الفصل التاسع

العملية

عليك الالتزام بالقواعد!

هل تتذكر سالي من الفصل الثالث؟ تلك السيدة التي كانت تفكر في شراء سيارة رياضية مقابل ٤٥٠٠٠ دولار؟ لقد اشترتها بالفعل! حسمت أمرها في النهاية بعد أن وصلت بالسعر مع مندوب المبيعات إلى ٣٧٥٠٠ دولار بتخفيض قدره ١٠ في المائة، وتخفيض بقيمة ٧٠٠٠ دولار، بعد مقايضتها سيارتها الجيب القديمة بالسيارة الجديدة.

أدخل مدير المبيعات جميع بياناتها في الكمبيوتر، الذي حدد التكلفة الشهرية التي ستدفعها، وشرح لها المدير أن التكلفة ستتضمن «حزمة حماية البيئة» إضافة إلى تأمين على الائتمان دون فرض رسوم إضافية عليها.

ما لم يبلغ علم سالي أن الكمبيوتر كان يُدخِل خلسةً بشكل تلقائي ٣٠ دولارًا إضافية كل شهر إلى مدفوعاتها، وهو ما أعطى التاجر «مساحة» لإضافة منتجات أخرى — منتجات تصادَف أن لها هوامش ربح ضخمة — وفي الوقت نفسه جعل هذه المنتجات الإضافية تبدو كما لو كانت مجانية. (انظر «المبيعات اللاحقة» في نهاية هذا الفصل.)

منذ أن قررت سالي أن سعر سيارتها الرياضية الأثيرة منصف، لم تفكر حتى في عدالة الدفعات الشهرية. يا لسالي المسكينة! إنها حتى لم تدرك مدى الظلم الذي عُوملت به. لم تشُكَّ في أن التاجر يستخدم عملية تسعير جائرة.

جدول ٩-١: عناصر العدالة الاجتماعية.
عدالة نتائج السعر «العدالة التوزيعية» عدالة عملية التسعير «العدالة الإجرائية»
كيف يحكم المرء على السعر بأنه عادل للمجتمع عمومًا؟ كيف يحكم المرء على الشركة بأنها عادلة مع المجتمع عمومًا؟
الالتزام بالمعايير التقادمية لنتائج السعر: الالتزام بالمعايير التقادمية لعملية التسعير:
• الإنصاف: ينبغي أن يعكس السعر قيمة المنتج. • الرأي والخيار: ينبغي للعملية أن تخضع للسيطرة.
• التكافؤ: ينبغي أن يكون السعر هو نفسه للجميع. • الشفافية: ينبغي للعملية أن تكون مفهومة.
• الحاجة: ينبغي ضبط السعر للمحرومين. • الحيادية: ينبغي للعملية أن تكون مجردة وغير متحيزة.
لو أن سالي كانت قد قررت أن مبلغ ٣٧٥٠٠ سعر غير عادل وغير منصف، لرغبت في معرفة الكيفية التي تحدد بها هذا السعر. وكما يوضح جيرالد جرينبرج، عالم الأخلاق: «في محاولة تفسير صور الجور التوزيعي، يلتمس المرء معلومات إضافية من بيئته حول الكيفية التي خرجت بها هذه النتائج — وهذه هي العدالة الإجرائية.»1
تقوم العدالة الإجرائية على معايير العملية التي تنطبق على الكيفية التي يتحدد بها السعر؛ أي عدالة استراتيجية تسعير البائع، وهي تختلف عن العدالة التوزيعية، التي تتعلق بعدالة الناتج؛ أي السعر الذي يتحمله المستهلك (انظر الجدول ٩-١).

لكن قبل أن نتناول العدالة الإجرائية، دعونا نلقي نظرة كلية، ونتأمل ما بلغناه حتى الآن. لقد رأينا أن السعر العادل على المستوى الشخصي يقود إلى إتمام عملية الشراء، على افتراض أن المستهلك في حاجة فعلية إلى المنتج، لكن السعر الجائر على المستوى الشخصي يقود إلى اعتبارات العدالة الاجتماعية. وتشتمل العدالة الاجتماعية على العدالة التوزيعية: عدالة ناتج السعر، وكذا على العدالة الإجرائية: عدالة عملية التسعير.

مكوِّنا العدالة الاجتماعية (ناتج السعر وعملية التسعير) يسيران بالتوازي مع قاسمي العدالة الشخصية (انظر الجدول ٩-٢).
جدول ٩-٢: أمثلة على المعايير الاجتماعية لنتائج السعر وعملية التسعير.
المعايير الوصفية للعدالة الشخصية المعايير التقادمية للعدالة الاجتماعية
نتيجة السعر من المتوقع أن يفوق سعر سيارات فيراري سعر سيارات فورد. لا ينبغي تحصيل أسعار أعلى للسيارات من الطلاب، ومن الأقليات.
عملية التسعير من المتوقع أن تكون المقاعد الخلفية مشمولة في سعر السيارة. ينبغي أن يكون السعر الإجمالي للسيارة معلنًا للجميع.

الفارق بين المعايير الاجتماعية للعدالة الاجتماعية والشخصية هو أن العدالة الاجتماعية تقوم على معايير تقادمية، والعدالة الشخصية مآلها إلى معايير وصفية. المعايير الوصفية هي معتقدات يجتمع عليها الناس بشأن ما هو طبيعي أو منتظر. تنطوي المعايير التقادمية على عنصر الوجوب؛ أي إنها تفصِّل الكيفية التي «ينبغي» على الأفراد التصرف بها. ويرى الناس أن المجتمع ككل يتفق على أنه ينبغي اتباع المعايير التقادمية؛ لأنها تفصِّل الصحيح والخاطئ.

والآن لنعُدْ إلى موضوع هذا الفصل: العدالة الاجتماعية لعملية التسعير، والتي تُحدَّد بالالتزام بالمعايير التقادمية للتسعير. حسب نموذج السعر العادل، تصبح عدالة عملية التسعير شاغلًا عندما يُلقى بلائمة الظلم الذي يشوب السعر على البائع. عندما يُحكم على نتيجة السعر بأنها جائرة، يرغب العميل في معرفة الكيفية التي تحدد بها السعر.

وإن حُكِم على العملية التي تحدد بها السعر أنها عادلة، فسيُعاد النظر في عدالة السعر ذاته. على سبيل المثال: أفادت الأبحاث أن صاحب الدعوى القضائية الذي لا يحصل على حكم ينصفه، سيعتقد أن الحكم عادل، ما دام رأى أن العملية التي استُخدِمَت في إصدار الحكم كانت عادلة.2 وينطبق الأمر نفسه على التسعير؛ إذ يقبل الطلاب بمصاريف تعليم أعلى، إذا كانوا يعتقدون أن الجامعة تمنح المساعدات المالية على أساس الدخل وحده لا العلاقات الشخصية. هذه عملية عادلة؛ ومن ثَمَّ يُعتبر السعر نفسه عادلًا.
عادة، ما إن يُحكَم على السعر بأنه عادل، فلا يوجد أي دافع للتفكير في عملية التسعير. إلا أنه في بعض الحالات تتضح العملية في وقت لاحق، فإن اكتُشف أن العملية جائرة، سيتغير الحكم الأولي بعدالة السعر. اتضح ذلك في دراسة أُجريَت في محاكم المرور بشيكاجو؛ حيث جرى العرف هناك على رفض الدعوى دون نظرها إذا حضر المتهم الجلسة. ترى المحكمة أن تعطُّل المتهم ليوم عن عمله عقاب كافٍ. لكن برغم إيجابية النتائج، فغالبًا ما يشعر المتهم أن العملية جائرة؛ لأنه لا يحظى بالفرصة لعرض قضيته.3

وكما هو الحال مع التسعير، السعر الذي يُعتَبَر عادلًا يغدو جائرًا إذا كانت عملية التسعير جائرة. على سبيل المثال: بعد قبول العميل عرضًا بالحصول على مجلة مجانًا لمدة شهر، يعلم بعدها أن التفاصيل المكتوبة بخط صغير تُلزمه باشتراك لمدة سنتين. أو بعد شراء منزل بسعرٍ بدا للوهلة الأولى منصفًا وعادلًا، قد يكتشف المالك الجديد أن المالك السابق رفض عروضًا أعلى من مشترين محتملين آخرين بسبب التمييز العرقي أو الديني. في كلتا الحالتين، العملية ليست عادلة؛ ومن ثَمَّ فإن السعر ليس عادلًا.

إذن، فالسؤال الآن هو: ما الذي يُشكل عملية التسعير العادلة؟ ما هي المعايير الاجتماعية المرتبطة؟ حدد الباحثون في الإدارة ثلاثة معايير اجتماعية للأجور تنطبق تمام الانطباق على عملية التسعير، وهي: (١) الرأي أو الخيار. (٢) الشفافية. (٣) الحيادية.

معيار الرأي أو الخيار

تعطي معايير الرأي أو الخيار في التسعير العملاءَ قدرًا من السيطرة، بحيث لا يجري استغلالهم. تجلت الحاجة إلى موقفٍ، في الشعار الثوري: «لا ضرائب دون تمثيل». عندما يتمتع المستهلك برأي ما في عملية تحديد السعر، تزداد احتمالات قبوله بنتيجة السعر كنتيجة عادلة.

ظهر مفعول الرأي في دراسة أُجريت على الزيادة في تذكرة مترو الأنفاق بهونج كونج. عندما سُمح للناس بالمشاركة في نظام التسعير، اعتبروا السعر أكثر عدلًا.4 وكان مبررهم أن «العملاء الذين يشاركون في تحديد السعر من خلال المناقصة و/أو المساومة غالبًا ما يعتبرون السعر عادلًا.»5
في بعض الحالات النادرة يترك للمشترين كامل حرية الرأي في تحديد السعر. عازفو الشوارع يدعون الجمهور يدفع لهم ما يعتقِد أن أداءهم يستحقه، كما يَقبل سائقو عربات التاكسي أي بقشيش يدفعه لهم الراكب، وفي ملبورن بأستراليا توجد سلسلة مطاعم صغيرة اسمها «لينتل آز إفريثينج» حيث تدفع ما تراه المبلغ المناسب،6 ويفيد أصحاب سلسلة المطاعم أن أغلب العملاء يدفعون سعرًا عادلًا.
إن إتاحة الخيار للمستهلكين يمنحهم دورًا فاعلًا من خلال السماح لهم بالتعبير عن آرائهم، فلا يُكرهون على الشراء بسعر محدد سابقًا أو على الاستغناء عن السلعة. الطلاب مثلًا يعترضون على سعر الكتب المقررة، لا بسبب أن كلفة الكتاب ارتفعت لما يربو على ١٠٠ دولار للكتاب فحسب، بل لأنهم لا يملكون خيارًا آخر أيضًا. إنهم مجبرون على شراء الكتب المقررة عليهم. ولذلك نشرت إحدى الصحف الطلابية عن «ظلم سوق الكتب المقررة في ظل ندرة البدائل.»7
والعجيب أنه رغم أن محدودية الخيارات المتاحة أمر جائر، فإن التمتع بعدد أكبر من المعقول من الخيارات أمر جائر كذلك. في دراسة أُجريت على خطط تسعير الهواتف المحمولة، اتضح أن ٣ خيارات أفضل من خيار وحيد، وأن ٧ خيارات أفضل من ٣ خيارات. لكن توجد حدود لعدد الخيارات التي يستطيع المخ معالجتها، فعندما نتعامل مع ١٠ بيانات أو أكثر، يعاني العميل من زيادة حمل المعلومات،8 وأظهرت الدراسة أن العميل يختلط عليه الأمر عندما يُعرض عليه ١١ خيارًا، ولا يدرك ماذا يفعل عندما يُعرَض عليه ٢٢ خيارًا.9 إن الكم المُبالَغ فيه من المعلومات مربك، والارتباك يضع المستهلك في موقف ضعيف، وهذا جائر.

معيار الشفافية

يقضي معيار الشفافية بأن الكيفية التي يتحدد بها السعر ينبغي أن تكون منطقية ومفهومة. ينبغي أن يكون المقدار الإجمالي للسعر مشروحًا بوضوح قبل عملية البيع.

على مستوى المرافق العامة؛ حيث تمثِّل مسألة العدالة شغلًا شاغلًا منذ أمد بعيد،10 يحاول مفوضو الحكومة جاهدين أن يتوخَّوا العدالة التي لا تشوبها شائبة، وللقيام بذلك يركِّزون على العملية، لا سيما الشفافية مع «التأكيد على المصارحة والإحكام.»11 عندما يكتنف الغموض عملية التسعير، يشعر المستهلكون أنهم في موقف ضعف.
ثمة مثال بارز على عمليات التسعير المبهمة، وهو كلفة تذاكر الطيران، فنظام «التسعير المتغير» لدى شركات الطيران بالغ التعقيد بحيث يتعذر على العميل استيعابه. علاوة على ذلك تنتهك النتيجة معيار التكافؤ؛ فكما ذكرنا في الفصل الأول، يمكن أن يدفع بعض الركاب ١٥٠٠ دولار مقابل الرحلة التي لم يدفع الشخص الجالس بالمقعد المجاور له مقابلها إلا ١٥٠ دولارًا. ورغم أن سعر تذكرة الطائرة نفسه غير متساوٍ وجائر، يعترض العملاء أيضًا على الطريقة التي تم بها تحديد السعر. وعلى حد تعبير رجل أعمال دائم الأسفار: «لا تعبأ شركات الطيران بغضب الركاب حيال الأسعار الباهظة، وكذا حيال الطريقة السخيفة التي تحدد بها الشركات أسعار تذاكرها.»12

للمستشفيات أيضًا سياسة تسعير مبهمة (انظر «غياب الشفافية في أسعار المستشفيات» في نهاية هذا الفصل). في المستشفيات قوائم مفصَّلة بتكلفة كل إجراء أو تجهيز. يمكن أن تضم هذه القائمة ما يصل إلى ٢٠٠٠٠ بند، ثم يفصِّل المستشفى المبلغ المحدد لكل بند بفاتورة المريض. المشكلة هي أن المبالغ الإجمالية ضخمة، ولا تمتُّ بصلة لما يدفعه فعليًّا غيره من المرضى. لا سبيل للمستهلك لمعرفة التكاليف الحقيقية، ولا مجال لمقارنة نفقات أحد المستشفيات بمستشفًى آخر، ولا طريق للسيطرة على تكاليف المستشفى المقيم به.

من الانتهاكات الواضحة للشفافية الدعاية المضللة للسعر. تأمَّل على سبيل المثال الشركة التي كانت تبيع خطط التأمين على السيارات: كان مطبوعًا بأحرف صغيرة على ظهر الاستمارة الترويجية تفويض للشركة بإضافة رسم شهري على فاتورة هاتف العميل.13 وعندما استلم العملاء فاتورتهم، التي لم يكن وراءها سوى الاحتيال، ثارت ثائرتهم.

ثمة ضرب آخر من الممارسات المضللة معروف بصفقات الخيار السلبي، وفيه تشترك في خدمة مجانية، وتوافق دون علم منك على رسم شهري إذا لم تخطر الشركة في غضون ٣٠ يومًا. انتشرت هذه الممارسة التسعيرية من خلال «نادي كتاب الشهر» منذ ما يقرب من قرن مضى؛ ففي حالة النادي، كان الخيار السلبي بارزًا وجليًّا؛ مما جعله قانونيًّا. لكن عندما يُخفى الخيار السلبي، يكون احتيالًا ومخالفًا للقانون؛ وهذا جور فاضح!

ينشُد العملاء وضوح معلومات التسعير، وثمة قوانين عدة على مستوى الولايات أو المستوى الفيدرالي تدعم حقهم في بيان المعلومات. على من يستخرج بطاقة ائتمان أن يوضح المصاريف السنوية، وسعر الفائدة السنوي، وفترات السماح، وما إلى ذلك. وعلى شركات الرهن العقاري عرض التكلفة الإجمالية للرهن، فإكساب عملية التسعير شفافية يجعل العملية عادلة للمستهلك.

مع ذلك، بإمكان الشركات الامتثال للقانون حرفيًّا، وإضفاء الغموض على عملية التسعير لديها في ذات الوقت. إعلانات السيارات بالتليفزيون تغيِّر من الخطاب تقنيًّا في عرضها لمعلومات السعر، بحيث يُعرض سريعًا جدًّا فيصعب فهمه. وإعلانات الهواتف المحمولة المطبوعة تعرض شروط العقد بخط صغير جدًّا فتصعب قراءته. ومن ثَمَّ تستوفي الشركات الشروط القانونية، لكن لا تزال ممارستها جائرة.

إن الشفافية في غاية الأهمية للمستهلك، حتى إنه في بعض الحالات يقدِّمها على معيار الإنصاف. يتجلى مثال على ذلك في مجال الهواتف المحمولة؛ حيث نفقات التجوال ثابتة، وهذا يعني أن البعض سيتحمل نفقات الآخرين؛ الأمر الذي يُعتبر مجحفًا. لكن استجابة العملاء كانت طيبة؛ نظرًا لأن الكلفة واضحة وبسيطة؛ فالعملاء يفضلون بساطة التكلفة الثابتة على النظام المعقد الذي يُجهِدهم في شرح دقائق النفقات المتفاوتة، فهم لا يحبون أن يكونوا في موضع إرباك؛ لأنهم حينها يمكن أن يقعوا ضحايا للاستغلال.

مع ذلك، فاتصاف السعر بالشفافية لا يعني بالضرورة أن المرء سيجده عادلًا؛ فالحكم بالعدل وقْف على ما إذا كانت المعلومات المقدمة توحي بأن الشركة تخضع للمعايير الاجتماعية. عندما أُطلِع المشاركون على دراسة بحثية على أن شركات الطيران قد حددت السعر بناءً على الطلب، ظنوا حينها أن السعر أقل عدلًا مما ظنوه عندما لم تُقدِّم لهم أي معلومات مطلقًا،14 فليس المعيار الاجتماعي تحديد الأسعار حسب الطلب، فهذا يُعتبر استغلالًا لحاجة العميل؛ الأمر الذي يُعتبر جائرًا، فإضفاء الشفافية على السعر لا يجعله أكثر عدلًا!

معيار الحيادية

المعيار الاجتماعي الثالث في العملية هو أن إجراءات التسعير ينبغي أن تكون حيادية؛ إذ يُفتَرَض أن تكون العملية موضوعية، ولا تتأثر بالمحاباة.

ترجع الأسعار غير المتحيزة إلى معيار التكافؤ المتضمن في العدالة التوزيعية، فكما ينبغي أن يحصل جميع الرجال والنساء على النتيجة نفسها، ينبغي لهم أيضًا أن يُعامَلوا بالطريقة نفسها. هذه ليست بالفكرة الحديثة؛ فقد حثَّ الفلاسفة المدرسيون في العصور الوسطى في القرن الثالث عشر على أن يدفع السائح النفقات نفسها التي يدفعها مواطن البلد.15 كما يوافق مشرِّعو اليوم على مشروعات قوانين تقضي بأن تكون أسعار تصفيف شعر السيدات هي نفس أسعار تصفيف شعر الرجال. وينبغي أن تكون أسعار التنظيف الجاف والبارات متماثلة لكلا الجنسين (انظر الفصل الخامس عشر حول التمييز)، فهذا عادل.

موجز الفصل

تقوم العدالة الاجتماعية للسعر على المعايير التقادمية للنتيجة وللعملية. إن اتُّبعت هذه المعايير، فسينتهي المستهلك إلى أن السعر وسياسات التسعير عادلة على المستوى الاجتماعي. وحتى إن ارتأى المستهلك أن السعر مرتفع بشكل غير متوقع، ومن ثَمَّ جائر على المستوى الشخصي، فحكمه بالعدالة الاجتماعية سيبطل تفضيله للعدالة الشخصية. ومن ثَمَّ سيدفع السعر، على افتراض أنه يملك المال لذلك.

لكن المستهلك سيتراجع إذا انتهى إلى أن السعر والعملية التي تحدد بها السعر ليسا جائرين على المستوى الشخصي فحسب بل على المستوى الاجتماعي أيضًا. البائعون على دراية تامة بقاعدة «عليك الالتزام بالقواعد!» وعندما لا يلتزمون بها يغضب المستهلك.

اتضح هذا الغضب في مجموعات التركيز البحثية التي شكلناها في الولايات المتحدة. عندما أُطلِع المشاركون على أن البائع لم يخضع للمعايير التقادمية لنتائج السعر وعملية التسعير، فإن مشاعر الاستياء والسخط التي انتابتهم في البداية تحولت إلى ثورة وغضب:

«سأشعر بالغضب حينها!» «يا للجشع!» «لست مسرورًا بلا أدنى شك!» «عن نفسي، بلغ مني الغضب مبلغه!» «أشعر بالضيق؛ أشعر أني وقعت ضحية الاستغلال؛ لقد خانت الشركة ثقتي بها!» «لقد فقدت ثقتك بالشركة!» «تشعر كمستهلك أنك سُلبت ما تملك نتيجة لذلك!»

عندما يحكم المستهلك على سعر البائع وعملية التسعير التي يتبعها بأنهما جائران — عندما يخلُص إلى أن البائع لم يلتزم بالقواعد — فسيهبُّ لاتخاذ موقف، وسيفكر حينها في الكيفية التي يعاقِب البائع بها على تصرفه الجائر، كما ستفعل سالي التي اشترت السيارة الرياضية في الفصل المقبل.

تعريفات

معايير العملية: القواعد التي تُملي كيف ينبغي تحديد الأسعار.
معيار الرأي والخيار: القاعدة القائلة بأن المستهلك ينبغي أن يتأتَّى له قدر من السيطرة على عملية التسعير.
معيار الشفافية: القاعدة التي تُفيد بأن عملية التسعير ينبغي أن تكون واضحةً ومفهومة.
معيار الحيادية: القاعدة التي تنص على أن عملية التسعير ينبغي ألا تخضع للتحيز أو التأثير بفعل المحاباة الشخصية.

غياب الشفافية في أسعار المستشفيات

إن «سوق» الرعاية الصحية في الولايات المتحدة أشبه بعالم خيالي حتى الآن؛ حيث يعرض أصحاب العمل — على سبيل المثال — على موظفيهم تعويضهم ﺑ ٨٠ في المائة من «التكلفة المعقولة» للملبس «الضروري» و«المناسب» أثناء أداء العمل؛ وذلك بموجب العقود التي يبرمها الوسطاء الماليون الذين يتولون «برنامج مساعدات الملبس» مع المتاجر متعددة الأقسام، وعلى الموظفين أن يدخلوا هذه المتاجر معصوبي العينين.

بعد انقضاء أشهر على ذهاب الموظف في جولة تسوق، يتسلم ما يُعرَف ببيان شرح الخدمات موجهًا إلى الوسيط المالي، الذي يفصِّل المبلغ الذي على الموظف أن يدفعه مقابل ما ملأ به عربة تسوقه وهو معصوب العينين في جولته التسوقية. وفي إطار أحمر مميز على هذا البيان جملة: «المبلغ المطلوب دفعه س». ويمثل المبلغ س ٢٠ في المائة مما قضى به الوسيط المالي، بعد عملية الشراء، بأنه «الأسعار المعقولة» للملابس بعربة التسوق التي اعتبرها هذا الوسيط، بعد عملية الشراء، الملبس المناسب لظروف هذا الموظف بعينه. سيضم البيان ١٠٠ في المائة من الأسعار التي تفرضها المتاجر على السلع بعربة التسوق التي اعتبرها الوسيط المالي، بعد عملية الشراء، «غير ضرورية» أو «غير مناسبة»؛ ومن ثَمَّ لن يشملها برنامج مساعدات الملبس.

رغم أن هذا المثال يبدو هزليًّا، فإن هذا الترتيب يشبه إلى حد كبير نظام السداد الحالي في قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.

منقول بتصريح من أوفي إي راينهارت
«أسعار خدمات المستشفيات بالولايات المتحدة: فوضى خلف ستار من السِّرِّية»16

مبيعات «لاحقة»: علاج الصدأ والتمويل والتأمين وعقود الخدمات ونفقات التوثيق وغيرها من الإضافات

إن التفاوض على سعر السيارة غالبًا ما يُطلَق عليه الجانب المبدئي من العملية التجارية، ويأتي ما يصل إلى ٩٠ في المائة من أرباح التاجر من مبيعات لاحقة. عادة ما يأتي العميل من طرف موظف المبيعات الذي حوَّل المعاملة إلى مدير مبيعات التمويل والتأمين، الذي يُعرف أحيانًا بالمدير التجاري، والمسئول عن إبرام المعاملة وتنسيق التمويل وبيع الإكسسوار والمنتجات والخدمات التكميلية. الأمثلة على ذلك: المواد الكيميائية، مثل: معالجات الصدأ، والطلاء التحتي، والدهان الواقي، ومنظفات الفرش، ومنظفات الفينيل؛ والأغراض الاختيارية، مثل: حواشي الأرضية، وأغطية المقدمة الواقية، والأجنحة الخلفية؛ والتمويل أو التأجير؛ وعقود الخدمات؛ والتأمين على الائتمان؛ وتأمين حماية الأصول في بعض الولايات.

الحقيقة وراء إضافات التاجر هي أنه عادة ما يطرحها عليك بعد الاتفاق على السعر النهائي للسيارة، وهي كلفة على العميل، إضافة إلى سعر السيارة الذي توصلتم إليه، مما يزيد من إجمالي الكلفة التي يتحملها العميل، وكذا من ربح التاجر. وفي الواقع، عادةً ما تُدرَج الخدمات الإضافية التي يقترحها التاجر بعقد البيع في سطر يلي سعر السيارة المتفق عليه، بل قد يُطبع سابقًا على الاستمارة إلى جانب الضرائب؛ ليوحي بأنها شيء اعتيادي مع كل عملية بيع.

«حشو» النفقات اللاحقة

عدد من قوانين مكافحة أعمال وممارسات النصب والاحتيال على مستوى الولايات تقضي بأنه من الجائر والمضلل أن يتفاوض التاجر على شروط بيع سيارة، ثم بعد ذلك يضيف إلى العقد دون علم العميل وموافقته، كلفة أشياء من قبيل: عقود الخدمات الممتدة، أو بوليصة تأمين لسداد الديون حال الوفاة، أو أتعاب إعداد التاجر السيارة للبيع أو الدهان الواقي من الصدأ.

يمكن أن يضيف التاجر هذه النفقات بإحدى طريقتين رئيستين، والمنهج الأوضح هو إضافتها على السعر المُتفاوَض عليه للسيارة، وتقديم عقد نهائي للعميل بهذه المبالغ الإضافية الملحقة.

يتمثل أحد الأساليب الأكثر انتشارًا ودعوة للدهشة، التي يستخدمها التجار للتحايل وإضافة النفقات اللاحقة، في أسلوب معاكس تمامًا؛ وذلك من خلال أسلوب «الحشو». تقل مقاومة العميل لقبول هذه النفقات الإضافية؛ لأنه لا يعلم حتى بأن هذه النفقات تضاف على حسابه.

بدلًا من إضافة التاجر هذه النفقات على السعر الذي توصَّل إليه مع المشتري، يزيد التاجر القسط الشهري عن القسط الذي ينبغي أن يستخلص رياضيًّا من سعر الفائدة المتفق عليه والسعر الذي توصَّلا إليه؛ مما يتيح «مساحة» للتاجر كي يقحم نفقات أخرى كي تخرج الأرقام بالصورة التي ينشدها.

تتنافس الأطراف الأخرى من مقدمي خدمات التأمين ضد مخاطر الائتمان وغيره من المنتجات غير المباشرة بضراوة على عقود الوكالة، وسيقدِّمون حوافز مالية ضخمة وتدريبًا ومساعدة تسويقية إلى التجار لفتح أبواب العمل. وأحد الأساليب الرئيسية التي يحضون عليها هو «الحشو»؛ ونتيجة لذلك ذاع انتشار هذا الأسلوب في مجال وكالة السيارات.

الحشو في حالة المركبات الآلية هو المخالفة العمدية لتحديد القسط الشهري الضروري لاستيفاء الدَّيْن على مركبة آلية؛ وذلك بإضافة التاجر إلى القسط الشهري (ما يُعرف بحشو أو تحميل القسط) في حين أنه حدده في البداية للعميل؛ فالتاجر يخلق «مساحة» يمكنه فيها بيع منتجات أو خدمات أخرى. ولأن هذه الأغراض الإضافية «تُقدَّم» دون مقابل أي زيادة في القسط الشهري، ينخدع العملاء بتصديق أنه لا توجد كلفة مقابل هذه الأغراض.

في أثناء عملية شراء السيارة كما هو متبع، يستقر العميل على سيارة معينة، ويشرع في المساومات مع مسئول المبيعات. يحدد العميل سعر الشراء الذي يرغب فيه، والمبلغ الذي سيبادر بدفعه نقدًا، والتخفيض في السعر بناءً على مقايضة سيارته القديمة، بل عادة ما يحدد شروط التمويل. يأخذ مسئول المبيعات هذه المعلومات إلى مدير المبيعات الذي يُدخلها في كمبيوتر الوكالة، فيحسب حينها الكمبيوتر الدفعة الشهرية، بناءً على عرض العميل أو عرض التاجر المقابل، ثم تُعرض هذه الدفعة الشهرية على العميل.

في بعض الحالات، يكون هذا القسط قسطًا «مجردًا» قانونيًّا، من حيث إنه لا يغطي سوى كلفة السيارة. لكن في كثير من الحالات، سيلحق الحشو بالقسط. يحشو مدير الاستقبال القسط بواحدة من ثلاث طرق رئيسية: (١) إضافة قيمة دولارية ثابتة، ٣٠ دولارًا مثلًا إلى كل قسط. (٢) أو ضبط إعدادات برنامج الكمبيوتر الافتراضية بحيث يشمل كلفة مقابل التأمين على الائتمان أو الأغراض الأخرى. (٣) أو ضبط إعدادات برنامج الكمبيوتر الافتراضية بحيث يحسب القسط على مدة زمنية قصيرة غير معقولة، أو بسعر فائدة سنوي مرتفع غير معقول.

وبافتراض أن العميل يوافق على شراء المركبة الآلية بسعر القسط «المحشو»، يقدِّم مسئول المبيعات العميلَ إلى المدير التجاري، الذي يعد أوراق القرض الذي يشمل تكاليف أغراض تكميلية. يستخدم المدير التجاري أسلوبًا «ادِّعائيًّا» يختم به الصفقة، مشيرًا إلى أن هذه الخدمات «مضافة إلى القسط الشهري كجزء من خطتنا الاختيارية لتأمين السداد.» ولا يكتشف العميل أن المعاملة شملت آلاف الدولارات مقابل نفقات لاحقة إلا بعد إتمام الصفقة، أو قد لا يكتشف ما حدث.

لقد أُقحمَت هذه الدفعة المالية لبيع خطط التأمين على الائتمان أو زيادة نفقات التمويل. كما يمكن استخدام هذا الأسلوب لبيع عقود الخدمات، أو كماليات السيارة، أو أي شيء تقريبًا يخطر للتاجر. وفي المعتاد ستكون الخدمة، أيًّا كان نوعها، التي يجني منها التاجر الربح الأكبر هي المنتج «المُقحَم» وسط العقد.

منقول من «أعمال وممارسات النصب والاحتيال» (الطبعة السادسة، ٢٠٠٤)، بتصريح من المركز القانوني القومي لحماية المستهلك، www.consumerlaw.org ٩٥٩٥–٥٤٢–٦١٧

هوامش

قوانين حماية المستهلك في أيداهو، قانون أيداهو الإداري ٠٤.٠٢.٠١.٢٣٤. أنشطة الدعاية الأخرى: قانون إلينوي الإداري، الفصل ١٤، الفقرة ٤٧٥.٥٨٠$ دعاية المركبات الآلية؛ قانون نيومكسيكو الإداري، الفصل ١، الفقرة ٢.٢.٢٤$، دعاية المركبات الآلية وبيعها؛ قانون نيوجيرسي الإداري، الفقرة $13:45A–26B.2 (يجب تفصيل العناصر المضافة إلى عملية البيع بالبند، مع توضيح سعر كل بند منها)؛ قضية ديلاني ضد جاردن ستيت أوتو بارك، ٣١٨، محكمة نيوجيرسي العليا،15, 722 A.2d 967 (دائرة الاستئناف ١٩٩٩) (تغريم ثلاثة أمثال التعويض في حال عدم تأييد الإضافات).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤