الفصل الرابع والعشرون

كسب رضا الجماهير وولائهم

مديحُ الآخرين لك أشدُّ وَقعًا من مديحك لنفسك.

ويل روجرز
حدث شيءٌ مضحك أثناء كتابة هذا الفصل. استحوذت شركة سيلز فورس (@salesforce) على شركة إجزاكت تارجت (@ExactTarget) التي أعمل بها، وهما شركتان مبنيتان على عقلية «العميل أولًا». جعلني هذا أفكر في مبادرة أطلقناها عام ٢٠٠٨ تُسَمَّى «قاعدة المشتركين!» وكانت المبادرة نتاج جلسة لتبادل الأفكار بين رئيس قسم التسويق تيم كوب (@TBKopp) واثنين من زملائي شديدي الذكاء هما مورجان ستيوارت (@mostew) وتشيب هاوس (@CEHouse). أوضحت «قاعدة المشتركين!» إيماننا المشترك بأن التسويق بالإذن يمكن تقسيمه إلى ثلاثة مبادئ: «خدمة» الأفراد و«احترام» اختياراتهم الفريدة، و«تقديم» محتوًى ذي صلة وفي حينه يجعل حياتهم أفضل.
كانت لدينا فكرة لتمثيل المبادرة بالكامل بصورة واحدة: رمز لغة الإشارة المقابل لكلمة «الحب»، الذي يشير به أيضًا «معجبو» المطربين الموسيقيين بفخر في الحفلات. وقد كَرَّرَتْ هذه الدلالةُ الرمزية المزدوجة في رءوسنا فكرة أن واجبنا كمسوقين هو «خدمة» المستهلكين و«الاحتفاء» بهم؛ لأن إذنهم هو مصدر الإثراء الأكبر لكثير من جهود التسويق الأكثر فعالية في الوقت الحالي. بلغت مبادرة «قاعدة المشتركين!» ذروتها من خلال توزيع آلاف النسخ من صورة اليد البرتقالية اللون المصنوعة من الفوم التي تشبه شعار «قاعدة المشتركين!» (انظر شكل ٢٤-١). في الواقع، إذا مشيت في قاعات إجزاكت تارجت اليوم أو تصفَّحت صفحتنا على إنستجرام، فسترى عددًا ليس بالقليل من «موظفينا» و«عملائنا» و«شركائنا» الذين يرفعون بفخر شعار «قاعدة المشتركين!»
fig16
شكل ٢٤-١: شعار «قاعدة المشتركين!»

في السنوات التي تلت إطلاق «قاعدة المشتركين!» ترسخت مبادئها في ثقافة الشركة. وعند استحواذ سيلز فورس على شركتنا، وجدنا أنفسنا متماشين مع روح مشابهة تُرَكِّز على مساعدة كل شركة في «التركيز على العميل». وكان قدرًا رائعًا للغاية في حقيقة الأمر، ولكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة المحمولة، طرأت على ذهني فكرة أننا بحاجة إلى إضافة مبدأين إضافيين لفلسفة «قاعدة المشتركين!» لكي تعكس الحاجة إلى التركيز على العميل في الوقت الحالي: «مفاجأة» الجماهير بإمكانية وصول غير متوقعة، و«إسعادهم» بالسمات الإنسانية للشركة التي تتمثل في تقديم مزايا إضافية لعملائها.

ظلَّ هذان المبدآن لفترة طويلة شعارًا لخدمة العملاء ومؤيدي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعملان على زيادة الولاء وبناء «المُرَوِّجين». ولكن طرأت على ذهني فكرة أن إضافة هذين المبدأين تعني أن «قاعدة المشتركين!» تطوَّرت إلى أداةً أكثر حيوية في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والأجهزة المحمولة؛ حيث يمكنك من خلالها كسب رضا الجماهير وولائهم مما يجعلهم بُوقًا يروِّج لك على نطاقاتٍ أشمل.

والآن، تَأَمَّل الأسباب الكامنة وراء كل مبدأ:
  • (١)

    «خدمة الفرد»: يصبُّ التسويق الآن في خدمة العملاء؛ فوسط نشاط وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها، ثمة عملاءٌ يمدون أيديهم طلبًا للمساعدة، حتى في هذه اللحظة. ليس كافيًا خدمة الجماهير فحسب؛ إذ يجب علينا استخدام التكنولوجيا لتوقع الاحتياجات الفردية. يجب أن نسعى لتقديم خدمة متناغمة عالية الجودة فيما نقوم به.

  • (٢)

    «احترام التفضيلات الفريدة من نوعها»: يسيطر المستهلكون الآن على مفتاح فتح/غلق كل قناة رقمية تقريبًا. يجب أن نطلب الإذن منهم، ونحترم قراراتهم، ونستخدم البيانات الضخمة المتوفرة لدينا لصالحهم؛ فالمستهلك هو ملك يجلس على «عرش مخملي أحمر ناعم».

  • (٣)

    «تقديم محتوى ذي صلة وفي حينه يُطَوِّر حياة جمهورك إلى الأفضل»: لدى جماهيرنا الخاصة توقعاتٌ وانتباه محدود؛ إنهم يريدون منا التثقيف والترفيه. وقد احتشدوا في ساحة عملنا في انتظار المحتوى الذي وُعِدوا به.

  • (٤)

    «مفاجأتهم بإمكانية وصول غير متوقعة»: في إمكان «المعجبين» المتحمسين اليوم أن يكونوا «مُرَوِّجين» لعلامتك التِّجارية في لحظة، ثم يصبحون امتدادًا لموظفي خدمة «العملاء» في اللحظة التالية. أزِل الحدود التي تصنع عقلية «نحن مقابل هم»، واحْتَفِ بقيمة الأشخاص المتحمسين داخل المؤسسة وخارجها.

  • (٥)
    «إسعادهم بتقديم مزايا إضافية»: لم يعد يمكن للعلامات التِّجارية أن تبقى مجرد هياكل جامدة؛ ففي وجود وسائل التواصل الاجتماعي، يتعيَّن على العلامات التِّجارية أن تسمح لإنسانيتها أن تبرز في الوقت الحقيقي مع أناس حقيقيين. وهذا يعني تقديم الخدمة التي يُضْرَب بها المثل بغض النظر عن تحقيق عائد فوري على الاستثمار أو عدم تحقيقه (#JustBecause).

ربما تكون تلك المبادئ المستنَد إليها في التعامل مع العملاء أدواتٍ تساعد في الوصول بجهود فريق تنمية الجماهير الخاصة في إشراك الجماهير إلى آفاقٍ جديدة. دعنا نُلْقِ نظرة على كل مبدأ مع الإشارة إلى بعض الشركات التي تُطَبِّق هذه المبادئ في الوقت الحالي.

(١) خدمة الفرد

ما نقصده هنا هو التعامل مع «التسويق كخدمة»، فنحن لا نبيع الأدوات فحسب، بل نساعد العملاء على تلبية احتياجاتٍ حقيقية. ونفعل ذلك لأنه في العالم الاجتماعي حيث تنتشر وسائل الإعلام المكتسبة، كل خدمة مقدَّمة إلى «العميل» تُرْسي أساسًا ليصبح «مُرَوِّجًا».

وجهودنا في تنمية الجماهير الخاصة تدعم مبدأ «الخدمة أولًا» هذا من خلال منح شركتك وسائل مباشرة ومخصَّصة للتفاعل مع «العملاء الحاليين» و«العملاء المُحتمَلين» على نطاق واسع. كما أنها تُرَسِّخ أيضًا الأساس لمبدأ «الإفادة»، وهو مصطلح صاغه جاي باير عام ٢٠١٢ وموضوع كتابه الصادر عام ٢٠١٣ الذي يحمل العنوان نفسه.1
يعني مفهوم «الإفادة» أن أفضل التسويق هو ما يقدم خدمة للعملاء:
الفرقُ بين المساعدة والبيع كبيرٌ للغاية. وعلى شركتك أن تصبح مفيدة. إذا بعت شيئًا، فإنك تصنع عميلًا. وإذا ساعدت شخصًا، فإنك تصنع عميلًا يظل لديك مدى الحياة.2
عندما يكون كل ما يتعلق بالعلامات التِّجارية محدَّثًا باستمرار وفي منافسة شرسة ومروَّجًا له اجتماعيًّا، فإنه يتعيَّن علينا «خدمة الأفراد» وإلا سنُحَفِّز ضدنا عددًا من المنتقدين شديدي اللهجة. وفيما يلي بعض الأمثلة الحديثة على الكيفية التي يمكن للعلامات التِّجارية من خلالها «خدمة الأفراد» الموجودين ضمن جماهيرها الخاصة:
  • «سخان المياه جيو سبرينج الهجين «المتحدِّث» من إنتاج جنرال إلكتريك»: أضافت جنرال إلكتريك (@GE) إلى منتجاتها إمكانية «التحدُّث» إلى مالكيها عبر نظام «نوكيلوس» لإدارة الطاقة. في حالة سخانات المياه جيو سبرينج، يرسل السخان تنبيهاتٍ خاصة بالصيانة عن طريق الرسائل النصية أو أحد تطبيقات الهواتف الذكية. والنتيجة هي خدمة شديدة التخصيص «للعملاء» وزيادة المبيعات والولاء للعلامة التِّجارية.3
  • «إعلان نيفيا المطبوع الذي يعمل كشاحن بالطاقة الشمسية»: في البرازيل، قدَّمت نيفيا (@Nivea) إعلانًا مطبوعًا على الغلاف الخلفي للمجلات يعمل كشاحن للهاتف المحمول بالطاقة الشمسية. ما رأيك في خدمة كهذه لمستهلكي الأجهزة المحمولة اليوم؟ قدَّم الإعلان للمستهلكين حلًّا لمشكلة الكهرباء لأجهزتهم المحمولة، بينما حوَّل «القُراء» أيضًا إلى «مُرَوِّجين» في العالم المحيط بهم.4
  • «رسائل البريد الإلكتروني للصانعين من موقع كاستم ميد دوت كوم»: ساعد موقع كاستم ميد (@CustomMade) على ربط الحرفيين المَهَرَة («الصانعين») مع «العملاء» لصنع إبداعاتٍ فريدة من نوعها. وبالإضافة إلى استخدام مقاطع الفيديو لمشاركة قصص الصانعين المُذهلة، حرصت كاستم ميد على إطلاع «العملاء» باستمرار على مدى التقدم الذي يحرزه الصانع عن طريق الصور وتحديثات البريد الإلكتروني. وتسهم هذه العملية المتسمة بالشفافية في تحويل «الباحثين» إلى «عملاء مُحتمَلين»، و«المشتركين» إلى «عملاء»، والجميع إلى «معجبين» و«مُرَوِّجين» لهذه الشركة المتخصِّصة في المصنوعات اليدوية العالية الجودة.

يتردد مفهوم التسويق كخدمة عبر جميع أطياف الجماهير الخاصة وكذلك وسائل الإعلام المدفوعة والمملوكة والمكتسبة. كما يضعك أيضًا في موضع رائع للتعامل مع المبدأ الثاني من مبادئ التعامل مع العملاء: احترام التفضيلات الفريدة من نوعها.

(٢) احترام التفضيلات الشخصية

تخيَّل ملكًا أو ملكة جالسًا على العرش ممسكًا صولجانًا في يده ومتقلدًا على رأسه تاجًا مُرصَّعًا بالجواهر بينما كل رعاياه رهن إشارته. هذا هو العالم الذي تعمل شركتك فيه اليوم، إلا أنك لست الشخص الذي يعتلي هذا العرش.

بفضل القنوات الاجتماعية والأجهزة المحمولة المتصلة بالإنترنت، اقتحم المستهلكون هذا العالم واعتلوا العرش منذ فترة طويلة؛ فالمستهلكون يمكنهم الآن باستخدام هاتف ذكي الدخول إلى مكتبك أو مطعمك أو متجرك والوصول إلى معلوماتٍ تتعلق بعملك أكثر من أذكى مندوب مبيعاتٍ لديك.

تتحقق سعادة الملوك والملكات من المستهلكين من خلال «احترام تفضيلاتهم الفردية». وهذا يقضي على الشعور بأنهم مجرد أرقام مجهولة بالنسبة إلى شركتك، ويزيد أيضًا من احتمالية التسويق الشفوي الإيجابي. ويكون ذلك من خلال الاستفادة من «التكنولوجيا والبيانات» لتقديم خبراتٍ شخصية في كل قنوات وسائل الإعلام المملوكة. تتضمن الأمثلة في الوقت الراهن ما يأتي:
  • «التخصيص لجماهير الأجهزة المحمولة من موقع بيوند ذي راك»: يستخدم متجر البيع بالتجزئة عبر التخفيضات السريع النمو اهتمامات «المشتركين» وسلوكيات الشراء والمخزون الفعلي من أجل تقديم محتوى لتطبيق التسوق عبر الأجهزة المحمولة ورسائل بريد إلكتروني ليست مخصَّصة لكل فرد فحسب، ولكن تؤكِّد أيضًا أن المنتج متوفر بالفعل. وهذا يُعَزِّز إصرار المتسوقين، والمبيعات كذلك.

  • «توصيات المنتجات الدراسية»: بإثبات أنَّ «الكلب العجوز يمكن أن يُعلِّمك حيلًا جديدة»، فإنه يمكن لبائع الكتب الذي مضى على عمله في هذا المجال ما يقرب من قرن أن يستفيد من محرك توصياتٍ للمساعدة في تخصيص توصيات المنتجات للمتسوقين على شبكة الإنترنت والبريد الإلكتروني على أساس ما إذا كان «المستهلك» مُعلِّمًا أو ولي أمر أحد الطلاب.5
  • «تطبيق قناة الطقس للأجهزة المحمولة»: يتاح «للمشتركين» من خلال أحدث نسخة من تطبيق قناة الطقس (@WeatherChannel) الحائز على جوائز رسم خرائط لمسارات القيادة وعرض تنبيهاتٍ من هيئة الأرصاد الجوية الوطنية (@usNWSgov) على الشاشة الرئيسية للجهاز المحمول على أساس المكان الفعلي.
إنَّ مبدأ «الاحترام» هو في الواقع تحقيق الرؤية التي وضعتها دون بيبر (@DonPeppers) ومارثا روجرز (@Martha_Rogers) منذ أكثر من ٢٠ عامًا في كتابهما الإبداعي «مستقبل التسويق المباشر». ومع ذلك، إذا كان العقدان الماضيان قد عَلَّمَا المسوقين شيئًا ما، فهو أن التكنولوجيا وحدها لا يمكن أن تُغَيِّر عقليات وسائل الإعلام الجماهيرية إلى التفكير المركِّز على العملاء. وهذا يتطلب أشخاصًا يمتلكون:
  • (١)

    «رؤية» لرسم مسار نحو برامج التسويق المباشر.

  • (٢)

    «بيانات دقيقة عن المستهلكين» تُستخدَم في الوقت المناسب.

  • (٣)

    «ذكاءً تكنولوجيًّا» لاختيار حلول برمجيات التسويق المناسبة ودمجها لتقديم خبراتٍ شخصية مع العلامة التِّجارية على نحو صحيح.

كما قلت سابقًا، لا جدوى من البيانات مهما بلغت ضخامتها إذا كانت خاطئة أو غير مُستخدَمة. وستزيد السنوات القادمة من سهولة تحقيق وعد «التسويق المباشر». والسؤال الوحيد هو: هل تتعامل شركتك بانضباطٍ واحترام مع الإذن الصريح والتفضيلات الشخصية لكل مستهلك حتى تجعل ذلك المستقبل واقعًا ملموسًا؟

(٣) تقديم المحتوى المناسب

يستدعي المبدأ الثالث إلى الأذهان صورة المسرح الكلاسيكي المليء بالمفروشات الذهبية الأنيقة المزخرفة والمقاعد المخملية الحمراء. وإنني لمحظوظ هنا في مسقط رأسي في كليفلاند، حيث أستطيع أن أزور مركز بلاي هاوس سكوير (@PlayhouseSquare) لرؤية ما لا يقل عن خمسة من هذه المسارح، لكلٍّ منها شخصيته الفريدة. ومع ذلك، بغض النظر عن المسرح، فإن الجمهور يتوقع دائمًا أن يرى العرض الذي وُعِدَ به. يحضر جميع الجماهير مَحْدُوِّين بالرغبة في تحقيق توقعاتهم، أو الأفضل من ذلك، تجاوزها.

***

تحدو جميع الجماهير الرغبة في تحقيق توقعاتهم، بل الأفضل من ذلك، تجاوزها.

***

لتحقيق أهدافك فيما يخص تنمية الجماهير الخاصة، يجب على شركتك أن تلبي التوقعات التي حددتها مع كل جمهور خاص أو تتجاوزها. وهذا ليس بالأمر الهين؛ فنحن نعيش في عصر يمكن فيه أن يتصدر الغضبُ المحلي من خدمة العملاء — بغض النظر عن شرعيته — عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم.6 وبناءً على ذلك، سيكون من الحكمة إعادة النظر بانتظام فيما إذا كنت تقدم «محتوًى ذا صلة وفي حينه يعمل على تحسين حياة الناس وتطويرها إلى الأفضل».
وقد يأتي هذا «التحسين» في شكل قسيمة تخفيض، أو أحدث نشرة ترويجية، أو مقطع فيديو مُسلٍّ. ومفتاح نجاح هذا التحسين هو أن يلبي توقعات الجماهير أو يتجاوزها. وإذا لم يحدث ذلك، فستخسر كثيرًا من «المشتركين» و«المعجبين» و«المتابعين» بمرور الوقت. ومن الأمثلة الرائعة للعلامات التِّجارية الحالية التي تقدم خدماتٍ إضافية لجماهيرها ما يأتي:
  • «أمازون برايم»: بدأت هذه الخدمة من شركة أمازون (@Amazon) كخدمة توصيل تَعِدُ بشحن مجاني غير محدود يستغرق يومين فقط للأعضاء. وبمرور الوقت، ودون أي التزام للقيام بذلك، أضافت أمازون المزايا الإضافية «أمازون إنستانت فيديو» (خدمة بث أفلام وبرامج تليفزيونية مجانية) وخدمة «كيندل ليندينج لايبراري» المجانية (كتب رقمية مجانية). وبذلك، أصبح «تجاوز التوقعات» مقترنًا بشعار «أمازون برايم».7
  • «إشعارات عبر تطبيق سيدار بوينت»: عندما تكون «عاصمة قطار الملاهي في العالم»، يمكن أن تكون على يقين من أمرين: وجود حشود كبيرة وتوقعات أكبر. تتعامل سيدار بوينت (@CedarPoint) مع هذه التوقعات بوضع لافتاتٍ رقمية في المنتزهات، وإرسال إشعاراتٍ عبر تطبيقها للأجهزة المحمولة، ونشر تغريداتٍ على تويتر لإبقاء الزوار على علم بأحوال الطقس، وصيانة الألعاب، وغيرها من الأمور التي قد تؤثر على زيارة عملائها. تساعد استراتيجية الاتصالات المتعددة النقاط هذه في تقليل الإحباط حتى إن «مُرَوِّجي» سيدار بوينت يكوِّنون مشاعر إيجابية حيال تجربتهم، سواء كانت الأجواء ممطرة أو مشمسة.
  • «رسالة البريد الإلكتروني الختامية في نهاية العام من لينكد إن»: أطلقت لينكد إن (@LinkedIn) هذا الجزء غير المرئي من عبقرية التسويق عبر البريد الإلكتروني عام ٢٠١١. وهي من أبرز الأمثلة على كيفية مساعدة البريد الإلكتروني لوسائل التواصل الاجتماعي، وتوضح الرسالة ﻟ «المشتركين» عرضًا تفاعليًّا لجهات الاتصال لديهم الذين غيَّروا وظائفهم في العام الماضي. إنها لا ترسل عددًا ضخمًا من «الزوار» إلى لينكد إن فحسب، ولكنها تحقِّق أيضًا وعدها بإبقائك على تواصل مع الأشخاص الذين قد يساعدونك في حياتك المهنية في المستقبل.8

بينما تناضل من أجل «تقديم محتوًى ذي صلة وفي حينه يطوِّر حياة عملائك إلى الأفضل»، اعْلَمْ أن الغالبية العظمى من مشاكل الشركات تأتي من افتقاد التواصل؛ فالشركات التي تقدم خدماتٍ إضافية عادةً ما تكون كثيرة التواصل أيضًا، ولكن كل ذلك في حدود توقعات المستهلك. إذا كنت ترغب في إبقاء مسرحك الأحمر المخملي مليئًا عن آخره، فتأكَّد عندما تعتلي المسرح من تحقيق كل وعدٍ قطعته لجماهيرك الخاصة.

(٤) مفاجأة الجماهير بإمكانية وصول غير متوقعة

معظم الناس تربطهم علاقة حب/كراهية بحواجز المرور الموضوعة على مداخل الشركات والهيئات المختلفة. والشخص الذي يقف على هذا الجانب الخارجي من الحاجز يكون غريبًا، يأمل ويدعو أن يبتسم الحظ له ويسمحوا له بالدخول إلى المكان الذي توجد فيه كل أنواع الأشياء المدهشة التي لا بد أنها موجودة. وبالطبع، قد لا يكون المنظر من الداخل بمجرد دخوله «رائعًا» كما يتخيله الموجودون بالخارج، ولكن الخيال يكون واقعًا عندما يتعلق الأمر بإمكانية الوصول.

في الماضي، كانت الشركات تضع حدودًا أشبه بحواجز المرور تلك أمام علاماتها التِّجارية، تحت حراسة من المحامين والقواعد ومعايير العلامة التِّجارية الشديدة الصرامة والتي تحدد بالضبط الجهات التي يمكنها تعديل العلامة التِّجارية ولمسها وتشكيلها. ومع ذلك، أصبحت العلامات التِّجارية في الوقت الحالي أسلوبًا نابضًا بالحياة للتعبير عن خبرات المستهلكين. فربما تنتمي العلامة التِّجارية المُسجَّلة إلى الشركة، ولكن العلامة التِّجارية يشترك في تشكيلها «المعجبون» المتحمسون بقدر ما يشترك فريق التسويق المختص بها، وربما أكثر.

يمكنك القضاء على عقلية «نحن مقابل هم» من خلال دعوة أكثر المعجبين تحمسًا للمساعدة في تشكيل رسالتك ومنتجاتك وخدماتك. سوف تكتسب خلال هذه العملية «مُرَوِّجين» لا يسعهم تصديق أن أفكارهم تَلْقَى أُذُنًا صاغية، بينما تستحوذ أيضًا على انتباه «المعجبين» المهتمين الذين يريدون إمكانية وصول مماثلة. ومن أمثلة المبادرات التي تمنح إمكانية وصول من هذا النوع في الوقت الراهن ما يأتي:
  • «ألبوم سونج ريدر للمطرب بيك»: جذب بيك هانسن (@Beck) الأنظار في ديسمبر ٢٠١٢ عن طريق إصدار «قارئ الأغاني» (سونج ريدر)، وهو «ألبوم» يتألف من نوتة موسيقية تتضمن ٢٠ أغنية كان قد كتبها ولكن لم يسجلها. كان يرغب في أن يسجِّل «المعجبون» في جميع أنحاء العالم عزفهم الخاص لها؛ وهو ما فعلوه ونتجت عنه آلاف المقطوعات المُسجَّلة. وشارك بيك كل إبداعات «المعجبين» على موقع www.SongReader.net، وبالقيام بذلك، تحوَّل هو نفسه إلى «معجب» و«مروِّج».
  • «نادي وشم ميلت بار آند جريلد»: كما أشرت في الفصل الرابع، تضم أسرة الوشم في مطعم ميلت بار آند جريلد (@MeltBarGrilled) أكثر من ٥٠٠ عضو. بالإضافة إلى التخفيضات، تتلقى الأسرة أيضًا تحديثاتٍ حول أحداث المطعم والشطائر قبل «مشتركي» رسائل البريد الإلكتروني العاديين. إذا شاهدت حلقة «مان فيرسيس فود» (تحدي الإنسان والطعام) التي سُجِّلت في المطعم عام ٢٠١٠، سترى الكثير من أعضاء أسرة الوشم في الحشود لأنهم كانوا أول الأشخاص الذين يعرفون أن آدم ريتشمان (@AdamRichman) قادم إلى المدينة من أجل «تحدي مطعم ميلت»؛ شطيرة الجُبن المقلي العملاقة التي تزن خمسة أرطال. مَنِ الفائز في نهاية المطاف؟ آدم و«معجبو» المطعم الأكثر ولاءً.9
  • «تطبيق «جاي زي» من سامسونج»: في بعض الأحيان، ليس بالضرورة أن تكون الحدود التي تزيلها من صنعك. فاجأت سامسونج (@SamsungMobileUS) «معجبي» جاي زي (@S_C_) خلال نهائيات دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين عام ٢٠١٣ بالإعلان عن أن الألبوم الجديد لأسطورة الهيب هوب بعنوان «ماجنا كارتا هولي جريل» سوف يُقدَّم مجانًا وحصريًّا لمالكي هواتف سامسونج جالاكسي يوم ٤ يوليو ٢٠١٣، الساعة ١٢:٠١ صباحًا؛ قبل ٧٢ ساعة من صدوره لبقية العالم. وكان مطلوبًا منهم في المقابل تحميل تطبيق للأجهزة المحمولة، والذي قدم أيضًا محتوًى حصريًّا ولقطات وراء الكواليس. حققت سامسونج مبدأ المفاجأة بإمكانية الوصول غير المتوقعة. كما حققت أيضًا زيادة لا تُصدَّق في أعداد «المشتركين» و«المعجبين»، و«المتابعين».

عندما يقترب «المعجبون» من العلامات التِّجارية التي يحبونها، ويتواصلون معها، يمكن أن تحدث أمورٌ جيدة. ومن ثَمَّ، مزِّق — أو على الأقل أَزِل في بعض الأحيان — الحدود والحواجز المحيطة بشركتك واختلط وجهًا لوجه مع «معجبيك».

(٥) إسعاد الجماهير بالمزايا الإضافية

مَن لا يحب الكعك؟ إنَّ تحول الكعك في الآونة الأخيرة من وجبة خفيفة تافهة إلى صنف لذيذ وراقٍ من الطعام دليلٌ على أن أصغر الأشياء أحيانًا تحقق أفضل النتائج. أعلم أن لديك الكثير من العمل، وأعلم أن تحقيق أرقام المبيعات المطلوبة وتحقيق الرواتب أمر بالغ الأهمية. ومع ذلك، يتعيَّن عليك بين الحين والآخر التوقف لبرهة وتوجيه الشكر للأشخاص الذين كان لهم الفضل في وصولك إلى هذه النتائج وهم «عملاؤك». عليك إسعادهم بتقديم مزايا إضافية تكون لهم بمنزلة كعكاتٍ شهية. وفيما يأتي بعض العلامات التِّجارية التي فعلت هذا:
  • «تطبيق هايجاك للأجهزة المحمولة من ميت باك»: ميت باك (@TheMeatPack) هي سلسلة متاجر لبيع الأحذية في جواتيمالا. ولترويج التخفيضات الجديدة، طوَّرت تطبيق «هايجاك»، وهو تطبيقٌ للأجهزة المحمولة يستخدم نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) لمعرفة تواجد «المشترك» في أحد متاجر المنافسين، ثم يقدم «خصمًا تنازليًّا»؛ خصمًا ينتهي وفق توقيتٍ زمني تنازلي يبدأ من ١٠٠ بالمائة إلى صفر اعتمادًا على مدى سرعة وصولك إلى المتجر. يدفعني حسي القانوني إلى الشعور بقليل من القلق حيال قضايا المسئولية القانونية التي يسبِّبها تسابق جامعي الأحذية الرياضية النادرة بأقصى سرعة على المراكز التِّجارية في جواتيمالا. ولكن ميت باك استطاعت بنجاح أن «تخطف» أكثر من ٦٠٠ عميل خلال التشغيل التجريبي الأولي لهذا التطبيق. وكان هذا من أسرع وسائل إسعاد «العملاء».10
  • «طرد العناية والاهتمام من شركة بيبريدج فارم»: عندما نشر المدوِّن روب جونتر (@Strictly_Rob_G) تدوينته «بسكويت ميلانو: قصيدة لبيبريدج فارم»، اعتقد أنها ستكون مثارًا لقليل من الضحك لدى أصدقائه، ولكن لن يلتفت إليها أحد آخر. جذبت التدوينة انتباه بيبريدج فارم (@PepperidgeFarm)، التي أعجبت بها كثيرًا حتى إنها أرسلت له طردًا عبارة عن صندوق مليء ببسكويت ميلانو مجانًا. وبذلك، لم تصنع بيبريدج فارم «معجبًا» مدى الحياة وحسب، ولكنها حوَّلت روب إلى «مُروِّج» فوق العادة شارك قصته مع موقع ريديت (@Reddit) وموقع (@AGBeat)، ومن ثَمَّ حقق مرات ظهور على وسائل إعلام مكتسبة أكثر قيمةً بكثير من مجرد صندوق من بسكويت ميلانو.11
  • قاعة مشاهير مطعم وايت كاسل: في أوائل تسعينيات القرن العشرين، استعان مطعم وايت كاسل (@WhiteCastle) بطبيب نفسي لمقابلة «المعجبين» واكتشاف ما حفَّز عشقهم لشطائر المطعم المحبوبة. وكانت الإجابة هي الاشتهاء الذي لا ينتهي. وهكذا، نشأت فكرة برنامج «محبو الشطائر». ويعتبر هذا البرنامج في جزء منه ناديًا ﻟ «المعجبين»، وفي الجزء الآخر برنامج «مشتركين» في رسائل البريد الإلكتروني، وذروة الإنجاز في هذا البرنامج هي الانضمام إلى أعضاء «قاعة مشاهير وايت كاسل». يُفتَح باب الترشيح ويُخْتار الأعضاء عن طريق لجنة من المُحكِّمين وينضمون إلى القاعة في احتفال يُقام في شهر أكتوبر من كل عام. وكان من بين الأعضاء المُكرَّمين كُتَّاب ومخرجو ونجوم فيلم «هارولد وكومار يذهبان إلى مطعم القلعة البيضاء» (هارولد آند كومار جو تو وايت كاسل) — وسعدوا — بأن أصبحوا أعضاءً في قاعة مشاهير وايت كاسل.12

إنَّ إسعاد العملاء بمزايا إضافية هو الجزء الذي تُتوَّج به جهود تنمية الجماهير الخاصة. وإذا أنْجِز هذا الجزء على نحو جيد، فإنه يعمل على إشراك «المشتركين» و«المعجبين» و«المتابعين» بطرق تصنع «المُرَوِّجين» وتزيد المشاعر الإيجابية حيال علامتك التِّجارية. ولكن كما نعلم جميعًا، لا يمكن أن يعيش المسوقون على هذا الجانب وحده، وهذا هو السبب في أننا نختم رحلتنا في رسم خارطة طريق تنمية الجماهير الخاصة بمحطة وصول أخيرة؛ وهي المحطة التي تختبر عندها جهودك باستمرار وتُطَوِّرها بناءً على ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤