الفصل الثامن

في القرن العشرين

ظل الأخوان رايت يواصلان تجاريبهما العملية بهدوء وتفكير إلى سنة ١٩٠٣، فأدخلا على تصميم منحدرتهما وطريقة ضبطها أو قيادتها تحسينات كثيرة، تحاشيا بواسطتها كثيرًا من مسببات الأخطار، ثم ابتكرا فكرة نوم الطيار على بطنه حتى تقل مقاومة الهواء لمنحدرته، ولمَّا كان نومه هذا يحرمه من الانتفاع بتحريك جسمه لحفظ الاتزان كما كان يفعل للينثال؛ فقد أنشآ سطحًا رافعًا في مقدمة الطيارة (شكل ٧-١١)، وعملا ترتيبًا يُمكِّنهما من فتل أو ورب أو لوح warping طرف الجناح.
وبعد أن أتقنا الانحدارَ اتجهت أنظارهما إلى المحرك، فدرسا المحرك ذا الاحتراق الداخلي الذي كان حديثَ العَهدِ بالتركيب على السَّياراتِ، ثم صمَّما واحدًا يصلح لغرضهما وأنشآه وركَّباه على آخر طراز لطيَّارتهما ذات السطحين، وترى صورة لها في شكل ٨-١، ورسمًا كروكيًّا لها في شكل ٨-٢. وفي ١٧ ديسمبر سنة ١٩٠٣ طارا بها لأول مرة في التاريخ، وأعادا الكرة أربع مرات في نفس اليوم، وانتشر هذا الخبر في العالم فأدهش الناس، وأعلن ظهور عصر جديد.
fig44
شكل ٨-١: طيارة رايت، وهي أول ما طار في الجو حقيقةً بمحرك بنزين.

ظل ولبر وأورفل يعملان بهدوء، واستمرَّا في تحسين الطيارة ومحركها وطرق قيادتها، حتى بلغت سنة ١٩٠٥ من الكمال مبلغًا جعلها ذات سلطان على الهواء بدل أن تكون أُلعوبة في يده، فكانت طيارتهما دليلًا على أن الإنسان هَزم الهواء حقًّا، ووجد السبيل لمزاحمة الطيور فيه، واتجهت الجهود بعد ذلك لتحسين الطيران بدل الاقتصار على محاولته. عندئذٍ عاد الأَخوان إلى انزوائهما وصمتا صمتًا عميقًا مكثَ سنتين، بدأ الناس في خلالهما يشُكُّون فيما رُوي عنهما ويتشكَّكُون في مقدرتهما، وحدث في ذلك الحين تقدُّم عظيم للطيران بفرنسا حوَّل الأنظار إليها بدلًا من أمريكا.

fig45
شكل ٨-٢: رسم كروكي لطيارة رايت.

(١) الجهود الفرنسية

في سنة ١٩٠٦ طار سانتو دومو البرازيلي بباريس لأوَّل مرة في حفلة رسمية (وكان قد حوَّل وجهته إلى الطيارة بعد أن أخفَق في إنشاء المنطاد الحربي الذي تطلبه الحكومة الفرنسية كما ذكرنا في الباب الثاني)، فبعَث في الناس نشاطًا كبيرًا وروحًا جديدة، وكسب دومو الكأس الذي قدَّمه أرشديكن Archdeacon — أحد المشتغلين بالطيران ومشجعيه في ذلك الحين — كجائزةٍ لأول من يطير مسافة قدرها ٢٥ مترًا وهو مراقب، وتُرى طيارته في شكل ٨-٣ب وهي من النوع المسمى بالصندوقي؛ لمشابهة أجزائها بالصندوق. وأرشديكن هذا أدخل فكرة جميلة حافظت على أرواح الكثيرين من غُواة الطيران، وهي عمل التجارب فوق نهر السين بدلًا من إجرائها فوق الأرض، فشتَّان ما بين الوقوع فوق هذه وتلك. وكان لأرشديكن طياران خصوصيَّان هما: فواسان وبليريو.
fig46
شكل ٨-٣: أ: بلتشر في منحدرته. ب: دومو في طيارته.
وفي سنة ١٩٠٧ فتح فواسان Voisin مع أخ له ورشة لصنع الطيارات، وكانت الأولى من نوعها ونجحت نجاحًا باهرًا يرجع معظمه إلى مقدرتهما ومهارتهما وإلى التجارُب التي أجرياها وللطيران الذي مارساه بأنفسهما، مما جعلهما يُقدران الصعوبة الحقيقة، ويعرفان مواضع الزلل فيُصلِّحانها بالتدريج. وأول نوع أنشآه من الطيارات كان النوع الصندوقي الذي استخدم مثله دومو: شكل ٨-٣ب، والذي ابتكره هارجريف في أستراليا سنة ١٨٤٥، وقد أجريا تجارب عديدة فوق نهر السين على طيارة أطفال من هذا النوع، واستنتجا من ذلك نتائج عديدة نفعتهما في تصميماتهما المستقبلة. وكانت مميزات طيارة فواسان التي خدمت الطيران أكبر خدمة هي رافع أمامي على امتداد الحامل الذي عليه المحرك والطيار، وفي الخلف ذيل ودفة، وليس بالجناح لوحة (أو وربة أو انفتال)؛ ولذا كانت هذه الطيارة بغير ضابط جانبي يُميلها عند اللزوم.
ومن أول الطَّيارات التي أنشآها اثنتان لبطلين من أبطال الطيران في ذلك الحين بفرنسا، هما: دلاجرانج Delagrange، وفارمن Farman، وكذلك المحرك الذي رُكب على طيارة الأخير من طراز أنتوانيت، قوته نحو ٥٠ حصانًا. وكان من «زبائن» فواسان الأسبقين رجل من أوائل الطيارين الإنجليز، اسمه مور بارابازون Moore Barabazon الذي انتُخب عضوًا بالبرلمان الإنجليزي مِرارًا، وهو الآن رئيس جماعة مهندسي الطيران بإنجلترا Institute of aeronautical Engineers، تعلم الطيران بفرنسا، واشترى طيارته وعاد بها إلى إنجلترا، حيث طار بها فوق أرض كان قد اشتراها عندئذٍ النادي الملكي للهواء بإنجلترا.

(١-١) فارمان

حذا فارمان حذو فواسان، فبعد أن أجهد نفسه في الطيران وبرع فيه بالنسبة لأهل زمانه، وكسب جائزة لإتمامه لأول مرة وهو طائر دائرة قُطرها كيلو متر، ونجح في الطيران كذلك مسافة ٢٧ كيلومترًا، بعد ذلك نصَّبَ هنري فارمان نفسه لبناء الطيارات مع أخيه موريس، فأسسا مصنعًا فاق مصنع فواسان. وكانت طيارات فارمان (شكل ٨-٤) تشبه طيارات سابقيهما من عدة وجوه، وتختلف عنها في عدم التقيُّد بالشكل الصندوقي، وبابتكار فكرة الجُنيحات المتحركة في الأطراف الخلفية للأجنحة؛ لإحداث حركات التمايُل الجانبية التي كان يُحدثها الأخوان رايت بواسطة فتل الجناح أو لوحه. هذا ولا يزال مصنع فارمان قائمًا إلى يومنا هذا وتُصنَّع فيه الطيارات على اختلاف أنواعها من الجولياث Goliath الكبيرة المستخدمة في المواصلات الجوية بين لندن وباريس، إلى طيارات اللعب والتسلِّي الصغيرة جدًّا. ويبني فارمان محركات أيضًا، ومصانعه من أكبر وأضخم المصانع الأوروبية، وقد استلفَتَ نظرنا منذ أشهُر قليلة لأول مرة في القاهرة، بالعمارة الجديدة في أول شارع سليمان باشا من ناحية قصر النيل من الجهة القبلية، شباك معروضات كُتب في أعلاه: «طيارات فارمان.»
fig47
شكل ٨-٤: طيارة فارمن.

(١-٢) إخوان رايت بفرنسا

وفي سنة ١٩٠٨ حدَث نشاط عظيم في الطيران، فقد عبر ولبر رايت المحيط الأطلسي (في مركب بخارية بالطبع)، ونزل في فرنسا ليعرض عمله على أولي الشأن، علَّه يفوز منهم بطلبات لصُنع طياراتٍ للحكومة الفِرنسية، وكانت حكومة الولايات المتحدة في ذلك الحين أوصَتْه بصنع بعض طيارات لجيشها، فترك أخاه أورفل يشتغل فيها وسافر إلى فرنسا، وقد أحدث مجيئُه إليها دهشةً كُبرى عند الذين كادوا ينسونه وينسون طيرانه سنة ١٩٠٣ وسنة ١٩٠٥؛ لاهتمامهم بما يحدُث حولهم في فرنسا وعدم تردد ذكر الأخوَين الأمريكيَّين؛ ولذلك تهافت الناس على مكان نزول ولبر وكلهم شوق لرؤيته يطير، ولكنه صرف زمنًا طويلًا جدًّا في التحضير بغاية التأنِّي والهدوء، غير مكترث باهتمام الشعب الفرنسي الذي كاد يتميَّز غيظًا من طول الانتظار، وأخيرًا طار ولبر مدة دقيقتين أول مرة، ثم أتبعها بعد أربعة أيام بطيرة أخرى استغرقت أربع دقائق، وما زالت مدة تحليقه في الجو تزداد ببطء حتى مضى شهر وإذا بأسلاك البرق تهتزُّ بنبأ غريب من أمريكا، وهو أن أخاه أورفل مكَثَ في الهواء فوق الساعة، وكأنما كان ولبر ينتظر هذا الخبر بفارغ الصبر حتى تَشرُفَ أمريكا بهذا العمل قبل غيرها، فبعد أيام قليلةٍ ركب ولبر متن الهواء وظلَّ طائرًا أكثر من ساعة، فسحر أعيُنَ الناس وأدهشهم، وأكَّد للعالم أن معالم المدنية لا بدَّ أن تتأثر قريبًا بهذا المخترع الجديد، ثم سمح لبعضهم بالركوب معه، وكان من جملة من سارعوا لاغتنام هذه الفرصة: بادن باول Baden Powell، وهو السير روبرت، الكشاف الأعظم الحالي.

وكان لاجرانج وفارمان يشتغلان في ذلك الحين بنشاطٍ وحماس، وكأن نجاح ولبر بعث فيهما قوةً على قوتهما فضاعفا مجهوداتِهما، ولكن عبثًا حاولًا أن يأتيا بما يقرب من عمل ولبر رايت منافسهما، وبعد أشهُر قليلة استطاع الأخير أن يبقى طائرًا في الهواء مدة تزيد عن الساعتين. ولمَّا ثبتت قدم ولبر رايت إلى هذا الحد وظهر تفوُّقه بدأ بتعليم بعض الطيارين الفرنسيين، وعلم كذلك تليانيا. وانهالت الجوائز في ذلك الوقت على الطيارين فزادتهم حماسًا ونشاطًا وانغماسًا في العمل.

(١-٣) عبور بحر المانش

وفي سنة ١٩٠٩ عبر بليريو Bleriot بحر المانش (فقطع مسافة قدرها نحو ٢٠ ميلًا في نحو ٣٥ دقيقة) بطيَّارته المرسومة في شكل ٨-٥، وتلك حادثة اهتمَّ بها الإنجليز كثيرًا لكونها وصَّلتهم بالقارة الأوروبية بعد أن كانوا يظنون أنهم في مَعزلٍ عنها، وقد حاول لاثام Latham عبور المانش قبل بليريو وبعده بطيارة من طراز أنتوانت Antoinette، ولكنه أخفق في المرتين بسبب وُقوف محرك طيارته، ونجا من البحر في المرتين. ومن الغريب أنه لم يعبر أحد بحر المانش بعد بليريو إلا سنة ١٩١٠، وكان أول من عبرة بعده هو جاك ديليسبس De Lesseps ابن المهندس الكبير الذي فتح قنال السويس، وكانت طيارته من طراز بليريو أيضًا وعليها محرك جنوم Gnome.
fig48
شكل ٨-٥: طيارة بليريو تعبر بحر المانش.

(١-٤) أسبوع الطيران في ريمس

من ذلك يتَّضح أن المشتغلين بالطيران كانوا في سنة ١٩٠٩ في غاية النَّشاط؛ ولذلك عُملت ترتيبات لاجتماع الكل في مدينة ريمس Rheims مدة أسبوع، يعرض كلٌّ منهم أمام المتفرجين ما عنده من الحركات التي تُثبت القدرة والمهارة، وقد اشترك في أسبوع الطيران هذا أشهَرُ الطيارين الفرنسيين في ذلك الحين وغيرهم، حتى بلغ العدد نحو ٣٠، منهم: رايت وكيرتس Curtiss الأمريكيَّان، وفارمان وبليريو ولثام وديلامبيرت de Lambert — أول تلميذ من تلامذة ولبر رايت حاز شهرة بأوروبا — وكان هذا الأسبوع بمثابة حجر من الأحجار الأساسية في تقدُّم الطيران، وفيه تتابعت سلسلة من المغالبات، لم يكد أحد الطيارين يفرح لتفوُّقه على أقرانه في أقصى سرعة بلَغوها أو أقصى ارتفاع وصلوا إليه أو أقصى مدَّة بَقُوها في الهواء، حتى يسمع بعد ساعات أن آخر اغتصبه ذلك الفخر وغلبه في ذلك السباق. وقبل انتهاء الأسبوع بيوم تسابق الكل في الحصول على كأس جوردون بنت Gordon Bennet، فكسبه كيرتس إذ قطع العشرين كيلومترًا في نحو ١٦ دقيقة (أي بسرعة تساوي نحو ٧٥ كيلومترًا أو ٥٢ ميلًا في الساعة)، وحدَث في نفس الأسبوع أن حمل فارمان راكبين مسافة ستة أميال لمدة عشر دقائق، ووصل لثام وكان موضع إعجاب الجميع إلى ارتفاع بلغ نحو ١٥٠ مترًا. وهذه النهايات القصوى لم يتوصل إليها الطيَّارون إلا بالتدريج، وكانت كل خطوة يَخْطُوها الواحد منهم تهزُّ المتفرِّجين وتثير حماسهم إلى حدٍّ كبير.

(٢) جريدة «الديلي ميل» والطيران

وحدث في سنة ١٩١٠ حادثةٌ مهمَّة، وهي أن جريدة الديلي ميل كانت قد حددت منذ سنة ١٩٠٦ جائزة قدرها ١٠٠٠٠ جنيه لأول طيار يقطع المسافة بين لندن ومانشستر، وقدرها ١٨٣ ميلًا (والمسافة بين القاهرة والإسكندرية تساوي نحو ١٣٥ ميلًا)، من غير أن ينزل إلى الأرض أكثر من مرتين. ففي سنة ١٩١٠ ظهر طيار فرنسي جديد لم يكن مضى عليه في التمرين زمن طويل اسمه بولان Paulhan قيَّد اسمه في هذه المسابقة، وفي ذلك الوقت كان قد ظهر في إنجلترا طيارون، منهم موربارابازون الذي ذكرنا اسمه من قبل، وكودي Cody الأمريكي الأصل، ورو A. V. Roe صاحب طيارات أفرو الحالية، وجراهام هوايت Graham White، وهذا الأخير نافس بولان في جائزة الديلي ميل، ولكن محرك طيارته عاكسه كثيرًا فاضطر للنزول مِرارًا، وكسب بولان الجائزة في طيارة أصلها من طراز فواسان، ولكن فارمان حسَّنها فغيَّر سطوحها الضابطة، وأصلح عربتَها السفلى، واستخدم فيها محرك جنوم بدل أنتوانت. والواقع أن محرك جنوم هذا كان لظهوره أثر عظيم في تقدُّم الطيران لخفَّته وجودة صنعه التي جعلت احتمال وقوفه في الهواء أقلَّ من ذي قبل.

ومن لطيف ما يُروى بهذا الصدَد ويبين مقدار تلاعب الأحوال الجوية بسكان إنجلترا: لأنه لمَّا عزم بولان وهوايت على الطيران إلى مانشستر كان الجوُّ لا يشجع على الرحلة، وأجمع مستشارو هوايت على أنه لا تحسُن به المخاطرة، ونصحوا له أن يذهب فينام ليستريح ويستأنف العمل في الصَّباح التالي، ففعَل. وأما بولان ففرَغ من إعداد طيارته للسفر ونظر إلى الجو فشك في أمره، ولكنه قال في نفسه: إن كانت الحالة لا تسمح بالطيران إلى مانشستر فيحسُن أن أطير ولو قليلًا بعد هذا الاستعداد على سبيل التجربة والتمرين، وبمجرد ما صعد إلى الجو دفعَته الجرأة والشباب وحب التفوُّق وتطلُّعه للجائزة إلى متابعة السفر ففعل، ولكنه لاقى صعوبات كثيرة في الطريق، ووصل مانشستر منهوك القوى بدرجة عظيمة. ورُوي أنه قال: «لم أكن لأستطيع الاستمرار في الطيران ميلًا آخر، ولن أعيد الكَرَّةَ مهما عَظُمت الجائزة.»

ولما كسب بولان الجائزة كادت تهبِط عزائم كثير من الطيارين الذين كان يدفعهم على النشاط تطلُّعهم إلى العشرة الآلاف جنيه، غير أن الديلي ميل أعلنَتْ عزمها على تقديم جائزة أخرى بنفس المبلغ سنة ١٩١١، وأنها ستُعلن عن التفاصيل فيما بعد.

وفي نفس هذا العام قطع بابريير Paprier المسافة من باريس إلى لندن في طيرة واحدة one flight، وكان قد سبقه مواسان Moissant في قطعها سنة ١٩١٠، ولكن في زمن طويل جدًّا لتكرار اضطراره للنزول وانتظاره ريثما يُصلح المحرك. وفي سنة ١٩١١ أيضًا عبر شافيه Chavez جبال الألب طائرًا، ولكنه قُتل عند نزوله إلى الأرض بعد إتمام مُهمته. وكسب في هذا العام كذلك جراهام وايت كأس جوردن بنت.

(٣) الطيران في مصر

وفي أوائل سنة ١٩١٠ قدم على مصر عدد كبير من الطيارين، فيهم لاثام، وروجييه، ومدام لاروش، وقضوا مدة بها، وخُصص الأسبوع من ٦ فبراير إلى ١٣ منه لمشاهدة طيرانهم، وكان أسبوعًا ناجحًا مرَّ على أحسن ما يُرام إذا نظرنا إليه من وجهة الطيارين أنفسهم، أما من وجهة مصر فقد مرَّت المظاهرة بغير جدوى عملية، ولم تتوجَّه أنظار المصريين أو حكومتهم في ذاك العهد إلى الضَّرب في هذا الميدان الجديد بسهم.

(٤) النهايات القصوى لسنة ١٩١٠

وبلغت أعظم سرعة في ذلك العام ٦٥ ميلًا (نحو ١٠٤ كيلو مترات) في الساعة، ووصل أقصى ارتفاع إلى ١٠٠٠٠ قدم (نحو ٣٠٠٠ متر)، وامتدَّ زمن البقاء في الهواء إلى نحو من الساعات، وكانت أطول مسافة قُطعت في طيرة واحدة ٣٦٥ ميلًا (نحو ٥٨٤ كيلومترًا).
وفي سنة ١٩١١ تحددت جائزة الديلي ميل (١٠٠٠٠ جنيه) لمن يدور حول بريطانيا كلها، وتبارى في هذا العمل: كونو (وهو معروف أيضًا باسم برمو) وفيدرين Védrine الفرنسيَّان — وأخيرهما معروف بمصر كثيرًا — وكودي الإنجليزي السابق الذكر، وغيرهم، وكسب كونو هذه الجائزة في آخر لحظة، بعد جهاد شديد ومواجهة صعوبات كبيرة.

من ذلك يرى القارئ أن اللورد نورثكلف (صاحب جريدة الديلي ميل) ساعد مساعدة كبيرة على تقدُّم الطيران بما قدَّمه من الجوائز العظيمة التي كان يرمي فيها لمصلحة إنجلترا، وسمح للأجانب بالاشتراك فيها ليكون ذلك دافعًا للإنجليز على مضاعفة جهودهم، ولكن الفرنسيين ربحوا كل الجوائز التي قدمها نورثكلف إلى هذا التاريخ، وهي ١٠٠٠ جنيه لعبور المانش، و١٠٠٠٠ جنيه لقطع المسافة بين لندن ومانشستر، ومثلها للدوران حول بريطانيا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤