الفصل الثامن

كان التحقيق مُوجَزًا ورسميًّا. قُدمت أدلة الهوية للرجل والسيدة المتوفيين؛ وقدم الطبيب نتائج فحصه، ثم طلبت الشرطة التأجيل أسبوعين، وكان لها ما طلبت.

ذهب ديفينش إلى المتجر بعد تناوله غداءً متأخرًا.

في تمام الساعة الثانية، وصل مدير المتجر. بدا أقلَّ شحوبًا وانهزامًا من اليوم السابق، إلا أن فمه بدا مُتصلِّبًا وعينيه متجهمتان. كان لدى ديفينش انطباع بأن الرجل صار يشعر الآن بمرارة تجاه العلاقة التي اكتُشفت مؤخرًا بين الآنسة تيومر والسيد ماندر (بغض النظر عن ماهيتها المحتملة) أكثر من كونه يشعر بفاجعة خسارته.

أَجْلَسَ المدير، ثم سأله إن كان قد أبلغ رب عمله بخطبته إلى الآنسة تيومر.

ردَّ كيفيم بصرامة قائلًا: «كلا، لم أفعل.»

«لا شك أنكَ كنت تنوي القيام بذلك، أليس كذلك؟»

«بالطبع، ولكن لا عَلاقة له بالأمر، أو هكذا كنت أظن.»

«إذن، على حد علمك، لم يكن السيد ماندر يعرف أنك كنت خطيبًا للسيدة المتوفاة؟»

«على حد علمي، لم يكن يعرف.»

أطرق ديفينش ببصره. ثم أردف يقول: «هل لديك علم بأن السيد ماندر قد زار الآنسة تيومر قبل وفاته؟ أقصد أنه زارها في بيتها، واصطحبها إلى الخارج في سيارته؟»

«عرفت ذلك الآن. فقد ذهبت إلى شقتها أمس بعد أن تركتك.»

«ألم تخبرك بهذا من قبل قط؟»

قال كيفيم وقد اعتلت وجهه نظرة غاضبة: «ليست هذه نوعية الأمور التي من شأنها أن تُخبرني بها.»

«هل يمكنك أن تخبرني بسبب زيارتها للسيد ماندر مساء يوم الأحد؟ أقصد هل يُحتمل وجود أي تفسيرات متعلقة بالعمل؟»

«لا أظن ذلك.»

نظر ديفينش إليه مباشرة. وقال: «هل في حوزتك أي ذخيرة بقطر ٠٫٣٠٣، يا سيد كيفيم؟ يمكنك أن تجيب عن هذا السؤال أو تمتنع عن الإجابة إذا شئت؟»

لم يُبدِ كيفيم أيَّ دهشة من السؤال. وردَّ بجفاء: «لديَّ عشرون خرطوشة تقريبًا من ذلك العيار. إذا كنت مهتمًّا بزيارة شقتي، يمكنك أن تطلع عليها، وتفحص بندقية الرماية خاصتي.»

«سأذهب معكَ في الحال، إذا كان ذلك مناسبًا. أنت تستخدم ذخيرة بنادق الرماية، لا بنادق الخدمة العسكرية العادية؟»

«هذا صحيح. ولكن حريٌّ بك أن تراها بنفسك.»

هبَّ ديفينش واقفًا، وخرجا معًا. استقلَّا سيارة أجرة إلى الشقة. كانت شقةً كبيرة مؤثثة جيدًا، وإن لم تكن فخمة. أجلس كيفيم ديفينش في غرفة الاستقبال بينما صعِد إلى الطابَق العُلوي وعاد ببندقية رماية، مزودة بمهداف تلسكوبي، وصندوق به بعض الذخيرة.

قال بهدوء: «هذه كل الخراطيش التي لديَّ.»

فحص ديفينش البندقية بدقة، ثم الخراطيش، واحتفظ بواحدة منها. ثم قال: «أرغب في فحص هذه بعناية أكثر. بالمناسبة، أتمانِع أن تحمل البندقية على كتفك لإجراء بعض القياسات؟»

لو كان كيفيم الجاني، فإنه لم يظهر أي علامات انزعاج. بل وقف، وصوب البندقية.

قال ديفينش: «صوِّبها أسفل مستوى فخذي بقليل يا سيدي. كان طول السيد ماندر نحو خمس أقدام وسبع بوصات. وأظن أن طولك خمس أقدام وتسع بوصات.»

«عشرة أيها المحقق.»

أخرج ديفينش شريط قياس ووضع عدة علامات على الجدار بينما أنزل كيفيم البندقية وراقبه. طلب من المدير أن يُصوِّب نحو العلامات تباعًا، وأخذ قياسات عمودية وجانبية، والتف خلف الرجل الذي يحمل البندقية ونظر عبر مهداف البندقية من فوق كتفه.

أوضح أثناء عمله قائلًا: «لست مُضطرًّا إلى مساعدتي في هذه التجارب ما لم تكن ترغب في ذلك. أريدك أن تفهم ذلك.»

رد كيفيم قائلًا: «ليس لديَّ أدنى اعتراض، سيدي المحقق.»

قال ديفينش وهو يطوي شريط القياس بعد أن انتهى: «إليك المقصد من هذا. أنت لست بحاجة لأن تكون طويل القامة لتصيب رجلًا في فخذه بحيث تسلك الرَّصاصة مسارًا مائلًا إلى أسفل. لكن الطبيب الشرعي في هذه القضية يقول إن درجة الميل كانت عمودية إلى حدٍّ ما، مما يشير إلى أن الجاني أطول من المتوسط.»

أنزل كيفيم البندقية. وعلَّق قائلًا: «سيدي المحقق، حريٌّ بي أن أقول إنه لا ينبغي لك أن تبحث عن رجلٍ طويل فحسب، وإنما عليك أيضًا أن تبحث عن رجلٍ قادر على حمْل ماندر لمسافة. هل ثمة شيء آخر؟»

«هل تعارض تفتيشي شقتَك؟ ليس لديَّ أمرٌ قضائي.»

«ليس لديَّ أدنى اعتراض على قيامك بأي شيء ذي منطق. هذا يُسعدني مثلك تمامًا.»

وعلى مدى الساعة التالية، انشغل بتفتيش الشقة. غير أنه لم يجد شيئًا له أدنى صلة بالقضية. وكان كيفيم متعاونًا من البداية إلى النهاية. وعندما انتهى المحقق من عملية التفتيش، عرض عليه تناول الشاي، ولكن ديفينش رفض.

«كلَّا، شكرًا لكَ يا سيدي. فعليَّ مواصلة التحقيقات. أنا ممتن لكَ تمامًا.»

هزَّ كيفيم كتفيه في سأَم. وأردفَ قائلًا: «لا بأس. أتمنى لك يومًا سعيدًا أيها المحقق.»

عندما غادر ديفينش الشقة، قرَّر أن يكون السيد كين هو وِجهته التالية. فقد سمِع من الرجال العاملين في المتجر أن كين لم يحضر إلى العمل، ولذا ذهب على الفور إلى مسكن الشاب في شارع كايستر ستريت.

وتصادف أن كان كين موجودًا هناك، يتناول الشاي. ولكنه لم يدعُ المحقق للانضمام إليه؛ وإنما عرض عليه سيجارة فقط؛ وبدا مبتهجًا وهادئ البال تمامًا.

قال متسائلًا: «أما زلت منشغلًا بالتحقيقات؟ هل من جديد؟»

ردَّ ديفينش قائلًا: «لا شيء يا سيدي. هل لي أن أسألك يا سيدي، أين قضيت مساء الأحد الماضي؟»

«الأحد الماضي؟» ارتشف كين بعض الشاي وأومأ برأسه. ثم أردف: «أجل، بالتأكيد. ولكن هل من المفترض أن أكون الشرير في القصة أيها المحقق؟ لا يجب أن تجيب عن هذا السؤال، أليس كذلك؟ أوه، بعد ظهر يوم الأحد، خرجت بسيارتي الصغيرة، وقمت بجولة رائعة بها. قطعت مائة وعشرين ميلًا قبل الساعة الخامسة والنصف. وفي طريق عودتي، وجدت نفسي بالقُرب من جيلوفر، ومِن ثَمَّ دخلت إلى هناك وجددت معرفتي بالطيار الفني الخاص بطائرتنا الواثبة. فتًى ذكي، ولكن ما زلت أؤكد أنها طائرة فريدة من نوعها. كان غاضبًا مني جدًّا لأنني تساءلت إن كان هو مخترع الطائرة.»

«أتظن أنه المخترع؟»

«هو مؤهَّل لذلك تمامًا. أيوجد شيء آخر؟»

«متى عدت إلى هنا يا سيدي؟»

أزاح كين فنجانه جانبًا واعتدل في جلسته. وأردف يقول: «دعني أتذكر. كانت الساعة التاسعة والنصف على ما أظن. تركت سيارتي في المرأب. أُضطر إلى وضعها في مرأبٍ بالٍ؛ حيث لا يوجد مكان أقرب من ذلك. ولكن انتظر لحظة، هل قلت متى عدت إلى هنا؟»

«أقصد إلى المدينة يا سيدي.»

«إذن، هذا صحيح. بعد ذلك ذهبت إلى سينما قريبة من هناك، وعدت إلى منزلي هنا في حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف.»

دوَّن ديفينش ملاحظة بذلك. ثم قال: «وهل عرف الساكنون هنا (أرى أنك تعيش في مسكن مشترك، لا شقة)، هل سمعوكَ حين دخلت، أو فتحوا لك الباب للدخول؟»

ضحك كين. وعلَّق قائلًا: «حُجَّة غياب قديمة ومقنعة، أليس كذلك؟ كلا، لم يفعلوا، على حد علمي. ولكن حريٌّ بي أن أتأكد إن كانوا قد سمعوني. هينز العجوز وزوجته القاطنان هنا كانا يعملان خادمَين لدى ذويَّ في الأيام الخوالي. سأوقظ هينز.»

جلس ديفينش صامتًا حتى وقف كين وقرعَ جرسًا.

«لديك مفتاح للمزلاج إذن، أليس كذلك؟»

ابتسم كين وهو يعود إلى مقعده. وقال: «إنهم يسمحون لي بحيازة مفتاح! لقد كانوا ريفيين، ولم يعتادوا بعدُ السهرَ لوقتٍ متأخر.»

وبعد دقيقة، دخل الغرفة رجلٌ مُسنٌّ يبدو بمظهر خادم متقاعد.

«هل قرعت الجرس، يا سيد ويليام؟»

«أجل فعلت، يا هينز. هذا السيد يريد أن يعرف إن كنت سمعتني أدخل الغرفة مساء يوم الأحد، وإن كنت سمعت، فمتى كان هذا.»

رمق هينز المحقق بتلك النظرة التي يشوبها قَدْر من الشك والازدراء التي تميز خادمًا خبيرًا بالزوار المريبين.

«كلا، يا سيد ويليام، لم يسمعك أي منَّا حين دخلت. لقد قلت على الإفطار في صباح اليوم التالي إن الساعة كانت الحادية عشرة والنصف تقريبًا.»

قال كين: «ذاكرة رائعة للحقائق. حسنًا يا هينز، هذا سيفي بالغرض.»

هناك دومًا احتمال بأن من يذكر أوقات دخوله وخروجه بعد وقوع الحدث يكون حريصًا على طبع تلك الأوقات في ذهن من يسمعه. غير أن ديفينش لم يُعلِّق بشكلٍ أو آخر.

ابتسم له كين متسائلًا، وتابع حديثه عندما غادر هينز الغرفة. فقال: «يقولون إن القانون والنظام الإنجليزيَّين يتحققان من خلال التعاون الرائع والفريد بين الشرطة والشعب أيها المحقق. وباعتباري واحدًا من الناس الذين يسعدون بقدرتهم على التعاون معكم، أدعوكَ لإلقاء نظرة على مسكني. لا يمكنني أن أعدك برؤية مستودع أسلحة خفي، أو أي شيء خيالي من هذا القبيل، ولكن يُستحسن أن نُنهيَ هذا الأمر.»

لم يُبدِ ديفينش أيَّ تأثُّر بهذه المزحة. وعلَّق قائلًا: «ممتاز يا سيدي، بما أنك اقترحت ذلك، فسأفعل.»

أجرى تفتيشه، ولم يعثر على شيء، وعاد مع كين إلى غرفة الجلوس. سأله: «هل تذكر يا سيدي أيَّ شخص جلس بجوارك في السينما؟ أي شخص كان بجوارك، أو بالقرب منك؟»

ردَّ قائلًا: «لا أتذكر بوضوح يا صديقي العزيز. أنا أذهب إلى السينما لأشاهد الفظائع على الشاشة، لا لأشاهد الفظائع الجالسة بجواري. لديَّ ذكرى مشوشة لرائحة حلوى نعناع على يميني ومضغ علكة على يساري. الرجل صاحب العلكة ربما كان لاعبَ كرة محترفًا. أعتقد أنهم يدمنونها.»

هزَّ ديفينش كتفَيه. وأردفَ يقول: «أها، إذن أظن أن هذا كل ما أودُّ أن أسألك بخصوصه في الوقت الراهن.»

قال كين: «لا تقلق من جانبي. أنا مُهتم بالأمر. بالمناسبة، قال أحدهم إن الطبيب الشرعي أكَّد أن الماوزر لا يمكنه أن يُطلق تلك الرَّصاصة. ما الذي يعرفه بخصوص هذا الأمر بحق السماء؟»

قال ديفينش بجفاء: «يبدو أنه غير خبير بعلم القذائف، يا سيدي.»

اقتبس كين مقولة لاتينية قائلًا: ««لا تُبدِ رأيك خارج حدود اختصاصك.» أكره أن أرى أطباء شرعيين أكْفاء يتظاهرون بكونهم خبراء في غير اختصاصهم. نظريتي تقول إن ماندر طعن الآنسة تيومر، ثم أطلق النار على نفسه بهذا المسدس.»

«وأين ذهبت الرَّصاصة؟»

قطَّب كين جبينه. وقال: «أوه، تلك هي المعضلة حقًّا. ولكن لنفترض أن شخصًا آخر كان في الشقة؛ لن أقول من هو. لنفترض أنه جاء ليقتل ماندر، ووجد المهمة قد أُنجزت بالفعل. ولم يرُقْ له أن يُعثر عليه في شقة مع جثتين، فحملهما إلى أسفل إلى مشهد قاعة الرقص بالطابَق السفلي، وبذلك يجعل الأمر يبدو وكأن جريمة القتل والانتحار قد وقعتا هناك.»

سأله ديفينش: «ولماذا لم يغادر المكان على أي حال؟ إذا كان قد تمكَّن من دخول الشقة، فقد كان بإمكانه الخروج منها مرة أخرى.»

قال كين: «لا أظن أنه خرج مرة أخرى بالطريقة نفسها التي دخل بها. في رأيي أن ماندر ارتكب جريمة القتل حين علِم بخطبة الآنسة تيومر لكيفيم. وأظن أنها صعِدت إلى الشقة من الجزء الخلفي الذي يُفضي إلى الممر الضيق الذي لا نستخدمه إلا من أجل الشاحنات وأجهزة توليد الأحمال الكهربائية. فما من أحد يتواجد هناك يوم الأحد.»

«وهذا الرجل الافتراضي هو من دخل أيضًا؟»

«بالطريقة نفسها. وحين وجد الجثتَين، ربما ظنَّ أن الخدم سمعوا صوت إطلاق النار وسيفتشون الممر. أظن أنه من المحتمل جدًّا أن يكون قد اختبأ في المتجر، وخرج حين احتشد الزبائن في صباح يوم الإثنين.»

«رائع ولكن حريٌّ بك أن تتذكر، يا سيدي، أنه لم يكن هناك أثرٌ للرَّصاصة داخل الشقة أيضًا. ولماذا يشعر الرجل بالقلق حيال جثتَين أكثر من قلقه بشأن جثة واحدة؟ فإذا حوكم وأُدين ظلمًا، فقد يُشنَق لارتكاب جريمة واحدة.»

ضحك كين. وعلَّق قائلًا: «أخشى حقًّا أنني لن أكون محققًا ناجحًا. لقد نسيت تلك النقاط. هلا تناولت مشروبًا؟»

أجاب ديفينش: «كلا، شكرًا لك. عليَّ أن أذهب الآن.»

لطالما كانت تساوره الشكوك في أن الطبيب الشرعي كان يحاول تقديم تشخيصٍ متسرع جدًّا بخصوص مسألة المسدس الماوزر، ولكنه بطبيعة الحال لم يدرُس الموضوع بدقة. وسكوتلانديارد لا تقبل استنتاجات الخبراء من أي شخص سوى الخبراء أنفسهم؛ ولذا عُرض المسدس الماوزر بالفعل على صانع أسلحة.

عندما غادر ديفينش مسكن كين، توجَّه على الفور إلى هذا الخبير وسأله عمَّا إذا كان قد تَوصَّل إلى أي استنتاجات بخصوص المسدس.

قال الرجل: «قطعًا، لم يكن طبيبك الشرعي ليعطيَك رأيًا قاطعًا في قضية ما دون أن يدرسها من الناحية العلمية، ولكن يبدو أنه ألقى نظرة سريعة على السلاح ثم أطلق حكمه.»

علَّق ديفينش مبتسمًا: «يقولون إن عازفي الكمان المشهورين يرغبون دائمًا في أن يكونوا مُلحِّنين، والكُتَّاب يرغبون في أن يكونوا رجال أعمال.»

«الأمر كله مُتعلِّق بالحجم سيدي المحقق. لقد فحصنا المسدس تحت ضوء ساطع، وظهرت آثار أكيدة تدل على إطلاق رَصاصة منه.»

«أوه، حسنًا. ولكن ليست رصاصة عادية، أو رصاصة مُدبَّبة الرأس ملساء؟»

«بلى، من المؤكد أنها رَصاصة ذات غِلاف فولاذي. ولكن خذها مني كلمة ثقة بأن الماوزر هو السلاح المستخدم في الجريمة.»

«لا نستطيع العثور على أيِّ أثرٍ للرَّصاصة. استنتجت أن رجلًا أطولَ من ماندر كان يمسك بالمسدس، أو أن ماندر كان في وضع الجثو أو الجلوس. وما لم يكن قد اعترض طريقها عظمة أو شيء ما، وهو لا يبدو صحيحًا في هذه القضية، فمن المفترض أنها اخترقت جدارًا، أو نفذت عبر ثقبٍ قُطره نحو ثماني عشرة بوصة من الأرضية.»

«هل قمتم بفحص جميع فتحات التهوية الممكنة؟»

«أجل. الأمل الوحيد لدينا أن نكتشف نافذةً ما كانت مفتوحة بغرفة استقبال السيد ماندر. ولكن ما لم يكن ماندر جالسًا على حافة النافذة، فأنا لا أفهم كيف أمكنها الخروج بتلك الطريقة. فحتى لو كان قد جلس على حافة النافذة، مثلما يفعل الناس أحيانًا — رغم ندرة حدوث ذلك في شهر نوفمبر — فلا بد أن يكون طول القاتل حوالي سبع أقدام وست بوصات لكي تَنفُذ الرَّصاصة بالزاوية التي نفذَت بها.»

علَّق الرجل قائلًا: «أرى أن لديك مُهمَّة تنتظرك.»

أومأ ديفينش. وقال: «مهمة بغيضة. ولكن ثمة شيئًا علينا تذكره دومًا. الرَّصاصة تذهب إلى مكان ما. إذا لم يتبين أنها اخترقت أيَّ سطح داخل المبنى، إذن فهي لم تُطلق في ذلك المبنى. الأمر أشبه برجل يخبرك كيف أن محتالًا هرَب من غرفةٍ مُوصَدة دون أن يمرَّ عبر الباب أو الجدران أو الأرضية أو السقف أو عبر المدخنة. أنت تعرف أنه خرج بإحدى هذه الطرق، بغض النظر عمَّا قد يبدو إلى الراوي. وبمجرد أن يستوضح رجالي تلك النقطة، سأتمكن من تضييق نطاق البحث.»

«هذا صحيح. ولكن سيواجهون مصاعبَ شديدة في ذلك النطاق الشاسع.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤