الباب السادس

مطاردة الكلب

وقف توم الصغير بين الجموع المحتشدة حول الحفرة العتيقة، فلما سمعت سيسي ما قاله ستيفن للمستر جرادجرايند، ذهبت في هدوء إلى توم وتحدثت إليه بعض الوقت؛ فأصغى توم إلى كلامها، واختفى بسرعة.

في اليوم التالي، حاول المستر جرادجرايند العثور على ابنه، ولكن دون جدوى. فقال لابنته لويزا: «هل تظنين يا لويزا أن أخاك التعيس خطط لهذه السرقة عندما ذهب معك إلى بيت بلاكبول؟»

قالت: «أخشى أن يكون الأمر هكذا يا أبي أعرف أنه كان بحاجة ماسة إلى نقود، وأنه أنفق مبالغ كبيرة.»

فقال الأب: «وهل تكلم مع ستيفن بلاكبول على انفراد؟»

– «نعم، أظنه طلب منه أن ينتظره خارج المصرف ليلتين أو ثلاث ليال، قبل أن يغادر كوكتاون.»

فقال المستر جرادجرايند: «إذَن، فالأمر واضح جدًّا .. واضح كل الوضوح.» ثم غطَّى وجهه بيديه لبضع لحظات، واستطرد يقول: «وكيف يمكن إنقاذ توم من العقاب الآن؟ فبعد بضع ساعات، يجب أن أعلن الحقيقة.»

فقالت لويزا: «ما عليك يا أبي إذ دبرت سيسي الأمر».

رفع المستر جرادجرايند عينيه إلى حيث تقف سيسي، وقال لها: «إنه أنتِ دائمًا، يا طفلتي.»

فقالت سيسي: «فكَّرت في سيرك أبي القديم. لم أنس أين يعمل في مثل هذا الوقت من السنة، وكنت قد قرأت عنه في إحدى الصحف منذ مدة قريبة فحسب. فأخبرت توم بأن يذهب إلى المستر سليري ويطلب منه أن يخفيه عنده، إلى أن أذهب إليه.»

فصاح المستر جرادجرايند يقول: «شكرًا للسماء! بوسعنا إرساله إلى الخارج.»

تبعد البلدة التي أرشدت سيسي توم إليها، مسيرة ثلاث ساعات من ليفربول Liverpool ويمكن إرساله من تلك الميناء إلى أي مكان في العالم.

سارت سيسي ولويزا طول الليل إلى تلك البلدة، بينما ذهب المستر جرادجرايند من طريق آخَر .. وأخيرًا وصلنا إلى سيرك سليري، فاستقبلهما المستر سليري بترحاب عظيم.

فقالت لويزا: «سرعان ما سيكون أبي هنا، هل أخي في أمان؟»

ابتسم المستر سليري وقال: «في أمان تام، انظري إلى حلبة السيرك، إنه أحد المهرجين الواقفين فيها.»

ما من أحد يستطيع أن يقول أي المهرجين هو توم.

نظر المستر سليري إلى لويزا، وقال: «أشفق والدك على سيسيليا جوب، وعلى هذا أرى لزامًا عليَّ أن أقف إلى جانبه. وفيما بعد، عندما يصل أبوكِ، سيجد أخاكِ متخفيًّا تمامًا.»

عندما جاء المستر جرادجرايند، فيما بعد، قابله توم وهو في ثياب المهرج.

فقال له أبوه: «كيف حدثت السرقة، يا توم؟»

قال: «فتحت الخزانة عنوة، في تلك الليلة، وتركت الباب مقفلًا نصف إقفال، قبل أن أنصرف، وقد أعددت المفتاح المصطنع قبل ذلك بمدة طويلة. ورميته في الصباح، في الشارع قريبًا من المصرف، حتى يظن أنه استُعمل. لم آخذ النقود كلها دفعة واحدة، بل كنت أتظاهر بأنني أودع رصيدي في الخزانة في كل ليلة، ولكنني لم أفعل. وها أنت ذا تعرف كل شيء عنها.»

فقال الأب: «يجب نقلك إلى ليفربول، ومنها إلى الخارج.»

تأوَّهَ الكلب الصغير، وقال: «أظن يجب ذلك، لن أكون أكثر تعاسة في أي مكان آخَر، من تعاستي هنا، منذ أن تذكرت فعلتي.»

زود المستر سليري، توم، بمجموعة أخرى من الملابس ليسافر فيها، فارتدى توم زي عامل زراعي.

فقال المستر جرادجرايند: «هاك أوراقك يا توم، وستتخذ كافة الوسائل اللازمة لك. أعطني يدك يا ولدي المسكين، وعسى أن يغفر الله لك، مثلما غفرت أنا لك.»

بكى توم عند ذلك، ولكن عندما مدت لويزا ذراعيها نحوه قال: «ليس أنتِ، لا أريد أن تكون لي بك أية علاقة.»

فقالت لويزا: «ما هذا يا توم؟ هل تنتهي علاقتنا على هذا النحو، بعد كل محبتي إياك؟»

قال: «لم تقفي إلى جانبي، ولم تهتمي بي أبدًا.»

صاحت لويزا تقول له إنها تحبه وسامحته، وسوف يندم في يوم ما على تركه إياها هكذا، وستسره آخر كلماتها، وهو على مسافة بعيدة.

غير أنه عندما ذهبوا ليستقلوا العربة إلى المحطة، وقف بيتزر في طريق المستر جرادجرايند وسيسي، ومنعهما التقدم، فوقفا.

قال بيتزر: «يؤسفني أن أمنع خطتكم، فلن أسمح لنفسي بأن يهزمني عارضو السيرك ولا بد أن أقبض على توم الصغير. يجب ألا يقوده عارضو السيرك بعيدًا .. ها هو يرتدي ثياب عامل بمزرعة، لا بد أن أقبض عليه.»

أمسك بيتزر توم من ياقة قميصه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤