مقدمة

«لو لم يكن عليَّ حضور الاجتماعات، لأحببت عملي أكثر.»

سمعت هذه العبارة مرارًا من القادة الذين عملت معهم في سنوات حياتي العملية. وكنت أظنها أول الأمر عبارة مفهومة أو حتى باعثة على الضحك، ولكنني توصلت في النهاية إلى أنها ليست إلا تعبيرًا عن الرثاء لحال ثقافة العمل لدينا اليوم.

فتخيَّل مثلًا جرَّاحًا يقول لممرضة قبل إجراء عملية جراحية: «لو لم يكن عليَّ إجراء عمليات جراحية للمرضى، لأحببت عملي حقًّا.» أو تخيَّل قائد أوركسترا يُعِدُّ لحفل موسيقيٍّ ويقول: «لولا هذه الحفلات، لاستمتعتُ بعملي أكثر.» أو حتى تخيَّل لاعب بيسبول محترفًا يقول: «لو لم أكن ملزَمًا باللعب في هذه المباريات، لأحببت عملي.»

إنه أمر مضحك، أليس كذلك؟ ولكن هذا بالضبط ما نفعله عندما نشكو من اجتماعاتنا.

دعنا نفكر في الأمر بالطريقة الآتية. تمثل الاجتماعات جزءًا كبيرًا من عمل أمثالنا ممن يعملون في قيادة وإدارة الشركات. فنحن — على أية حال — لا نتلقى أجورنا لقاء قيامنا بأعمال ملموسة على نحو كبير أو تتطلب قدرًا مفرطًا من القوة البدنية، كالولادة أو إحراز الأهداف في كرة القدم أو أداء عروض الكوميديا الارتجالية التي يؤديها الفنان أمام الجمهور مباشرةً. ولكن سواء أحببناها أم لا، فالواقع أن الاجتماعات هي أقرب شيء إلى غرفة العمليات أو ملعب كرة القدم أو خشبة المسرح.

ومع ذلك، يكره معظمنا الاجتماعات. فنحن نشكو منها ونحاول تجنبها ونتوق إلى لحظة انتهائها، حتى لو كنَّا على رأس هذه الاجتماعات. أليس من المحزن إذن أن نُضطَر للتسليم بأن أكثر الأنشطة أهمية في إدارة شركاتنا هو نشاط مرهق وغير مثمر بطبيعته؟

ولا داعي لأن نخجل من تسليمنا بهذه الحقيقة، فمسألة الاجتماعات مهمة. ففي الاجتماعات، يجلس قادة الدولة ليقرروا إعلان الحرب من عدمه، ويناقش المحافظون ومساعدوهم مميزات زيادة الضرائب أو تخفيضها، ويبحث الرؤساء التنفيذيون والعاملون معهم اتخاذ قرار طرح علامة تجارية جديدة، أو طرح منتج جديد بالأسواق، أو إغلاق أحد المصانع.

ولذلك، فسؤالي هو: هل نستطيع اتخاذ القرارات السديدة وقيادة مؤسساتنا بنجاح إذا كنا نكره الاجتماعات؟ لا أظن ذلك. فببساطة ليس هناك بديل عن الاجتماعات المثمرة، فهي المشاركة التي تتميز بالفعالية والحماس والتركيز، عندما يتطلب الأمر حشد إمكانات الفريق. كما أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الاجتماعات السيئة لا تقود إلَّا إلى القرارات السيئة، التي لا تقود بدورها إلَّا إلى أداء غير متميز.

ومع ذلك فالأمل موجود. فبتبني نظرة مختلفة وغير تقليدية للاجتماعات، واتباع بعض الإرشادات المحددة التي لا تتعلق بمؤتمرات الفيديو أو برامج الكمبيوتر التفاعلية أو كتاب «قواعد روبرت التنظيمية للاجتماعات»؛ يمكننا تحويل الاجتماعات من نشاط مضنٍ وممل حاليًّا إلى نشاط مثمر وممتع، بل محفِّز. ونستطيع — في الوقت نفسه — أن نتفوق على منافسينا الذين يستمرون في إهدار الوقت والحيوية والحماس وهم يشكون مشقة الاجتماعات.

ولبيان كيفية تحقيق ذلك، كتبت قصة خيالية تدور حول مسئول تنفيذي يواجه صراعًا فريدًا مع الاجتماعات. وستجد بعد القصة وصفًا عمليًّا لاقتراحاتي لتطبيق هذه الأفكار في مؤسستك.

أتمنى لكَ حظًّا سعيدًا في محاولتك لجعل اجتماعاتك أكثر فعالية، ولاستعادة بعض من الحماس الذي تستحقه أنت ومن يعملون معك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤