الفصل السابع

البواعث الرئيسية للاستعارة

(مع كاترين إلجين)١
يرفض جوزيف ستيرن النظريات الامتدادية للاستعارة على خلفية أن استبدال المصطلحات متماثلة الأبعاد لا يحافظ دائما على الحقيقة الاستعارية: «قد يكون من البديهي أن الاستعاري يعتمد على الحرفي، لكن هذا لا يمكن أن يعني أن امتداد مصطلح مفسَّرًا استعاريًّا يعتمد ببساطة على امتداده مفسَّرًا حرفيًّا.»٢ صحيح جدًّا. لكن من بقي من الامتداديين لا يسلِّمون بمثل هذه الأطروحة. إن القول بأن استعارةً تتحدد امتداديًّا لا يعني القول بأن امتدادًا استعاريًّا لمصطلح يتحدد فقط أو ببساطة بامتداده الحرفي. إن الإشارات الامتدادية للتعبيرات الحرفية والاستعارية المترابطة تتضافر في تثبيت إشارة استعارية لمصطلح. ومن بين الموارد المتوفرة للامتدادي تفسيرات التعبيرات الحرفية والاستعارية ذات الصلة،٣ والامتدادات الثانوية،٤ واختيار الإشارة،٥ وضرب الأمثلة،٦ والإشارة المعقدة.٧ لا توجد وصفات لتحديد المعنى الاستعاري، لكن هناك استدلالات توجِّه بحثنا، وتقدِّم مفاتيح وأفكارًا بشأن ما قد يكون مناسبًا من أوجه السياق وخلفيته.
يلاحظ ستيرن أن تبادلية المصطلحات المتماثلة الامتداد حرفيًّا تفشل في الحفاظ على الحقيقة الاستعارية. رغم أن:
  • (أ)

    جوليت الشمس.

    صحيحة، فإن:

  • (ب)

    جوليت أكبر بقعة غازية في المجموعة الشمسية.

    خطأ؛ وحيث إن الشمس أكبر بقعة غازية في المجموعة الشمسية، يستنتج ستيرن أن الامتدادية تفشل. إنه يرفض باختصار الامتدادات الثانوية، ويفشل في تقدير الذخيرة التي تضيفها إلى مستودع الامتدادي.

إن الامتداد الثانوي لمصطلح امتداد (أساسي) لمركب يحتوي ذلك المصطلح. إن امتداد «وصف الشمس» بالتالي امتداد ثانوي ﻟ «الشمس». لكن امتداد «وصف الشمس» لا يحدِّده امتداد «الشمس». إن بعض أوصاف الشمس، مثل تلك التي توجد في الميثولوجيا، وعلم التنجيم، وعلم الفلك القديم، ليست أوصافًا صحيحة للشمس. ويبقى أن «وصف الشمس» له امتداد محدد — فئة خاصة من الكلمات والعبارات. ورغم عدم وجود قاعدة لتجسيدها، تُعرَف أوصاف الشمس بسهولة. إن هذه الحالة شائعة في الأمور السيمنطيقية: ليس هناك قاعدة لتجسيد «المقعد» أيضًا، لكننا نعرف المقاعد دون صعوبة. ومن المؤكد أننا ربما لا نستطيع أن نقرِّر كل حالة. قد يكون من الصعب أن نقرِّر إن كان بناء لغوي غريب وصفًا للشمس أو إن كان بناء مادي غريب مقعدًا. لكن مثل هذه الصعوبات لا تطعن في تحديد أيٍّ من الامتدادين.
المصطلحات التي تتسق في امتداد أساسي لا تتسق عادةً في امتداد ثانوي. رغم أن الامتدادات الأساسية ﻟ «الشمس» و«أكبر بقعة غازية في المجموعة الشمسية» واحدة، فإن الامتدادات الثانوية لهما ليست واحدة. تنتمي [عبارة] «العربة المتوهجة لأبوللو»، على سبيل المثال، للامتداد الثانوي ﻟ «الشمس»، لكنها لا تنتمي للامتداد الثانوي ﻟ «أكبر بقعة غازية في المجموعة الشمسية». ويقترح نيلسون جودمان أن المعنى الحرفي مسألة امتداد أساسي وثانوي. وهكذا تختلف في المعنى المصطلحات المتماثلة الأبعاد التي تختلف في الامتداد الثانوي.٨ ويترتب على ذلك أنه إذا كان التفسير الاستعاري وظيفة المعنى الحرفي، فإن المصطلحات المتماثلة الأبعاد المختلفة الامتدادات الثانوية تحمل تفسيرات استعاريةً مختلفة. حتى لو كان روميو امتداديًّا، فإن تأكيده ﻟ (أ) ما كان يتطلب منه أن يقبل (ب). إن الامتداديين يلتزمون بتأسيس التفسير على الامتدادات وحدها. لكننا أحرار في استدعاء أي امتداد، وأي عدد من الامتدادات، كما نشاء.

ثمة مشكلة أكثر إرباكًا وهي أن المصطلح المفرد «شمس» نفسه يحمل تفسيرات استعاريةً متباينة. توصف جوليت بأنها الشمس؛ لأنها تُلهم الحب العاطفي؛ وأخيل لأنه فريسة لغضب بشع. يرتبط المعنى الاستعاري، على ما يبدو، بالنماذج لا بالأنواع.

لكن كيف تختلف سيمنطيقيًّا نُسَخ متماثلة الامتداد حرفيَّا — أي نماذج لنوع مفرد؟ يقدم اختيار الإشارة الإجابة. في تطبيق اختيار الإشارة، لا يشير التعبير إلى ما يدل عليه بل إلى ما يشير إليه ذلك المصدر.

تختار [كلمة] «هرميس» الإشارة إلى أوصاف الهرميس وصور الهرميس؛ وتختار [كلمة] «شمس» الإشارة إلى أوصاف الشمس وصور الشمس. لكن كل وصف للشمس لا يحتاج إلى اختيار الإشارة إليه بنقش معين ﻟ «الشمس». تختار نماذج تحدث في عمل في علم الفلك البَطْلَمي، مثلًا، الإشارة إلى «جرم سماوي متحرك»؛ يختار نموذج في علم الفلك الكوبرنيكي الإشارة إلى «جرم سماوي ثابت». وهكذا يمكن للنسخ المتطابقة المتماثلة الأبعاد حرفيًّا، وكثيرًا ما يحدث ذلك، أن تتباعد في اختيار الإشارة. ويبقى أن اختيار الإشارة امتدادي. هناك فئة محدِّدة من التعبيرات التي يختار كل نموذج الإشارة إليها، وتختار الإشارة المتزامنة لنموذجين فقط في حالة إذا اختارا الإشارة بالضبط إلى أعضاء من الفئة نفسها.

تختلف النسخ المتطابقة التي تحمل تفسيرات استعاريةً متباينة في اختيار الإشارة. نقوش «الشمس» التي تطبق استعاريًّا على جوليت تختار الإشارة إلى تعبيرات مثل «تحفظ الحياة» و«جميلة»؛ وتلك التي تطبق على أخيل تختار الإشارة إلى تعبيرات مثل «مهدِّدًا للحياة» و«مفزعًا». إن التداعيات التي تتأثر بالتطبيق الاستعاري على نقش هي بالتالي منتجات الإشارة الحرفية التي وقع الاختيار عليها لذلك النقش. ومن المهم أن نلاحظ أن المصطلحات المتماثلة الامتداد المختلفة الامتداد الثانوي تختلف أيضًا في اختيار الإشارة. على عكس «قزم»٩ تختار كلمة «الساحر» الإشارة إلى «الرجل الحكيم». وهكذا تطبق «الساحر» استعاريًّا على أشخاص لا تنطبق عليهم «قزم».

تحقق الاستعارات تأثيراتها من خلال التشابه. ويتضمن هذا طريقةً أخرى من الإشارة؛ ضرب الأمثلة. إذا كان رمز يشير إلى اسم ويمثله، فإنه يقدم أمثلة. وإذا كان رمزان يشيران بالضبط إلى الأسماء نفسها ويمثلانها، فإنهما يتلازمان في ضرب الأمثلة. تقدم، مثلًا، عينة طلاء تشير إلى «القرمزي» وتمثله مثالًا «للقرمزي»؛ وعينات الطلاء المنفصلة التي تشير بالضبط إلى الأسماء نفسها وتقدم أمثلةً لها — مثلًا، «قرمزي» و«باهت» و«لبني» — متلازمةً في ضرب الأمثلة. وهكذا يكون ضرب الأمثلة، مثل طُرق الإشارة الأخرى التي تناولناها، امتداديًّا.

الأشياء التي لا تعمل عادةً بوصفها رموزًا تعمل ذلك بأن تكون عينات للأسماء التي تمثِّلها، ومن ثم تقدِّم أمثلةً لها، وهذا مفتاح التشابه الاستعاري. في مخاطبة جوليت بالشمس، يلقي روميو الضوء على سِمات تشترك فيها (حرفيًّا) مع الشمس. من خلال التوصيف الذي يقدمه، يستحضرها لتقدم أمثلةً لصفات مثل «متألقة» أو «فريدة». وهكذا، في أبسط الحالات، تربط سلسلة إشارات الامتدادات الحرفية والاستعارية لمصطلح بضرب أمثلة مشتركة للاسم. وهكذا، تكون سول،١٠ المشار إليه الحرفي ﻟ «الشمس»، وجوليت، المشار إليه استعاريًّا ﻟ «الشمس»، مرتبطتين بضرب أمثلة مشتركة للصفة «متألقة». قد تربط أيضًا سلاسل أطول وأكثر تعقيدًا المواضيع الحرفية والاستعارية. وقد تقدِّم جوليت أمثلةً لاسم يقدِّم أمثلةً لاسم … تقدِّم الشمس أمثلةً له. والأسماء التي تقدِّم لها أمثلةً قد تكون حرفيةً أو استعارية. ويمكن لأي عدد من السلاسل أن يؤثر في وقت واحد. إن الاستعارة الثرية لا تنفد حيث يمكن تلفيق سلاسل إضافية للإشارة بين مواضيعها.

يؤثر السياق بعدة طرق على تفسير الاستعارة. ويُطبَّق المصطلح، عادة، بوصفه جزءًا من مخطط لبدائل ضمنية. وقد ينتمي تعبير مفرد إلى عدد من المخططات. يمكن، مثلًا، وضع «الليل» مقابل «النهار»، أو «الصباح»، أو «العصر» أو «المساء». وبالإضافة إلى ذلك، يختلف امتداد نموذج «الليل» بعض الشيء اعتمادًا على المخطط الذي يؤثر فيه. ينتمي الشفق العميق للامتداد «الليل» في ظل المخطط الأول وللامتداد «المساء» في ظل المخطط الثاني. وهكذا يتضمن استقرار تفسير نموذج معين تحديد المصطلحات الشبيهة المستخدمة، أو التي قد تستخدم، في سياق معين، سواء قام النموذج بوظيفته حرفيًّا أو استعاريًّا. ونتعرف بسهولة على روزاليند بوصفها المشار إليها في «قمر» روميو، بالطريقة التي مهَّدها وصفه جوليت بالشمس.

وكثيرًا ما يعتمد التفسير بدقة على الكلمات المستخدمة وكيفية وصفها. إنها عمومًا مسألة سياقية. الأوصاف السابقة التي قدَّمها روميو لجوليت وروزاليند، مع اتصاله بالمرأتين وجهًا لوجه، تكشف أن حبه لجوليت تفوَّق تمامًا على عاطفته تجاه روزاليند. وهكذا قد نتوقع بشكل معقول أن تفضل مقارناته الاستعارية بين المرأتين جوليت. لا نحتاج إلى اعتراف صريح منه ﺑ (أ) لنتعرف على جوليت بوصفها المشار إليها حقًّا ﺑ «الشمس»، وروزاليند بوصفها المشار إليها ﺑ «القمر».

قد يكون أيضًا الترشيح لإشارة ممثلة مقيدًا بعوامل سياقية. الاختيارات لتفسير صحيح ﻟ (أ) محدودة بحقيقة أن ناطقها مراهق متيم. ويمكن أن نتوقع من الصفات التي تقدم جوليت والشمس أمثلةً مترابطة لها أن تكون دوال مبالغًا فيها مناسبةً لوصف موضوعَي الحب والرغبة. ومن غير المحتمل أن تكون مسندات تقلِّل من شأن المشار إليهم. وهكذا، حتى لو كانت الشمس نجمًا غير مهم نسبيًّا، فإن الاعتبارات السياقية تستبعد «عدم الأهمية» بوصفها منافسًا لضرب أمثلة مترابطة. وبصرف النظر عمَّا يتوصل إليه روميو في وصف جوليت بالشمس، فإنه لا يسلِّم بأنها، في المخطط الأكبر للأمور، غير مهمة نسبيًّا. ومن الواضح أن مثل هذه الاعتبارات السياقية غير كافية لتحديد دقيق للأسماء التي تمثلها بشكل مترابط. لكنها، بتحديد مجال الترشيح، تركِّز بحثنا، موجِّهةً انتباهنا إلى منطقة مجاورة يمكن أن يكون فيها تفسير مناسب.

كان هدفنا الأساسي في هذا الفصل الدفاع عن الامتدادية ضد رفض ستيرن. ويتبيَّن أن التعليق الذي وضعنا خطوطه أقوى من التعليق الذي يقترحه ستيرن. على عكس ستيرن، لا نستدعي أية كِيانات متوترة؛ وهكذا يكون الأساس النظري عندنا أكثر اقتصادًا من الأساس النظري عنده. وتكون النظرية ذات الأساس الأضعف، إذا أنجزت القدر نفسه، أقوى. لكن نظريتنا تشرح الاستعارة أكثر، وأكثر ما نريد أن نعرفه عنها بشكل خاص. وطبقًا لرأي ستيرن، معظم ما تقدمه السيمنطيقا لتفسير الاستعارةِ النصيحة: انظر إلى السياق.١١ لا تفسر كيف تشبه الاستعارة المشار إليه الحرفي والاستعاري بالمصطلح. وهذا، بالنسبة لدارسي الاستعارة، سؤال حاسم (وربما السؤال الحاسم). ومن المؤكد أنه يبدو سؤالًا عن كيفية عمل الاستعارة لغويًّا.

بمعرفة أن ضرب الأمثلة طريقة للإشارة، وأن الكلمات والرموز الأخرى ضمن ما تشير إليه مصطلحاتنا، والامتداد الثانوي واختيار الإشارة تعتمد على الاستخدام الفعلي، وليس «المعنى المعجمي»، يمكننا أن نوضح الإشارة الاستعارية والتشابه الاستعاري. على عكس نظرية ستيرن، لا تستخدم نظريتنا تمييزًا بين المعرفة اللغوية والمعلومات المصاحبة. ويُذهلنا هذا الأمر الرائع.

١  ظهر «البواعث الرئيسية للاستعارة» على النحو التالي: Catherine Z. Elgin and Israel Scheffler, “Mainsprings of Metaphor,” Journal of Philosophy, 84 (1987), 331–5.
٢  Josef Stern, “Metaphor as Demonstrative,” Journal of Philosophy, 82, no. 12 (December 1985), 677–710, quoted at 683-4.
رد ستيرن على إحدى حججنا في هذا الفصل في: “Metaphor without Mainsprings”, Journal of Philosophy, 85(1988), 427–38.
٣  Goodman, Languages of Art (Indianapolis, Ind.: Hackett, 1976), pp. 71–80.
٤  Goodman, “On Likeness of Meaning,” in Problems and Projects (Indianapolis, Ind.: Hackett, 1972), pp. 221–30; “On Some Differences about Meaning,” ibid., pp. 231–8; Languages of Art, pp. 204-5.
٥  Israel Scheffler, Beyond the Letter, pp. 31–6, 142, no. 97; “Four Questions about Fictions,” Poetics, 11(1982), 279–84.
٦  Goodman, Languages of Art, pp. 50–8, 85–90.
٧  Goodman “Routes of Reference,” in Of Mind and Other Matters (Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 1984), 63 ff.
وللاطلاع على مناقشة أخرى لهذه الأداة وأدوات ذُكرت من قبلُ انظر أيضًا: Catherine Elgin, With Reference to Reference (Indianapolis, Ind.: Hackett, 1983), pp. 146–54 and elsewhere.
٨  Goodman, “On Likeness of Meaning,” p. 227.
٩  قزم munchkin: شخصيات في «الساحر المدهش من أوز The Wonderful Wizard of Oz» للكاتب الأمريكي فرانك بوم Baum (١٨٥٦–١٩١٩م). (المترجم)
١٠  سول Sol، من أسماء الشمس. (المترجم)
١١  Stern, “Metaphor as Demonstrative,” pp. 697-8.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤