١٩٩٢م). وتبرز هذه المسارات النساء اللائي يستمتعن باستمرار بصحبة الذكور و/أو إنجاب الأطفال كمواضيع للحسد، ويبرهن على صحة فرضية أن عدم وجود مدخل لمثل هذه العلاقات يمكن أن يحول النساء غير المرتبطات إلى مجنونات. (المؤلفة)
١١  بيتي فريدان Betty Friedan (١٩٢١–٢٠٠٦م): كاتبة أمريكية، من قيادات الموجة الثانية في الحركة الأنثوية في الولايات المتحدة. (المترجم)
١٢  في السيناريو الأصلي الذي كتبه جيمس ديردن، كانت بيث مدرسة في إجازة لرعاية ابنتها، وكانت آنذاك تخطط للعودة إلى العمل. يعدل «الجاذبية المميتة» صورتها إلى أم مقيمة في البيت بدون طموحات مهنية واضحة (أو دليل على أنها كان لديها هذه الطموحات في الماضي) مما يعزز إدراك أن الفيلم رسم خطوطًا صارمة ودائمة بين النساء المقيمات في البيوت ومَنْ يعملن خارج البيوت. (المؤلفة)
١٣  توجد لقطة لريجان وهو يقدم هذا الحديث في عرض تليفزيون AMC، «أفلام هزت العالم»، أثناء مناقشته المناظرات الأنثوية التي أحاطت بفيلم «الجاذبية المميتة». (المؤلفة)
١٤  بينما وجدت الكثيرات من الأنثويات الأنثوية الفيلم مزعجًا؛ لأنه يقف بوضوح بجانب رجال يفترض أنهم ضحايا، وقد ثملت أخريات من الصورة القوية لغضب الأنثى. بمقارنة ألكس بالروح الشريرة Lilith في الكتاب المقدس، المرأة التي أطلقت ٥٠٠ عفريت، تؤكد كارن دُرْبين Karen Durbin بمرح أنهما كلتيهما تعترفان «بأن فنتازيا ذكر خائف مذنب لا تستطيع أن تسيطر على امرأة طيبة طوال الوقت … إذا جسدتا خوف الذكر، فهما تعترفان أيضًا بغضب الأنثى» (١٩٨٧م: ٩٠). (المؤلفة)
١٥  سكوبس succubus: عفريتة يعتقد أنها تضاجع الرجال أثناء نومهم. (المترجم)
١٦  كانت مشكلة أن يكون دان عاديًّا في الحقيقة العقبة الرئيسية في الفيلم؛ حيث إن جاي Guy بطل ديردن في «الانحراف Diversion»، الذي تعتمد عليه شخصية دان، كان زير نساء لا يحظى باحترام النساء، كما توضح جويس ثومبثون Thompson، رفض مدراء الإنتاج الفيلم على هذا الأساس، وقد مرر المدير التنفيذي الرئيسي مايكل إيسنر Eisner «الجاذبية المميتة» في البداية لأنه اعتقد أن دان لا يثير التعاطف بشكل كافٍ. (المؤلفة)
١٧  حدد لان أيضًا بشغف الأماكن في الفيلم حيث صاغ تصرفات أسرة جاليجر وما يحيط بها على آليات عائلته الخاصة، ومن ثَم تشهد على رغبته في جعل هذه الوحدة العائلية تبدو «عامة» أو «عادية» قدر المستطاع. (المؤلفة)
١٨  ناشونال ريفيو National Review: مجلة أمريكية تصدر كل أسبوعين، أسسها وليم باكلي Buckley سنة ١٩٥٥م. (المترجم)
١٩  مغازلة الحجر Romancing the Stone: فيلم من إخراج روبرت زيمكيس Robert Zemeckis. جوهرة النيل Jewel of the Nile: فيلم من إخراج لويس تيج Lewis Teague، ويبدأ من حيث انتهى «مغازلة الحجر»، ويقوم مايكل دوجلاس في الفيلمين بدور جاك كُلْتون Jack Colton. (المترجم)
٢٠  وول ستريت Wall Street: فيلم من إخراج أوليفر ستون، ويقوم مايكل دوجلاس فيه بدور جودون جيكو Gordon Gekko. (المترجم)
٢١  حرب الورود War of the Roses: فيلم أمريكي من الكوميديا السوداء، من إخراج داني ديفيتو Danny DeVito وقد قام أيضًا بتمثيل دور جافين دي أماتو Gavin D’Amato. والفيلم من بطولة مايكل دوجلاس في دور أولقر روز Oliver Rose كاثلين تُرْنر Kathleen Turner في دور بربارا Barbara. (المترجم)
٢٢  الغريزة الأساسية Basic Instinct: انظر هوامش الفصل الثاني. السقوط Falling Down: من إخراج جوي شوماخر Joe Schumacher، بطولة مايكل دوجلاس وروبرت دوفال Duvall. الإفشاء Disclosure: من إخراج باري ليفنسون Barry Levinson، بطولة مايكل دوجلاس في دور توم ساندرز Tom Sanders وديمي مور Demi Moore في دور ميرديث جونسون. (المترجم)
٢٣  المقايضة Traffic: فيلم من إخراج ستيفن سودربرج Soderbergh، وبطولة مايكل دوجلاس في دور روبرت ويكفيلد Wakefield، ودون شيدل Don Cheadle في دور مونتل جوردُن Montel Gordon. (المترجم)
٢٤  إن تصوير كلوز لامرأة من هذا النوع ليس حتميًّا كما قد يبدو اليوم. في أفلام مثل «العالم في رأي جارب The World According to Garp» (١٩٨٢م)، و«الرجفة الكبيرة The Big Chill» (١٩٨٣م)، و«الطبيعة The Natural» (١٩٨٥م)، لعبت كلوز شخصيات ملائكية وأمومية ومبدئية، وكانت عمومًا مناسبة لدور امرأة ملهمة للرجال وليست مرعبة لهم. إلا أن دورها كمحامية دفاع في «الحافة المتعرجة Jagged Edge» (١٩٨٥م) يأتي أقرب إلى صورة ألكس؛ حيث تظهر امرأةً وحيدةً مطلقةً وتشعر بيأس شديد من صحبة الذكور فتنام بشكل متكرر مع موكلها، وهو رجل متهم بقتل زوجته بوحشية. تظهر كلوز، في هذا الدور، معوَّقة جدًّا نتيجة احتياجاتها الجنسية والعاطفية حتى أنها لا تلاحظ أن حبيبها قاتل. إلا أن منتجي «الجاذبية المميتة» لا يزالون متشككين بشأن أن تكون كلوز قاسية أو شريرة بما يكفي لأن تلعب دور ألكس، وكان على كلوز أن تناضل بحماس من أجل الدور. ومن اللافت أن أحاديث النجوم تروي تجربة الأداء التي تُشبِع كلوز بحس العناد الجدير بألكس؛ حيث ذكرت الصحافة أنها ضمنت الدور بطموحها وتصميمها. (المؤلفة)
٢٥  طنين الطفل Baby Boom: فيلم كوميدي، من إخراج تشارلز شاير Shyer، وبطولة دين كيتون Diane Keaton وهارولد رميس Ramis. أخبار مذاعة Broadcast News: فيلم رومانسي كوميدي، من إخراج جيمس بروكس Brooks، بطولة هولي هنتر Holly Hunter وألبرت بروكس. الفتاة العاملة Working Girl: فيلم رومانسي كوميدي، من إخراج مايك نيكول Mike Nichols، بطولة ميلاني جريفيث Melanie Griffith وتقوم بدور تيس مكجيل Tess McGill وهاريسون فورد Harrison Ford في دور جاك ترينر Trainer وسيجورني ويفر Sigourney Weaver في دور كاترين باركر Parker. الأم الطيبة The Good Mother: من إخراج ليونارد نيموي Nimoy، بطولة دين كيتون وليام نيسون Neeson. البريئة المفترضة Presumed Innocent: من إخراج ألن باكولا Alan Pakula، بطولة هاريسون فورد في دور Rozat Sabich وبرين دينهي Brian Dennehy في دور ريموند هورجان Horgan وجريتا سكاتشي Greta Scacchi في دور كارولين بوليموس. (المترجم)
٢٦  فيرمونت Vermont: ولاية تقع في شمال شرق الولايات المتحدة على حدود كندا. (المترجم)
٢٧  يوبي Yuppie: راجع هامشًا سابقًا. (المترجم)
٢٨  مثل صورة دوجلاس باعتباره «كل رجل»، صورة كلوز كامرأة عاملة منتقمة تصادف أن كانت بطرق كثيرة لحظة حاسمة في مهنتها. بعد هذا الدور، ظهرت كلوز في شخصية الماركيزة دي مرتوي Marquise de Merteuil الغادرة في «ارتباطات خطيرة Dangerous Liaisons» (١٩٨٨م)، وشخصية كريلا دي في Cruella de Vil قاتلة الجراء puppy-killing في «١٠١ من يوغسلافيا ١٠١ Dalmatians» (١٩٩٦م) و«١٠٢ من يوغسلافيا ١٠٢ Dalmatians» (٢٠٠٠م). وقد تأسس بداية عمل ألكس في التلفزيون على صورتها كامرأة تعبث flirts بالقانون، في ظهورها ضيفة لموسم في دور ضابطة الشرطة مونيكا رولنج Monica Rawling في «الحجاب The Shield» (٢٠٠٤-٢٠٠٥م) وفي دور المحامية عديمة الضمير باتي هيويز Patty Hewes في «الأضرار Damages» (٢٠٠٧م–…). (المؤلفة)
٢٩  اسم إيف Eve يعني حواء، ومن هنا جاء الكلام عن استدعاء حواء الكتاب المقدس. (المترجم)
٣٠  النهاية الأصلية لفيلم «الأمان المزدوج Double Indemnity»، وهو فيلم من كلاسيكيات السينما السوداء يقتبس منه «الجاذبية المميتة» الصور المثيرة والتيمات، انتهى أيضًا على نغمة وحشية مماثلة. في هذا المشهد يدخل ولتر نيف Walter Neff غرفة الغاز؛ ليواجه الموت، عقابًا له على قتل زوج عشيقته فليس Phyllis. (المؤلفة)
٣١  الحل الرباني deus ex machine: في الدراما اليونانية والرومانية، هبوط إله على خشبة المسرح بآلة ليحل الحبكة أو يخلص البطل من موقف صعب. (المترجم)
٣٢  تم عرض الفيلم في اليابان بهذه النهاية، إلا أن دور العرض الأمريكية وحدها هي التي قامت بعرض النسخة المعدلة. (المؤلفة)
٣٣  الإحساس بأن المشاهدين لم يستطيعوا احتمال النهاية الأصلية تردد صداه أيضًا في المراجعات النقدية. برغم حيوية القيمة الفنية للمشاهد الأخيرة المنقحة، برر ديفيد دنبي Denby في صحيفة «نيويورك» التغيير بتوضيح أن المشاهدين كانوا في حاجة إلى «التخلص من عبء عناية امرأة تثير السخط» (١١٨). (المؤلفة)
٣٤  ناضلت جلن كلوز بقوة على ما يبدو من أجل عدم تغيير النهاية الأصلية، وقد عبرت بعد ذلك في تسجيل عن رأيها بأن ذلك كان انتهاكًا كاملًا لشخصية ألكس. وتقول كلوز إنها لم ترَ ألكس أبدًا باعتبارها امرأة قاتلة، وقد شعرْتُ بأن تحويل ألكس إلى قاتلة جعلها شخصية «رتيبة». وقد رفضت كلوز حتى في البداية أن تصور النهاية البديلة، لكن تم إقناعها في النهاية. (المؤلفة)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤