ذهاب قيس إلى الكعبة وزواج ليلى بغيره

لما هاجت من قيس علل الحب والغرام أشفق عليه جميع الأهل ورثوا لحاله وعرضوا على أبيه أن يأخذه إلى الكعبة عله يبرأ من علته، فأجابهم إلى ذلك وسار ومعه ابنه قيس، فلما بلغوا الكعبة قال له أبوه: تعلق بأستار الكعبة، ففعل، فقال: قل اللهم يا من احتجبت عن العيون أرحني من حب ليلى وأزل عني هذا الجنون، فقال: أيها الإله الحي إني تائب إليك عن جميع الخطايا إلا من حب ليلى فإنني لا أتوب، ثم أنشد:

يقولون تب عن حب ليلى وذكرها
وتلك لعمري توبة لا أتوبها
يقر بعيني قربها ويزيدني
بها عجبًا من كان عندي يعيبها
فيا نفس صبرًا لست والله فاعلمي
بأول نفس غاب عنها حبيبها

فحزن عليه أبوه وجميع الأهل والأصدقاء، ثم إنه هام في عرض الفلاة، فلحق به أبوه وأراد القوم أن يأتوا به مُكبَّلًا، فقال لهم: مهلًا مهلًا فقلبي عليل لا يقدر على العذاب، فتركوه وبكى أبوه شفقة عليه وقال له: يا ولدي إلى متى وأنت في هذا الشقاء العظيم؟ أما كفاك الجولان في الفقار حتى عدمت النشاط وصرت إلى الانحطاط؟! فدع عنك هذه الأوهام وعد إلى العقل والرشاد، وما زال أبوه يشاغله بالأحاديث اللطيفة والعبارات الظريفة إلى أن راق ولان ورجع معه إلى الأوطان، وكانت ليلى قد تزوجت برجل يُدعى سعيد بن حنيف، فلما بلغ قيسًا ذلك الخبر اضطرب وأنشد:

وقد خبروني أن ليلى تزوجت
ولا بد لي من أن ألاقي حليلها
فإن كان مثلي لا ألمها على الهوى
وإن كان دوني بئس ما قد قضى لها

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤