الفصل الأول

الخوارج

الخوارج جماعة من رجال الإمام علي نقموا عليهِ لأنه قبل بالتحكيم على أثر واقعة صفين (راجع عذراء قريش) وكانوا قبل ذلك في مقدمة الذين حرضوه على قبولهِ. لكنهم لما رأوا التحكيم آل إلى الحكم بخروج الخلافة منه إلى معاوية بن أبي سفيان نقضوا بيعتهُ ونبذوا طاعتهُ وطمعوا في السلطة لأنفسهم فبايعوا واحداً منهم اسمهُ عبد الله بن وهب حاربوا تحت رايتهِ زمناً.

ولما صدر حكم الحاكمين بخلع علي وتثبيت معاوية اشتد أزر معاوية وبويع بالخلافة في الشام. وكان الخوارج لا يزالون في بدءِ أمرهم فأخذ عليٌ يتجهز لحرب معاوية. وفيما هو يتجهز جاءه الخبر بتألب الخوارج وتمردهم فنصح لهم وجادلهم وبيَّن لهم أنه لم يخطئْ بقبول التحكيم وإنه لم يقبلهُ إلا إجابة لطلبهم فلم يرتدعوا. فرأى أن يستأصل شأفتهم قبلْ خروجه إلى معاوية. فحاربهم في مواقع عديدة أشهرها واقعة النهروان وراءَ دجلة بالقرب من مكان بغداد انتصر فيها عليهم نصراً مبيناً وشتت شملهم تشتيتاً ولكنهم مازالوا يجتمعون سراً.

وفي سنة ٢٨ﻫ فتح عمرو بن العاص مصر وقتل محمد بن أبي بكر عاملها وتولاَّها باسم معاوية فأصبح معاوية خليفة في مصر والشام ومقامهُ دمشق. وبقي علي في العراق والجزيرة والحجاز واليمن ومقامهُ الكوفة.

وأخذ معاوية يبعث سراياه إلى بلاد الإمام علي يلتمس افتتاحها للاستقلال بالخلافة. فأنفذ جنداً إلى مكة وآخر إلى اليمن وآخر إلى الجزيرة يحاربون ويناوئون ولكنهم لم يبلغوا ارباً. فدخلت سنة أربعين للهجرة وعليٌّ يتأَهَّب للخروج على معاوية وقد بايعهُ أربعون ألفاً من عسكرهِ على الموت. وفي ما هو في ذلك فاجأه القدر فمات مقتولاً كما سترى تفصيل ذلك في ما يلي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤