الفصل الأول

الحس المشترك وما بَعده

«يتجذَّر العلم فيما أسميتُه «الجهاز الكلي لفكر الحس المشترك». فمن معطيات الفطرة السوية يبدأ العلم وإليها لا بد في النهاية أن يعود. ربما يتوجب عليك كرجلِ علم أن تجلو هذه المعطيات الفطرية وتهذبها، وقد تعارضها في التفاصيل الجزئية، وقد تفاجئها بما لم يكن في الحسبان. غير أن مهمتك في نهاية المطاف هي أن تقنع هذه الفطرة وترضيها».

ألفرد نورث هوايتهد

مأزق المريض

يخيم على مجال الأمراض النفسية جَو مكهرب قلما نجد له نظيرًا في غيره من العلوم الاجتماعية. فغياب الحقائق الصلبة والعلاجات الحاسمة قد خلق فراغًا معرفيًّا أخذَت ترتع فيه المذاهب المتصارعة والحركات المتباينة والتقاليع والبدَع.

وقد شهد تاريخ الطب النفسي كثيرًا من الأفكار والنظريات التي استقبلها الناس بوصفها حقائق لا جدال فيها، ثم أثبتت الأيام أنها من قبيل الأساطير والخرافات. فكان لا بد لنا أن نعيَ أن الدراسات التي تتناول أنواع العصاب واضطراب الانفعال — طبيعتها وعلاجها، هي دراسات لا تقوم على نظريات ثابتة ولا تتأسس على فروض يقبلها الجميع. وحيث يُفتقَد الإجماع حول قيمة النظريات والعلاجات؛ فلن ينتهي الصراع بين المدارس الفكرية عند حد.

يسيطر على حقل الصحة النفسية عدد قليل من المؤسسات الراسخة الوطيدة، إلى جانب تجمعات أخرى من طوائف أصغر حجمًا وأقل مكانة. وتشترك المدارس الكبرى داخل هذا المجال في خصائص معينة؛ فهي جميعًا على قناعة بصحة نظامها الخاص وحقيقته النهائية، وازدراء للنظريات المعارضة، وتوكيد صارم على خلوص مذهبها وتقنيتها ونقائهما من أي شوائب دخيلة. وفي حالات كثيرة تبدو الشعبية التي يحظى بها نظام معين نابعة من الجاذبية الشخصية لمؤسسيه وصحة عزمهم أكثر مما هي نابعة من صحة الأسس التي يقوم عليها النظام.

إلى من إذَن يلجأ المريض النفسي إذا كان المضطلعون بعلاجه على هذا الخلاف المستحكم بشأن العلاج الصحيح؟ يبدو أن ليس أمامه سوى أحد أمرين؛ فإما أن يركَن إلى الحظ ويختار معالجًا كيفما اتفق، أو أن يفوض إلى الله أمرَه ويحاول جهده أن يتغلب على مصاعبه بنفسه.

ثمة منطقة قد يكون فيها المخرج من هذه الورطة. تلك هي منطقة الوعي … والمادة الثرية التي تتيحها لنا الأفكار الواعية للشخص ووسائله الفطرية في تحديد مشاكله النفسية وفي التغلب عليها.

لقد طالما أغفل المتصارعون هذه المنطقة رغم وضوحها وجلائها. أما مدرسة التحليل النفسي الكلاسيكي؛ فتعتبر أن الأفكار الواعية ما هي إلا تمثيل مقنَّع لما يعتلج بالداخل من صراعات لا شعورية هي وحدها مكمن الداء. أما تعليلات المريض لمرضه فهي تبريرات زائفة، وأما آلياته التكيُّفية فمجرد دفاعات. إن أفكار المريض الواعية واستدلالاته العقلية وأحكامه وحلوله العملية لمشكلاته — كل ذلك يجب ألا يؤخذ بمعناه الظاهر. إنما هي معابر موقوتة توصلنا إلى المكونات الخفية العميقة للعقل، ثم لا يعدو شأوها أكثر من ذلك.

وقد انتقص السلوكيون أيضًا من أهمية التفكير ولكن لأسباب جِد مختلفة. ففي غمرة حماسهم لمحاكاة دقة العلوم الطبيعية وأناقتها النظرية رفض السلوكيون الأوائل كلَّ المعطيات والمفاهيم المستمدة من تأمل الإنسان لخبراته الواعية، ولم يأخذوا إلا بالسلوك الذي يظهر بشكل مباشر للملاحِظ الموضوعي. وما دامت الأفكار والمشاعر والآراء تند بطبيعتها عن الملاحظة الموضوعية ولا تُتاح معرفتها إلا لمن يَخبُرها شخصيًّا، فلا يمكن اعتبارها معطيات علمية صادقة. وعليه فلا يمكن لعالَم المريض الخاص أن يكون مجالًا ذا فائدة للبحث (Watson, 1914; Skinner, 1971).
ولم يشذَّ طِبُّ الأعصاب التقليدي عن المدرسة السلوكية ومدرسة التحليل النفسي في الانتقاص من أهمية الفكر الواعي؛ فطبيب الأعصاب neuropsychiatrist،١ ويُطلَق عليه أحيانًا «العضوي»، لا يُعوِّل على أفكار المريض ومشاعره في فهم حالته وتفسيرها. وهو إن كان يستكشف هذه الأفكار وتلك المشاعر؛ فلكي يشخص الحالة لا ليفسرها. ذلك أن الأفكار والمشاعر المرضية هي مجرد مظاهر لعملية مرضية تحتية قوامُها اختلال كيميائي.

يستخدم أصحاب المدارس الثلاث من صنوف العلاج ما يوافق الأساس النظري لها، كل حسب مدرسته: فأما الفرويدي، باعتقاده الراسخ في سيكولوجيا الأعماق وفي المعاني الرمزية للأعراض؛ فيحاول علاج العُصاب بالتنقيب عن الأفكار والرغبات (المكبوتة) وكشفها وترجمة الأفكار والخيالات الواعية؛ أي ردِّها إلى المعاني الحقيقية التي ترمز إليها. وأما المعالج السلوكي، بإيمانه بالدور الحاسم للمؤثرات البيئية (الملاحظة)؛ فيحاول إزالة العصاب بطريق المنبهات الخارجية أيضًا، كأن يكافئ استجابات المريض ويعاقبها بحسب قربها من السَّواء أو بعدها عنه، أو أن يعرِّض المريض خطوة خطوة للمواقف أو الأشياء التي تخيفه. وأما طبيب الأعصاب، بثقته في دور الأسباب البيولوجية؛ فيستخدم علاجات «جسمية» من قبيل الأدوية والجلسات الكهربائية.

إن هذه المدارس المعاصرة إذ تستهين بقدرة المريض على فهم نفسه بنفسه وعلى حل مشكلاته بما لديه من ملكة العقل، إنما تساعد على استمرار الخرافة. فهي تدفع المريض إلى الاعتقاد بأنه عاجز عن علاج نفسه وأن عليه بالتالي أن يطرق باب المعالج المحترف كلما ألمت به شدة من الشدائد المعتادة في الحياة اليومية. لقد أقنعته أن اضطرابات الانفعال تنبع من أسباب خارج نطاق فهمه وأن فكرته عنها سطحية هامشية، وبذلك سلبته الثقة في طرائقه السهلة الواضحة التي اعتاد أن يحل بها مشكلاته. إن هذا التلقين الماكر، إذ يَحط من قيمة الحس المشترك، إنما يجرد المريض من سلاحه الأصلي ويحرمه من استعمال عقله في تحليل مشكلاته وحلها. بل إن هذا الاتجاه السائد يقف حجر عثرة أمام المعالج النفسي ذاته ويكفُّه عن حثِّ المريض على استعمال عقله.

لقد حذَّر كتَّاب آخرون من خطر هذا الاتجاه إلى تجاهل أهمية سيكولوجيا الحس المشترك. يقول أولبورت (Allport, 1968) على سبيل المثال: «إن علينا في جميع المهن العلاجية — شاملةً الطب النفسي والوعظ الديني والخدمة الاجتماعية والسيكولوجيا التطبيقية والتربية — أن نحاول استعادة شيءٍ من الحس المشترك الذي يبدو أننا قد أضعناه في الطريق.» (ص١٢٥). هذا الإغفال من جانب المختصين لأفكار المريض الواعية هو الذي أسماه إشيزر Icheiser بحق «التعامي عن الواضح» blind to the obvious (١٩٧٠م، ص٧).

الوعي والحس المشترك٢

حين ننظر إلى تعقيدات الحياة اليومية وضغوطها لا يسعُنا إلا الإعجاب بقدرة رفاقنا البشر على خوضها بهذه الكفاءة. فالإنسان ليس قادرًا فقط على مغالبة المحن ومسايرة التغيرات البيئية المباغتة والمواجهات الصعبة، بل إن باستطاعته أيضًا أن يعقد تسويات بين رغباته وآماله وتوقعاته من جهة وبين مقتضيات البيئة وقيودها من جهة أخرى. وباستطاعته أن يمتصَّ الإحباطات والخيبات والانتقادات دون أن يُصاب بعطب مستديم.

كثيرًا ما تُلزِم الحياة المعاصرة الإنسان أن يتخذ، وبسرعة خاطفة، قرارات حياة أو موت (كما هو الحال حين يقود سيارته). بل تُلزِمه أن يصدر أحكامًا أصعب حين يكون عليه أن يميز في الظروف المختلفة بين ما هو خطر حقيقي وما هو مجرد خدعة.

لولا قدرة الإنسان على فرز وتصنيف هذا الوابل من المثيرات (المنبهات) بكفاءة عالية لتحول عالمه إلى فوضى وتقاذفته الأزمات. ولولا هيمنة الإنسان على مخيلته العارمة لظل داخلًا في النطاق الغائم للخيال وخارجًا منه، هائمًا متخبطًا لا يميز بين الوجه الواقعي من موقفٍ ما وبين الصور والمعاني الشخصية التي يستدعيها هذا الموقف في المخيلة.

وفي نطاق علاقاته الشخصية يستطيع الإنسان في عامة الأحوال أن يلتقط أدق المشعِرات التي يميز بها عدوَّه من صديقه. ويستطيع أن يتبنَّى من السلوك التوافقي ما يحفظ به علاقات دبلوماسية مع الأشخاص الذين لا يرتاح إليهم أو لا يرتاحون إليه. ويستطيع أن ينفذ ببصره خلال الأقنعة الاجتماعية التي يرتديها الناس وأن يفرِّق في تواصله معهم بين الرسائل الصادقة والكاذبة … بين الدعابة الأخوية وبين الضغينة التي ترتدي ثوب الدعابة. وهو في كل ذلك يوالف حواسَّه وعقله بحيث يلتفت إلى ما هو دالٌّ وهام وسط هذه الجلبة الهائلة من الإشارات، وبذلك يتسنَّى له أن ينظم استجاباته ويعدِّلها. تجري كل هذه العمليات السيكولوجية فيما يبدو بشكل آلي تلقائي ودون كثير تدبُّر من جانبه أو إعمال فكر.

يتبين من ذلك أننا خلال مراحل نُمونا نكتسب تقنيات عالية الدقة والتركُّب نتعامل بها مع تعقيدات البيئة التي تحيط بنا سواء البيئة الحية وغير الحية. وبحوزتنا، فضلًا عن ذلك، مخزون واسع من المعلومات والمفاهيم والصيغ، نمتلكه داخل نطاق وعينا، يُمكِّننا من حل مشاكلنا السيكولوجية المألوفة. قد نخطئ بالطبع في تقييم موقفٍ ما أو نبالغ في تقدير إمكانياتنا، وقد نواجه مشكلات ليس لدينا حلول جاهزة لها، وقد تدفعنا الظروف إلى اتخاذ قرارات قبل أن تتوافر لنا المعلومات الكافية. غير أننا مجهَّزون سيكولوجيًّا بما يمكِّننا من أن نتدارك الأخطاء على الفور، وأن نحكم على الأمور وأن نفسرها ونتنبأ بها، وأن نتناول المشكلات الجديدة بطريقة منهجية فنحلل مكوناتها المختلفة ونفاضل بين الحلول الممكنة.

حين ننظر إلى طريقة الإنسان العادي في تناول مشكلاته العملية نجد أنه في الحقيقة يتبع منهجًا أشبه بمنهج رجل العلم. فهو يقوم بملاحظات، ثم يضع فرضيات تفسيرية، ويقوم باختبار صدقها، إلى أن يصل في نهاية الأمر إلى تعميمات من شأنها أن تهديه فيما بعد إلى تقدير سريع للمواقف. ورغم أن الكثير من التعلم المبكر عند الإنسان يقوم على المحاولة والخطأ وعلى الاستدلال الاستقرائي inductive إلا أنه قادر على أن يجمع لديه ذخيرة من الصيغ والمعادلات والبديهيات التي تمكِّنه من إجراء استنباطات deductions عاجلة حين يواجه مشكلة مشابهة لتلك المشكلات التي سبق له أن وجد حلولا ناجعة لها. وهكذا يظل الإنسان طوال مراحل نموه يستخدم النموذج البدئي للمنهج التجريبي مرارًا وتكرارًا دون أن يفطن لذلك.

وفيما يتعلق بالمشاكل النفسية المحضة، يكتسب الشخص مجموعة من الآليات والتعميمات التي يمكنه بها أن يقدِّر مدى واقعية استجاباته في المواقف المختلفة، وأن يقود مسار أفعاله بمرونة وسلاسة ويفُضَّ الصراعات الناجمة عن تعدد البدائل المتاحة، وأن يتعامل بحكمة مع عوامل الخطر والإحباط والرفض. وخلال مراحل نموه فإن وعيه بخبراته النفسية الخاصة يتبلور في صورة ملاحظات ذاتية محددة تظل تتسع وتمتد حتى تكوِّن في النهاية أحكامًا عامة. وإذ تصمد هذه الآليات المرتجَلة لاختبار الزمن؛ فإنها تصبح بمثابة الإطار الذي من خلاله يفهم ذاته ويفهم الآخرين فهمًا حقيقيًّا أصيلًا. وسوف نرى فيما بعد أن العلاج المعرفي في معظمه يسند إلى المريض دَور العالِم ويهيب به أن يستخدم أدواته المتاحة بالفعل لكي يحل بها مشكلاته التي تبدو له مستعصية.

من حسن الحظ أنه لا يتوجَّب على كل شخص أن يبدأ الشوط من جديد لاكتساب هذا الفهم؛ لأنه من خلال عملية التنشئة الاجتماعية يتسلم مددًا ثريًّا من حكمة الشعب يزوِّده ببديهيات السلوك الإنساني والمنطق الشعبي. كما أنه بفضل خبرته الشخصية واقتدائه بالآخرين وتعليمه الرسمي، يتعلم كيف يستخدم أدوات الحس المشترك؛ فيكوِّن حدوسًا ويختبرها، ويكوِّن تمييزات، ويتعلم الاستدلال وإعمال العقل. والشخص الحكيم يستطيع أن يتناول الموروث الثقافي بالتصفية والتقطير، فيستخلص المبادئ السليمة منه ويستبعد الفضالة من الأفكار المغلوطة والأساطير والخرافات.

لا تقتصر أهمية الحس المشترك على التعلم الاجتماعي بل تتجاوزه بكثير. وقد طالما أكد علماء وفلاسفة على أهمية الحس المشترك في تأسيس العلم. يقول ج. روبرت أوبنهايمر J. R. Oppenheimer (١٩٥٦م): «تنشأ كل العلوم كتنقية، وتصحيح، وتعديل لمعطيات الحس المشترك.» وهو كما نرى صدًى لقول هوايتهد الذي افتتحنا به هذا الفصل.

لقد كانت نقطة البداية في علوم الفيزياء والكيمياء هي ملاحظات عن الوقائع الخارجية وعن قوانين الحس المشترك المبنية على هذه الملاحظات.

فملاحظة أن الأجسام غير المسنَدة تسقط على الأرض كانت هي التمهيد الضروري لقوانين الجاذبية. وملاحظة أن الماء المتروك على اللهب لفترة كافية يغلي هي أساس القوانين الحرارية والغازية. وليست تشذ علوم السلوك عن هذا المقياس. فملاحظاتنا عن وعينا، أي عن الوقائع النفسية الداخلية، تمدنا بالمواد الخام اللازمة لدراسة السلوك البشري دراسة علمية منهجية.

وقد أفاض هايدر Heider (١٩٥٨م) في بيان الدور الذي يضطلع به الحس المشترك في تطور السيكولوجيا العلمية. فأشار إلى أن بإمكان الإنسان بلمحة خاطفة أن يحيط علمًا بكمٍّ هائل من المشاعر والأفعال، وأن هذه المعرفة «الحدسية» intuitive هي معرفة نافذة إلى حد كبير وبمقدورها أن تقطع شوطًا كبيرًا تجاه فهم السلوك البشري. يقول هايدر: «إن لدى الشخص العادي فهمًا عميقًا لنفسه ولغيره من الناس، وهو فهم إن يكُن غائمًا وغير متبلور في صيغة محددة، فهو يمكِّنه مع ذلك من التفاعل مع الآخرين بطريقة سوية إلى حد كبير.»

تشتمل سيكولوجيا الحس المشترك على العمليات النفسية والتأملات والملاحظات والاستبطانات التي يحاول بها الشخص أن يتفهم أسباب عسره وأن يبحث عن مخرَج من ضائقته، وأن يستبطن ذاته فيضع يده على الفكرة الرئيسية التي تشغل عقله وتولِّد فيه المشاعر السلبية من توتر وحزن واضطراب، وأن ينقِّب بالسليقة عن الوقائع والظروف التي أدت إلى هذا الانشغال الفكري وبالتالي إلى هذا الكرب، وعندئذٍ يستطيع أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بمداواة ألمه.

هذا اللون من التداوي الذاتي المألوف، كثيرًا ما نشمل به الآخرين أيضًا؛ فنتفهم آلامهم ونمد لهم يد العون. فنشجعهم مثلًا على أن يركزوا انتباههم على مصدر انزعاجهم وأن يتبنَوا مواقف وحلولًا أكثر معقولية وواقعية. صحيح أن الحكمة العادية لا تصيب دائمًا وأن النصائح العملية لا تكلل بالنجاح على طول المدى، غير أنها تُعين كثيرًا من الناس، إن لم يكُن معظمهم، على تمالُك أنفسهم وحفظ توازنهم معظم الوقت. كما تهدي هذه البصائر الفطرية والاستراتيجيات البينشخصية، فضلًا عن ذلك، إلى تأسيس نوع من العلاج النفسي المنهجي المتطور.

عندما يفشل الحس المشترك

رغم مآثره التي لا تنكر في تقديم إطار لفهم السلوك والاتجاهات وتغييرها؛ فكلنا يعلم عيوب الحس المشترك ومواطن قصوره. فقد ثبت لنا فشله في تقديم تفسيرات مقبولة ومفيدة للاضطرابات الانفعالية … تلك الاضطرابات الغامضة المحيرة.

خذ على سبيل المثال لغز الاكتئاب؛ فهذه امرأة عاشت عمرها محبة للحياة معتزة بذاتها وبإنجازاتها راعية لأطفالها بحنان ظاهر وحب شديد، يصيبها الاكتئاب فتفقد اهتماماتها وتتقوقع وتنزوي وتهمل أطفالها، وتنشغل بتقريع الذات وبالرغبة في الموت. بل يعنُّ لها في لحظة من اللحظات أن تقتل نفسها وتقتل أبناءها، وتكاد تفعل لولا لطف الله.

كيف للحكمة الشعبية أن تفسِّر التغير الشديد الذي اعترى هذه السيدة؟ فهي فيما يبدو تلغي أبسط مبادئ الطبيعة البشرية وتضرب بها عُرض الحائط، شأنها في ذلك شأن غيرها من مرضى الاكتئاب. إن رغبتها في الانتحار وفي قتل أطفالها لتقف متحدية أقوى الغرائز الإنسانية وأجلَّها — أعني غريزة البقاء وغريزة الأمومة. كما أن انزواءها وتحقيرها لذاتها يقفان على النقيض التام لمبدأ مسلَّم به من مبادئ السلوك الإنساني — هو مبدأ اللذة. إن الحس المشترك ينقلب عاجزًا عن فهم اكتئابها أو عن تجميع مكونات هذا الاكتئاب في صورة متسقة. وربما يحاول البعض أن يبدد حَيرته بإزاء مريض الاكتئاب في انزوائه ومعاناته العميقة بأن يتهمه بمحاولة لفت الأنظار أو بغير ذلك من الأفكار التقليدية. ولكن، أن يعذب الشخص ذاته حتى الانتحار من أجل إرضاء غير مضمون من مثل لفت الأنظار، ذلك شيء يتجاوز قدرتنا على التصديق ويناقض كلَّ فطرة وسجيَّة.

كي يمكننا أن نفهم لماذا أرادت الأم المكتئبة أن تُنهي حياتها وحياة أبنائها؛ فإن علينا أن نلج إلى داخل منظومتها الفكرية ونرى العالم بعيونها هي، غير مقيدين سلفًا بالتصورات التي تنطبق على غير المكتئبين. إن إلمامنا بوجهات نظر مريض الاكتئاب يفسر لنا سلوك هذه الأم ويُسبغ عليه المعنى.

فمن خلال عملية مُواجَدة (تمثُّل وجداني) empathy وتوحُّد identification بالمريض يمكننا أن نفهم المغزى الكامن وراء خبراتها. عندئذٍ يصبح بإمكاننا أن نقدم تفسيرات يقبلها العقل بشأن هذه المريضة بالنظر إلى إطارها المرجعي الخاص.

وقد اكتشفت خلال فحصي لهذه المريضة أنها ضحية أفكار خاطئة عن نفسها وعن العالم. فقد كانت تعتقد دون أي مبرر أنها أم فاشلة غير قادرة على أن توفر لأبنائها أدنى درجات الرعاية والحدَب. وأن حالتها ميئوس منها. وإذ كانت تعزو فشلها وعجزها المزعومين إلى ذاتها وليس إلى أي شيء آخر، فقد أخذت تُصلي ذاتها نارًا من اللوم والتبكيت.

وبنظرة إلى المستقبل وجدت هذه الأم أن أبناءها سوف يصيبهم من الشقاء قدر ما أصابها. وإذ شرعت في التماس الحلول رأت أنه ما دامت هي غير قادرة على تغيير حالها فإن قرار الانتحار بالنسبة لها أمر مفروغ منه. ولكن ما أرَّقها وأقضَّ مضجعها حقًّا هو فكرة أن يترَك أطفالها دون أم … دون حب ورعاية تعلم تمامًا أن ليس غير الأم قادر على منحهما. وبناءً على هذا قررت أن تجنبهم ذلك الصنف من البؤس الذي كانت تعانيه، وذلك بأن تُنهي حياتهم هم أيضًا. وجدير بالذكر أن هذه الأوهام كانت تسيطر على وعيها إبان ذلك إلا أنها لم تفصح قط عنها إلا بعد الفحص النفسي الدقيق والاستكشاف المتأني لأفكارها ونواياها.

قد يصدمنا هذا اللون من التفكير الاكتئابي بعبثيته ولامعقوليته. إلا أنه يسترد معناه واتساقه حالما ننظر إليه داخل الإطار الفكري الخاص بهذه المريضة. فلو سلمنا جدلًا بصحة المقدمات التي ترتكز عليها (وهي أنها محكوم عليها بالشقاء هي وأبنائها نتيجةَ نقائصها المفترضة) للزِم عن ذلك منطقيًّا أن التعجيل بوضع نهاية لهذا الشقاء هو خير للجميع. فكونها فاشلة عاجزة عن فعل أي شيء يؤدي منطقيًّا إلى انعزالها التام وفقدها للهمة، وشعورها بالحزن الغامر ينتج بالضرورة من توبيخها المستمر لذاتها وضياع أملها في الحاضر وفي المستقبل. وما كدتُ أسلط الضوء على الأوهام التي رانت على عقل هذه المريضة حتى ارتسمت لي طرق عديدة لتصحيح مفاهيمها وحثها على مراجعة المقدمات غير الواقعية لمنظومتها الفكرية.

من هذا المثال يتبين لنا لماذا يفشل الحس المشترك في تفسير اضطراب انفعالي كالاكتئاب؛ فهناك دائمًا معلومات محورية ناقصة (هي في هذا المثال فكرة المريضة عن نفسها وعن العالم وعن المستقبل … تلك الفكرة المحرَّفة الشائهة). ومع ذلك فيمكننا العودة إلى استخدام أدوات الحس المشترك لحل المعضلة بمجرد أن نضع أيدينا على هذه المعطيات المفقودة. فما إن نضع كلَّ شيء في موضعه الصحيح حتى يبرز لنا تكوين أو نموذج واضح الدلالة والقصد. ولكي نستخلص تعميمات صحيحة من هذه النتيجة علينا أن نتحرى هذا النموذج في مرضى آخرين يعانون من نفس الصنف من الاضطراب الانفعالي. عندئذٍ يكون من الضروري أن نجري سلسلة من الإجراءات التجريبية لتدعيم المنهج الجديد في فهم هذا الاضطراب. وبعد أن نأخذ نتائج هذه التجارب بالمراجعة والتنقيح والتحقيق، يمكننا أن ننظر ما إذا كانت صياغتنا النهائية تفي بالمطلب الأساسي للعلم في رأي هوايتهد وهو أن تقنع الحس المشترك وترضيه.

لننتقل الآن إلى حالة المريض بالغسل القهري. إنه يقضي وقتًا يفوق كلَّ حد في غسل يديه وغيرها من الأجزاء المكشوفة من جسمه. وحين نطالبه بتفسير لذلك يقول إنه ربما يكون قد لامس الجراثيم التي قد تسبب له مرضًا خطيرًا إذا هو لم يطهر يديه بدقة. والغريب أنه قد يعترف بأن الذي يخشاه بعيد الاحتمال، إلا أنه يمضي في غسل يديه ولو كان ذلك يعيقه في عمله وعلاقاته الاجتماعية واستجمامه، وربما في نومه وطعامه. يفسر التحليل النفسي التقليدي هذا السلوك بأن المريض لديه «تثبيت شرجي» anal fixation أو أنه يحاول أن يمحو إحساسًا بالذنب نابعًا من رغبة لاشعورية محرَّمة.

غير أننا حين نُنعم النظر في تفكير المريض يتبين لنا أنه كلما لامس شيئًا يحتمل أن يحتوي على بكتيريا تتملكه فكرة أنه ربما التقط مرضًا خبيثًا. وفي نفس الوقت تتمثل في مخيلته صورته وهو راقد في أحد أسرَّة المستشفى يعاني النزع الأخير من أثر ذلك المرض. فكلٌّ من الفكرة والصورة الخيالية إذَن يولِّد القلق. ولكي يُبطِل هذا الخوف ويخمده يُهرع إلى أقرب حمام ويبدأ في غسل نفسه.

وقد أسستُ طريقة لعلاج هذه الحالات بأن أحثَّ المريض، في حضوري، على لمس أشياء متسخة ولكني، بموافقة مسبقة منه، أقصي عنه كلَّ فرصة لغسل يديه فأحرمه بذلك من آلية تخليص نفسه من القذَر المحمل بالجراثيم. عندئذٍ يبدأ في تصور نفسه راقدًا بالمستشفى يموت من المرض المخيف، وتمثُل هذه الصورة في مخيلته تلقائيًّا وتبلغ من الوضوح والجلاء مبلغًا يعتقد معه أنه قد التقط المرض بالفعل، فيشرع في السعال ويشعر بحمَّى وضعف وتساوره إحساسات غريبة تشمل كلَّ جسمه. في هذه اللحظة يكون بإمكاني أن أقطع عليه خياله وأبرهن له أنه غير مريض في واقع الأمر، وأن قوَّته موفورة، وأن حرارته طبيعية، وأن بإمكانه أن يتنفس دون سعال. هذه المقاطعة المتبوعة بحفز المريض على التقييم الواقعي لحالته الصحية، تؤدي إلى إزالة خوفه من التقاط مرض قاتل وتقلل من ميله القهري إلى غسل يديه.

الآن قد وضعنا أيدينا على المعلومة المحورية، وهي أن المريض ينتابه خيال وإحساس جسمي بمرض خطير إذا حيلَ بينه وبين الغسل، يتبين لنا أن ميله القهري إلى غسل يديه هو شيء له معناه ومغزاه. وتعصمنا هذه المعلومة، فضلًا عن ذلك، من إغراء التشبث بتفسيرات غامضة لن تعود بالنفع على المريض في محنته النفسية الخطيرة. بذلك تنهض حالة الغسل القهري مثالًا واضحًا على الدور الحاسم الذي تلعبه عمليات التخيل في بعض الأمراض، متضمنةً الخيالات البصرية وما يصاحبها من إحساسات جسمية قائمة على الإيحاء الذاتي.

ما بعد الحس المشترك: العلاج المعرفي

حين نردُّ المشكلات النفسية إلى مقدمات منطقية خاطئة واستهداف لخبرات خيالية محرَّفة؛ فإننا نحيد عن التفسيرات السائدة للأمراض النفسية بدرجة كبيرة. لقد افترض فرويد أن السلوك الشاذ له جذوره في اللاشعور (اللاوعي)، وأن ما يبدو عبثًا ولامعقولًا على مستوى الشعور (الوعي) لا يعدو أن يكون مظهرًا لدوافع لاشعورية باطنة. ولكنا نرى أن وجود التحريفات وخداع الذات لا يتطلب فرضية اللاشعور كما تصوره فرويد. فبإمكاننا أن نفهم اللامعقولية كعجز عن تنظيم الواقع وتفسيره.

ليست المشكلات النفسية بالضرورة نتاج قوًى خفية سرية مستغلقة. فقد تنتج عن عمليات عادية مثل التعلم الخاطئ، والاستدلال المغلوط المبني على معلومات غير كافية أو غير صحيحة، وعدم التمييز بين الخيال والواقع. كما أن التفكير قد يكون واهمًا لأنه مستمد من مقدمات منطقية خاطئة، والسلوك قد يكون انهزاميًّا لأنه مبني على اتجاهات غير عقلانية.

نخلُص من ذلك إلى أن المشكلات النفسية يمكن أن تُحلَّ عن طريق شحذ الفهم والتمييز، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتعلُّم اتجاهات أكثر تكيُّفا. وبما أن الاستبطان introspection، والتبصر (الاستبصار) insight، واختبار الواقع reality testing، والتعلم learning عمليات معرفية cognitive بالدرجة الأساس؛ فقد أسمينا هذا المدخل لفهم العصاب «العلاج المعرفي» (Beck, 1967, p. 318).

يحثُّ المعالج المعرفي مريضه على تصحيح أفكاره المغالطة مستخدمًا في ذلك نفس التقنيات الخاصة بحل المشكلات التي كان يستخدمها طوال حياته. فمشاكل المريض مستمدة من تحريفات معينة للواقع مبنية على مقدمات منطقية مغلوطة ومفاهيم عقلية خاطئة. وتنشأ هذه التحريفات نتيجة تعلُّم ناقص أثناء مراحل النمو. والوصفة الطبية ببساطة هي أن نساعد المريض على أن يتعرف على أفكاره المغلوطة وأن يتعلم طرقًا أكثر واقعية لصياغة خبراته.

بذلك يقترب العلاج المعرفي من فهم المريض ويقدم للأمراض العصابية وعلاجها تصورًا غير بعيد عن خبراته العادية … تصورًا يلحقها بغيرها من المواقف التي سبق أن أخطأ فيها الفهم وأساء التقدير ثم لم يلبث أن راجع نفسه وتدارك خطأه مستخدمًا تقنياته العقلية العادية. والمعالج المعرفي إذ يخاطب المريض بمنطق واضح ويقترح عليه تقنيات مألوفة؛ فهو قادر على أن يؤتي ثماره العلاجية منذ الجلسة الأولى.

إن التطورات الحديثة داخل المدارس السيكولوجية الكبرى تقف شاهدًا على أهمية المدخل المعرفي في فهم العُصاب وعلاجه. وبدا الفهم المعرفي كأنه نقطة التقاء جديدة بين السلوكية والتحليلية آخذة في التنامي والاتساع. وقد اضطلع روبرت هولت Robert Holt (١٩٦٤م) بعرض هذا التقارب الجديد ورسم خارطته. فقد أدرك التحليليون دعاة العمق، والسلوكيون أنصار الموضوعية، أن إغفالهم للجانب المعرفي قد فوَّت عليهم حلَّ كثير من المشاكل الحقيقية والهامة، وأن تناولهم لهذه المشاكل لا يعني التنكر لمبادئهم الأساسية. ومن ثَم بدأ «علم نفس الأنا» ego psychology في البزوغ داخل المدرسة التحليلية مستلهمًا كتابات هارتمان Hartmann (١٩٦٤م) وكريس Kris (١٩٥٢م) ورابابورت Rapaport (١٩٥١م)، وموجهًا الاهتمام إلى طبيعة الواقع وآليات التكيُّف النفسي لهذا الواقع. كما بدأ السلوكيون يولون اهتمامًا بالتفكير وعملياته ولا يقصرون عملهم على دراسة التعلم. وحتى في نطاق التعلم فقد بدأ السلوكيون يهتمون بدراسة تعلم المفاهيم والأفكار بعد أن كان تركيزهم منصبًّا على الأداء الحركي، ويهتمون بتعلم الكلمات ذات المعنى بعد أن اقتصرت تجاربهم على تعلم المقاطع المفتقرة إلى المعنى.
لقد أخذ المعالجون يفيدون من طرائق العلاج المعرفي بشكل متزايد رغم ولائهم لمدارسهم الخاصة. فكثير من العلاج السلوكي، رغم ما يبدو من ارتكازه على نظريات التعلم واعتماده على التجارب المعملية، لا يبعد كثيرًا عما اعتاد الناس فعله منذ القدم لمغالبة مشاكلهم النفسية؛ فإجراء «بروفة» rehearsal خيالية للموقف المرهوب هو لب العلاج السلوكي المسمى «خفض الحساسية المنظم» systematic desensitization وتدريبات توكيد الذات assertive training التي يضطلع بها السلوكيون لا تزيد كثيرًا عما كان يفعله كثير من الناس على السجية. أما أطباء الأعصاب neuropsychiatrists فقد أخذوا يصفون لمرضاهم الكثير من العلاجات العملية من مثل التوجيه والتفسير والتشجيع وتغيير البيئة، دون أن يضطروا إلى التنكر لفكرتهم المحورية وهي العِلِّية الفيزيائية.
ونحن نتوسم أن تعطي المحاولات الجريئة لعلماء النفس الإنسانيين الملقبين «بالقوة الثالثة» the third force (Goble, 1970) دفعة كبيرة لهذه الروح المشتركة. فقد تحمس أولبورت Allport (١٩٧٠م) لهذا الانتقال لبؤرة الاهتمام إلى الأفكار الواعية والرغبات والمثل، واعتبرها «ثورة حقيقية» وأطلق على هذا الاتجاه اسم «العلاج الموقفي» attitudinal therapy مشيرًا إلى وجود نقاط اتفاق تجمع نظريات كتَّاب متباينين من مثل أدلر Adler وإريكسون Erikson وهورني Horney وماسلو Maslow وروجرز Rogers. ونحن نضيف إليهم بالضرورة ألبرت إليس Albert Ellis.

ما هي هذه الأرض الوسطى التي رسم حدودها إنسانيو «القوة الثالثة» وما تزال ترويها بالتنقيط زخات متأنية من التحليل النفسي والسلوكية؟ إنها المدخل الجديد الذي يولي اهتمامًا أكبر للمحتوى الظاهر للوعي من أفكار وأهداف واتجاهات، ويتوفر على خواطر المريض واستبطاناته لذاته وخططه لحل مشكلاته.

وقد أبرز سيلفانو أريتي Arieti (١٩٦٨م) أهمية السيكولوجيا المعرفية كطريقة لفهم المشكلات الإنسانية. وهو محلل نفسي أطلق على المجال المعرفي اسم «سندريللا الطب النفسي»٣ مؤكدًا أن «قسطًا كبيرًا من حياة المرء مردُّه إلى بناءاته المعرفية cognitive constructs، وأننا من المحال أن نفهم الكائن الإنساني دون أن نعرض لهذه البناءات الهامة من مثل صورة الذات self-image، وهويتها self-identity، والتماهي (التوحد/التقمص) identification، والأمل، والتشوُّف إلى المستقبل.» (ص١٦٣٧).
وبما أن الظواهر المعرفية يمكن تحديدها بسهولة من خلال الاستبطان؛ فهي إذَن قابلة للاستقصاء والتمحيص. إن قابلية أفكار المريض للبحث والاستقصاء المنهجي هي التي دفعت كثيرًا من الكتَّاب ذوي التدريب السلوكي (من أمثال ماهوني Mahoney ١٩٧٤م، ومايتشنبوم Meichenbaum ١٩٧٤م) إلى محاولة استكشاف الدور الذي تلعبه العمليات المعرفية في مجالي السيكوباثولوجيا والعلاج النفسي. وقد جاءت الدراسات المنهجية الحديثة مؤيدةً إلى حد كبير للمبادئ التي يقوم عليها العلاج المعرفي، وأدى الاهتمام المتزايد بهذا المدخل إلى إجراء كثير من التجارب البحثية العلاجية التي دلت على فعاليته.
١  حرفيًّا: الطبيب النفسي العصبي، وقد اختزلنا العبارة للتخفيف. (المترجم)
٢  آثرنا تعبير «الحس المشترك» كترجمة لتعبير common sense من بين ترجمات أخرى كثيرة ومستعملة مثل: الموقف الطبيعي، الحس العام، بادئ الرأي، الفهم المشترك، الاعتقادات الراسخة، الذوق الفطري. (المترجم)
٣  يعني سيلفانو أريتي بهذه التسمية أن المجال المعرفي ظل مهملًا طيلة عقود من الزمن في فرع الطب النفسي الذي انصبَّ اهتمامه آنذاك على النموذج الدينامي للتحليل النفسي والمدخل العضوي الطبي لعلاج المرض العقلي. لقد أهمل المدخل المعرفي رغم جدارته، مثل سندريللا في الأسطورة. ومثلها أيضًا وجد عددًا من أمراء الطب النفسي يكتشفونه وينصفونه ويدركون أهميته حتى غدا موضوعًا ذا رواج عظيم. (المترجم)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤