سراب

اتخذ كلٌّ من كيسي وتيم على الفور الإجراءات اللازمة للاجتماع بمسئولي البنوك لوضع أسس الطرح المبدئي للأسهم للاكتتاب العام. وهو أمرٌ كان كيسي قد أخذ على عاتقه ألَّا يفعله أبدًا، حتى لا يضع نفسه رهن أهواء مجلس إدارة رسمي، أو — وهو الأهم — ألا يضع نفسه تحت رحمة سوق الأوراق المالية. ولكنه شعر الآن بأنه يدين بهذا الأمر بطريقة ما لموظفيه المخلصين، وبرَّر كيسي ذلك لنفسه دون اقتناع بقوله: «وربما أكون في حاجة إلى تحدٍّ جديد.»

وبعد أسبوع من التخطيط المتردِّد، اكتشفَ كيسي بالمصادفة فرصة ساوره الشكُّ في كونها حقيقية. وكان عليه أن يثق في حدسه.

تلقَّى كيسي اتصالًا من جيه تي هاريسون، رئيس قسم تطوير الأعمال في شركة «بلاي سوفت» التي تعد الثانية من حيث الحجم بين شركات إنتاج ألعاب الكمبيوتر في الولايات المتحدة الأمريكية. تقع هذه الشركة في مدينة سان خوزيه بكاليفورنيا، وقد أنتجت ألعاب الكمبيوتر التقليدية الموجَّهة للأطفال، وكان تمثيلها ضعيفًا في سوق الألعاب الرياضية. ولكن في الوقت الذي بدأ فيه عملاؤها المستهدفون يتقدَّمون في العمر، بدا من الحكمة بحث الانتقال إلى فئة ربما تجذب المشترين الذين كان العاملون بالشركة يحبون الإشارة إليهم باسم «الأطفال الكبار»، ومن هنا دخلت شركة «يِب» اللُّعبة.

أشارت الأبحاث الأولية التي أجراها فريقُ هاريسون في «بلاي سوفت» إلى أن أداء شركة كيسي ماك دانيال ليس على المستوى المطلوب، لا سيَّما عند أخذ التفوق التكنولوجي الذي تمتلكه الشركة في الاعتبار. وهذا يجعل من شرائها صفقة رائعة للدخول إلى سوق الألعاب الرياضية سريعًا وبتكلفة منخفضة، ودون الحاجة إلى إضاعة عامَيْن في تطوير المُنتَج. فإذا تمكَّن هاريسون وفريقه فقط من تحسين أداء شركة «يِب»، فسوف تحقِّق الصفقة نجاحًا مبهرًا.

ومع أن كيسي لم يحبِّذ فكرة أن يكون جزءًا من إحدى شركات الألعاب التقليدية، فإنه قرَّر أن يبحث فكرة بيع شركة «يب» إلى شركة «بلاي سوفت». ولكن بشروط ثلاثة هي: أن يستمر في إدارة شركته بنفسه باستقلالية، وأن يحتفظ بفريقه الإداري كاملًا، وأن يُسمَح له بالاحتفاظ باسم شركة «يب» كعلامة تجارية منفصلة في مجال ألعاب الكمبيوتر الرياضية.

رأى كيسي أنه إذا وافقَ ويد جاستن — الرئيس التنفيذي لشركة «بلاي سوفت» — على هذه الشروط، فستكون فرصة عظيمة لمنح موظفيه المكافأة المالية التي يستحقونها، دون أن يفقد سيطرته على الشركة التي شيَّدها. هذا بالإضافة إلى تجنب المخاطرة والتوتر اللذين سينتجان عن طرح أسهم الشركة للبيع. وشرحَ كيسي الأمر لزوجته في اليوم الذي قدَّم فيه العرض إلى جيه تي هاريسون على أنه يمثل «الاستفادة من الجوانب الإيجابية لكلا الخيارين». وأضاف: «ولكنهم لن يقبلوه.»

والأمر المدهش أنَّ أعضاء الفريق التنفيذي لشركة «بلاي سوفت» وافقوا على الشروط دون تردد. وأكدَّ ويد جاستن شخصيًّا لكيسي أن شركته لا تعرف الكثير عن سوق الألعاب الرياضية، وأنهم لا يريدون التدخل في شئون مُنتج ناجح بالفعل. وأوضحَ أيضًا أن هناك أقسامًا كثيرة أخرى داخل شركة «بلاي سوفت» تتمتع باستقلالية كاملة ولديها كياناتٌ تجارية منفصلة.

ومن ثَمَّ، لم تكد تمر بضعة أسابيع على تقديم العرض المبدئي حتى أُبرمت الصفقة. وكان مفادها أن يتسلَّم كيسي مئات الآلاف من أسهم شركة «بلاي سوفت» ويوزِّعها على موظفيه حسب المُدَّة التي أمضاها كلٌّ منهم في العمل بالشركة، ويستطيع الموظفون بيع هذه الأسهم بعد مرور ستة أشهر على شرائها.

ولم يكن كيسي يتخيَّل أن موظفيه سيستقبَّلون هذا الأمر بقليل من الامتنان عندما يحين الوقت لذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤