تَذْكاراتٌ وآلام

فِي ذِمَّةِ الْمَاضِي انْطَوَتْ
سَاعَاتُ أَحْلَامِي الْعِذَابْ
أَيَّامَ لَا هَمٌّ سِوَى
هَمِّ الْمُعَلِّمِ وَالْكِتَابْ
أَيَّامَ كَانَ أَبِي الشَّبَا
بَ وَكُنْتُ نُورًا لِلشَّبَابْ
أَيَّامَ حُلْمِي لَمْ يَكُنْ
إِلَّا شُعَاعًا مِنْ شِهَابْ
إِنْ أَنْسَ لَا أَنْسَ الْهِضَا
بَ وَمَا عَلَى تِلْكَ الْهِضَابْ
وَالشَّمْسُ تُوشِكُ أَنْ تَغِيـ
ـبَ وَيُعْلِنَ الْجَرَسُ الْغِيَابْ
وَأَبِي عَلَى صَخْرٍ يُحَدْ
ـدِقُ فِي عَشِيَّةِ صَيْفِ آبْ
فِيمَا تَرَاهُ كَانَ يَفْـ
ـكُرُ وَهْوَ يَنْظُرُ فِي الضَّبَابْ؟

•••

لَمْ أَنْسَ أَتْرَابِي الْأُولَى
كَانُوا وَكُنْتُ لَهُمْ مُدَامَا
إِنْ جِئْتُهُمْ مُتَبَسِّمًا
أَلْقَ ارْتِيَاحًا وَابْتِسَامَا
وَإِذَا غَضِبْتُ تَشَاوَرُوا
فِيمَا يُعِيدُ لِيَ السَّلَامَا
عَبَثَ الشَّبَابُ بِهِمْ فَغَيْـ
ـيَرَ خَلْقَهُمْ عَامًا فَعَامَا
إِنَّ الشَّبَابَ مَلَاعِبُ الْـ
أَيَّامِ فَاحْذَرْ أَنْ تُضَامَا
فِي ذِمَّةِ الْقَبْرِ الْقَصِيِّ
حُشَاشَةٌ ذَابَتْ هُيَامَا
خَفَّتْ إِلَيْهَا فِي التُّرَا
بِ يَتِيمَةٌ بَيْنَ الْيَتَامَى
هِيَ نَفْسِيَ الثَّكْلَى وَقَدْ
صَلَّى الْعَذَابُ لَهَا وَصَامَا

•••

أُمِّي وَقَدْ وَجَدَ الضَّنَى
فِي مُقْلَتَيْهَا مَدْخَلَهْ
تَرْثِي الْحَيَاةَ كَأَنَّهَا
مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ أَرْمَلَةْ
كَمْ مَرَّةٍ نَظَرَتْ إِلَيَّ
فَتَمْتَمَتْ مَا أَجْمَلَهْ!
لَوْ كُنْتُ أَقْرَأُ مِنْ خِلَا
لِ عُيُونِهِ مُسْتَقْبَلَهْ
أَنَا فِي سَبِيلٍ لَا أَكَا
دُ الْيَوْمَ أُدْرِكُ أَوَّلَهْ
يَا أُمِّ رِفْقًا وَاصْبِرِي
لَا بُدَّ لِي أَنْ أُكْمِلَهْ
أَنْجَزْتُ مَرْحَلَةَ الشَّقَا
وَعَلَيَّ أَيْضًا مَرْحَلَةْ
حَمَلَ الْمَسِيحُ صَلِيبَهُ
حَتَّى أَعَالِي الْجَلْجَلَةْ
في ١٠ شباط سنة ١٩٢٥

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤