خاتمة: الاستمرار على القمة

من الطبيعي أن تتربع فيدكس على القمة، فنحن من ابتكرنا مجال النقل الأرضي/الجوي السريع، وابتدعنا فكرة التوصيل السريع الدقيق زمنيًّا، وكنا أول من استخدم تقنية الباركود في مجال النقل الأرضي، وأول شركة نقل سريع تتيح خدمة الشحن محددة الوقت.

ومع ذلك فقد توسعت فيدكس الآن إلى آفاق أوسع بكثير؛ فهي تمتلك المزيد من الخدمات والتقنيات، التي يدعمها ما يزيد على ٢١٤ ألف موظف ومتعهد يركزون أكثر من أي وقتٍ مضى على تلبية احتياجات العملاء، عبر معالجة ما يزيد على خمسة ملايين طرد يوميًّا.

تفخر فيدكس اليوم بكونها واحدة من أكثر الشركات إثارة للإعجاب على مستوى العالم، وتفخر بسمعتها كإحدى أفضل بيئات العمل. ومعظمنا فخورون بقدرتنا على الاستمرار في التربع على القمة من أجل عملائنا، ومستثمرينا، وموظفينا، ومجتمعاتنا.

تقرير فيدكس السنوي لعام ٢٠٠٢
إن سر استمرار فيدكس في مركز الصدارة هو فهم موظفيها المبادئ التالية وتطبيقهم لها؛ تلك المبادئ التي ناقشناها وأوضحناها عبر صفحات هذا الكتاب:
  • لا بد من تقييم وتطوير نماذج واستراتيجيات وأنظمة العمل باستمرار من أجل الاستفادة من التغييرات في بيئة العمل، لا سيما فيما يتعلق باحتياجات العملاء ورغباتهم وتوقعاتهم.

  • في الاقتصاد العالمي الحالي الشديد التنافسية لا يكفي الحفاظ على الوضع القائم، بل لا بد من التغيير كي يتحقق النمو.

  • ينتج النمو من توقُّع احتياجات العملاء المتغيرة وتلبيتها بأسلوب مختلف عن المنافسين. ينبع الاختلاف التنافسي من تصميم وتقديم عروض قيمة للعملاء تكون أفضل من تلك التي يقدِّمها المنافسون، وتروق للعملاء عقليًّا ووجدانيًّا.

  • يشترك كل موظف وكل قسم، سواء على نحو مباشر أو غير مباشر، في تصميم وتقديم عروض القيمة للعملاء.

  • لا بد أن تتمحور جميع الابتكارات حول احتياجات السوق والعملاء.

  • على الرغم من حاجة الشركات إلى ابتكار جذري بين الحين والآخر من أجل تصدُّر السباق التنافسي، فإن مجموعة من الابتكارات الصغيرة المتزايدة قد تُسفر عن تأثير تراكمي ضخم في حصة الشركة في السوق ومعدل ربحها.

  • الأرباح ربع السنوية هي النتيجة المستهدفة. وتتحقق هذه النتيجة من خلال العمليات الفريدة، وعروض القيمة المتميزة المقدمة للعملاء، والقدرات المتفردة، والتمركز بقوة في السوق، وكلها من ثمار التفكير الإبداعي.

  • لا يهم إذا كانت الشركة تعمل في مجال التصنيع أم الخدمات؛ فجوهر نشاط أي شركة يتمثل في تجارب العملاء مع الشركة، وطبيعة علاقتهم بها.

  • الابتكار لا يحدث من تلقاء ذاته، بل يجب أن يحظى بدعم قوي وإدارة فعالة.

  • تعتمد عملية الابتكار على الأفراد.
    • لا بد أن يؤمن الجميع بأن أي عمل يؤدونه اليوم يمكن تحسينه غدًا.

    • يجب على القادة في جميع مستويات الشركة حث الآخرين على المشاركة الفعالة في توليد الأفكار الإبداعية وقبولها وتطبيقها (انظر الشكل ١).
fig21
شكل ١: عملية الابتكار ذات الخطوات الثلاث: عملية تعتمد على الأفراد.

مهما شددت على هذا المبدأ الأخير لن أعطيه حقه في الأهمية. عندما يسألني الناس كيف استطاع فريد سميث بناء هذه الشركة الرائعة، أخبرهم أن فريد دائمًا ما يقول: «إن موظفي فيدكس — طاقم العمل بأكمله — يرجع لهم الفضل في نجاح الشركة الهائل.» وهو يحرص على تذكير الموظفين بهذه الحقيقة المحورية في كل اجتماع؛ فالموظفون هم مَن حولوا فيدكس من فكرة في بحث قدَّمه فريد في جامعة ييل إلى واحدة من أكثر الشركات إثارة للإعجاب في العالم. لقد أسسوا ودعموا ثقافة مكَّنت فيدكس من مواصلة الابتكار والتفوُّق على المنافسين.

ما هي عناصر هذه الثقافة؟ ولماذا يتمتع موظفو فيدكس بولاء بلا حدود للشركة؟ لماذا يبدون استعدادًا تامًّا للقيام بكل ما يلزم من أجل الوفاء بوعودهم وتلبية رغبات رؤسائهم وعملائهم؟

بداية لا يستطيع المرء تجاهل أهمية وجود قائد عظيم حقًّا وواسع الخيال يُلهم الموظفين كي يبذلوا جهدًا يفوق المطلوب منهم. يأتي بعد ذلك إحساس الفرد بأنه جزء من شركة ناجحة أحدثت تغييرًا فعليًّا في عالم الأعمال. يشعر الموظفون كل يوم أنهم شركاء في تلك الشركة؛ لأنهم يؤمنون بأن عملهم يُحدث فارقًا. ومع اجتذاب الشركة مزيدًا من العملاء، يرى الموظفون مزيدًا من شحناتهم على الطرق، ومزيدًا من طائراتهم في الأجواء، ومزيدًا من الطرود تتدفق عبر النظام، ومزيدًا من الفرص المتاحة لهم.

لتلك الأسباب توسعت فيدكس وازدهر موظفوها؛ فلقد اتبعت الشركة دومًا سياسة الترقية من الداخل؛ لذا تجد أن الكثير ممن كانوا عمال طرود في المركز الرئيسي أو مسئولي توصيل يحتلون الآن مناصب في مجالات الإدارة، والهندسة، والمبيعات، وغيرها من المجالات. في الواقع، بدأ العديد من المديرين الرفيعي المستوى في وظائف بالخطوط الأمامية بفيدكس. يقدم ديف ريبهولتس مثالًا رائعًا على ذلك، فقد بدأ موظفًا يعمل بدوام جزئي في مدينة ميلووكي بولاية ويسكنسون عام ١٩٧٦؛ حيث كان يتولى مسئولية غسل الشاحنات وتوصيل الطرود إلى الطائرة. أما الآن فيشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي لإدارة دعم النظم والعمليات؛ حيث يتولى مسئولية توجيه ما يزيد على ٨٠ ألف شخص.

من الأبعاد الأخرى المهمة في تلك الثقافة هي البيئة الآمنة التي تشجع الموظفين على مواصلة ابتكار الأفكار الجديدة وتحميل المديرين مسئولية أخذ تلك الأفكار بجدية. ولا يكتفي المديرون بالاستماع إلى موظفيهم، بل يحرصون على التماس آرائهم، لا سيما عندما يكون للمسألة المطروحة تأثير مباشر على الموظفين أو عملائهم. وتدعم سياسات الشركة وأنظمة قياس الأداء هذا السلوك.

البعد التالي في ثقافة الابتكار والأداء هو انتشار روح التعاون بين الأفراد. ففي فيدكس، إذا هاتفت أحد الموظفين في أي مكان بالولايات المتحدة أو العالم حول مشكلة لا تستطيع حلها، فقد أصبح هذا الشخص تلقائيًّا شريكًا في رحلة البحث عن حل؛ لذلك تُحقق الفِرق المتعددة المهام نجاحًا عظيمًا في استكشاف وتطوير الأفكار الواعدة التي تؤتي ثمارها في معظم الأوقات.

البعد الأخير في هذه الثقافة هو التزام الموظفين الذي يحفِّزه المديرون من أجل تطبيق الأفكار المكتملة التطوير. يجسد هذا الالتزامَ مسئولُ خدمة العملاء الذي يسهر في مركز الخدمة كي يهتم بعملاء الدقائق الأخيرة ممن لم ينتهوا من استيفاء الاستمارات اللازمة لشحن طرد دولي، ومسئولةُ التوصيل التي تبذل جهدًا استثنائيًّا لتحديد موقع أحد العملاء، حتى وإن كان الطرد يحمل عنوانًا خاطئًا، وعامل الطرود الذي يذهب إلى العمل في منتصف الليل وسط عاصفة ثلجية تحجب الرؤية. أولئك هم مَن تعتمد عليهم عندما تطرح منتجًا أو خدمةً جديدة؛ لأنهم على استعداد لأن يبذلوا جهدًا استثنائيًّا، حتى وإن أدَّى ذلك إلى خروجهم عن نطاق أمانهم وتعطيل الروتين الذي يتبعونه.

لقد تمكَّنت فيدكس عبر هذه الثقافة وهذا الجهد التطوعي من الوفاء بتوقعات عملائها، وموظفيها، وحملة أسهمها، والمجتمع ككلٍّ؛ فالعملاء يتمتعون براحة البال عندما تشركهم الشركة في عملية تطوير وتنفيذ الحلول المصممة حسب احتياجاتهم. ويحظى الموظفون بفرصة العمل في بيئة مثيرة ومشجعة ومهتمة. كذلك يتلقى حملة الأسهم عائدًا على استثماراتهم يفوق عوائد نظرائهم في السوق، في حين يحظى المجتمع بمواطن يتبنى مفهوم المسئولية الاجتماعية، ويضع السلامة العامة في المقام الأول أثناء العمل، ويحافظ على البيئة، ويشارك في الأنشطة التي تحسِّن من نوعية الحياة.

لا بد أن تدرك الشركة أن احتياجات تلك الجهات الأربع تجمعها علاقة ارتباط ودعم متبادل؛ فخدمة المجتمع تزيد من فخر الموظفين بالشركة. أما مشاركتهم في الأنشطة الخيرية التي تدعمها الشركة فتشعرهم بالرضا عن أنفسهم. كذلك يرغب العملاء وحملة الأسهم في التعامل مع الشركات التي تتطلع للأمام، وتتولى زمام المبادرة في معالجة القضايا المجتمعية الرئيسية؛ لهذا السبب أنهي هذا الكتاب بذكر عدة أساليب في غاية الابتكار تستخدمها فيدكس لمواجهة قضايا الطاقة المحورية.

بما أن فيدكس تطلق مئات الطائرات يوميًّا، وتملك عشرات الآلاف من شاحنات التوصيل على الطرق، وتدير مئات المنشآت حول العالم، فإنها تبدي اهتمامًا جديًّا بقضية الحفاظ على الطاقة وتقليل الانبعاثات. وقد أعلنت فيدكس مؤخرًا أنها ستُنشئ نظامًا لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهربائية فوق سطح مركزها في مطار أوكلاند الدولي، ويعد أكبر نظام من نوعه تؤسسه شركة في ولاية كاليفورنيا. وسوف توفر المصفوفة الشمسية التي تتمتع بقدرة تبلغ ٩٠٤ كيلوواط نحو ٨٠ بالمائة من أقصى حمل تتطلبه المنشأة.

وعلاوة على ذلك، تختبر فيدكس حاليًّا عربات توصيل تعمل بمزيج من الديزل والكهرباء، وتستخدم وقودًا أقل بنسبة ٥٠ بالمائة من العربات التقليدية، وتصدر انبعاثات أقل بنسبة ٩٠ بالمائة. وأخيرًا تحتل فيدكس موقع الصدارة في دعم طائرات إيرباص إيه ٣٨٠، التي ستصبح أضخم الطائرات المستخدمة عند طرحها في الأسواق عام ٢٠٠٦. سوف تستخدم فيدكس نموذج إيرباص إيه ٣٨٠ المصمم لحمل البضائع، والذي يستهلك وقودًا أقل بنسبة ٤٠ بالمائة من الطائرات التي سيحل محلها.

من الصعب تبرير جميع مبادرات توفير الطاقة التي ذكرناها بناءً على حسابات العائد على الاستثمار التقليدية فحسب، لكن إذا تطلعنا إلى المستقبل يتضح لنا حتمية توجه الشركات نحو توفير الطاقة. وعبر تبني تقنيات مبتكرة لتوفير الطاقة، تضمن فيدكس أنها ستواصل الاحتفاظ بمكانها على القمة، والتفوق على منافسيها في مسيرتها المستقبلية.

وكما يتطلع قادة فيدكس نحو الأفق البعيد، ولا يتوقفون عن الابتكار سعيًا نحوه، لا بد أن يحذو حذوهم جميع قادة الشركات، الصغيرة والكبيرة على حد سواء؛ فمن خلال العمل على مشاركة الموظفين، وتعزيز ولائهم، ومساعدتهم دومًا على التقدُّم، وتهيئة بيئة عمل آمنة، وتشجيع التعاون، يستطيع الجميع إرساء ثقافة الابتكار والأداء. إن هذا النهج هو سر امتلاك شركة ناجحة ومزدهرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤