ما نُجِيبُ الأَبناءَ إِنْ سَأَلونا

أَيُّهَا الظُّلْمُ وَالْخَنَا وَالْغُرُورُ
يَا خِدَاعًا تَعِفُّ عَنْهُ الشُّرُورُ
يَا كُنُودًا وَيَا مُحَابَاةَ قَوْمِي
يَا صُدُورًا يَدُبُّ فِيهَا النُّفُورُ
يَا خِصَامًا يَا مُنْكَرَاتِ بِلَادِي
يَا رِيَاءً يَا حِطَّةً يَا فُجُورُ
اقْرُبِي مَا اسْتَطَعْتِ مِنْ كُبْرِ نَفْسِي
أَنَا صَدْرِي رَحْبٌ وَقَلْبِي كَبِيرُ
لِيَ نَفْسٌ كَالْبَحْرِ ذَاتُ اتِّسَاعٍ
فَلُبَابٌ يُلْقَى بِهَا وَقُشُورُ
تَبْصُقُ الرِّجْسَ عَنْ عَفَافٍ وَطُهْرٍ
وَاللَّآلِي تَبْقَى بِهَا فَتَغُورُ
لَا يَغُرَّنْكَ أَنَّنِي مُسْتَكِنٌّ
فَإِلَى ثَوْرَةٍ سُكُوتِي يُشِيرُ
وَاسْتَرِيبِي إِذَا سَمِعْتِ زَفِيرِي
إِنَّ فِي صَدْرِيَ الزَّفِيرَ زَئِيرُ
اقْرُبِي اقْرُبِي فَآلَامُ نَفْسِي
جَمْرَةٌ يَسْتَطِيرُ مِنْهَا السَّعِيرُ
جَمْرَةٌ فِي بُرْكَانِهَا تَتَلَظَّى
شَاخِصَاتٌ إِلَى لَظَاهَا الدُّهُورُ
يَا بِلَادِي كَفَاكِ هُزْءًا بِنَفْسِي
إِنَّ نَفْسِي حُسَامُكِ الْمَطْرُورُ
لَا تَقُولِي قَدْ أَحْرَقَتْهَا الْبَلَايَا
كُلُّ نَفْسٍ لَمْ تَحْتَرِقْ لَا تُنِيرُ
اتْرُكِينِي أُنْشِدْ أَغَانِيَ حُبِّي
أَنَا بِالْحُبِّ وَالْأَغَانِي فَخُورُ
إِنَّ شِعْرِي أَبْقَى مِنَ التَّاجِ عُمْرًا
ذَلِكَ التَّاجُ لِلزَّوَالِ يَصِيرُ
كَمْ أَمِيرٍ وَكَمْ مَلِيكٍ تَوَارَى
وَطَوَتْهُ دُجُنَّةٌ وَقُبُورُ
وَالْمَعَرِّي الضَّرِيرُ مَا زَالَ حَيًّا
وَفَقِيرًا كَانَ الْمَعَرِّي الضَّرِيرُ

•••

يَا نُفُوسًا تَطَوَّرَ الْبَأْسُ فِيهَا
أَيْنَ يَأْوِي حُسَامُكِ الْمَشْهُورُ؟
لَيْسَ يُجْدِي حِلْمٌ وَلَا اللِّينُ يُجْدِي
لِنُفُوسٍ شِعَارُهَا التَّدْمِيرُ
خُلِقَ الْمَجْدُ لِلْقَدِيرِ فَجِدُّوا
لَا يَنَالُ الرُّقِيَّ إِلَّا الْقَدِيرُ
وَرِدُوا الْعِلْمَ إِنَّ فِي الْعِلْمِ نُورًا
وَانْفُضُوا الْجَهْلَ لَيْسَ فِي الْجَهْلِ نُورُ
هَذِهِ التُّرْبَةُ الَّتِي أَنْشَأَتْكُمْ
عَاثَ فِيهَا مُسَوَّدٌ مَأْجُورُ
فَانْفُضُوهَا فَفِي ثَرَاهَا نُضَارٌ
وَغِنَاكُمْ نُضَارُهَا الْمَذْخُورُ
مَا نُجِيبُ الْأَبْنَاءَ إِنْ سَأَلُونَا
أَيَّ أَرْضٍ أَنَرْتُمُ يَا بُدُورُ؟
أَيَّ عَارٍ خَلَّفْتُمُ لِفِرَاخٍ
رَغِبَ الذُّلُّ فِيهِمُ يَا نُسُورُ؟
أَنُطِيقُ الْحَيَا وَنَحْنُ شُيُوخٌ
شَرَفٌ فِي صُدُورِنَا وَشُعُورُ
عُجَّزٌ لَا نَصِيرَ يَدْفَعُ عَنَّا
مَا نُقَاسِي، مَا لِلذُّنُوبِ نَصِيرُ

•••

أَيُّهَا الْفَجْرُ يَا سِرَاجَ الْبَرَايَا
عَجَبًا مِنْكَ كُلَّ يَوْمٍ تَزُورُ!
كَيْفَ لَمْ تَسْأَمِ الْوُجُودَ الْمُحَابِي
أَتُرَى أَنْتَ مِثْلَهُ شِرِّيرُ؟!
أَيَّ يَوْمٍ زُيُوتُ نُورِكَ تَخْبُو
وَعَلَى سُنَّةِ الضِّيَاءِ تَثُورُ؟
وَتَزُجُّ الْوُجُودَ فِي ظُلُمَاتٍ
مُسْتَبِدٌّ فِي بُرْدِهَا الدَّيْجُورُ؟
إِنَّ هَذَا الْوُجُودَ أَمْسَى مُسِنًّا
وَشَقِيًّا أَمْسَى الْوُجُودُ الْخَطِيرُ
رَثَّ فِيهِ خُلُقُ الرِّجَالِ وَرَثَّتْ
نَزَوَاتُ الْعُلَى وَرَثَّ الضَّمِيرُ
لَيْسَ فِيهِ إِلَّا خِدَاعٌ وَزُورٌ
وَبَلِيَّاتُهُ خِدَاعٌ وَزُورُ
خَلَفَ التَّيْسُ فِيهِ لَيْثًا هَصُورًا
وَيْحَ تَيْسٍ يَنَامُ عَنْهُ الْهَصُورُ
عَبَثًا نَرْتَجِي الصِّيَانَةَ مَا لَمْ
تَتَمَزَّقْ عَنِ الرِّيَاءِ السُّتُورُ
قَدْ أَقَمْنَا عَلَى الْجَهَالَةِ عَهْدًا
وَعَلَى الْجَهْلِ لَا يُقِيمُ الْبَصِيرُ
أَوَلَسْنَا وُرَّاثَ أَقْدَمِ مَجْدٍ
فِي يَدَيْنَا صَلِيلُهُ وَالصَّرِيرُ؟
أَوَلَسْنَا وُرَّاثَ شَعْبٍ أُنِيرَتْ
بِتَعَالِيمِهِ الْهُدَاةِ الْعُصُورُ؟!
عَبَدُوا الْفَنَّ نَيِّرًا وَعَبَدْنَا
تُرَّهَاتٍ شِعَارُهَا التَّبْذِيرُ
مَا تَبَقَّى لَنَا مِنَ الْفَنِّ إِلَّا
ذِكْرَيَاتٌ هِيَ النِّزَاعُ الْأَخِيرُ
أُمَّةً كَانَتِ الْبِلَادُ فَأَمْسَتْ
أُمَّةً مَا دَرَتْ بِمَنْ تَسْتَجِيرُ
يَسْتَبِدُّ الْغَنِيُّ فِيهَا وَيَعْمَى
عَنْهُ كُلُّ الْوَرَى وَيَشْقَى الْفَقِيرُ
فِي ذُرَاهَا وَفِي السَّوَاحِلِ يَجْرِي
مِنْ عُرُوقِ الْجُدُودِ مَاءٌ نَمِيرُ
فَاسْجُدُوا لِلْأَثِيرِ فِيهَا وَصَلُّوا
فَلُهَاثُ الْأَجْدَادِ هَذَا الْأَثِيرُ

خاطرة

نَظَرَتْ إِلَى الْمِرْآةِ فَاتِنَتِي
بِتَدَلُّلٍ يَسْتَعْبِدُ النَّظَرَا
فَهَبَبْتُ أَلْثُمُهَا لِأَنَّ بِهَا
لِخَيَالِ حُمْرِ خُدُودِهَا أَثَرَا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤