إخفاق جديد

في تمام العاشرة من صباح الاثنين، وجدَ ويل نفسه يجلس للمرة الثانية وحيدًا في قاعة الاجتماعات بالطابق العلوي، ولكن بعد مرور إحدى عشرة دقيقة، كان الاجتماع قد بدأ وانهمك الجميع فيه بنشاط.

وزَّع كيسي جدول الأعمال، وبدأ الاجتماع بإعلان قرار رسمي جديد للشركة يدعو إلى خفض محدود في الميزانية. وبعدها استعرض تيم لمدة نصف ساعة الوسائل التي تُحقِّق هذا الخفض.

وبينما كان الجميع على وشك أن يغلبهم النعاس، قررت صوفيا أن تطرح سؤالًا على مائدة الاجتماع. فقالت: «كيسي، أعلم أنك متحمس جدًّا لبرنامج تدريب الإدارة، ولكن ألا تعتقد أن باستطاعتنا تأجيله وكذلك تقليص نفقات النزهة في ضوء هذه الأرقام؟»

وكدأبه في الاجتماعات، ذكرَّه كونر بمقولته التي طالما ردَّدها: «إذا أردنا زيادة العائدات، فيمكننا بالتأكيد إنفاق هذه الأموال في الإعلانات.»

وقبل أن يتمكَّن كيسي من التدخل، أعلن تيم: «فاتَ أوان ذلك.» ثم أضافَ: «لقد دفعنا بالفعل تكاليف النزهة مقدمًا، ثم إننا ملتزمون بدفع تكاليف التدريب للفندق وللمستشارين الذين سيتولون التدريب. وإذا ألغينا أيًّا من النشاطَيْن الآن، فلن نستطيع أن نسترد سوى ٢٥٪ فقط من المبلغ المدفوع.»

وافقَ الفريق على تقييم المدير المالي للأمر، وكان كيسي في انتظار الانتقال إلى البند التالي. ومن ثَم، قال: «دعونا نناقش وسائل زيادة عائدات الشركة حتى لا تصبح النفقات مشكلة إلى هذا الحد.»

قدَّمت صوفيا توقعاتها الخاصة بالمبيعات في المدة المتبقية من الشهر وربع السنة، وتحدَّثت عن اللقاءات التي أجرتها مع العملاء في الأسبوع السابق. ولكنها غيَّرت الموضوع فجأة وتحدَّثت عن ارتفاع أسعار تذاكر الطيران. أثار هذا الموضوع — بطريقة أو بأخرى — اهتمام الجميع، وراحَ كل منهم يحكي عن تجاربه الشخصية في السفر على متن رحلات الطيران المُخفَّضة.

راحَ ويل يدوِّن بعض الملاحظات لكي يمنع نفسه فقط من أن يصرخ في وجوههم ويقول: «أوقفوا هذا الهراء!»

وأخيرًا، وقفَ كونر ليبدأ عرضه عن أنشطة الدعاية والوضع في السوق. وأوضح في نصف الساعة التالي أن على الشركة أن تُعدِّل أوضاعها لمواجهة المنافسين الجُدد، وأن تعزِّز مكانتها كصاحبة للصدارة في مجال الألعاب الرياضية الواقعية الموجَّهة للكبار.

وجدَ ويل هذا الجزء مثيرًا، فقد ذكَّره بالأيام التي أمضاها في العمل في مجال الإعلانات. وكان هذا فيما يبدو أنسب الموضوعات التي يجب على الجميع بحثها نظرًا لوضع السوق.

رفعَ تيم يده مقاطعًا دون استئذان. وسأله قائلًا: «معذرة يا كونر، ولكن كم سيتكلَّف كل ذلك؟»

جاءَ السؤال مباغتًا لكونر نوعًا ما، فأدار الأمر في ذهنه لحظةً. وذلك قبل أن يرد قائلًا: «حسنًا، كنت أحسب أننا تحدثنا عن هذا بوضوح من قبل. لقد تكلفت مرحلة العمل الاستشاري والتصميمات المبدئية بالفعل نحو خمسين ألف دولار. وسوف يتكلف توحيد العلامة التجارية والترويج للمنتجات مبلغًا يتراوح بين ٢٠٠ و٢٥٠ ألف دولار أخرى. ويشمل هذا بطاقات التعريف الشخصي الجديدة واللافتات وتغليف الألعاب المُنتَجة، فنحن نتحدث إجمالًا عن ميزانية تربو على رُبع مليون دولار تقريبًا.»

قال تيم: «لقد رأيتُ حوالي ١٠٠ ألف دولار فقط في ميزانيتك.» ثم سأله سؤالًا مباشرًا: «من أين ستأتي بالباقي؟»

تدخَّل كيسي. وقال: «أتذكَّر الآن أنني اتفقتُ مع شركة «بلاي سوفت» على منحنا مائة ألف أخرى عندما أبرمنا صفقة الدمج معًا. كانوا يعلمون بمسألة تغيير العلامة التجارية، ووافقوا على أن يشتركوا في هذا الأمر حتى نتمكَّن من القيام به بنجاح. فلا ينقصنا إذن إلا خمسين ألفًا، ولذلك أقترح أن يسهم كلٌّ منَّا بعشرة آلاف لتعويض التكلفة الإضافية.»

أرادت صوفيا توضيحًا. ومن ثَم، سألت: «أهذا بالإضافة إلى المبلغ المُستحَق على كلٍّ منا ضمن تكاليف النزهة؟»

اختلطَ الأمر على مات فسأل: «المبلغ المُستحَق ضمن تكاليف النزهة؟» وأضافَ: «لم أكن أعلم أن هناك مبالغ مستحقة للنزهة. كنت أعتقد أن تيم سيدفع تكاليف النزهة هذا العام.»

في هذه اللحظة نفد الحبر من قلم ويل. ومن ثَم، بدا عليه الهلع وراح ينظر في أرجاء القاعة ليرى إن كان هناك قلم إضافي في مكان ما بالقرب من مائدة الاجتماعات، وفكَّر في أخذ قلم من يد أحد زملائه. لكنه استسلم في النهاية.

قال ويل: «معذرةً، ولكن هل هناك مَنْ يوافقني الرأي في أننا ينبغي أن نختتم حديثنا عن تغيير العلامة التجارية للشركة قبل أن نضيِّع ساعة أخرى من وقتنا الثمين في جدل لا طائل منه عن النزهة اللعينة؟»

سادَ الصمت القاعة. واستمر ذلك لما يقرب من سبع ثوانٍ مَرَّت ببطءٍ شديد.

أرادَ ويل أن يتراجع عمَّا قاله، لكنه وجدَ نفسه يزيد الأمر سوءًا. ذلك حيث قال: «معذرة، ولكن هذه الاجتماعات عجيبة. فأنتم تمضون وقتًا طويلًا ولا تنجزون إلا القليل وتتجنبون كلَّ ما يثير الاهتمام …» ولم يكمل ويل الجملة، واكتفى بهز رأسه.

نظرَ الجميع أحدهم إلى الآخر كما لو كانوا يتساءلون: «مَنْ سيتحدَّث أولًا؟»

أخيرًا تحدَّث كيسي. واقترحَ قائلًا: «لماذا لا نأخذ استراحة لمدة عشر دقائق؟ لنعد في الحادية عشرة والربع.»

غادرَ الجميع قاعة الاجتماعات، تاركين كيسي وويل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤