الفصل السادس

«إنها ليست فلسفة»

أندريه ناي

صلب ماهية الفلسفة، إعادة ابتكار التفكير الملائم لعالمٍ متغير.

ناي

المرأة، المواطن المحلي، الآخر: الكتابة بعد-الاستعمارية والنسوية. بقلم ترينه ت. منه-ها، منشورات جامعة إنديانا، ١٩٨٩م.

فكر النسوية السمراء: المعرفة والوعي وسياسات التمكين. بقلم باتريشيا هيل كولينز، نيويورك: روتلدج، ١٩٩١م.

المناطق الحدودية، الفتاة المستيزية الجديدة. بقلم غلوريا آنزالدوا، سان فرانيسكو: أنت لوت بوكز، ١٩٨٧م.

الإشارات والأغاني والذكرى في الأنديز. بقلم رجينا هاريسون، أوستن، منشورات جامعة تكساس، ١٩٨٩م.

«توصلنا لنظريةٍ من أجلك! النظرية النسوية والإمبريالية الثقافية ومطلب صوت المرأة». بقلم ماريا سي، لغونز وإليزابيث في. سبلمان، المنتدى الدولي السادس لدراسات المرأة (٦)، (١٩٨٣): ٥٧٣–٨١.

البنوية/ضد البنيوية وفاعل تحت القمع. بقلم ماريا سي. لغونز، جريدة الفلسفة ٨٧ (١٠) (١٩٩٠): ٥٠٠–٧.

«اللهو والترحال في العالم والمعرفة الودودة». بقلم ماريا سي. لغونز، هيباثيا ٢ (٢) (١٩٨٧): ٣–١٩.

العديد من العناوين المذكورة عاليه لا يحتاج الفلاسفة النسويون إلى مراجعتها. إن لها قيمتها كمقرراتٍ جامعية، فضلًا عن قيمتها المثبتة في مساقات النظرية النسوية والفلسفة النسوية، وكذلك لها قيمتها في النُّظم البينية لمساقات الدراسات النسوية. وفي الوقت نفسه، واصل العديد من الفلاسفة، رجالًا ونساء معًا، إبداء اللامبالاة إزاء اقتراح بضم هذه الدراسات إلى النصوص الفلسفية في المقررات الدراسية للميتافيزيقا أو الأخلاق أو الإبستمولوجيا، رافضين هذا بقولهم «إنها ليست فلسفة».

ومع تحفظاتٍ مماثلة كان الأرسطيون في جامعات العصور الوسطى يثبطون عزائم زملائهم عن الخوض في مناقشة عمل ديكارت المنطلق بخيلاء، وكذلك تجاهل الأكاديميون الألمان الوضعية المنطقية في دائرة فيينا، وفي الوقت الراهن يعرض بعض الفلاسفة التحليليين عن فكر النسوية والتعددية الثقافية بوصفه مجرد «سياسة». ومع أننا لسنا البتة بصدد إضفاء تمييز قاطع بين ما هو فلسفة وما ليس بفلسفة، فإن مثل هذه الأشكال من الرفض تمثِّل معلمًا بارزًا من معالم الفلسفة ككيانٍ فكري دائمًا ينطلق في إطار سيرورة إعادة التعريف. ويمكن القول إن صميم أصل الفلسفة يكمن في جدل التشكيك الذاتي والتجديد الذاتي، وهذا منذ أن واجه سقراط مزاعم السفسطائيين بأنهم «يعرفون» بوضعٍ بديل أكثر تواضعًا هو «حب المعرفة». كثيرًا ما يأتي التشكيك الذاتي وإعادة التعريف من خارج الحدود الملائمة للفلسفة. سقراط مثلًا كان يقدِّم استعاراتٍ مجازية من الحرف والمهن،١ لتوضيح الشروط الملائمة للفضيلة. وقد ارتكن جون لوك إلى الفيزياء النيوتونية كمقاربةٍ مستجدة للمعرفة. وفي آونةٍ أحدث، يستعمل فلاسفة العقل في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية نظريات الذكاء الاصطناعي لتقديم أنموذج للعقل. على أي حال، يمكن نسيان هذا التاريخ حين نكون واقعين في قبضة باراديمات [نماذج إرشادية] فلسفية معينة عميقة الجذور. ولعل هذا هو الوضع الآن في الفلسفة الأكاديمية في العالم المتحدث بالإنجليزية، حيث يجري أحيانًا الاستمساك القطعي بفرضياتٍ قبلية معينة بشأن هدف الفلسفة الملائم ومناهجها السديدة.

ليس الغرض من هذا المقال طرح عمل جديد ليوضع في دائرة اهتمام القراء، بل الأحرى التأمل في الانقسام المستمر بين المواد التي تلهم الفلاسفة النسويين باستبصاراتٍ مستجدة وشريعة الفلسفة الراسخة الجارية الآن. وحتى عندما يأتي مصداق على هذه التشريعات من إحدى صور الفلسفة في التاريخ الفكري التي أمكنها أن تتستَّر على مصادر شخصية أو سياسية للحكمة الفلسفية، أو تعطي امتيازًا للعلم بوصفه المعرفة التي لا معرفة سواها، فسوف يظل من معالم الفلسفة وجود عوامل متغيرة غير مستقرة. إن مجرد الإصرار على ما هو فلسفة «حقيقية» أو «صلبة» مقابل ما هو «مجرد» شعر أو علم اجتماع أو مذكرات شخصية أو سياسية، لهو في حد ذاته تجديد لإمكانية أن تظل ثمة إعادة بناء أخرى للفلسفة.

الأعمال الفكرية للنسويات التي نستعرضها هنا يمكن أن تؤخذ كتبيانٍ لطريقةٍ تتجلى بها أشكال من الفكر في مراحل التغير الفكري، ليس داخل أو خارج انشقاق متعين بين من هم فلاسفة ومن هم ليسوا فلاسفة، بل على أعتاب إعادة تعريف «حب الحكمة». ما هو على المحك أكثر من مجرد تخصص أكاديمي. إن الفلسفة طوال تاريخها الطويل المتنوع المثير للجدل، جعلت نفسها معنية بالبنود الأساسية في الحياة الإنسانية: هُوية الذات، طبيعة الواقع، إمكانية المعرفة، وكثيرًا ما تومئ أو تعكس التغيرات في الباراديمات الفلسفية تغيرات جذرية في طريقة تصور ما هو إنساني وما هو واقعي. وفي الوقت الراهن نجد الواقع الخائلي [الافتراضي]٢ والعوالم الممكنة والذكاء الاصطناعي يدفعان الفلاسفة التحليليين إلى تنقيح وتوسيع فرضياتهم المنطقية والعلمية.

وأزعم أن ما هو أكثر جذرية وأهم في دلالته التاريخية، الاستعراض الوارد هنا لمراجعات الكاتبات لرؤًى ناجمة عن خبراتٍ آسيوية أو أفروأمريكية أو لنساءٍ وافدات من أمريكا اللاتينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. قد يهمل طلاب الجامعات الذكور من الطبقة الوسطى في دراستهم من أجل مطاردة امرأة من الواقع «الخائلي» في النطاقات المتاحة لمستخدمين متعددين، وقد يتخيل كتَّاب الخيال العلمي عوالم يوتوبية تعمل بواسطة حواسيب عملاقة، وقد يتصوَّر علماء العلوم المعرفية المخ كبرنامج عمل يستنسخ ذاته، بيد أن تكنولوجيا المعلومات التي تلهم بمثل هذه التأملات مجرد جانب واحد من جوانب تغير أعمق في الحياة الإنسانية، وبات التقوقع في جيوبٍ فكرية أو عرقية أو إثنية أو ثقافية مستحيلًا في عالمٍ هو قرية معولمة. لم يعد من الممكن أن نضع وفقًا لشفرةٍ ثقافية وحيدة مهيمنة تعريفًا لما هو الإنساني، وما هو الفكر، وماذا في معرفة الحقيقة. ولم يعد من الممكن نبذ اختلاط الألسنة والأفكار بوصفه «بربرية»، «بدائية»، «فطرية». إن ترينه وكولينز وآنزالدوا وسبلمان ولغونز يتحدثن إلى هذا الواقع الجديد، وليس إلى واقعٍ عالمي خائلي.

يجسد عمل ترينه مينه-ها الفجوات بين التخصصات المتعددة التي كثيرًا ما تنبثق منها نظرية جديدة. وتمامًا مثلما باتت الأخلاق مع سقراط مطعَّمة بالصور العقلانية للهندسة الإقليدية، أو زاد ديكارت من اختلاط أمواه الميتافيزيقا الأرسطية فخلطها بفيزياء غاليليو، أو استخدم الوضعيون المناطقة مناهج البحث المعملي لإزاحة قرون من التأملات المثالية، فكذلك تستكشف ترينه في (المرأة … المواطن المحلي … الآخر) روابط بين الأنثروبولوجيا والنقد الأدبي والتحليل النفسي والفلسفة، والتقاليد الشفاهية المحلية من الأقاصيص والسرديات. وفي فاتحة فصلها الأول، «تعهد من صندوق مرايا الكتابة» (Commitment from the Mirror-Writing Box)، نجد إلزامًا بنظرية سقراط «اعرف نفسك». إن الأنماط الشرائعية للتفكير والتعبير يمكنها أن تحول دون التأمل الذاتي، وهي تخلق تنظيرًا يدَّعي أنه تقريرٌ محض لا يصدر عن شخصٍ معين أو زمانٍ محدد، لا يخضع للتفنيد إلا بلغته الخاصة به. وليس هذا — كما تحاج ترينه — إلا وهمًا. الكاتبة، سواء في الفلسفة أو الأنثروبولوجيا أو الأدب، تكتب بوصفها ذاتًا لها تاريخ، سواء أقرَّت بهذا أم لا. إنها على وعيٍ بذاتها كذات كاتبة. هذا الوعي التأملي المنعكس يتم استبعاده من حيث المبدأ بواسطة التأسيس الفلسفي الراهن لسيمانطيقا الصدق النظري، بينما هو صميم ماهية الكتابة عند ترينه. الكاتبة ليست إنسانًا آليًّا، وهي واعية بهُويتها ككاتبة ومسائلة إياها. إنها دائمًا على خلافٍ مع لغتها، وهي ناقدة في علاقتها مع ما تنتجه، ولا يعنيها في علاقتها مع قرائها إلا الجودة فيما تكتب.

صميم ماهية الكتابة المدروسة عند ترينه؛ وبالتالي التنظير المدروس أو التفلسف المدروس، هو الانشغال بالمعضلات المتمثلة في تشابك التفاعلات الاستشكالية الواردة عاليه. تمر المرأة، من حيث هي كاتبة، بخبرة الحرية في تعريفها لنفسها. بَيد أنها تتحمل أيضًا المسئولية الوجودية التي ترافق تلك الحرية. يجب أن تكون الكلمات هي وسيطها، كلمات تتشكَّل أجروميتها وأسلوبها في الممارسات ودوافعها، وغالبًا ما تكون مغتربة عن إحساسها بذاتها وبالعالم الذي تحيا فيه، وربما يكون السؤال عن الجمهور سؤالًا أكثر صعوبة. الهدف من الكتابة، سواء فلسفية أو شعرية، هو التعبير عن الذات، لكن ليس من الواضح كيف يمكن أن يتحقق التعبير عن الذات بطريقةٍ لا ينجم عنها تشيؤ أو انسحاق أولئك اللاتي تكتب لهنَّ أو عنهنَّ. كيف يمكن ألا تكتب المنظِّرة فقط لقلةٍ من الزملاء في دائرة أكاديمية نخبوية مغلقة، بل تكتب إلى «الناس» وعنهم — ناس ليسوا من أمريكا الشمالية، ناس ملونون، نساء وكذلك رجال؟ تستخدم ترينه مثالًا لمصطلحٍ شائع في التنظير الماركسي والسياسي، يزعم المنظِّر الماركسي أنه يكتب ﻟ «الجماهير»، لكن هذا التجانس التعميمي ﻟ «كادر» العمال المنصاعين للتعليم ماذا يعني بالنسبة إلى العلاقة بين قادة الطبقة الوسطى في الثورة البلشفية، والذوات الذين سيجري «إعادة تعليمهم» من أجل الارتقاء بمواصفاتهم؟

تواصل ترينه تطوير هذه التساؤلات في الفصول اللاحقة حول الأنثروبولوجيا كلغةٍ للهيمنة الغربية،٣ و«سياسة الاختلاف» الراهنة التي تشيع في الدوائر النسوية، وسبل تدعيم وتقويض الصور الفوتوغرافية للمواضيع النصية المتكررة. إنها تستكشف مختلف صور التفاوض التي تحدث حالما تستجمع أصوات مختلفة من الحقبة بعد الاستعمارية القوة والاقتناع بتحدي السلطات القائمة.

هذا مثيرٌ للاهتمام، لكنه ليس فلسفة، أم أنه فلسفة؟ تخوض ترينه في تأمُّل العلاقات التبادلية المعقدة بين الذوات الفردية التي تتحدث من أماكن فريدة ومعينة في المكان والزمان، وبين الأشكال النحوية والخطابية التي يرتكن إليها المعنى في لحظاتٍ خاصة من تاريخ الفكر، العلاقات التبادلية بين المتحدثين/الكتاب والسامعين/القراء. وسوف أزعم أن المسائل الفلسفية التقليدية حول طبيعة النفس والواقع والمعرفة، إنما هي ثاوية في هذه التأملات، والأكثر أهمية على أي حال، هو أن ترينه تلامس ما أعتبره صلب ماهية الفلسفة؛ أي إعادة ابتكار التفكير الملائم لعالمٍ متغير.

أما باتريشيا هيل كولينز Patricia Hill Collins في عملها «فكر النسوية السمراء» (Black Feminist Thought) فتتَّجه مقاصدها نحو اهتماماتٍ فلسفية مماثلة من منظور الخبرة الأفروأمريكية. كيف يمكن للنساء الأفروأمريكيات أن يتفهمن موقفهنَّ، ويعبِّرن عنه بمصطلحاتٍ تحمل المعنى، ويشيدن المعرفة الضرورية لحل مشكلات المجتمع المحلي الأسمر؟ في فصلها الختامي «نحو إبستمولوجيا نسوية ذات مركزية أفريقية»،٤ توجز كولينز النتائج التي توصلت إليها: يمكن أن يوافق الجميع على أن المعرفة بالمجتمعات المتعددة الثقافات ضرورة مطلقة، ونحن جميعًا لا بدَّ أننا نحيا فعليًّا في مثل هذه المجتمعات، على أن السؤال هو كيف يمكن الحصول على هذه المعرفة؟ إبستمولوجيات القرن العشرين التجريبية المنطقية لا تكفي. هل يمكن تعريف مفاهيم مثل مجالات القيمة لأشياء محصورة، محددة سلفًا ثم القيام بمسح كَمِّيٍّ وإحصائيات للتحقق؟ هل يمكن تعريف العنصرية بقائمةٍ مغلقة من السلوكيات المحتملة ثم إجراء الاختبار من أجل هذه القائمة؟ وهذا الذي يجري تعريفه أنه الجريمة السمراء هل يمكن ربطه بمثول الأسر التي يعولها واحد فقط من الأبوين، لنصل إلى استنتاجٍ مفاده أن حل الأزمة في المناطق الحضرية المتاخمة هو إجبار النساء السوداوات على الزواج ومعاقبة الاتصال الجنسي غير الشرعي؟
توحي كولينز بأن هذا النوع من المعرفة التي طوَّرها علماء العلوم الاجتماعية البيض ودعمتها الإبستمولوجيات الفلسفية بعد الوضعية الراهنة لا تحيط بواقع «تجربة إقصاء» النساء السوداوات. وبدلًا منها تقترح كولينز مصادر أخرى للمعرفة: المقابلات الشخصية، الموسيقى الشعبية والأدب الشعبي، المحادثة، والحوار، وبدلًا من أن يبني العالم نظريةً مأخوذة من الآخر أو من أفكاره هو الواضحة المتميزة، فإنه حين يخرج بالمعرفة من هاتيك المصادر سوف يحتاج إلى تقنياتٍ جديدة، وهي تقنيات شرعت في تطويرها منظرات إبستمولوجيات نسويات أمثال ساندرا هاردنغ ولوريان كود وهلين لونغينو وإيفلين فوكس كيلر (Code 1987, 1991; Harding 1986, 1991; Keller 1985, 1992; Longino 1990). التقنيات التي تسعى إليها كولينز لا تفرض المقولات على الواقع ولا تضع برامج قبلية لموضوعات المصلحة البشرية، وسوف تتطلب أشكالًا من إقرار الصحة ومن التحقق، لا تسمح بتسلل القوالب النمطية مرتدية ثوب الوقائع، ولن تستخدم هوامش الخطأ المصطلح عليها لتهرب من الوقائع النافية، وفي موقع المساجلات الأكاديمية العقيمة بين الخبراء الذين يفترضون مفاهيم مشتركة، لا بد أن تعبر هذه التقنيات الفجوة بين النظرية والخبرة العينية، وتبادر بالحوار بين المنظورات البديلة والمتضاربة.

هل هذا ليس فلسفة؟ مجرَّد علم اجتماع؟ وفي هذا أليس علمَ اجتماع رديئًا؟ مرة أخرى أقترح نظرةً ثانية. تعرض فلسفة المعرفة الراهنة لا مبالاة مثيرة للدهشة إزاء ما يفعله العلماء في واقع الأمر. في مقابل هذا، ربما لا يدهشنا أن العلماء في العادة قليلًا ما يأبهون للفلسفة الأكاديمية للمعرفة، على الرغم من أن قلَّةً منهم لاحظت كيف أن الاستعارات المجازية الاجتماعية تشكل مفاهيم في العلم أو كيف يمكن أن تحدد العوامل المؤسساتية مناهج التحقق. كولينز مثل ترينه، كلتاهما تفتح نقاط تقاطع حرجة ومحتملة بين العلم من حيث هو منتج بشري، وبين الخبرة الإنسانية كما يجري التعبير عنها في القصص والموسيقى والمحادثة، كلتاهما تشير إلى موضعٍ متميز لفلسفةٍ جديدة للمعرفة تستطيع أن تعيد بشكلٍ حاسم صياغة تفهُّمنا لكيفية توليد مفاهيم تساعد في إصلاح ظروف من قبيل التفرقة العنصرية الواقعة وإملاق ذوي البشرة السمراء.

نوعية المعرفة التي تدعو إليها كولينز ليست مجرد تشخيص سلبي يدين النظرية الموجودة وينقدها، ففي أصوات النساء السوداوات اللاتي تدرسهنَّ ثمة معرفة مطمورة، معرفة بكيفية البقاء على قيد الحياة في ظروف القمع، بالكرامة تحت قيد الإكراه، بالقوة كتواصل لبيب. تقع هذه المعرفة خارج نطاق النموذج الإرشادي للإبستمولوجيا التطبيعية التي تشيع الآن في الفلسفة، حيث التسليم بأن العقل البشري آلية بيولوجية أو آلية عمليات-معلوماتية، تتطور كمساعدٍ للبقاء الفيزيقي. في خبرة النساء السوداوات البقاء على قيد الحياة لا قيمة له من دون الكرامة أو احترام الذات، لا يمكن فهم الخبرة من حيث هي إنسانية كما نفهم صراع الكائن الحي المنفرد من أجل البقاء بأي ثمن، بل نفهمها من حيث هي هادفة إلى حياةٍ متعددة الجوانب قابلة لإعادة التفاوض بشأنها بالتشارك مع الآخرين.

تعالج غلوريا آنزالدوا Gloria Anzaldúa وماريا لغونز Maria Lugones بنودًا مماثلة، وذلك من المناطق الحدودية المتنازع عليها بين أهل أمريكا الشمالية والمكسيكيين والإسبان والهنود والإنجليز والتشيكانو.٥ في عملها «المناطق الحدودية» تجعل آنزالدوا تصاريف الشعوب المهمشة والمقموعة للبقاء على قيد الحياة، تمثل قدرةً خاصة نجدها في كفاح التشيكانو للبقاء في ثقافة الإنجليز وكفاح السكان المحليين الذين واجهوا السادة الأعلين الإسبان، ومفاوضات أهل المكسيك مع الولايات المتحدة التي تفوقهم قوة بمراحل شاسعة. في مثل هذه المواقف يحتاج البشر إلى رؤية ما وراء السطح البادي، يحتاجون إلى استكناه أعمق للبنيات والنماذج التي هي دوافع الكلمات والأفعال، يحتاجون إلى وعيٍ يشعر ويفكر في تجاوز الأفكار المسبقة. وقد لا يكون قابلًا للتمثيل مبدئيًّا إلا في الصور أو الرموز.
تربط آنزالدوا بين هذه القدرة الخاصة على الاستبصار الأعمق وبين وعي «المستيزا»٦ ومنبع ظروف ثنائية أو تعددية لغاتهم. من الناحية التقليدية، كان الفلاسفة أصحاب لغة واحدة كمسألةٍ محسومة. لا بدَّ من تأكيدهم على لغةٍ مفضلة معينة لتكن الإغريقية أو اللاتينية أو الألمانية أو الإنجليزية؛ وذلك للتعبير الواضح عن الفكر العقلاني، وإلَّا فإنهم يتَّخذون واحدًا من مكونات الفكر ليجعلوه كونيًّا مفترضين أنه ما دام عقلانيًّا وذا معنى، فيمكن فهمه بأي لغةٍ وفقًا لشروط السيمانطيقيات [أي علم دلالة الألفاظ] الأوروبية. وتستحضر ريجينا هاريسون Regina Harrison الغزو الإسباني لبيرو في مقالها «العلائم والأغنيات والذكرى في الأنديز» (Signs, Songs, and Memory in the Andes)؛ لكي تجلي كل لبس عن التاريخ السياسي والإمبريالي لمثل هذا الافتراض، وهو تاريخ مثير للجدل. كان المبشرون والإداريون الناطقون بالإسبانية يوجههم هدف الغزو والتنصير بأي ثمن، فناضلوا من أجل التواصل مع السكان الأصليين من أهل كويتشوا،٧ فهل كانت اللغة البدائية ثرية بما يكفي، وعقلانية بما يكفي، لنقل قيم المسيحية وحقائقها؟ أم كان ينبغي تدريب الوعاظ والإداريين في أراضي كويتشوا؟ هل التعبير عن المفاهيم المسيحية بلغة كويتشوا يدنسها بالخزعبلات البدائية والنزعة الحيوية؟ أم أن تعليم السكان الأصليين وحكمهم يكون فقط باللغة الإسبانية؟ تتتبع هاريسون أشكال سوء الفهم وتنافر المفاهيم عبر التفاعلات الواقعية العنيفة غالبًا بين الناطقين بالإسبانية والشعوب الأصلية، وتبين هاريسون أن أيَّ نظرةٍ إلى بنيةٍ مفهومية بوصفها بنية كونية إنما هي نظرة ساذجة. يفشل الأوروبيون المرة تلو الأخرى في تفهُّم الميتافيزيقا التوليدية لأهل كويتشوا القائمة على جذورٍ من استعارات مجازية للتماثل والتوازن الاجتماعيين. المرة تلو المرة، يصر الناطقون بلغة كويتشوا على فهم المبادئ الأوروبية بلغاتهم هم، وعوقبوا على ذلك.

أولئك الذين يعيشون، مثل آنزالدوا، في المناطق الحدودية بين ثقافتين، ويواصلون الذهاب والإياب بين عوالم لغوية، لا يستطيعون الخوض في الوهم القائل بوجود ميتافيزيقا عمدة. لا بدَّ لهم من المعاناة المستمرة من صدمة التناطح بين أطرٍ مرجعية غير متوافقة، ولم يعد من الممكن تفادي هذه الصدمة عن طريق العزلة الثقافية والعنف الذي لا يزيد إلا من حدة المعارضة والمواجهة، لكن آنزالدوا تحاج بأنه في صميم هذه التقاطعات الثقافية تنبثق إمكانية وعي من نوعٍ جديد. إنه ليس وعي المنطق المغلق المتَّصف بالاتساق الذاتي الموحد القائم على لغةٍ متفوقة أو أجرومية عمدة، بل هو وعي مستيزي يعمل بين عوالم مفاهيمية لها أساليب متباينة من التفكير وتتَّسع فيها المفاهيم وتتسامح إزاء الغموض والتناقض. أما الفكر الذي سوف يرسم في القرن الواحد والعشرين خصائص النموذج النمطي لما هو إنساني فربما لا يكون هو وعي النخبة المثقفة ذات التعليم الجيد التي ترتحل لحضور المؤتمرات وتقيم في فنادق الدرجة الأولى. ربما يكون الفكر الملائم والسائد في المستقبل هو الفكر الخاص بالمستيزا عند آنزالدوا الذي يتحرك جيئةً وذهابًا بين الثقافات واللغات، ينمي التحليل الأعمق الضروري لردم الهوة بين الحدود المفاهيمية.

لكن، هل هذا شعر، تاريخ، سرد شخصي، وليس فلسفة؟ وهل الإجابة عن هذا السؤال واضحة؟ وتلك الاستكشافات المفاهيمية لآنزالدوا والنساء الملونات الأخريات، هل يمكن أن تقدم فلسفةً جديدة، يجتمع شملها مع الخبرة في العالم؟ وبدلًا من الاستمرار في تجربة تعكس هيمنة عرقية أو ثقافية عفَّى عليها الزمن، تأتي مثل هذه الفلسفة لتعتمد على الخبرة الفعلية لبشرٍ اعتادوا الحراك بين لغةٍ وأخرى وبين ثقافةٍ وأخرى. وإذا كان الفلاسفة هم المحترفون في فيلق المفكرين، كما أشارت هَنَّا آرندت Hannah Arendt في كتابها «حياة العقل» (The Life of the Mind)، فلعل الخبراء في الوقت الراهن ليسوا أولئك الذين يتبنون الخيالات المستحدثة للذكاء الاصطناعي أو لأمخاخ آلة تورينغ الكونية٨ في العلوم المعرفية، بل هم المستيزيون عند آنزالدوا، والفرنسيون-الأفارقة والبريطانيون-الهنود-الأمريكيون واللاتين-الأمريكيون [الوافدون من أمريكا اللاتينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية].
تقدمت الفيلسوفة ماريا لغونز Maria Lugones ذات الأصل اللاتيني الإسباني٩ بسلسلةٍ من المقالات تتتبع فيها هذا الاقتراح. وفي حوارٍ مع إليزابيث سبلمان Elizabeth Spelman، دار العام ١٩٨٣م، «توصلنا لنظرية من أجلك» (Have We Got a Theory for You!)، تستكشف لغونز أشكالًا من التفلسف ليست أحادية الصوت، صوت لغونز وصوت سبلمان ذات الأصل الإنجليزي يندمجان وينفصلان ويتداخلان في اعترافٍ أن المدارك تختلف، ولكن أيضًا مع اعتقاد بإمكان تحقيق درجات من توافق الآراء وبالتالي من الصدق. في هذا المقال المبكر تتَّجه مقاصد لغونز إلى تساؤلاتٍ سوف تواصل بحثها في عملٍ لاحق، ما الذي يمكن أن يكون دافعًا للحوار بين امرأةٍ ذات أصولٍ إنجليزية من ثقافةٍ مهيمنة وامرأة من أصولٍ لاتينية إسبانية؟ لماذا ترحب امرأةٌ إنجليزية باتخاذ الخطوة القلِقة، بل الخطرة، باقتحام عالم النساء الملونات؟ ولماذا تخاطر امرأة وافدة إلى الولايات المتحدة من أمريكا اللاتينية بالدخول في حوارٍ مع ثقافةٍ لديها كل ما يدعوها إلى الريبة فيها؟ وبمثابرة بالغة، تستكشف لغونز المضامين الأنطولوجية والميتافيزيقية لهذه التساؤلات. تقترح النظرية أن نمسك بلباب معنى الخبرة، لكن كيف يمكن لشخصٍ أن يمسك بمعنى خبرة شخص آخر؟ هل من الممكن أصلًا وضع نظرية عابرة للاختلافات؟ هل من الممكن أن يكون أي نمطٍ من أنماط تنظير النسويات البيض مفيدًا أو ذا أهمية لنساءٍ ملونات؟ مثل هذه التساؤلات تعالج مشاكل عملية في الحركة النسوية، وأيضًا تتضمن أنطولوجية الذات والواقع.
تمتد تأملات لغونز إلى أعطاف مقالها الصادر في العام ١٩٨٧م «اللهو والترحال في العالم والمعرفة الودودة» (Playfulness, World-Travelling, and Loving Perception). تتحدَّد هُوية الشخص عن طريق خصائص معينة ماهوية أو عرضية، فهكذا تحكم ميتافيزيقا الجوهر والعرض عند أرسطو. بَيد أن لغونز تعثر على الاختلاف المميز لها، بوصفها امرأة تعبر من ثقافتها الأصلية الأرجنتينية إلى الثقافة الإنجليزية. فهي في المنزل لاهية، على أن أحدًا في العالم الإنجليزي لن يعزو هذه الصفة إليها. هل يجب أن ننظر إلى عدم الاستقرار هذا في الهُوية على أنه من أمراض انفصام الشخصية؟ وتخلص لغونز إلى أن الحياة في «عالمين لهما مغزيان» مختلفان، وامتلاك هويتين مختلفتين في ذينك العالمين هو الوضع الطبيعي لأولئك الذين يرتحلون بين عالمين.
لكن مع التسليم بما يمكن اعتباره تشظيًا شائهًا، كيف يمكن أن يكون ثمة فاعل، هل يمكن التفكير في أن المرء يستطيع أن يُحدث تغييرًا في العالم؟ إنها تساؤلات أبعد، تواجهها لجونز في ورقتها المقدمة إلى ندوة الجمعية الفلسفية الأمريكية (A.P.A) في العام ١٩٩٠م بشأن «الجنوسة، العرق، الإثنية». مشكلة الفاعل لا تستطيع حلَّها البنيوية التي تعتبر الهوية الذاتية بناء مشيدًا، ولا ما بعد البنيوية التي ترى الهوية بالضرورة جزئية ومتشظية. خبرة العامل بأنه مكبلٌ داخل البنيات الرأسمالية أو خبرة المرأة بأنها مكبلة في المؤسسات الذكورية، حقيقية بما يكفي. ولكن حين نأخذ في الاعتبار «التعددية الأنطولوجية» لعوالم المعنى المختلفة، وما يوازيها من تعدديةٍ شخصية ناجمة، تغدو الفاعلية ممكنة. المرأة التي «ترتحل» من عالمٍ إلى عالم تشعر بأنها إنسانٌ مختلف في هذين العالمين، وتكون هكذا فعلًا، لديها مقاصد ورغبات لا تبقى ثابتة من عالمٍ إلى آخر. وعلى أي حال، ليس هذا من أعراض مرض. إنها تستبقي ذاتها في العالمين المختلفين، وهذا يضعها في موضع تلقي أفعال غريبة عن البنيات الراسخة، بل أيضًا تنفيذها، في اللحظة التي تعبر فيها من عالمٍ إلى آخر تنعم بحرية الوجود خارج البنيات التي تكبلها بثقافةٍ واحدة موحدة.

يصعب تحديد المدى الزمني الذي تستغرقه مثل هذه الاستبصارات قبل أن تدخل بشكلٍ مثمر في حوارٍ مع الدراسات الفلسفية الراسخة للهوية عبر العوالم الممكنة وللنسبوية الأنطولوجية وغموض المرجعية. ولعلَّ المتاريس الثقيلة تحوط بعوالم المغزى، بما فيها العالم الأكاديمي للمغزى. أسباب عديدة تجعل أولئك الذين هم في موقع السلطة لا يرغبون في الابتعاد عن نماذج إرشادية راسخة. تشدِّد لغونز عبر كتابتها على أن المصلحة الذاتية لا يمكن أن تكون هي الدافع للحوار بين عالمين؛ إذ يحول دونها المخاطرة في رؤية ذاتك كما يراها الآخرون، وأخطار الولوج إلى عالمٍ لا تحصنك فيه امتيازات العرق والطبقة، وأكدت لغونز أن السبب المعقول للارتحال بين عالمين هو الصداقة بين النساء كأفرادٍ التي تقهر المخاطر، وأن المصلحة الذاتية كفيلة بأن تستبقينا في المنزل.

ربما كانت على صواب. وعلى أي حال. أزعم أن ثمة سببًا آخر قد يدفع النساء والرجال إلى التفلسف على غرار ترينه وكولينز وآنزالدوا وهاريسون وكولينز وسبلمان ولغونز. لقد جرى وصف لب ما يدفع إلى التفلسف بأساليب مختلفة، لكن واحدًا من الاقتراحات العتيقة جدًّا هو أن المجاجة تأتي من الدهشة، الدهشة من سر الوجود الإنساني ومن تعقده. التفلسف في البيئة العالمية المستجدة — التفلسف العابر للغات وللثقافات، التفلسف الذي يلائم بين تنوع الخبرة، والتفلسف الذي يرفض التضحية بالواقعة المادية على مذبح بساطة أي عالمٍ خائلي — يملك الجاذبية العقلية الدافعة التي نجدها في ثراء المفاهيم وعمق الخبرة. ويشعر المرء بأن هذا، بكل ما يكتنفه من صعابٍ وأوحال، لهو الحياة الحقة والفكر الحق.

هوامش

(١) أشهر تعبيرات سقراط المجازية في هذا الصدد، قوله إن أمه قابلة تمتهن توليد النساء، وهو بدَوره يمتهن توليد الأفكار والتعريفات من نفوس الرجال. [المترجمة]
(٢) يشيع وضع «الواقع الافتراضي» كترجمةٍ ﻟ Virtual reality الذي يتخلَّق في عوالم الحواسيب والإنترنت، ولكن يبدو «الواقع الخائلي» وهو المقابل الذي طرحه د. نبيل علي عبر سلسلة عالم المعرفة هو الأفضل والأدق والأدعى لعدم الالتباس. [المترجمة]
(٣) في أن الإنثوبولوجيا لغة للهيمنة الغربية أو صراحة وبوضوحٍ أكثر هي وجه آخر للاستعمار، ربما تفيد الإشارة إلى كتاب جيرار لكلرك «الأنثروبولوجيا والاستعمارية». وقد ترجمه إلى العربية د. جورج كتورة. [المترجمة]
(٤) يبدو تعبير مركزية-أفريقية Afrocentric ثقيلًا على الأسماع ومرفوضًا وطائشًا عن الهدف؛ فالهدف هو نقض ورفض وتفكيك كل وأي مركزية، وليس أن نستبدل بالمركزية الغربية مركزية أخرى. [المترجمة]
(٥) التشيكانو (Chicano)، وثمة إشارة إليهم في فصلٍ سابق وسيعود إليهم فصل لاحق، هم مواطنو الولايات المتحدة الأمريكية ذوو الأصول المكسيكية، أو المكسيكيون، ويغلب عليهم الفقر والعوز. وشاع استخدام هذا المصطلح — الذي يعود إلى أصولٍ لغوية إسبانية — كناية عنهم بعد أن قاموا بانتفاضةٍ في نهايات عقد الستينيات وبدايات السبعينيات في القرن العشرين، باحثين عن حقوقهم المدنية، وراغبين في توحيد أنفسهم على أساس أن لهم هويتهم وفنونهم وآدابهم. [المترجمة]
(٦) أشرنا في هامش بالفصل الأول إلى أن مستيزا Mestiza كلمة إسبانية تشير إلى ذوي أجناسٍ مختلطة أو أعراقٍ متمازجة. وقد باتوا أغلبية في بعض المواطن مثل المكسيك، باحثين عن هويةٍ متميزة، وكانوا في حقوقهم وفي مستويات معيشتهم أقل من السادة الإسبان الخُلَّص، وفي تصنيفهم الثقافي الوطني أقل من أهل البلاد الخلص، وبشكلٍ عام باتت المستيزية من المشاكل التي يتعين مناقشتها عند بحث تعدد الثقافات. [المترجمة]
(٧) كويتشوا (Quechua) الشعب الذي يقطن في المناطق الوسطى من جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، ويستخدم المصطلح نفسه للإشارة إلى لغاتهم الخاصة بهم، وأيضًا إلى أحد أقاليم بيرو الطبيعية، وهو الإقليم الذي يسكنه هذا الشعب. [المترجمة]
(٨) في العام ١٩٣٦م وضع العالم البريطاني الشاب آلان تورينغ A. M. Turing تصميمًا نظريًّا لآلةٍ قادرة على ميكنة المسلمات الرياضية والاستدلال الرياضي، وتلك هي آلة تورينغ، وفي الأربعينيات نجح جون فون نيومان John Von Newmann وآخرون في تجسيد آلة تورينغ فعليًّا باستخدام الدوائر الكهربائية فكانت نشأة الكومبيوتر. [المترجمة]
(٩) خضعت المناطق الشاسعة في أمريكا الوسطى والجنوبية لحكم المستكشفين الغزاة الإسبان واحتلالهم، فباتت تعرف باسم أمريكا اللاتينية، وتتحدث باللغة الإسبانية، اصطبغت ثقافة الشعوب الأصلية بالصبغة الإسبانية؛ لهذا بات أهلها هم اللاتين الإسبان، في هذا الموضع تقول الكاتبة: أهل أمريكا الشمالية الإنجليز وأهل أمريكا اللاتينية الإسبان نسبة إلى اللغة المتحدثة. إن اللغة دائمًا هوية وثقافة. [المترجمة]

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤