هجمةٌ خاطفة

بدأَ اجتماعُ الفريق في موعده المحدَّد تمامًا لأول مرة منذ سنوات وبحضور جميع الأعضاء، ويُعد هذا معجزة في التنسيق من جانب ويل.

وزَّعَ كيسي نسخًا من جدول الأعمال على الحاضرين جميعهم، ومن بينهم جيه تي، ثم بدأ الاجتماع مباشرةً. كان يتحدَّث ببطءٍ بسبب المخدر الموضعي: «ما زلتُ لا أستطيع التحدُّث جيدًا هذا الصباح كما ترون. ولذا، سأترككم تتولون معظم المناقشة حتى يزول أثر المُخدِّر. وسينوب عني ويل في الحديث بعض الوقت.» مرةً أخرى، نطقَ كيسي كلمة «سينوب» بطريقة جعلت الجميع يضحكون، ومعهم جيه تي.

استهلَّ ويل الحديث. فقال: «لنبدأ بتقرير سريع عن المبيعات من صوفيا.» وكانت هذه مرة من مراتٍ كثيرة أثناء الاجتماع استخدم ويل فيها كلمة «سريع».

استعرضت صوفيا أرقام المبيعات بالتفصيل، ثم ناقشت آخِر زياراتها لمتاجر «تارجت» في مينيابوليس، ثم انتقلت إلى الحديث عن مركز «مول أمريكا» التجاري. وفي تمام العاشرة والنصف، لاحظَ ويل أنَّ جيه تي بدأ يتملمَّل، ومن ثَم انتظر حتى واتته الفرصة للتدخل وإنهاء عرض التقرير.

فتابعَ قائلًا: «حسنًا، شكرًا لكِ يا صوفيا. دعونا نطلع سريعًا على آخِر أخبار عملية توحيد العلامة التجارية.»

نظرَ ويل إلى كونر الذي بدأ عرضَ تقريره. فقال: «حسنًا، إننا نقترب من تحقيق نتيجة ملموسة لنعرضها عليكم جميعًا. شركة تصميم الجرافيكس على وشك الانتهاء من النماذج الأولية للشعارات والأغلفة التي ستعيد إلى اسمنا التِّجاري رونقه وجاذبيته، وتحفظ لنا — في الوقت نفسه — تميُّزنا عمَّن دخلوا إلى السوق حديثًا من المنافسين.»

رفعَ جيه تي يده، وبدأ بمجرد أن سمحَ له كونر بالحديث. فسألَ: «مَن الذين تتهيَّئُون لمنافستهم؟»

بدا سؤالًا بريئًا، ومن ثَم ردَّ كونر عليه بثقة: «شركتا جيم ستار وجو بوكس في المقام الأول.»

فاستوضَّح جيه تي. «ماذا تقصد بقولك في المقام الأول؟ هل هناك منافسون آخرون؟»

سادَ الصمت وترقَّب الحاضرون ردَّ زميلهم.

أخذَ كونر يفكِّر في السؤال، وبدأَ يفقد ثقته بنفسه فجأة، وقال: «حسنًا، لا أظن أن هناك آخرين.» وحاولَ أن يستجمع قوته، فوجَّه بدوره سؤالًا إلى جيه تي. فسأله: «هل هناك شركة أخرى في ذهنك؟»

جيه تي: «حسنًا، أنا أتساءل فقط لماذا لا تفكِّرون خارج نطاق شركات ألعاب الكمبيوتر؟ هل نحن بحاجة إلى أن نرتِّب أوضاعنا مقارنةً بالشركات التي تجاهد من أجل لفت انتباه عملائنا؟»

صمتَ الجميع كما لو كانوا يفكِّرون في السؤال، وليروا كيف سيَردُّ كونر.

ولكنه لم يُضطَر للرد، لأن كيسي تدخَّل عندئذٍ، وكان نطقه قد تحسَّن قليلًا. ولكنه كان يتحدَّث ببطء نوعًا ما عن المعتاد. فقال: «هذا أمرٌ مثير للاهتمام. ربما يجب أن نفكِّر في شركة «إي إس بي إن» أو «سبورتس إلستريتد»، أو حتى الرهانات الرياضية عبر الإنترنت.»

يبدو أن الجميع، ومن بينهم جيه تي، وجدوا أن فكرة كيسي مثيرة للاهتمام. وأمضوا الدقائق الخمس عشرة التالية في تبادل الآراء، وسرعان ما توصَّلوا إلى قائمة من المرشحين المحتمَلين للمقارنة بينهم.

وعندما انتهت المناقشة فجأةً، كان ويل متلهفًا إلى طرح الموضوع التالي ليسجِّل رقمًا قياسيًّا جديدًا لأقصر اجتماع في تاريخ شركة «يب».

ولكن قبل أن يتمكَّن من ذلك، تدخَّل مات. وكالعادة، خرجت كلماته محمَّلة بريبة واتهام لم يكن يقصدهما. وجَّه كلامه إلى كونر: «مَنْ هؤلاء المستشارون الذين تستعين بهم على أية حال؟ هل يفهمون السوق الذي نعمل فيه حقًّا؟»

شعرَ كونر كما لو كان قد اتُّهم بأنه عميلٌ مزدوج يعمل لحساب المنافسين.

نظرَ ويل إلى كيسي الذي بدت عليه علاماتُ القلق، وقرَّر ويل أن يجازف بالتدخل؛ لأنه كان يعلم أن رئيسه لن يتدخل.

ويل: «حسنًا، لا أعتقد أننا بحاجة إلى مناقشة مميزات مستشاري كونر الآن. لماذا لا نرجئ مناقشة هذا الأمر إلى الأسبوع المقبل عندما نرى النماذج المطبوعة لشعار الشركة؟ فسيكون لدينا عندئذٍ قاعدة أكبر ننطلق منها لتقييمهم.»

أومأ الجميع برءُوسهم تعبيرًا عن الموافقة، وانتهى الحديث في هذا الموضوع. رأى ويل أنها كانت حركة دبلوماسية بارعة حالت دون نشوب جدال.

تابعَ ويل حديثه. فقال: «فليقدِّم لنا مات الآن استعراضًا سريعًا لآخِر أخبار مسألة تكامل الأنظمة مع شركة بلاي سوفت.»

تهيأ جميعُ مَن في القاعة لمناقشة إدارية مرهقة.

أخذَ مات في وصف الجدول الزمني والتحديات التقنية التي تواجه قسم تكنولوجيا المعلومات لديه، حيث يلزم أن يستخدموا أنظمة جديدة للبريد الإلكتروني والبريد الصوتي والتقارير المالية وتتبع الأصول، بدلًا من تلك المستخدمة في شركة «يب». وفي غضون خمس عشرة دقيقة بدت المجموعة وكأنها دخلت في غيبوبة.

وما أن أحسَّ ويل بذلك حتى انتقلَ إلى موضوع آخر. فقال: «وأنت يا تيم، هل لكَ أن تعطينا تلخيصًا موجزًا عن سير الموازنة؟»

قال تيم مازحًا بلطف: «بالتأكيد، سيدي الرئيس.» احمرَّ وجه ويل خجلًا عندما ضحكَ الجميع، ومن بينهم جيه تي وكيسي، وضحكوا بود من مساعِدهم الإداري المدهش.

ثم استعرضَ تيم عجز الميزانية وأوضحَ أن الأقسام عليها أن تسهم بأكبر من ضِعفَي مخصَّصات العام الماضي في خدمات الشركة الكبرى. وقال مفسِّرًا: «وذلك لأن لدينا هذا العام تكاليف النزهة، وبرامج تدريب الإدارة، وتوحيد العلامة التجارية.»

أحسَّ ويل بالإحباط الذي أصابَ زملاءه لأنه سيكون عليهم تسديد أموال إضافية. لكنه كان يدرك أن أحدهم لن يجرؤ على الاعتراض، وذلك بسبب وجود جيه تي بينهم.

في تمام الحادية عشرة والنصف، صرَّحَ كيسي بأكثر التصريحات جرأة وإثارة في ذلك اليوم. وكان يبدو أن المخدر الموضعي قد زالَ أثره بدرجة كبيرة. قال كيسي: «حسنًا، لقد ناقشنا كلَّ شيءٍ في جدول الأعمال، فإذا لم يكن هناك أيُّ شيءٍ آخر، فلنذهب وننجز بعضَ العمل الفعلي.»

وقبل أن يدرك أيُّ شخص ماذا كان يجري، دوَّى في القاعة تصفيق بعض الحاضرين. وجمع أعضاء الفريق التنفيذي متعلقاتهم وتوجَّهوا نحو الباب دون الشعور بالإجهاد والملل الذي كان يميِّز عادة نهاية الاجتماعات. أحسَّ ويل بالارتياح والرضا. ولكن هذا الشعور لن يستمر طويلًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤