الباب الثاني عشر

المرأة العجوز

هبط ستيفن درجتَي السلم البيضاوين، وأقفل الباب الكبير لبيت المستر باوندرباي، وعبر الشارع وعيناه مثبتتان على الأرض في حزن عميق فإذا به يحس بشخص يلمس ذراعه.

ذلك الشخص امرأة عجوز، طويلة القامة، ما زالت تحتفظ بمسحة من الجمال، نظيفة الثياب البسيطة وحذاؤها مُلوَّث بوحل الريف. من الجلي أنها قطعت مسافة ما.

قالت: «معذرة، يا سيدي! ألم أبصرك تخرج من بيت ذلك الرجل العظيم؟» وأشارت إلى بيت المستر باوندرباي. ثم استطردت تقول: «هل رأيته؟»

– «نعم، رأيته.»

– «وكيف رأيت منظره؟ هل يوحي منظره بخير؟»

– «نعم، يبدو في صحة جيدة جدًّا.»

فقالت المرأة العجوز، وقد اقتنعت تمامًا: «شكرًا لك، سيدي! أشكرك!»

فسألها ستيفن عما إذا كانت قد جاءت من الريف قالت: «نعم؛ جئت بالقطار في هذا الصباح من مسافة ستين كيلومترًا. وسأقطع نفس المسافة، عائدة في هذا المساء، أنفق مدخراتي هكذا، مرة في كل سنة، أجيء لرؤيته، ذلك السيد، ونظرت مرة أخرى إلى بيت المستر باوندرباي.»

استأنفت هذه السيدة كلامها، فقالت: «لم يخرج من بيته، في هذه السنة، وأنا هنا. ولكني رأيتك، وأنت رأيته، ويجب أن أكتفي بذلك. هل أنت ذاهب إلى العمل؟»

قال: «نعم، فأنا أعمل بمصنع المستر باوندرباي.»

قالت: «هل أنت سعيد في عملك؟ منذ كم من الوقت، وأنت تعمل عنده؟»

– «منذ حوالي اثنتَي عشرة سنة.»

قالت: «يجب أن أقبِّل اليد التي عملت في هذا المصنع الجميل، مدة اثنتي عشرة سنة.»

قالت هذا، ورفعت يده إلى شفتَيها.

بعد ذلك، بينما ستيفن يعمل في المصنع ألقى نظرة إلى خارج النافذة، فأبصر المرأة العجوز، واقفة بالخارج، تنظر إلى المبنى، مُعجبة به، ثم انصرفت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤