زمردات ليدي أليشيا

كثيرٌ من الإنجليز، إذا تحدَّثتَ إليهم عني، ينتقصون من قَدْري بطريقةٍ يمكنني القول إنها نادرًا ما تتسم بالكياسة ذاتها التي يحاول بها بعض أبناء موطني التقليل من أي ميزةٍ أمتلكها. تكرم السيد سبنسر هيل، من سكوتلاند يارد — والذي طالما حاولتُ جاهدًا حثه على استخدام خياله، ولكن للأسف دون نجاحٍ يُذكر — بالقول — بعد أن بدأتُ في كتابة هذه الذكريات، التي قرَأها بازدراء — إنني كنتُ حكيمًا بتسجيل نجاحاتي؛ لأن تسجيل إخفاقاتي مسألة ستتطلب أعمارًا مديدة، والرجل الذي قيل له هذا أجاب أنه من الدهاء من جانبي — وهي كلمة يُحبها هؤلاء القوم كثيرًا — أنني أنوي استخدام نجاحاتي كطُعم، وإصدار كُتيبٍ صغير مليء بها، ثم تسجيل إخفاقاتي في ألف مجلد — على غرار موسوعة صينية — وبيعها للجمهور بالتقسيط.

حسنًا، ليس لي أن أُعلق على هذه الملاحظات. كل مهنة يشوبها بعضٌ من الغيرة، فلماذا تُستثنى زُمرة المُحققين؟ آمُل ألا أتبع مثل هذا المثال الضار، ومن ثَم تُسوِّل لي نفسي التعبير عن ازدرائي للغباء الذي — كما يعلم الجميع — يُشبع جهاز المُحققين الرسمي في إنجلترا. بالطبع تعرضتُ لإخفاقات. هل تظاهرتُ يومًا بأنني أي شيءٍ آخر بخلاف إنسان؟ لكن ما سبب هذه الإخفاقات؟ لقد نشأتُ في ظلِّ محافظة الإنجليز ومقاومتهم للتجديد. عندما يكون هناك لغز يتعيَّن حلُّه، يضعه دائمًا الرجل الإنجليزي العادي في أيدي الشرطة العادية. وعندما يتحيَّر هؤلاء الناس الطيبون تمامًا، عندما تدهَس أحذيتهم الكبيرة كلَّ الأدلةِ التي يمكن أن يجدها عقلٌ فطن على الأرض، عندما تطمس أيديهم الخرقاء القرائن الموجودة في كل مكان حولهم، يتمُّ استدعائي في نهاية الأمر. وإذا فشلتُ يقولون:

«ماذا يمكن أن تتوقَّع؟ إنه فرنسي.»

كان هذا بالضبط ما حدث في قضية زمردات ليدي أليشيا. لمدة شهرين، لم تكن الشرطة العادية مُتحيرةً فحسْب، بل حذَّروا بشكلٍ سافر كلَّ لصٍّ في أوروبا ودقُّوا لهم ناقوس الخطر. فُتِّشت جميع متاجر الرهونات في بريطانيا العُظمى، كما لو أنَّ سارق مجموعةٍ ذات قيمة كهذه سيكون من الحماقة بحيث يأخذها إلى متجر رهونات! بالطبع، تقول الشرطة إنها اعتقدت أنَّ اللصَّ سيفكُّ القلادة ويبيع الأحجار الكريمة بشكلٍ مُنفصل. بالنسبة إلى قلادة الزمرُّد هذه، فإنَّ لامتلاكها قيمةً تاريخيةً ربما تفوق قيمتها الفعلية، وما الطبيعي أكثر من أنه يجب على حاملها التفاوُض مع صاحبها الشرعي، ومن ثَم يكسب المزيد من المال من خلال إعادتها بهدوءٍ بدلًا من فكِّها وبيعها بالقطعة؟ ولكن تمَّت إثارة هذه الضجة الكبيرة، ونتج عنها هذا الاضطراب؛ لذلك لا عجب أنَّ مُتلقِّي البضاعة لم يلفت الأنظار إليه، ولم يقُل شيئًا. وُضِعت الموانئ التي تُتيح الوصول إلى أوروبا تحت المراقبة دون جدوى، وعبثًا حذَّرت شرطة فرنسا، وبلجيكا، وهولندا من تسلُّل هذا الكنز إليها. بعد ضياع شهرَين ثمينين؛ أرسل لي مركيز بلير! أكدتُ له أن القضية كانت ميئوسًا منها منذ اللحظة التي تناولتُها فيها.

قد يُسأل لماذا سمح مركيز بلير للشرطة العادية بالتخبُّط طوال شهرين ثمينين؟ لكن أيَّ شخصٍ يعرف هذا الرجل النبيل لن يتعجَّب من تشبُّثه طويلًا بأملٍ بائس. عدد قليل جدًّا من أعضاء مجلس الأعيان أغنى من اللورد بلير، وعدد أقل منهم أكثر بُخلًا منه. وقد نادى بحقِّه في الحصول على الحماية من السرقة ما دام قد دفع ضرائبه، وإنه من واجب الحكومة استعادة الأحجار الكريمة. وإذا ثبت استحالة ذلك؛ فالتعويض عنها. هذه النظرية غير مقبولة في المحاكم الإنجليزية، وبينما فعلت سكوتلاند يارد كل ما في وسعها خلال هذين الشهرين، فماذا يُتوقَّع منها بخلاف الفشل بالنظر إلى مؤهلاتها العقلية المحدودة؟

عندما وصلتُ إلى قصر بلير الريفي — كما يُطلَق على قصر سيادته القبيح جدًّا والحديث إلى حدٍّ ما — سُمح لي على الفور بالدخول لمقابلة سيادته. لقد استُدعيتُ من لندن برسالة، كتبها اللورد بنفسه ولم تُدفَع رسوم البريد عليها. كان الوقت متأخرًا في فترة ما بعد الظهر عندما وصلت، ويمكن وصف اجتماعنا الأول بأنه كان عديمَ الجدوى. كان الأمر يتعلق، بشكلٍ كامل، بالمساومة حول التكاليف، حيث كان المركيز يُحاول خفض سعر خدماتي إلى مبلغٍ ضئيل للغاية، لدرجة أنه بالكاد كان سيُغطي نفقاتي من لندن إلى بلير والعكس. أكره مثل هذه المُساومات بشدَّة. عندما وجد المركيز أن جميع عروضه مرفوضة بأدبٍ؛ الشيء الذي لم يترك أي مجال للغضب من جانبه؛ سعى إلى إقناعي بتولِّي القضية على أساس عمولةٍ مشروطة باستعادتي للأحجار الكريمة، ومع رفضي لهذا العرْض للمرة العشرين، حلَّ الظلام، ودقَّ الجرس لتناوُل العشاء. تناولتُ العشاء بمُفردي في قاعة الطعام، التي بدت كأنها مُخصصة لمن يأتون إلى القصر في رحلة عمل، وعزَّز عدم كفاية الطعام — إلى جانب طبيعة نبيذ الكلاريت الرديئة — تصميمي على العودة إلى لندن في أقرب وقتٍ مُمكن؛ صباح اليوم التالي.

عندما انتهيتُ من تناول الطعام، قال لي الخادم الرزين بصوتٍ مُنخفض:

«سيدي، ليدي أليشيا تسأل عما إذا كان يمكنك التكرُّم ومنحها بضعَ لحظاتٍ في قاعة الاستقبال.»

تبعتُ الرجل إلى قاعة الاستقبال، ووجدتُ السيدة الشابة جالسةً على البيانو، وكانت تعزف عليه بتكاسُل وبذهنٍ شارد، ولكن، بالرغم من ذلك، بطريقةٍ تُشير إلى تميُّزها الشديد في عزف الموسيقى. لم تكن ترتدي زيَّ امرأةٍ أنهت للتوِّ طعامها، بل كانت ترتدي ملابس قاتمةً وعادية، وتبدو مثل ابنة رجلٍ يسكن كوخًا أكثر من كونها ابنة عضوٍ في عائلة ريفية عظيمة. كان رأسُها صغيرًا ومتوَّجًا بشعرٍ أسود داكن غزير. كان انطباعي الأول عند دخول الغرفة الكبيرة ذات الإضاءة الخافتة سلبيًّا، لكن ذلك تلاشى على الفور تحت سِحر الأسلوب الكيِّس المُفعم بالحيوية، لدرجة أنني في لحظةٍ شعرتُ وكأنني أقف في صالونٍ باريسي لامع بدلًا من قاعة استقبال كئيبة داخل منزل ريفي إنجليزي. كل حركةٍ لطيفةٍ من رأسها الرقيق، كل إيماءةٍ من هاتين اليدين الصغيرتَين الرائعتين، كل نبرةٍ من صوتها المُرنِّم، سواء كان يتلألأ بالضحك أو اللطافة في حديثٍ حميمي؛ تذكرني بالسيدات الراقيات في موطني. كان من الغريب أن نجد هذه الزهرة البشرية الرائعة وسط القُبح الكئيب لمنزلٍ ضخم مُمل بُنيَ في العصر الجورجي. لكنني تذكرتُ الآن أن عائلة بلير هي النظير الإنجليزي لعائلة بلير في فرنسا، التي نبتت منها الرائعة مركيزة بلير، التي زيَّنت بلاط الملك لويس الرابع عشر. هنا، يتقدَّم نحوي، التجسيد الحقيقي للمركيزة الجميلة، التي أضفت بريقًا لهذا العالَم الباهت منذ ما يقرُب من ثلاثمائة عام. آه، وبالرغم من كل شيء، فما الإنجليز سوى عرقٍ مُحتَل! غالبًا ما أنسى هذا، وآمُل ألا أُذكِّرهم به أبدًا، لكنه يُمكِّن المرء من مسامحتهم كثيرًا. كانت ليدي أليشيا إحدى مركيزات القرن العشرين النابضة بالحياة، في كل شيءٍ باستثناء الملابس. يا له من أمرٍ رائع ما كان من الممكن أن يصنعه بها بعض فناني الأزياء الباريسيين لدَينا! وهي هنا محبوسة في هذا المنزل الإنجليزي الباهت مُرتديةً زيًّا عاليَ الرقبة لا يليق بسمو مكانتها. صاحت باللغة الفرنسية التي لا تكاد تشوبها شائبة: «مرحبًا سيد فالمونت. أنا سعيدة للغاية لوصولك.» ورحَّبتْ بي كما لو كنتُ صديقًا قديمًا للعائلة. لم يكن هناك شيء من التعالي في أسلوبها، ولا استعراض لمودَّتها، بينما تُعلمني في نفس الوقت مكانتي، والاختلاف في مراكز حياتنا الاجتماعية. أستطيع أن أتحمَّل فظاظة النُّبلاء، لكني أكرَهُ تعالِيَهم. لكن ليدي أليشيا كانت من عائلة بلير حقًّا. قلتُ بحيرة وأنا أنحني على يدِها الرقيقة:

«سيدتي المركيزة، إنه لشرَف أن أُقدم لكِ تحياتي الأكثر احترامًا.»

ضحكتْ على هذا بهدوء، ضحكةً عذبةً مثل صوت العندليب.

«سيدي، لقد أخطأتَ في لقبي. فعلى الرغم من أنَّ خالي مركيز، إلا أنني ليدي أليشيا.»

«معذرةً يا سيدتي. ففي هذه اللحظة، عدتُ إلى ذلك البلاط المُتلألئ الذي كان يُحيط بلويس الأكبر.»

«يا له من أسلوب مُجامِل تُقدِّم نفسك به يا سيدي. تُوجَد في الرواق في الطابق العلوي لوحة لمركيزة بلير، وعندما أعرضها عليك غدًا، ستفهم حينها كيف أسعدتَ بطريقةٍ ساحرة امرأةً عاديةً من خلال الإشارة إلى تلك السيدة الجميلة. لكن يجب ألا أتحدَّث بهذه الطريقة العابثة سيدي؛ فهناك عملٌ جاد يجب مُراعاته، وأؤكد لك أنني أتطلع إلى قدومك يا سيدي، بحماس متقد.»

أخشى أن تكون تعابير وجهي وأنا أنحني لها قد أفشت إليها بسعادتي لسماع هذه الكلمات، التي نطقَتْها بمُنتهى الثقة شفاهٌ في غاية الجمال، في حين أنَّ نظرة عينيها الجميلتَين كانت أكثر بلاغةً من كلماتها. شعرتُ على الفور بالخجَل من مُساومتي على التكاليف مع خالِها، وعلى الفور نسيتُ قراري بالرحيل غدًا، وعلى الفور قررتُ أن أقدم المساعدة التي يمكنني تقديمها لهذه السيدة الرقيقة. وا حسرتاه! قلب فالمونت اليوم غير مَحميٍّ من هجوم العيون المُثيرة كما كان دائمًا في ريعان شبابه.

تابعتُ بحماس: «هذا المنزل كان تقريبًا في حالة حصار لمدة شهرين. لم يكن بإمكاني القيام بأيٍّ من جولاتي المُعتادة في الحدائق، أو على المروج، أو عبر المُتنزَّه، دون أن أجد رجلَ شرطةٍ أخرقَ يرتدي زيًّا رسميًّا يشقُّ طريقه عبر الشجيرات، أو أحد المُحققين في ملابس مدنية يقتربُ مِني ويستجوبني بحجة أنه غريبٌ ضلَّ طريقه. إن الافتقار إلى الفطنة في شُرطتنا أمر مؤسِف. أنا متأكدة من أن المُجرم الحقيقي ربما مرَّ بين أيديهم عشرات المرات دون أن يُوقفه أحد، في حين أن خُدَّامنا الأبرياء المساكين، والغرباء داخل بواباتنا، شعروا أنَّ عين القانون الصارمة كانت عليهم ليل نهار.»

كان وجه السيدة الشابة صورةً حيويةً فاتنةً للسخط، حيث عبرتْ بوضوح عن هذه الحقيقة البديهية التي يعجز أبناء وطنها عن إدراكها. وجعلني هذا أشعُر بالرضا.

تابعَتْ قائلة: «نعم، أرسلوا من لندن جيشًا من الرجال الأغبياء، الذين أبقَوا أهل بيتنا في حالةٍ من الرعب الشديد لمدة ثمانية أسابيع طويلة، وأين الزمردات؟»

عندما طرحتْ هذا السؤال فجأة، بلهجةٍ باريسية للغاية، مع مدِّ يديها قليلًا للخارج، ولمعان عينيها، وتحريك رأسها للخلف، كان تأثير كل ذلك شيئًا لا يمكن وصفه من خلال قيود اللغة التي أجِدُني مُضطرًّا لاستخدامها.

«حسنًا، سيدي، لقد أدى وصولك إلى فرار هذه السرية المُزعجة، إذا لم تكن — في واقع الأمر — كلمة فرار بها قدر كبير من الرشاقة لا يسمح باستخدامها مع مجموعةٍ من الرجال الضخام كالفِيلة. وأؤكد لك أن جميع من بالمنزل تنفَّسوا الصعداء باستثناء خالي. وقد قلتُ له على العشاء الليلة: إذا كان السيد فالمونت قد تمَّ إقناعه بالاهتمام بالقضية منذ البداية، لكانت الجواهر في حوزتي منذ وقتٍ طويل قبل الليلة.»

احتججت: «أوه، يا سيدتي، أخشى أنك تُبالغين في تقدير قُدراتي الضعيفة. صحيح تمامًا أنه إذا تم استدعائي ليلة السرقة؛ فإن فرص نجاحي كانت ستكون أكبر بكثيرٍ مما هي عليه الآن.»

صاحت وهي تُشبِّك يديها على رُكبتيها، وتميل نحوي، وتُنوِّمني مغناطيسيًّا بهاتين العينين اللامعتين كالنجوم: «سيدي، سيدي، أنا واثقة تمامًا من أنه قبل مرور أسبوع ستستعيد القلادة، إذا كان من الممكن استعادتها. لقد قلت ذلك من البداية. الآن، هل أنا مُحقة في تخميني يا سيدي، أنك جئتَ إلى هنا بمفردك، دون أن تُحضِر معك موكبًا من التابعين والمساعدين؟»

«هذا صحيح كما ذكرتِ يا سيدتي.»

«كنتُ متأكدةً من ذلك. سيكون هناك منافسة بين العقلية المُدرَّبة وبين تجربتنا لتلك القوة الغاشمة لمدة لشهرين.»

لم أشعر من قبلُ بمثل هذا الطموح للنجاح، وسيطر عليَّ تصميم ألا أُخيب ظنها. إن التقدير أحد المُنبهات الضرورية، وقد قُدم لي هنا في أكثر صوره إمتاعًا. آه، فالمونت، فالمونت، لن تكبر أبدًا! أنا متأكد من أنه في هذه اللحظة — إذا كنتُ في الثمانين من عمري — فإني سأشعر بنفس رعشة الحماسة في أطراف أصابعي. هل سأترك قصر بلير في الصباح؟ لا، حتى لو عُرض عليَّ مال بنك فرنسا!

«هل أطلعكَ خالي على تفاصيل السرقة؟»

«لا، سيدتي، كنا نتحدَّث عن أشياء أخرى.»

اتكأت السيدة إلى الخلف على كُرسيها المُنخفض، وأغمضت عينيها جزئيًّا، وتنهَّدت.

وقالت أخيرًا: «يُمكنني تخيُّل موضوع المحادثة جيدًا. كان مركيز بلير يحاول فرض شروط المرابي عليك، بينما أنت — مُستهزئًا بنُبلٍ بمثل هذه الاعتبارات المتعلقة بالمال فقط — ربما قرَّرت أن تتركنا في أقرب فرصة.»

«أؤكد لك، يا سيدتي، أنه إذا تمَّ التوصُّل إلى أي قرار من هذا القبيل من جانبي، فقد اختفى في اللحظة التي تشرفتُ فيها بدخول قاعة الاستقبال هذه.»

«إنه لطف منك أن تقول ذلك، يا سيدي، لكن يجب ألا تسمح لمحادثتك مع خالي بإطلاق الأحكام المُسبقة ضده. إنه رجل عجوز الآن، وبطبيعة الحال، لديه نزواته. قد تظنُّ أنه جشع، وربما هو كذلك، ولكن عندئذ، أنا أيضًا سأكون جشعة. نعم، أنا يا سيدي، جشعة بشكل مُروع. أعتقد أن تكون جشعًا يعني أن تكون مُولعًا بالمال. ولا أحد مُولَع بالمال أكثر مني، ربما باستثناء خالي، لكن كما ترى سيدي، نحن نحتل أقصى طرفي النقيض. إنه مغرم بالمال ليدَّخره، بينما أنا مغرمة بالمال لإنفاقه. أنا مغرمة بالمال بسبب الأشياء التي سيشتريها، أودُّ أن أوزِّع العطايا كما فعلتْ جدتي الجميلة في فرنسا. أحب أن يكون لدي قصر في الريف وقصر في مايفير. أتمنى أن أجعل كل من حولي سعداء إذا كان إنفاق المال سيفي بالغرض.»

«هذا شكل من أشكال حُب المال، ليدي أليشيا، سيجد عددًا كبيرًا من المُعجبين.»

هزَّت الفتاة رأسها وضحكت بمرح.

«أكره بشدة أن أفقد تقديرك لي يا سيد فالمونت؛ وبالتالي لن أفصح عن عُمق جشعي. سوف تعلم ذلك على الأرجح من خالي، وبعد ذلك ستفهم قلقي الشديد لاستعادة هذه الجواهر.»

«هل هي ذات قيمة كبيرة؟»

«نعم بالتأكيد؛ تتكون القلادة من عشرين حجرًا لا يزن أحدُها أقل من أونصة. إجمالًا، أعتقد أنها تعادل ألفين وأربعمائة أو ألفين وخمسمائة قيراط، وقيمتها الفعلية عشرون جنيهًا للقيراط على الأقل. لذا هذا يعني ما يقرُب من خمسين ألف جنيه، ولكن حتى هذا المبلغ تافه مقارنةً بما تتضمنه. هناك ما يُقارِب المليون على المحك، إلى جانب قصري في الريف وقصري في مايفير اللذَين يطمع فيهما الكثيرون. كل هذا في متناول يدي إذا كان بإمكاني استعادة الزمردات.»

احمرَّت الفتاة خجلًا بشكلٍ جميل لأنها لاحظت كيف كنتُ أنظر إليها باهتمامٍ أثناء كشفها تدريجيًّا لهذا اللغز المُشوق. اعتقدت أنه كان هناك بعض من الإحراج في ضحكتها عندما صاحت:

«أوه، ماذا سيكون رأيك بي عندما تفهم الوضع؟ أرجوك، أرجوك لا تحكُم عليَّ بقسوة. أؤكد لك أن المنصب الذي أهدف إليه سيتم استخدامه لصالح الآخرين وكذلك من أجل سعادتي الشخصية. إذا لم يأتمِنك خالي على الأسرار؛ يجب أن أتشجع وأعطيك كل التفاصيل، ولكن ليس الليلة. بالطبع، إذا كان على المرء أن يحلَّ عقدةً مثل تلك التي نجد أنفسنا فيها، يجب أن يكون على درايةٍ بكل تفصيلة، أليس كذلك؟»

«بالتأكيد يا سيدتي.»

«حسنًا، يا سيد فالمونت، سأمدُّك بأي معلوماتٍ ناقصة لم يقُلها خالي في محادثته معك. هناك نقطة واحدة أودُّ أن أُحذرك منها. لقد اتَّخذ كل من خالي والشرطة قرارهم بأنَّ هناك شابًّا مُعينًا هو الجاني. عثرت الشرطة على العديد من الأدلة التي قادتهم على ما يبدو إليه، لكنهم لم يتمكنوا من العثور على ما يكفي لتبرير اعتقاله. في البداية، كان بإمكاني أن أُقسم أنه ليس له أي علاقة بالموضوع، لكنني لستُ متأكدةً في الآونة الأخيرة. كل ما أطلبه منك حتى نحصل على فرصة أخرى للتشاور معًا هو عدم التسرُّع في الحكم. من فضلك لا تسمح لخالي بإقناعك بالتحامُل عليه.»

«ما اسم هذا الشاب؟»

«إنه صاحب المقام الرفيع جون هادون.»

«صاحب المقام الرفيع! هل هو شخص يمكنه أن يفعل فعلًا مُخزيًا مثل هذا؟»

هزَّت الشابة رأسها.

«أنا شبه متأكدة من أنه لم يكن ليفعل ذلك، ومع ذلك لا يمكن لأحدٍ أن يعرف. أعتقد أنه يُوجَد في الوقت الحاضر واحد أو اثنان من اللوردات النبلاء في السجن، لكن جرائمهم لم تكن مجرد السطو على المنازل بسوقية.»

«هل يمكنني استنتاج أن لديك بعض الحقائق غير المعروفة لخالِك أو للشرطة يا ليدي أليشيا؟»

«نعم.»

«عفوًا، ولكن هل هذه الحقائق تميل إلى تجريم الشاب؟» اتَّكأت السيدة الشابة إلى الخلف مرةً أخرى على كرسيها، وحدَّقت فيما ورائي، وجعَّدت جبينها الجميل من الحيرة. ثم قالت ببطء شديد:

«أنت تفهم، يا سيد فالمونت، كم أكره التحدُّث ضدَّ شخص كان في السابق صديقًا. إذا كان قد رضي بأن يبقى صديقًا، فأنا متأكدة من أن هذه الواقعة، التي تسبَّبت لنا جميعًا في هذا القلق والاضطراب، لم تكن لتحدُث أبدًا. لا أريد أن أُطيل الحديث عن الموضوع الذي سيقول لك خالي عنه إنه كان واقعةً غير سارة على الإطلاق، لكن صاحب المقام الرفيع جون هادون رجل فقير، ومن المُستبعد تمامًا بالنسبة إلى أي شخصٍ نشأ مثلي أن يتزوَّج من عائلة فقيرة. لقد كان عنيدًا جدًّا ومتهورًا بشأن هذه المسألة، وأشرك خالي في شجارٍ مرير أثناء مناقشته لهذا الأمر؛ مما أثار استيائي وخيبة أملي. من الضروري بالنسبة إليه أن يتزوَّج من عائلة ثرية كما هو ضروري بالنسبة إليَّ أن أجد الزوج المناسب، لكن لم يكن من المُمكن إقناعه بأن يرى ذلك. يا إلهي، إنه ليس شابًّا عاقلًا على الإطلاق، وقد انتهت صداقتي السابقة معه. ومع ذلك، أكره بشدة اتخاذ أي إجراءٍ قد يؤذيه؛ لذلك لم أتحدث إلى أحد غيرك عن الدليل الموجود في حوزتي، ويجب أن تعامل هذا الأمر بسريَّةٍ تامَّة، دون إعطاء أي تلميحٍ إلى خالي، الذي يشعر بالفعل بالغضب من السيد هادون بما فيه الكفاية.»

«هل هذا الدليل يقنعك بأنه سرق القلادة؟»

«لا، لا أعتقد أنه سرقها حقًّا، لكنني مُقتنعة بأنه كان شريكًا في الجريمة بعد وقوعها، هل هذا هو المُصطلح القانوني؟ الآن، يا سيد فالمونت، لن نقول المزيد الليلة. إذا تحدَّثتُ أكثر عن هذه الأزمة فلن أنام، وأتمنى — وأنا متأكدة من مساعدتك — أن أعالج الموقف بذهنٍ صافٍ للغاية غدًا.»

عندما أويتُ إلى غرفتي، وجدتُ أنني لا أستطيع النوم أيضًا، رغم أنني بحاجةٍ إلى ذهنٍ صافٍ لمواجهة مشكلة الغد. من الصعب بالنسبة إليَّ أن أصف بدقةٍ تأثير هذه المقابلة على ذهني، ولكن لاستخدام تشبيهٍ مادي، قد أقول إنها بدت لي كما لو أنني استمتعتُ دون قيودٍ بكأس شمبانيا يصعب وصف مذاقها حيث بدت ممتازةً للغاية في البداية، ولكن الآن أصبحتْ عادية. لا يمكن لأي رجلٍ أن يكون تحت تأثير السحر أكثر مما كنتُ عليه عندما أخبرتني عينا ليدي أليشيا لأول مرة بأشياء أكثر ممَّا قالته شفتاها، لكن على الرغم من أنني طعنتُ في حقها في الحصول على لقب «جشعة» عندما أطلقتْهُ على نفسها، لم يكن في وسعي إخفاء أن روايتها غير المُبالية بشأن الصديق الذي أراد أن يكون حبيبًا ضايقتني. وجدتُ تعاطفي يمتدُّ إلى ذلك الشاب المجهول، الذي وقعتْ عليه ظلال الشك بالفعل. كنتُ واثقًا من أنه إذا كان قد أخذ الزمردات بالفعل، فلن يكون ذلك بدافع الجشع على الإطلاق. في الواقع، تمَّ إثبات ذلك عمليًّا من خلال حقيقة أن سكوتلاند يارد وجدت نفسها غير قادرة على تتبُّع الجواهر، وهو أقل ما يمكن فعله إذا تمَّ بيع القلادة كقطعةٍ واحدة أو تقطيعها. بالطبع، وجود زمردة تزن أونصة ليس بالأمر الغريب على الإطلاق. فزمردة «ذا هوب» — على سبيل المثال — تزن ستَّ أونصات، ويبلغ قُطر الحجر الكريم الذي يملكه دوق ديفونشاير بوصتَين وربعًا. ومع ذلك، لم يكن من السهل التخلص من مجموعة زمردات بلير المُتألقة، وتوقعتُ أنه لم يتم إجراء أي محاولة لبيعها أو لرهْنها. الآن بعد أن أخرجتُ نفسي من سِحر حضورها، بدأتُ أشكُّ في أن هذه الشابة — بأي حال، على الرغم من أنها بلا شك تتألق مثل جواهرها — قد احتفظتْ أيضًا بشيءٍ من صلابتها. لم يكن هناك أي تعبيرٍ عن التعاطف مع الصديق المُتهور، كان من الواضح جدًّا — عند تذكُّر ما حدث مؤخرًا بيننا — أن رغبة الشابة الوحيدة، ورغبتها الطبيعية تمامًا، كانت استعادة كنزها المفقود. كان هناك شيء وراء كل هذا لم أستطع فَهمه، وقد عقدتُ العزم في الصباح على استجواب مركيز بلير بقدْرٍ من الدهاء الذي سيسمح به. وإذا فشلت في ذلك؛ يجب أن أستجوب السيدة الشابة بدقةٍ دون انحيازٍ شخصي إلى حدٍّ ما كالذي غمرَني خلال هذه الأمسية المُمتعة. لا يُهمني مَن يعرف ذلك، لكنني خُدعتُ أكثر من مرةٍ من قِبل امرأة، لكنني قررتُ أنه في ضوء النهار الصافي يجب أن أقاوم تأثير التنويم المغناطيسي لهاتين العينين الرائعتَين. يا إلهي! يا إلهي! كم يسهُل عليَّ اتخاذ قراراتٍ جيدة عندما أكون بعيدًا عن الإغراء!

•••

كانت الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي عندما سُمح لي بدخول مكتب الأعزب المُسن مركيز بلير. تفحَّصتْني عيناه الثاقبتان أكثر من مرةٍ وأنا أجلس أمامه.

قال مُقتضبًا: «حسنًا!»

بدأت عمدًا: «سيدي اللورد، لا أعرف شيئًا عن القضية أكثر ممَّا قدمَتْه التقارير التي قرأتها في الصحف. ومضى شهران على السرقة. وكل يوم يمرُّ يزيد من صعوبة اكتشاف المجرم. لا أرغب في إضاعة وقتي أو أموالك على أملٍ بائس. لذلك، إذا تكرَّمتَ ووضعتَ في حوزتي جميع الحقائق المعروفة لك، فسأخبرك على الفور ما إذا كان بإمكاني تولِّي القضية أم لا.»

سأل سيادته: «هل تريدني أن أُعطيك اسمَ المجرم؟»

سألتُ ردًّا عليه: «هل تعرف اسمه؟»

«نعم. جون هادون سرَق القلادة.»

«هل أبلغتَ الشرطة بهذا الاسم؟»

«نعم.»

«لماذا لم يعتقلوه؟»

«لأن الدليل ضدَّه ضعيف جدًّا، واحتمال عدم ارتكابه للجريمة قوي جدًّا.»

«ما الدليل المُقدَّم ضده؟»

تحدَّث سيادته بتأنٍّ جادٍّ لمحامٍ مُسن:

«تمَّت السرقة ليلة الخامس من أكتوبر. كانت هناك أمطار غزيرة طَوال اليوم، وكانت الأرض رطبة. لأسبابٍ لا أهتم بالدخول فيها، كان جون هادون على درايةٍ بهذا المنزل وأراضينا. لقد كان معروفًا جيدًا للخدَم، ولسوء الحظ، كان يحظى بشعبيةٍ معهم؛ لأنه مُسرف بسخاء. تقع أملاك أخيه الأكبر، اللورد ستيفنهام، بجواري من ناحية الغرب، ويبعُد منزله ثلاثة أميال عن منزلنا. في ليلة الخامس من الشهر، أقيمت حفلة راقصة في قصر اللورد ستيفنهام، والتي — بالطبع — دُعيت إليها أنا وابنة أختي، وقبلنا الدعوة. لم يكن لديَّ أي خلافٍ مع الأخ الأكبر. كان معروفًا لجون هادون أن ابنة أختي كانت تنوي ارتداء قلادة الزمرد الخاصة بها. حدثت السرقة في الوقت الذي تُرتكب فيه مُعظم الجرائم من هذا النوع في المنازل الريفية، أي أثناء تناولنا العشاء، وهي ساعة يكون فيها الخدم دائمًا في الجزء السُّفلي من المنزل. في أكتوبر، يكون النهار قصيرًا. كانت الليلة مظلمةً بشكلٍ استثنائي؛ لأنه على الرغم من توقف المطر، لم يكن هناك نجم واحد في السماء. وضع اللص سُلَّمًا على حافة إحدى النوافذ العلوية، وفتحها، ودخل. لا بدَّ أنه كان على درايةٍ تامة بالمنزل، لذا ذهب مباشرةً إلى المَخدع حيث تُركت علبة المجوهرات بلامبالاة على طاولة زينة ابنة أُختي عندما نزلتْ لتناول العشاء. كانت قد أُخذت من الغرفة المنيعة قبل حوالي ساعة. كان الصندوق مُقفلًا، لكن هذا لم يُحدِث فرقًا بالطبع. ثنى اللص الغطاء بقوةٍ كاسرًا القفل وسرق القلادة وهرب من الطريق الذي جاء منه.»

«هل ترك النافذة مفتوحةً والسُّلَّمَ في مكانه؟»

«نعم.»

«ألا يبدو لك هذا أمرًا غريبًا للغاية؟»

«نعم. أنا لا أجزم أنه لص مُحترف، وإلا كان سيتَّخِذ جميع الاحتياطات التي كان من المُمكن توقُّعها من أحد اللصوص المُخضرمين حتى لا يُكشف. في الواقع، إنَّ عدم مبالاة الرجل في الذهاب مباشرةً عبر الأراضي الزراعية إلى منزل أخيه، تاركًا آثار أقدامه على الأرض اللينة، والتي يمكن تتبُّعها بسهولة تقريبًا حتى السياج الحدودي؛ تُظهر أنه غير قادر على أي تفكيرٍ جاد.»

«هل جون هادون غني؟»

«ليس لديه فلس واحد.»

«هل ذهبتَ إلى الحفلة الراقصة تلك الليلة؟»

«نعم، لقد وعدتُ بالذهاب.»

«هل كان جون هادون هناك؟»

«نعم، لكنه ظهر مُتأخرًا. كان يجب أن يكون حاضرًا في الافتتاح، وقد انزعج شقيقه بشدة من غيابه. وعندما جاء، تصرَّف بطريقةٍ جامحة ومتهورة، مما أعطى الضيوف انطباعًا بأنه كان يشرَب. شعرتُ أنا وابنة أختي بالاشمئزاز من أفعاله.»

«هل تعتقد أن ابنة أختك تشتبه به؟»

«إنها بالتأكيد لم تفعل ذلك في البداية، وعندما أخبرتُها — وهي عائدة من الحفلة الراقصة — أن جواهرها بلا شك في منزل ستيفنهام، كانت غاضبة على الرغم من أن الجواهر لم تكن حول رقبتها بالفعل، لكنني أعتقِد مؤخرًا أن رأيها قد تغيَّر.»

«دعني أرجع بالزمن قليلًا. هل رآه أحد من الخدَم يتجوَّل خلسةً في المكان؟»

«قالوا جميعًا إنهم لم يرَوه، لكنني رأيته، قبل الغسَق مباشرة، قادمًا عبر الحقول باتجاه هذا المنزل، وفي صباح اليوم التالي وجدْنا نفس آثار الأقدام ذهابًا وإيابًا. يبدو لي أن القرائن قوية إلى حدٍّ ما.»

«إنه لأمر مؤسف أن لا أحد رآه غيرك. ما الأدلة الأخرى التي تنتظرها السلطات؟»

«إنهم ينتظرون حتى يحاول التخلص من الجواهر.»

«هل تعتقد، إذن، أنه لم يفعل ذلك حتى الآن؟»

«أعتقد أنه لن يفعل ذلك أبدًا.»

«إذن فلماذا سرقها؟»

«لمنع زواج ابنة أختي من خطيبها جوناس كارتر، من شيفيلد. كان من المُقرَّر أن يتزوَّجا في وقتٍ مُبكر من العام الجديد.»

«سيدي، أنت تُحيرني. إذا كان السيد كارتر والسيدة أليشيا مخطوبين، فلماذا تتعارَض سرقة الجواهر مع مراسم الزواج؟»

«سيد جوناس كارتر هو رجل جدير بالتقدير والاحترام للغاية، ولكنه لا يتمتع بالمكانة الاجتماعية الخاصة بنا. إنه يعمل بمجال الصُّلب أو أدوات المائدة، وهو شخص ذو ثروةٍ كبيرة، تزيد عن المليون، ولديه عزبة كبيرة في ديربيشاير، ومنزل أمام مُتنزَّه الهايد بارك في لندن. إنه رجل أعمالٍ صارم للغاية، وأنا وابنة أختي نتَّفِق على أنه رجل كفء أيضًا. أنا شخصيًّا صارم إلى حدٍّ ما فيما يخصُّ الأعمال، ويجب أن أعترف أنَّ السيد كارتر أظهر لي روحًا كريمةً جدًّا في الترتيبات الأولية للخطوبة. عندما تُوفِّي والد أليشيا، كان قد استنفد كل الأموال التي كانت في حيازته أو اقترضها من أصدقائه. على الرغم من أنه رجل من عائلةٍ نبيلة، إلا أنني لم أُحبه أبدًا. كان متزوجًا من أختي الوحيدة. وكما تعلم ينتقل إرث زمردات بلير للإناث. وهكذا حصلتْ عليها ابنة أختي من والدتها. كانت أُختي المسكينة قد أُصيبت بخيبة أملٍ قبل أن يُحررها الموت من الحثالة حامل اللقب الذي تزوَّجَتْه، ووضعت بحكمةٍ شديدة الزمردات في عُهدتي للاحتفاظ بها كأمانة لابنتها. إنها تشكل ثروة ابنة أختي الوحيدة، وإذا عٌرِضَت في لندن اليوم، فستكون قيمتها بين خمسة وسبعين إلى مائة ألف جنيه، على الرغم من أنها في الواقع لا تساوي الكثير. وافق السيد جوناس كارتر بشكلٍ ودِّي للغاية على أن يتزوَّج ابنة أُختي بمهرٍ قدره خمسون ألف جنيه فقط، وقد عرضتُ أن أدفع هذا المبلغ مُقدمًا، إذا سُمح لي بالاحتفاظ بالجواهر كضمان. تمَّ ترتيب ذلك بيني وبين السيد كارتر.»

«لكن بالتأكيد السيد كارتر لن يرفض تنفيذ خطوبته لأن الجواهر قد سُرقت؟»

«بلى رفض. ولم لا؟»

«إذن بالتأكيد ستدفع الخمسين ألفًا مُقدمًا حتمًا؟»

«لا لن أفعل. ولم أفعل ذلك؟»

قلتُ بضحكةٍ صغيرة: «حسنًا، يبدو لي أنَّ الشابَّ قد هزمكما بالتأكيد.»

«صحيح، حتى أضعه في السجن، وأنا عاقد العزم على القيام بذلك حتى إذا كان أخًا لعشرين لورد ستيفنهام.»

«الرجاء الإجابة على سؤالٍ آخر. هل أنت عازم على وضع الشابِّ في السجن أم سترضى بعودة الزمردات سليمة؟»

«بالطبع أُفضل وضعه في السجن والحصول على الزمردات أيضًا، ولكن إذا لم يكن هناك خيار في هذا الشأن، فسوف أكتفي بالقلادة.»

«حسنًا سيدي، سأتولَّى القضية.»

كان هذا الاجتماع قد احتجزنا في المكتب حتى بعد الحادية عشرة، وبعد ذلك، نظرًا لأنه كان صباحًا صافيًا ومنعشًا من شهر ديسمبر؛ خرجتُ عبر الحدائق إلى المُتنزَّه، لأتمشَّى على طول الطريق الخاص المُمهَّد جيدًا وأتأمَّل في نهج العمل الذي سأنتهجه، أو بالأحرى، أُفكر في ما قيل؛ لأنني لم أتمكن من تحديد طريقي حتى أسمع السرَّ الذي وعدَتْ ليدي أليشيا بكشفه. وفقًا للمعلومات التي كانت لدي في ذلك الوقت، بدا لي أنَّ أفضل طريقةٍ هي أن أذهب مباشرةً إلى الشاب، وأُظهر له بأكبر قدرٍ ممكن من الفعالية الخطر الذي يُحدِق به، وإذا أمكن، أُقنعه بتسليم القلادة لي. بينما كنت أتجوَّل تحت الأشجار الكبيرة القديمة الخالية من الأوراق، سمعتُ اسمي يُنادى فجأةً باندفاعٍ مرتين أو ثلاثَ مرات، وعندما استدرتُ رأيتُ ليدي أليشيا تجري نحوي. كان خدَّاها مُشرِقَين بحُمرة طبيعية، وعيناها تلمعان بشكلٍ مُذهل أكثر من أي زمرد قد يُغري المرء لارتكاب عملٍ خبيث.

«أوه، يا سيد فالمونت، لقد كنتُ في انتظارك، وأنت تجنَّبتني. هل رأيتَ خالي؟»

«نعم، لقد كنتُ معه منذ الساعة العاشرة صباحًا.»

«حسنًا!»

«سيدتي، هذه بالضبط الكلمة التي بدأ بها كلامه معي.»

«آه، هل ترى تشابُهًا آخر بيني وبين خالي هذا الصباح إذن؟ هل أخبرك عن السيد كارتر؟»

«نعم.»

«إذن أنت تفهم الآن مدى أهمية أن أستعيد حيازة مُمتلكاتي؟»

قلتُ بحسرة: «نعم؛ المنزل بالقُرب من مُتنزَّه هايد بارك والعزبة الكبيرة في ديربيشاير.»

صفَّقت يديها بسعادة، وعيناها وقدماها ترقصان في انسجامٍ تام، بينما تقفز هي بمرح بجانبي، وكأنها تحجل بالجنب، مُجاريةً لخطوتي الأكثر وقارًا، كما لو كانت فتاةً صغيرةً في السادسة من عمرها بدلًا من شابَّة في العشرين.

وصاحت: «ليس هذا فقط، ولكن مليون جنيه لأُنفقها! أوه، يا سيد فالمونت، أنت تعرف باريس، ومع ذلك يبدو أنك لا تفهم معنى هذا الكم الهائل من المال!»

«حسنًا، سيدتي، لقد رأيتُ باريس، ورأيتُ أماكن كثيرةً في العالم، لكنني لستُ متأكدًا من أنك ستحصلين على المليون لتنفقيه.»

صرخت: «ماذا؟» وتوقَّفَت فجأة، وظهر ذلك التجعُّد الصغير على جبينها الذي يدلُّ على غضبها. «هل تعتقد إذن أننا لن نستعيد الزمردات؟»

«أوه، أنا متأكد من أننا سنستعيد الزمردات. أنا، فالمونت، أتعهَّد لك بذلك. لكن إذا قرَّر السيد جوناس كارتر قبل الزواج وقف المراسِم حتى يضع خالك خمسين ألف جنيه على الطاولة، فأنا أعترف بأنني مُتشائم جدًّا بشأن حصولك على المليون بعد ذلك.»

عادت كل حيويتها على الفور.

وصاحت وهي تلفُّ راقصةً أمامي، ثم تقف هناك مباشرةً في طريقي: «هراء!» لذلك توقَّفت. كررت: «هراء!» وهي تُطرقع أصابعها، بإيماءةٍ لا تُضاهى بتلك اليد الجميلة. «سيد فالمونت، أشعر بخيبة أمل فيك. أنت لستَ لطيفًا كما كنتَ الليلة الماضية. ليس لطيفًا منك أن تُشير إلى أنه يومًا ما عندما أتزوَّج السيد جوناس، فلن أنال منه كل المال الذي أريده بالتمُّلق. لا تنظُر للأرض، وانظُر إليَّ وأجب!»

نظرتُ إليها، ولم أستطع أن أُمسك نفسي عن الضحك. سِحر الغابة كان في تلك الفتاة، نعم، يُومِض أثرٌ محسوس لشيطانٍ فرنسي في عينيها الساحرتَين. لم أستطع فعل شيءٍ حيال ذلك.

«آه، مركيزة بلير، كيف يُمكنك أن تُبدِّدي اليأس بمُنتهى المرح في بلاط لويس غير المُحصن؟»

صاحت: «آه، سيد يوجين فالمونت!» مُحاكية نبرة صوتي، ومقلدةً أسلوبي بدقةٍ أدهشتني: «لقد أصبحت مرةً أخرى فالمونت العزيز الذي قابلتُه الليلة الماضية. حلمتُ بك، أؤكد لك أنني فعلت، والآن أجدك قد تغيَّرتَ جدًّا في الصباح، يا إلهي!» شبَّكَت يديها الصغيرتين وأمالت رأسها، في حين غرق صوتها الجميل في إيقاعٍ حزين بدا حقيقيًّا للغاية لدرجة أن موجة الضحك التي أعقبت ذلك مباشرة كانت صادمةً بالنسبة إليَّ. أين تعلَّم هذا المخلوق من الريف الإنجليزي المُضجر كل هذه الإيماءات والنبرات المُتنوعة؟

سألتها: «هل رأيتِ سارة بيرنار من قبل؟»

الآن قد تستفسِر المرأة الإنجليزية العادية عن السبب وراء هذا السؤال غير المنطقي، لكن ليدي أليشيا اتبعت اتجاهَ أفكاري، وأجابت على الفور كما لو كان سؤالي مُتوقعًا تمامًا:

«لا يا سيدي. إنها سارة المُقدَّسة! آه، وهي تأتي مع المليون جنيه الخاصة بي سنويًّا ومنزل هايد بارك. لا، الساكن الوحيد في عالمي الحقيقي الذي رأيتُه حتى الآن هو السيد فالمونت، ولكنه — للأسف — تغير جدًّا. ولكن الآن، وداعًا أيها العبث، يجب أن نكون جادِّين.» ومشَتْ بهدوء بجانبي.

«هل تعرف إلى أين أنت ذاهب يا سيدي؟ أنت ذاهب إلى الكنيسة. لا تخف، ليس من أجل الصلاة. أنا أزين الكنيسة بنبات البهشية، وسوف تُساعدني وتُصاب بالأشواك في أصابعك المسكينة.»

الطريق الخاص، الذي كان حتى ذلك الوقت يمرُّ عبر غابة، وصل الآن إلى أرضٍ فضاء مُنعزلة تُوجَد فيها كنيسة صغيرة جدًّا، لكنها رائعة، ويبدو أنها أقدم بقرونٍ من القصر الذي تركناه. خلفها كانت هناك أطلال حجرية رمادية، أشارت إليها ليدي أليشيا على أنها بقايا القصر الأصلي الذي تم بناؤه في عهد هنري الثاني. كان يُعتقد أن الكنيسة تُمثل الكنيسة الخاصة بالقصر، وقد تم ترميمها من قِبَل مُختلف لوردات العزبة.

صاحت ليدي أليشيا ببهجة: «الآن استمع لقوة الفقراء، وتعلَّم كيف يمكن أن يستهزئوا بالمركيز المُتكبر؛ فقد يسير أفقر رجل في إنجلترا على طول هذا الطريق الخاص يومَ الأحد إلى الكنيسة، والمركيز المُتكبر عاجز عن منعه. بالطبع، إذا طالت مدة سَير الرجل المسكين؛ فهو في خطرٍ من قانون التعدِّي على ملكية الغير. ومع ذلك، في أيام الأسبوع العادية، هذا هو المكان الأكثر عزلةً في العزبة، ويؤسِفني أن أقول إن خالي اللورد لا يأتي إلى هنا حتى أيام الآحاد. أخشى أننا سلالة مُتردية يا سيد فالمونت؛ لأنه بلا شك أن أحد أسلافي المُقاتلين والمُتعمقين في الدين بنى هذه الكنيسة، وبالتفكير أنه عندما ثبَّت البناءون الصالحون تلك الأحجار معًا بالإسمنت، لم يفكر أحد في مركيزة بلير أو ليدي أليشيا على حدٍّ سواء، وعلى الرغم من أن بينهما ثلاثمائة عام، فإن هذه الكنيسة القديمة تجعلهما تبدوان — كما قد يقول المرء — مُعاصرتَين. سيد فالمونت، ما فائدة القلق بشأن الزمردات أو أي شيءٍ آخر؟ عندما أنظر إلى هذه الكنيسة القديمة الجميلة، حتى منزل هايد بارك يبدو بلا قيمة.» ولدهشتي، كانت العيون التي وجَّهتْها لي ليدي أليشيا مُمتلئةً بالدموع.

كان الباب الأمامي مفتوحًا، ودخلنا الكنيسة في صمت. حول الأعمدة تشابكَتْ نباتات البهشية واللبلاب. تناثرَتْ مجموعات كبيرة من الشجيرات هنا وهناك على طول الجدران في أكوام، وكان هناك سُلَّم نقَّال في أحد الممرات؛ مما يدل على أن زخرفة الصرح لم تكتمِل بعد. استقرَّ حزن مكتوم على رفيقتي التي كانت مفعمةً بالحيوية، وهو ردُّ الفعل الحتمي الذي يميز المزاج الفني، والذي زاد بلا شك من إجلال المكان، الذي نُحِتت حول جدرانه بالنحاس والرخام نصب تذكارية لأسلافها القدماء.

قلتُ أخيرًا: «لقد وعدتِ بإخباري كيف أصبحتِ تشتبهين في …»

همست: «ليس هنا، ليس هنا.» وقالت وهي تقوم من المقعد الذي كانت جالسةً عليه في الكنيسة:

«دعنا نذهب، لستُ في مزاج جيدٍ للعمل هذا الصباح. سأنهي الزخرفة في فترة ما بعد الظهر.»

خرجنا مرةً أخرى إلى ضوء الشمس الهادئ والرائع، وعندما اتَّجهنا إلى المنزل، بدأتْ معنوياتها في الارتفاع على الفور.

واصلتُ حديثي بإصرار: «أنا مُتشوق لمعرفة سبب اشتباهك في رجلٍ كنت تعتقدين في البداية أنه بريء.»

«لستُ متأكدةً ولكني أعتقد أنه بريء الآن، رغم أنه ليس أمامي سوى استنتاج أنه يعرف مكان الكنز.»

«ما الذي يدفعك إلى هذا الاستنتاج يا سيدتي؟»

«رسالة تلقَّيتُها منه، تقدَّم فيها بطلب يدي بشكلٍ غير عادي لدرجة أنني تقريبًا غير راغبة في الموافقة عليه، على الرغم من أن ذلك سيؤدي إلى اكتشاف مكان قلادتي. ومع ذلك، أنا مُصمِّمة على عدم ترك أي وسيلةٍ دون تجربة إذا تلقيتُ دعمًا من صديقي؛ السيد فالمونت.»

قلتُ بانحناءة: «سيدتي، ما عليك سوى الأمر، وعليَّ التنفيذ. ماذا كانت محتويات تلك الرسالة؟»

أجابت وهي تأخذ الورقة المطوية من جيبها وتُسلمها لي: «اقرأها.»

لقد كانت مُحقةً تمامًا في وصف الرسالة بغير العادية. كان لدى صاحب المقام الرفيع جون هادون الجرأة لاقتراح أنها يجب أن تخضع لشكلٍ من أشكال الزواج به في الكنيسة القديمة التي غادرناها للتو. قال إنها إذا فعلت ذلك، فسيعتبره مواساةً عن الحب المجنون الذي شعر به تجاهها. لن يكون للمراسم أي قوة إلزامية عليها مهما كانت، وقد تجلب من تُحب أن يؤديها. إذا لم تكن تعرف أي شخصٍ يمكن أن تثق به، فسوف يدعو صديقًا قديمًا من الكلية، ويُحضره إلى الكنيسة في صباح اليوم التالي في الساعة السابعة والنصف. حتى لو أجرى المراسم كاهن مُخصَّص، فلن يكون ذلك قانونيًّا ما لم يتم ذلك بين الساعة الثامنة صباحًا والثالثة بعد الظهر. إذا وافقت على هذا، فإن الزمردات ستكون لها مرةً أخرى.

قلتُ وأنا أُعيد إليها الرسالة: «هذا عرض زواجٍ لرجل مجنون.»

أجابت وهي تهزُّ كتفَيها بلامبالاة: «حسنًا، لقد كان يقول دائمًا إنه يُحبني بجنون، وأنا أصدق ذلك حقًّا. يا له من شابٍّ مسكين، إذا كانت هذه المسرحية ستواسيه لبقية حياته، فلماذا لا أُسايره فيها؟»

«ليدي أليشيا، بالتأكيد لن تقبلي تدنيس ذلك الصرح القديم الجميل بمراسم وهمية؟ لا يُوجَد رجل بكامل وعيه يقترح مثل هذا الشيء!»

مرةً أخرى كانت عيناها تلمعان من الفرح.

«لكن صاحب المقام الرفيع جون هادون — كما أخبرتك — ليس بكامل وعيه.»

«إذن فلماذا ستُسايرينه؟»

«لماذا؟! كيف يمكنك طرح مثل هذا السؤال؟ بسبب الزمردات. على كل حال، إنه مجرد مزاح مجنون ولا حاجة لمعرفة أحدٍ به.» صرخَتْ مُتوسلةً وهي تُشبك يديها، ومع ذلك بدا لي تيار خفي من الضحك في نغماتها المُتضرعة: «سيد فالمونت، هل يمكن أن تؤدي دور الكاهن من أجلنا؟ أنا متأكدة من أنه إذا كان وجهك جادًّا كما هو في هذه اللحظة؛ فسيليق بك ثوب الكاهن.»

«ليدي أليشيا، أنتِ عنيدة. أنا إلى حدٍّ ما رجل علماني، ولكني لا أجرؤ على تزييف هذا المنصب المُقدس، وآمُل أن تكون هذه مجرد مزحة. في الحقيقة، أنا متأكد من أنك تمزحين يا سيدتي.»

ابتعدَتْ عني بتجهُّمٍ جميل جدًّا.

«سيد فالمونت، إنَّ شهامتك — رغم كل شيء — ليست حقيقية. فهذا عكس ما قلته بأن لي الأمر وعليك التنفيذ. بالتأكيد كنتُ أمزح. سيُحضر جون الكاهنَ المُزيف معه.»

«هل ستقابلينه غدًا؟»

«نعم بالتأكيد. لقد وعدت. لا بد أن أسترد قلادتي.»

«يبدو أنك تضعين ثقةً كبيرةً في الاعتقاد بأنه سيُعطيكِ القلادة.»

«إذا لم يفعل ذلك؛ فسألعب يا سيد فالمونت ببطاقتي الرابحة. لكن، سيدي، على الرغم من أنك رفضتَ عن حقٍّ تمامًا الامتثال لطلبي الأول، فإنك بالتأكيد لن ترفض طلبي الثاني. من فضلك قابِلْني غدًا على رأس الشارع، في الساعة السابعة والربع دون تأخير، ورافقني إلى الكنيسة.»

للحظة أوشكتُ أن أرفض، لكنها نظرتْ إليَّ بهاتين العينين الساحرتين، فتراجعتُ عن قراري.

وأجبتها: «حسنًا.»

أمسكَتْ بكلتا يديَّ، مثل فتاةٍ صغيرة غمرتها السعادة لأنها وُعِدت بنزهة.

«أوه، سيد فالمونت، أنا أُحبك جدًّا! أشعر كما لو كنتُ أعرفك طَوال حياتي. أنا متأكدة من أنك لن تندم أبدًا على تلبية طلبي.» ثم أضافت لاحقًا: «إذا حصلنا على الزمردات.»

قلت: «آه، إذا حصلنا على الزمردات.»

كنا الآن على مرمى البصر من المنزل، ولفتت انتباهي لمَوعدنا في اليوم التالي، وبهذا ودَّعتها.

كانت الساعة بعد السابعة بقليل صباح اليوم التالي عندما وصلتُ إلى مكان الاجتماع. تأخرت ليدي أليشيا في القدوم، ولكن عندما وصلتْ كان وجهها مُتوهجًا ببهجةٍ صبيانية بسبب مقلب الزواج الذي كانت على وشك أن تقوم به.

سألتُها بعد تبادُل تحيات الصباح: «ألم تُغيري رأيك؟»

فأجابت بضحكةٍ مشرقة: «نعم، لم أغيره يا سيد فالمونت. أنا مُصمِّمة على استعادة تلك الزمردات.»

«يجب أن نُسرع، يا ليدي أليشيا، وإلا فسنتأخر جدًّا.»

علقتْ بهدوء: «هناك مُتسع من الوقت.» وقد أثبتت صحة كلامها؛ لأنه عندما وقع نظرُنا على الكنيسة، كانت الساعة تُشير إلى السابعة والنصف.

قالت: «الآن سأنتظر هنا حتى تتسلَّل إلى الكنيسة وتنظُر من خلال إحدى النوافذ التي لا تحتوي على زجاج ملون. لا ينبغي لي بأي حالٍ من الأحوال أن أصل قبل أن يكون السيد هادون وصديقه هناك.»

فعلتُ كما طلبتْ مِني، ورأيتُ شابين يقفان معًا في الممر الأوسط، أحدهما يرتدي الثوب الكامل للكاهن، والآخر يرتدي لباسه العادي، والذي اعتبرتُه صاحب المقام الرفيع جون هادون. لم أرَ سوى جانب وجهه، ويجب أن أعترف أنه كان هناك القليل جدًّا من الجنون في مظهره الهادئ. كان وسيمًا، حليق الذقن، ويتمتع بصفات الرجل الحق بشكلٍ لافتٍ للانتباه. كانت هناك امرأة جالسة على أحد المقاعد، علمت بعد ذلك أنها كانت خادمة ليدي أليشيا، التي تلقَّت تعليماتٍ بالمجيء والخروج من المنزل عبر ممرٍّ للمُشاة، بينما سلكنا نحن الطريق الأطول. عدتُ واصطحبت ليدي أليشيا إلى الكنيسة، وهناك تعرفتُ على السيد هادون وصديقه الكاهن المُزيف. تم إجراء المراسم في الحال، وكم أزعجني تمثيل هذه المسرحية الخاصة في الكنيسة على الرغم من كوني رجلًا علمانيًّا كما صرحت. عندما طُلِب مني أنا والخادمة التوقيع على العقد بصفتنا شاهدين، قلت:

«من المؤكد أن هذا يدعم الواقعية بشكلٍ مُبالغ فيه إلى حدٍّ ما!»

ابتسم السيد هادون، وأجاب:

«أنا مندهش لسماع رجل فرنسي يعترض على تحقيق الواقعية إلى أقصى حد، وعن نفسي، يُسعدني أن أرى توقيع يوجين فالمونت الشهير.» وبهذا قدَّم لي القلم، وعندئذٍ وقَّعتُ على عجل. كانت الخادمة قد وقَّعت بالفعل واختفت. انحنى لنا الكاهن المزعوم داعيًا إيَّانا للخروج من الكنيسة، وهو يقف في الشرفة ليشاهدنا ونحن نسير في الطريق.

صاح جون هادون: «إد، سأعود خلال نصف ساعة، وسنحضر عند هذا التوقيت. هل تمانع في الانتظار؟»

«على الإطلاق يا صديقي العزيز. بارك الله فيكما.» وبدا لي أن الرعشة في صوته تحمل الواقعية خطوةً أخرى إلى الأمام.

جعلتنا ليدي أليشيا — مُطأطئة الرأس — نُسرع إلى أن وصلنا إلى مكانٍ مظلم داخل الغابة، وعندئذٍ — مُتجاهلةً وجودي — التفتت فجأةً إلى الشاب، ووضعت يدَيها على كتفيه.

صاحت: «أوه، جاك، جاك!»

قبَّلها مرتين على شفتَيها.

«جاك، سيد فالمونت يُصرُّ على الزمردات.»

ضحك الشاب. ووقفت الليدي أمامه وظهرها نحوي. بحنان، فكَّ الشاب شيئًا ما في عنق فستانها ذي الرقبة العالية، ثم كان هناك صوت طقطقة، وقام بسحب قلادةٍ خضراء لامعة، مذهلة، متلألئة، ساطعة، بدا وكأنها تُضفي لونًا أخضر على المنظر القاتم لشهر ديسمبر كما هو الحال مع لمسة الربيع. أخفت الفتاة وجهها الوردي في صدره، وبابتسامةٍ سلَّمني زمردات بلير الشهيرة من فوق كتفها.

وصاح قائلًا: «ها هو الكنز يا فالمونت بشرط ألا تهجم على الجاني.»

«أو الشريك في الجريمة بعد وقوعها.» قالت ليدي أليشيا ضاحكةً وهي تغلق بإحدى يديها فستانها ذا الرقبة العالية من عند العنق.

«نحن نثق في إبداعك، فالمونت، لتقديم تلك القلادة لخالي بقصةٍ بوليسية تُثير قلبه.»

سمعنا الساعة تدقُّ الثامنة، ثم بعد قليلٍ دقت أجراس أصغر مُعلنةً عن مُضي ربع ساعة، ثم بعد ذلك أعلنت عن مُضي نصف ساعة. صاح هادون: «مرحى! لقد حضر إد إلى الساعة بنفسه. يا له من صديق جيد.»

نظرتُ إلى ساعتي؛ كانت الثامنة وخمسًا وثلاثين دقيقة.

سألت: «هل كانت المراسم حقيقيةً إذن؟»

قال الشاب وهو يُربِّت على كتف زوجته بمودة: «آه، يا فالمونت، لا شيء على وجه الأرض يمكن أن يكون أكثر حقيقةً من تلك المراسم.»

ودنت منه ليدي أليشيا تكاد تطير سعادة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤