الفصل الثامن والستون

(١٦٦) لقد قلنا في موضع سابق إن مفهوم اللاجهد يعني أن تنجز عملك دون قسر وباستخدام أقل قَدْر ممكن من القوة، وذلك عن طريق السير مع التيار لا ضده، إنه أشبه بالملاحة الشراعية التي تستفيد من حركة الهواء واتجاهاته الطبيعية، وبالسباحة التي تستفيد من خصائص دفع الماء، وبالتدحرج على المنحدر، ولعل أقرب مثال على تطبيق فلسفة اللاجهد في النشاطات العملية هو رياضة الجيدو، فلاعب الجيدو يقوم بأقل قَدْر ممكن من الحركات المتبعة في انتظار وضعٍ يكون فيه الخصم في وضع يسهِّل الإخلال بتوازنه، وتقوم قواعد هذه الرياضة على مبدأ الإفادة من قوة الخصم نفسه وتوجيهها للإيقاع به.

وفي هذا الفصل يطبِّق لاو تسو مفهوم اللاجهد على فن القتال والعمليات العسكرية، ويقول لنا إن:

المقاتل الصنديد لا يُظهر عنفًا
والمجلِّي في المعارك ليس غضوبًا
والمنتصر على عدوه ليس منتقمًا.

لأن المقاتل التاوي لا يلجأ إلى ممارسة القوة العمياء، ولا يهدر طاقته في اللجوء إلى القسر والعنف، كما أنه لا يخسر هدوءه وسكينته وصفاء ذهنه في سَوْرة الغضب، داخله ساكن في الحرب سكونه في ممارسة أي فعل عادي آخر، يعتمد على مَلَكاته الطبيعية التلقائية، ويفيد من قوة الطرف الآخَر فيوجهها ضده.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤