الفصل الثاني والعشرون

حدس الخبراء: متى نثق به؟

تُظهر الخلافات المهنية أسوأ ما في العالم الأكاديمي. تنشر المجلات العلمية بين حين وآخر سجالات، تبدأ عادةً بنقد أحدهم لبحث آخر، متبوعًا برد ونقد لاذع. كنت دومًا أعتقد أن مثل هذه السجالات تعد إهدارًا للوقت، وخاصةً إذا كان النقد الأصلي مُصاغًا في صورة نقد لاذع. يعتبر عادةً الرد والنقد اللاذع ممارسات ما أطلق عليها تهكم المبتدئين والتهكم المتقدم. لا تقر الردود على النقد — إلا نادرًا — بصحة أي شيء في نقد لاذع، مثلما لا يسمع أحد تقريبًا عن إقرار من يقوم بالرد على أحد المنتقدين لبحثه بوجود أي خطأ أو عدم توفيق في النقد بأي صورة من الصور. في حالات قليلة، كنت أجيب على الانتقادات التي كنت أراها مضللة إلى حد كبير؛ إذ إن عدم الرد قد يُفسَّر باعتباره إقرارًا بخطأ ما، لكن لم أجد حالات النقد العدائية مفيدة بأي حال من الأحوال. في البحث عن طريقة أخرى للتعامل مع الاختلافات، كنت أشارك في عدد من «مشاريع التعاون التنافسية»، التي يوافق العلماء الذين يختلفون في أحد مجالات العلوم من خلالها على كتابة ورقة بحثية مشتركة حول خلافاتهم، وفي بعض الأحيان يجرون بحوثًا معًا. في الحالات المتوترة جدًّا، يدير عملية البحث أحد المحكِّمين.

كان أكثر مشاريع التعاون التنافسية إرضاءً وإنتاجية لي مع جاري كلاين الزعيم الفكري لجماعة من العلماء والممارسين الذين لا يعجبهم نوع العمل الذي أؤديه. يُطلق هؤلاء على أنفسهم دارسي عملية اتخاذ القرار الطبيعية، وهم يعملون غالبًا في مؤسسات يدرسون فيها طريقة عمل الخبراء. يرفض هؤلاء بقوة التركيز على الانحيازات في نموذج اتخاذ القرار المعتمد على الطرق الاستدلالية والانحيازات. ينتقد هؤلاء هذا النموذج باعتباره مهتمًّا أكثر مما ينبغي بحالات الفشل، واعتماده على تجارب مصطنعة بدلًا من دراسة أشخاص حقيقيين يؤدون أعمالًا ذات أهمية. كذلك يتشكك هؤلاء بشدة في قيمة استخدام الخوارزميات الجامدة بدلًا من الأحكام الإنسانية، ولم يكن بول ميل يومًا من علمائهم المفضلين. عبَّر جاري كلاين عن موقفه هذا ببلاغة عبر سنوات عديدة.

بينما لا يُعد ذلك أساسًا لصداقة جميلة، هناك ما هو أكثر من ذلك. لم أعتقد قط أن الحدس مضلل دومًا. وكنت أيضًا أحد المعجبين بدراسات كلاين حول خبرات رجال مكافحة الحرائق منذ أن اطلعت للمرة الأولى على مسودة ورقة بحثية كتبها في سبعينيات القرن العشرين، وأيضًا بهرني كتابه «مصادر القوة»، الذي يحلل في معظمه طريقة تطوير المهنيين ذوي الخبرة لمهاراتهم الحدسية. دعوت كلاين للانضمام إلى محاولة لرسم الحد الفاصل بين مزايا التفكير الحدسي وأوجه قصوره. أثارت الفكرة كلاين وانضم إلى المشروع؛ مع عدم وجود ما يؤكد نجاح الأمر. انطلقنا في اتجاه الإجابة على سؤال محدد؛ ألا وهو: متى يمكن أن نثق في مهنيٍّ ذي خبرة يزعم أن لديه حدسًا؟ كان من الواضح أن كلاين سيكون أكثر ميلًا للوثوق فيه، بينما كنت سأصبح أكثر تشككًا. لكن هل كان بإمكاننا الاتفاق على مبادئ محددة للإجابة على السؤال الرئيسي هذا؟

دارت بيننا مناقشات عديدة عبر أكثر من سبع أو ثماني سنوات، وتوصلنا إلى تسويات حول كثير من الخلافات، وكدنا ننفجر غضبًا في بعضنا أكثر من مرة، وكتبنا مسودات كثيرة، وصرنا أصدقاء، ثم نشرنا في نهاية المطاف ورقة بحثية مشتركة يشير عنوانها إلى مضمون علاقتنا: «شروط الخبرة الحدسية: فشل في الاختلاف». ورغم أننا لم نصادف أمورًا حقيقية نختلف حولها، إلا أننا في حقيقة الأمر لم نتفق في الرأي.

مناقب التفكير الحدسي ونقائصه

ظهر كتاب مالكوم جلادويل الأكثر مبيعًا «طرفة عين» بينما كان كلاين وأنا لا نزال نعمل في المشروع، وكان مطَمْئنًا أن نجد أنفسنا نتفق حوله. يبدأ كتاب جلادويل بالقصة التي لا تُنسى لخبراء الفن الذين يجدون أمامهم قطعة جرى وصفها بأنها نسخة أصلية من تمثال كوروس؛ وهو تمثال يوناني قديم لشاب ذي وقفة أمامية ثابتة. ثارت مشاعر داخلية قوية لدى عدد كبير من الخبراء الذين شعروا في أعماقهم بأن التمثال لم يكن إلا نسخة مقلدة، لكنهم لم يستطيعوا التعبير عما يجعلهم لا يشعرون بعدم الراحة حياله. يتذكر كل من قرأ الكتاب — وهم بالملايين — هذه القصة باعتبارها تمثِّل نصرًا للحدس. اتفق الخبراء على أنهم عرفوا أن التمثال كان مقلدًا دون أن يدركوا كيف عرفوا ذلك، وهذا هو عين تعريف الحدس. يبدو أن القصة تشير ضمنًا إلى أن عملية البحث المنهجي عن الإشارة التي أرشدت الخبراء لم تكن لتنجح، لكننا رفضنا — كلاين وأنا — هذه النتيجة. من وجهة نظرنا، كانت عملية البحث هذه مطلوبة، وإذا كان قد جرى إجراؤها بصورة صحيحة (وهو ما كان يعلم كلاين كيفية عمله)، فربما كانت هذه العملية ستنجح.

على الرغم من أن كثيرًا من قرَّاء مثال تمثال كوروس كانوا منجذبين بالتأكيد إلى الرؤية شبه السحرية لحدس الخبراء، لا يعتقد جلادويل نفسه في هذا؛ ففي فصل لاحق يعرض جلادويل لفشل ذريع للحدس: انتخب الأمريكيون الرئيس هاردينج، الذي كانت مؤهلاته الوحيدة للوظيفة هي مظهره الذي يبدو مناسبًا للمنصب. بامتلاكه فكًّا مربع الشكل وقامة طويلة، كان هاردينج يمثِّل الصورة المثالية للقائد القوي والحازم. صوَّت الناس لصالح شخص بدا قويًّا وحازمًا دون وجود أي سبب آخر للاعتقاد بأنه كذلك. انبثق توقُّع حدسي حول طريقة أداء هاردينج كرئيس من خلال استبدال سؤال بآخر. من المفترض أن يتوقع قارئ هذا الكتاب أن يجري الاعتماد على هذا الحدس في ثقة شديدة.

الحدس كتمييز للأنماط المتكررة

كانت الخبرات المبكرة التي شكَّلت آراء كلاين حول الأحكام الحدسية مختلفة جد الاختلاف عن خبراتي. تشكَّل تفكيري من خلال ملاحظة وهم الصحة في ذاتي، ومن خلال قراءة تجارب بول ميل حول تضاؤل التوقع الإكلينيكي في مقابل التوقع الإحصائي. في المقابل، تشكَّلت آراء كلاين من خلال دراساته المبكرة لرؤساء إدارات مكافحة الحرائق (قادة فرق مكافحة الحرائق). كان كلاين يتابعهم أثناء إخمادهم الحرائق، ثم عقد مقابلة مع قائدهم حول أفكاره أثناء اتخاذه قراراته. مثلما أشار كلاين إلى ذلك في بحثنا المشترك، قام هو وزملاؤه:

ببحث طريقة اتخاذ قادة فرق إخماد الحرائق قرارات جيدة دون المقارنة بين الخيارات المطروحة. بينما كان الافتراض الأساسي متمثلًا في أن القادة يحصرون تحليلاتهم في زوج واحد فقط من الخيارات، أثبت هذا الافتراض عدم صحته. في حقيقة الأمر، كان القادة عادةً ينظرون في خيار واحد فقط، وكان ذلك هو كل ما يحتاجونه. كان بإمكانهم الاعتماد على ذخيرة الأنماط التي كانوا قد جمعوها خلال أكثر من عقد من الخبرة الواقعية والافتراضية لتحديد خيار معقول، وهو ما كانوا ينظرون في إمكانية تنفيذه أولًا. كانوا يقيِّمون هذا الخيار من خلال المحاكاة العقلية له للتأكد مما إذا كان سينجح في الموقف الذي يواجهونه … إذا كان مسار العمل الذي كانوا يفكرون في تنفيذه مناسبًا، فسينفذونه. إذا كان في هذا المسار أوجه قصور، فسيقومون بتعديله. إذا لم يستطيعوا تعديله بسهولة، فسينتقلون إلى الخيار التالي الأكثر معقوليةً، وسيمرون بالخطوات نفسها حتى يعثروا على مسار عمل مقبول.

طوَّر كلاين هذا الوصف إلى نظرية لاتخاذ القرار أطلق عليها «نموذج اتخاذ القرار» اعتمادًا على التمييز المُستبق، والذي ينطبق على رجال مكافحة الحرائق كما يصف أيضًا الخبرات في مجالات أخرى، بما في ذلك الشطرنج. تتضمَّن هذه العملية كلا النظامين؛ النظام ١ والنظام ٢. في المرحلة الأولى، ترد خطة غير نهائية إلى العقل من خلال وظيفة آلية للذاكرة الترابطية؛ النظام ١. تعتبر المرحلة التالية مرحلة تدبرية تجري فيها محاكاة الخطة عقليًّا للتأكد من نجاحها، وهي إحدى عمليات النظام ٢. طوَّر نموذج اتخاذ القرارات الحدسي، باعتباره نموذجًا لتمييز الأنماط، أفكارًا جرى عرضها فيما مضى من قِبل هربرت سايمون، الذي ربما كان الباحث الوحيد الذي جرى الاعتراف والإعجاب به باعتباره بطلًا وأحد الرواد من قِبل جميع الجهات المتعارضة مع فكري في مجال دراسة عملية اتخاذ القرار. بينما استشهدتُ بتعريف هربرت سايمون للحدس في المقدمة، سيكون منطقيًّا أكثر عندما أكرره الآن: «وفَّر الموقف إشارة. منحتْ هذه الإشارة الخبير القدرة على الاطلاع على المعلومات المخزنة في الذاكرة، وقدَّمت المعلومات الإجابة. لا يزيد الحدس عن كونه التمييز.»

تختزل هذه العبارة القوية السحر الظاهري للحدس إلى الخبرة اليومية للذاكرة. ندهَش لقصة رجل الإطفاء الذي يتولَّد لديه شعور مفاجئ للهروب من أحد المنازل المحترقة قبل انهياره بلحظات؛ نظرًا لأن رجل الإطفاء يعرف الخطر بطريقة حدسية، «دون معرفة طريقة معرفته ذلك.» لكننا رغم ذلك، لا ندرك الكيفية التي عرفنا بها على الفور أن شخصًا رأيناه عند دخولنا غرفة ما هو إلا صديقنا بيتر. يتمثل جوهر ملاحظة سايمون في أن سر المعرفة دون إدراك طريقة معرفة ذلك لا يعتبر ملمحًا مميزًا للحدس، بل أحد معايير الحياة العقلية.

اكتساب المهارة

كيف «تُخزَّن في الذاكرة» المعلومات التي تدعم الحدس؟ يجري اكتساب أنواع محددة من الحدس بسرعة شديدة. ورثنا عن أسلافنا قدرة هائلة على معرفة متى نخاف. في حقيقة الأمر، تعتبر تجربة واحدة في كثير من الأحيان كافية لترسيخ مشاعر الكره والخوف لمدى طويل. يحظى كثير منا بذكرى شعورية لإحدى الوجبات السيئة جدًّا، وهو ما يجعلنا كارهين بطريقة غير مبررة لمعاودة الذهاب لأحد المطاعم. يشعر جميعنا بالتوتر عند اقترابنا من مكان ما حدثت فيه واقعة غير سارة لنا، حتى لو لم يكن ثمة سبب لتكراره. بالنسبة إليَّ، هذا المكان هو الطريق المفضي إلى مطار سان فرانسيسكو، حيث تبعني قائد سيارة منذ عدة سنوات من الطريق السريع وهو في حالة غضب هائل، ثم فتح نافذة سيارته، وأطلق سيلًا من السباب المقذع لي. لم أعرف أبدًا سبب عدائه الشديد، لكنني لا أزال أتذكر صوته متى بلغت ذلك المكان في طريقي إلى المطار.

تعتبر ذكرى واقعة المطار ذكرى واعية، وهي تفسِّر بصورة كاملة المشاعر التي تصاحبها. في المقابل، في العديد من المناسبات، ربما تشعر بعدم الارتياح في مكان ما أو عندما يستخدم أحد الأشخاص تعبيرات معينة دون التذكر الواعي للحدث الأصلي الذي أفضى إلى ذلك. من خلال الإدراك المتأخر، ستطلق على شعور عدم الارتياح هذا حدسًا إذا تبعته خبرة سيئة. يرتبط هذا النمط من التعلم الشعوري ارتباطًا وثيقًا بما حدث في تجارب الارتباط الشرطي الشهيرة لبافلوف، التي تعلم الكلاب فيها تمييز صوت الجرس باعتباره علامة على قدوم الطعام. يمكن الإشارة إلى ما تعلمته الكلاب باعتباره أملًا مكتسبًا. يجري حتى اكتساب مشاعر الخوف بطريقة أكثر سهولة.

يمكن اكتساب الخوف أيضًا — بمنتهى السهولة، في حقيقة الأمر — من خلال الكلمات أكثر من التجربة الفعلية. مرَّ رجل الإطفاء الذي توفرت لدية «حاسة سادسة» للإحساس بالخطر بمواقف كثيرة تؤهله لا شك لمناقشة — والتفكير في — أنواع الحرائق التي لم يكن مشاركًا في إخمادها، وللتدرب عقليًّا على نوع الإشارات الممكنة وطريقة رد الفعل. مثلما أتذكر من خلال الخبرة، سيشعر قائد عسكري شاب لإحدى الفصائل ممن لا خبرة له في القتال بالتوتر أثناء قيادة القوات عبر وادٍ ضيق شديد الانحدار؛ نظرًا لأنه تعلم أن منطقةً مثل هذه تُنصَب فيها الكمائن عادةً. هكذا يتضح أن تكرار التجربة ولو قليلًا ضروري للتعلم.

بينما قد يكون التعلم الشعوري سريعًا، يستغرق ما نطلق عليه «خبرة» وقتًا طويلًا لتطويرها. يعتبر اكتساب الخبرة من خلال المهام المعقدة — مثل مباراة شطرنج مع لاعب محترف، أو كرة السلة للمحترفين، أو مكافحة الحرائق — أمرًا معقدًا وبطيئًا؛ نظرًا لأن الخبرة في أحد المجالات لا تُعتبر مهارة واحدة، بل مجموعة كبيرة من المهارات الصغيرة. تعتبر لعبة الشطرنج مثالًا جيدًا في هذا الشأن. بينما يستطيع لاعب خبير فهم وضع معقَّد من خلال نظرة واحدة، يستغرق الأمر سنوات حتى يتسنَّى تطوير هذا المستوى من القدرة. أظهرت الدراسات حول أساتذة الشطرنج ضرورة ممارسة اللعبة لمدة ١٠٠٠٠ ساعة على الأقل (أي حوالي ٦ سنوات من ممارسة لعبة الشطرنج لمدة ٥ ساعات يوميًّا) لتحقيق أعلى معدلات الأداء. خلال تلك الساعات من التركيز المكثَّف، يصبح لاعب الشطرنج الجاد معتادًا على آلاف التوزيعات الحركية التي يتألف كلٌّ منها من ترتيب محدد لمجموعة من القطع المترابطة التي قد تهدد أو تدافع عن بعضها.

يمكن مقارنة تعلم الشطرنج بمستوى احترافي بتعلم القراءة. بينما يجتهد طالب الصف الأول من المرحلة الابتدائية في التعرف على أحرف الأبجدية وتجميعها في صورة مقاطع وكلمات، يستطيع القارئ البالغ الجيد قراءة عبارات كاملة. اكتسب القارئ الخبير أيضًا القدرة على تجميع العناصر المألوفة في صورة نمط جديد كما يمكنه بسرعة «تمييز» كلمة لم يَرَها من قبل ونطقها بصورة سليمة. في لعبة الشطرنج، تلعب الأنماط المتكررة للقطع المتفاعلة في حركاتها دور الحروف، كما يماثل وضعًا في الشطرنج كلمة طويلة أو جملة.

سيستطيع القارئ الماهر الذي يرى المقطع الافتتاحي لقصيدة لويس كارول «ثرثرة» للمرة الأولى قراءتَها مع مراعاة الإيقاع وتنغيم الأصوات بصورة كاملة، فضلًا عن شعوره بالسرور:
’Twas brillig, and the slithy toves
Did gyre and gimble in the wabe:
All mimsy were the borogoves,
And the mome raths outgrabe.

يعتبر اكتساب مهارة ممارسة لعبة الشطرنج أكثر صعوبة وبطئًا من تعلم القراءة؛ نظرًا لأن هناك حروفًا أكثر في «أبجدية» الشطرنج، ونظرًا لأن «الكلمات» تتألف من حروف كثيرة. في المقابل، بعد آلاف الساعات من الممارسة، يستطيع أساتذة الشطرنج قراءة أحد الأوضاع من خلال نظرة واحدة. تعتبر الحركات القليلة التي ترد إلى ذهنهم بشكل شبه دائم حركات قوية، وفي بعض الأحيان خلاقة؛ فيمكنهم التعامل مع «كلمة» لم يصادفوها قبلًا، كما يمكنهم اكتشاف طريقة جديدة لتفسير أخرى مألوفة.

بيئة المهارة

سرعان ما اكتشف كلاين وأنا أننا نتفق حول طبيعة المهارة الحدسية، وحول طريقة اكتسابها. كنا لا نزال في حاجة إلى الاتفاق حول السؤال الرئيسي؛ ألا وهو: متى يمكن الثقة في مهنيٍّ واثق في ذاته ويزعم امتلاكه حدسًا خبيرًا؟

توصلنا في النهاية إلى استنتاج أن اختلافنا كان يرجع جزئيًّا إلى أن كلًّا منا كان يحمل صورة مختلفة عن الخبراء في عقله. قضى كلاين وقتًا طويلًا مع قادة إدارات مكافحة الحرائق، والممرضات، ومهنيين آخرين ممن لديهم خبرة حقيقية. في المقابل، قضيتُ وقتًا أكثر أفكر في الإكلينيكيين، ومستشاري الاستثمار المعنيين باختيار الأسهم، وعلماء السياسة الذين يحاولون وضع توقعات طويلة المدى غير مدعومة من خلال دلائل. لا غرو إذن أن موقف كلاين الأساسي كان قائمًا على الثقة والاحترام، فيما كان موقفي قائمًا على الشك. كان كلاين أكثر استعدادًا للثقة في الخبراء الذين يزعمون وجود حدس لديهم؛ نظرًا لأن الخبراء الحقيقيين — مثلما أخبرني — يعرفون حدود معرفتهم. دفعت من جانبي معارضًا ذلك قائلًا إن هناك الكثير من أشباه الخبراء الذين لا يدركون أنهم لا يعرفون شيئًا عما يصنعون (وَهْم الصحة)، وأن الثقة الذاتية بشكل عام لديهم أكثر مما ينبغي وكثيرًا ما لا تكون مفيدة.

كنت قد خلصت سابقًا إلى أن ثقة الأشخاص في أي اعتقاد يرجع لانطباعين مترابطين، ألا وهما اليسر الإدراكي والتَّماسُك. فنحن نشعر بالثقة عندما ترد القصة التي نتلوها لأنفسنا بسهولة إلى عقولنا، دون وجود أي تعارض أو سيناريو منافس. في المقابل، لا يضمن اليسر والتماسك أن اعتقادًا جرى اعتماده بثقة يعتبر صحيحًا. صُممت آلية التداعي بحيث تقمع الشكوك وتثير الأفكار والمعلومات التي تتوافق مع القصة السائدة حاليًّا. سيحقق العقل الذي يتبع مبدأ «ما تراه هو كل ما هناك» ثقة عالية على نحو أكثر سهولة من خلال تجاهل ما لا يعرفه. لا غرو إذن في أن كثيرًا منا يميل إلى الثقة بقوة في أفكار حدسية لا أساس لها. اتفقنا — كلاين وأنا — أخيرًا على مبدأ مهم؛ ألا وهو: لا تعتبر الثقة التي يحظى بها الناس في أفكارهم الحدسية دليلًا موثوقًا فيه على صحتها. بعبارة أخرى: لا تثق في أحد — بما في ذلك نفسك — عندما يخبرك بالدرجة التي يجب أن تثق بها في أحكامه.

إذا كان لا يمكن الوثوق في الثقة الذاتية، فكيف يمكن إذن تقييم الصحة المحتملة لأحد الأحكام الحدسية؟ ومتى تعبِّر الأحكام عن خبرة حقيقية؟ ومتى تشير إلى وجود وَهْم الصحة؟ تأتي الإجابة من خلال الشرطين الأساسيين لاكتساب أي مهارة؛ ألا وهما:
  • بيئة منتظمة بما يكفي لتوقع أحداثها.

  • فرصة لتعلم الأنماط المتكررة المنتظمة في هذه البيئة من خلال الممارسة الطويلة.

عند تحقق كلا الشرطين، من المحتمل أن تتميَّز الأفكار الحدسية بالمهارية. بينما يعتبر الشطرنج مثالًا متطرفًا على البيئة المنتظمة، تقدِّم لعبتا البريدج والبوكر أيضًا أنماطًا متكررة إحصائية حية يمكنها أن تدعم المهارة. يواجه أيضًا الأطباء، والممرضات، والرياضيون، ورجال مكافحة الحرائق، مواقف معقدة لكنها منظمة في جوهرها. ترجع الأفكار الحدسية التي أشار إليها جاري كلاين إلى إشارات صحيحة إلى حد كبير التي تعلَّم النظام ١ لدى الخبير استخدامها، حتى لو لم يتعلم النظام ٢ تسميتها. في المقابل، يعمل مستشارو الاستثمار وعلماء السياسة الذين يضعون توقعات طويلة المدى في بيئة تبلغ الصحة فيها صفرًا. يعكس فشل هؤلاء عدم قابلية الأحداث التي يحاولون التنبؤ بها للتوقع.

تعتبر بعض البيئات أسوأ من البيئات غير المنتظمة. أشار روبن هوجارث إلى البيئات «الشريرة»، التي يتعلم المهنيون المحترفون فيها على الأرجح الدروس الخطأ من خبراتهم. يقترض هوجارث من لويس توماس مثال الطبيب في أوائل القرن العشرين الذي عادةً ما يمتلك أفكارًا حدسية حيال المرضى الذين على وشك الإصابة بمرض التيفود. لسوء الحظ، اختبر الطبيب صحة حدسه من خلال فحص ألسنة المرضى، دون غسل يديه بين كل مريض وآخر. عندما أصيب مريض بعد آخر بالمرض، تزايد شعور لدى الطبيب بالكفاءة الإكلينيكية المطلقة. كانت توقعات الطبيب دقيقة، لكن ليس لأنه كان يركن إلى حدس مهني!

•••

لم يكن الإكلينيكيون في تجارب ميل غير أكفاء، ولم يكن فشلهم يرجع إلى قلة موهبتهم. كان أداء هؤلاء ضعيفًا؛ نظرًا لأنهم أوكلوا مهامَّ لم يكن لها حل بسيط. بينما كانت حالة الإكلينيكيين أقل تطرفًا من البيئة التي تبلغ الصحة فيها صفرًا لعمليات التوقع السياسية طويلة المدى، كان هؤلاء يعملون في مواقف منخفضة الصحة لا تسمح بتحقيق دقة عالية. نعرف أن الأمر كذلك نظرًا لأن أفضل الخوارزميات الإحصائية — على الرغم من دقتها أكثر من الأحكام الإنسانية — لم تكن دقيقة جدًّا. في حقيقة الأمر، لم تكشف الدراسات التي أجراها ميل وأتباعه عن «دليل دامغ» من خلال التجربة، لم يلحظ الإكلينيكيون من خلالها على الإطلاق إشارة صحتها مرتفعة كشفت عنها الصيغة الخوارزمية المستخدمة. ليس من المرجح حدوث فشل هائل من هذا النوع؛ نظرًا لأن عملية التعلم الإنساني عادةً ما تتسم بالكفاءة. وفي حال وجود إشارة قوية تسهم في عملية التنبؤ، سيكتشفها الملاحظون من البشر، إذا ما حظوا بفرصة جيدة لذلك. تتفوق الخوارزميات الإحصائية على البشر في البيئات الضاجة لسببين: أنها تكشف على الأرجح أكثر من الأحكام الإنسانية الإشارات قليلة الصحة، وأنها تحافظ أكثر على الأرجح على مستوى محدد من الدقة من خلال استخدام مثل هذه الإشارات بانتظام.

من الخطأ بمكان إلقاء اللوم على أحد لفشله في وضع توقعات دقيقة في عالم غير قابل للتنبؤ. في المقابل، يبدو من العدل بمكان إلقاء اللوم على المهنيين للاعتقاد في نجاحهم في مهمة مستحيلة. تعتبر ادعاءات وجود أحكام حدسية صحيحة في موقف غير قابل للتنبؤ خداعًا للذات في أفضل الأحوال، وربما كان الأمر أسوأ من ذلك في بعض الأحيان. في غياب الإشارات الصحيحة، ترجع «النجاحات» الحدسية إلى الحظ أو الكذب. إذا وجدت أن هذا الاستنتاج مدهشًا، فلا يزال لديك اعتقاد راسخ في سحر الأحكام الحدسية. تذكَّر هذه القاعدة: لا يمكن الثقة في الحدس في غياب أنماط متكررة مستقرة في البيئة.

التغذية الراجعة والممارسة

بعض الأنماط المتكررة في البيئة أكثر سهولة في اكتشافها وتطبيقها من أنماط أخرى. فكِّر في طريقة تطور استخدامك الفرامل في سيارتك. مع اكتسابك مهارة الدوران في المنحنيات، تعلمت تدريجيًّا متى ترفع قدمك عن دواسة الوقود، ومتى ومدى صعوبة استخدام الفرامل. تختلف المنحنيات، وتضمن هذه الاختلافات التي خبرتَها أثناء تعلُّمك استعدادك لاستخدام الفرامل في الوقت الملائم وبالقوة المناسبة عند أي منحنى تصادفه. تعتبر ظروف تعلم هذه المهارة مثالية؛ نظرًا لأنك تتلقى تغذية راجعة آنية لا لبس فيها في كل مرة تقود فيها السيارة في منحنى؛ إذ تتلقى مكافأة خفيفة عند القيادة حول منحنى في راحة، أو عقابًا خفيفًا عند وجود صعوبة في التحكم في السيارة إذا كانت فرامل السيارة صعبة الاستخدام أو مرنة أكثر مما ينبغي. بينما لا تعتبر المواقف التي يواجهها مرشد سفن أثناء توجيه السفن إلى أحد الموانئ أقل انتظامًا، تعتبر المهارة أكثر صعوبة كثيرًا في اكتسابها من خلال التجربة الصرفة؛ نظرًا للتأخر الطويل بين الأفعال ونتائجها الملحوظة. يعتمد ما إذا كان لدى المهنيين المحترفين فرصة لتنمية خبرة حدسية في الأساس على جودة وسرعة التغذية الراجعة، فضلًا عن فرصة الممارسة الملائمة.

ليست الخبرة مهارة وحيدة؛ فهي مجموعة من المهارات، وربما يكون المهني المحترف خبيرًا كبيرًا في أداء بعض المهام في مجاله، بينما يظل مبتدئًا في مجالات أخرى. فبحلول الوقت الذي يصبح لاعبو الشطرنج خبراء، يكون هؤلاء قد «رأوا كل شيء» (أو كل شيء تقريبًا)، لكن يعتبر الشطرنج استثناءً في هذا الصدد. يمكن أن يكون الجراحون أكثر كفاءة بشكل كبير في بعض العمليات من غيرها. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر بعض جوانب أي مهمة من مهام المهني المحترف أكثر سهولة بكثير في تعلمها من غيرها. تتوفر فرص كثيرة للمعالجين النفسيين لمراقبة ردود الأفعال المباشرة للمرضى حيال ما يقولون. تمكِّن التغذية الراجعة المعالجين النفسيين من تطوير المهارة الحدسية للعثور على الكلمات والنبرات التي تهدئ من الغضب، أو تمنح الثقة، أو تركِّز انتباه المريض. على الجانب الآخر، لا يمتلك المعالجون فرصة تحديد أكثر أساليب العلاج العامة ملاءمة للمرضى المختلفين. تعتبر التغذية الراجعة التي يتلقَّاها المعالجون من النتائج بعيدة المدى لمرضاهم متفرقة، أو متأخرة، أو (عادةً) غير موجودة، وهي على أي حال غير واضحة جدًّا بما لا يكفي معه دعم التعلم من خلال الخبرة.

من بين التخصصات الطبية، يستفيد أطباء التخدير من التغذية الراجعة الجيدة؛ نظرًا لأن الآثار المترتبة على أفعالهم من المفترض أن تتضح بسرعة. في المقابل، يحصل أخصائيو الأشعة على معلومات قليلة عن دقة تشخيصاتهم وعن الأمراض التي يفشلون في تحديدها. يعتبر أطباء التخدير إذن في موقع أفضل لتطوير مهارات حدسية مفيدة. فإذا قال أحد أطباء التخدير: «لديَّ شعور بأن شيئًا ما ليس على ما يرام.» فيجب أن يستعد كل من في غرفة العمليات لحالة طوارئ.

مرة أخرى، مثلما في حالة الثقة الذاتية، ربما لا يعرف الخبراء حدود خبرتهم. يدرك المعالج النفسي صاحب الخبرة مهارته في اكتشاف ما يدور في رأس مريضه، وأنه يمتلك حدسًا جيدًا حيال ما سيقوله المريض فيما بعد. بينما يعتبر من المغري بمكان بالنسبة إلى المعالج النفسي استنتاج أنه أيضًا يستطيع توقع مدى تحسن المريض في العام التالي، لا يُعد هذا الاستنتاج مبررًا أيضًا. تعتبر عمليتا التوقع قصيرة المدى والتنبؤ بعيد المدى مختلفتين، وتتوفر لدى المعالج النفسي فرصة كافية لتعلم طريقة إجراء توقع العملية الأولى وليست الثانية. بالمثل، بينما من المحتمل أن يمتلك الخبير المالي مهارات في العديد من جوانب من مجاله، لا يمتلك مهارة اختيار الأسهم، ويعرف الخبير في شئون الشرق الأوسط الكثير من الأشياء لكنه لا يعرف المستقبل. بينما يمتلك الأخصائي النفسي الإكلينيكي ومنتقي الأسهم والخبير جميعهم مهارات حدسية في أداء بعض مهامهم، لم يتعلم هؤلاء تحديد المواقف والمهام التي سيخونهم فيها الحدس. تسهم حدود المهارة المهنية غير المدركة في تفسير السبب في ثقة الخبراء المفرطة في أغلب الأحيان.

تقييم الصحة

في نهاية رحلتنا، اتفق جاري كلاين وأنا على إجابة عامة على سؤالنا الأساسي: متى تستطيع الثقة في مهنيٍّ خبير يزعم امتلاكه حدسًا؟ كان استنتاجنا يتمثَّل في أننا في معظم الوقت من الممكن أن نميِّز الأفكار الحدسية التي يُحتمل أن تكون صحيحة من تلك التي قد لا تكون كذلك. مثلما في عملية الحكم على ما إذا كان أحد الأعمال الفنية حقيقيًّا أم مقلدًا، ستُبلي بلاءً أفضل عادةً من خلال التركيز على مصدره أكثر من النظر إلى العمل نفسه. إذا كانت البيئة منتظمة بما يكفي وإذا كانت قد توفرت فرصة لمن يحكم على العمل الفني لتعلم الأنماط المتكررة فيه، فستدرك آلية التداعي مواقف محددة، وسيصدر عنها توقعات وقرارات سريعة ودقيقة. يمكن أن تثق في الأفكار الحدسية لأحد الأشخاص إذا جرى تلبية هذه الشروط.

للأسف، يصدر عن الذاكرة الترابطية أيضًا أفكار حدسية جذابة ذاتيًّا وخاطئة. يعرف جيدًا كل من تابع تقدُّم لاعب صغير موهوب في الشطرنج أن المهارة لا تصبح كاملة مرة واحدة، وأنه في الطريق إلى شبه الكمال تقع بعض الأخطاء في ثقة بالغة. عند تقييم حدس الخبراء، يجب عليك دومًا الأخذ في الاعتبار ما إذا كانت هناك فرصة مناسبة لإدراك الإشارات، حتى في بيئة منتظمة.

في بيئة أقل انتظامًا، أو منخفضة درجة الصحة، تُثار الطرق الاستدلالية الخاصة بالأحكام. يستطيع النظام ١ عادةً تقديم إجابات سريعة على أسئلة صعبة من خلال عملية الاستبدال، وهو ما يخلق تماسكًا حين لا يوجد أي تماسك. بينما يكون السؤال الذي جرى الإجابة عليه هو السؤال المقصود، تصدر الإجابة بسرعة، وربما بصورة مقنعة بما يكفي للنجاح في مراجعة النظام ٢ المرنة والمتساهلة. ربما تريد أن تتنبَّأ بالمستقبل التجاري لإحدى الشركات — على سبيل المثال — وتعتقد أن ذلك هو ما تُدلي برأيك حياله، بينما يهيمن على عملية تقييمك انطباعاتك حول حيوية وكفاءة مسئوليها التنفيذيين. نظرًا لأن عملية الاستبدال تحدث آليًّا، لا تعرف عادةً مصدر أحد الأحكام التي صدَّقتَ (صدَّق النظام ٢ الخاص بك) عليها وتبنيتَها. إذا كان ذلك الحكم هو الوحيد الذي يرد إلى العقل، فربما يكون غير متميز ذاتيًّا عن الأحكام الصحيحة التي تُدلي بها في ثقة خبراء. لهذا السبب، لا تعتبر الثقة الذاتية تشخيصًا جيدًا للدقة؛ إذ يمكن أن تصدر الأحكام التي تجيب على السؤال الخطأ أيضًا في درجة عالية من الثقة.

ربما تتساءل: لماذا لم يفكر جاري كلاين وأنا على الفور في فكرة تقييم حدس أحد الخبراء من خلال تقييم درجة انتظام البيئة وتاريخ التعلم لدى الخبير، مع تنحية ثقة الخبير جانبًا بدرجة كبيرة؟ وماذا كانت الإجابة في رأينا؟ هذان سؤالان جيدان؛ نظرًا لأن معالم الحل كانت واضحة من البداية. كنا نعرف من البداية أن قادة إدارات مكافحة الحرائق وممرضات الأطفال سينتهي بهم المطاف في أحد جوانب حدود الأفكار الحدسية الصحيحة، وأن التخصصات التي درسها ميل ستكون على الجانب الآخر مع منتخبي الأسهم والخبراء.

من الصعوبة بمكان إعادة بناء ما استغرق منا سنوات، وساعات طويلة من المناقشة، وتبادلًا لانهائيًّا للمسودات ومئات الرسائل الإلكترونية التي نتفاوض فيها حول استخدام الكلمات، والاستسلام أكثر من مرة. في المقابل، هذا هو ما يحدث دومًا عندما ينتهي مشروع على نحو جيد بشكل عام: ما إن يُفهَم الاستنتاج الرئيسي، يبدو الأمر كما لو كان جليًّا دومًا.

مثلما يشير عنوان بحثنا، اختلفنا — كلاين وأنا — أقل مما توقعنا، وقبلنا الحلول المشتركة لمعظم الأمور المهمة التي أثيرت. في المقابل، وجدنا أيضًا أن اختلافاتنا السابقة كانت أكثر من مجرد خلاف فكري. كان لدينا مواقف، ومشاعر، وأذواق مختلفة، والتي لم تتغير جميعها كثيرًا عبر السنين. هذه مسألة غاية في الجلاء في الحقائق التي وجدناها مثيرة ومشوقة. لا يزال كلاين يجفل عند ذكر كلمة «انحياز»، ولا يزال يستمتع بالقصص التي فيها تفضي الخوارزميات أو الإجراءات الرسمية إلى قرارات عبثية بصورة واضحة. أميل إلى النظر إلى حالات الفشل العرضية للخوارزميات باعتبارها فرصًا لتحسينها. على الجانب الآخر، أجد متعة أكثر من كلاين في الجزاء المستحق الذي يلقاه الخبراء المتغطرسون الذين يزعمون توفر قدرات حدسية لديهم في مواقف تبلغ درجة الصحة فيها صفرًا. في المقابل — على المدى الطويل — يعتبر الوصول لاتفاق فكري مثلما وجدنا أكثر أهمية بالتأكيد من الاختلافات الشعورية المستمرة التي ظلت على حالها.

في الحديث عن حدس الخبراء

«ما حجم خبرتها في هذه المهمة المحددة؟ وما مقدار تدريبها على هذا الشأن؟»

«هل يعتقد حقًّا أن بيئة الشركة الناشئة منتظمة بما يكفي لتبرير وجود حدس يتناقض مع المعدلات الأساسية؟»

«تشعر بثقة زائدة في قرارها، لكن الثقة الذاتية تعتبر مؤشرًا ضعيفًا على دقة أي حكم.»

«هل توفرت لديه فرصة حقًّا للتعلم؟ إلى أي مدى كانت التغذية الراجعة التي تلقاها سريعة وواضحة حول أحكامه؟»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤