التجسس من الفضاء!

كان الشياطين اﻟ «١٣» في انتظار رقم «صفر» بقاعة اجتماعات المقر السري الصغير بالهرم، وطال انتظارُهم، وعلَت همهماتُ الشياطين تتساءل عن السبب في تأخير حضوره … وهي من الأمور النادر حدوثها جدًّا، وأيضًا تأخَّر حضورُ «أحمد».

رغم تأكيد رقم «صفر» على أهمية الاجتماع، وهل هناك صلةٌ بين عدم حضور كلٍّ منهما؟ ولماذا لم يتصل «أحمد» ولديه وسائل كثيرة للاتصال؟

ورغم طول انتظار الشياطين، إلا أنهم لم يفقدوا يقظتَهم وحماسهم واستعدادهم. وفي المقر السري الكبير بالصحراء الغربية، كان الأمر مختلفًا؛ فقد كانت هناك حركةٌ غير عادية وإجراءات أمنية مشدَّدة … عبر أجهزة إلكترونية غاية في الدقة؛ وذلك لمسح المنطقة حول المقر، وتأمين الطريق حتى الموقع الجديد المعدِّ في الصحراء الغربية … ولكن بالقرب من محطة رفع للمياه الجوفية، رصدَت أجهزةُ الاستطلاع سيلًا من الموجات والأشعة … تُطلَق على المقر بين الحين والآخر بغرض التصوير والتجسس من أحد الأقمار الصناعية … وبرصد موقعه وتحديده بدقة والتحرِّي عنه اتضح أنه لدولة … لها في المنطقة العربية والأفريقية أهدافٌ وأطماع … وكان القرار … بتغير موقع المقر؛ بحيث لا يبعد كثيرًا عن الموقع القديم؛ فقد كانت هناك مساحة من الأرض تزيد على الألف فدان، يمكن استصلاحها وزراعتها؛ وذلك بالاستفادة من المياه الجوفية المتوافرة في الصحراء الغربية … وبذلك أيضًا يمكنهم صرفُ الأنظار عن النشاط الحقيقي للموقع كمقر للمنظمة، وسيكون هذا مبرِّرًا لوجود معدات من أي نوع في هذه المنطقة الصحراوية.

وكان نقلُ المعدات من المقر القديم إلى الموقع الجديد، هي أهم وأخطر خطوة في العملية، فقد يتم رصدها والوصول إلى الموقع الجديد دون عناء؛ ولذا فقد لزم التمويه أرضًا وجوًّا، وتَرْك بعض المعدات في المقر القديم للإيحاء بأنه لا زال يعمل … إمعانًا في التضليل. وكان «أحمد» يمرُّ على حدود أرض الموقع الجديد للمقر، راكبًا جرَّارًا زراعيًّا، ليُتابعَ دقَّ العمال للسور السلكي الشائك حوله، كما كان بعضُ الفنيِّين التابعين للمنظمة يُثبِّتون هوائيات استشعار إلكترونية بين مكونات السور.

وفي نفس الوقت وعلى الشاشة العملاقة التي أُضيئَت عقبَ إطفاء الأنوار في المقر السري الصغير، ظهرَت الأرض المحاطة بالأسلاك الشائكة، و«أحمد» يخرج من أحد الصوبات المنشأة عليها، وقبل أن يعلوَ صوتُ أحدهم بالسؤال، كان صوت رقم «صفر» يُجيب عن استفساراتهم عبر السماعات المثبتة جوار الشاشة قائلًا: مساء الخير عليكم، أوَّلًا ما يُعرَض عليكم الآن … هو تصويرٌ حيٌّ للموقع الجديد للمقر السري الكبير بالصحراء الغربية، وأنا أحدِّثكم الآن من هناك …

وقبل أن يسألَني أحدُكم: ولماذا موقع جديد؟ أُجيبكم بأن هناك محاولات مستمرة لاقتحام معاقل الأجهزة الأمنية في مصر، والتجسس عليها. ورغم أنها تبوء دائمًا بالفشل … إلا أنهم لا ييأسون. أما مَن هم؟ فهم معروفون لنا جميعًا … إنهم أول المستفيدين من تشتُّت العرب وتفرُّقهم وضعفهم، إنهم أول الذين يحلمون بالمجد الكبير على حساب مصلحة الجميع، المهم هو تحقيق أحلامهم التوسُّعية. ولكن لماذا التركيز على مصر بالذات؟ ذلك لأنها قلب الأمة العربية النابض، وعقلها الواعي، وهي الحبل المتين الذي إذا وهن أو انقطع، انفرط العرب وأصبحوا فريسةً سهلة لذلك الذئب الجائع.

وفي القريب حاولت عصابة الأقزام اقتحامَ المقر السري الصغير في الهرم وفشلت. والآن هناك قمرٌ صناعيٌّ يقوم بالتجسس على المقر السري الكبير؛ لذا فقد انتقلنا إلى موقع جديد أُعِدَّ بسرعة، مستخدمين في التخطيط له أحدثَ التقنيات مع إبداع مصري خالص لأساليب التخفِّي. وقد أرسلتُ لكم خريطة على أجهزة الكمبيوتر للموقع، ونحن في انتظاركم للتعرُّف على الموقع الجديد … وشكرًا لكم.

وقبل أن تُظلِم الشاشة العملاقة، كانت أنوار القاعة قد أُضيئَت … لينظر الشياطين لبعضهم متسائلين في صمتٍ قطعَه «عثمان» بسؤاله: وقضية هروب «بيزا» … و«مارلو»؟

«إلهام»: أعتقد أنها حتى الآن قضيتنا وعمليتنا القادمة.

«فهد»: نعم … فتغيُّر موقع المقر، هو الردُّ على عملية التجسس، التي يقوم بها القمر الصناعي.

«ريما»: وهي حلقة ضمن سلسلة، تضم فرقة الاغتيال، وعصابة الأقزام وغيرها …

إلهام: وهل تعتقدون أن ذهابنا إلى المقر الرئيسي الآن لمجرد زيارة الموقع الجديد فقط؟

عثمان: لا … فأنا أشمُّ رائحة مغامرة جديدة في مكان خارج مصر.

مصباح: حيث هربت «بيزا» و«مارلو» عُضْوَا فرقة الاغتيالات.

إلهام: أنا أيضًا أُرجِّح أنهما خارج مصر الآن.

ريما: وهل يعني هذا انتهاء مهمتهما في مصر؟

فالتفت الجميع إلى «عثمان» وهو يصيح قائلًا: لا … بل إنها البداية …

في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر … شهدَت بوابة المقر الأمامية والخلفية خروجَ سيارات الشياطين … بفارقٍ زمني بين كل سيارة وأخرى خمس دقائق. ويجتمع كلُّ اثنين … في سيارة ليتجهَا إلى طريق مصر إسكندرية الصحراوي الواقع خلف المقر، منطلقين إلى وجهتهم في الصحراء الغربية … إلى الموقع الجديد … للمقر السري الكبير … وفي جهاز الكمبيوتر الخاص بالسيارة، وضع كلٌّ منهم الخريطة الإلكترونية التي تم برمجتها بالمعلومات التي بثَّها رقم «صفر» على كمبيوتر المقر.

مضى الليل، وسيارات الشياطين تتلاحق مُحاذيةً للبحر على طريق كورنيش مرسى مطروح. فاقترح «عثمان» أن يبيتوا الليلة على الشاطئ؛ فشهر يوليو هذا العام أشدُّ حرًّا عن الأعوام السابقة، وهي فرصة للترويح عن أنفسهم.

فصنعوا بسياراتهم الست شبهَ دائرة مغلقة، وافترشوا فيما بينهم الرمال، وكان القمر بدرًا، مما أضفى على مياه البحر خيالًا وعذوبة، حرَّكت مشاعر الشياطين؛ فكلُّ مغامرٍ يحمل بداخله بجانب المحارب … شاعرًا رقيقًا. وكان أول ما تبادرَ لذهن «إلهام» هو ما كان سيُضيفه «أحمد» من خفَّة دمه ودفء مشاعره، إلا أن «عثمان» اعتذر لها؛ فمسألة خفَّة الدم هذه تخصُّص الجنس الأسمر، وكلما ازداد اللون سمرة … ازداد الدمُ خفَّةً وسخونة؛ وهذا يعني أنه أخفُّ دمًا من «أحمد»؛ لأنه خمري.

إلا أن «زبيدة» كان لها رأيٌ آخر؛ فالمصريون معروف عنهم خفة الدم التي لا تُبارَى، ودفء المشاعر التي جعلَتهم يدفعون دماءَهم ثمنًا لعروبتهم في «اليمن» و«فلسطين» و«الخليج» …

فاقتضب «عثمان» تعبيرًا عن عدم رضائه؛ مُعلِّقًا بأن كل عربي لا يبخل على عروبته بدمائه.

ورأت «إلهام» أنها يجب أن تتدخَّل لتحسم النقاش قائلة: بالطبع يا «عثمان» … فالوطن واحد والدماء واحدة … ولكن تُرى يا «عثمان»؛ هل سيظل الوطن واحدًا … وهناك ألف إرادة حوله تحاول، بل وتعمل على تفتيته … والتفريق بين أبنائه؟

عثمان: سيظل الوطن واحدًا … بدليل تعاقُب المحتلِّين الذين قسَّموه وشتَّتوه … ولكن دائمًا ما يلتئم كالجرح، وإلا فسيظل ينزف دماءً حارَّةً تحرقهم.

تصايح الشياطين بصوتٍ هادئ، مستحسنين ما قاله «عثمان»، مُعلِّقين على أن هذه الجمل الفيَّاضة إنما هي … من تأثير هذا الجو الخلَّاب.

وعندما تسلَّلَتْ أصابعُ الفجر لتُزيحَ ظلمة الليل عن وجه النهار، وقبل أن يتثاءَب الصبح، كان الشياطين يتثاءبون، لينفضوا عنهم حلاوة النوم، مستقبلين حلاوة اليقظة.

وقبل أن تنتصف الشمس في كبد السماء، كانت السيارات تتلاحق خلف بعضها، لتنحرف عن الطريق إلى كهفٍ غير ظاهر، وتنحدر على ممرٍّ صخري ناعم، مهَّدَته أيدٍ خبيرة، وتتوقف بعد طول مسير في قاعة أُعِدَّت على أعلى مستوى تكنولوجي للعناية بالسيارات وصيانتها. ومنها وبمعاونة مرشد ضوئي … انتقلوا إلى قاعة الاستقبال التي أعلنت لهم عن مفاجأة سارة …

فقد كان «أحمد» في انتظارهم ومعه بعض العاملين في المقر، وكان اللقاء حارًّا، ولكن الجو كان مكيفًا، والمقاعد وفيرة … والقاعة مزوَّدة بكل وسائل الراحة. وقد تناولوا فيها طعامهم؛ فهي مُعَدَّة لذلك، وحين فرغوا منه سمعوا صوت رقم «صفر» يُهنئهم على سلامة الوصول. ثم طلب منهم عقد اجتماع بعد ساعة تكون فرصتهم ليقوموا بجولة في المقر الجديد.

وصَحِبَهم «أحمد» ليُريَهم كلَّ وسائل الدفاع الإلكترونية، ضد موجات وأشعة وفضول الأقمار الصناعية وغيرها، ولوازم التمويه من قطعان الماشية التي تملأ المزرعة والصوب الزراعية التي تحوي بجانب المزروعات كثيرًا من أجهزة الاستشعار والشوشرة الإلكترونية.

وقبل موعد الاجتماع، كانت القاعة الشبيهة بقاعة اجتماعات المقر القديم تحوي صمتَ وترقُّبَ ثلاثة عشر شابًّا وفتاة؛ هم أعضاء المنظمة؛ حيث أتاهم صوتُ رقم «صفر» العميق من جَنَبات القاعة المزوَّدة بأحدث نظام صوتي ليسألهم عن استعدادهم لبدء الاجتماع، فيرفعون أيديَهم بالموافقة، وهنا أظلمَت القاعة، وأُضيئَت الشاشة التليفزيونية الضخمة … ظهرَت عليها خريطةٌ لأفريقيا صاحَبَها صوتُ رقم «صفر» مُعلِّقًا بقوله: هذه القارَّة السمراء والتي كان معظمها خاضعًا للاحتلال، ما بين إنجليزي وفرنسي وإيطالي … هي قارَّةٌ غنيَّة جدًّا بثرواتها الطبيعية، ومع ذلك فمعظم أهلها يموتون جوعًا وبالذات في الجنوب، لماذا؟ لأن هناك دولًا تريدها هكذا …

وهنا ظهر سهمٌ أحمر يومض ويختفي، ليُشيرَ إلى منابع النيل ومجاريه ويُعلِّق رقم «صفر» قائلًا: وأهم ثروات أفريقيا نهر النيل … نهر الحياة الذي يُغذِّي أكثر من ٢٥٠٠ مليون فدان في السودان وحدها من أجود الأراضي الزراعية، وزراعتها تكفي حاجة المنطقة العربية كلها من الحبوب، والخضراوات وغيرها، بل والتصدير المنافس لكثير من دول العالم، فما بالكم بباقي دول حوض النيل.

ومنها بالطبع … مصر، والذي يعتبر نهر النيل هو شريان الحياة بالنسبة لها. وهناك دولٌ تحاول إقامة مشاريع قُرب منابع النيل، تُهدِّد به أمنَ جنوب مصر وغربها، ولكن وقفَتْ لهم بالمرصاد.

لذا فأفريقيا هي البُعد الأمني لجنوب مصر وغربها … وقد جاء إلى عِلمنا أن «بيزا» و«مارلو» قد استطاعا الفرار إلى إحدى دول أفريقيا … ويُرجَّح أنها «زيمبابوي»، وأنا أُفضِّل أن تُطالعوا التقرير عن «زيمبابوي» قبل الاجتماع التالي. هل من أسئلة؟

إلهام: هل سنسافر إلى «زيمبابوي»؟

رقم «صفر»: انتظري الأوامر … شكرًا …

وبمجرد انصراف رقم «صفر» … ذلك القائد الغامض الذي لم يرَهُ أحد حتى الآن، علَت همهماتُ الشياطين ودهشتهم وتساؤلاتهم، فما من دولة في العالم مستهدَفة مثل مصر، وما من منطقة تُقام حولها المؤامرات … مثل الشرق الأوسط. ولكن السؤال الرئيسي الذي شغلهم جميعًا هو: لماذا «زيمبابوي»؟

لذا؛ فقد طلبوا من «أحمد» ألا يغادروا قاعة الاجتماعات، وأن يعرض لهم فيلمًا وثائقيًّا عن «زيمبابوي»، فاقترح عليهم أن ينتقلوا إلى مركز معلومات المقر؛ فهو المكان المناسب جدًّا لِما يطلبون. وبعد موافقتهم … اتصل «أحمد» بمركز المعلومات، وفي غضون دقائق كان الشياطين يستطلعون على ما شاءوا من المعلومات على خريطة «زيمبابوي» المعروضة أمامهم على شاشات أجهزة الكمبيوتر.

وأول ما لفت نظرَ «أحمد» … أن موقعها لا يمثِّل أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لمصر.

فهي ليست من دول حوض النيل، ولا تقع على البحر الأحمر، وليس لها حدودٌ مع مصر، بل بينهما عدة دول، تبدأ ﺑ «السودان» ثم «زائير» ثم «زامبيا»، وأخيرًا «زيمبابوي». وهي تتوسط أربع دول هي من الشمال «زامبيا»، ومن الجنوب دولة «جنوب أفريقيا»، ومن الشرق «موزمبيق»، ومن الغرب «بتسوانا». وكان هذا ما لفتَ نظر بقية الشياطين، وأثار تساؤلاتهم … عن السبب وراء سفر «بيزا» و«مارلو» إلى هناك.

فقالت «إلهام»: ربما يكون هذا هو السبب.

عثمان: ماذا تقصدين؟

إلهام: بما أنها بعيدة عن موقع الأحداث وليس لها الأهمية الاستراتيجية الأمنية لمصر، والتي تُمكِّنهم من تهديد أمنها … فقد لجأَت إليها «بيزا» لتضمن عدمَ مطاردتها وتُعيد ترتيب أوراقها بهدوء.

أحمد: تحليل جيد … وربما لنفس السبب أيضًا تتخذ قيادة هذه الجماعة «زيمبابوي» مقرًّا لها …

عثمان: أتعني أننا لم نقطع رأس الأفعى بعد؟

أحمد: لا؛ ولكن هذه الأفعى لها عدة رءوس.

إلهام: أنا أُرجِّح أن رأس الأفعى الآن هي «بيزا».

ريما: وهي جسمها أيضًا، وستكون مهمتنا في «زيمبابوي» هي …

فسبقها «عثمان» قائلًا: قطع رأس الأفعى.

علا في هذه اللحظة صوتُ فحيح أفعى أثار دهشة الشياطين، أعقبه صوتُ رقم «صفر» يقول: إنه كمبيوتر المقر وقد طلبتُ منه إطلاق صوت أفعى، فأعطاني ذلك الفحيح.

أحمد: ولماذا صوت «أفعى» بالذات؟

رقم «صفر»: أجيبوا أنتم.

إلهام: إنه اسم العملية القادمة.

رقم «صفر»: نعم … «رأس الأفعى».

عثمان: أهي «بيزا»؟

رقم «صفر»: أنشط عضو في فريق الاغتيالات. وكانت لها جولات مع «عثمان» وخرجت رابحة … ونتمنى أن تكون هذه الجولة هي الأخيرة … والرابحة له.

عثمان: وكيف تكون الرأس وهي عضو في الفريق؟

رقم «صفر»: إن الرأس عضو في الجسد … ولكنه العضو القيادي، وكذا «بيزا» الآن بعد القبض على «هاري» و«فلاديمير» ومعهم «بتريشيا».

إلهام: وهل من مفاجآت هناك؟

رقم «صفر»: هذا غيب ولا نعلم شيئًا حتى الآن … وعلينا أن نحتاط.

على كل حال «زيمبابوي» بلدٌ جميل، ويزوره كثيرٌ من السياح … وسيسافر «١، ٢» كسائحَين، أما «عثمان» فلأنه يُشبه أهل البلاد هناك … فسيسافر معهم كمرشد سياحي، والباقون ينتظرون الأوامر، ولديهم هنا في المقر الجديد عملٌ كثير … نظر الشياطين لبعضهم في حذرٍ وتساؤل، فأكمل رقم «صفر» قائلًا: سيبدأ الإعداد من الآن للمهمة القادمة، والتي ستبدأ بمجرد انتهاء عملية «رأس الأفعى». أما أعضاء عملية «رأس الأفعى» فسيجدون ملف العملية في غُرَفهم، والسفر صباحًا … وستُقِلُّهم طائرة إلى مطار القاهرة حيث سيستقلُّون الطائرة المسافرة إلى «هراري» أو المدينة التي لا تنام، شكرًا لكم.

ومرة أخرى علا صوتُ فحيح الأفعى، وظهرَت على شاشات أجهزة الكمبيوتر أمام الشياطين … مدينة «هراري» عاصمة «زيمبابوي» … ولكن توقَّفَت الصورة فجأة، ثم اختفَت تمامًا من على الشاشة … التي أظلمت لفترة وجيزة، سمعوا خلالها موسيقى ناعمة تنبعث من جَنَبات القاعة، قطعها صوتُ رقم «صفر» يقول: سنعرض عليكم فيلمًا حديثًا عن مكان يحرص زائرو «زيمبابوي» على زيارته … إنه «شابونجو». وهي حديقة تقع على بُعد كيلومترات من العاصمة «هراري». وعلى الشاشة ظهرَت الحديقة كمتحف مفتوح لعشرات التماثيل الحجرية الأفريقية والتي علَّق رقم «صفر» عليها قائلًا: إن «زيمبابوي» تُعتبَر مستودعًا لفنون النحت الأفريقي، وقد أُنشئت هذه الحديقة عام ١٩٨٥م لتكون معرضًا ومرجعًا لفنِّ النحت في «زيمبابوي»، ولكن ما لفتَ نظرَنا هو هذا التمثال … وظهرَت حلقةٌ حمراء تُحيط برأس التمثال، وهنا صاح «أحمد» قائلًا: لقد رأيتُ نموذجًا مصغَّرًا لنفس التمثال معلَّقًا في رقبة «مارلو».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤