كلمة المؤلف عن الجزء الثالث

بقلم  عبد الله حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

أتممنا الجزء الثاني من كتابنا «السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية»، وقد خصصنا هذا الجزء، وهو الجزء الثالث، للبعثة المصرية في السودان، وقد رأينا أن نقدم فيه حضرات أعضاء البعثة للقراء، وأن نكتب بيانًا عن الهيئات التي اشتركت فيها، ليقف قُرَّاء السودان على المهمة التي تقوم بها هذه الهيئات. ولما كان لحضرة صاحب السمو الأمير الجليل عمر طوسون الأثر العظيم في سفر البعثة، والفضل الكبير في توثيق العلاقات بين مصر والسودان، فقد عقدنا فصلًا ترجمنا فيه حياته الكريمة، كذلك تكلمنا عن الأسرة الأباظية، لأن لها اسمًا مشهورًا في السودان، حتى إن اسم «أباظة» أوشك أن يكون اسمًا سودانيًّا، بسبب النصيب الوافر الذي كان لحضرة مقرر البعثة صاحب العزة فؤاد أباظة بك المدير العام للجمعية الزراعية الملكية، ولأنه قد اشترك في البعثة رجل آخر من الأسرة الأباظية، هو حضرة صاحب العزة عبد الحميد أباظة بك، ولأن أهل السودان معجبون بقلم الكاتب المتفنن زميلنا الأستاذ محمد فكري أباظة، المحامي ورئيس تحرير المصور؛ ولا سيما لما علموا أن «أباظة» اسم لقبيلة عربية بعد أن ظنوه اسمًا تركيًّا، وقد أسمى الكثيرون من أهل السودان مواليدهم باسم «أباظة»، فرأينا لزامًا علينا أن نُعرِّف أهل السودان على الأقل بتاريخ هذه الأسرة.

أما الفصول التي كُتبت عن رحلة البعثة فهي، على الغالب، قد نُشرت بجريدة «الأهرام» وقد أضفنا إليها بيانات مهمة أخرى عن السودان وشئونه.

إننا نعد رحلة البعثة حادثًا تاريخيًّا جليلًا في العلاقات بين مصر والسودان، وقد ساعدنا اشتراكنا في هذه البعثة على جلاء المسألة السودانية، إن صح أن هناك مسألة بهذا الاسم، وإنني لأعد من حسن السياسة ومن الفأل الحسن سفر هذه البعثة، أيًّا كانت الأغراض التي بعثت رجال الحكومة السودانية على تسهيل مهمتها.

فيجب أن لا يعزب عن البال أن علاقاتنا الفعلية بالسودان قد وهنت منذ خروج الجيش المصري، وأن جيلًا جديدًا في السودان سيجيء فلا يعرف شيئًا عن المصريين، أو يعرف شيئًا لا غناء فيه، وأن اتصال المصريين بإخوانهم السودانيين قد جدد الروابط القديمة، وأحيا العلاقات الماضية، وفتق الأذهان لآراء جديدة.

لهذا كله أفردنا هذا الجزء لرحلة البعثة، ونرجو أن نكون بتأليفنا الكتاب في أجزائه الثلاثة، قد حققنا الغاية التي رمينا إليها، وهي أن يقف القُرَّاء على تاريخ السودان ووجوه نشاطه، ورابطته بمصر، وأن يعود ذلك كله بالخير على مصر والسودان والبلاد المتصلة بهما، وعلى الإنسانية جمعاء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤